2019-05-22
مقدمة :
الدكتور بلال:
بسم الله:
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ *عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
والصلاة والسلام على النبي العدنان، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان.الشهوة قوة دافعة يحتاجها كل إنسان :
الدكتور راتب :﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ﴾
يصف الكافرين، فطول الأمل متعلق بالموت أيضاً، كيف يكون ذلك من ضعف الإيمان؟العاقل من يدخل الموت في حساباته اليومية :
الدكتور راتب :
المشكلة أن الموت ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، ينهي غنى الغني وفقر الفقير، ينهي وسامة الوسيم، وخلاف ذلك ينتهي، ينهي كل شيء، ما دام ينتهي كل شيء بالموت فلا بد من أن تدخله في حسابك اليومي، بلحظة من بيت فخم، من زوجة، من أولاد، من بنات، من أصهار، من كنائن، من سهرات، من ولائم، من مناسف إلى قبر.
(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت ))
أنا أرى البطولة، والذكاء، والنجاح، والتفوق أن تدخل هذه اللحظة في حساباتك اليومية، هذا لا يمنع أن تعمل، أن تدرس، أن تتفوق، أن تتزوج، أن تنجب، أبداً، ما دمت في المباح وفي أحكام الشرع تكون قد جمعت بين الدنيا والآخرة.﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾
جنة في الدنيا، وجنة في الآخرة.التوسع في المباحات حجاب بين الإنسان و ربه :
الدكتور راتب :
أحياناً التوسع في المباحات حجاب بين الإنسان و ربه، التوسع في المباحات ينشغل بها، أي الحياة مؤقتة، والموت يأتي فجأة، والقبر صندوق العمل، فانتبه إلى المباحات، اعتنى بها عناية تفوق الحد المعقول، تفوق الحد المقبول، فبذل وقتاً ثميناً للتزيين، والزخرفة، وما إلى ذلك، فوجئ أن الموت قد جاء وأنهى كل شيء.
الدكتور بلال:
التوسع في المباحات سيشغله حتماً عن الآخرة.
الدكتور راتب :
عندما الشيطان يدعو الإنسان للكفر فلا يستطيع، للشرك فلا يستطيع، للكبائر فلا يستطيع، للصغائر فلا يستطيع، آخر شيء للمباحات، وقبل المباحات التحريش بين المؤمنين، إذا يئس من كل شيء المباحات، اهتمام كبير بهذه الدنيا، يأتي الموت فجأة ينهي كل شيء، يقع بخيبة أمل كبيرة جداً.
(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أناـ وأنا الحي الذي لا يموت ))
الدكتور بلال:(( أكثروا ذكر هادم اللذات، مفرق الأحباب، مشتت الجماعات))
(( عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من أحببت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به))
الإكثار من ذكر الموت :
الدكتور راتب :
هناك طرفة: شخص سمع هذا الحديث توفي والده، فكر أن هناك حلاً و هو أن يسعى إلى أن ينام معه شخص في القبر أول ليلة، فأقنع شخصاً فقيراً جداً جداً أن ينام معه مقابل عشر جنيهات، لأن القصة بمصر، هذا- طبعاً القصة رمزية - نام معه، جاء الملكان، قال الأول للآخر: يوجد اثنان في القبر، بالعادة شخص واحد، تحرك الأول فعرفوا أنه غير ميت، بدؤوا به، أجلسوه، كان يلبس كيس قمح وقد ربطه بحبل، بدؤوا بالحبل، هذا الحبل من أين أحضرته؟ من البستان، كيف دخلت للبستان؟ لم يعرف الجواب فضربوه ضرباً مبرحاً، خرج من اليوم الثاني وقال: أعان الله والدكم.
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
الدكتور بلال:﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾
كيف ينفق الإنسان وقته من غير أن يطول أمله، كيف ينفقه بالاستثمار؟كيفية إنفاق الوقت استثماراً :
الدكتور راتب :
لابد من تنظيم الوقت، وقت لربك، الصلوات، والقرآن، والذكر، وقت لطلب العلم، وقت لأولادك وأهلك، وقت لعملك، وقت الفراغ للمزيد من أعمالك الصالحة، التنظيم أكبر حاجة لكل المؤمنين، نظم وقتك.
الدكتور بلال:
كثير من الناس يستهلكون أوقاتهم، والبعض يستثمرون أوقاتهم، كيف ينفق الوقت استهلاكاً، قلتكم استثماراً، لكن كيف ينفق استهلاكاً؟
كيفية إنفاق الوقت استهلاكاً :
الدكتور راتب :
استهلاكاً التوسع بالمباحاة، سهرات، حديث لا طائل منه، أي هذا الذي تتحدث عنه ليس لك علاقة به إطلاقاً، ولن تستطيع أن تقعل شيئاً فيه، فترداد أفكار مكررة، تعليق على أحداث طارئة، كلام فارغ لا ينتهي بشيء، لو قرأت آية، لو قرأت سورة، لو عملت عملاً صالحاً، لو قرأت كتاباً، انتفع من شيء.
الدكتور بلال:
إذاً كأننا نقول: استثمار الوقت هو أن يعمل عملاً ينفعه بعد مضي الزمن.
الدكتور راتب :
عندنا عمل ليس له أثر مستقبلي، فرضاً شخص حضر وليمة، أكل فيها أطيب طعام على الإطلاق، لكن بعد أسبوعين أصابه ألم في رأسه، ألم شديد جداً، لو تذكر هذا الطعام الطيب هل يذهب هذا الألم؟
الاستمتاع بالحياة ليس له أثر مستقبلي.
الدكتور بلال:
هذا استهلاك الوقت.
الدكتور راتب :
أثر آني استهلاكي، الشخص أحياناً يستهلك حاجاته الثمينة، وهناك إنسان يتاجر بها، معه مبلغ من المال، دخل لمطاعم غالية جداً استهلك المال، بقي بلا دخل، وإنسان آخر يستهلك الطعام استهلاكاً بسيطاً، ويتاجر بالباقي.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ ﴾
التجارة أن تربح، أن تنفق رأس مالك، وأن تقبض الثمن.﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
فالله تعالى يقول: الإنسان خاسر.أركان النجاة :
الدكتور راتب :
والله أنا ما قرأت في حياتي تعريفاً جامعاً مانعاً قاطعاً للإنسان كهذا التعريف، الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، فهو زمن، هو زمن بتعريف الإمام الجليل الحسن البصري، لأنه زمن، أقسم الله له بمطلق الزمن فقال تعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ ﴾
دقق، جواب القسم مخيف:﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
خاسر، لماذا يا رب؟ لأن مضي الزمن وحده يستهلك الإنسان.﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
إله يقسم.﴿ إِلَّا﴾
رحمة الله في إلا:﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
سماها الإمام الشافعي: أركان النجاة، أي لا بد من أن تبحث عن الحقيقة.﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
الدكتور راتب :﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾
الدكتور راتب :﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
هذه السورة جامعة مانعة فيها أركان النجاة، وكان أصحاب النبي لا يتفرقون إلا على هذه السورة.خاتمة و توديع :
الدكتور بلال:
إيمان، وعمل، ودعوة، وصبر.
جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم، ننتقل في اللقاء القادم إن شاء الله إلى مظاهر ضعف الإيمان بعد إن انتهينا من أسباب ضعف الإيمان.
أخوتي، أخواتي؛ أشكر لكم حسن المتابعة، وأشكر لشيخنا حسن الإلقاء، وأسأل الله عز وجل أن نلقاكم دائماً وأنتم في أحسن حال، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته