وضع داكن
24-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 088 - المراقبة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

مقدمة الدرس :

راقب نفسك
أيها الأخوة الكرام:
عقد الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في كتابه رياض الصالحين: باب المراقبة, وبدأ ببعض الآيات الكريمة, ثم الأحاديث الصحيحة. فقال تعالى -الآية الكريمة-:

﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾

[سورة الشعراء الآية:213]

﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾

[سورة الشعراء الآية:214]

﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾

[سورة الشعراء الآية:215]

﴿فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾

[سورة الشعراء الآية:216]

﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾

[سورة الشعراء الآية:217]

﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾

[سورة الشعراء الآية:218]

﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾

[سورة الشعراء الآية:219]

حركاتك, وسكناتك, وذهابك, وإيابك, ومنعك, وعطاؤك, وزيارتك, وقطيعتك, وابتسامتك, وعبوسك, وكل تصرفاتك في علم الله عز وجل:

﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾

[سورة الشعراء الآية:218]

أفضل إيمان المرء: أن يعلم أن الله معه حيث كان :

حينما تشعر أن الله يراقبك, استحييت منه, وهذا شأن الإنسان, الإنسان يستحي من أحد أقربائه الوجهاء, إذا كان يراقبه, يجلس أمامه جلسة أديبة, يرتدي أمامه ثياباً محتشمة, يختار الكلمات اللطيفة, يختار الابتسامة الرائعة, إذا كان بحضرة إنسان يحترمه, فكيف إذا شعرت أن الله جل جلاله يراقبك؟.
لذلك: أفضل إيمان المرء: أن يعلم أن الله معه حيث كان.
فإذا علمت أن الله يعلم, انتهى كل شيء, فهذا حال المراقبة, حال أساسي عند المؤمنين, وأحد أسباب استقامتهم: شعورهم أن الله معهم, وهذا الحال سماه النبي: مرتبة الإحسان, أعلى من الإيمان, الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

متى يرتاح العبد؟ :

تصور إنساناً يمشي, وهو يعلم أن الله معه, وأن الله مطلع على قلبه, مطلع على سريرته, عليم بما يقول؛ نواياه, سراعاته, بواعثه, أهدافه كله في علم الله عز وجل, حينما تعلم أن الله يعلم, قطعت أربعة أخماس الطريق إلى الله, حينما تعلم أن الله يعلم.
لذلك: الإنسان حينما يجتهد, ويرقى في درجة إيمانية عالية يرتاح, الصراع صعب؛ الصراع, والأخذ, والرد, يا ترى أفعل, لا أفعل, لا, هذا الصراع ينتهي: عندما تشعر أن الله معك , أما قبل أن تعلم أن الله معك, النفس أمارة بالسوء, تنشد مرة إلى سلوك أهل الإيمان, ومرة إلى سلوك أهل العصيان, صار في صراع, أما إذا شعرت أن الله يعلم ......
مفتاح راحتك يقينك بأن الله معك
يعني إذا كان إنسان في محل, وبحاجة إلى مال, هو صانع, المعلم غير موجود, فتح الدرج, آخذ, أم لا آخذ, لن يدري, لن يعد الأموال, لكن لما آخذ, أقع في مشكلة, الصراع متى ينتهي؟ إذا كان صاحب المحل واقفاً, انتهى الأمر, صاحب المحل أمامك واقف؛ انتهى الصراع كله, انتهت كل المشكلات, انتهى ضغط النفس, انتهت الوسوسة.
حينما تعلم أن الله يعلم, هذا حال مريح, يعينك على أن تستقيم على أمر الله:

﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾

[سورة الشعراء الآية:218]

﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾

[سورة الشعراء الآية:219]

هذه هي الآية الأولى.

مقولة وردت :

لذلك يقولون: أحد الشيوخ عنده أحد التلاميذ, كان يحب أحدهم حباً جماً, فالآخرون حسدوه, فاعترضوا على الشيخ في تقريبه لهذا الصغير, فامتحنهم, قال: اذبحوا لي دجاجة, في مكان لا يراكم فيه أحد, فكل واحد وراء جدار, في غرفة, ذبحوا, وأتوا بالجاجة, إلا هذا الغلام الصغير, قال له: والله -يا سيدي- لا يوجد مكان, إلا ورأيت أن الله معي فلم أفعل, قال: هذا هو الذي ميزه عليكم, هو مع الله, ويشعر أن الله معه.
فأن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه, فإنه يراك, هذا شيء جميل جداً.

من صفات المؤمن :

يعني: المؤمن يستحيي أن يرتكب معصية, والله يراه.
والنبي -عليه الصلاة والسلام-: طرد أجيراً اغتسل عرياناً أمام الناس, قال له:

((إنك لا تستحي من الله, خذ أجارتك, لا حاجة لنا بك, فإني أراك لا تستحي من الله))

والإنسان كلما ازداد حياؤه ازدادت حشمته, تجد البيت المسلم بيتاً منضبطاً, في ثياب -هكذا- فاضحة, متبذلة, الفتيات, الشباب, كثيرون جداً هم الذين يقومون في البيت بالثياب الداخلية, كثيرون جداً, بوقاحة, وأخواته شابات, وهو شاب, أمام والدته, أمام والده, وفي بيوت -والله الذي لا إله إلا هو-, ما رأى الأب في كل حياته ابنته إلا بثياب محشمة, إذا دخل عليها يستأذن؛ لا يوجد أب يخلع أمام أولاده إلا في غرفة خاصة, ولا توجد أم تخلع ثيابها أمام أولادها إلا في غرفة خاصة. هذا المؤمن:

﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾

[سورة الشعراء الآية:218]

هو الإنسان إذا تيقن من أن الله معه دائماً, صار إنساناً آخر, يحاسب نفسه على الخواطر, لأن كل الخواطر بعلم الله عز وجل, أنت مكسوف, صفحة مفتوحة أمام الله عز وجل.

هذه معية عامة :

وهو معكم أينما كنتم
الآية الثانية:

﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾

[سورة الحديد الآية: 4]

قالوا: هذه معية عامة؛ أي أن الله سبحانه وتعالى مع كل الناس, في كل أموالهم, أما إذا قلت: إن الله مع المؤمنين, معية خاصة, معية التوفيق:

﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾

[سورة الحديد الآية: 4]

معية عامة.
الآية الثالثة:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾

[سورة آل عمران الآية: 5]

طرفة :

يعني أحياناً من باب الطرفة: تأتي صديقة زوجتك إلى عندك في الشتاء, غرفة الضيوف لا يوجد فيها مدفأة, أنت عندك مدفأة في غرفة الجلوس, تقول للزوجة: ائت بالضيفة إلى عندنا, المكان دافىء, يا ترى أنت النية المكان دافىء, لكن لما في شيء ثان, من يعلم ذلك؟ الله جل جلاله, مكشوف عند الله عز وجل, الكلام منطقي, أدفأ لكما, يا ترى هنا أدفأ لكما, لما في شيء ثان؛ لترى من هي صديقتها؟ ما شكلها مثلاً؟ الله عز وجل:

﴿لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾

[سورة آل عمران الآية: 5]

إذا عندك شعور أن الله كاشفك, انتهى ...... تستقيم على أمره, وتستحيي منه. يقولون: سيدنا علي -هكذا, قصة-: أنه وصل إلى درجة أنه يقتل كافر, وضع السيف على عنقه ليقطع رأسه, فبصق الكافر بوجهه, قال: لماذا أحجبت عن قتله؟ قال: كنت أقتله في سبيل الله, فلما بصق في وجهي, النية ترددت, والله يرى.
يعني في مراقبة دقيقة جداً, المؤمن مطلوب منه أن يكون كذلك.

قصة لها دلالة مخيفة :

يعني قصة -والله سمعتها, لا أعرف, لها دلالة مخيفة-: صديق لي, له عمة أو خالة توفيت, -قالها: غريب! مع أنني أنا من طبيعتي لا أستخدم المنامات إطلاقاً-, له قريبة توفيت, لعلها عمته أو خالته, قال لي: رأيتها في الرؤيا في المنام, النار تأكل ثيابها, وهي تستغيث, -خير إن شاء الله, منام مزعج جداً-, بعد حين رآها في منام مشابه, أقسم لي بالله: أنه لثماني سنوات من حين لآخر يراها بهذه الحالة, النار تأكل ثيابها, بعد ثماني سنوات رآها بحالة طيبة, هكذا وجهها مشرق, ترتدي ثياباً بيضاء, وعليها ابتسامة, فرح لها فرحاً شديداً.
قف عند حدود الله
قال لها: ما القصة؟ ماذا حدث لك؟ قالت له: الحليبات يا بني, الحليبات. ما الحليبات؟.
كان لها أولاد زوج, ولها أولاد, فالحليب؛ كأس ولدها ممتلىء حليباً, كأس ابن زوجها نصفه حليب ونصفه ماء, من يعلم ذلك؟ الله, هي في المطبخ, أول كأسين لولديها, ثاني كأسين لأولاد زوجها, أول كأسين حليب كامل الدسم, ثاني كأسين؛ نصف الكأس حليب ونصفها ماء, بعد ما أضيف الماء, مثل بعضهم, خذ هذه ماما, خذ هذه, خذ هذه, خذ هذه, لم يدر أحد, لا زوجها علم, ولا أولادها علموا, أبداً, لكن الله يعلم ظلم هذا. فإذا الإنسان يعلم أن الله يعلم, يعني اختلف حاله من الأرض للسماء.
يعني الآن إذا إنسان قلنا له: خطك الهاتفي مراقب, كيف ينضبط في كلامه على الهاتف, ولا كلمة, لا يقول: فرد الخاص بالتثقيب, يقول: مثقب, فرد لا يقولها, يخاف يفهمونها فهماً ثانياً, هذه أفضل, هذا إذا كان الإنسان أيقن: أنه مراقب, خطه مراقب:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾

[سورة آل عمران الآية: 5]

﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾

[سورة الفجر الآية: 14]

يرصد عباده, واحداً, واحداً:

﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾

[سورة الحاقة الآية: 18]

الإنسان يُدهش:

﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾

[سورة الكهف الآية: 49]

كل شيء مسجل.

هذا معنى المراقبة :

مرة قال لي صديق جاءته مخالفة, يعني قال: أنا ما كنت في هذا الطريق, هذه الصورة, قال لي: الصورة مسكتة, مسكتة, صورة سيارته بالتاريخ المعين, بالسرعة المعينة, المخالفة بالمكان المعين, انتهى الأمر.
الآن في طرق بالتخفيف حديثة جداً, لا يسألونك, يعرضون عليك الفيلم الذي صوروه لك فقط, تفضل تكلم, قطعوا أربعة أخماس الطريق بالتحقيق, الصورة مسكتة:

﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾

[سورة الكهف الآية: 49]

اجعل شريط حياتك يستحق المشاهدة
كل شيء مكتوب, بالعكس الكتاب مرقوم, والكتاب مرقوم, مرقوم يعني مُرَقم, كل صفحة لها رقم, مثل دفتر حساب المالية, مُرَقم ومختوم, لا تستطيع الصفحة ثلاثة عشرة, هل تستطيع أن تبيع الشقة بمليون؟ لا تستطيع, هذه ألغها, تظهر أحد عشر, خمسة عشر, يحاسبونك, دفتر المالية مرقم, وفي آخره صفحة, بلغت صفحات هذا الدفتر مئة وعشرين ختم توقيع.
فالكتاب مرقوم, كل صفحة لها رقم, والكتاب مرقوم من الرَّقْم, الرَّقَم العدد, الرَّقَم الصورة, كل مخالفة مع صورتها, لم أكن, تفضل.
أول ما أتوا بجهاز الرادار -أصلحهم الله-, التقوا مع سائق؛ أنك كنت في المطار, ومشيت بسرعة عالية, ماذا قال السائق؟ بديني, بمحمدي, بالكعبة, أنا لم أكن في المطار, فأروه الصورة, وأمسكها, جعلوه يحلف بكل مقدساته, أنه لم يكن في المطار, أروه الصورة, سكت, الصورة مسكتة.
فالكتاب مرقوم من الرَّقَم, والكتاب مرقوم من الرَّقْم, كتاب أعمالك, صفحاته مرقمة, وكل مخالفة مع صورتها ملونة أبعاد ثلاثة, أرقى شيء ثلاثة أبعاد, انتهى كل شيء, هذا معنى المراقبة.

هذه هي خائنة الأعين :

الآية التي بعدها:

﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾

[سورة غافر الآية: 19]

خائنة الأعين؛ لا يمكن لجهة في الأرض أن تكشفها, لجهة في الأرض.
جالس في غرفتك, والدنيا ليل, وقبل أن تنام أطفأت المصباح, النافذة مفتوحة, أنت في ظلام, أنت لا تُرى, ولكنك تَرى, خرجت جارتك على الشرفة, تظن لا يوجد أحد, بثياب متبذلة, لو أنك ملأت عينك من محاسنها, من الذي يكشفك في الأرض؟ ولا جهة في الأرض, لكن الله يراك, هذه خائنة الأعين.
أنت –حسناً- عندك مريضة, في مكان يؤلمها, نظرت إليه, وهذا من حقك, أما اختلست النظر إلى مكان آخر لا يؤلمها, من الذي يكشف هذه النظرة؟ الله جل جلاله:

﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾

[سورة غافر الآية: 19]

ما ثمن دخول الجنة؟ :

ونعم المأوى
هذا الدين يا أخوان, دين انضباط, يعني: جنة عرضها السموات والأرض, جنة إلى أبد الآبدين, ثمنها بالانضباط:

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾

[سورة النازعات الآية: 40]

﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾

[سورة النازعات الآية: 41]

﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾

[سورة النازعات الآية: 41]

 

 

من يعلم خائنة الأعين؟ :

شخص أعطاك جواز سفره, من أجل أن تجدده طبعاً, هو وزوجته, المؤمن لا يفتحه أبداً, لا يرى الصورة, حسناً: لو فتحته في الطريق, رأيت من هي, ما شكل زوجته, زوجته في الصورة, من يعلم هذه النظرة؟ الله عز وجل, صاحب الجواز: هل بإمكانه أن يكشف هذه النظرة؟ لا, أعطاك إياه, وقال لك: إذا ممكن جدده لي, يوجد على الجواز صورتك, وصورة زوجتك, لو أنه فتح الجواز, ونظر إلى صورة الزوجة, هذه نظرة خائنة:

 

 

﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾

[سورة غافر الآية: 19]

أحياناً: إنسان في بيت, يعني بيت ليس له؛ في خزن, في دروج, في طاولات, يرى أن الله معه, لا يفتح شيئاً.

هذا المؤمن :

يعلم خائنة الأعينe
والله مرة –هكذا- سكنت في بيت أسبوع, قلت له: والله لا أعرف شيئاً فتح في البيت كله إطلاقاً, لا درج, ولا ...... أبداً.
أحياناً إنسان: موضوع دفتر على الطاولة, يجب أن لا تنظر في كتاب أخيك إلا بإذنه, قد يكون في حسابات معينة, يجب ألا تقتحم أسراره إطلاقاً, هذا المؤمن, لا تنظر بكتاب أخيك إلا بإذنه, حتى لو على جهاز كمبيوتر, عنده برامج معينة, عنده برنامج محاسبة, ترى ما هي حساباته, تفتح له, لا يجوز؛ لا تقتحم برامج لأخيك إلا بإذنه, لا تقتحم دفتر أخيك إلا بإذنه, لا تقتحم حاجات أخيك في بيته إلا بإذنه, فهذه كلها خائنة الأعين:

﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾

[سورة غافر الآية: 19]

في أشخاص يحب يعرف كل قضية ما أصلها, أي نعم.

ما محور هذا الحديث؟ :

الحديث الشريف:

((اتَّقِ الله حيثما كنتَ، وأتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحسَنَةَ تَمْحُهَا, وخالِقِ الناسَ بخلُق حسن))

[أخرجه الترمذي في سننه]

اتق الله حيثما كنت: إذا في فرق بالتقوى بحسب المكان, فهذا دليل النفاق, أمام الناس منضبط, وحدك غير منضبط, وأنت بالمملكة تصلي الصلاة في وقتها, لأنه في مطاوعة, خارج المملكة لا تصلي أبداً, المرأة بالممكلة منضبطة انضباطاً شديداً, تركب الطائرة, تخلع كل شيء, ترجع كأنها ممثلة, هذه معناها منافقة, النفاق يقابله –الآن- ما يسمى ب(انفصام شخصية), له شخصيتان؛ شخصية مع المؤمنين, شخصية مع المنافقين:

﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئونَ﴾

[سورة البقرة الآية: 14]

﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾

[سورة البقرة الآية: 15]

الإنسان لما ينحرف, يصبح له شخصيتان؛ شخصية لتحقيق مصالحه مع المؤمنين, وشخصية يتملق بها الكفار والمنحرفين, هذا اسمه نفاق, أو انفصام شخصية, أو ازدواء شخصية.
الحديث:

((اتق الله حيثما كنت -في أي مكان عليك أن تتقي الله- وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن))

[أخرجه الترمذي في سننه]

ما معنى: (احفظ الله يحفظك)؟ :

احفظ الله يحفظك
الحديث الأخير:

((يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك))

احفظ الله يحفظك: يعني أنت يجب أن تخاف من الله فيما بينك وبينه, فإذا خفت من الله فيما بينك وبينه, ما أخافك من أحد, يحفظك من أن تخاف من غيره.
احفظ الله يحفظك؛ احفظ الله في عينك, يمتعك الله بها إلى نهاية عمرك, احفظ الله في أذنك, اسمع الحق, يمتعك الله بها إلى نهاية عمرك, احفظ الله في لسانك, يمتعك الله به إلى نهاية عمرك, احفظ الله في أعضائك, احفظ الله في يدك, احفظ الله في رجلك, احفظ الله في كسبك, احفظ الله في إنفاقك, احفظ الله في زوجتك, احفظ الله في أولادك, إن أقمت أمر الله في هذه النقاط, متعك الله بصحتك, وبأهلك إلى يوم موتك.
احفظ الله يحفظك: احفظ أمر الله من أن تضيعه, يحفظك من أن تخسر شيئاً في الحياة الدنيا.
هذا حديث جامع مانع:

((احفظ الله يحفظك))

يعني أن تخاف من الله وحده, مستحيل أن يخيفك من غيره, أن تخاف منه وحده.

إذا خفت من الله لن يخيفك من غيره :

يعني مثلاً: بائع, يخاف الله: أن يظلم أي مشتر ......
يعني فرضاً: وجد فأرة في تنكة الزيت, خاف من الله, لم يعد يبعها, عملها صابون, وثمنها ألفان وخمسمئة التنكة, يستطيع يبيعها, ولا أحد يدري ما فعل, لكنه خاف من الله, فيما بينه وبين الله, هذا الإنسان لا يمكن أن يخاف من موظف تموين, لأنه خاف من الله, انتهى, ما دام خاف منه, لن يخيفك من غيره.
احفظوها يا أخواننا هذه: إذا خفت منه, لن يخيفك من غيره, صرت غالياً عليه أنت, أما إذا لم تخف منه, تصبح مثل الطفل الصغير أمام إنسان عادي جداً, أقل من عادي, مثل الطفل تصبح أمامه, لأنك لم تخف فيما بينك وبين الله, لم تخف من الله, أخافك من بعض عباده, يعني إما أن تكون عبداً لله, وإما أن تكون عبداً لعبد لئيم, ترجوه, تصبح أمامه مثل الطفل, لأنه لا يرحمك, أنت من الله لم تخف.
أثناء تعامل الزبائن ما خفت من الله؛ جرمتهم, بعتهم بضاعة فاسدة, بأسعار غير معقولة, جاء موظف أظهر الفرق, أما إذا أنت خفت من الله عز وجل, لن يخيفك من أحد غيره.

((لا أجمع على عبدي أمنين وخوفين؛ إن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة, وإن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة))

دعاء الختام :

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور