وضع داكن
28-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 063 - ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده....
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، والموضوع اليوم في الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى.

(( عَنِ الْمِقْدَامِ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ))

(صحيح البخاري)

 العلماء قالوا: العمل اليدوي فيه جهد حقيقي، وحينما تصنع لإنسان طاولة أو غرفة نوم أو حاجة فيها مواد أولية وفيها صنعة وفيها إتقان وبسعر معتدل، هذا أفضل الأعمال عند الله، وقد شرف الله العمل اليدوي، لأن أحد أنبيائه كان يأكل من عمل يده، سيدنا داود.
 مرة زرت إنسان لتصليح مركبة فصاحب المحل أراد أن يزدري أحد صانعيه قال: معه ليسانس علوم، هو غير متعلم، ولأن سوق العلم كاسبة وسوق العمل رائجة قال: معه ليسانس علوم، فذكرت له أن أحد الأنبياء الكرام كان يأكل من عمل يده، فالذين يأكلون من عمل أيديهم رزقهم حلال مائة بالمائة بشرط أن يكونوا صادقين ومتقنين وألا يلتمسوا ربحاً غير مشروع.
 لكن أحياناً تجد وسيط عقاري بثانية له معك مائتا ألف لا تسخو نفسك بهذا المبلغ، لم يفعل شيء إطلاقاً، إلا انه تم الاتفاق في مكتبه لأول مرة يدخل الزبون لمكتبه يعجبه البيت بالمائة اثنان مائتان ألف، أي تاجر حتى يجمع هذا المبلغ يلزمه جهد كبير، أحياناً تدفع مبلغ ضخم جداً على دعوة خاسرة يا ترى المحامي يعرف أنها خاسرة سلفاً ؟ لكن دلّس عليك، قال: نحن نربحها إن شاء الله ونام مطمئن وعلى ريش أنعام، والقانون معك وكل الاجتهادات معك ثم ثبت لك في النهاية أنه من أول خطوة القانون ضد هذه الدعوة ويوجد فتوى لمجلس الدولة لعدم نجاح هذه الدعوة مثلاً.
فمهن كثيرة لا تعرف يا ترى يعلم أو لا يعلم، مع أن الشرع دقيق جداً، الطبيب والمحامي والمدرس يستحقون أجورهم لا على الإنجاز ولكن على بذل العناية فقط.
 قد يجري عملية جراحية ويموت المريض أيعد دخل الطبيب حراماً ؟ لا إذا بذل كل علمه وكل اهتمامه ولن يكتب لهذا المريض الشفاء لهذه العملية، والآن الأطباء يخبروك نجاحها بالمائة خمسين وقّع، قد لا تنجح، فالطبيب والمدرس والمحامي يتقاضون أجورهم حلالاً ل على الإنجاز كالعمل اليدوي بل على بذل العناية ومع ذلك هنا يدخل الشيطان، الإنسان لا يعلم، كل ما يقال له يصدقه، لو قال له الطبيب يلزمنا عشر تحاليل نريد ثمانية آلاف ليرة مثلاً، والطبيب لا يحتاج لأي من هذه التحاليل، ولكن يوجد اتفاق مع مخبر، ألا يأكل هذا المال حراماً ؟ فوسائل كسب المال غير المشروع بالعمل اليدوي تضعف، وبالأعمال الأخرى تقوى، مجال الكسب غير المشروع بالأعمال الخرى تزداد، مدرس عمل مذاكرة لطلاب وضع لهم نتيجة سيئة صفر بمدرسة بحي غني، وبلغ الطلاب أنت راسب بالبكالوريا يتهافت الأولياء درس خاص إذا سمحت، ألف كل درس هو عمل مذاكرة غير معقولة الأسئلة صعبة جداً جِداً جداً، فأخذوا نتيجة سيئة فأتاه زبائن، أساليب الكسب غير المشروع لا يعلمها إلا الله، من أجل كثرتها، بالعمل اليدوي تضعف، مادة أولية مدفوع ثمنها وصنعة وإتقان لذلك:

 

(( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ))

من كان عنده حرفة يعيش منها ليطمئن باله ولو أنها متعبة.
 بالمناسبة أي حرفة لا معصية فيها هذه نعمة لا تعدلها نعمة، لك محل بزقاق الجن خبط وطرق وشحم وزيت وصراخ وضجيج، ولك محل ثاني بالحمرا موكيت خمري مكيف كل الزبائن حسناوات فاسقات كاسيات عاريات، وعندك شباب موظفين ويمزح مع كل منهن، يتأمل محاسنهن ويثني جمالهن، أيها أنظف ؟ زقاق الجن أنظف بكثير، العبرة أن تكون في طاعة الله لا أن تكون في معصية الله.
والله دخلت على مكتب إنسان صدقاً صعب وصفه، الموكيت يغوص فيها الحذاء، عنده قطعة نبات طبيعي ثمنها خمسة آلاف تصل للسقف الجدران كلها خشب، فقال لي: عملي باللغة الإنجليزية اسمه (بيرستي وورك)
 العمل القذر، ففي اليوم الثاني اضطررت لأصلح مركبتي، والدنيا شتاء، والمصلح رجل مؤمن ويدخل تحت السيارة والمطر والطين والأفرول كله زيت وشحم وفك البواط وأصلحه بشكل متقن، وأخذ أجرة معتدلة، فقلت في نفسي: والله هذا العمل نظيف وذاك المكتب باعتراف صاحب المكتب أنه ذو عمل قذر، فدائماً ابق مع الحقائق.....
محل تجاري أمام مدرسة بنات فرضاً احتمال كبير يسقط صاحب المحل بعض الفتيات ساقطات مائلات مميلات.....
 حدثني مرة أخ: قصة عندما كان الترين في المهاجرين، من يذكره منكم؟ محل مكتبة بسيطة فيها شاب حج مع والدته حجة كان بها محرم عمره ثمانية عشر، فتح مكتبة بشورى، جاءت بنت فاسقة أغرته أن يتبعها، فشيء مغرٍ فأغلق المحل وتبعها، سار مائة متر أنا كنت حاجج، هذا يعني أن الحجة ضاعت، فوجد الترين قادم فركب به وعاد، واستغنى عن متابعة هذه الفتاة الساقطة، يقسم بالله العظيم أنه في اليوم التالي جاءه رجل من وجهاء الحي قال له: يا بني أنت متزوج ؟ قال: لا، قال له: أنا عندي بنت تناسبك ابعث لي بوالدتك تشرفنا، هذا اعتقد أن البنت فيها عيب أو عور بائرة أرسل بوالدته وإذا بها في أعلى درجة من الجمال والكمال والغنى، فمر الأب عليه بعد يومين قال له: ماذا وجدتم ؟ قال: ممتازة لكن أنا لست بقدر هذا المقام، قال: هذا ليس عملك، فجعله شريك وهو من تجار الزيت الكبار وزوجه.
أنا قلت: هذا بسبب أنه عف عن الحرام جاءه الجواب مباشرة.
 كنت راكب مع أخ بسيارة سألته سؤال كان من المفترض ألا أسأله إياه لكن سألته وندمت ومن ثم لم أندم قلت له: هذه السيارة متى اشتريتها ؟ قال: هذه لها قصة، اشتريت ورقة يا نصيب وأنا ساكن بالمزة وعملي بالبزورية وتعبت كثيراً من المواصلات لدرجة الضجر، فاشتريت ورقة يا نصيب ودخلت لجامع فحكم حظي الخطبة عن اليانصيب فحدثت بنفسي غلى هنا لحق بي الموضوع علق الآمال كلها أن يشتري سيارة باليانصيب فإذا الموضوع على اليانصيب، قال: أخرجت الورقة ومزقتها خوفاً من الله، قال: أنا أعمل بطباعة حرارية، يأتيني ألف أو ألفين قميص أطبعهم بالتعبير التجار( لقمتشي خزمتشي ) أي بقدر مصروفه تماماً، قال: آتاني تاجر أردني يريد خمسين ألف قميص لأطبعهم له، والسعر مغرٍ، ربحت من طبعهم سبع وعشرون ألف، ذهبت لسوق السيارات فوجدت هذه بسبعة وعشرون وخمسمائة، تدينت من عمي خمسمائة واشتريتها ! فأنا علقت على ورقة اليانصيب التي مزقتها خوفاً من الله، والله يبقيك بلا سيارة ؟ الله كبير، عامله وانظر، فما ترك عبد شيء لله إلا عوضه خيراً منه في دينه ودنياه.
 منذ يومين كنا بدعوة غداء قال لي طبيب: أنا أعمل بمشفى عام ندبوني للنبك بمهمة أسبوع، قال: الهواء عليل بالصيف والعمل خفيف مددناها جمعة ثانية، قال: عونطة كانت، وعدنا هم ثلاثة أطباء، حصل معهم حادث ! السيارة لصديقهم تعاونوا على تصليحها، قال: كان تصليح السيارة بقدر تعويض أسبوع زيادة ! بقدرة قادر، لو دققت بكل ما يجري لوجدت شيء لا يصدق، عدل وحكمة مطلقة، جميعنا نعرف القصة من آخر فصل لا معنى لها، لو عرفناها من أول فصل لوجدت الحكمة البالغة
 طبيب بالمهاجرين قال: أنا وصيت على سطل لبن بائع مشهور بالعفيف قال: وجدت سطلين واحدة القشطة سميكة صفراء مكرشنة، والثانية فيها مصل سائحة، وكان اسم على السطل الثاني، قال: أريد هذا، قال: هذا ليس لك دكتور، قال: ضع الورقة هنا بدلاً من هنا، هما لاثنان، قال: كما تريد، أخذ الورقة وبدلها، راكب سيارته يسير بتقاطع أتت واحدة هوجاء فضرب المكبح فجأة وقع السطل ! قال: سنتين رائحة الموكيت لا تطاق ! أخبره هذا ليس لك، هذه قصص واقعية لكن لها معاني كبيرة، أنت عامل الله عز وجل، الذي لك لك، والذي ليس لك ليس لك.
ما ترك عبد شيء لله إلا عوضه الله خيراً منه في يدنه ودنياه.
لو تتبعت ما يجري في البلد لوجدت يد الله وحدها تعمل في الخفاء، لوجدت عدل الله لا يصدق، حكمة الله لا تصدق.
 حدثني أخ قال: إنسان مقيم بفرنسا من أهل الكتاب لكن يحب الحقيقية، قبل أن ينام قال: يا رب دلني على الحقيقة فنام رأى السيد المسيح، هو مسيحي، قال: كن مع المسلمين، فالتحق بمركز إسلامي، بكى بكاء بالصلاة غير معقول أول ركعة سجد لم يقوم بعدها وجدوه ميت ! فأحياناً إنسان بنيته الطيبة يصل..... (ورد في الأثر)

 

 

(( سيدنا زيد الخيل من أجمل رجالات الجاهلية دخل على مسجد رسول الله فالنبي لفت نظره، فلما انتهى من خطبته قال: من الرجل ؟ قال: أنا زيد الخيل، فالنبي لأدبه الجم قال: بل أنت زيد الخير، وأخذه إلى بيته إكراماً له، في بيته دفع له وسادة ليتكئ عليها، من إكرام الضيف، قال: والله لا أتكئ في حضرتك ))

ما هذا الأدب ؟
 والله مرة كنت بدرس بجامع العثمان كثير من الأشخاص مرتاحين تمام لدرجة غير معقولة رجل اضطجع، قال في نفسه: أريح لي ! هذا فظّع كثيراً، اضطجع ووضع قدماه كتل رقم ثمانية ووضع يديه تحت رأسه يسمع الدرس ! قال: والله لا أتكئ في حضرتك ! ما هذا الأدب ؟
قال: لله درك يا زيد أي رجل أنت ؟ النبي كان إذا أُعجب بشخص يبلغه، شخص مدير مؤسسة مدير دائرة لا يضحك للرغيف الساخن، لو عنده موظف أمين متفوق أبداً دائماً يعبس، فالمؤمن ليس هكذا. قال: لله درك يا زيد أي رجل أنت قال: أعطني ثلاث مائة فارس لأغزو بها الروم وأثنى النبي عليه وسافر وهو في الطريق مات بين إسلامه ووفاته يومين فقط ! وهو من كبار الصحابة، عند الله شيء اسمه حرق مراحب، إذا كنت صادق تبلغ في وقت قصير ما لا يبلغه غير الصادق في وقت طويل.
الحديث:

 

(( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ))

 حدثني أخ: قال: أنا أعمل في الجمرك وأقسم لي بالله بأيمان مغلظة أنه بأربعين سنة ما دخل عليه ليرة واحدة حرام، مرة أكل ثمانية عشرة رصاصة من مهربين أخذوه إلى المشفى على آخر نفس، بينه وبين الموت دقائق، لكن كان في المشفى دم من زمرته وأسعفوه، قال: وأنا مضطجع في غرفة العمليات قلت: يا رب أنا إذا آذيت لك واحد من عبادك اكتب علي الموت الآن، وإذا لم أكن آذياً لأحد اشفني، وعافاه الله وعاش بعدها اثنا عشر سنة ! فهؤلاء كلهم عبادك.
 فكلما رأيت موظف بالتموين بجهة أقول له: كل الناس عباد الله، اسمع الله عنده سرطان وتشمع كبد وفشل كلوي و خثرة بالدماغ أذكر له أمراض الإنسان يعجز منها، وكل هذه العباد عباده، فإذا كنت بطلاً عليك أن تهيئ جواباً لله عن كل شيء تفعله مع العباد.
قال لي رجل يمكن هو هنا في الجامع أثناء مسح أراضي لم يعطي الموظف مبلغ كتبها أملاك عامة قال: ثمنها مليونين خسرتها ! هذا الموظف سنفرم فرماً، تعلم علم اليقين أنها ملك فلان وتحت يده، وشهود أدلو لك بهذه الشهادة، وكل الجيران خبروك وتكتبها أموال عامة ؟ جعلته يخسر مليونين ليرة ؟ من أجل ألف ليرة لم يعطيك إياها مثلاً ؟ فالله كبير، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وكل هذه العباد عباده وخلقه، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله

إخفاء الصور