وضع داكن
19-04-2024
Logo
مختلفة - سوريا - الدرس : 16 - النابلسي - حفل تكريم لطلاب معهد النابلسي تحت عنوان قوة الإنسان في تفوقه.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
لأنك إنسان فأنت متفوق، لأن الله جل جلاله يقول:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية: 72 ]

 إذاً تفوق الإنسان في عالم الأزل حينما قبل حمل الأمانة، ولما قبل حمل الأمانة:

﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾

[ سورة الجاثية الآية: 13]

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾

[ سورة الإسراء]

 النبي عليه الصلاة والسلام طلب النخبة، وطلب المتفوقين، فقال:

 

(( اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين))

 المتفوق يَحمل، وغير المتفوق يُحمل، وشتان بين من يَحمل، وبين من يُحمل.
 أيها الإخوة، هل تصدقون أن في القرآن آية فيها ملمح خطير، يقول الله عز وجل:

 

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك الآية: 2]

 مفروغ أن تنجحوا بقي الامتحان للتفوق، لم يقل

 

﴿ لِيَبْلُوَكُمْ ﴾

 من يحسن ومن يسيء قال:

 

 

﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

 أيها الأخوة الأحباب، خلق الله آدم على صورته، حديث صحيح في البخاري ومسلم من ملامح هذا الحديث أن الله أعطى الإنسان بعض صفاته، فالله جل جلاله فرد، والإنسان فرد بدءاً من قزحية عينه التي لا يشبهه في الأرض كلبها إنسان آخر، بعد أحداث الحادي عشر من أيلول صنعت أجهزة تأخذ شكل قزحية العين وتوضع على الجواز، ولا يمكن أن تزور إطلاقاً بدءاً من رائحة الجلد، إلى بلازما الدم، إلى الزمرة النسيجية، إلى نبرة الصوت، إلى بصمة الأصبع الإنسان فرد من تكريم الله له.
والإنسان مريد أعطاه حرية الاختيار ليثمن عمله:

 

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف الآية: 29]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[ سورة الإنسان]

 منحه التفرد، ومنحه الإرادة، ومنحه الإبداع، صمم الله الخلق عن طريق الجينات والمورثات بطريقة يسمح للإنسان بهامش إبداعي، فالله سبحانه وتعالى:

﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

[ سورة البقرة الآية: 117]

والإنسان سمح له أن يبدع، ولأن في القرآن وفي السنة الصحيحة، نصوصاً ظنية الدلالة سمح الله له أن يجتهد، وأن يشرع، وقد قبل الله له أن نعبده باجتهاد المجتهدين، منحه الحرية والإرادة، منحه الفردية، منحه القدرة على التشريع، والقدرة على الإبداع، أليس هذا من تكريم الله له؟ ماذا يبغي للمكرم أن يفعل؟ ينبغي أن يتفوق.
 أيها الإخوة الكرام، أقول لكم هذه الحقيقة وصدقوني أنني استنبطها من تجربتي في الحياة: في هذا العصر بالذات لا يمكن أن يحترم دينك إلا إذا كنت متفوقاً في اختصاصك، في هذا العصر بالذات لا يمكن أن يحترم دينك إن لم تكن متفوقً في اختصاصك، إذا تفوقت باختصاصك طأطأت لك الرؤوس، وخضعت لك الرقاب، واحترموا دينك وربما تمنوا أن يكونوا على شاكلتك وعلى منهجك، وعلى دينك، وعلى استقامتك، إن أردت أن تكون داعية، ينبغي أن تكون متفوقاً إن أردت أن تكون داعية ينبغي أن تكون متفوقاً.
 والله الذي لا إله إلا هو لا يتسع المجال لقصص كثيرة ولكن أعرف أن أناساً يحتلون أعلى منصب لا لولائهم لجهة أو لأخرى بل لتفوقهم في اختصاصهم، إن أردت أن تدعو إلى الله وأن تصغا لك الآذان وتطأطئ لك الرؤوس فتفوق.
 أيها الإخوة الأحباب، شيء آخر: هو أن هذا الدين يحتاج إلى متفوقين، لأن الطرف الآخر ذكي جداً، وقوي جداً، وغني جداً، ولا يمكن أن نصمد أمامه إلا بتفوق في اختصاصنا وبقوة في صناعتنا، ودخلنا، وفي قوة بعلمنا.
ثم إن أردت أن تكون داعية لا تقلق على هذا الدين، إنه دين الله، ولكن اقلق ما إذا سمح الله لك أن تكون جنديا له أو لم يسمح.
قبل يومين فتحت كتاباً لأقرأه فإذا فيه لم أقرأه مسبقاً إطلاقاً:

(( اللهم لا تستبدل غيرنا بنا، اللهم لا تستبدل غيرنا بنا، اللهم لا تستبدل غيرنا بنا))

 مأخوذ من قوله تعالى:

﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾

[سورة محمد]

 أيها الإخوة الكرام، لم يبقَ في أيدينا إلا أبناؤنا، والأمل معقود عليهم لنصرة أمتنا فالمسلمون في محنة كبيرة، أعداؤنا أيها الإخوة، بشكل سافر، بشكل فاضح، بشكل وقح يريدون إفقارنا، وإضلالنا، وإفسادنا، وإذلالنا، والمعول على هذا الجيل الصاعد، هذا الجيل الذي ينبغي أن ينتمي إلى أمته، وقد كفرنا بهم والحمد لله، وهذا إنجاز كبير من إنجازات الحادي عشر من أيلول لقد أعانونا على أن نكفر بهم، وأصبح الطريق إلى الله سالكاً، لم يبقَ في الساحة إلى دين الله، لم يبقَ في الساحة إلا الإسلام، قبل حين كان هناك أبيض وأسود وآلاف الألوان الرمادية، أما الآن لم يبقَ إلا الأبيض أو الأسود، ولي أو إباحي، مجرم أو محسن، صادق وكاذب، محتال ومخلص الأمور واضحة جداً، والأمة في أمس حاجة لكم، في أمس الحاجة إلى علمكم، في أمس الحاجة إلى إيمانكم، تذكروا أيها الإخوة أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

 

(( المؤمن القويُّ ))

 

[أخرجه مسلم عن أبو هريرة]

 لِمَ لم يقل القوي؟ لأن القوي من دون إيمان ترونه ماذا يفعل في الأرض وحش كاسر القوة من دون إيمان قوة مدمرة، بينما القوة مع الإيمان قوة خيرة، ما عرف التاريخ أرحم من العرب، هذا قول أحد كبار المؤرخين والفلاسفة.
 أيها الإخوة الأحباب، التفوق قد يكون علمياً، وقد يكون مالياً، وقد أن يكون إدارياً إما أن تتسلم منصباً ترفع به شأن المسلمين أو أن تملك مالاً تحل مشكلاتهم، أو أن تملك علماً تنير لهم السبيل.
 أسأل الله جل جلاله أن يتعاون الآباء مع إدارة المعهد، وأنا جالس أستمع إلى كلمة فضيلة الشيخ الجليل الشيخ حسن الصاري ضيفنا وحبيبنا تمنيت أن ينعقد اجتماع كل شهر بين أولياء طلاب الشعبة وبين أستاذهم، ليتحاور الطرفان حول مشكلات أبنائهم في البيت وفي المعهد فأرجو الله سبحانه وتعالى من الإدارة أن تنظم اجتماعاً كل شهر بين أولياء طلاب الشعبة، وبين أستاذهم، كي يتعاون الأهل مع المدرسة ومع المعهد لإصلاح الابن وعلى تفوقه.
 نشكر من أعماقنا باسمكم جميعاً، وباسمي شخصياً، وباسم أعضاء إدارة هذا المعهد ومدرسي ضيفنا الجليل، وأستاذنا العظيم الداعية الكبير، ورئيس معهد صوفان لتحفيظ القرآن على تجشمه مشاق السفر من اللاذقية إلى الشام، وعلى مشاركته في تقديم الهدايا لطلابنا المتفوقين ومعه نخبة من الطلاب، والذي تحدث عنه هو معكم، ونحن نريد أن نقدم له هدية رمزية تعبيراً عن امتنانا وشكرنا لحضوره، وتجشمه السفر إلى دمشق، وأسأل الله تعالى أن تلتقوا بعد حين مع مدرسين أبنائكم، وأن تتناولوا طعام العشاء المتواضع، طعام خفيف حسب قواعد الصحة.

تحميل النص

إخفاء الصور