وضع داكن
04-10-2023
Logo
محفوظات - موضوعات لغير الدكتور: 25 - الدكتور المقرئ أبو زيد الإدريسي – نكبة زلزال المغرب
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ولدنا الحبيب فاروق، كيف حالك؟ كيف صحتك؟ علك بخير أنت ومن تحب، وكيف حال الشيخ النابلسي وذريته وآله وأحبابه؟ 
الحمد لله أخي على لطفه، هذا قدري، والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، لقد رأينا من أهوال هذا الزلزال عجباً، ورأينا من ألطاف الله فيه عجباً أشد، ولو ضرب هذا الزلزال على غير العمق الذي ضرب عليه وهو 18 كم ونصف لأفنى شطراً من المغرب، ولو ضرب في الحواضر والمدن والبوادي النائية لكان كذلك، ولو ضرب في منطقة غير جبلية ليس فيها صخور صماء، وجبال شماء تصده وتحده لكان كذلك، ولو ضرب في الغرب لكان كذلك، ولو ضرب في الصحراء لكان كذلك، ولو ضرب في البحر لغرق المغرب، لكن الله عز وجل إذ كتب هذا الزلزال من 7،2 درجة على سلم ريختر فقد جعل بؤرته في منطقة تجعل أثره الأقل الأقل الأقل، وإذ ضرب في هذا العمق السحيق قد جعل أثره أقل فأقل فأقل. 

لطف الله في عباده:


والألطاف العجيبة أن المياه تفجرت في كثير من هذه المناطق الجافة، والتي تعاني عطشاً شديداً منذ عقود، وأصبحت فيها الآن شلالات نرجو أن تبقى دائماً مستمرة، والعجب أنه ضرب في مناطق وعرة، لا تصل إليها الدولة، لا بعناية ولا برعاية، فلعله اليوم إذ هفت إليها القلوب، وهوت إليها الأفئدة أن تعتني بها الدولة، وأن يعتني بها المستمع المدني فينفعها بأمرين: بالطرقات وبالمباني، والباقي يسهل أمره، فالحمد لله على لطفه. 
أما نحن في الدار البيضاء أنا وبقية الإخوة الذين يكونون معكم في سواعد الإخاء ففي نعمة وعافية؛ لأن الدار البيضاء هزها الزلزال هزاً خفيفاً، ولم يمت في المدينة إلا ثلاثة، وفيما حولها اثنان، المجموع خمسة من مجموعٍ يقترب من ثلاثة آلاف شهيد إن شاء الله، وما يقرب من ثلاثة آلاف جريح شفاهم الله.
سلِّم على شيخنا، وطمئنه عنا، ولقد رأى ورأينا من تضامن الشعب المغربي عجباً لم نكن نتصوره، إذ إلى وقت قريب كان المغرب في وضع حرج جداً فيما يتعلق بمخزون الدم، وكان المغاربة لأمرٍ ما دهاهم قد انصرفوا عن التبرع به، حتى أصبحت الدولة تستغيث وتتوسل لأن الدم هو المادة الوحيدة لحد الآن التي لا تُصنع ولا تُشترى ،لا بد أن يُتبرَّع بها، وأن يُتبرَّع بها بشكل مستمر لأنها لا يمكن أن تبقى في أعلى درجة الحفظ إلا بضعة شهور، اليوم الدم يفيض على مخازن الدولة، والدولة بعد أن استغاثت بالناس، الآن تستغيث بهم ألا يأتوا، فهناك طوابير بالآلاف المؤلفة على كل نقاط التبرع بالدم، فيردونهم، فيرجعون ويذكرونك بقوله تعالى:

﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ(92)﴾

[ سورة التوبة ]

الناس يرجعون تفيض أعينهم من الدمع حزناً ألا يجدوا كيف يتبرعون، أما التبرعات العينية من ملابس ومواد غذائية وحفاضات، وبطانيات وأغطية، وخِيم، فترى منه العجب العجاب، الدولة الآن تمنع آلاف الشاحنات المتوجهة في كل الاتجاهات إلى إنقاذ هذه الأقاليم الأربعة الشاسعة ورززات وزاكورة وتزنينت وحفظ مراكش.
الأمر الثاني اسأل شيخنا ألا يتوقف عن الدعاء لنا، واسأله أن يدعو للمسلمين جميعاً، وهو أعلم بما ينبغي أن يدعو به، وإخواننا في ليبيا هم أيضاً أحوج لهذه الرعاية وهذا الحجب، وهذا الدعاء، وقد جمع الله عليهم نكبتين، لحكمة يعلمها نكبة حفتر، ونكبة الفيضان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخفاء الصور