وضع داكن
18-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 078 - الصدق والبر
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

كم نوع للصدق, وما هما؟ :

 أيها الأخوة الكرام, من الأحاديث الأساسية في أصول الدين, ما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن مسعود -رضي الله عنهما-, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

((إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدي إِلي البِرِّ, وإِن البِرَّ يهدي إِلى الجنةِ, وما يزال الرجل يصدُقُ ويتحرى الصدق, حتى يُكتب عند الله صدِّيقاً, وإِن الكذبَ يهدي إِلى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يهدي إِلى النارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليكذبُ حتى يكتبَ عندَ اللهِ كذَّابا))

 فما هو الصدق؟.
 الصدق نوعان كبيران: صدق الأقوال, وصدق الأفعال, وقد تقول شيئاً والواقع خلافه, قد تروي شيئاً ليس صحيحاً, فهذا كذب الأقوال, فإذا كان صحيحاً, فهذا صدق الأقوال, هذا الذي ألفه الناس عن الصدق؛ ولكن الشيء الدقيق: هو أنك قد تعلن شيئاً, ويأتي فعلك خلافه, هذا كذب الأفعال, فإن جاء الفعل مصداقاً لما تقول, هذا صدق الأفعال.
 لذلك: الناس لا يمكن أن يُصغوا إليك, إلا إذا رأوا أفعالك مطابقة لأقوالك, فمن كان صادقاً في أقواله, وأفعاله, هذا الصدق, لا بد من أن يهديه إلى هذا الدين العظيم, إلى البر.
 لأنه يوجد في الكون حقيقة واحدة: هي الله, هذه الحقيقة: إن كنت صادقاً في طلبها, وصلت إليها:

 

﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾

 

[سورة العنكبوت الآية:69]

ما الدليل من الكتاب على أن الله لا يمكن أن يعذب إنساناً من دون سبب؟ :

 الله جل جلاله قال:

 

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

 

[سورة النساء الآية:147]

 يعني: إذا ابنك أخذ بجلائه عشرات, كله جيد, وأخلاقه عالية, ومعاملة طيبة لأخواته, وبار بك وبأمه, الضرب ليس له معنى. مثل بسيط منتزع من حياتنا اليومية:
 لا يوجد أب في الأرض, يضرب ابنه الناجح, المتفوق, الأخلاقي, المهذب, اللطيف, النظيف, مستحيل, يكون إنساناً شريراً أساساً. فإذا كان الإنسان لا يُوقع أذى بابنه المستقيم, فالواحد الديان: يمكن أن يعذب إنساناً بلا سبب؟ قال تعالى:

 

﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾

 

[سورة الشورى الآية: 30]

يجب أن تعتقد :

 يجب أن نعتقد: أن كل شيء وقع أراده الله, وأن كل شيء أراده الله وقع, وأن إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة, وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق.
 يعني: عمل لله بلا حكمة, مستحيل؛ فالمؤمن لا يعترض, والمؤمن لا ينتقد, والمؤمن لا يُسيء الظن بالله عز وجل.
 لو اطلعتم على الغيب, لاخترتم الواقع.
 والله لو كشف الغطاء, ما ازددت يقيناً.
 والله لو علمت أن غداً أجلي, ما قدرت أن أزيد في عملي.

 

حقيقة لا بد من أن تعرفها عند الموت :

 في حقيقة لا بد من أن تعرفها عند الموت:

﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾

[سورة ق الآية: 22]

 الناس فرق, ومذاهب, واتجاهات, وأفكار, وكلٌّ يطعن بالآخر, وكل يدعي العصمة, حسناً: من يحكم بين هؤلاء؛ هؤلاء المتفرقون, المتشرذمون, هؤلاء المتعددون في مذاهبهم, واتجاهاتهم, وسلوكهم, واعتقادهم, من يحكم بينهم؟ الله جل جلاله. عند الموت: لا بد من أن تعرف الحقيقة المطلقة عند الموت:

﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾

[سورة ق الآية: 22]

 هذه الحقيقة المطلقة: إن عرفتها وأنت حي, كنت أسعد الناس.

