وضع داكن
19-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 041 - ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، الترهيب اليوم من رفع البصر إلى السماء في الصلاة.

(( أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ ))

(صحيح البخاري)

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ ))

(صحيح مسلم)

((الحكمة من ذلك أن المصلي حينما يصلي يقف بين يدي الله عز وجل يستحضر عظمة الله فلا ينبغي في صلاته أن يغير رأسه، لا أن يرفعه يقول عليه الصلاة والسلام: لو خشع قلبه لخشعت جوارحه))

(ورد في الأثر)

 خشوع الجوارح سكونها، فمن لوازم الخشوع في الصلاة سكون أطراف الإنسان في الصلاة، وأن يكون بصره نحو الأرض، وأن يشعر أن الله يراقبه.
 الإنسان مع شخص مهم لا يضع عينه بعينه، بل يضع عينه في الأرض يحدثه ينظر إليه ويغير نظرته نحو الأرض تعظيما له، فإذا كان بين يدي الله عز وجل فالأولى أن يخفض بصره، وأن ينظر في موضع سجوده كما علمنا الفقهاء، أما كثرة الحركات في الصلاة دليل عدم خشوع القلب، فلو خشع قلب المصلي لخشعت جوارحه سكنت ولوضع بصره في الأرض.
ومما يلزم ذلك:

 

(( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّلَفُّتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 حينما تلتفت في صلاتك فكأنما الشيطان اختلس منك بعض صلاتك.
 فإذاً: تخشع الجوارح يضع الإنسان بصره في مكان سجوده لا يلتفت يمنة ولا يسرة، هذا من مظاهر الخشوع.

 

(( عَنْ مُعَيْقِيبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَمْسَحْ وَأَنْتَ تُصَلِّي فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَوَاحِدَةٌ تَسْوِيَةَ الْحَصَى ))

 

(سنن أبي داوود)

 يوجد شخص قبل أن يسجد له حركات زائدة عن حركات الصلاة، فإذا كان لا بد لمرة واحدة، قد يضع ابنك وأنت تصلي حاجة أمامك، ينبغي أن تزيحها، حركة واحدة، إذا وجد شيء لا تستغيثه مع سجودك حاجب، قد يكون جراب وضعه ابنك الصغير أمامك دون أن يشعر، فلك أن تزيحه جانباً، أو أرض فيها حجار لا تحتمل ونويت الصلاة تسوي تسوية واحدة، أما عدة تسويات وأنت في الصلاة فعلت أشياء خرجت عن حركات الصلاة
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخصر في الصلاة، أي أن يضع الإنسان في الصلاة يده على خصره، وهذه وقفة لا أدب فيها أبداً، أن تضع يدك على خصرك وأنت في الصلاة هذه حركة فيها لا مبالاة، فقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الخصر في الصلاة، ونهى أن يصلي الرجل مختصراً، أي يضع يده على خاصرته كما فسره أبو داود.
إذاً: لا يتخصر ولا يلتفت وتخشع جوارحه ويضع بصره في موضع سجوده، هذه تعليمات الرسول عليه الصلاة والسلام في الصلاة.

 

(( عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ ابْنَ خَالِدٍ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ))

 

(صحيح البخاري)

 الأولى أن تكون لك سترة، والسترة في الصلاة واجبة، تصلي صلي وراء عامود، صلي أمام الحائط، أمامك مسافة السجود، هذه سترة، لم تتمكن دع محفظتك أمامك، وأنت في الفلاة اغرس عوداً ارتفاعه أربعين سنتيمتر لابد من السترة، السترة تعني أن حدودك هذه، فلو مر أحد أمامك وقد وضعت سترة لا شيء عليك، ولا شيء عليك، لكن إنسان يصلي بلا سترة أي بلا حاجز يحدد مكان صلاته، فكل من مرّ أمامه يقع في إثم شديد.لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ.
المسجد صلي خلف عامود خلف الحائط، أما أن تصلي بالوسط هذا شيء غير مقبول، السنّة إذا كان عقب الفرض إذا كنا مع بعضنا صفوف.
 بالمناسبة ظهر كل مصلي سترة له ! نحن حينما نصلي صفوف فأمامك مصلي ظهره سترة لك، إذا لم يكن غيرك في المسجد فالأولى أن تصلي وراء عامود أو وراء حائط، هذه سترتك، أو معك محفظة كبيرة وضعتها أمامك هذه سترة، أما إذا كنا نصلي صلاة جماعة فصفوفنا سترة، ظهر كل مصلٍ لك سترة.
 قال: إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، أنت وضعت سترة ومحفظة عالية، أو تصلي وراء عامود وإنسان جاهل، أراد أن يمر بينك وبين السترة، لك أن تدفع يدك للأمام، وإذا كان جاهلاً أكثر يصافحك، يظنك تسلم عليه وأنت في الصلاة ! هذا إنسان جاهل جهل مدقع، لكن إذا كان يوجد سترة وإنسان مرّ أمامك ينبغي أن تمد يدك وتمنعه من ذلك.
وإذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه ولدرأه ما استطاع.
 البارحة تكلمت كلمة في الخطبة قلت: الإمام الشافعي من بعض أحكامه في الزكاة أنك إذا دفعت زكاتك لإنسان لا يصلي يرفض أن يصلي جحوداً بحقها، وأو إنكاراً لفرضيتها لا تسقط عنك الزكاة، تعد لك صدقة، لكن لا تعد لك زكاة، لأن الزكاة تؤخذ من أغنياء المؤمنين وترد على فقرائهم، وهذا الذي لا يصلي لا تهاوناً بل إنكاراً، يقال لفلان: لماذا لا تصلي ؟ يقول: والله أنا لا أصلي، أرجو من الله أن يلهمني بالصلاة، الله يتوب عليّ، هذا تهاوناً، لماذا الصلاة ؟ إذا قال هكذا فلا يجوز لأن تدفع له زكاة ماله، فإن دفعت له زكاة مالك لا تسقط عنك الزكاة وتعد صدقة.
يبدو أنك إذا طبقت آداب الصلاة الظاهرة انعكست هذه الآداب الظاهرة خشوعاً في القلب، ويوجد قول ليس حديثاً لكنه دقيق جداً:
( من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم )
 أنت حينما تطبق السنّة بحذافيرها، هذه السنّة نفسها تلقى في قلبك راحة وخشوعاً، فلا تتهاون بمظاهر الصلاة، فمظاهر الصلاة العناية بها دليل أنك تعظّم هذه الفريضة وقد قال الله عز وجل:

 

﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)﴾

 

(سورة الحج)

 وقد قال الله عز وجل:

 

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)﴾

 

(سورة المؤمنون)

 والخشوع في الصلاة ليس من فضائلها بل من فرائضها، لأنك لن تفلح إلا إذا خشعت في الصلاة، وأول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة الصلاة، فإن صحّت نجح، وإن لم تصح خاب وخسر، وكما تعلمون الصلاة فرضاً لا يسقط بحال وهو يتكرر في اليوم خمس مرات، والصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما، والله عز وجل جعل مناسبات الإنسان يتألق فيها ويتصل بالله عز وجل

إخفاء الصور