وضع داكن
18-04-2024
Logo
موضوعات فقهية متفرقة - الدرس : 64 - من فقه الرجل إذا أوى إلى فراشه تلاوة آية الكرسي.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

النوم وفاة مؤقتة و الموت نوم أبدي :

 أيها الأخوة ، تعلَّمنا من دروس الدين أن الإنسان إذا أوى إلى فراشه يُفضَّل أن يقرأ آية الكرسي ، وقد ذكر النبي عليه الصلاة و السلام في بعض أحاديثه الشريفة أنها أعظم آية في القرآن الكريم ، و نظراً إلى أن الإنسان كان إذا نام توفّى الله نفسه ، قال تعالى:

﴿ الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾

[سورة الزمر: 42]

 فالنوم وفاة مؤقتة ، و الموت نوم أبدي ، قال تعالى:

﴿الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾

[سورة الزمر: 42]

 فالإنسان حينما ينام يفقد الوعي ، و يفقد اتصاله بالعالم الخارجي ، يا ترى هناك عدو ، هناك حشرة ، هناك أفعى ، هناك مشكلة ، هناك حريق ، هناك سارق ، فالإنسان حينما يأوي إلى فراشه يتلو قوله تعالى :

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾

[سورة البقرة : 255]

 أردت أن تكون هذه السورة محور هذا الدرس لا على أنه درس تفسير ، بل على أنه توجيه نبوي كريم ، من فقه الرجل أنه إذا أوى إلى فراشه يقرأ هذه السورة أو يقرأ هذه الآية التي سميت بآية الكرسي ، وهي من أعظم القرآن الكريم .

اجتماع الأسماء الحسنى في لفظ الجلالة :

 أيها الأخوة ، "الله" مَن ؟ قال بعض العلماء : عَلَمٌ على الذات ، وقال بعضهم : علَم على واجب الوجود ، كلمة علم أي اسم ، و عندنا في اللغة اسم العلم ، علَم على واجب الوجود ، أن في الكون واجب وجود و ممكن وجود و مستحيل وجود ، مستحيل أن يكون الجزء أكبر من الكل ، يستحيل أن يكون الابن أكبر من أبيه ، هذه أشياء مستحيلة ، أما الأشياء الممكنة ما سوى الله فممكن ، ممكن أن يكون وممكن ألاَّ يكون ، وإذا كان على ما هو أو على غير ما هو ، أما واجب الوجود فلا بد من وجوده إنه الله ، فكلمة " الله " علم على واجب الوجود ، والله صاحب الأسماء الحسنى كلها ، جُمعت الأسماء الحسنى كلها في " الله " فإذا قلت يا الله ، أي يا رحيم يا قوي يا غني يا جبار يا منتقم يا عليُّ ، إذا قلت : يا الله الأسماء الحسنى مجتمعة في لفظ الجلالة ، الذي هو علم على الذات ، أو علم على واجب الوجود ، هل سمعتم في الأرض كلها أن جهة تستطيع أن تسمي نفسها " الله" ؟ مستحيل ، طبعاً المؤمنون بدافع من إيمانهم و تعظيم ربهم ، أما الكفار والملحدون فلا يجرؤون على هذا، إنهم يعلمون في أعماقهم أن الله سينتقم منهم ، لأن كفرهم ليس أصيلاً ، الكفر و الإلحاد سطحي ، هم في أعماق أنفسهم يشهدون أن الله موجود :

﴿ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾

[سورة الأنعام: 23]

 قال تعالى:

﴿ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾

[سورة الأنعام: 24]

التوحيد هو الدّين كله :

 أيها الأخوة ، قال بعض العلماء : شدة القرب حجاب ، كلمة لا إله إلا الله نقولها في اليوم مئات المرات ، بل إن انحراف المسلمين جعلهم يقولون : لا إله إلا اله عند غضبهم وعند تعجبهم ، و قد يقولها المرء و لا يفقه معناها ، هذه الكلمة البسيطة ، كلمة التوحيد الأولى ماذا تعني ؟ لا إله إلا الله ، فيها نفي و فيها إثبات ، كلمة "إله" ماذا تعني ؟ الإله من الفعل أَلِه ، أي ولِه أحبّ ، الذي يُحب ، و قال بعض العلماء : الإله هو المعبود ، أنت من تعبد أو من ينبغي أن تعبد ، يجب أن تعبد الخالق ، يجب أن تعبد القوي ، يجب أن تعبد الحكيم، يجب أن تعبد العالم ، يجب أن تعبد الرحيم ، إذًا قال بعض العلماء : لا معبود بحق إلا الله ، ليس في الكون جهة تستحق أن تُعبد إلا الله ، فلا إله إلا الله ، لا معبود بحق إلا الله ، الله معبود ، أي يُحب ، أي خالق ، أي ممدٌّ ، أي مسيِّر ، أي رافع خافض ، معز مذل ، معطي مانع ، قوي ، هذا الذي ينبغي أن تعبده ، هل يُعقل أن تعبد ضعيفاً ؟ هل يُعقل أن تعبد من سيفنى و من سيموت ؟ مستحيل ، المعبود الذي يستحق العبادة ولا يستحقها إلا الله ، ليس أهلاً لها إلا الله ، أما إنْ عبدت جهة هذه الجهة تموت ، وإذا ماتت تلاشت كلُّ آمالك ، إذًا ينبغي أن تعبد الحي الباقي على الدوام ، يجب أن تعبد الذي لا يموت ، يجب أن تعبد الذي لا يضعف أمام خصمه ، يجب أن تعبد القوي ، يجب أن تعبد الغني ، يجب أن تعبد ذا العلم ، إذًا لا معبود بحق إلا الله ، هذه الكلمة كلمة التوحيد الأولى تنفي الشركاء و تثبت الوحدانية ، التوحيد هو الدين كله ، بل إن فحوى دعوة الأنبياء جميعاً هي التوحيد ، قال تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

[سورة الأنبياء : 25]

لا إله إلا الله نهاية العلم والتقوى نهاية العمل :

 واللهِ أيها الأخوة لو عقلنا معنى كلمة لا إله إلا الله لانتهينا إلى أقصى درجة العلم حتى إن بعض العلماء قال : لا إله إلا الله نهاية العلم ، والتقوى نهاية العمل ، والحياة علم و عمل ، فإذا علمت أنه لا إله إلا الله تحقيقاً ، وإذا عملت بها فقد وصلت إلى النهايتين ، نهاية العلم و نهاية العمل ، لا إله إلا الله ، الله علَم على الذات ، علم على واجب الوجود ، الله صاحب الأسماء الحسنى ، والصفات الفضلى ، الله الخالق ، الله المربي ، الله المسير ، الله الموجود ، الله الواحد ، الله الكامل ، مَن هو ؟ قال: لا إله إلا هو ، مناقشة بسيطة ، الله عز وجل قال: الله لا إله إلا هو ، إذا كان هناك آلهة غير الله ماذا ينبغي أن تفعل حينما يقول إلهٌ عظيم:

﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾

[سورة طه: 14]

 ماذا ينبغي أن تفعل ؟ لو فرضنا جدلاً أن هناك آلهة ، و أن أحد هذه الآلة قال : لا إله إلا أنا ، ماذا ينبغي أن تفعل ؟ ينبغي أن تبيِّن ، لست وحدك ، نحن معك ، أو : لا إله إلا نحن أنت لست إلهاً ، فالجهة الأخرى إن كانت موجودة على الفرضية يجب أن تصرِّح ، فإن لم تصرِّح هي غير موجودة ، إن لم تعلم ما قاله هذا الإله العظيم إذًا هي ليست في مستوى الألوهية إطلاقاً ، إنْ لم تعلم ، إن علمتْ وسكتت لماذا سكتت ؟ خوفاً لعدم قدرتها على الكلام إذًا ليست آلهة ، حينما قال الله عز وجل:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾

[سورة البقرة : 255]

الله لا إله إلا هو فيها نفي و إثبات :

 من يتوهم أنه إله ينبغي أن يتكلم ، ينبغي أن يصرِّح ، وينبغي ألا يسكت ، أي مجموعة أشخاص في اجتماع ، وجدنا محفظة نقود ، قال رئيس الجلسة : لمَن هذه المحفظة ؟ لك ؟ قال: لا ، لك ؟ قال: لا ، لا أحد ادَّعى أنها له ، دخل شخص قال : نسيت محفظة نقودي، لأن كل الحاضرين لم يتكلموا و لا بكلمة و سكتوا لما قال: نسيت محفظة نقودي لأنهم سكتوا فهي له ، لو كانت لأحدهم لتكلم و لمنع أن تُعطى إليه ، فكرة دقيقة ، لو كانت هناك آلهة أخرى وقال الله عز وجل: لا إله إلا أنا ، فينبغي أن يعلموا أنه قال هذا ، وإلا ليسوا آلهة، الآن علموا فينبغي أن يقولوا ، فإذا لم يقولوا معنى ذلك أنهم ضعفاء فليسوا آلهة ، فكلمة " الله لا إله إلا هو " فيها نفي و فيها إثبات ، فيها نفي الشركاء ، وفيها إثبات الوحدانية ، والإله هو المعبود ، لا معبود بحق إلا الله ، و المعبود هو الخالق ، و المعبود هو المسير ، و المعبود هو الرحيم ، و المعبود هو القوي ، و المعبود من بيده الأمر ، لا يستحق أن يُعبد حقيقة إلا الله ، مَن هو الأحمق ؟ هو الذي يعبد غير الله ، قال تعالى:

﴿ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[سورة فاطر: 14]

 الله لا إله إلا هو هذه كلمة التوحيد ، و الله عز وجل يقول لك:

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾

[سورة محمد]

 أنتم قد لا تشعرون خطورة هذه الكلمة ، أي إذا علمت أنه لا إله إلا الله لا يمكن أن ترجو أحداً إلا اله ، إذا علمت أنه لا إله إلا الله لا يمكن أن تخاف أحداً إلا الله ، إذا علمت أنه لا إله إلا الله لا يمكن أن تريق ماء وجهك إلا لله ، إذا علمت أنه لا إله إلا الله لا تعلق الأمل إلا على الله ، إذا علمت أنه لا إله إلا الله لا يمكن أن تنافق ، لا يمكن أن تستقي ، لا يمكن أن تضعف ، لا يمكن أن تضيّع شيئاً من كرامتك لأن الله أعزّك ، هذه السورة قال عنها النبي صلى الله عليه و سلم : من أعظم سور القرآن ، أنت سوف تأوي إلى الفراش ، والليل فيه مفاجآت ، فيه أخطار ، أنت إذا آويت إلى فراشك و قرأت:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾

[سورة البقرة : 255]

 هو لا تأخذه سنة و لا نوم ، أنت نَم وارتَح ، نم قرير العين ، نم يا عبدي أنا أحرسك في الليل ، أنا معك ، شعور دقيق جداً ، أنت نم وارتح ، أنا لا تأخذني سنة و لا نوم، هذا لسان الحضرة الإلهية .

استمرار المهام هو الحياة :

 أيها الأخوة ، الحيّ ، هل في الفكر فقط ؟ في التصور ، هل يُعقل أن يكون عالماً قبل أن يكون حيًّاً ؟ مستحيل ، العلم بعد الحياة ، والله أنا لي ابن ما شاء الله ، كم عمره ؟ لم يولد بعد ، كلام مضحك ، هل هناك علم قبل الحياة ؟ سبق ذكري ؟ سبق لفظي ؟ هل هناك قدرة قبل الحياة ؟ الصفة التي تسبق في التصور هي من أسماء الذات ، والصفة التي لا نقيض لها الله عز وجل محيي ، و أيضاً مميت ، الله عز وجل معطي ومانع ، الله عز وجل رافع و خافض ، الله عز وجل معز و مذل ، الصفة التي لها نقيض من أسماء الأفعال ، الله يحيي و يميت ، يعز ويذل ، و الصفة التي لا نقيض لها هي اسم ذات ، عندنا اسم ذات واسم أفعال فالله عز وجل حيّ و أنت حيّ ، ما قولك ؟ إذا سألنا عن فلان قيل لنا : فلان حيٌّ يُرزق ، إّذاً هل يعقل أن تكون حياتك كحياته ؟

﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾

[سورة الشورى]

 و كل ما خطر ببالك فالله خلاف ذلك ، إذاً من باب التفصيل ما وجه الفرق بين حياتك و حياته ؟ أنت تُوهب الحياة ، و حينما يأتي الأجل تُسلب الحياة ، توهب وتُسلب ، أما ربنا جل جلاله فليس هناك من جهة وهبته الحياة ، و ليس هناك من جهة تسلبه الحياة ، حيّ باق على الدوام ، فحياته غير حياتنا ، أي الحياة تعريفها صعب جداً ، قال: أن تستمر صلاحيتك لمهمتك دائماً ، مهمة النبات النمو والإزهار و الإيراق و الإثمار ، فإذا مات النبات توقف الإزهار و الإيراق و الإثمار ، إذاً مات النبات ، ما دامت مهمة هذا الشيء مستمرة فهو حيّ ، أنت كإنسان تفكر و تتكلم و تسمع و تنام و تعمل و تضحك و تبكي و تتألم وتفرح ، لو تعبت هذه الصفات معنى ذلك مات الإنسان ، فاستمرار المهام هو الحياة ، الله لا إله ...القيوم " اعبد الحي الذي لا يموت ، أما إذا عبدت الحي الذي يموت فالمشكلة كبيرة جداً :

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾

[سورة البقرة : 255]

شرح لكلمة القيوم :

 القيوم أي قائم على كل نفس بعلمه و تدبيره وتربيته و الأخذ بيده ، قيوم صيغة مبالغة شديد العناية بمخلوقاته ، قائم على كل نفس بما كسبت ، أنت مراقب ، قال تعالى:

﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾

[سورة الفجر: 14]

 كل واحد منكم وأنا معكم حينما تصلح علاقتك بالله تشعر بالراحة ، تشعر بالطمأنينة ، معنى ذلك أن الله قائم عليك ، منحك الطمـأنينة لأنك اصطلحت معه ، منحك السعادة لأنك أقبلت عليه ، ضاق قلبك لأنك ابتعدت عنه ، حُجبت عنه لأنك وقعت في معصيته ، فالله عز وجل قائم على كل نفس بما كسبت ، أنت عندما تكون مع ابنك دائماً إذا تكلم كلمة تقول له : لا تعد هذه الكلمة ، قد تشدّ النظر إليه ، إذا أخذ شيئاً ليس له تمنعه من ذلك ، أنت تدبِّر أمره بشكل مستمر ، هذه من رحمة الله بنا ، الحي القيوم ، قائم على كل نفس بما كسبت ، وكل إنسان مؤمن صادق يشعر بعناية الله له فيحاسبه ، قال لي أحد الأخوة: جاء شخص إلى معملي ليشتري عدة قطع ، قال لي: كبُرت نفسي ، أنا أبيع بالجملة ، أبيع بأربعمئة دزينة ، خمسمئة دزينة ، أبيع قطعة أو قطعتين ، هذا بيع يهينني ، قال له: أنا لا أبيع مفرَّقاً ، قال له: لا تؤاخذني ، فانسحب ، قال لي: والله ثلاثة وثلاثون يوماً لم يدخل معملي إنسان ، فتبت إلى الله ، الآن أبيع قطعة واحدة ، واللهِ أحد الأخوة من كبار مستوردي السحابات في البلد قال لي: امتنعت عن بيع دزينة سحابات فوقف بيعي شهراً ، الآن أبيع قطعة واحدة ، أي أن الله قائم على كل نفس بما كسبت ، كيف تعامل زوجتك ؟ كيف تضبط جوارحك ؟ كيف تتكلم ؟ هناك متابعة من الله ، متابعة شديدة جداً وهذه أعلى درجة من الرحمة ، أين الأب الذي عنده وقت ليتابع ابنه في كل كلمة يقولها ؟ كل كلمة ، و كل حركة ، و كل نظرة ، لا يوجد وقت ، أما ربنا عز وجل فقائم على كل نفس بما كسبت ، قال تعالى:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾

[سورة البقرة : 255]

 أي السنة قبل النوم ، يقال: ذبل فلان ، ضعف ، ثقل رأسه ، كادت أجفانه أن تسترخي ، سبحان الله أحياناً ألاحظ بعض الأخوة في الدرس يتعب و ينام ، قل له : عُد خمسين ألفاً يفرك عيونه كي لا ينام ، لماذا و أنت تعد النقود لا تنم أما في شرح آية ، في شرح حديث ، في قضية مصيرية تنم ؟ الله عز وجل قال:

﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾

[سورة البقرة : 255]

 نم و لكن الله لا ينام ، عين الله لا تنام ، لا سنة و لا نوم ، تفصيل ، فالله قائم على كل نفس بما كسبت قال تعالى:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾

[سورة البقرة : 255]

الله عز وجل له ما في السموات والأرض إيجاداً و تصرفاً و مصيراً :

 "له" هذه لام الملك ، كل ما في السموات و الأرض له ، ما نوع هذا الملك ؟ أي خلقاً و تصرفاً و مصيراً ، هو الخالق إذاً مالك ، أنت تشتري الحاجة تملكها لكن لا تصنعها ، تشتري السيارة هي الآن ملكك في السجلات الرسمية ، إنك لم تصنعها فكيف لو صنعتها قطعة قطعة و أداة أداة ؟ أبلغ ، تدفع الثمن تملكها ، فكيف إذا صنعتها أنت ؟ أبلغ ملكية أن تصنع هذه المركبة بكل تفاصيلها ، أحيانا فنان يرسم لوحة ، كل ضربة ريشة عبّر بها عن شيء ، يقول لك: أنا وجودي في هذه اللوحة ، لأن هذه اللوحة من إبداعه ، الفرق كبير بين أن تشتري هذه اللوحة و بين أن تكون أنت الذي رسمتها ، فرق كبير جداً ، تصور لو أنك صنعت شيئاً متقناً ، أخ من يومين أطلعني على كتاب مهم جداً ، هناك من مزَّقه له ، مزق له بطاقة الطائرة ، هناك خصومة بين طالبين ، دفتر سليم ، و كتاب سليم بطاقة لها ثمن غال ، جاء من مزَّقها ، الإنسان بنيان الله ، و ملعون من هدم بنيان الله ، إذا أنت أخذت إنساناً و ضيَّقت على إنسان أو احتلت على إنسان أو ابتززت مال إنسان ، هذا الإنسان بنيان الله ، وملعون من هدم بنيان الله ، "له " أول أنواع الملكية أنه خالق ، ثاني أنواع الملكية أنه متصرف ، هو صنع والأمر بيده ، الإنسان أحياناً يكون مالكا لبيت و لكن ليس له مستأجر قبل السبعين ، لا ينتفع به إطلاقاً ، فهنا :

﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾

[سورة البقرة:255]

 الكون كله ملكه خلقاً و تصرفاً و مصيراً ، أنت قد تملك و لا تنتفع ، إنسان له بيت أجَّره ، أصبحت منفعة هذا البيت ملكاً للمستأجر ، إذاً إنسان مستأجر بيتاً لا يملكه ، انتفع و لا يملك ، يملك ولا ينتفع ، و ينتفع ولا يملك ، إنسان ملك وانتفع ، ساكن في بيته تفاجأ بقرار تنظيم ، البيت استملِك ، وصار شارعاً ، مصيره ليس بيده ، دقق معنا ، مالك لا ينتفع ، ينتفع و لا يملك ، ويملك و ينتفع ، المصير له ، قال بعض علماء التوحيد: الله عز وجل له ما في السموات والأرض إيجاداً و تصرفاً و مصيراً ، إليه المصير ، و بيده التصرف ، وهو الذي أوجد و خلق ، هذا معنى " له" .

الله عز وجل لا يقع شيء في ملكه إلا بإرادته :

 الآن من لوازم " له ما في السموات وما في الأرض ، أنه لا يقع شيء في ملكه إلا بإرادته ، لذلك : كل شيء وقع أراده الله ، و كل شيء أراده الله وقع ، لا يليق بذات الله العلية أن يقع في ملكه ما لا يريد ، فإذا وقع شيء أراده الله ، وإذا أراده وقع ، أي معلومة متعاكسة ، الكلام دقيق و خطير صار هناك إعصار في بلد ، ما دام أن هذا الإعصار وقع إذًا أراده الله ، صار هناك مجاعة في بلد ، ما دامت هذه المجاعة قد وقعت أي أرادها الله عز وجل ، كل شيء وقع أراده الله ، بالمقابل ، كل شيء أراده الله وقع ، إذاً الله عز وجل حرّم شيئاً و إنسان فعله تحدِّيًا في الأعمِّ الأغلب الله عز وجل سيعاقبه ، فإذا توعد الله عز وجل من يعصيه بالدمار قال تعالى:

﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾

[سورة البقرة: 279]

 الله عز وجل توعد المرابين بحرب ماحقة مهلكة ، الآن أراد الله أن يمحق مالهم، فلا بد أن يُمحق مالهم ، فكل شيء وقع أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، إرادته متعلقة بالحكمة المطلقة ، وحكمته متعلقة بالخير المطلق .
 واللهِ أيها الأخوة ، هذه المقولة على إيجازها و قصرها لا يمكن أن تبقي في نفس المؤمن قلقاً ، وقع أراده الله ، مرة أستاذ لنا في الجامعة ذهب إلى مؤتمر الصحة النفسية في ألمانيا و كان مندوب سورية ، حدثنا فقال : قلت لهم ببساطة : تكاد الأمراض النفسية أن تكون قليلة جدا أو معدومة في بلادنا ، لسبب بسيط جداً هو أن أهلنا يؤمنون بالله ، إنسان مستسلم لله، إذا منحه شيئاً فهو شاكر ، و إن لم يمنحه فهو صابر ، هكذا ترتيب ربنا ، هذا قضاء الله و قدره ، قال تعالى:

﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾

[سورة البقرة: 279]

علاقة الإنسان مع الله و ليست مع الناس :

 الآن:

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾

[سورة البقرة: 255]

 الشفع والوتر ، الشفع الزوج ، أي من يستطيع أن يصل إنساناً بإنسان ؟ إنسان قوي أعان ضعيفاً ، أو إنسان قوي دمَّر ضعيفاً ، أو إنسان غني منح فقيراً ، أو إنسان غني استغل فقيراً ، عقرب لدغ إنساناً ، أفعى لدغت إنساناً ، إنسان شرير أوقع الأذى بإنسان آخر ، من ذا الذي يشفع عنده في ملكه إلا بإذنه ، أي يصيب الإنسان بعد أن يأذن الله و يرضى ، علاقتك مع الله و ليس مع الناس ، هذا التوحيد مريح جداً ، ينفي الحقد من قلبك ، لا يوجد حقد ، ينفي العبثية ، أكثر الناس من شدة ضعف توحيدهم ، نقصني علامة ، ذهب مستقبله كله، خسرت دراستي في أوروبا من أجل علامة ، أو يقول لك : فعلت هكذا جاءت رصاصة طائشة في عرس ، لا حول له ، لو عمل هكذا لم يمت ، لكل شيء حقيقة ، و ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، و ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، قال تعالى:

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾

[سورة البقرة: 255]

 لا رصاصة ولا شظية ، شظية طائشة لا توجد عندنا في الدين ، هناك شظية مسوَّمة عليها اسم صاحبها ، شظية مسومة ، هذه لفلان ، لكل شيء حقيقة ، و ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، و ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، مهندس عرسه بعد أيام ، كان في بناء يلقون الحديد من مكان مرتفع إلى كومة رمل بطريقة مألوفة هنا جاء أحد أسياخ الحديد في رأسه فمات فوراً ، نحن نحاسب المذنب ، و لكن الشيء حينما يقع أراده الله ، لا يمكن إلا و أن يقع.
 أخواننا الكرام ، هذه الأفكار مريحة جداً ، تخفِّف الضغط النفسي ، تخفف الندم، تخفف الحقد ، تخفف الضياع ، كل شيء وقع أراده الله ، كل شيء أراده الله وقع ، معقول الله عز وجل يقع في ملكه ما لا يريد ، إذا كان مدير مستشفى حازماً ، مدير مؤسسة ، معقول أن يقتحم إنسان المكان و يبلغ الناس شيئاً ، و المدير العام ليس عنده علم ؟ مستحيل ، المدير الحازم يعلم كل شيء في مملكته الصغيرة ، و لا يستطيع إنسان أن يتحرك حركة من عنده إلا باستئذان ، فما معنى أنّ الله عز وجل يقول:

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾

[سورة البقرة: 255]

 يستطيع لصٌّ أن يدخل بيتاً إلا أن يأذن الله له ؟ يستطيع إنسان يسوق سيارته و يصدم إنساناً فيصيب عموده الفقري ولا دخل لله في ذلك ؟ مستحيل ، قال تعالى:

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾

[سورة البقرة: 255]

 أنت نم قرير البال ، إذا كنت مع الله كان الله معك ، هذه معان مسعِدة جداً ، هذه معان مطمئنة ، هذه معان تجعل أعصابك باردة ، هذه معاني تجعلك متفائلاً بالمستقبل ، عليَّ أن أطيعه ، عليّ أن أستقيم على أمره ، عليّ ألاّ أؤذي عباده فقط ، وعليه هو أن يحفظني قال تعالى:

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾

[سورة البقرة: 255]

 من يجرؤ أن ينالك بأذى إن لم يرد الله عز وجل ؟

الله عز و جل عالم الغيب و الشهادة :

 ثم قال تعالى:

﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾

[سورة البقرة: 255]

 ما بين اليد أمامك ، و ما خلفك وراءك ، مبدئياً ما بين اليد أمامك الذي تراه بين عينيك ، و ما خلفك فلا تراه ، أعمق من هذا ، ما بين يديك علم الشهود ، و ما خلفك عالم الغيب ، عندنا عالَمان ؛ عالَم الشهود ، و عالَم الغيب ، هو يعلم عالم شهودك و عالم غيبك ، إنسان عنده ولد عمره ثماني سنوات مثل الملَك ، هذا في الستين ما وضعه ؟ من هذا ؟ يا ترى عالم كبير ؟ يا ترى مجرم كبير ؟ يا ترى تاجر كبير ؟ يا ترى محامي كبير ؟ يا ترى يموت في الستين أم في الثامنة عشرة ؟ إنسان رحمه الله كان منشداً مات في المئة و الأربع سنوات ، من وقت ما نشأنا نعرف صورته ، إنسان يموت خطفاً في ثوان ، في الثلاثين ، في الخامس و العشرين ، عالَم الغيب مَن يعلمه ؟ مرة قرأت في كتاب أن إنساناً عنده فتاة جميلة جدا ، والبنت أقرب شيء لوالدها ، توفيت كاد قلبه يتفطر ، محبة الأب لبناته شيء لا يُتصور، يسعني لو أن الله أطلعه أن هذه البنت إذا كبرت ستكون زانية ، فإذا قرَّبها الله في سن مبكِّر هل يتألم ؟ هذا معنى قولهم : "لو كُشف الغطاء لاخترتم الواقع " أحياناً تُمنع من سفر، تقيم في بلدك ، هناك روحانية ، ودين و لك مسجد ، و لك شيخ ، مستقيم طاهر ، عندك مجلس تحلق روحانياً ، أنت تعرف لو سافرت اختلف وضعك كلياً ، أنا لاحظت الإخوان المقيمين في بلاد الغرب وبأمريكا مع مضي الزمن يألفون حياتهم و قيمهم و عاداتهم وتقاليدهم، حتى وأفكارهم ، حتى و معتقداتهم مثلاً هنا في بلادنا - لا سمح الله و لا قدّر - لو أنّ فلاناً شاذاً ، شيء حقير جداً ، أحقر من الحقير ، بينما تذهب إلى بلد آخر تجد مديرًا عاماً لشركة شاذاً وضع قراراً أن أيَّ إنسان شاذ يُمنح هو و شريكه تعويضاً عائلياً ، هل تصدِّق أن في كندا يُمنح الجنسية الكندية أيُّ شاب أحب فتاة كندية ، وأيُّ شاب له شريك جنسي كندي ، هذا في قانونهم ، إذا هناك اثنان شاذان واحد منهم كندي شريك الثاني يُمنح الجنسية الكندية إكراماً لهذا الشريك الشاذ ، إذا عاش الواحد في بلاد الغرب ، واللهِ دخلتُ لسان فرانسيسكو خمسة و سبعين منها شاذين ، هذه عاصمة الشواذ ، ما لمحت طفلاً طول النهار أبداً ، كلهم رجال ، فإذا عاش الواحد معهم يألفهم ، حاكم ولاية ، قاض كبير ، مدير عام شركة ، شاذ ، واللهِ مرة قرأت في صحيفة تشرين الدمشقية تصريحاً لوزير الصحة البريطاني قال : أنا شاذ جنسياً والله استغربت ، وزير صحة يصرِّح عن نفسه بهذا ، مهمة وزير الصحة مكافحة الإيدز أليس كذلك ؟ أحد أكبر أسباب الإيدز الشذوذ ، فكيف تفهم هذا من وزير صحة مهمته مكافحة مرض الإيدز وأحد أكبر أسباب الشذوذ ؟ فعالم الغرب إذا عاش الواحد معه يقتنع بأفكاره ، يقنع بانحرافاته ، يقنع بقيمه ، الأبلغ من ذلك ينضم للجهة المعادية للمسلمين و ينتقد المسلمين إذا كان هناك عمل وطني أو عمل إسلامي يقول : أزعجونا يا أخي، أحرجونا أمام بلادنا ، قال تعالى :

﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾

[سورة البقرة: 255]

 أي يعلم عالم الشهود وعالم الغيب ، والغيب بيد الله عز وجل ، هو يعلم ، لما هذه السورة قال النبي عنها : هي أعظم آيات القرآن ، واللهِ كلام طيب .

عدم إحاطة الإنسان بشيء إلا بقدرة الله عز وجل :

 قال تعالى:

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾

[سورة البقرة: 255]

 سؤال : إذا قلنا : يعلم ما بين أيديهم ، هل ينفي أن يعلم إنسان شيئاً آخر ؟ إذا قلت : أنا أعلم أيام الأسبوع ، تعلمها وحدك ، ممكن إنسان يعلم ، أما القسم فقال تعالى:

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾

[سورة البقرة: 255]

 يا أخي عرفوا نوع الجنين في الرحم ، واضحة جدا ، أولاً : هذه تحت هذه الآية قال تعالى:

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾

[سورة البقرة: 255]

 شاء لهذا الإنسان أن يعلم ، الله شاء له ، الله سمح ، كان شيئاً مغلقاً فكشفه الله ، الشيء الثاني ، قال تعالى:

﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾

[سورة لقمان: 34]

 غير ويعلم من في الأرحام ، لو أن الله قال : يعلم من ، أي ذكر أو أنثى ، أما يعلم ما ، فهل تصدقون ؟ واللهِ شيء مثل الخيال ، واللهِ قرأت موضوعاً أن الحوين المنوي هو عبارة عن خلية ، لهذه الخلية نواة ، على هذه النواة خمسة آلاف مليون معلومة مبرمجة ، الآن عرفوا مئة في المئة ، علم الوراثة عرفه مئة ، يقول لك: هناك مورِّث و سرطان ، هناك مورثات البدانة ، تجد صحته ممتلئة يأكل بزيادة ، و النحيف أكله قليل ، يأكل أكلاً بسيطاً جداً لا يرغب في الأكل ، الثاني يرغب ، فيه مورث ، أحد مورثات البدانة ، مورث السرطان ، مورث مثلاً الطول ، أنت مبرمج ، عرفوا الآن مئة ، أما هي فخمسة آلاف مليون معلومة مبرمجة ، فإذا الله قال : يعلم من في الأرحام ، عرفوها الآن ، أي ذكر أو أنثى ، أما الله فلم يقل : مَن ، قال:

﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾

[سورة لقمان: 34]

 أي خمسة آلاف مليون معلومة سوف تشكل هذا الإنسان. لي صديق أنجب توأماً من الإناث من بويضة واحدة ، أي أبلغ تشابه ، هناك توأم من بويضتين ، المبيض يطرح بويضتين ، كل بويضة يلقحها حوين يصير هناك توأم من بويضتين ، أما أن تُلقَّح بويضة واحدة وتنقسم قسمين ، يكاد التشابه تاماً ، قال لي: واللهِ ازدادت معرفتي بالله من هاتين البنتين، كل واحدة بطبع ، واحدة هادئة جداً ، وواحدة متحركة جداً ، من بويضة واحدة ، فالله عز وجل إذا كشف للإنسان شيئاً فإنه سمح له ، كل إنجازات العصر سمح الله بها ، الآن عملوا استنساخا إذا نجح يكون الله قد سمح ، و إذا لم ينجح الله لم يسمح ، ارتح ، قال تعالى:

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾

[سورة البقرة: 255]

 شاء لهم أن يعلموا فعلموا ، لم يشأ لم يعلموا ، وانتهى الأمر ، معقول الإنسان يختل توازنه بمقالة قرأها ، أين إيمانه هذا ؟ بصراحة أحياناً تزيد عموداً فرضاً قطره عشرة سنتيمتر وطوله ثلاثة أمتار ، وتوقفه ، لو دفعته بأصبعك لوقع ، هناك إيمان هكذا ؟ عمود طويل طوله هكذا وقفته بصعوبة ، ليس فقط بأصبعك ، إذا هبَّت رياح يقع ، وهناك جبل ، إذا كان هناك رياح عاتية جداً يتحرك هذا الجبل ، ليس هناك قوة تحركه ، هناك إيمان كالجبل ، وهناك إيمان كالعصا ، وقفتها بصعوبة ، هناك شخص إيمانه ضعيف جداً ، لا يجد كلمة و لا يجد مقالة ، لا يجد شيئاً جميلاً فيُفتن به و ينتهي ، أحياناً هناك أخ يحضر دروساً ، فإذا تزوج اكتفى ، لعبت بعقله البنت ، أين الإيمان ؟ عاهدنا رسول الله على الطاعة في المنشط و المكره، في إقبال الدنيا و إدبارها :

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ﴾

[سورة البقرة: 255]

 أي وسع علماً :

﴿ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾

[سورة البقرة: 255]

 لا يتعبه حفظهما ، الكون مئة ألف مليون مجرة ، و كل مجرة مئة ألف مليوننجم، وكل نجم يتحرك في مسار مغلق ، تحريك الأرض سهل ؟! أحياناً ترى في معامل الرخام مثلا كتلة مليمتر ونصف على متر و نصف ، وزنها حوالي خمسون طنًّاً ، كتلة رخام تحريكها سهل !؟

آية الكرسي من أعظم آيات القرآن الكريم :

 أيها الأخوة ، إذا قال عليه الصلاة والسلام: " هذه الآية أعظم آي القرآن..." ينبغي أن نعلم أنها عظيمة ، وهذه بعض ما وُفَّقت لشرحه من معاني هذه الآية ، وقبل أن ننام نقرأ آية الكرسي ، تشعر أن الله هو الحافظ وهو الناصر وهو المؤيِّد وهو الموفِّق ، وهو الذي يعلم ما كان و ما يكون وما سيكون ، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون ، علم ما كان ، و علم ما يكون ، وعلم ما سيكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون ، أي أنت ما شاء الله حولك ممتاز ، أما لو معك حوالي ألف مليون لا نعرف ماذا سيحدث معك مثلاً ، من يعرف ؟ الله يعلم ، أما أنت فلا تعلم ، على هذا الوضع ممتاز ، أما على أكثر فلا نعرف ، كل إنسان له وضع ، لذلك الإمام الغزالي قال: ليس في الإمكان أبدع مما كان ، أو ليس في إمكاني أبدع مما أعطاني .
 أيها الأخوة ، قال تعالى :

﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً ﴾

[سورة الكهف: 109]

 أنا لا أعتقد أن هناك كلاماً يستحق أن تفهمه ، وأن تعمق فهمك له ، و أن تكرره، وأن تتمثل معانيه ، وأن تعظِّمه ككلام الله عز وجل ، وهذا من كلام الله ، ومن نصيحة النبي عليه الصلاة والسلام أن تقرأ هذه السورة إذا واجهك مكروه ، إذا الإنسان أراد أن يسافر فليقرأ هذه السورة :

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾

[سورة البقرة: 255]

 هناك مليون خطر في السفر ، مليون مشكلة ، الإنسان لا يعرف متى الأجل ، لا يعرف على أي طريق الأجل ، الله يعلم ، فإذا قرأ هذه السورة أو هذه الآيات فهو في حفظ الله.

تحميل النص

إخفاء الصور