وضع داكن
24-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 022 - اتقوا اللاعنين.........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الإخوة المؤمنون: لازلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، ونحن في باب الطهارة، والموضوع:
الترهيب من التخلي على طرق الناس أو ظلهم:

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ *))

 

(مسند الإمام أحمد)


 الذي يقضي حاجته في الطريق، الطريق مكان عام، يجب أن يكون نظيف، طاهر، فالذي يقضي حاجة في الطريق هذا ملعون، أو في شجرة ظليلة، في أيام الحر الناس يجلسون حولها، يأتي ويقضي حاجته تحت الشجرة، فأصبحت هذه النجاسة مقززة منفرة لمن يجلس تحت الشجرة، وهو لا يدري يلعنه، الآن يوجد عندنا قاعدة أصولية لما النبي عليه الصلاة قال:

 

 

(( عن أبي موسى ومعاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن فأمرهما أن يعلما الناس أمر دينهم وقال: لا تأخذ الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر. ))


رواه الطبراني في الكبير
 في بيئة مكة والمدينة يوجد قمح وشعير وتمر وزبيب، حسناً محصول في بلاد أخرى الرز ؟ محصول يباع بمئات الملايين، الحمص ؟ العدس ؟ فكل هذه المحاصيل معفاة من الزكاة لأنها لم ترد في قول النبي ؟ العلماء قالوا: تجب الزكاة في علتها لا في عينها.
 ما علتها ؟ أنها محصول استراتيجي أساسي، يخزن، قوت الناس، فأي محصول يخزن ويعتمد عليه الناس في أقواتهم يأخذ علة القمح والشعير والتمر والزبيب، فبهذه القاعدة يصبح أي محصول زراعي أساسي في أمة ما يخزن ويمون، ويمول، تجب فيه الزكاة.
حالة ثانية: النبي عليه الصلاة والسلام قال:

 

 

(( عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ.. ))

 

 

(سنن ابن ماجه )


 لأن حكمه ليس دقيقاً، حكم مضطرب لأن القاضي غضبان، فقد الغضب علة النهي أن الغضب يجعل الحكم مضطرباً، حسناً القاضي ابنه مصاب بالتهاب السحايا، وقال له الطبيب: ابنك مصابح مماسي. هل هذا القاضي مؤهل أن يصدر حكم ؟ مضطرب. يوجد خبر سيئ، يوجد أمر خطير، طلاق، مرض، فالعلماء حملوا على هذا الحديث أكثر من ثلاثٍ وثلاثين حالة، هذا يأخذنا إلى موضوع العلة.
 القرآن حرم الخمر، الآن يوجد مخدرات، لم ترد، يوجد mlsb، يوجد هيرويين، وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، معنى هذا أنها غير محرمة، لا بل هي محرمة، بالقياس، علة تحريم الخمر أنه يسكر، وأي شراب يسكر فهو محرم، الخمر لها مائة اسم في أوربا، أسماء لا أحب أن ألفظها أساساً، ومن أغرب الأسماء مشروبات روحية، قيم روحية، ومشروبات روحية، هذا هو مجتمعنا المعاصر، قيم روحية وتعني دين، ومشروبات روحية، فهل معنى إختلاف الأسماء أنها غير محرمة ؟ محرمة بالقياس، هذه المقدمة من أجل أن نعود للحديث

 

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ ))


 نحن الآن لدينا حياة أخرى، ممكن أن نحفر حفرة في الطريق، من دون علامة، إنسان يسير في الليل بسرعة عالية دخل بحفرة فماتت زوجته، هذه أخطر !! عدم استخدام الإشارات، إنسان يسير في الليل بدون ضوء قد يكون حادث مروع، أنا أذكر مرة قادم إلى الشام من حمص فجأة وجدت أمامي سيارة شاحنة بلا ضوء، الله عز وجل سلم، فعدم وضع مصباح أحمر في المركبة هذا أخطر من اللاعنين، قس عليها حفرة قد يقع فيها طفل، دخلنا بناء في الميدان، دعاني أخ إلى طعام الغداء غرف المصعد فارغة، ومن دون جدار، كم حادث في هذا البلد الطيب، أطفال ماتوا، دفعه أخاه فوقع في الحفرة فمات، كم حادث ؟ فهذا الحديث خطير جداً ويمكن أن يقاس عليه مليون حالة، الشاحنات الكبيرة أحياناً تقف في طلعة فتضع حجر !! ثم تكمل طريقها، حجر ثلاثين بثلاثين موضوع في ثلث الطريق، هذا الطريق فيه سير، لايهمه !! هو مشي، هو حل مشكلته ومشى، فيمكن أن نقيس على أي عمل يسبب لك اللعن، هذا مقياسه، أي عمل يسبب لك اللعن، أحياناً يكون بأثاث مسمار، كم ثوب يمزق بهذا المسمار ؟ قد يكون ثوب غالٍ جداً، قد يكون ثوب وحيد، أحياناً الذي يبلط يقلل من الإسمنت، فبعد يومين تبدأ البلاطة بالهز، تهطل المطر، تدوس عليها فترشم أحد ما، فتقول: لعن الله من بلط. تلعنه، وطالما أنك لعنته صار ضمن الحديث، على عهد النبي كان أصعب شيء أن شخص في ظل شجرة أو على قارعة الطريق، الآن البلاط يُلْعَن أحياناً، ركب دش مستعجل، السوق حامٍ جداً، سوق الرذيلة تكون حينها حامية، ركب الدش ووضع برغيين، جاءت رياح فطار الصحن وجاء فوق طفلة ابنة صديقي فقتلته، وهي في صف الثاني الإعدادي، مثل الوردة، لعن الله من ركب هذا الدش، صحيح ؟ انظروا القاعدة، اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ.
 بلور مستعجل ركبه ووضع له مسمارين فقط، رجل دفعه بعزم فوقع البللور فوق طفل فقتله، من مدة مكرو باص في المهاجرين قتل أربع أو خمسة أطفال، لا يوجد معه مكابح، فإن كان الرجل لا يوجد معه مكابح فمعنى ذلك أنه ملعون، والله لا أبالغ، أكثر من مائة ألف حالة تنطبق على هذا الحديث في حياتنا

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ ))


 حتى أنا أعد قانون السير جزء من الدين، إتباع قانون السير، لا تعطي إشارة، تمشي وأنت شارد، ترتكب أخطاء في القيادة، تتسبب في حادث مروع أنت المسؤول فيه، أي عملٍ يسبب لك لعناً فهو محرم، لأن ألسنة الخلق أقلام الحق، أنت اذكر اسم شخص واسمع المديح جزاه الله خيراً، رحمه الله، علَّى الله قدره، معنى هذا أن عمله طيب، اذكر اسم شخص آخر، قال أحدهم لأمه: لماذا يسب الناس أبي، قالت له: لقد مات وانتهى الموضوع. ثم سألها: ماذا كان يعمل ؟ قالت له: إن أباك كان كلما مات ميتاً يشلحه كفنه ويبيعه.
عندما يموت الميت يفتح القبر ويشلحه كفنه ويتركه في القبر، يمشي في الطريق ويقول: رحم الله الميت، لأنه كان يبقي الميت في القبر.
 فتجد أحياناً عملاً يسبب اللعن، وعمل يسبب السباب، وعمل يسبب سباب الأب، فأنت كمؤمن يجب أن تراعي، أحياناً قشرة موزة تميت إنسان، كرجل عمره ثمانون عاماً معه ترقق عظام، وقع على حوضه، هذا كسر مميت، إن وجد أحد ما معه ترقق عظام وسقط على وركه فقد انتهى، والعملية معقدة جداً، معنى هذا أن إشارات المرور مهمة، قواعد السير مهمة أن لا يوجد مسمار، مرة كنت في أمريكا لفت نظري أن كل عامود كهربائي ليس له أشرطة، وكان تثبيته بشريط بولاد، حول الشريط أسطوانة من الإسفنج ثخنها عشرة سنتيمترات، حتى إن كان يوجد طفل صغير يركض ولم ينتبه لها لا يتأذى منها، إذاً يوجد اهتمام.
 دخلت مرة لملعب فرأيت أدوات الرشاقة، والأرض سوداء ! لماذا سوداء ؟ أمسكت بقطعة فإذا بها قطعة كوتشوك، كل إطارات السيارات المهترئة تذهب إلى معمل وتفرم كمكعبات، يضعونها تحت الملاعب حتى لو وقع الطفل فلا يتأذى، فإن كانت الأرض قاسية نلعن الشخص.
 ألم يقل سيدنا عمر: والله لو تعثرت دابة في العراق لحاسبني الله عنها.؟ مرة كانوا يصنعون مقطع بطريق باتجاه حلب وضعوا مادة للتجريب آذت ثمانية عشر سيارة، ومات فيهم قتلى، ويقولون لك: ماذا حدث ؟ قضاءاً وقدراً !!! والله من يرتكب خطأً ويقصر ويؤذي الناس ويقول قضاءاً وقدراً فيجب أن يعذب مرتين، مرة لأنه قصر، ومرة لأنه افترى على الله، حسناً كل قضية نخطئ بها نقول قضاءاً وقدراً.
 كم من مريض مات بسبب إهمال ؟ يقول لك سبحان الله انتهى أجله، هذه لا تحتاج إلا إلى توبيخ، طبيب مناوب يلعب بالطاولة، هو الآن غير متفرغ ليرى المريض فمات، كان من الممكن بإبرة أن يسعفه بها، ممكن بإنعاش، سأنزل الآن، وهو يكمل لعب الطاولة، فكم مشكلة في حياتنا هذا الحديث يحلها ؟ أي شيء يسبب لعن الناس لك محرم، الدين ليس صلاةً فقط بل هو استقامة، كم من حادث، كم من إنسان أوذي.
روى لي طبيب نسائية عن مريضة ولادة ولدت، من نظام المشفى أن يضعوا أوراق المريضة على طاولة صغيرة قرب غرفة العمليات، نسوا أن يأخذوا الإضبارة، فنجحت الولادة وذهبت المريضة الأولى، ثم أتوا بمريضة ثانية ونسوا أن يحضروا أوراقها، فالطبيب المولد وجد المريضة وقربها إضبارة، احتاجت إلى دم، فتح الأوراق وحدد منها زمرة الدم، ولما أعطي للمريضة كان الدم غير متوافقاً، فانحل دمها وماتت، هل من الممكن أن إنسانة لها خمسة أطفال تموت من أجل أننا نسينا أن نحضر إضبارتها ؟ هذا الذي يحدث أحياناً، فما موضوع إنسان تبول في الطريق أمام هذه الحوادث ؟ الأمور كبيرة جداً، والله أنا أريد أن أرش دالية العنب، أحضر دواءاً مشهوراً وأرش به العنب، لكن هذا الدواء إن بعت العنب قبل مضي شهرين من رش هذه المادة فهذا الدواء مسرطن، هذا الدواء أمانة شهرين، قبل شهرين العنب مسرطن، أنت لا تبيع عنباً بل أنت تبيع مادة مسببة للسرطان، أنا بذهني أشياء كثيرة الحديث منطلق، تعملوا يا أخوان، إن كنت مزارع فصحة الناس بعنقك، رجل قادم من السعودية إلى الشام بسيارته، معه زوجته وخمسة أولاد، غَّير زيت علبة السرعة، صاحب المحطة قال للطفل غيِّر الزيت، هذا الطفل غيَّر الزيت وهو يشد البرغي طلبه معلمه، فتركه ولم يكمل شده سأله ماذا حدث ؟ قال له: اذهب كل شيء جاهز. مشي وإذا بالزيت ينزل، كانت الحرارة ست وخمسون، توقف المحرك، نزل ليرى ما القصة فأصابته ضربة شمس فمات، والله أنا إيماني أيها الأخوة أن صاحب هذه المحطة سوف يحاسب عند الله كقاتل، قتل شخصاً معه زوجته وأولاده بضربة الشمس لأنه لم يشد البرغي، لماذا نحن متخلفون ؟ لأننا لا يوجد عندنا إتقان.
فيا أيها الأخوة: أنا لم أرد موضوع التبول بالطريق فقط، أردت من هذا الحديث مائة ألف حالة يعيشها الناس جميعاً وهذه كلها صاحبها ملعون

 

إخفاء الصور