وضع داكن
24-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 030 - أحاديث مختلفة عن الصلاة2
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة المؤمنون: لازلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، وقد تحدثنا البارحة عن فضل الصلوات الخمس، واليوم ننتقل إلى موضوع فضل الصلاة مطلقاً، أية صلاة من الصلوات الخمس أو الرواتب أو النوافل، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( عن مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيُّ قَالَ لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ أَوْ قَالَ قُلْتُ بِأَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ فَسَكَتَ ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسـُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً ))

(صحيح مسلم)

 نحن عبيد وكلما أعلنا عن عبوديتنا يرفعنا الله، كلما أعلنا واعترفنا ومارسنا عبوديتنا لله ومرغنا جباهنا في أعتابه رفعنا الله، وكلما استعلى الإنسان واستكبر خفضه الله، أنا لا أعتقد أن في الأرض كلها من آدم إلى يوم القيامة إنساناً أعزه الله كرسول الله، كما أني لا أعتقد أن في الأرض كلها من آدم إلى يوم القيامة أن إنساناً خضع لله وتذلل له كرسول الله ! فالعلاقة عكسية كلما خضعت له رفعك، وكلما تكبرت وضعك أبداً !
لمجرد أن تقول: أنا يتخلى الله عنك، لمجرد أن تقول الله يتولاك الله، بعد فتح مكة لم يجتمع في الجزيرة العربية جيش كجيش المسلمين عشرة آلاف سيف وفارس، لم يجتمع في تاريخ الجزيرة جيش كجيش رسول الله الصحابة هؤلاء الذين باعوا أنفسهم في سبيل الله، لعلهم تحدثوا بقلوبهم لن نغلب اليوم من قلة، نحن كثر، ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين، إلى أن وقف النبي أمام حنين وحده وقال: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب أمسك حفنة من الرمل وقال: شاهت الوجوه. بينما في بدر كانوا ثلاثمائة وأمامهم جيش عرمرم، فرسان قريش وأبطالها وأشدائها بخيلهم ورجلهم وعدتهم وعتادهم جاءوا قال:

 

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾

 

(سورة آل عمران)

 درس لنا إلى يوم القيامة ! كلما خضعت إلى الله رفعك، وكلما تكبرت وضعك، إذا قلت أنا تخلى الله عنك، إذا قلت الله تولاك الله.

 

(( سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُود))

 السجود دليل عبودية لله أنا أنصح أيها الأخوة: إن أردت أن تقابل شخصاً قل: اللهم إني تبرأت من حولي وقوتي والتجأت إلى حولك وقوتك وعلمك ياذا القوة المتين تلهم الصواب، إن أردت أن تنجز عملاً افتقر إلى الله.
سمعت عن طبيب عصبي جراح أعصاب له سمعة كالمسك، المريض في غرفة العمليات وقد خدّر لا يبدأ العملية حتى يصلي ركعتين لله عز وجل وافتقر فيهما إلى الله، تبرأت من حولي وقوتي وعلمي، والتجأت لحولك وقوتك وعلمك، كم من طبيب من أشهر الأطباء استأصل الكلية السليمة وترك الكلية المريضة فأقاموا عليه دعوة فدفع كل ثروته ! لمجرد أن تقول أنا يأخذ الله كل خبرتك يسلبها وكل علمك وكل مهارتك فقال: عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُود بالمعنى الدقيق الافتقار إلى الله، ممكن أن تسجد بالجامع، وممكن وأنت تسير بالطريق تقابل إنسان وهذا الإنسان مهم وبيده الأمر وأنت قد لا تؤتى حجة قوية، تقول يا ربي اللهم إني افتقرت والتجأت لحولك وقوتك وعلمك وتبرأت من حولي وقوتي وعلمي هذا سجود، هذا الدعاء وأنت ماشي واقف حقيقة السجود وقد تسجد، لكن ليس بكل مكان تستطيع أن تسجد، مثلاً أنت بالمطار لا تستطيع أن تسجد أمام الناس، ممكن أن تسجد بهذا الدعاء، اللهم غني تبرأت من حولي وقوتي وعلمي والتجأت إلى حولك وقوتك وعلمك ياذا القوة المتين.
مستحيل وألف ألف مستحيل أن يخيبك الله إذا التجأت إليه، تتمة الحديث:

 

 

(( فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً ))

 الآن أعلى مقام بلغه النبي الكريم في الكون جنس الإنسان الجنس الأول:

 

 

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾

 

(سورة الأحزاب)

 والأنبياء قمم البشر والرسل فوق الأنبياء.

 

﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾

 

(سورة البقرة)

 والنبي عليه الصلاة والسلام يقع مكانه في أعلى مرتبة في بني البشر ! أين بلغ ؟ بلغ سدرة المنتهى، ماذا قال الله في حقه ؟ قال:

 

﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)﴾

 

(سورة النجم)

 وهو في أعلى مقام بلغه إنسان كان عبداً لله.

 

﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19)﴾

 

(سورة الجن)

 فأنت إذا عبدت الله وعبرت عن عبوديتك بالسجود لله، والله مرة ف بالكومبيوتر مشكلة أؤلف كتاب وكنت أعمل منذ سبع ساعات وجد خطأ فضاع كل العمل ! فالله بعد حين مكنني أن أسترجعهم، فسجدت لله ركعتين، سبع ساعات عمل ضاعوا، أي إنجاز يسره الله لك شيء تحقق أو نجح فيه شيء لاقى القبول نجحت بإلقاء كلمة نجحت برحلة اسجد لله عود نفسك أن تسجد سجود الشكر دائماً.

 

﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾

 

(سورة إبراهيم)

 ما الذي يمنعك إذا كان لديك مشكلة وحلت أن تركع فوراً ركعتان لله عز وجل ؟ سجود الشكر، يا ربي أنا قدرت أنك أعنتني ويسرت الأمر لي أنت سهلت لي الأمر، أنا عبدك وابن عبدك وابن ابن عبدك ناصيتي بيدك ماض في قضاءك نافذ في حكمك أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تنزل بي سخطك أو أن تحل علي غضبك، أعوذ بك من فجأة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سقمك لك العتبة حتى ترضى لكن عافيتك أوسع لي، هكذا.
ويقول عليه الصلاة والسلام:

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ))

 

(صحيح مسلم)

 أقرب حالة وأنت مع الله وأنت ساجد فأكثروا الدعاء، أليس لك طلبات عند الله ؟ لما لا تدعو الله دائماً ؟ من لا يدعني أغضب عليه، إن الله يحب الملحين في الدعاء، إن الله يحب من عبده أن يسأله حاجته كلها، إن الله يحب من عبده أن يسأله ملح طعامه، إن الله يحب من عباده أن يسأله جزء نعله إذا انقطع ‍! لما لا تدعو الله دائماً ؟ يا ربي وفقني ويا ربي ارزقني طيباً واستعملني صالحاً، يا ربي اهدني واهدي بي، يا ربي أنا بك وإليك، إن دخلت بيتك أو خرجت منه، إن دخلت لعملك، يا ربي أعني وألهمني الصواب يا ربي أنا عبد بين يديك، خاضع لك.

(( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ))

وعن ربيعة بن كعب رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: يا ربيعة سلني حاجتك.
 رأى خدمته ديناً عليه، هكذا العظماء، لا أحد مكلف أن يخدم أحد أبداً، سيد الخلق من ينبغي أن نفديه بأرواحنا خدمه أحد أصحابه ربيعة شاب صغير، رأى خدمة ربيعة ديناً عليه قال له: يا ربيعة سلني حاجتك فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة ؟ هذه أهم واحدة، قال: أو غير ذلك ؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود.
 هنا لفتة لطيفة: الجنة يلزمها كسب، قال واحد لأبوه الملك قال: أريد أن تعينني رئيس الجامعة، قال له: هذه ليست بيدي، أعطيك سيارة بيت قصر مركبة بالبحر طائرة خاصة هذه سهلة، أما أعينك أستاذ في الجامعة هذه يلزمها دكتوراه، هذه عليك وليست علي، أعطني الدكتوراه وتعال لأعينك تقريباً يعني، فالجنة يلزمها سعي، مادام سألتني أن تكون معي في الجنة هذه لها ثمن لكن تملكه أنت لا أنا، أعني على نفسك بكثرة السجود.
 

(( مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ ))

(صحيح مسلم)

 هذه الصلاة المكتوبة إن أحسنت الوضوء والصلاة وخشعت في الصلاة كانت كفارة لما قبلها من الذنوب.
وفي حديث آخر:

 

((.... إِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ))

 

(صحيح مسلم)

 قال صليت المغرب ركعتين، قال لا ثلاثة أنا متأكد، قال كيف متأكد ؟ قال أنا عندي ثلاث صناديق حليت كل صندوق بركعة ! يوجد فرق بين الصناديق، بكل ركعة حليت صندوق إذاً صلى ثلاثة وعيان على نفسه جداً، لكنه سهى في صلاته، ولو أن الله قال: فويل للمصليين الذين هم في صلاتهم ساهون هلكنا جميعاً لكن الله قال:

 

﴿ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)﴾

 

(سورة الماعون)

 فإذا صلنا ينبغي ألا نسهو.
والحديث الأخير:

 

(( عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ))

 

(صحيح مسلم)

 مستحيل إنسان مصلي يرتكب حماقة معه نور، أوضح مثل: راكب سيارة فيها إضاءة شديدة جداً، والطريق وعر فيه حفر وصخور وأكمات، مادام الطريق مكشوف تماماً أمامك مستحيل أن تقع بخطأ، متى يأتي الخطأ ؟ إذا انطفأت الأنوار فجأة، توجد صخرة دخلت فيها، جورة هبطت بها، مادام الطريق مكشوف، وهذا معنى قوله تعالى:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾

 

(سورة الحديد)

 أنت تمشي بنور ! مستحيل مؤمن يقع بحماقة معه نور يصلي يلهم الصواب والحكمة.

 

﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾

 

(سورة البقرة)

يلهم الحكمة والصوام

إخفاء الصور