وضع داكن
28-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 126 - ذهب أهل الدثور بالأجور........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
 أيها الأخوة الكرام: يتوهم عامة المسلمين أن الغني يحبه الله عز وجل، وقد يكون كذلك، لكن ليس الغنى دليلاً على محبة الله، بدليل أن الله أعطى المال لمن لا يحب لقارون وأعطى الملك لمن لا يحب لفرعون، أعطى المال لمن يحب لسيدنا عثمان بن عفان وأعطى الملك لمن يحب لسيدنا سليمان، فإذا الشيء يعطى لمن يحب ولمن لا يحب هل يعد دليلاً على أن الله يحبه ؟ لا ‍! لكن المال قوة، الغني المؤمن خياراته في العمل الصالح كثيرة جداً، والمؤمن الغير الغني أليس له خيارات ؟ موضوع هذا الحديث:

(( عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ قَالَ أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا ))

(صحيح مسلم)

 الأغنياء ذهبوا بالأجر كله، يتصدقوا يزوجوا شاب يشتروا بيت لإنسان ينشئوا ميتم يتفقدوا أسر فقيرة معهم أموال طائلة، لذلك أصحاب النبي توهموا أن هؤلاء لهم الجنة قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ نحن وإياهم سواء، لكن زادوا علينا وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ الحقيقة التي سوف نأخذها عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي ليس بإمكانه أن يملك المال بإمكانه أن يصنع كل شيء، يوجد حديث آخر يقول: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم، هناك آلاف الأعمال لا تحتاج إلى مال، تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأن تميط الأذى عن الطريق هو لك صدقة، أن تفرغ دلوك في الدلو المستسقي هو لك صدقة، أن تقف في مركبة عامة وتجلس امرأة محجبة هي لك صدقة ،أن تعين رجل عاجز على حمل حاجاته هو لك صدقة، أن تقول للناس حسناً هو لك صدقة، أن تلقى أخاك بوجه طلق هو لك صدقة، أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر هو لك صدقة، أن تربي ابنك في البيت هو لك صدقة، أن تضع اللقمة في فم زوجتك هو لك صدقة، لو ذهبت أعدد الأعمال المتاحة للفقراء....تربية الأولاد صدقة لا تعدلها صدقة، حينما تنجب ولداً صالحاً ينفع الناس من بعدك هذا أعظم عمل قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ قَالَ أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ المفاجأة الآن: وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ هذه لم يفهمها الصحابة الفرج يقصد بها، غير معقول ! قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا *
 نخلص من هذا أن عادات المؤمن أعماله اليومية والمعتادة وأعماله التي يفعلها كل الناس، يستيقظ يأكل يرتدي ثيابه ينتقل لعمله يبيع ويشتري ويعود للبيت يأكل ويشرب وينام يجلس مع أولاده، عادات المؤمن الصادق عبادات، وعبادات المنافق سيئات، عباداته الخالصة لأنه منافق سيئة لأنه يبتغي بها السمعة في الدنيا، لأنه يبتغي بها أن يحتال على الناس.
 أيها الأخوة: الله عز وجل عادل، متاح لك أن تصل لأعلى درجة في الجنة وأنت فقير أو ضعيف أو مريض أو محتاج، الطرق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، وأنت في بيتك يوجد طريق لله حينما تعتني بزوجتك أو ببناتك أو تطعم الهرة.
كان عليه الصلاة والسلام يصغي الإناء للهرة.

 

((عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلْتُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 ويكنس داره.

 

(( عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ ))

 

(صحيح البخاري)

 أبواب العمل الصالح لا تعد ولا تحصى يكفي أن تطلب عملاً تتقرب به إلى الله عز وجل،لا ينبغي أن أقوله لكم أن تفعلونه أنتم،لكن أعرف رجل بالشام أصعب عمل أن تنظف دورات المياه شيء مزعج، هذا الرجل كلما دخل لمسجد ينظف دورات المياه هذا العمل يرقى به عند الله، لأن الله عز وجل قال:

 

﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ﴾

 

(سورة البقرة)

أمر أبى الأنبياء أن يطهروا بيته، فتنظيف المسجد من أرقى الأعمال الصالحة.
 مرة كنت عند طبيب قال: بقيت سنوات أحضر في مسجدك لكن في أحد الأيام شممت رائحة لا تقابل من جوارب من يصلي أمامي فنفرت من المسجد ! فإذا واحد نظف المسجد واعتنى بمرافقه العامة واعتنى بالتدفئة وبالتبريد وبالصوت هذا ضمن بيت الله عز وجل.
فيما ورد في الأثر:
أن النبي الكريم دخل للمسجد مرة رأى قناديل جميلة جداً مضاءة قال: من فعل هذا قالوا: تميم الداري كان في الشام وجاء للمدينة فاشترى فوانيس وربطها بحبال وأشعلها وقت الصلاة فلما جاء النبي قال: نور الله قلبك يا تميم لقد نورت الإسلام !
 أحياناً الإنسان يرتاح في بيت الله يجد الجو مريح والصوت واضح المرافق نظيفة فيه مارد للشرب وماء ساخن للوضوء شتاء هؤلاء الذين ساهموا بالماء البارد واشتروا برادات وبالماء الساخن اشتروا سخانات ومكيفات و.....هؤلاء يجذبون الناس لبيوت الله عز وجل، أنا من أنصار أن يكون المسجد مريحاً لأنه بيت الله أولى من بيوتنا.
أيها الأخوة: أعيد عليكم الحديث:

(( عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ قَالَ أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً))

لو تعمقنا في هذه الفقرات أنت حينما تسبح الله تعظمه فتقبل عليه فتمتلئ نفسك كمالاً يدفعك هذا الكمال إلى أن تتصدق، حينما تسبحه وتكبره وتوحده وتهلله وقد ورد في قوله تعالى:

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)﴾

(سورة الكهف)

 بعض العلماء فسر الباقيات الصالحات بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر إنك إن سبحته وحمدته وحمدته وكبرته فقد عرفته وإن عرفته أقبلت عليه وإن أقبلت عليه أخذت من كماله، كمالك الذي أخذته من الله عز وجل ينعكس أعمال صالحة صار في صدقة إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَة وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا *

إخفاء الصور