وضع داكن
29-03-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 084 - من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا - العمل الصالح
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لماذا العقيدة مهمة في حياة المؤمن؟ :

 يقول عليه الصلاة والسلام:

((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا, نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة))

[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما]

 أيها الأخوة, لماذا العقيدة مهمة جداً في حياة المؤمن؟ ولماذا هي خطيرة؟ لأن الإنسان ينطلق في حركته اليومية من عقيدته؛ أي من تصوراته, أي من قناعاته, أي من رؤيته؛ له رؤية, أو له تصور, أو له قناعة, أو له عقيدة, أسماء لمسمى واحد, فإذا صحت عقيدة الإنسان؛ بمعنى أنه عرف سر وجوده, عرف حقيقة الحياة الدنيا, عرف أنه مخلوق للجنة, وأنه جيء به إلى الدنيا, ليدفع ثمن الجنة, وثمن الجنة هو العمل الصالح, إذا آمن هذا الإيمان, بنى حياته على العطاء, فإن غفل عن هذه الحقيقة, بنى حياته على الأخذ, وشتان في الحياة الدنيا بين الأخذ والعطاء؛ الربح في العطاء, والخسارة في الأخذ.
 يبدو للإنسان القاصر: أن الأخذ ربح, والعطاء خسارة؛ هذا للأعمى, هذا للغافل, هذا لغير المؤمن, أما المؤمن يعلم علم اليقين: أن هذه الجنة التي عرضها السموات والأرض, ذات النعيم المقيم, والتي خلق لها, هذه الجنة ثمنها: العمل الصالح.

ما الذي يندم عليه الإنسان حينما يأتيه الموت؟ :

 أيها الأخوة, لا شيء يندم عليه المؤمن, أو غير المؤمن, أو أي إنسان يأتيه الموت: إلا العمل الصالح, وقوله تعالى يؤكد ذلك:

﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾

[سورة المؤمنون الآية:99]

﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾

[سورة المؤمنون الآية:100]

﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾

[سورة المؤمنون الآية:99]

﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾

[سورة المؤمنون الآية:100]

هذه هي الخسارة التي يجهلها كثير من الناس :

 ورد في بعض الأدعية:

((لا بورك لي في طلوع شمس يوم لم أزدد فيه من الله قرباً, ولا بورك لي في طلوع شمس يوم لم أزدد فيه من الله علماً))

 يعني: أحدكم يوجد عنده محل تجاري, وفي درج غلة, لو باع في اليوم مئة ألف, بمليون, ولم يزدد من الله علماً في هذا اليوم, ولم يزدد منه قرباً, فهذا اليوم خسارة, لأن الحسن البصري رُوي عنه, أنه قال:
 ما من يوم ينشق فجره, إلا وينادي يا بن آدم: أنا خلق جديد, وعلى عملك شهيد, فتزود مني, فإني لا أعود إلى يوم القيامة.

أنت مخير :

 الإنسان حينما يفتح عينيه صباحاً, يجب أن يعلم علم اليقين: أن الله سمح له أن يعيش يوماً جديداً, حسناً: ماذا يفعل في هذا اليوم؟ فرصة لا تعوض. قال تعالى:

﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 لك أن تتجه إلى المسجد, ولك أن تتجه إلى الملهى, لك أن تتجه لعمل صالح, ولك أن تتجه لعمل سيء, لك أن تستغرق في شهوة محرمة, ولك أن تستغرق في طاعة محببة:

﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 هو: تعود على الإنسان, هو مخير, لأنك مخير: سعادتك بيدك أصبحت:

﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾

[سورة الليل الآية:12]

 عليك أن تختار, وعلى الله أن يهديك, الله عز وجل تكفل الهداية:

﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾

[سورة الليل الآية:12]

 والاختيار منك, فهذا الاختيار هو سر سعادتك, أو سبب سعادتك. قال:

﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 -انظر-:

 

﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 فاستبقوا؛ يعني أنت بعمر محدد, وأيام معدودة, ساعات معدودة, وأنفاس معدودة, وأماكن محدودة, وأوقات محدودة, وإمكانات محدودة, فبإمكانك أن تستغل هذا العمر المحدود بهذا الاختيار المطلق, وتمتلك سعادة إلى أبد الآبدين.

اختيارك محدود :

 قلنا لك: ادخل لهذا المحل, محل حلي, ذهب, ألماس, لك أن تمكث فيه عشر دقائق, ولك أن تأخذ من هذه الدقائق العشر ما تشاء, لما خيرناك تأخذ ما تشاء بعشر دقائق, فينبغي ألا تضيع ولا ثانية, كلما اخترت الألماس الأغلى, والذهب الأعلى عياره, تكون ذكياً. فقال:

﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 لكن هذا الاختيار ليس دائماً, محدود. قال:

﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 إذا انتهى الأجل, انتهى الاختيار, انتهى العمل, تحدد مقامك في الجنة, أو –لا سمح الله- استحق النار:

﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً﴾

[سورة البقرة الآية:148]

هذا الفرق بين أهل الدنيا وبين من عرف حقيقة هذه الحياة :

 بصراحة: راقب نفسك, ما الذي يعجبك؛ أن تأخذ, أم أن تعطي؟ إن كان يعجبك أن تأخذ: فأنت من أهل الدنيا, ولم تعرف سر وجودك, ولم تعرف حقيقة الحياة الدنيا, ولم تعرف أن هذه الدار دار تمهيد في دار القرار, أما الذي عرف حقيقة الحياة الدنيا: يبني حياته على العطاء؛ يعطي وقته, يعطي ماله, يعطي جهده, يعطي خبرته, يعطي ذكاءه, يعطي عضلاته, يعطي حرصه, يعطي حرفة لله عز وجل, يبتغي وجه الله, فلماذا العقيدة مهمة جداً؟.
 يقول لك: البشر بشر, تجد شخصاً ليس له مجلس علم, يظن نفسه كلما حصل مالاً أكثر , كلما خلص الناس مالهم, وكلما كان عنده ذكاء, بحيث جمع أكبر ثروة ممكنة, أو كلما استطاع يقنع الناس بخطأ, يستغل جهلهم ليأخذ أموالهم, يعد نفسه تاجراً مراً, وكاسداً ذكياً, أما إذا عرف الله, وعرف سر وجوده, وعرف غاية وجوده, وعرف حقيقة الحياة الدنيا, وعرف أن الآخرة دار القرار, وأنها إلى أبد الآبدين, وأن مكانك في الآخرة متعلق بعملك في الدنيا, اختلف مئة وثمانين درجة؛ صار يحب العطاء لا الأخذ, يحب البذل, يحب أن يكون في خدمة الآخرين, لا أن يستهلك جهود الآخرين.
 ماذا فعل الأنبياء؟ أعطوا ولم يأخذوا.

اسأل نفسك هذا السؤال :

 أنت اسأل نفسك هذا السؤال الحرج: ماذا قدمت لله عز وجل؟ يقول لك: ماشي الحال, هذه لا آية, ولا حديث هذه.
 يعني: الحياة ليس لها معنى, الحياة لا معنى لها, الحياة تافهة, تعيش لأنه لا يوجد موت, تعيش لحكم وجودك, هذا مقامك عند الله, هذا الكون العظيم, الذي سخره الله لك, من أجل أن تعيش حياة بهائم؛ أكل, وشرب, ونوم, وعمل ليس غير.
 إنسان بالعالم الغربي, إنسان بلا هدف, آلة, ثماني ساعات عمل شاق؛ طعام, تلفزيون, نوم, وكل يوم مثل الثاني, إلى أن يأتي الأجل؛ لا يوجد هدف, لا توجد رسالة, أما المؤمن إذا عرف الله, إذا له مجلس علم, عرفت من أنت؛ أنت إنسان عظيم, أنت المخلوق الأول, أنت الذي سخر الله لك ما في السموات والأرض, أنت الذي خصك بعطاء لم يعطه لأحد, أنت الذي جعلك فوق الملائكة إذا آمنت به, وأنت الذي وضعك تحت أحقر حيوان إذا لم تعرفه:

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾

[سورة البينة الآية:6]

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾

[سورة البينة الآية:6]

 يعني: إما خير ما برىء الله, أو شر ما برىء الله؛ فلا شيء يعلو على طلب العلم, ولا شيء يعلو على معرفة الله, ولا شيء يعلو على منهج الله, ولا شيء يعلو على سنة رسول الله, ولا شيء يعلو على معرفة كلام الله.

كلما ازداد علمك اتسع أفقك

 يعني: بعض الأخوة الأكارم, يتلقى العلم عن صدفة, يعني وجد نفسه فارغاً حضر درساً, الأساس عمله, فإذا وجد فراغاً طارئاً, حضر درساً, يعني سمع كلمة بعقد قران, سمع كلمة بتعزية, هذه معلوماته.
 بربكم, لو هكذا شاب معه بكالوريا, من حين لآخر يشتري مجلة طبيبك, يقرأ كم مقالة بالطب, هذا يصبح طبيباً؟ لو يبقى مليون سنة, يقرأ طبيبك, ويجلس مع طبيب, يسمع القليل من النهفات منه, لا يصبح طبيباً؛ الطب منهج, الطب جامعة, الطب كلية, الطب منهج دقيق جداً, مدروس, مبرمج.
 فأنا أتمنى أن يكون للأخ الكريم منهلاً علمياً صادقاً, مرجعاً دينياً؛ يعني طلب علم مركز, طلب علم دوري, طلب علم يلقى به باستمرار.
 يعني: كلما ازداد علمك, اتسع أفقك, كلما ازداد علمك, عرفت سر وجودك, كلما اتسع علمك, صح سلوكك.

لاحظ معنا :

 أنت لاحظ طبيب مثلاً, درس ثلاثاً وثلاثين سنة, لا يمكن أن يأكل فاكهة من دون غسيل ؛ اعتاد على الجراثيم, وعلى العدوى, والأمراض السارية, والبكتريا, والإنتانات المعوية, ويرى بعينه.
 مرة كنا بسهرة, في طبيب قدموا له يعني حلويات من أعلى مستوى, فيها قشطة, اعتذر , قال: أنا أرى كل يوم الشرايين مسدودة في هذه الدسم, فإني أربأ لنفسي أن آكل هذا الدسم.
 العلم يعطيك أفقاً واسعاً, العلم يعطيك سلوكاً قويماً, العلم يعطيك رؤية عميقة وبعيدة, فالإنسان لا يبقى من دون علم.
 يعني: إن الله عالم, يحب كل عالم, الله لم يقل لك: قل لا ﺇله إلا الله؟ قال لك:

﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾

[سورة محمد الآية:19]

 يجب أن تعلم.

رسالة تهنئة :

 فأنا أهنىء كل أخ كريم, يعني يستقي العلم من المسجد, هذا مكانه الطبيعي, ومن فضل الله: أي مكان في الأرض في بطاقات, في بطاقة رسم دخول, إلا المساجد؛ لا فيها رسم دخول, ولا اشتراك سنوي, ولا أتعاب, ولا تعويض, ولا في شيء لوجه الله, التدريس لوجه الله تعالى.
 يعني: لا يستطيع إنسان يدخل إلى عند الطبيب, إلا ويكون معه خمسمئة أقل شيء, لا يستطيع أن يقابل محامياً دون مبلغ في جيبه, حتى اللقاء الأول, حتى اللقاء الأول له ثمن, إلا في أمور الدين, سبحان الله! كله مبذول, بلا مقابل, والدين أخطر علم, كل علم ممتع, أما في علم ممتع نافع, في علم ممتع نافع مسعد, العلم الديني: علم ممتع, نافع, مسعد.

هذا سر المؤمن :

 فأنا انطلقت من حديث لرسول الله -عليه الصلاة والسلام-:

((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا, نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة))

[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما]

 المؤمن إذا عرف الله, وعرف أن هؤلاء جميعاً عيال الله, وأنه كلما أكرمهم, وكلما نصحهم, وكلما خفف عنهم متاعب الحياة, وكلما بث فيهم الطمأنينة, كلما بث فيهم السلم, بث فيهم الفضيلة, رضي الله عنه, لذلك ينطلق بشكل مخيف.
 بالإيمان في سر, سبحان الله! ما إن تستقر حقيقة الإيمان في قلب المؤمن, حتى تعبر هذه الحقيقة عن نفسها بحركة نحو الخلق.
 يعني مؤمن ساكن, لا يوجد مؤمن خاضع في بيته, متقوقع, ليس لي علاقة بالناس, ليس لي دخل, الناس هلكى, لا يوجد فيهم خير.
 من قال: هلك الناس فهو أهلكهم.
 من كفر مسلماً فقد كفر.
 هذا الذي ييأس من نشر الحق, إنسان بعيد عن جوهر الدين.

