الحمدُ لله رب العالمين، ناصِر المُستضعفين، ومُذلّ الجبابرة والمُستكبرين، أيَا حُكَّام أُمتنا العربية والإسلامية، إنَّ أُمة الإسلام اليوم في لحظةٍ تاريخيةٍ فارقةٍ، فإما أن تَصطفّوا مع الأُمّة وقضيتها العادلة، أو تكونوا في صف عدوها، وتتحملوا مغبَّة ذلك في الدنيا والآخرة، وإنَّه لخُسرانٌ مُبين.
إنَّ الأُمة بأسرها اليوم من جاكرتا إلى سواحل الأطلسي في أقصى الغرب، مُجمعةٌ على نَصرة غزة اليوم ودعمها والوقوف بجانبها بالنفس والمال، ويجب على الحُكومات التي تُمثّل شعوب هذه الأمة، أن تَمتَثل لإرادة الناس لأنَّهم نائبين عن المسلمين، واعلموا أن تَقصيركم في ذلك وتخاذُلكم عن نُصرة أهل غزة هو خيانةٌ للهِ وللرسولِ وللمؤمنين، أما مَن والى العدو ودَعَمه سِراً وعَلناً، وحرَّض على القضاء على المُقاومة فيصدق فيه قول الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)﴾
أيَا حُكَّام العرب والمسلمين في كل بلاد الإسلام والعروبة، إنَّ الله يؤتي مُلكه من يشاء، وينزعه مِمَن يشاء، ويُعزُّ من يشاء ويُذلُّ من يشاء، وهو القاهر فوق عباده وهو القائل:
﴿ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)﴾
فدوروا مع عزة الله حيث دارت، وكونوا مع نُصرة عباده وأوليائه، ولا تخذلوهم في موقِفٍ يجب فيه النُصرة، فيخذُلُكم الله في موقفٍ تتمنوا فيه انتصاراً.
أيا حُكَّام أُمة الإسلام، إنَّ دماء الأطفال والنساء والشيوخ في غَزة، وصرخات الثَكالى والأيامى وقَهر المستضعفين المُحاصرين في أشبارٍ معدودةٍ من الأرض، لتَسأل كل يوم ربها: يا رب سَل هؤلاء في ما خَذلوني؟ لماذا لا يُسعفوني بالنُصرة؟ لماذا أُغلِقت المَعابر في وجوهنا؟ لماذا لم تَصِل المُساعدات؟ لماذا لم يسمحوا بدخول الإسعافات؟ لماذا يتركونا نموت قَصفاً وجوعاً وعطشى؟ يا رب لماذا وقف بعض الحُكَّام مع العدو الصهيوني في صفٍ واحد؟! لماذا تآمروا علينا بدل أن يَنصرونا؟ أيُّها الحُكَّام لِمن يَعقل منكم سُنن الله في خلقه، إنَّ عاقبة النُصرة نُصرة، وإنَّ مَغبّة الخُذلان خُذلانٌ عظيم، وقد رأينا سُنن الله في خفض البشر ورفعه، فسبحان مَن ملك ناصية العباد، فجرَّهُم إلى قَدره وأجراهم عليه، فلا حول لأحدٍ سواه، ولا قوة لأحدٍ غير الله، ولا مانع لما قضى، لا رادَّ لأمره، ولا مُعقِّب لحُكمه، لا ينفع ذا السلطان منه سلطانه، ولا صاحب النفوذ نفوذه.
أيها الحُكَّام استجيبوا لأمر الله ورسوله، استجيبوا لنداء الشعوب الصادقة، ورغبة الأُمة الحيَّة، افتحوا الحدود، فلا يُعقل أن يكون إدخال شَربة ماء لأهل غَزة لا يكون إلا بإذن العدو! هذا عارٌ لا يُمحى وهوانٌ يجب أن لا يستمر، أدخِلوا لأهل غزة احتياجاتهم، افتحوا الأبواب لكل قادرٍ على المساعدة والإسناد، يُقدِّم ما يستطيعه لإخوانه المُستضعفين، كم من الدماء ينبغي أن تُراق حتى تُقطّعوا العلاقات وتُلغوا المعاهدات مع هذا الكيان المُجرم؟
إنَّ قطع العلاقات الدبلوماسية واجبٌ قد تأخر، وعارٌ على كُل سفير لا يزال يبيت في تل أبيب ودماء المسلمين تُسفك! كُلَّ ساعةٍ في غزة، كما يجب قطع العلاقات الاقتصادية مع الكيان ومن يدعمه، وتبنّي حملة المقاطعة بشكلٍ رسمي، فسلاح الاقتصاد أقوى سلاح، وكيف تدفعون لهم أموال المسلمين ليقتلوا بها أطفال المسلمين؟!
وإنَّني لأقسم على غيبٍ أراه شاهداً، وآتٍ أراه واقعاً، ووعدٍ أراه مُنجزاً، أنَّ الله ناصرٌ عباده، مُعزٌ جنده، قاهرٌ عدوه، ولو كره كلُّ كاره، ومَكرَ كُلّ ماكر.
﴿ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (122)﴾
﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(21)﴾
أُمتي هـل لـكِ بيـن الأُمـم مِـنـبـَرٌ للســـيفِ أو لـلقـلـمِ
أتـلقـاكِ وطـرفـي مُـطـرِقٌ خَجِلاً مِـن أمسـِكِ المُنصـرمِ
لا يُلام الذِئـبُ في عدوانه إنْ يـَكُ الراعـي عـدوَّ الغـنمِ
أُمتـي كـم صــنمٌ مجــدتِـه لـم يكن يـحمل طُهرَ الصـنمِ
رُبَّ وامـعتصـماه انطـلقت مِـلءُ أفـواه الـبنـات الـيُـتّـمِ
لامسـت أسماعـهم لكنها لـم تلامس نخوة المعتـصـمِ