وضع داكن
19-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 112 - ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع.........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد....
 أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في كتاب إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم ولا زلنا في باب الجهاد والفصل اليوم الترغيب في الشهادة وما جاء في فصل الشهداء.

((عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ غَيْرُ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ ))

(صحيح مسلم)

 الإنسان شكور هذا الشكر من أين منبعه ؟ من الله عز وجل، أنت إذا فعل معك معروف قد لا تنساه طوال العمر، المؤمن حينما يقدم أثمن شيء يملكه، ليس إلا الشهيد يتمنى أن يعود إلى الدنيا ليقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة ن وحسب الشهيد الآية الكريمة:

 

﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)﴾

 

(سورة آل عمران)

 كلمة:

 

﴿ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)﴾

 بكل ما في هذه الكلمة من معنى الحياة إدراك ونعيم وسرور ورؤية وشعور كل صفات الحي هي في الشهيد بعد الموت ولكن بنظام آخر، كيف أن هذه الساعة رقمية نظامها مختلف اختلاف بين عن الساعة البيانية لا يمكن أن نوازي بين الساعتين، ساعة أساسها النوابض والعجلات والمسننات وساعة أساسها مادة معينة تتأثر بالأوامر الإلكترونية فالساعة البيانية شيء والساعة الرقمية شيء، فالحياة التي وعد الله بها الشهداء بعد استشهادهم حياة فيها كل معاني الحياة ، ولكن من نوع آخر، لذلك من المستحيل أن توازن بين الدنيا والآخرة، الآخرة نظام آخر فلهم ما يشاءون فيها لمجرد أن تشتهي شيئاً تراه أمامك.

 

 

﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ (6)﴾

 

(سورة الانشقاق)

 في الدنيا صحن صلطة يلزمه ساعة تشتري الحاجات وتنظفها وتقطعها من أجل أن تسكن في بيتك يلزمك سنوات من العمل الدؤوب، من أجل أن ترى في بيتك زوجة يلزمك مهور وأثاث بيت وبيت وتحسن الاختيار، نظام العمل الدنيا أساسه السعي والعمل والكدح، بينما نظام الآخرة أساسه التكريم.

 

﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾

 

(سورة النحل)

 أنت في الدنيا لا تستطيع أن ترى إنسان في أميركا إلا لتأخذ فيزا وقد لا يعطونك هذه الفيزا، وتركب طائرة عشرين ساعة وتنتظر في المطارات ساعات وساعات لكن في نظام الآخرة لمجرد أن يخطر في بالك إنسان تراه أمامك:

 

﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51)﴾

 

﴿ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55)﴾

(سورة الصافات)

 لا تستطيع في الدنيا إن كان لك ابن في حلب أن تراه فجأة إلا أن تركب له خمس ساعات أما في الآخرة أي خاطر يخطر في بالك ينفذ فوراً، في الدنيا الشيء إن لم يكن تحت دائرة البصر لا تراه لا ترى من خلفك أمامك زاوية وحواجز، لا أرى وراء هذا الحائط لكن في الآخرة النفس كلها أعين وآذان ومشاعر، من أجل أن تستمتع بطعم تفاحة لا بد من أن تأكلها ولا بد من أن تمضغها ويدفع لسانك اللقمة إلى سقف الحلق وهناك أعصاب الحس كي تشعر بطعمها، في الجنة يمكن أن تأكل مليون تفاحة دون أن تدخل جوفك، التمتع بالمذاقات خارجي نظام آخر تتمتع بكل شيء من دون أن يكون له فضلات وهضم وعسر هضم، لذلك قال الله عز وجل في الحديث القدسي: أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، هذه الجنة يزهد بها الناس يتعلقون بالدنيا ويضعون البيض كله في سلة واحدة، الدنيا مهما تكن عريضة......
 واحد ملك تسعين مليار دولار، هذا المبلغ مرتبط بنبض قلبه،فإذا وقف القلب ليست له ومرتبطة بقطر الشريان التاجي فإذا ضاق لا تنفعه شيئاً، ومرتبطة بنمو خلاياه النظامي، فإذا نمت الخلايا نمواً عشواقياً لا تنفعه شيئاً، ومرتبطة بسيولة الدم فإذا تجمد الدم في العروق لا تنفعه شيء، أما في الآخرة شيء آخر:

 

﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)﴾

 

(سورة الحجر)

 واحد من أكبر أغنياء الشام يقوم بتدريبات رياضية ومعه مدرب رياضي خرج من بيته في أرقى أحياء دشمق سيارة مسرعة أخذته هو صديق أشخاص مهمين جداً في لبنان هل معقول أن يدخل لمشفى بدمشق ؟ زوجته لم ترض، فاستدعوا مشفى متحرك من بيروت في الطريق مات قال الطبيب: كان معه نزيف بسبب شريان فلت قال: طالب طب كان من الممكن أن يحل مشكلته ! لم يقبل إلا بأرقى مشفى وسيارة بالطريق مات، لأنه نزيف مستمر كل الثروة انتهت بثانية.
 والله أيها الأخوة ك أعرف شخص معرفة عميقة في تعامل تجاري بيننا إذا جلس معك عشر دقائق كلمة خوذقته يستخدمها عشر مرات، يتلذذ أن يتعامل معه إنسان وينهب منه كل شيء، معامل ومطاعم مقاصف وشركات كل شركة يدخلها يأخذ أكبر نصيب، أحد مدراء معامله من إخواننا فلما تركه أقام مولد فرحاً بتركه شديد، الله آتاه شكل يفوق حد الخيال طول ولون وذكاء جميل يقدح ذكاء وله شبكة علاقات مخيفة كل أموره مائة بالمائة في الحمام عنده قاطع محروق فأحضر مصلح قال بدله لي: قال:هذا المصلح مكانه واطي هل أرفعه للأعلى؟ قال: لا بأس، دخل اليوم الثاني وجد مشكلة بالكهرباء صار عالي قال لابنته اعطني كرسي حديد وزنه ثقيل صعد الكرسي فوقع به وفات بمقعده دخل المشفى اثنا عشر يوماً وانتهى وتوفي !!!
ترك عشرين مليون دولار، الدنيا خطرة ممكن تنتهي الحياة بثانية كان ملء السمع والبصر فصار نعوة على الجدران، الله عز و جل قال:

 

﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾

 

(سورة المؤمنون)

 كان شخص مهم صار مسجى في القبر !
لذلك:

 

كل مخلوق يمـوت ولا يبـقى إلا ذو العزة والجــــبروت
والليل مـهما طـال فــلا بـد مـن طـلـوع الـفجــر
والعمـر مهـما طـال فـلا بد مــــن نزول القــبــر
وكل ابن أثنـى وإن طالـت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
فإذا حملت إلى القبور جنازة فاعـلم أنـك بعـدها محـمــول

فأنت في الدنيا مخرج منها في أية ثانية !
 سمعت عن رجل من ثلاثين سنة لا يتحدث إلا عن الصحة والأكل النظامي والصلطات وخبز النخالة والمشي والجري والرياضة وشرب الماء باكراً خمس كاسات سخنين أينما جلس عمره أربعة وخمسون سنة صديقه قال لي: كان بالمسبح بعد ساعة ريضاة مجهدة تكرتع ونزل ميت ! هذا بحسب رياضته يجب أن يعيش ثمانين أو تسعين سنة حسب تدريباته، الرياضة لا علاقة لها بالعمر إنما هي إما تعيش عمرك هكذا أو هكذا، أما العمر ثابت.
 لي صديق مرح جداً كان بسهرة مع إخوانه وقال: أنا معي وقت طويل حتىأموت السؤال غريب لماذا ؟ قال: لأن وزني قليل وطعامي قليل ومرح ولا أحملها ولا أدخن وكل شيء قاله يدعو لطول العمر الكلام قاله السبت في السبت الثاني كان تحت التراب ! فأنت مخرج منها، أما الجنة قال:

 

 

﴿ روَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)﴾

 إكرام يوجد أمن،لا يوجد إنسان ما عنده قلق، صحته طيبة يا ترى ماذا سيحصل معي بماذا سأصاب من الأمراض ؟ يأتي السرطان فجأة لا شيء، شعر بكتلة فحصها خبيث كبرت أعطوه دواء كيماوي هر شعره كله كم شهر علقت النعوة إنسان ينتهي بسرطان أو بفشل كلوي أو بالكبد أو بخثرة أو بقلب يوجد قلق عام في الدنيا لأنه يوجد مغادرة، لا أحد منا سينف، هل يمكن أن تستيقظ اليوم كالبارحة ؟ دائماً ! مستحيل ! قالت: يا دكتور كم نجاح العملية ؟ قال ك ثمانين بالمائة،قالت كيف ؟ قال ك إذا أجروها مائة شخص بموت عشرين يبقوا ثمانين، قالت لا أريد مائة بالمائة قال: كيف سيموت الناس في هذه الحال !
كل مخلوق يموت أما بالآخرة لا يوجد خروج:

 

 

﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾

 

﴿ روَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)﴾

 والله ما وجدت أعقل ممن يعمل للآخرة، فالشهيد وحده يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة، وفي وراية أخرى: لما يرى من فضل الشهادة.
وفي حديث آخر:

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَدَّ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِي وَإِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِي وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ فَيَتَخَلَّفُونَ بَعْدِي وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنْ أَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلَ ثُمَّ أَغْزُوَ فَأُقْتَلَ ثُمَّ أَغْزُوَ فَأُقْتَلَ ))

(سنن ابن ماجة)

لما يرى الإنسان من كرامة للشهيد.
 والله مرة طالعت في الإنترنت عن موضوع الشهداء الذين يضحون بحياتهم في سبيل أمتهم وإعلاء كلمة الله فوجئت أن أكثرهم من حفاظ كتاب الله وأكثرهم طلبة علم شرعي، نحن نتوهم واحد نفخوا فيه فاستشهد، لا عن وعي وعن يقين وعلم، إما أنه حافظ لكتاب الله أو طالب علم شرعي وأراد أن يقدم شيء لهذه الأمة، ولاحظتم كل ما فعله اليهود من الدرع الواقي لم يفلح والعمل الاستشهادي مستمر.

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ))

(صحيح مسلم)

 لأن حقوق العباد مبنية على المشاححة وحقوق الله مبنية على المسامحة.

 

(( عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْإِيمَانَ بِاللَّهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ قُلْتَ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ إِلَّا الدَّيْنَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِي ذَلِكَ *))

 

(صحيح مسلم)

 فالشهيد لا تحل مشكلته فكيف نحن ؟ كم مسلم أخذ ديناً ولم يرده وقال بلّط الزرقا وهذا الحاضر اشتكي علي أحبس شهر وبعدها أخرج لا يوجد شيء باسمي، كم مسلم هذه يفعلها ؟ لو كنت شهيد لا تنفذ من الحساب.

 

(( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ ))

 

إخفاء الصور