نصيحة :

 لي عندكم هذه النصيحة: قبل أن تناموا, ما العمل الذي فعلته ابتغاء وجه الله؟ لا تريد سمعة, ولا كتاب, ولا شكر, ولا مدح, ولا ثناء, ولا تنويه, ولا سمعة, ولا مكانة, عمل لوجه الله, تبتغي به الدار الآخرة, هذا الذي ينفعك, هذا الذي تدخره لساعة الفراق.
 ويا أيها الأخوة, ساعة الفراق تأتي فجأة, الحد الأدنى, قد يكون إنسان يتمتع بأعلى صحة, قد يكون حادث.
 سؤالنا الدقيق: هل نحن مستعدون لملاقاة الله عز وجل؟ في أشياء معلقة, في تقصيرات, يوجد في البيت مخالفات, في الزوجة, والبنات, والأولاد, انحراف لا يرضي الله, في البيع والشراء علاقة مشبوهة, في بضاعة محرمة, في طريقة بالبيع لا ترضي الله, وهذه تحتاج إلى مراجعة, نحن لا نريد أن نسمع, نريد أن نتحرك:

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾

[سورة الأنفال الآية:72]

 يجب أن تأخذ موقفاً, فلا يوجد أجمل من إنسان جلس مع نفسه جلسة ......:

﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾

[سورة سبأ الآية:46]

 لا بد من جلسة؛ راجع حساباتك, اعمل جرداً, افتح دفاترك, ماذا عليك من ديون؟ ماذا لك من أموال؟ اعمل تقاص.
 هذا الذي أقوله لكم هو جوهر الدين, لا بد من أن نصل إلى الله بطاعتنا له, هل تعرف أمره ونهيه؟ كم من إنسان يرتكب أكبر مخالفات بالبيع والشراء؟ لأنه يجهل أحكام الفقه.
 تجد إنسان مسلم, صائم, يصلي, مرتاح, يقول لك: الحمد لله, أنا واضع أموالي مع فلان, والله أخلاقه حسنة, بعد ذلك ليس لي شأن بالحسابات أبداً, وجع رأس, يعطيني ربح ثابت على الألف, يظن نفسه أنه قضى أمراً, ومتدين, وهذا الشخص أخلاقه حسنة, هذه ربا أصبحت, كل ربح ثابت ربا.
 كيف تطيع الله عز وجل إن لم تعرف أمره ونهيه؟ عرفت الله, ينبغي أن تعرف أمره ونهيه, من أجل أن تطيعه.

كلمة :

 أنا أقول لكم هذه الكلمة, والله الذي لا ﺇله إلا هو, لا يشغل المؤمن شيء في حياته, كأن يهتم بأمر الله ونهيه, ما حكم الشرع في هذا: يجوز أو لا يجوز؟.
 أحياناً الإنسان: يعني يكون دخله في معصية, في دخله معصية صريحة, يقول لك: أنا أبيع طاولات زهر.
 النبي قال:

((من لعب النرد, فكأنما غمس يديه في لحم خنزير ودمه))

 فهذه الطاولة محرم بيعها, يختارون مهناً رائجة, فيها معصية.
 شارع بأكمله من بعد باب الجابية حتى شيخ حسن, صار كله يصنع صحون, يقول لك: أربح, الحمد لله, الله موفقنا, الله معرفته بالمعصية.
 يعني: هذه التي ترقص, تقول: الله موفقها بالرقصة, نفس الشيء, أو الشيء نفسه.
 يعني: الإنسان لا يكون جاهلاً؛ في دخول مشبوهة, في علاقات مشبوهة, في طريقة بالبيع مشبوهة, فتفقهوا قبل أن تدخلوا السوق, من تفقه قبل أن يتاجر سلم, أما من دخل السوق ولم يتفقه, أكل الربا شاء أم أبى, إذا بالدخل في حرمة, صار في مشكلة.

أمنية :

 فهذا الذي أتمناه عليكم: أن تدققوا في حياتكم, أن تدققوا في بيوتكم, الذي يُطلب منا شيء واحد: أن نقيم الإسلام في بيتنا, وفي عملنا, انتهى الأمر, ولا تكلف فوق هذا بشيء, دعك من كل الأخبار, دعك من كل مشكلات المسلمين في العالم.
 الله عز وجل يقول:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾

[سورة المائدة الآية:105]

﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾

[سورة المائدة الآية:105]

 قبل كل شيء: أنا علي أن أستقيم.

الحقيقة المرة خير ألف مرة من الوهم المريح :

 دائماً خذ هذه القاعدة: الحقيقة المرة, خير ألف مرة من الوهم المريح.
 تجد شخصاً مقيماً .....
 والله, والله التقيت مع شخص, قال لي: الحمد لله, والله الله مبحبحة علينا, عندنا مطعم الحمد لله, ودخل كبير, لكن الشيف -الله يصلحه- يبيع خمراً, إن شاء الله في رقبته: قال لي.
 والله يصلي أول صف بالمسجد, أول صف يصلي, الخمس أوقات في المسجد, الحمد لله, الله مفضلها, الله يصلحه, إن شاء الله برقبته: قال لي, ليس لي علاقة أنا, قال لي: والله نصحته, لكن لم يرض, مرتاح, هذا الجهل بعينه, أنا أربأ بالمسلم.

زيارة :

 مرة زرت بلداً غربياً, زرت المغرب مرة, وجدت لا يوجد جنس الدين في البلد كله, لا يوجد فيه غير مساجد, مظاهر إسلامية, أما سلوك .....
 فسألني أخ: ماذا رأيت في المغرب؟ قلت له: رأيت الإنسان يضع أمامه, -طبعاً: تشبيه-, هو يضع أمامه لحم خنزير, وكأس خمر, ولأنه مسلم, يقول: بسم الله الرحمن الرحيم.
 يعني سمى, ولما انتهى, قال: الحمد لله على نعم الله, علاقته بالإسلام: سمى, وحمد الله على لحم الخنزير, وكأس الخمر.
 المعاصي كلها في هذه البلاد, لم يبق غير الصلاة, في مساجد, في صلاة؛ أما التعامل, الانحراف, تفلت النساء.

متى يسوق الله هذا الابتلاء للمسلمين؟ :

 الله عز وجل قال:

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾

[سورة النحل الآية:112]

 الجوع و الخوف. وقال الله عز وجل:

﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾

[سورة الأنعام الآية:65]

 وقال:

﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾

[سورة الإسراء الآية:58]

 -يعني: ما من قرية-:

﴿إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً﴾

[سورة الإسراء الآية:58]

 تجد مسلمين متفلتين؛ اختلاط, والمال الحرام, وعدوان, وانتهاك أعراض, وكسب مال حرام, وفي مساجد, وفي دروس, وفي خطب, وفي .......
 الله عز وجل: يعني يسوق لهؤلاء البلاء, ما يجعل الحليم حيران.

ماذا فسر العلماء هذا الخير؟ :

 الله عز وجل قال:

﴿إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ﴾

[سورة هود الآية:84]

 سيدنا شعيب يخاطب قومه:

﴿إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ﴾

[سورة هود الآية:84]

 ماذا فسر العلماء هذا الخير؟ قال: رخص الأسعار, وفرة المواد.
 المواد موفورة, والأسعار رخيصة, أما إذا الأسعار غالية جداً, يجوز في وقت لم يكن يوجد مواد, شيء صعب, يوجد مواد الآن لكنها غالية, لا تتناسب مع دخل الإنسان المتوسط, هذه مشكلة إذاً.
 كان سيدنا عمر: أول ما يسأل, يقول: كيف الأسعار عندكم؟.
 يجوز هذا الدرس ......

حديث اليوم :

 يقول عليه الصلاة والسلام:

((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا, نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة))

[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما]

 المؤمن بنى حياته على العطاء, وغير المؤمن بنى حياته على الأخذ, وإذا أردت أن تأخذ أم أن تعطي, والذي يعطي هو الذي يفوز يوم القيامة, والحمد لله رب العالمين.

دعاء الختام :

 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور