1998-08-05
كتاب " شخصية المرأة المسلمة في ضوء الكتاب والسنة " للأخ الكريم " الدكتور محمد عمر حاجي " يتحدث عن المرأة التي هي نصف المجتمع البشري، والتي ظلمت عبر حقب طويلة من تاريخ الإنسانية، فجاء الإسلام الذي هو منهج الله في الأرض، فكرمها وأعطاها الحقوق التي تليق بإنسانيتها ، كما أنه كلفها بواجبات منوطة بها تؤكد من خلالها رسالتها في الحياة التي خصها الله بها، وقد توجهت في هذا التقديم إلى توضيح موضوع مساواة المرأة بالرجل من خلال الكتاب والسنة
* * * * *
المرأة في الإسلام وفي ضوء الكتاب والسنة مساوية للرجل تماماً، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
يا أيها الناس: تعني الرجال والنساء.(( إنما النساء شقائق الرجال ))
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:(( عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ ))
والمولود: يعني ذكراً كان أو أنثى.﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)﴾
والنفس تعني: ذكراً كان أو أنثى.﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)﴾
ومن مظاهر المساواة، المساواة في القصاص، قال الله عز وجل:﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾
وفقهاء الشريعة الإسلامية يقررون أن الرجل يُقتل بقتل المرأة، فكرامتها من كرامته، وكرامته من كرامتها.﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7)﴾
وأما أن للذكر مثل حظ الأنثين فله تفصيل رائع يتناسب مع شمولية منهج الله في الأرض﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)﴾
لو أن الله سبحانه وتعالى قال: إن المسلمين، والمؤمنين والقانتين والصادقين والصابرين والخاشعين... لكانت هذه الآية تشمل الرجال والنساء، ولكن الله أراد أن يؤكد، وأن يبين، وأن يزيل اللبس من أن المرأة كالرجل مساوية له تماماً في التكاليف الشرعية، وفي أركان الإيمان، وفي أركان الإسلام.﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾
ودليل ثالث:﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾
بل إن المرأة مخلوق مستقل من حيث مسئوليته عن عمله عن الرجل، وهي مكلفة استقلالاً بالتكاليف الشرعية، وفي الحديث الصحيح:(( والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها ))
أوضح شاهد امرأة فرعون، قال عليه الصلاة والسلام:
(( كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أربع آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ))
آسية زوجة رجل ادعى الألوهية، وأذلَّ الناس، قتَّل أبناءهم واستحيا نساءهم، ولم يستطع بكل جبروته أن يحمل امرأته على أن تعبده كما يعبده كل الناس، قالت:﴿ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)﴾
معنى ذلك أن المرأة مستقلة استقلالاً تاماً في أنها مكلفة بأركان الإيمان وأركان الإسلام، والتكاليف الشرعية، وتُحاسب وحدها عن تقصيرها﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾
والمرأة أيضاً مساوية للرجل في وجوب التربية والتهذيب، قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)﴾
الأهل في القرآن الكريم الزوجة والأولاد.(( ما نحل والد ولده من نحلة أفضل من أدب حسن ))
والولد: ذكراً كان أو أنثى.(( وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوِ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ ))
وفي رواية تضاف إلى هذا الحديث:(( فأدبهن، وأحسن إليهن، وزوجهن فله الجنة ))
والمرأة مساوية للرجل تماماً في العلم الواجب العيني، وفي العلم الواجب الكفائي، فإذا كانت مكلفة بأركان الإيمان، وأركان الإسلام، وبأحكام الشريعة، فهذا لا يكون هذا إلا بالعلم، قال تعالى:﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114)﴾
طلب العلم فريضة على كل مسلم أي على كل شخص مسلم ذكراً كان أو أنثى.(( عن عبد الله بن قيس قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ وَأَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ مَوَالِيهِ وَحَقَّ رَبِّهِ فَلَهُ أَجْرَانِ ))
(( وقال عروة بن الزبير يصف خالته السيدة عائشة رضي الله عنها قال: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة رضي الله عنها ))
وكثيرة جداً الأحاديث التي روتها أمهات المؤمنين، وكثيرة جداً تلك الأقوال المنسوبة إليهن في التفسير، وفقه الحديث، وكثيرات جداً النساء اللواتي حفظن كتاب الله، أو حفظن كثيره.﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)﴾
ذكراً كان أو أنثى.﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾
المال: قال تعالى:﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)﴾
العقل: شارب الخمر ينبغي أن يُجلد ثمانين جلدلة ذكراً كان أم أنثى﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾
الأمن: فمن حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فساداً، إما أن يقتل، وإما أن يقطع ذكراً كان أو أنثى.﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾
السيدة خديجة حينما جاء النبيَ الوحي، جاء إليها وقال لها: خشيت على نفسي، فماذا قالت ؟ قالت: