الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أيها الأخوة الكرام:
 لا زلنا في إتحاف المسلم لما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم ولا زلنا في باب الترغيب في تلاوة القرآن، وفي اللقاء السابق كان الحديث عن سورة الفلق ويقول عليه الصلاة والسلام عن عقبة بن عامر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ))

أما:

﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)﴾

( سورة الناس )

 هناك رب الناس، وإله الناس، وملك الناس، فالملكية ملكية مطلقة، الله عز وجل يملك الكون، خلقاً وتصرفاً ومصيراً، فقد تملك ولا تنتفع، وقد تنتفع ولا تملك، وقد تملك وتنتفع وليس لك المصير، أما ملكية الله عز وجل، خلق وتصرف ومصير، هذه أوسع أنواع الملكية .

﴿ مَلِكِ النَّاسِ (2)﴾

( سورة الناس )

 أما " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " مقام الربوبية، الله عز وجل خلق الخلق وأمدهم بما يحتاجون، خلقك وخلق الهواء من أن تتنفسه، خلقك وخلق الماء، خلقك وخلق الطعام والشراب خلقك وخلق لك زوجة، خلقك وخلق لك وسائل للحياة معايش، يعني هذه الأرض كل شيء يحتاجه الإنسان فيها .
مثلاً في الحرم المكي رخام أبيض، الحر 56، وهو بارد، معظم الحجاج يتوهمون أن تحت هذا البلاط تبريد، رخام من نوع خاص، لا يمتص الحرارة إطلاقاً، كأن الله سبحانه وتعالى خلقه لهذه المهمة .
فكل ما تحتاجه من معادن، أشابه معادن، تريد معادن تتأكسد في حديد، معادن لا تتأكسد ذهب، معادن وزنها خفيف لكنها متينة الألمنيوم، المعادن وأشباه المعادن، أنواع النباتات لا تعد ولا تحصى .
مرة قدم لي كتاب 18 عشر مجلداً، كل صفحة نوع من الورود، 18 عشر مجلد وكل مجلد سماكته 8 سانتي، وكل صفحة وردة، هذه ليست للطعام، ولكن لإمتاع الإنسان .
هل تصدقون في بالبحر مليون نوع من السمك، الأطيار، الأسماك، الحيوانات الجارحة، والغير جارحة، الحيوانات الأهلية .

﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72)﴾

( سورة يس )

 الحيوانات الصغيرة، البعوضة، الحشرات، الذبابة، النحل، النمل، فهذا الكون معنى رب الناس .

﴿ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)﴾

( سورة طه )

 خلق وأمد، هذا مقام الربوبية، لكن مقام الألوهية يتصرف، الأمر بيده .

﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾

سورة الزخرف الآية: 84 )

 هو المعطي، هو المانع، هو الرافع، هو الخافض، هو المعز، هو المذل، ألا ترون أن الله ينزع الملك ممن يشاء، إنسان قبل حين اسمه يلقي الذعر بين الناس، هو الآن يصور جثة، ألا ترون كيف أن الله ينزع الملك ممن يشاء .
مر بالنبي الكريم جنازة، فقال عليه الصلاة والسلام:

(( مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ فَقَالُوا: مَا المُسْتَرِيحُ وَمَا الْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدّنْيَا وَأَذَاهَا وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشّجَرُ وَالدّوَابّ ))

[ متفق عليه ]

 ماذا فيه الكون ؟ فيه جماد، وحيوان، ونبات، وإنسان، فيه غير ذلك ؟ استراحت مِنْهُ الْعِبَادُ ـ الجمادات ـ وَالْبِلاَدُ وَالشّجَرُ وَالدّوَابّ " المؤمن إذا مات بكت عليه السماء والأرض، غير المؤمن إذا مات ما بكت عليه السماء والأرض، لعلهما إذا مات تفرحان .

﴿ إِلَهِ النَّاسِ (3)﴾

( سورة الناس )

 المسير، المعطي، المانع، المعز، المذل .

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)﴾

( سورة آل عمران )

 المالك يملك كل شيء، خلقاً وتصرفاً ومصيراً، أما الرب هو الذي خلق وأمد أما التصرف يرفع، ويخفض، ويعز، ويذل، ويعطي، ويمنع، ويهب الصحة، يبتلي بالمرض، ويجعل إنسان غني وإنسان فقير، إنسان عزيز وإنسان ذليل هو الإله، ماذا بقي " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ " الآن رب الناس، وإله الناس، وملك الناس .

﴿ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)﴾

( سورة الناس )

 دقق أيها الأخ، أكبر جريمة أولها وسواس، أكبر عمل فيه معصية أساسه وسواس، قال بعض العلماء رحمه الله تعالى: قال تأتيك خاطرة، خاطرة شيء يمر سريعاً فإن لم تدفعها انقلبت إلى فكرة، فإن لم تعالجها انقلبت إلى عزيمة، يعني في تحرك، فإن لم تدفعها، انقلبت إلى شهوة، فإن لم تعالجها انقلبت إلى فعل، فإن لم تتب منه انقلبت إلى عادة والعادة محكمة ومستحكمة، وقد يموت الإنسان عليها، أكبر جريمة تبدأ من أين ؟ تبدأ من خاطرة، من وسواس

(( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ ))

 الآن مثلاً إذا قلت لواحد والله ثم والله ثم والله يكون المقسم به شيء صغيرة، أنه يوجد قلم رصاص ما وجدته، تتناسب معك هذه ؟ لا تتناسب، ثلاث أيمان والله ضاع منك قلم رصاص ! أما سند بنصف مليون لم تجده مقول تقول والله ثم والله ثم والله لم أجده، فلما قال الله " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، ِلَهِ النَّاسِ " من شيء مدمر " مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ " خاطرة، الزنا يبدأ بخاطرة، السرقة بخاطرة، القتل بخاطر، الجرائم الكبرى تبدأ بخاطرة، يعني وسوسة، لكن هذا الشيطان الوسواس الموسوس، معك سلاح ماضي، معك سلاح خطير، معك سلاح فعال لمجرد أن تقول " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، ِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ " الله ابتلاك وأعطاك أسلحة .

﴿ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)﴾

( سورة الناس )

 قال جاء شيطان إلى عند رجل مجرم، فسأله الرجل ماذا أفعل ؟ هي قصة رمزية، فقال له افعل كذا، قاله فعلتها، افعل كذا، قال له فعلتها، أعطاه الشيطان عشر حلول جهنمية، فإذا بهذا الإنسان قد فعلها كلها، قال كفى ما عندي شيء، فقال له الشيطان أنت ماذا تنوي أن تفعل قال له كذا وكذا، قال له اتقِ الله يا رجل .
لذلك قال الله:

﴿ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾

( سورة الأنعام الآية: 112 )

 لماذا قدم شياطين الإنس ؟ لأنهم أشد فتكاً من شياطين الجن، الجن يتعلمون من الإنس دروساً، فهذا الوسواس الخناس

﴿ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾

 من الجنة يعني شيطان، أنت ماشي لوحدك خطر في باله أن هذا له معي مبلغ لكن ما معه وصل، ينكره عليه، غني وما له بحاجة، من هنا بدأت، له عليك مئة ألف وما أخذ منك وصل، تبدأ القصة أن هذا غني، بطران، ماله حرام، هذا مو شغلك أن تقول حرام في عليك مئة ألف، ما معه وصل، يحلفك يمني، أحلف على نيتي، أمري المفاتيح والله ما أخذتهم، نظرت إلى الشيطان كيف يعطيك الطريق، أيام تحصل جرائم جنسية جرائم مالية جرائم اجتماعية، تبدأ من وسوسة

﴿ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾

 أو يأتيك صديق لمَ لم تسافر، ماذا تريد من هذه البلد، يقول لك غير حياة هناك الشهوات في متناول يدك، يقول لك بعلبة علكة تنام معك واحدة، قلت له التي فيها حبتان أم اثنا عشر حبة، قال لي التي فيها حبتان، قال لي بعلبة علكة حبتان تنام معك بنت برومانيا ما شي، بعد دقيقتين قال لي والله أنا كنت مرة برومانيا، قال لي خرجت الساعة الثانية في الليل لألحق المطار بأيام الشتاء، قال لي الثلج مترين، وجد طابور أقسم بالله خمسة كيلو متر سأل ما هذا ؟ قال أعلنوا البارحة في توزيع نصف كيلو من اللحم للمواطنين من الساعة الثانية بالليل واقفون والثلج مترين حتى يأخذ الواحد الساعة الثامنة نصف كيلو لحمة بسعر مخفض ماذا حصل ؟ ما دام بحبتين علكة تنام معك بنت، تفضل هذا العلاج، هان أمر الله عليهم فهانوا على الله، هذه قاعدة عامة، أي مجتمع يهون أمر الله عليه هذا المجتمع بأكمله يهون على الله تجد العدو يحتل، ويدمر، ويذل، وينهب، ولا أحد يرعه .

﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ، مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾

يأتي شخص ويقول لك ماذا تريد من هذا البلد، أو ماذا تريد من هذه التجارة كيلو حشيش مئة ألف أجرته، أنت تعبان هلكان يدلك على معاصي .
 يا أخوان في نقطة مهمة، الله عز وجل لحكمة بالغة جعل الحلال صعب والحرام سهل، لو كان العكس لأقبل الناس جميعهم على الحلال لا عن عبادة ولا عن محبة لله، ولكن لأنه أسهل، ولترك الناس الحرام، لكن الله جلت حكمته، الآن أربح شيء بالعالم تجار المخدرات، أربح شيء، في ألف ضعف الربح، يعني ثمن المخدرات في بلد المنشأ محل زراعتها وبلد البيع الفرق ألف ضعف، بعد تجارة المخدرات تجارة الأسلحة، كلها عقود إذعان، البتريوت ثمنه اثنان ونصف مليون دولار، أيام يضربوا أربعة خمسة من أجل يصدوا صاروخ، يعني عشر ملايين دولار، ضرب خمسين، على حسابنا الواحد يأكل قتلة ويدفع أجرة .
 فهذا الذي يحصل، هان أمر الله على الناس فهانوا على الله، ثاني تجارة السلاح الثالثة المبيدات النباتية، يعني كله إبادة، إبادة العقل والسعادة بالمخدرات، إبادة الأجسام بالأسلحة، إبادة الحيوانات، هذه أربح تجارة في العالم .
فكل شيء فيه تدمير غالي، يقول لك كلفت الحرب فرضاً 80 مليار إلى الآن كل يوم فيه نصف مليار مثلاً، أرقام فلكية، أما كل شيء حلال صعب والحرام سهل .
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عامر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

﴿ ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ﴾