2020-10-11
التلطف والعطف والشفقة مع العصاة.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين .
أيها الأخوة الكرام ؛
في قصة لها مغزى ومؤثرة، قال الإمام مالك بن دينار: بينما هو ماشي في الطريق رأى رجلاً مخموراً، طرحته الخمرة أرضاً، والزبد على شفتيه، ويقول: الله، الله وهو في حالة الهذيان، فعظم على هذا الإمام أن يخرج هذا الاسم (اسم الجلالة) من فم نجس ، فتلطف معه، ومسح فمه، وأكرمه على الرغم من سكره، وبعد أن صحا قيل له لهذا السكران: أتدري من اعتنى بك واهتم بحالك ؟ إنه الإمام مالك، يبدو أن هذه العناية اللطيفة بهذا العاصي أثارت حساسيته.
إخوانا الكرام، أحياناً العصاة عندهم رقة، مغلوبون، يعصون الله ويبكون ويتألمون فالداعية الناجح يتلطف مع هؤلاء، يحتويهم، يأخذ بيدهم.
يعني أنت إن رأيت عاصياً، بدل أن تعنفه، وأن تحتقره، وأن تشتمه، وأن تعين الشيطان عليه، تلطف به، أره عطفاً، وشفقة، وعندئذٍ تعينه على الشيطان، والفرق كبير جداً أن تعين الشيطان على العاصي، وبين أن تعين العاصي على الشيطان، بكى تأثراً وندماً، وتاب إلى الله عز وجل، وعاهد أبا حنيفة على أن يدع الغناء.
يعني أحياناً كما قال ابن عطاء الله السكندري: ربّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً، يعني في قصة أرويها كثيراً:
﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾
بعضهم قال: من أطاع عصاك فقد عصاك.
الأب البطل، المعلم البطل الذي يجعل من إعراضه عن ابنه، أو عن تلميذه أكبر عقاب له، أما من استخدم الضرب والتعنيف ذهبت هيبته وكان حاجزاً كبيراً بينه وبين من يربيه.