وضع داكن
25-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 034 - لقد هممت أن آمر فتياني أن يستعدوا لي بحزم من حطب ثم آمر رجلا......
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الإخوة الكرام ؛ لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، والحديثان اليوم حول الترغيب من ترك حضور الجماعة من غير عذر،

(( فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي أَنْ يَسْتَعِدُّوا لِي بِحُزَمٍ مِنْ حَطَبٍ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ تُحَرَّقُ بُيُوتٌ عَلَى مَنْ فِيهَا ))

(رواه مسلم)

 وفي رواية أبي داوود:

 

(( لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَتِي فَيَجْمَعُوا حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ ثُمَّ أَاتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِ))

 

(رواه أبو داوود)

 دقق في روعة كلام النبي، قال: لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ، أخ سألني قال: أنا معي التهاب مفاصل، وبيتي في الطابق الرابع، والطبيب منعني من الدرج، قلت: لا عليك صلِّ في بيتك، الإسلام دين واحد، الإسلام يسع الناس جميعا، يسع الأحوال جميعا، يسع المواقف جميعا، يقول عليه الصلاة والسلام: ثُمَّ أَاتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِ*.
 واللهِ وأنا في العمرة أو في الحج، أناس كثيرون وهم في مكة المكرمة أو في المدينة المنورة يصلون في أماكن إقامتهم، لماذا أتيت إلى هنا ؟ هناك تلفزيون، وهناك مسلسلات، والبيت مكيف، هذا الذي يحصل، هؤلاء الذين يصلون في بيوتهم من غير علة، إذا هناك علة ليس هناك مشكلة، أنت معذور،

((لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِ ))

((وفي حديث آخر أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ ))

(رواه مسلم)

 إذًا لم يعف الأعمى الذي ليس له قائد يقوده إلى المسجد، أنا لا أدخل في تفاصيل شرح هذا الحديث، ولكن أبيّن لكم عِظم صلاة الجماعة، بل إن صلاة الجمعة وهي من أولى صلوات الجماعة أن تؤدى،

(( فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مِرَارٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ ))

(رواه أحمد)

 أنا آتي من مكان خارج دمشق يوم الجمعة لأداء الخطبة، الشيء الذي يدهش أنَّ مئاتٍ من السيارات تغادر دمشق وقت صلاة الجمعة، للنزهة، الشام فيها دين، الشام فيها خمسة ملايين و نصف مليون، رواد المساجد يوم الجمعة لا يزيدون عن خمسمائة ألف فقط، الجامع تجده يتسع فرضا لعشرة آلاف مصلي، طوال الجمعة لا ترى فيه إلا صفا أو صفين، الذين يرتادون المساجد في ذروة صلاة الجمعة لا يزيدون عن خمسمائة مصلي، هذا لعنه الله وزير الدفاع الصهيوني موشي دايان وصل إلى مكان في الاحتلال لجنوب لبنان إلى قلعة، فسُئل من قِبَل صحفي: المسلمون في دينهم أنهم سيتغلبون عليكم، هذا شيء وارد، فقال: نعم، و لكن ليس هؤلاء الذين أمامي، قال: حينما تغدو مساجدهم مكتظة في أوقات الصلوات الخمس كيوم الجمعة ينتصرون علينا، تجد جامعا كلف ثلاثين مليونا، أربعين مليون، سقف و نصف، واللهِ في استنبول في الظهر نصف المسجد مليء، نصفه بكامله، أيضا هذا المسجد نادر جدا، كثير من الناس جاءوا إليه من أماكن بعيدة دهشوا من كثافة لحضور في الدرس، مع أنه حضور لا يتعدى المائة أو زيادة قليلا، فلذلك انصراف الناس عن المساجد، وانغماسهم في الأسواق هذا الذي أخّرهم، لذلك قال عليه الصلاة و السلام: خير البلاد مساجدها، و شرها أسواقها....." و النتيجة هذه هي، بنعش على المقبرة، هل هناك واحد منا يستطيع أن يقول: أنا لا أكون محل هذا الشخص، أبدا، فالبطولة أن يأتي ملَك الموت و معك ذخيرة كبيرة جد، من الصلاة والدعاء و الاستقامة، والدعوة إلى الله و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، وإنفاق المال، ورعاية اليتيم، أبواب الخير أيها الإخوة لا تعد و لا تحصى، يقول واحد: زارني أخ كريم، قال لي: أنت كنت أستاذنا في السنة السبعة و الخمسين، وكنت تأخذنا لنصلي بجامع مواجه للمدرسة، كل يوم الظهر، أقسم لي بالله أن كل أصدقائه الذين كانوا يصلون في المسجد عقب انتهاء الدوام لا يزالون محافظين على صلواتهم حتى اليوم، عندك ابن، عندك بنت، أنشئها على طاعة الله، نشئها على معرفة الله، على معرفة كتاب الله، على معرفة سنة رسول الله، على معرفة سيرة أصحاب رسول الله، اسأل شابا، يعرف عن المغنِّين و لاعبي الكرة، وأكثرهم غارقون في الجنس و المخدرات، هؤلاء القدوة، الفنون والفنانات، الأحياء منهم والأموات، هؤلاء الذين هم قبلة الشباب، أما هؤلاء الصحابة الكرام الذين ملأوا التاريخ ببطولاتهم وكانوا شبابا، كل إنسان له في تاريخ الصحابة ما يشبهه، شاب من أسرة غنية جدا فلما أسلم مُنع عنه كل شيء، ولما رآه النبي بعد أن مات بكى، معه ثوب إنْ رفعوه إلى رأسه انكشفت قدماه، وإنْ قدّموه إلى قدميه انكشف رأسه، فقير، فكل إنسان له قدوة، لكن المشكلة الخطيرة أن الناس قلبوا الآية، فجعلوا الدنيا دار تشريف، فالإنسان الأول أن يتمتع بالحياة، هدفه الأول أن تكون له مكانة، يعيش حياة رغيدة، أما المال مِن أين أتى ؟ لا يهم، ليست مشكلة، يسمى شاطرا، يسمى حربوء، يسمى دبر حاله، يسمى ذكيا، و لكن لا يسمى لصاً، مع أن ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام، وركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط، ومن لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله.
 يبدو أن حضور الدروس، أو حضور المساجد فيه علم، وفيه موعظة، وفيه تذكير، وفيه تعاون، كم من إنسان حلت مشكلته بالمسجد، واللهِ أخ من إخواننا قال لي: أنا ساكن في بيت سيئ جدا، أنا وزوجتي وأولادي نعاني من أمراض كثيرة، لسوء البيت، اشترى كتاب سنة، حديث شريف، يقرأ عن صلة الرحم، فوجد ثلاثين حديثا صحيحا عن صلة الرحم، له أقرباء لا يعرف شكلهم، و لكن يبدو أن لهم وضعا ماديا معينا، أقسم لي بالله ولا خطر ببالهم ولا بالمليار واحد أن يقدموا له شيئا، نفذ الحديث فزارهم في العيد لم يجدهم، ووضع لهم بطاقة، هم يبدو على مستوى رفيع، فلما قرؤوا البطاقة اتصلوا به، أنت مَن ؟ أنا ابن عمكم، طيب نحن سنزورك، زاروه، وجدوا البيت سيئا جدا، ببساطة ما بعدها بساطة قال له ابن عمه: لك عندنا مليونا ليرة، غير هذا البيت، وجد بيتا بمليونين ونصف، قال له:هذه فوق منها، قال لي: القصة صرت أرويها للإخوان، هو لم يخطر بباله واحد بالمليار أن يعطوه قرشا، وصل رحمه، سمع كثيرا من الدروس، قال: والله سأصلهم، وأرى وضعهم، فزارهم و لم يجدهم، فلما زاروه، سمعوا منه كلاما طيبا، ووجدوا البيت لا يُسكَن، مباشرة مليونا و نصف، اشترِ بيتا، والآن الحمد لله ساكن بالميدان، بيت مشمش، و الطابق الثالث، والحمد لله يعيش في بحبوحة، فأنت فقط اجعل جماعة، فيها رحمة، إلا وتحل مشكلتك، مع مؤمنين، لست وحدك في الحياة، هناك مشكلات لا تعد و لا تحصى، والله هناك آلاف الأطباء يتمنون أن يقدموا شيئا، عدة محامين والله من إخواننا، يقولون لي: أي واحد فقير ومظلوم نحن ندافع عنه مجانا، صارت هناك أعمال طيبة كثيرة، يأتي واحد إلى الجامع، مريض، هناك صندوق العافية، يقوم بأكثر العمليات مجانا والحمد لله، فأنت كن مع الجماعة، وللكن ليس بنية مادية، هناك شخص لا يعنيه من الجماعة إلا أن يبتز من أموالهم، هذا إنسان تعبانة حاله كثيرا، وأنت كلما قدمت تلقى عند الله، هناك شخص حامل، بالمناسبة إذا قلنا: رجل حامل، أي على ظهرة، لكن المرأة في كل صفاتها الخاصة بها لا تذكر، تقول: امرأة حامل، وامرأة مرضع، وامرأة ثيب،وامرأة....، إذا قلنا: امرأة حاملة أي على ظهرها، وامرأة حامل في بطنها، هكذا اللغة، الصفات الخاصة بالنساء لا تذكر و لا تؤنث، تذكر فقط، لنها خاصة بالنساء، فالجماعة رحمة و الفرقة عذاب، وإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وأنت حينما تكون مع الجماعة يتولى الله أمرك، لأنك أن تكون مع الجماعة هذا نصر لدينك، واحد مثلا لا علاقة له بالدين إطلاقا، دخل يصلي فوجد درسا فيه رجلان واقفان، يزهد، أما إذا وجد إقبالا شديدا قبل أن يفهم أن يقال في الدرس: لو لم يكن الدرس مهما لم يجتمع الناس عليه، فأنت أحيانا من أعمالك الصالحة أن تكثِّر سواد المسلمين، الله لا يحتاج إلى أن تنصره، الله قال:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾

 

(سورة محمد)

 كنت في لقاء، ثم أذّن الظهر، لا أحد يتحرك، أما في لقاء آخر الثلثان قاموا وصلوا، شجعوا بعضهم، هناك اجتماعات يبدأ قبل المغرب و ينتهي قبل العشاء، المغرب غريب، فهناك أشخاص يقومون ليصلوا، يشجع الآخرين الضعاف.
مرة في اجتماع واحد صلى لحقه اثنان، هو لما بدأ بالصلاة قوّى عزيمة الحاضرين، لذلك الجماعة رحمة، و الفرقة عذاب،

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)﴾

 

(سورة محمد)

إخفاء الصور