وضع داكن
26-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 033 - من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح.......
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الإخوة الكرام ؛ لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، والحديث اليوم حول الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة، والترهيب من التأخر عنهما،

(( فعن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ ))

(رواه مسلم)

 هذا مما يجزئ عن أن يقوم الليل كله،

((مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ ))

 الحقيقة الخروج من البيت، والذهاب إلى المسجد، والاقتداء بإمام قارئ، يستمع إلى آيات طويلة مجوّدة، ثم يذكر الله عز وجل، هذا لم يضيع عمره، فكأنما قام الليل،

((وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا - زحفًا - وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ ))

(رواه مسلم)

 أي لفضل هاتين الصلاتين، لفضليهما في جماعة يوشك النبي أن يحرق بيوت الذين لا يصلون الجماعة، والجماعة رحمة، مثلا صلاة في الجماعة يعقبها درس أحيانا، هناك في أكثر المساجد عقب صلاة الفجر هناك كلمتان للإمام، عقب العشاء ـ هناك بعض التوجيهات للإمام، فأت مع صلة مع العلم، الحقيقة ديننا الإسلامي العظيم ينفرد بعبادة تعليمية، هي صلاة الجمعة، وقد قال الله عز وجل:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾

 

(سورة الجمعة)

 أجمع علماء التفسير على أن ذكر الله هو الخطبة، فهذا الإنسان الساذج الذي يقول لك: أنا الحمد لله أدركت صلاة الجمعة فقط، ما فعل شيئا، شُرعت صلاة الجمعة من أجل الخطبة، يعني الحد الأدنى الأدنَى الأدنى في العالم الإسلامي هناك مساجد، وهناك خطب جمعة، فإذا في الخطبة آية و حديث وحكم فقهي و توجيه بسيط، معناه المسلم على اتصال مع العلم بكل حياته، والآن معظم الناس ثقافتهم الإسلامية من الجمعة، ليس له جامع يرتاده، وليس له كتاب يقرأه، وليس له طلب علم حثيث، من أين تأتي ثقافته ؟ من خطب الجمعة، فإذا كانت خطبة الجمعة هي الحد الأدنى ابحث عن خطبة تنتفع بها، والمثل الذي تضحكون منه أحيانا أن الإنسان أحيانا في الشتاء وعنده سيارة وزنها اثنان طن، يحميها ربع ساعة في البرد حتى يأتي بكيلو فول من طرف المدينة الثاني، لأن بائع الفول متقن، فمعقول أن يكون دينك أرخص من كيلو فول ؟ من أجل كيلو من المهاجرين إلى الميدان، وسيارته وزنها طنان، وحميتها ربع ساعة، أما خطبة الجمعة ففي أقرب جامع، لحق الركعة الأخيرة، معنى ذلك دينك رخيص عليك جدا، ابحث عن خطبة تنتفع بها، هناك سلوك يا إخوان أقوله لكم مناسب جدا أن أقوله، النبي عليه الصلاة و السلام يقول

(( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ))

(رواه البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو)

 فأنت كمسلم مكلف أن تبلغ، ماذا أبلغ، أنت اختر جامعا تنتفع من خطبته، واكتب رؤوس أقلام، وحاول أن تجعل كل لقاءاتك في هذا الأسبوع الحديث عن مضمون عن هذه الخطبة، أنت بهذا نفّذت وصية النبي عليه الصلاة السلام، جلست مع أخواتك، مع زملائك، مع جيرانك، مع شركائك، مع زوجتك، معزوم لعزيمة، عند سيران، عند سفرة، لا بد أن نتكلم، والكلام نشاط إنساني واسع جدا، فبدل أن نتكلم في الغيبة و النميمة والدنيا، نتكلم فيما سمعناه، فإذا كل واحد حرص أن يحضر خطبة ينتفع بها، واضحة، مؤصلة، فيها أدلة، وفيها شواهد، الخطيب وضع يده على جرح الأكة، وأتى بالنصوص والأحاديث و الآيات، فإذا أنت في هذه الخطبة أخذت رؤوس أقلام، أو أخذت شريطها فسمعته مرتين أو ثلاثا حفظته، الآن ابنتك عزمتك على الغداء، صهرك وابنتك وأولاد ابنتك، هناك حرارة، الدرجة فوق المعدل، الآن حديث الناس أنظف حديث، أشرف حديث في الطقس و الأسعار والسياسة، هذا أنظف حديث، اليوم أذاعت لندن كذا، أذاعت الجزيرة كذا، أذاعت كذا، هذا حديث الناس، هذا الشيء لا ينتهي، لو أنك بدلت الحديث بتذكير الإخوة الكرام بالله عز وجل، بما بعد الموت، واللهِ شيء مخيف، البارحة جاءت جنازة إلى جامع النابلسي، شاب عمرة ستة عشر سنة، الشيء المؤلم أن معظم المشيّعين وقفوا خارج المسجد، و الخطبة كانت طويلة، فانتقعوا ساعة في الشمس، ادخلوا فصلوا، معنى ذلك أنهم لم يتعظوا بالموت، هذا صديقهم ورفيقهم توفي في حادث يبدو، شاب في مقتبل حياته، معناه الموت يأخذ كل الأعمار، إذًا:

((إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ ))

 هناك حديث آخر ؛ وفي رواية لمسلم

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْهَا فَآمُرَ بِهِمْ فَيُحَرِّقُوا عَلَيْهِمْ بِحُزَمِ الْحَطَبِ بُيُوتَهُمْ وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا لَشَهِدَهَا، يَعْنِي صَلَاةَ الْعِشَاءِ ))

 مثلا: قل هناك دعوة، مرة دعيت إلى طعام غداء في مكان خارج دمشق، واللهِ الذي لا يصدَّق أن الدعوة الساعة الثانية، وصلت الساعة الثانية وعشر دقائق لم يتخلف أحد، طعام الكل يأتي، نزهة الكل يأتي، نزهة الكل يأتي، أما على عبادة، هناك الأعذار، إذًا:

 

 

(( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ ))

 أيها الإخوة ؛ قضية الصلاة قضية مركزية في الدين، إن صحت صح العمل، وإن فسدت فسد العمل، أنا أقسم لكم بالله أن الذي يأكل درهما حراما، منقطع عن الله، أن الذي يأخذ ما ليس له منقطع عن الله، أن الذي يقع في المحرمات منقطع عن الله، لأن الله عز وجل يقول:

 

 

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾

 

(سورة العنكبوت)

 فإن لم تنه عن الفحشاء والمنكر لا نقول له: لا تصل - والعياذ بالله - لا، نقول له: حسِّن صلاتك، اجعلها تنهاك عن الفحشاء و المنكر، ورد في بعض الأحاديث: ليس كل مصل يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتى، و كف شهواته عن محارمي، و لم يصر على معصيتي، وأطعم الجائع و كسا العريان، ورحم المصاب، و آوى الغريب، كل ذلك لي، وعزتي و جلالي إن نور وجهه لأضوأ عندي من ضوء الشمس، على أن أجعل الجهالة له حلما، والظلمة نورا، يدعوني فألبيه، ويسألني فأعطيه، ويقسم علي فأبره، أكلؤه بقربي، وأستحفظه ملائكتي، مثله عندي كمثل الفردوس لا يُمس ثمرها، ولا يتغير حالها "
مثلا كل إنسان يشهد الجماعة يُفتقد، أما الذي لا يشهدها لا يفتقد، كنت في أمريكا في مركز إسلامي، واحد لا يشهد صلاة الجماعة توفي، وبقي في البيت أربعة أيام، إلى أن انتشرت رائحة جسمه المتفسخة، فاقتحم البيت ودفن في مقابر اليهود، لو أنه يشهد صلاة الجماعة لافتقده إخوانه، أنا أقول لكم أيها الإخوة ؛ من سنة رسول الله أن تتآخيا اثنينِ اثنين، كل واحد منكم يؤاخي أخا، واجب، أمر نبوي، تتفقده، العادة أن يأتي إلى الدرس، فلم يأت، اتصال هاتفي فقط، العادة يداوم، فما داوم، معناه مريض أو مسافر، إذا سافر نعاتبه، لِم لم تبلغنا، أنا لي درس بجامع بدمشق، فغمام المسجد غاب شهرا، ثم عاد، فعاتبني أشد العتاب، قال لي: أنا غبت شهرا، وما زرتموني، أنا مريض يا أستاذ، ماذا أقول له، قلت له: الحق عليك، قال: لماذا ؟ قلت له: أنت ذهبت مرتين إلى العمرة وما قلت لي، وأنا توقعت أنك في العمرة، السنة إن سافرت أن تعلم إخوانك، أنت لو أعلمتني بالعرمة مرتين والآن غبت و لم تعلمني، معناه أنك مريض، أبدا لأتيتك والله، وهذا واجب، لكن مرتين ذهبت إلى العمرة و لم تقل لي، أين هو ؟ والله في العمرة، هذه المرة كذلك توقعتك في العمرة، فكل إنسان يداوم هذا يسمونه وجوده قوي، هناك شخص يأتي زبون طيار، هناك زبون دائم، كل إنسان دوامه شديد له وجود قوي، صدقوني أن في كل جامع أدرس فيه أول من رأوني، لي إخوان أعتبرهم أركان المسجد، أول ما أبدأ أعمل جولة بعيوني، موجودون أطمئن، صحتهم طيبة و الحمد لله، وضعهم جيد، واللهُ قوّاهم، وأمدهم بقوة، لو واحد غاب أسأل عنه، قفلان أين هو ؟ فأنت احرص أن يكون وجودك في الجامع قويا، إذا كنت قويا فهناك من يتفقدك، والتفقد فيه جبر خاطر، أنا غالٍ عليهم، واحد يخبرك، اليوم لم نرك في الطاووسية، معناه أنا مهم و هناك من يتفقدني، الحياة كلها علاقات يا إخوان، فالنبي كان يتفقد أصحابه، نطبق السنة فقط، النبي في كل سفر أين فلان ؟ أين فلان ؟ كان يتفقد أصحابه واحداً واحدا، فالدوام في المسجد، الدوام الثابت، الدوام القوي يجعلك أحد أركان المسجد، يكون لك وجود قوي، عندئذ - لا سمح الله و لا قدر - وغبت درسا هناك من يسأل عنك، أما إنسان يأتي إلى درس و يغيب في عشرة، يغيب سنة لا أحد يتذكره، لأنه لا وجود له.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمن ولا تهنا، آثرنا و لا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

إخفاء الصور