 

خيارك مع الإيمان خيار وقت :

 أنا أعيد وأكرر: خيارك مع الإيمان خيار وقت, ما الخيار الآخر؟ خيار قبول أو رفض.
 قد تُعرض عليك فتاة لتتزوجها, تقول: لم تعجبني رفضتها, قد يُقترح عليك شراء بيت, تقول: صغير رفضته, قد تعرض عليك وظيفة, تقول: راتبها قليل ترفضها. في أشياء بحياتك كثيرة جداً, موقفك منها قبول أو رفض, أما الإيمان: أي إنسان .......
 من هو أكثر كفار الأرض؟ الذي قال:

﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾

[سورة النازعات الآية: 24]

 فرعون, عندما أدركه الغرق, ماذا قال:

﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾

[سورة يونس الآية:90]

 إذاً: أكفر كافر: سوف يؤمن عند الموت, حسناً .......
 إذاً: القضية, قضية: متى نؤمن؟ لا بد من أن تؤمن عند الموت, فالقضية إذاً: متى نؤمن؟.
 فخيارك مع الإيمان خيار وقت, ليس خيار قبول أو رفض؛ فإما أن تؤمن قبل فوات الأوان, وأنت من أسعد الناس, وإما أن يأتي الإيمان عند الموت, يوم:

﴿لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾

[سورة الأنعام الآية:158]

﴿لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾

[سورة الأنعام الآية:158]

 فالحقيقة التي سوف تراها عند الموت؛ كن من شئت, لو سكنت في أقصى الدنيا, لو جئت من أقصى الشمال, من أقصى الجنوب, من أقصى الغرب, لو سكنت في جزيرة, في قمة جبل, في عرض البحر, وكنت بحاراً, كن أي إنسان, عندما يأتي الموت, تُكشف لك الحقيقة.

الحالة التي تصيب الإنسان حينما يعرف حقيقة الإيمان عند الموت فقط :

 أيها الأخوة, يقع الندم:

﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾

[سورة الفجر الآية:24]

﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ﴾

[سورة الفجر الآية:25]

﴿يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً﴾

[سورة الفرقان الآية:27]

 هذا الندم الشديد سببه: أنك أثناء كنت في صحتك, وعافيتك, ما طلبت الحقيقة, طلبت الدنيا, الدنيا بين يديك.

مشكلة الناس اليوم :

 مشكلة الناس الآن: أنهم يعيشون لحظتهم, ما دام صحته طيبة, وجيبه مليئة, وبيته عامر, انتهى الأمر, لا يحسب حساباً للمغادرة؛ ساعة المغادرة, ساعة فراق الدنيا, ساعة الخروج من البيت أفقي, يخرج الإنسان كل يوم عامودياً, أليس هكذا؟ يذهب ويرجع, يذهب ..... لكن في مرة يخرج هكذا ......, هذه هكذا بلا رجعة, هكذا, خلص انتهى.
 الساعة الثانية عشرة لا يُقال: أين فلان, تأخر, لماذا لم يأت؟.
 هل سمعتم: إنسان مات واندفن, أهله في الليل سألوا عنه: تأخر, لماذا لم يأت إلى الآن؟ خير, خير إن شاء الله, ألم تدفنوه؟ لم يعد يرجع انتهى. فهذه الطلعة أفقي, مشكلة الطلعة أفقي, مشكلة كبيرة جداً.
 فهذه اللحظة: أصعب لحظة بحياة الإنسان؛ فإذا كان ذكياً, وعاقلاً, يستعد لها من الآن, يعني يكشف الحقيقة التي لا بد من أن تُكشف له عند الموت, إن اكتشفها الآن استثمرها, وانتفع بها, إن جاءت متأخرة لا قيمة لها, تزيده ندماً.

أدرك نفسك من أن تقع في هذا المصاب :

 الإنسان في الدنيا –أحياناً- يظن أنه فالح:

﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً﴾

[سورة الكهف الآية:103]

﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾

[سورة الكهف الآية:104]

 الإنسان وهو حي: يظن نفسه متفوقاً؛ جمع ثروة طائلة, وصل لمركز حساس, استطاع أن يقنع الناس بشيء هو غير قانع فيه؛ لكن أقنعهم, واستفاد من إقناعهم, هذا في الدنيا, أما حينما يكشف الغطاء:

﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً﴾

[سورة النبأ الآية:40]

﴿يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً﴾

[سورة النبأ الآية:40]

﴿يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً﴾

[سورة الفرقان الآية:27]

﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:107]

﴿قَالَ اخْسَؤوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾

[سورة المؤمنون الآية:108]

﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:109]

﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:110]

﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:111]

﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية: 115]

﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾

[سورة القيامة الآية: 36]

من غباء الكافر :

 يوجد آية أخرى:

﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾

[سورة المطففين الآية: 34]

 مرة عرضوا فكرة: عالم جليل من علماء العصور الوسطى, اعتقد: أن الأرض كروية, وصرح بهذه النظرية, فعُذب, وقتل, والناس يضحكون عليه, لأنه اعتقدها كروية.
 نحن –الآن- نضحك على من؟ على من يضحك عليه, أليس كذلك؟ وقتها -وقت إعدامه- الناس فرحوا, وهللوا, وعدوا هذا مجنوناً, لأنه يعتقد الأرض كروية, أما نحن –الآن- إذا شاهدنا هذا المشهد, نضحك على من يضحك عليه:

﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾

[سورة المطففين الآية: 34]

ما معنى هذه الآيات من سورة الواقعة؟ :

 ما معنى:

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾

[سورة الواقعة الآية:1]

﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾

[سورة الواقعة الآية:2]

﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾

[سورة الواقعة الآية:3]

 يعني: قد يكون الإنسان حاجباً, مستخدماً, مستقيماً, مطيعاً لله عز وجل, شأنه صغير, حجمه صغير, وفي إنسان كبير, له حجم كبير, له أموال طائلة, له أهل, له أتباع, يأتي الموت, فيجعل هذا الصغير المستقيم فوقه يوم القيامة:

﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾

[سورة الواقعة الآية:2]

﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾

[سورة الواقعة الآية:3]

الأمور بخواتيمها :

 الأمور بخواتيمها:

﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية:128]

 قرأتم تاريخ الصحابة؛ هؤلاء الذين وقفوا مع النبي, والذين حاربوه, والذين هجوه, والذين كذبوه, بالنهاية: سيدنا الصديق: تقف أمامه بأدب, تقرأ له الفاتحة, وفي دعاء خاص له, أما أبو جهل: تلعنه الملائكة, والناس أجمعون.
ففي أشخاص عارضوا النبي, أصبحوا في مزبلة التاريخ, وفي أشخاص في أعلى عليين.
 الإنسان في النهاية كلمة أخواننا, كلمة في النهاية, يعيش ثمانين سنة؛ يأخذ شهادة, يعمل تجارة, يعمل صناعة, يعمل زراعة, يعمل وظيفة, يتزوج, ينجب أولاداً, يشتري بيتاً, يزوج أولاده, إذا مات بعد كذا سنة, يحكى عنه كلمة واحدة: فلان وفقه الله, وإذا إنسان ابن حرام, يقول لك كلمة واحدة, وينتهي عملك كله إلى كلمة واحدة؛ فإما أن تكون محسناً, أو غير محسن.

قانون رباني :

 فإن الصدق في طلب الحقيقة, يهديك إلى سعادة الدنيا والآخرة.
 البر الإحسان.
 أنت مخلوق للإحسان, فإن كنت محسناً دخلت الجنة.
 يعني: إن صدقت في طلب الحقيقة؛ آمنت بالله, واستقمت على أمره, وأحسنت إلى خلقه, فكان هذا الإحسان ثمن الجنة, سعادة إلى الأبد, وإن لم تكن صادقاً في طلب الحقيقة, كذبت على الناس, وأوهمتهم أنك على حق, ولم تكن صادقاً, هداك هذا إلى الفجور, إلى الشهوات, والفجور تهديك إلى النار.
 هذا مختصر مفيد, هذا قانون, معادلة دقيقة جداً: إن كنت صادقاً في طلب الحقيقة, قادتك الحقيقة إلى الإيمان بالله, والاستقامة على أمره, الإحسان إلى خلقه, وهذا اسمه بر, كله قادك إلى الجنة, وإن لم تكن صادقاً في طلب الحقيقة, قادك هذا إلى التفلت من منهج الله, والإساءة إلى خلق الله, وإرواء الشهوات بالحرام, فكان هذا سبباً لدخول النار, فأصبح قضية سهلة؛ تعرفه, تنضبط بمنهجه, تُحسن إلى خلقه, تسعد في الدنيا والآخرة, تغفل عنه, تنقطع عنه, تتفلت من منهجه, تُسيء لخلقه, تشقى في الدنيا والآخرة.

الناس رجلان هما؟ :

 الناس رجلان؛ شقي وسعيد, قبل شقي وسعيد, محسن ومسيء, قبل محسن ومسيء, منضبط ومتفلت, قبلهما متصل ومنقطع, قبلهما يقظ وغافل؛ إنسان عرف, إنسان غفل, إنسان انضبط, إنسان تفلت, إنسان أحسن, إنسان أساء, إنسان صعب, إنسان فقه.
 يؤكد هذا قول النبي الكريم:

((الناس رجلان.

 -في خمسة آلاف مليون إنسان, يقول لك: يوجد في مكان واحد مئتا لغة؛ كم فرقة, وكم طائفة, وكم ملة, وكم مذهب, وكم اتجاه, وكم اعتقاد؟ بالألفات.
 لا أدري قال: أربعمئة ديانة في الهند, أربعمئة ديانة, مئتا لغة؛ لغة, وديانات, وطوائف, وأحزاب, واتجاهات-.
 النبي يقول: الناس في النهاية رجلان -فقط اثنان, هذا التقسيم باطل؛ في رجل عرف الله, فاتصل به, فطبق منهجه, فأحسن إلى خلقه, فسعد في الدنيا والآخرة, وإنسان غفل عنه, انقطع عنه, تفلت, أساء, شقي في الدنيا والآخرة-.

الناس رجلان -قال النبي الكريم-؛ بر تقي كريم على الله عز وجل, وفاجر شقي هين على الله عز وجل))

[أخرجه الترمذي في سننه]

إن وجدت الناس معذبين, قل هذه المقولة: هان أمر الله عليهم, فهانوا على الله

 أيها الأخوة, إن وجدت الناس معذبين, قل هذه المقولة: هان أمر الله عليهم, فهانوا على الله.
 هان أمر الله عليهم, فهانوا على الله.
 الآن: أكثر كلام الناس؛ لا تدقق, لا أدقق, يعني آكل مالاً حراماً؟ أكذب؟ أنافق؟ أرتكب الموبقات؟ لا أدقق, هذا كلام فارغ, لا تدقق, كلمات العوام خطيرة جداً.
 من هون ليوم الله يفرجها الله.
 ضع رأسك بين الرؤوس, وقل: يا قطاع الرؤوس.
 ابن أخذ أمي عني.
 كلمات النفاق, والكفر, والفجور, هذا كله كلام, يجب أن يركل بالأقدام.

التعليق على هذه القصة :

 سيدنا عمر بن الخطاب, -دققوا في القصة- جاءه ملك, جاءه مسلماً -يعني إذا أنت عندك -مثلاً- في المحل صانع, والتقيت بملك, في فرق بينهما-, فجاءه ملك اسمه جبلة, أعلن إسلامه, -مكسب كبير هذا الملك- يطوف حول الكعبة, جاء بدوي بالخطأ, داس طرف إزاره, فانخلع عن كتفه, فهذا ملك, وله عظمة وصولجان, التفت نحوه, وضربه على أنفه, هشم له أنفه, فهذا بدوي؛ فقير, ضعيف, أكل ضرباً بلا سبب, من شخص يطوف حول الكعبة, ذهب إلى عمر, سيدنا عمر استدعاه. قال له:
 أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح؟.
 فقال جبلة:

لست ممن يكتم أو ينكر شيا أن ا أدبت الفتـى أدركت حقي بيديا

 قال له:

أرض الفتـى لابد من إرضائه  ما زال ظـــــفرك عالقاً بدمائه
أو يهشمنَّ الآن أنفــــك –يخاطب ملكاً- وتنـال ما فعـــــلته كفـك

 –هذا صعق-.
 قال له:

كيف ذاك يا أميـــــــر -معقول- هو سوقـــــة وأنا عرش وتاج ممكن-.
كيف ترضى أن يخر النجم أرضا!؟

 قال له:

نزوات الجاهلية ورياح العنجهية  قد دفناها أقمـــنا فوقها صرحاً جديدا
وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيدا

 قال له :

كان وهماً ما جرى في خلـــــ  دي أننــــــي عندك أقوى وأعز
أنــا مـــــرتد إذا أكـرهتني

 قال له:

عنق المرتــــــد بالسيف تحز  عالم نبنيــــــه كل صدع فيــه
بشــبا السيف يـــــــداوى  وأعز الناس بالصـــــعلوك تساوى

 تعليق على القصة, طبعاً هرب في الليل, وانتكس, وارتد عن دينه, وبعد ذلك: ندم أشد الندم.
 التعليق: سيدنا عمر, ضحى بملك, ولم يضح بمبدأ.
 في الإسلام: لا يوجد حل وسط, لم يضح بمبدأ.

ملخص الدرس :

 فملخص الدرس: يوجد في الكون حقيقة واحدة؛ إن طلبتها بصدق, وصلت إلى السعادة المطلقة في الدنيا والآخرة, وإن غفلت عنها, شقي الإنسان في الدنيا والآخرة.
 أخواننا الكرام, يعني إن شاء الله آخر درس في رمضان.

دعاء الختام :

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور