وضع داكن
28-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 158 - ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله.......
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
أيها الأخوة الكرام : لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، ولا زلنا في باب قراءة القرآن والترغيب فيه، قبل أن نقرأ الحديث المقرر لهذا اللقاء .
 هل من واحد منا لا يلتقي بأقربائه و أنسبائه أو أصحابه أو أصدقائه أو زملائه أو جيرانه في لأسبوع مرة أو مرتين ؟ مستحيل ! الإنسان كائن اجتماعي ويأنس بأخيه الإنسان، لقاءات الناس مع بعضهم لقاءات مستمرة وحتمية، المشكلة ماذا يقال في هذه اللقاءات ؟ هنا المشكلة!
لو أننا جلسنا في وليمة أو حفلة أو نزهة في أي مناسبة، لو كنا أقرباء أو أصحاب أو زملاء أو جيران أو أنسباء ما الذي يجري من حديث فيما بيننا إما أن نقوم من هذا المجلس على أنتن من جيفة حمار أو كما قال عليه الصلاة والسلام:

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ..... ))

(صحيح مسلم)

 السكينة الراحة، في أي مجلس اذكر الله وفضله وقدرته ورحمته وعدله وأن المصير إليه وأنه لا يضيع عنده عمل ترتاح، وقد يكون في المجلس أغنياء وفقراء وأقوياء وضعفاء وكبار في السن وصغار، الله عز وجل يجمع كل القلوب .
 بعض الناس يتحدث عن رحلاته في الصيف ودخله غير محدود وأمامه أربعة أو أكثر ذو دخل محدود تشعرهم بالدون، أنا غير هذا الاستعلاء، والله عز وجل كبير ما من حديث في الدنيا أو في شؤون الدنيا أو مباهجها أو لذائذها أو شهواتها أو مناصبها أو متعها إلا تعقبه كآبة قاموا عن أنتن من جيفة حمار، المحروم احترق قلبه، والغني شعر بنفسه صغير لأنه متكبر لذلك:

 

(( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ))

 الحقيقة يوجد أحاديث كثيرة توسع المفهوم: مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ ليس الاجتماع مقيداً في بيت من بيوت الله، مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ إنسان يحكي كلمة عن آية أو عن صفات الله عز وجل الكاملة أو عن النبوة عن حكم شرعي أو عن مشهد من مشاهد يوم القيامة
إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ
أولاً: مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ
ما هذه السكينة ؟
 إخواننا الكرام: أنت قبل كل شيء نفس جسد وتأكل وتشرب كأي إنسان، لكن أحياناً تتمتع براحة لا توصف وتتمتع بضيق لا يوصف، السكينة عطاء من الله طبيعته نفسية تجد نفسك متوازن لست يائس ولست حاقد مطمئن مرتاح متفائل متطلع للمستقبل، هذه السكينة ورد ذكرها في القرآن الكريم وفي بعض الأحاديث الشريفة، لكن الملخص أنك تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء .
 أتحبون مثل موازنة صارخة ؟ والله الذي لا إله إلا هو لو كنت في قصر ثمنه ألف بليون وكنت منقطع عن الله وحجبت عنك السكينة فأنت أشقى الناي، ولو كنت في المنفردة وأنت مع الله فأنت أسعد الناس، فأقول عن هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء .
أساساً قال الله عز وجل:

 

 

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾

 

(سورة طه)

 تساءل بعض العلماء يا رب ما بال الملوك والأغنياء ؟ الملك ليس عنده مشكلة، إذا ارتفع البنزين هل يتألم ؟ لا، إذا لا يوجد بيوت أزمة سكن هل يشعر بالمشكلة ؟ البلاد كلها له قال: ما بال الملوك والأمراء ؟ قال: ضيق القلب، بقلب المقطوع عن الله ضيق لو وزع على أهل بلد لكفاهم، وبقلب الموصول بالله طمأنينة وراحة وسعادة وشعور بالحكمة المطلقة لو وزع على أهل بلد لكفاهم، لذلك:

(( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ))

 الرحمة مطلق العطاء فمنها الصحة وصلاح البال والتوفيق بالأعمال والرزق الحلال وزوجة صالحة وأولاد أبرار وآمن مطمئن .

 

﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)﴾

 

(سورة قريش)

 

 والسمعة الطيبة هذا كله من الرحمة نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ
هذه نقطة دقيقة: الله خصص لك ملك إذا كنت مؤمن يحفظك من أمر الله، أحياناً يكون ورطة في الشراء يضيق قلبك منها تتركها، يكون فيها إفلاس، لأنك مؤمن وغالي على الله ومستقيم وتخطب وده وأنت لا تعلم الغيب لكن الله يعلم الغيب .
 أقسم لي إنسان دفع مبلغ ضخم جداً جداً لوجه الله لإنشاء مسجد تكفل فيه كله، هو مصدر كبير والمستودع للسقف يصل وجاءته صفقة ثمنها نقدي، يوجد تاجر في الأرض لا يصدرها ؟ مستودعك للسقف يصل، وأصعب شيء على التاجر يجد بوجهه بضاعة والله عندما حكى على هذه النقطة قال:

 

﴿ وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا﴾

 

(سورة التوبة)

 لم يقل أحد ما عندك البضاعة كثيرة هو صديقي وجاءه طلب لدولة أجنبية والدفع كامل قال: شعرت بضيق ضيق لا يحتمل رفضها ‍! بنفس السنة كل من صدر كلف بضريبة مجموع الضرائب ألف وخمسمائة مليون، يوجد أناس أرباح أربعين سنة ذهبوا ضرائب !!! الله عز وجل نجاه من هذه الصفقة لأنه دفع لجهة أخرى مبلغ فلكي قال: لك معاملة خاصة سأضايقك، والله إخوان كثر وصالحون وورعون أين يوجد مطب يضيق نفسه هذه وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ
أحياناً تشرح لعمل ينتج منه خير كبير جداً، أو يضيق قلبك من عمل ينتج من تركه خير كبير، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ
أنت إذا ذكرت الله شيء وإذا ذكرك الله شيء آخر، أنت إذا ذكرته عبدته لكنه إذا ذكرك أسعدك ووفقك وحفظك وأكرمك وهداك وسدد خطاك ورفع ذكرك وأحسن خاتمتك ....
 رجل صالح جداً من كبار تجار الشام توفي رحمه الله، قال له الصانع: سيدي إذا كنت أنا أخذت محل تحزن ؟ لا والله ! بدأ بالمحل، سؤال ثاني قال: إذا كان قريب منك ؟ قال: لا يهم، قال: ليس معي فروغه !! قال: أعطيك فروغه، من شدة صلاحه أخذ له محل ودفع له فروغه وجعله يستقل ! متى توفي ؟ يوم سبع وعشرون رمضان يقرأ القرآن !! إذا كنت مع الله عز وجل الله معك .
 يوجد شخص عينه ضيقة لا يحب أن يشاركه أحد برزق لا يتحمل لا يعلم أن الله هو الرزاق، والله أخ توفي رحمه الله عنده محل كاتو قريب من البحصة دخل لعنده واحد أرمني من الحسكة قال: أتعلمني الكاتو ؟ قال: على عيني صنع بعض الطعام أمامه واكتب عنها، وبعدما انتهى أجبره على أن يصنع أمامه مثلها أتقنها، يقسم بالله العظيم من ثلاثين سنة لم تمضي سنة إلا ويأتيه ليشكره ويحضر له هدية معه ! ماذا حصل ؟ الله هو الرزاق ! فتح محل كاتو بالحسكة لا يعرف صنع الكاتو، جاء للشام عمل محاولة دخل وسأل قال له: تكرم
أحياناً يعطيك أب ابنه لتعلمه الميكانيك يشغله بتكنيس المحل وإتيان الطعام وعند فك المحرك يخرجه من المحل لا يبقيه ! الله كبير، المسكين صار معه سرطان ! هو يعرف ماذا فعل مع الله .
 والله قصة لا أنساها: أحد إخواننا لي أخ غالي علي له ثلاث عشر أخ وأربعة عشر ولداً وأبوهم موظف وأخت تعمل في القضاء، وجدت جمعية تعاونية لإنشاء البيوت ليس معها ثمن البيت كامل، قالت: يا أخي هل تدفع معي نصف ثمن البيت ؟ قال: لا بأس فاشتروا بيت سوية، القصة من خمس وعشرون سنة البيت ارتفع ثمنه، كلفهم خمسمائة ألف كامل مكسي صار ثمنها ثمانية عشرة مليون وأخته محامية قالت له: سأعطيك فقط مليون وليس لك شيء، هو باسمها، قال: ألم تأخذي مني ثمن نصف البيت تماماً ؟ قالت له: لو كان ذلك لا يوجد باسمك شيء وهي عانس، يا أختي ليس عندي مكان آخر أربعة عشر ولداً أحدهم من إخواني إلا وأخرجته، قال ابنه: والله يا أستاذ أخذنا مستودع في زملكا ونصف الأولاد في بيت جدي والنصف الآخر في بيت جدتي وتشردنا بعد جمعة قال: عمتي معها مرض سرطان، قلت له خير إن شاء الله، لكن أنا أعرف أن هذا المرض يتحمل سنتين في المعدة، بعد شهر توفيت عمتي، ممكن تلقي لنا كلمة ؟ قلت له حسناً ألقيتها في نفس البيت من وريثها الوحيد ؟ أخوها! استرجع البيت كله وقصفها الله قصف، لعنها الله والملائكة والناس أجمعون، الله كبير، مشكلتنا أننا نعرف كم قصة من أولها لكن سمعت مليون قصة من آخرها تثير حيرتك، كل شيء بحسابه وكل شيء بدقة .
فيا أيها الأخوة:

(( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ))

 إذا ذكرك يحفظك ويصرك ويوفقك ويسدد خطاك، إذا ذكرته أديت واجبك، أما إذا ذكرك فيكون أعطاك، فالسكينة سعادة والرحمة توفيق، والملائكة تصحيح وذكر الله جمع كل هذه العطاءات إذا جلست في مجلس ذكرت الله فيه .
وقم بتجربة ذلك في كل جلسة اذكر الله عز وجل، لا تدع الموضوع يمشي تجد غيبة ونميمة ومحاكاة ومزح وتقليد ثم يصبح المزاح مزاح بمستوى منخفض ثم تجد نفسك مثل مستنقع آثم

إخفاء الصور