وضع داكن
24-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 061 - أكبر الكبائر
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

انتبه إلى هذا الحديث :

يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح, الذي رواه الإمام البخاري:

((أكبر الكبائر: الإشراك بالله, وقتل النفس, وعقوق الوالدين, وقول الزور))

هذه ليست كبائر, بل هي من أكبر الكبائر متدرجة, هذه الأعمال من أكبر الكبائر, التي يمكن أن يقترفها الإنسان.

اعلم ذلك :

أيها الأخوة, ومن أكبر أكبر هذه الكبائر: الإشراك بالله, لأن الله سبحانه وتعالى:

﴿لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾

[سورة النساء الآية:48]

الإنسان قد يرتكب عشرات الأخطاء, لكن الطريق إلى الله سالك, أما هناك خطأ واحد, وهو الشرك بالله, هذا الذنب لا يُغفر.

ما هي الذنوب التي يغفرها الله, وما هي الذنوب التي لا تترك؟ :

ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

((أن هناك ذنباً يغفر, وأن هناك ذنباً لا يغفر, وأن هناك ذنباً لا يترك))

فما كان بينك وبين الله يغفره الله, لأن حقوق الله مبنية على المسامحة, وما كان بينك وبين العباد لا يُترك, لأن حقوق العباد مبنية على المشاححة, وحقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو المسامحة, في حالتين؛ إما أن تؤدي الحق, وإما أن يسامحك أخوك عن طيب نفس, من دون ضغط أو إكراه, إذا تمت مسامحة بين العباد, ربنا جل جلاله: يبارك هذه المسامحة, ولا يتدخل.
لذلك: النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا مات أحد أصحابه, ودعي إلى الصلاة عليه, يسأل:

((أعليه دين؟ فإن قالوا: نعم, يقول: صلوا على صاحبكم, ولا يصلي عليه))

مع أنه من أصحابه, وربما خاض معه المعارك, وربما كان مجاهداً في سبيل الله.
بل إن النبي -عليه الصلاة والسلام- استفتي مرة, فيما إذا كان الشهيد تُغفر له كل ذنوبه, فأجاب بالإيجاب, ثم جاءه جبريل مستدركاً, قال للذي سأله:

((-تعال- يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين))

[أخرجه مسلم في الصحيح]

حتى في بعض الأحاديث: لو أن الإنسان مات شهيداً, ثم عاش, ثم مات شهيداً, لا يُغفر له الدين أبداً.
والدين ...... أحاديث كثيرة جداً, وردت في الترغيب والترهيب, تحذر من الدين؛ يجب أن تستقرض لأمر خطير, ويجب أن تستقرض ومعك ما يكافىء هذا الدين؛ عقار, أو شيء ثابت.
لو أن صاحب الدين طالب بدينه, هناك ما يباع لأمر أساسي, وعندك ما يكافىء الدين, وإلا يبقى معلقاً بدينه إلى يوم القيامة.
والإنسان قبل أن يستقرض, ليعد إلى الألف, لأن المال شقيق الروح.

((من أخذ أموال الناس يريد أداءها, أدى الله عنه, ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها, أتلفه الله))

[أخرجه البخاري في الصحيح]

إليكم هذا المثال لتوضيح معنى الشرك بالله :

((أكبر الكبائر: الشرك بالله))

البارحة: كان في درس في جامع النابلسي, درس تفسير, ضربت لهم مثلاً عن الشرك, مألوف:
إنسان له في حلب مبلغ كبير, وليكن مليون ليرة, إذا وصلها الساعة الثانية عشرة ظهراً, قبض المبلغ, بعد هذا الوقت: لا يأخذ شيئاً, ركب قطاراً, يمكن أن يرتكب أخطاء كثيرة في هذا القطار؛ يمكن أن يدفع ثمن تذكرة من الدرجة الأولى, ويجلس في الدرجة الثالثة, هذا خطأ, جلست في مكان أقل مما دفعت, ويمكن أن يجلس عكس اتجاه القطار, يصاب بالدوار, ويمكن أن يجلس مع شباب غير مهذبين, ينزعج طوال الطريق, ويمكن أن يكون جائعاً, ولا يعلم أن في القطار مطعم صغير, ويمكن ويمكن .......
مع كل هذه الأخطاء: القطار في طريقه إلى حلب, وسيصل في الوقت المناسب, وسيأخذ المبلغ, أما هناك خطأ لا يغتفر, كبير, كبير, كبير: هو أن يركب قطار درعا خطأ, هذا القطار على فخامته, لا يوجد فيه ولا مشكلة, ركب في الدرجة الأولى, والمناظر جميلة جداً في الربيع, وقدمت له ضيافة راقية, وكان في الغرفة وحده, وكل شيء ميسر؛ لكن مشى بعكس هدفه, لم يأخذ شيئاً من هنا.
فهذا الخطأ لا يُغفر مع أخطاء كثيرة؛ ما دمت متجهاً إلى حلب, وسوف تصل في الوقت المناسب, القضية سهلة, أما إذا أخذت أفخم قطار, واتجهت عكس المراد, هنا الطريق مسدود.

إليكم معنى مفهوم الذنب الذي يغفره الله, ومعنى الشرك الذي لا يغفره :

فالشرك ......
انظر: إن توجهت إلى الله, وعندك ذنب, يغفره الله لك, إن توجهت إلى الله, وقد قصرت في أداء واجب, يغفره الله لك, إن اتجهت إلى الله, وفي صلاة فاتتك, يغفرها الله عز وجل, أما إذا اتجهت إلى غير الله, لن تجد شيئاً, لن تحصل شيئاً؛ لن تسعد, لن تغتني, لن تطمئن:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ﴾

[سورة النساء الآية:48]

لذلك:

((أكبر الكبائر: الإشراك بالله))

ما هو الإيمان الذي يقبله الله وينجي صاحبه من العقاب؟ :

أيها الأخوة, أما أن تعتقد أن الله خلق الكون, قضية اعتقدها إبليس, وهذا الإيمان يسمى إيمان إبليسي؛ لأن الله عز وجل قال:

﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾

[سورة ص الآية:81]

أما الإيمان المنجي: هو أن تؤمن بأن الله لا إله إلا هو, واحد لا شريك له:

﴿فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾

[سورة الزخرف الآية:84]

﴿مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾

[سورة الحديد الآية:4]

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾

[سورة هود الآية: 123]

﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾

[سورة فاطر الآية:2]

﴿لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾

[سورة الأعراف الآية:54]

﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾

[سورة الزمر الآية: 62]

﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾

[سورة الأنفال الآية:17]

﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾

[سورة الكهف الآية:26]

﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾

[سورة الفتح الآية:10]

هذا الإيمان: ألا ترى مع الله أحداً.
كم من قوة في الأرض يرهب جانبها؟ إلا المؤمن؛ لا يخشى إلا الله, ولا يرجو غير الله , ولا يتجه إلى غير الله, ولا يعلق الأمل على غير الله, ولا يخاف غير الله, هذا هو التوحيد, وإلا إشراك.

أنواع الشرك بالله :

الإشراك نوعان: جلي وخفي؛ جلي في الجاهلية, وخفي بعد الإسلام.
في الجاهلية كان في أصنام:

﴿وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً﴾

[سورة نوح الآية:23]

هذه آلهة, كانت تعبد من دون الله؛ لكن بعد الإسلام:

((إن الشيطان يئس أن يعبد في أرضكم؛ ولكن رضي فيما دون ذلك من الشرك الخفي))

إذاً:

((أكبر الكبائر: الإشراك بالله))

الإشراك بالله: أكثره خفي, وليس جلياً.
يعني: أنت حينما تعلق الأمل على المال وحده .......
يقول لك: الدراهم مراهم, تحل كل مشكلة, ماذا تكلم؟ نطق بالشرك وهو لا يدري, هذه الكلمة قد تحتاج إلى تأديب كبير, هذا الإنسان الذي يقول هذا الكلام, قد يصاب بمشكلة, لا يحلها المال أبداً.
ففي كلمات كلها شرك, فلانة إلى كبري, لن أزوجها ........
أحياناً: فتاة يعني يفوتها قطار الزواج, ماذا تقول أمها؟ هذه تركتها إلى كبري, ومن أدراك أنك سوف تصلين إلى هذا السن؟.
قالت:

((لقد أكرمك الله -سمعها النبي- قال: ومن أدراك أن الله أكرمه؟ قولي: أرجو الله أن يكرمه, وأنا نبي مرسل, لا أدري ما يفعل بي, ولا بكم))

فالإنسان ليبتعد عن الشرك, لأن الشرك ذنب لا يغفر, والشرك الجلي غير موجود, والموجود الشرك الخفي.
ورد في بعض الأحاديث:

((الشرك أخفى من دبيب النملة السمراء, على الصخرة الصماء, في الليلة الظلماء, وأدناه أن تحب على جور, وأن تبغض على عدل))

يعني: أحياناً الإنسان: له صديق غير مستقيم, جائر, لكن هذا الصديق غني, فإذا دخلت عليه, رحب بك أشد الترحيب, وأكرمك, وأعطاك, أنت تحبه على جور, هذا شرك, أحببته على جور, هذا شرك, هذا ليس من كمال الإيمان, أما إذا أحببت مؤمناً مستقيماً, هذا من كمال الإيمان.

من أمثلة الشرك بالله :

الحب في الله عين التوحيد؛ أن تحب رسول الله, أن تحب أصحاب النبي, أن تحب كل مؤمن, أن تحبه حباً حقيقياً, أما أن تحب إنساناً جائراً, لأنه يعطيك, هذا شرك, هذا حب على جور, أو أن يأتي إنسان صالح, قدم لك نصيحة أزعجتك, فأبغضته, هذا البغض: نوع من الشرك.
أن تبغض على عدل, وأن تحب على جور.

((الشرك أخفى من دبيب النملة السمراء, على الصخرة الصماء, في الليلة الظلماء, وأدناه أن تحب على جور, وأن تبغض على عدل))

هذا وصف سيدنا علي للشرك.
أحياناً الإنسان: يفكر تفكيراً شركياً, يتوجه توجيهاً شركياً.
لو أنك سمعت النشرة الجوية, فإذا هناك منخفض جوي قادم من أوروبا, متمركز فوق قبرص, في طريقه إلينا, وبعد أيام سوف تمطر السماء أمطاراً غزيرة؛ إن لم تر هذا رزق الله ساقه إليك, إن لم تر يد الله تسوق هذا المنخفض, فهذا نوع من الشرك, لذلك قال تعالى:

﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾

[سورة يوسف الآية:106]

يعني: إذا اعتقدت أن هذا المنخفض: هو الذي يأتي بالمطر, كتلة غيوم متجهة نحو القطر, أما إن رأيت الله يسوقها, ويرسل هذا الغيم رزقاً للعباد؛ من أجل البهائم الرتع, والأطفال الرضع, والشيوخ الركع, هذا توحيد.

هذا التوحيد :

يعني: أحد أخواننا البارحة, قدم لي نشرة جوية لمحافظة دمشق فقط, الشيء المدهش: أكثر من عشرة أماكن, أو خمسة عشر مكاناً؛ 60, 65, 97, 72, 83 مقابل 3 ملم,2, 1 العام الماضي, 93 مقابل 3, 86 مقابل 2, إذا أعطى أدهش.
إن رأيت هذا رزقاً للعباد, ساقه الله إلينا؛ ليفجر الينابيع, لترتع البهائم, ليرضع الصغار, ليأكل الكبار, هذا توحيد.

احذر من أن تقترف هذا الذنب :

أيها الأخوة,

((أكبر الكبائر: الإشراك بالله, وقتل النفس, وعقوق الوالدين, وقول الزور))

كما قلت قبل قليل: هذه ليست كبائر, هي من أكبر الكبائر, والإنسان يظل بخير, ما لم يسفك دماً.
أنا أؤكد لكم: أن الإنسان إذا حضر مجلس علم, ونور الله قلبه بهذا العلم, وعرف ما له وما عليه, وعرف الحدود فلم يتجاوزها, وعرف الحلال والحرام, عرف الخير والشر, عرف ما ينبغي وما لا ينبغي, هو على بصيرة من أمره, هذا الإنسان لن يصل إلى القتل, في سلام, لأن الله يهديهم سبل السلام, ليس سلاماً واحداً, سلام مع ربه؛ يدافع عنك, ويؤيدك, ويحفظك, وينصرك, ويوفقك, سلام مع أهله, سلام مع أخوانه, سلام مع جيرانه.
فتجد المؤمن كالكوكب الدري, أبعد الناس عن أن يتورط في جريمة, أما الشيطان .....
لما القبطي وكز الإسرائيلي, ماذا قال سيدنا موسى؟:

﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾

[سورة القصص الآية:15]

قصة مؤلمة :

حدثني أخ في الشام, وقعت جريمة, أساسها: إنسان شاب, تائه, شارد, دخل إلى ملهى, رأى راقصة أعجبته, فخطبها, فتزوجها, ثم اكتشف أن في حياتها ألف رجل ورجل؛ اتصالات يومية, وأصحاب, وأصدقاء, ولقاءات, لم يحتمل, عنفها, وبخها, هربت إلى بيت أهلها, متعلق بها, استرضاها, طلبت منه مئة ألف, تُضاف إلى مقدمها, كتب لها مئة ألف, ما إن كتب لها المئة ألف, حتى هربت ثانية, وأقامت عليه دعوى, تطلب المبلغ نقداً, وإلا يسجن, فلما عرف هذا المطب الذي وقع به, أخذ سلاحاً, واتجه إلى بيت أهلها, أطلق النار عليها, وعلى أمها, وعلى أختها, وشعر أنه مقتول, فأطلق النار على نفسه, مات وحده, ونجا الثلاثة:

﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾

[سورة القصص الآية:15]

قصة من واقعنا :

إنسان آخر: سائق سيارة, استوقفته فتاة, ترتدي عباءة: إلى أين يا أختي؟ قالت: إلى أين تريد, خذني إلى أي مكان تشاء, فهم, وعد هذا غنيمة, ولما قضى وطره منها, قدمت له ظرفين؛ ظرف فيه رسالة, وظرف فيه خمسة آلاف دولار, فلما ذهب ليصرف المال, إذا بها مزورة, وضع السجن, ولما فتح الرسالة, وجد فيها سطراً واحداً: مرحباً بك في نادي الإيدز:

﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾

[سورة القصص الآية:15]

آلاف القصص, آلاف الجرائم؛ المؤمن الذي له مجلس علم, نور الله قلبه بالعلم, على بينة من ربه, على صراط مستقيم, على منهج واضح, له اتصال بالله, له أخوة في الله؛ يسددون خطاه, يرشدونه, يأخذون بيده, لا يمكن أن يصل إلى هذا الطريق.
لذلك: أكبر الكبائر: الإشراك بالله, وقتل النفس.
ويظل المسلم بخير, ما لم يسفك دماً.

الشرك يؤدي إلى سفك الدم :

أيها الأخوة, الإنسان أحياناً, الشرك يؤدي إلى سفك دم.
تاجر أقمشة عنده موظف, اختلف معه, طرده, جيد, لا يوجد مانع, هذا الموظف أخبر الجهات المسؤولة: أن عنده مستودعاً, فيه أقمشة مهربة, جاء البلاء الأعظم, ضبطت البضاعة -وكلف وقتها قبل اثنتي عشرة سنة, كلف بثمانمئة ألف, يعني مبلغ خيالي, يساوي ثمانية ملايين, عشرة ملايين- ما كان من هذا صاحب المحل: إلا أن قتل هذا الموظف.
الآن: محكوم ثلاثون سنة, مضى منها اثنتا عشرة سنة؛ لو كان موحداً, لو أنه رأى أن هذا فعل الله, ولعل الله يغفر له, لو أنه رأى أن هذا فعل الله؛ لعله تأديب, لعله تربية, لعله ...... رضي بقضاء الله, لبقي مع أهله, وعوض الله عليه.
أنا أقول لكم قصصاً واقعية, البلد مليئة بالقصص, الذي له مجلس علم محصن .......
يا بني! العلم خير من المال؛ لأن العلم يحرسك وأنت تحرس المال, والمال تنقصه النفقة, والعلم يزكو على الإنفاق.
يا بني! مات خزان المال وهم أحياء, والعلماء باقون ما بقي الدهر؛ أعيانهم مفقودة, وأمثالهم في القلوب موجودة.

هذا ما يقع به الإنسان الجاهل البعيد عن مجالس العلم الشرعي :

مرة أخ, بعد ما انتهت الخطبة, قال لي: عندي سؤال, لي عندك مشكلة, أرجو أن تصغي إلي, أصغيت إليه:
عنده زوجة خائنة, وله منها خمسة أولاد, وهو يشك أن كل هؤلاء الأولاد: ليسوا منه, حسناً: مع من تخونك؟ قال لي: مع جارنا, كيف تعرف عليها جارك؟ قال لي: والله أنا السبب, كان عندنا في البيت, قلت لها: تعالي أم فلان, هذا مثل أخيك, من هنا بدأت.
لماذا يجب أن تحضر مجلس علم؟ لتعرف ما ينبغي وما لا ينبغي, ما يجوز وما لا يجوز, الحلال والحرام, المنهج الصحيح.
الشرع حبل الله المتين, من أمسك به نجا.
يعني: مستحيل إنسان يطبق الشر, يصل للمحكمة, مستحيل إنسان يطبق الشرع, يصل للمقبرة مقتولاً, مستحيل.
واضح؛ لو أن السائق له مجلس علم, حينما تقول له: خذني إلى أين تريد, يفتح الباب, ويركلها بقدمه, انتهى الأمر, لو أن هذا الزوج يحضر مجلس علم, لا يسمح لأحد أن يرى زوجته إلا المحارم, انتهى الأمر, ما عرفها, لو أن كل من أصابته مصيبة, عرف الله, ما وقع في هذه المشكلة.

ما سبب المشاكل في الأرض؟ :

أيها الأخوة, خذوا هذه القاعدة الذهبية: ما من مشكلة على وجه الأرض, إلا بسبب معصية.
الأمن الجنائي عندهم قاعدة: كلما وجدوا جريمة, يقول: فتش عن المرأة, وراءها في امرأة.
أنا أريد أن أقول كلاماً, أصح من هذا الكلام:
كلما رأيت مشكلة, فتش عن المعصية؛ أين في معصية, هذه المشكلة وراءها معصية, وهذه المعصية وراءها جهل, والجهل أعدى أعداء الإنسان, والجاهل يفعل في نفسه, ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به, عدوك اللدود, لو مُكِّن منك, لا يستطيع أن يفعل بك, ما تفعله أنت بنفسك عن طيب خاطر:

﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾

[سورة البقرة الآية:57]

هم ظلموا أنفسهم.
يقول الله عز وجل:

﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾

[سورة البقرة الآية:175]

يعني: كأن الله يتعجب, يعملون عملاً ينتهي بهم إلى الدمار, إلى الهلاك, إلى الفقر, إلى القهر, إلى المرض, إلى الهم, وقد ينتهي بهم إلى القتل.
هؤلاء الذين يُعدمون, الذين يرتكبون الجرائم, ما الذي أوصلهم إلى حبل المشنقة؟ بعدهم عن الله, وغفلتهم, والعمل الذي هم فيه:

﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾

[سورة طه الآية:124]

الشرع لا بد من أن يؤخذ كله وإلا لا تقطف ثماره :

أنا أقول لكم حالات حادة, حالات خطيرة؛ لكن هناك آلاف الحالات المخففة؛ إنسان محترم, لكن يطلق البصر في الحرام, إنسان محترم, لكن يؤثر الاختلاط في العلاقات الاجتماعية, إنسان محترم, يتساهل في كسب المال, إذاً: الشرع لا بد من أن يُؤخذ كله, أو إن أخذت شيئاً, وتركت شيئاً, لا تقطف الثمار يانعة منه.

قاعدة :

فأكبر الكبائر: الإشراك بالله, وقتل النفس, وعقوق الوالدين:
الذي ليس فيه خير لأمه وأبيه, لا خير فيه إطلاقاً؛ لأن الأب هو الذي أنجبك, وهو الذي جعله الله سبب وجودك, فالذي لا خير فيه لأمه وأبيه, لا خير منه.
وفي قاعدة تقول: إياك أن تخالط العاق, أو أن تشاركه, لو أن فيه خيراً, لكان خيره لأمه وأبيه؛ لكن ما فيه خير.
وعقوق الوالدين: ولعل الإنسان, يرزقه الله عز وجل رزقاً وفيراً, لبره لوالديه.

ولد ببره لأبيه أعطاه الله :

أعرف رجلاً, ابنه أخذ الله بيده, عنده معمل حلويات شوكولا, فيرسل لأبيه بضاعة, اشترى له محلاً بأرقى أحياء دمشق, كل البضاعة التي يرسلها له, لا يطالبه بثمنها, ويضع ثمنها في جيبه, من بره لأبيه, والله عز وجل أعطاه عطاء مدهشاً.
فالإنسان أمه وأبوه, ينبغي أن يكون وفياً لهما, ينبغي أن يحسن إليهما أشد أنواع الإحسان.

((ما برَّ أباه, من شد نظره إليه))

إذا نظرالى أبيه هكذا ...... ما بره.

أنت محاسب على هذه الكلمة: -أف- بالنسبة لوالديك :

أيها الأخوة, والله عز وجل: لو أن في اللغة كلمة, أقل من كلمة أف, لقالها الله عز وجل:

﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾

[سورة الإسراء الآية:23]

بل إن إغلاق الباب بعنف, وأبوك في الغرفة, يشبه كلمة أف, أية إساءة للأب, ولو على مستوى كلمة أف, أو أقل, أو أكثر, تحاسب عليها.

من حصاد قول الزور :

(أكبر الكبائر: الإشراك بالله, وقتل النفس, وعقوق الوالدين, وقول الزور):
لولا الكذب, ولولا قول الزور, لكنا في حال غير هذا الحال.
الآن: كم دعوى في قصر العدل؟ ثمانية آلاف بمستوى واحد فقط, بشعبة واحدة من شعب محكمة النقد, ثمانية آلاف دعوى, لو ألغينا قول الزور, بقي عشرة, كلها دعاوى كيدية؛ فيها كذب, فيها دجل, وثائق مزورة, محامون يكذبون, محامون الآخرون يعني يجاوزون, يقبض من موكله, ويقبض من خصم موكله, لو ألغينا قول الزور, لانتهى كل شيء, مشكلتنا الكذب, لو ألغيت الكذب, لم يعد في مشكلة.
إنسان يعني رأى الاستقامة صعبة عليه, فاعتذر للنبي, قال له:

((عاهدني ألا تكذب, فعاهده, فكلما أراد أن يفعل معصية, كيف سيقولها للنبي؟ عاهده ألا يكذب, فاستقام على أمر الله, لأنه عاهد النبي ألا يكذب))

فالصدق: هي أهم صفة بالإنسان؛ الصدق, والأمانة, والعفة, نعرف أمانته وصدقه, وعفافه ونسبه.

حديث اليوم :

أيها الأخوة الكرام, هذا الحديث:

((أكبر الكبائر: الإشراك بالله, وقتل النفس, وعقوق الوالدين, وقول الزور))

وألهمنا الله الصواب, ألهمنا طاعته, وأعاننا على تطبيق أمره, وألهمنا حبه, وحب من يحبه, وحب عمل صالح يقربنا إلى حبه.

دعاء الختام :

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور