وضع داكن
19-04-2024
Logo
مختلفة - سوريا - الدرس : 41 - النابلسي - حفل تكريم لطلاب معهد النابلسي تحت عنوان تربية الأولاد.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين و على آله و صحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام:
 لا أبالغ إذا قلت إن أخطر موضوع في حياة المسلم بعد أن يؤمن و بعد أن يلتزم هو تربية أولاده لأنه يسعد بصلاحهم و يشقى بفسادهم، يشقى شقاء حكمياً حتمياً بفسادهم، و يسعى سعادة حقيقية بفلاحهم.
يا أيها الأخوة:
 أعيد و أكرر إن تربية الأولاد أخطر شيء في حياة المسلم بعد إيمانه بالله و بعد استقامته على أمره، ذلك أن الله سبحانه و تعالى في الدعاء القرآني يقول:

﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾

[ سورة الفرقان: الآية 74]

 و الله الذي لا إله إلا هو يدخل إلى قلب الأب حينما يرى ابنه صالحاً، مقيماً لأمر الله، طائعاً لله، صادقاً، أميناً، عفيفاً، يدخل إلى قلبه من السعادة ما لو وزعت على أهل بلد لكفتهم، و الله مرة قلت لأب له ابن صالح قلت له: و الله هذا الابن يزيد عن مليار دولار هذه قيمة العصر الآن، أنا خير لكم من الجمل الأسود قال عليه الصلاة و السلام، يبدو أن الجمل الأسود من أنفس الأموال كان، فأنا حينما أذكر هذه العملة لأنها من أنفس العملات الآن، فمليار لا تساوي شيئاً أمام ولد صالح لكن الصلاح لا يأتي بلا ثمن، معظم الآباء يتوهمون أن مسؤولية تربية أولادهم ليس عليهم، على أمهم و المدرسة، أنا أقول لكم لا يعفى الأب أبداً من المسؤولية مهما كان المجتمع فاسداً، لكن الذي يحصل أن الأب حينما يهمل أولادهم يصدم بعد حين أنه خسر ابنه، التقى ابنه برفقاء السوء، أَلِف عادات منحرفة، بدأ يكذب، بدأ يمارس بعض المعاصي، بدأ يتطاول عليك، أنا أؤكد لكم أنه ليس على وجه الأرض بيت أشقى من هذا البيت، أن ترى ابنك شارداً تائهاً بعيداً عن الدين، فلذلك ينبغي أن نتدارك هذا الأمر في وقت مبكر لأن معظم العادات و القيم تغرس في نفس الطفل في سن مبكرة.
أولاً هل تصدقون أن خالق الكون يقسم فيقول:

 

﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)﴾

 

[ سورة البلد: الآية 1]

 و للعلماء في هذه الآية آراء عديدة بعضهم قال أقسم، و بعضهم قال: هذا الأمر لشدة وضوحه لا يحتاج إلى قسم، على كل:

 

﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)﴾

 

[ سورة البلد: الآية 1-2]

 الابن شيء نفيس جداً لأنه امتدادك، لأنه سبب استمرارك، الأب يموت لكنه إذا خلف ولداً صالحاً ينفع الناس من بعده كأن لا يموت.
أيها الإخوة:
 أقول في مناسبات عديدة بعد المحن الشديدة التي ألمت بأمتنا لم يبق في أيدي المسلمين من شيء إلا أولادهم، و أولادهم أي مستقبلهم، فالطفولة في الإسلام لها عالمها الخاص، و القرآن الكريم يقسم ووالد وما ولد، لكن لهذه الآية ملمح رائع كيف أن الأب حريص على ابنه دون أن ينتظر منه شيء لكنه حريص حرصاً لا حدود له على صلاح ابنه، قال: نظام الأبوة يعرفنا بشكل أو بآخر بالله عز وجل، كيف أن الله يفرح بتوبة عبده، لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد و العقيم الوالد و الظمآن الوارد.
أولاً: الأطفال هم البشرى:

 

﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى﴾

 

[ سورة مريم: الآية 7]

 بشرى، و الطفل هدية من الله و قدوتنا في هذا الموضوع امرأة عمران إذ قالت:

 

﴿ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 35]

 الأب لو أنه نذر أن يكون ابنه عالماً أن يعتني به ليلاً و نهاراً ليكون شاباً في طاعة الله، ليكون عالماً كبيراً، ليكون داعية كبيراً، ليكون ذا أثر كبير في المجتمع، هذه النية الطيبة التي يحرص عليها الأب في الأعم الأغلب يحققها الله له، القضية قضية نوايا أيها الإخوة، الآن ستة مليار إنسان ينجبون، سكان الأرض ستة مليارات المؤمن وحده حينما يتزوج يبتغي ولداً صالحاً ينفع الناس من بعده، لذلك أعمال أهل الأرض أعمال لا يؤجرون عليها لأنها جزء من طبيعة حياتهم، و لكن المؤمن وحده إذا تزوج و إذا أنجب له عالم آخر:

 

﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾

 

[ سورة النساء: الآية 104]

 المؤمن وحده لأنه عرف الله و عرف سر وجوده و عرف غاية وجوده يعلم علم اليقين أنه إذا ربى ابنه فهذا الولد ثروة لا تعدلها ثروة، أنا أذكر أن طالب علم من تركيا لزم أحد شيوخ دمشق الذين توفوا رحمهم الله تعالى، هذا الطالب درس عنده ثم انتقل إلى بلده، بعد حين طرق باب هذا الشيخ قبل أن يتوفى فإذا بباصين كبيرين فيها مئة طالب علم و هذا الطالب الذي علمه كان رئيس معهد شرعي في تركيا، و هؤلاء طلاب العلم هم من ثمار علم هذا الطالب، يروى أن هذا الشيخ بدأ يبكي، هذا الأثر كنت مرة في القاهرة في مؤتمر إسلامي ألقى كلمة نيجيريا ألقاها طالب علم هو الآن كان مفتي في نيجيريا فقد لفت نظرنا بفصاحة ما بعدها فصاحة، و طلاقة ما بعدها طلاقة، و علم غزير ثم قال أنا درست في الشام، ابن غريب إذاً طلب العلم و رأيت ثمار طلاب العلم، أي بهذا الاحتفال المتواضع أكثر شيء لفت نظرنا هؤلاء الصغار إذا تكلموا، إذا قرؤوا القرآن، إذا ألقوا كلمات، هذا الابن حينما يكون في هذا السن على هذا العلم و هذا الحفظ و هذه الدقة و تلك اللغة فيرجى له مستقبل كبير جداً.
أيها الإخوة:
 و الله الذي لا إله إلا هو من حرصي الشديد على سعادتكم احرصوا على أولادكم، هذا الكلام موجه لكل أب و لكل من سيكون أباً في المستقبل، هم البشرى.
شيء خر:
هم قرة العين:

 

﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾

 

[ سورة الفرقان: الآية 74]

 ينام الأب قرير العين إذا كان ابنه كما يتمنى، حينما سافرت إلى بلاد معينة كنت أقول لهم وقتها هكذا المناسبة لو بلغت منصباً ككلينتون و ثروة ـ هنا أتكلم بلغتهم ـ كأونسيس، و علماً كأينشتاين، و لم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، و الله لي أخ كريم في دمشق كنت في لوس أنجلوس في مؤتمر إسلامي وقفت أخته إلى جانب المصعد قالت لي بعد أن ألقيت محاضرة هناك: أنا أخت فلان، قلت أهلاً و سهلاً، بدأن تبكي بكاء مراً، قلت خير إن شاء الله، ابنتي و بكت، و الله يصيب الأب أو الأم من الألم ما لا يوصف، إذا كان الابن فاسقاً أو عاصياً فلذلك أيها الإخوة تسعد بسعادة أولادك و تشقى بشقائهم:

 

﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (74)﴾

 

[ سورة الفرقان: الآية 74]

 ثم يقول الله عز وجل:

 

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾

 

[ سورة الكهف: الآية 46]

 الأب أحياناً يتمنى أن يكون ابنه وسيماً أو ذكياً، يحرص على صحة ابنه أو على دراسته، هذا شيء في أصل طبع الأب، أكاد أقول لا يؤجر عليه لأنه أصل في طبعه، أنت إذا تناولت طعام الإفطار هل لك عند الله أجر ؟ بأجر أو بلا أجر يجب أن تأكل، هذا طبع مركب في أصل الطبع، أما متى يؤجر الأب على تربية ابنه ؟ إذا اهتم بدينه، بأخلاقه، بآخرته، بصلاته:

 

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾

 

[ سورة طه: الآية 132]

 شيء آخر: هم المودة و الرحمة، الله عز وجل قال:

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

 

[ سورة الروم: الآية 22]

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾

[سورة فصلت: الآية 37]

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾

[ سورة الروم: الآية 21]

 فنحن المسلمون الآن في أمس الحاجة إلى تربية أولادنا، يوجد عندنا ظاهرة إخوانا الكرام خطيرة جداً، مصطلحها عجيب، مصطلح هذه الظاهرة ضياع الهوية، لا هوية لنا، من أنت ؟ أي ذكر لي أخ ذهب إلى بلد مجاور قال لي: بلد غربي بكل شيء، حتى بتفاهاتهم، حتى بصرعاتهم، حتى بأزيائهم، حتى بطعامهم، حتى بلغتهم، حتى بحديثهم، الطفل بلا هوية، الآن يوجد خطر الإعلان قوي جداً و التواصل العالمي متين جداً و الآن الأرض كلها غرفة واحدة، و كل تفاهات العالم، و كل انحطاط العالم و إباحية العالم و فسق العالم بالتواصل الإعلامي عبر الفضائيات و عبر الإنترنت و عبر الصحف و المجلات و الأخبار مشتركة بين جميع الشعوب أي إذا كنت بحاجة قبل خمسين سنة أن تعتني بابنك لو فرضنا العناية تقسم إلى وحدات أي افتراضاً إذا كنت بحاجة قبل خمسين سنة إلى مئة وحدة عناية بأولادك اليوم بحاجة إلى مليون، لأن الصوارف كثيرة جداً و العوائق كثيرة جداً، كل ما في الحياة الآن عائق أمام طريق الله عز وجل و صارف عن طريق الله عز وجل، مغريات لا تعد و لا تحصى، فتن مستعرة، خضرة نضرة، كل شيء مكشوف، لا شيء مستور إطلاقاً، أي الشيء الذي ما كان الإنسان يعرفه إلا بعد الزواج يراه الطفل الصغير الآن في كل وسائل الإعلام، فالفساد كبير جداً و خطير جداً، أنا و الله أيها الإخوة أنا لي ميزة واحدة أنني بحسب ما مكنني الله فيه من دعوة الله يتناهى إلي قصص يقشعر منها الجلد هنا في هذه البلدة، في هذه البلدة الطيبة التي وصفها النبي بأنها خير بلاد المسلمين، أي الأب أحياناً يكون غافلاً أنا أشعر أحياناً أن الأب يكون كتلة جهل، غافل، ابنه بانحراف خطير، ابنه بطريق إلى النار، و الابن ذكي قد يمثل أمام أبيه، فأنا أتمنى أن يكون الأب واعياً جداً، يكون يقظاً جداً، أي دائماً يوجد عندنا قاعدة النجاح لا يتجزأ، لو فرضنا للتوضيح لا للتقييم لو شخص أتيح له عمل خارج بلده أي ببلده دخله عشرة آلاف أتيح له عمل بمئة ألف ترك زوجته و أولاده و سافر إلى هناك إذا أحضر معه ملايين مملينة و اكتشف أن أولاده انحرفوا انحرافاً أخلاقياً و زوجته انحرفت هل يعد جمع هذا المال نجاحاً ؟ لا أبداً، النجاح لا يجزأ، النجاح نجاح شمولي، يجب أن تنجح في عملك و في تربية أولادك و في علاقتك بزوجتك، فالقضية الآن منافذ الفساد لا تعد و لا تحصى كيفما تحركت الفساد موجود، العوائق لا تعد و لا تحصى، الصوارف لا تعد و لا تحصى، بقي على الأب أن يشمر و أن ينهض، و الله مرة كنت في ندوة إذاعية على الهواء مباشرة فسألتني أخت على الهاتف أنه ما قولك في أن يضع الإنسان ابنه في مدرسة راقية جداً لكن الثمن باهظ ؟ و الله أقسمت لها بالله لو أن لك دخلاً معيناً و دفعت نصف دخلك لمدرسة تربي ابنك تربية صحيحة إسلامية علمية أنت الرابحة، أنا أحياناً أطلع على آباء يهتمون بأولادهم اهتماماً لا حدود له، ضبط المواعيد، ضبط الأصدقاء، الذهاب، الإياب، تأمين حاجاته، تأمين طعامه، لذلك أيما امرأة قعدت على بيت أولادها فهي معي في الجنة، هذا الحديث الذي في البخاري في الأدب المفرد للبخاري.
أول من يمسك بحلق الجنة أنا فإذا امرأة تنازعني تريد أن تدخل الجنة قبلي، قلت: من هذه يا جبريل ؟ قال: هي امرأة مات زوجها و ترك لها أولاداً فأبت الزواج من أجلهم.
 و الله أيها الإخوة و أنا أعني ما أقول ضمن بيتك يوجد طرق إلى الجنة، قبل أن تفتح الباب و أنت في البيت، إذا وجهت أولادك، ربيتهم، علمتهم على الصدق و الأمانة و العفة، إذا أمرتهم بالصلاة، إذا تتبعت أمورهم، كنت أقول الأمومة المثالية طريق إلى الجنة، يوجد لنا أمهات رحمهم الله عندها خمس بنات ربتهم تربية إسلامية على الصدق و الأمانة و العفة و الحياء و انتقت لهن أزواجاً أطهاراً، و بالتعبير العامي وضعت رأسها و ماتت، إلى الجنة، من المنزل لم تخرج أدت الوظيفة الكاملة، فالأمومة طريق إلى الجنة، الأبوة طريق إلى الجنة، إنسان يرعى ابنه الطفل له حاجات أمنتها له، اشتغلت أنت، اشتغلت و تعبت، العمل يحتاج إلى جهد كبير، حصّلت مال بعرق جبينك هذا المال أنفقته على أولادك، أطعمتهم ما يشتهون، ألبستهم ثياباً تليق بهم، أخذتهم نزهة، ضممتهم إليك، يوجد نمط بالتربية دبر حالك، الأب و الأم يلحقون بسطهم، دبر نفسك، اذهب إلى الطريق، يخرج إلى مكان ابنه مزعج متعب، عبء عليه دعك مع أصدقائك بالحارة، هذا النمط يدفع الثمن غداً سينسى الأب حليب أمه غداً، خذه معك و تحمله و ربيه، الطفل قد يكون متعباً لكن أنت حينما تربي ابنك سيلزمك، سيكون معك، فالله عز وجل أكرمكم بمعهد يوجد به عناية بالغة، أنا لا أقول لا يوجد أخطاء، يوجد أخطاء كثيرة لكن و الله يوجد نظافة، يوجد توجيه سديد، و يوجد بذل، و يوجد تضحية، و يوجد عطاء، نحن بحاجة إلى تعاون، تابع ابنك، تتابع دراسته، تتابع دوامه، و الله يوجد أمهات شهد الله العام الماضي قدمنا لهن هدايا، تأتي من المخيم تحضر ابنها و تنتظره في الطريق ثلاث ساعات حتى ينتهي الدوام كي تعيد ابنها معها، هذه الأم لا تقدر بثمن، مرة كنت بأمريكا دعاني طبيب ـ ابنه كان عندنا في الدورة ـ إلى طعام الغداء، حكى لي قصة والدته، نزحوا مع النازحين و سكن بغرفة واحدة لا ماء و لا كهرباء، الطريق بالشتاء الوحل ثلاثين سنتمتر، و ابنها أتيح له كلية الطب، ماذا تفعل هذه الأم ؟ تحمل إبريقاً و تمشي مع ابنها في الوحل، عندما ينتهي الوحل عند الزفت تغسل له أقدامه، يلبس جواربه و حذاءه و يذهب إلى الجامعة، تنتظره الساعة السادسة عندما يعود، ما هذه الأم ؟ لا يوجد حل آخر عنده حذاء واحد و طالب بالطب و الطريق ثلاثين سنتمتر وحلاً سائلاً، يرجع تنتظره الساعة السادسة يخلع حذاءه و جواربه و يخوض هو و إياها بالوحل، بالمنزل لا يوجد ماء و لا كهرباء، ما استطاعت الأم أن تكحل عينيها أن ابنها أصبح طبيباً، هي على فراش الموت قالت له: يا بني أنا اعتنيت بك عينك على إخوتك، و الله حدثني و بكى، له خمس أو ست أخوات بالشام كل أخ بيت و معاش شهري عشرة آلاف ليرة، أي كل شيء دخله بأمريكا نصفه إلى أخوته، الأم مقدسة، الأم حينما تعتني بأولادها، حينما تربيهم، حينما تنذر نفسها لهم، هي إنسانة عظيمة جداً، لا يوجد شيء يعدل مكانة الأم، تجد ابناً مربى أخلاقي لا يكذب صادق عفيف يحب الخير، أحياناً تجد شخصاً دينه قليل و لكن لا يؤذي أحداً يقول لك: مربى تربية بيتية عالية.
أنا أقول لكم أيها الإخوة:
 تسعدون إلى أعلى مستوى إذا أحسنتم تربية أولادكم، يجب أن يكون البيت جنة، جنة بإقامة الصلاة، جنة بالنصح، جنة بالقيم، ابنك معك، يوجد حديث: الزم ولدك، دعه معك، و الله أما مرة كنت مسافراً في مؤتمر في بلاد بعيدة رجعت أحب مدير المعهد أن يسلموا الطلاب عليّ، نظرت إلى وجوههم و الله ملائكة، وازنت بين أطفال هناك و الأطفال هنا لا يوجد نسبة، بين ملك و شيطان و الله، فإذا شخص الله عز وجل أكرمه بابن صالح و اعتنى به ليعلم علم اليقين أن هذا الابن سبب دخوله الجنة، و الأحاديث كثيرة جداً، فالنبي عليه الصلاة و السلام يقول:
خير كسب الرجل ولده.
مرة قرأت حديثاً لفت نظري:

 

((سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَلَكَ فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ لِذِكْرِ ابْنِهِ فَحَزِنَ عَلَيْهِ فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَالِي لَا أَرَى فُلَانًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ بُنَيُّهُ الَّذِي رَأَيْتَهُ هَلَكَ فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ بُنَيِّهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا فُلَانُ أَيُّمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تَمَتَّعَ بِهِ عُمُرَكَ أَوْ لَا تَأْتِي غَدًا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَلْ يَسْبِقُنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُهَا لِي لَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ فَذَاكَ لَكَ ))

 

[ النسائي ]

أن تمتع به عمرك: أي ابنك معك و لما بلغ معه السعي تحت يدك، تحت سمعك،
 تحت بصرك، شاب قوي عتيد مخلص بار، أيهما أحب إليك أن تتمتع به عمرك أي لا يفارقك حتى الموت، معك ليلاًَ و نهاراً بخدمتك، النبي الكريم كان حكيماً جداً في هذه التعزية اللطيفة، و بهذه البشرى.
فيا أيها الإخوة:
يقول عليه الصلاة و السلام: صغار الأطفال دعاميص الجنة، أي أزهارها، فراشاتها.

(( حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَال سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُنَا إِذْ جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمِنْبَرِ فَحَمَلَهُمَا وَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ فَنَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُمَا ))

[ النسائي، الترمذي، أبو داود، ابن ماجه، أحمد ]

 هل رأيت هذه الرحمة، يخطب على المنبر نزل و حملهما و تابع الخطبة، هذه الرحمة، بالمناسبة أيها الإخوة لا تنزع الرحمة إلا من شقي، علامة اتصالك بالله الرحمة، و أولى الناس برحمتك أولادك، أقول دائماً هذه الكلمة: الأولاد الآخرون أنت لهم و غيرك لهم، أما أولادك من لهم غيرك.
يقول عليه الصلاة و السلام:

 

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ ))

 

[ البخاري، النسائي، أبو داود، ابن ماجه، أحمد ]

 أي هذه العلاقة التي بين الآباء و الأولاد شيء مقدس، هي من خلق الله بل أنا قناعتي أن محبة الله للصغار مجسدة بمحبة آبائهم و أمهاتهم، أنت عندما تعلم ابنك و تربيه تحبه كثيراً و إذا ما علمته تكرهه يقول لك: غليظ، لم يعلمه أحد، ثقيل لا أستطيع أن أتصوره، الأب هو السبب، دائماً اتهم نفسك، معظم أخطاء الأولاد من أخطاء الآباء، لا تقل ابني سيء كل ابن جيد إذا وجد رعاية و عناية و اهتمام و حلم و مؤاثرة، سأقول كلمة لعلها قاسية: كل أب محترم هكذا العرف و التقاليد، لكن ما كل أب يُحَب إلا إذا كان محسناً، كل أب يجب أن يكون محترماً لكن ما كل أب يحب إلا إذا كان محسناً، فأنت ليس العبرة أن يؤدي لك ابنك واجبات الاحترام بالتمام و الكمال، العبرة إذا دخلت إلى البيت أن يصير البيت جنة، عيد عنده، و ليس إذا ذهبت يصبح عيداً، يوجد آباء إذا دخلوا يصبح البيت عيداً و ذهبوا تنفسوا الصعداء انتهينا، إن شاء الله لا يأتي باكراً، إن شاء الله يتأخر، و الله حدثني طبيب يا إخوان قال لي: زرت أسرة و الأب مريض مرضاً شديداً، و لكنه ليس مميتاً قال لهم: إن شاء الله عرضية تغير لونهم، نريد أن تكون قاضية، بطولتك أن يسعد أولادك بوجودك، و أن يشقوا بغيابك، و العكس في عكس، فأنا أقول: إذا البيت به سعادة ضمن البيت أنت بخير كبير و يمكن أن تعطي عطاء كبيراً، ممكن أن تعطي عطاء كبيراً، أما إذا بالبيت يوجد نكد و خصومات و الأب في جهة، و الأم في جهة و الأولاد في جهة، و الأولاد في ضياع هذه مشكلة كبيرة جداً.
 سئل سيدنا عمر ما حق الابن على أبيه ؟ فقال: أن يحسن اختيار أمه، و أن يحسن اسمه و أن يعلمه القرآن، هذا الكلام موجه إلى شاب قبل الزواج، قبل أن تبحث عن شرط واحد بالمرأة لعله يعجبك فيها ابحث عن شرط آخر أخطر من هذا الشرط أخلاقها و دينها، الشرط الأول الذي أنت حريص عليه يضعف تأثيره يبقى الشرط الثاني، الشرط الثاني صلاح هذه الأم، أم أولادك، مرة طفل سرق بيضة أحضرها أمه فرحت به صار شاباً شجعته فالنتيجة تابع جريمته حتى حكم عليه بالإعدام فقبل أن يعدم طلب منه حاجة قال: أريد أن أرى أمي فأحضروها قال لها مدي لسانك كي أقبله، فمدته فعضه فقطعه، قال لها: لو لم يكن هذا اللسان مشجعاً لي في الجرائم ما فقدت حياتي، فأحياناً ابن يكذب تعده بطلاً ابنها، ابن يعمل عملاً غير أخلاقي لا تبالي الأم، فعندما تساهم الأم بأمور غير أخلاقية أو بكذب أو بانحراف، تدافع عن الابن أمام أبيه على باطل فهذا الابن ربما انحرف بسبب توجيه الأم، أنا لا أتكلم من فراغ، أنا أتكلم من واقع أحياناً تكون أكبر مشكلة الآباء و الأمهات، أم تكذب على زوجها أمام ابنتها علمتها الكذب، أب يكذب على الناس أمام ابنه قل له أنني لست هنا بابا، يقولها معظم الناس، هذا كذب كن جريئاً، أو يعد و لا يوفي.
بعد ذلك إخوانا الكرام:
 أنا الكلام أقوله للأخوة الآباء، أهم شيء بالتربية أن تحترم شخصية الطفل، يوجد أب أمام الأصدقاء أو أمام الأقارب أو أمام الإخوة البنات يكيل السباب لابنه بشكل غير طبيعي، فحينما تتحطم شخصية الابن يضيع، قال: من أطاع عصاك فقد عصاك، يجب أن تعتمد على التوجيه فقط، علموا و لا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف، يقول عليه الصلاة و السلام:

 

(( قال أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ ))

 

[ ابن ماجه ]

 أحياناً يقولوا الناس أن العمل عبادة أنا أقول العمل عبادة، إذا أنت تعمل من أجل أن تنال مالاً حلالاً من أجل أن تنفقه على أهلك فهذا عبادة، يقول سيدنا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه حبذا المال أصون به عرضي، و أتقرب به إلى ربي.
 نحن نتكلم في الخيارات، لم يعد أمامنا خيارات كثيرة، لا نملك إلا أولادنا الآن، ربي أبناءك، و الله أيها الإخوة هذا المعهد المتواضع في هذا الجامع أحياناً أشعر أنه أخطر من الدرس العام، طفل صغير يُنَشأ كما تريد، ينشأ على محبة الله، على محبة كتابه، على محبة رسوله، على الصدق و الأمانة، و الله سمعت من الطلاب أشياء مهمة جداً أولاً علم، ثانياً: أدب، دخل شخص إلى بقالية يوجد أطفال عاديين و يوجد طالب من معهدنا قال لي فرق واضح جداً، وقفته، أدبه، حديثه، غض بصره، قال لي فرق واضح، ركبت مع أب لاحتفال مدعوين لعقد قران قال لي: ابني عندكم تعبنا جداً كي ينظر إلى المذيعة بالأخبار يخرج من الغرفة كلها، أي حريص على غض بصره و هو طفل صغير، و الله حدثني حديث لا يصدق، هذا الطفل كالمعجونة كيفما تشكله يتشكل، فنحن الآن بحاجة إلى تربية، سأقول مرة ثانية: الصوارف عن الحق لا تعد و لا تحصى، و العوائق لا تعد و لا تحصى، يوجد عوائق و يوجد صوارف، فنحن الآن لا نحتاج إلى مئة وحدة تربية نريد ألف، مليون، وحدة تربية، تكون مع ابنك دائماً، خذه معك دائماً معك في المسجد، نحن أحياناً نوزع بعد الخطبة قطعة حلوى كثير أبناء يلحوا على آبائهم خذنا إلى جامع النابلسي، بسرعة سينتهوا اذهب و سلم على الأستاذ، الطفل عبد الإحسان، فإذا كان الطفل مشدود إلى الجامع أي الجامع شيء مريح، يذهب رحلة، يسبح، يأكل أكلاً طيباً، هذا الجامع، الجامع شيء محبب، الجامع ليس شيئاً منفراً أنا بهذه الدعوة ثمانية و عشرين سنة لا أسمح إذا كان طفل بأول صف ارجع إلى الصف الثاني أبداً، مرة بالتسابيح كنا نصلي كان إلى جانبي طفل قياسه صغير جداً بالسجود كان يقول واحد اثنان ثلاثة أربعة لا يحفظ شيئاً و لكنه ألف المسجد لذلك يوجد آية قرآنية طبعاً لها معنى عكسياً:

 

﴿ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً (27)﴾

 

[ سورة نوح: الآية 27]

 إذاً المؤمنين المعنى العكسي المخالف و لا يلد إلا مؤمناً، ابن المؤمن مؤمن، ابن المؤمن صادق، ابن المؤمن عفيف، تربى ببيت عز، بيت أمانة، بيت علم، فلذلك عندما أنت ترى ابنك كما تتمنى أنت أسعد الناس، يقول سيدنا عمر كان مع ابنه عبد الله عند رسول الله فالنبي من أساليبه التربوية الحوار فسأل:

 

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي مَا هِيَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَاسْتَحْيَيْتُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي فَقَالَ لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا ))

 

[ البخاري، مسلم، الترمذي، أحمد، الدارمي ]

 فالأب كم يحب أن يكون ابنه متفوقاً، و كلامه طيباً، يمكن الذين ألقوا كلمات آباؤهم موجودين ماذا دخل على قلوبهم من السرور و السعادة ؟
فيا أيها الإخوة:
 يمكن أن تكون بجنة في بيتك و لكن ربي أولادك، اعتن بهم، ثم هناك آباء بالبيت مرحين، أنا أتمنى على الآباء أن يكونوا في البيت مرحين، تكون ضحوك، النبي كان مرحاً، ممكن سيد الخلق و حبيب الحق هذا أعظم إنسان في الأرض، يرأس أكبر دعوة في الأرض، بالبيت يمشي على أربع و يركب الحسن على ظهره، ما هذه ؟ أين الهيبة و النبوة ؟ هذا طفل يجب أن تتصابى له، من كان له صبي فليتصاب له فكان عليه الصلاة والسلام يرتحلوه الحسن والحسين يقول نعم الجمل جملكما ونعم الحملان أنتما.
هكذا علمنا صلى الله عليه ومرة سجد طول فالصحابة خافوا لعله قبض ولكن ما أحد رفع رأس ونظر في خشوع في الصلاة فلما رفع النبي قال ارتحلني ابني فكرهت أن أعجله.
 ضمن الصلاة سيد الخلق أنا أحب أن يكون تضربه كفين يدوخ منهما ما هذا الأب ؟ هذا أب وحش، يجب أن يكون هناك رحمة، هناك مودة، تعنفه أمام أولاد عمه ؟ تسبه بكلمات كبيرة أمام أخواته البنات ؟ هذا لا يصح، إذا أردت تأديبه فأدبه بينك و بينه، أما هذه القسوة في المعاملة أنا لا أتكلم من فراغ، و الله عشرات الأخوة شكوا لي آباءهم، قسوة ما بعدها قسوة، كلام يزلزل الجبال، الأب مرتاح، هذا ابنك، فكلما اعتنيت بالابن، كلما أكرمته، كافأك بهذا الشيء.
أيها الإخوة:
يقول عليه الصلاة و السلام:
" الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة "
 فالابن الصالح دائماً أحد أسباب سعادة والديه، لكن أنا أتمنى أنا صنعت سلسلة ثلاثين شريطاً في تربية الأولاد في الإسلام و الله فيها جهد كبير و الفضل لله عز وجل و راجت رواجاً منقطع النظير، في لبنان عرضوها بالإذاعة حوالي عشر مرات، بأمريكا عليها طلب شديد، فيها ثلاثين شريطاً، التربية الإيمانية، التربية الخلقية، التربية العقلية، التربية الجسمية، التربية النفسية، التربية الاجتماعية، التربية الجنسية، ثم عملت سلسلة ثانية حوالي خمس و عشرين شريطاً، التربية بالموعظة، التربية بالقدوة، التربية بالملاحظة، التربية بالعقوبة، أنواع الوسائل التربوية، فإذا شخص سمع هذه الأشرطة كل يوم واحد وحاول أن يطبقه وسمعه مع زوجته وحاول يطبق مضمونه وكله من الكتاب والسنة.
 أنت لا تصدق أن يوجد بإسلامنا منهج تربوي متكامل لأنه وحي السماء يتوافق مع أحدث نظريات في التربية، مرة ألف كتاب في أمريكا اسمه كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء لديل كارينجي هذا الكتاب طبع منه خمس ملايين نسخة جاء عالم مسلم في مصر أخذ مضمون الكتاب وفرغه على الآيات والأحاديث شيء مدهش أن هذه القواعد الذهبية الرائعة بقوة تأثيرك بالناس كلها آيات وأحاديث من ديننا، اليوم في خطبة الجمعة عن إدارة الوقت هذا الموضوع الكبير يعد الآن أحدث موضوع في الأرض الآن في دورات لإدارة الوقت الأجر سبعين ألف لكل طالب كيف تدير وقتك ؟ قال لي واحد بعد الخطبة لخصت كل شيء درسته بأمريكا في هذه الخطبة قال تعالى:

 

﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)﴾

 

[ سورة الملك: الآية 22]

 إدارة الوقت أن ترسم هدفاً وتتحرك تجاهه وتحققه فلما يكون في رأس الأب هدف أنا أريد أن يكون ابني عالم صار كل شيء في البيت ضمن الهدف أنت ترسم هدفاً أن تنجو من عذاب النار وأن أستحق الجنة لأن قال تعالى:

 

﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 185]

 نحن في عند المسلمين تطلع أنا والله أنتقده يعني راسم أهداف مستحيلة الحقيقة يريد وضع كان بالتاريخ بالحقبة الأولى الإسلامية في مليون عقبة أمامه وإذا الهدف ما تحقق لا يفعل شيء يمكن أن تعمل مليون شيء والهدف كبير ما تحقق كلامي دقيق، يمكن أن تفعل مليون شيء وأهدافك البراقة الكبيرة التي أنت فعلتها عقبة وإذا ما تصبح أنت ما تفعل شيء لا تتحقق ضمن بيتك وعملك وأولادك، أنت أمن لي بيتك وعملك وأولادك فقط ولست مكلف بشيء ثاني الله ما كلفك فوق طاقتك يمكن أن تمنع وحيد القرن أن يهاجم دولة إسلامية ثالثة الآن ؟ لا تستطيع لا تملك شيء ولكن تملك بيتك وأولادك أنا لا أريد هذا النموذج الحالم في أهداف إذا ما تحققت لا أفعل شيئاً ودائماً أنا أوزع تهماً على الناس لا قم فاعمل دعك من هذه الأمور العامة الآن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوىً متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه فالزم بيتك وامسك لسانك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة.
ممكن أن تهتم الآن بأهداف محددة الآن أولادك وبيتك وعملك تكسب رزقك بشكل حلال تكون يدك هي العليا تكفي أولادك وزوجتك تقيم علاقات متينة جداً في بيتك ترسم للأولاد مستقبل.
تجد أباً أهمل أولاده، أولاده ضائعين لا معهم صنعة ولا علم ولا شيء ماشين بهذه الطرقات عالة على الناس عبء عليه مصدر قلق له، والله تأتي متاعب للآباء والأمهات الذين أهملوا أولادهم لا يعلمها إلا الله، أردت بهذا اللقاء الطيب عقب الاحتفال أن يعرف الأخ الكريم أن دينك يأمرك أن تعتني بأولادك أن تعتني بهم عناية بالغة جداً أن تعتني بأجسامهم بأغذيتهم بأخلاقهم بدينهم بصلاتهم بدراستهم لأن شهادة الأب وشهادة الأم الحقيقة الأولاد.
آخر فكرة انطلق بي أبي النعمان بن بشير يحملني إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال:

 

(( عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّ هَذَا بِنْتَ رَوَاحَةَ أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا قَالَ نَعَمْ فَقَالَ أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْر ثم قال أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء قال بلا قال فلا ))

 

[تفق عليه ]

 العدل بين الأولاد طبعاً سأقول لك كلمة دقيقة قد يكون عندك ولد فتح أو وسيم وابن أقل فتاحة وأقل وسامة أنت كمؤمن مأمور أن يكون عدلك تام بينهما حتى بالابتسامة حتى بالاهتمام، الأب لا ينتبه لنفسه يحاكي ابن قل يا بني ماذا تريد، الثاني اخرس، لماذا تفعل هذه التفرقة الثاني يتعقد يجب أن تكون بنفس الابتسامة نفس الاهتمام بنفس المودة وإلا في مشكلة وإلا في إثم يقول لك فلان معقد أنا مؤمن بالتعقيد عنده عقد من والده أحياناً عقد من والدته عقد من أستاذه فكم من مدرس كره الطلاب بمادته.

تحميل النص

إخفاء الصور