وضع داكن
20-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 186 - الاعتصام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام:
 مجتمع المؤمنين كما أراده النبي عليه الصلاة والسلام مجتمع متماسك متحابب لكن المشكلة أن للعداوة والبغضاء قانوناً، هذا القانون ينطبق على كل الأمم والشعوب ينطبق على الجماعات وعلى الأفراد، القانون قوله تعالى:

﴿ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾

( سورة المائدة الآية: 14 )

 لذلك أقول المعركة بين حقين لا تكون، لأن الحق لا يتعدد، يعني بشكل بديهي إذا كُنتَ على حق وكُنتُ على حق لقاءنا حتمي، ومحبتنا حتمية، وتعاوننا حتمي، هذا يفهم من قوله تعالى:

 

﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً﴾

 

( سورة آل عمران الآية: 103 )

 لا بد من شيء نعتصم حوله

﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ﴾

 أما إذا قلنا متفرقين أيضاً نحن ضعاف، وشيء آخر إذا كنا فضلاً عن تفرقنا لا نعتصم بشيء أردنا أن نتعاون تقريباً صفر زائد صفر يساوي صفر، إن أردنا أن نتحد من دون شيء نتحد عليه فكرة دقيقة جداً، أردنا أن نتعاون من دون شيء نتعاون عليه أصفار مجتمعة، والمحصلة صفر، لذلك المعركة بين حقين لا تكون، وبين حق وباطل لا تطول، لأن الله مع الحق وبين باطلين لا تنتهِ، الأمر بمنتهى الوضوح.
طائرة بأعلى مستوى ممكن تكشف على الشاشة 8 أهداف، وعلى بعد 16 كم وفي على بعد 50 كم، ممكن ترسل 8 صواريخ لـ 8 أهداف وتسقط 8 طائرات فوراً الطائرات الثانية مداها 3 كم، هو لا يرى شيئاً، لا ترى إلا أنها تسقط.
فإذا انعدم الإيمان في الطرفين، الذي عنده سلاح أقوى هو الذي ينتصر، الذي عنده سلاح مداه المجدي أطول هو الذي ينتصر، الذي عنده سلاح دقة الإصابة أشد هو الذي ينتصر، النبي قال:

 

(( ألاّ إنّ القْوّةَ الرّمْيُ ألاَ إنّ القُوّةَ الرّمْيُ ألاَ إنّ القُوّةَ الرّمْيُ ".))

 

[ رَوَاهُ مُسلِمٌ عن عقبة بن عامر الجهني ]

 في قصور قصفت من البحر الأحمر، إلى غرف نوم صاحب القصر، فإذا كان ما في إيمان بالطرفين موضوع أسلحة، الذي عنده نووي يرعب العالم، يلي عنده أسلحة مداها المجدي 800 كم، معناها هو يهدد أي بلد حوله، فإذا ألغيت الإيمان الحديث فقط عن السلاح، الذي عنده إدارة للجيش أقوى هو الذي ينتصر، يلي عنده سلاح مجدي أكثر هو الذي ينتصر، يلي عنده سلاح يعتمد على التقنية الحديثة هو الذي ينتصر، لذلك قالوا الحرب بدأت بين ساعدين، وأصبحت بين آلتين، هي الآن بين عقلين فقط، يعني أجبن إنسان على وجه الأرض راكب طائرة وأمامه شاشة، وتحته المدينة من الأقمار الصناعية، بيت بيت، أثناء حرب العراق عرضوا بعض صور لبغداد من الطائرة يكبروها، يضع إشارة الضرب على بيت بالذات هذا البيت هدم كله، أجبن إنسان يقوم بأكبر نصر، قد يكون قذر، شارب خمر، زاني، الحرب الحديثة بين عقلين، لو كان بين سيفين في شجاعة، الآن بين عقلين.
لذلك المعركة بين حقين لا تكون، وبين حق وباطل لا تطول، وبين باطلين لا تنتهِ، تعيش عمرك كله بهذه المعرفة، من وقت ما وعيت على الدنيا إلى الآن الطرحات هي هي، المسلم يجب أن يكون قوياً، وإذا كانت قوته لا تكفي للعدو يجب أن يكون مؤمناً الإيمان يرمم، لأن رحمة الله تبدو من أن الله ما كلفنا أن نعد لأعدائنا القوة المكافئة، كلفنا أن نعد لأعدائنا القوة المتاحة.

﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾

( سورة الأنفال الآية: 60 )

 أنا أوكد لكم، والله يقيني في هذا الكلام كيقيني بوجودي، أن المسلمين لو أنهم أطاعوا الله وأعدوا للعدو ما عندهم فقط والله النصر آكد من وجودهم، الأمر بيدنا، لذلك أنا في كل المناسبات الكبرى، إذا دعوت الله عز وجل أقول:
اللهم انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك، حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا.
لذلك أيها الإخوة: قضية الإنسان حين يؤمن يتصل بالقوة المطلقة في الكون:

 

﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)﴾

 

( سورة البقرة )

 لكن قد يقول قائل ماذا فعلنا نحن حين دنس المصحف في كولتنامو ماذا فعلنا ؟ أنا برأي أرجو أن تقبلوه مني، نحن السبب، نحن حينما هجرنا القرآن ضعفنا، ولما ضعفنا تفننوا في إذلالنا، القضية سهلة جداً، من نحن ؟ حينما تخلينا عن القرآن نحن أمة شرفنا الله بحمل هذه الرسالة.

 

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾

 

( سورة البقرة الآية: 143 )

فحينما جعلنا القرآن وراء ظهورنا.

﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30)﴾

( سورة الفرقان )

 قال الحياة تبدأ بآدم وحواء، في كل المناهج الدراسية في العالم الإسلامي تبدأ بالقرد، الإنسان من قرد بدأ، أليس كذلك ؟! ألم نهجر هذا القرآن في مناهجنا ؟ كل المدارس تدرس الفائدة والربا، وهو عندنا محرم، الحجاب غير مطبق في العالم الإسلامي، الخمور تباع بالفنادق وبالمحلات، نحن هجرنا القرآن، بقي القرآن رمز فلكلوري، والله الذي لا إله إلا هو، أعلمني أحدهم أنه أقيم مهرجان في باريس ـ القصة قديمة جداً ـ قرأ القرآن في باريس على أنه فلكلور شرقي، فأنا الذي أقوله نحن حينما هجرنا القرآن ضعفنا، فلما ضعفنا أرادوا إذلالنا.
صرح مسؤول بكولتنامو أنه أكثر من ستة عشر مرة وضع المصحف بالمرحاض مهما هجنا، نحن السبب، نحن لم نطبق هذا القرآن في حياتنا، فأصبحانا ضعافاً، لا تعتب على أحد اعتب على نفسك، أنا أقول لكم هذا الحديث القدسي الصحيح يقول الله عز وجل:

 

(( يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته محرما بينكم، فلا تظالموا يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم ))

 

[ رواه مسلم عن أبي ذر ]

 نحن لا نستهدي الله عز وجل، نستهدي النظم الغربية، مصارفنا كلها ربوية أليس كذلك ؟ نستهدي الاقتصاد المستورد، نستهدي الحرية تعني الإباحية، نستهدي الأزياء التي ترتديها النساء الفاسقات الكاسيات العاريات في الغرب، والنساء المسلمات يرتدين هذه الثياب " فاستهدوني أهدكم ".

 

(( يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي، لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاـ الآن دققوا ـ يا عبادي، لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها: فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ))

ذلك لأن عطائي كلام واخذي كلام، كن فيكون، زل فيزول

 

 

(( فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ))

 وأنا أقول لأخوتي الكرام إن وجدتم غير الذي يعجبكم لا تلوموا إلا أنفسكم، لولا أننا هجرنا القرآن فضعفنا ما تجرؤوا علينا، لولا أننا مارسنا الإسلام ممارسة مبنية على جهل ما عدونا إرهابيين، ولا أموروا بقتلنا، وإبادتنا.
أيها الإخوة:
 نحن بحاجة أن نصحو، قد يقول أحدكم أنا ماذا أفعل وحدي ؟ يعني في جواب دقيق جداً، مرة مروان بن الحكم أحد خلفاء بني أمية، الناس لم يكونوا يحبونه، ففي صلاة العيد كانوا إذا أدوا الصلاة خرجوا من المسجد وتركوه يخطب مع قلة قليلة، من أجل ألا يقع هذا مرة ثانية أمر أن يخطب قبل أن يصلي، فلما توجه إلى المنبر، أمسكه أحد التابعين من ثوبه، قال له هذا ما فعله رسول الله، لم يعبا تابع صعوده إلى المنبر وخطب قبل الصلاة حتى لا يسمح لأحد أن يغادر المسجد قبل أن ينتهي من خطابه، تابعي آخر قال كلمة رائعة جداً، أما هذا فقد أدى الذي عليه.
 فأنت لما تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر أديت الذي عليك، أنت حينما تقيم الإسلام في نفسك، وفي بيتك، وفي عملك أديت الذي عليك، بقي الذي لك، أنا علي أن أطيع الله، وأن أقيم الإسلام في بيتي، وفي عملي، لكني قد لا أستطيع أن أفعل شيئاً، أنا إن مت على هذه الحالة أنا تائب، عابد، ناصح، مقيم، أقمت الإسلام في نفسي، وفي بيتي وفي عملي، لا شيء علي، حتى لا أطلب منكم عمل فوق طاقتكم، كل واحد يضبط بيته وعمله ونفسه، هل يستطيع أحد أن يمنعك أن تصلي في البيت ؟ ولا بالجامع الحمد لله، نحن في نعمة كبيرة، هل بإمكان أحد يجبرك على الكذب ؟ لا والله، كل شيء أمرنا الله به متاح لنا، متاح إلى أعلى درجة، ما لنا حجة، أدي الذي عليك واطلب من الله الذي لك، ولا تطلب ما ليس في وسعك في وسعك أن تؤمن، وأن تستقيم، وأن تأمر بالمعروف، وأن تنهي عن المنكر.

 

إخفاء الصور