وضع داكن
22-11-2024
Logo
المؤلفات - كتاب مقومات التكليف – المقوم السابع - الفقرة : 3 - إدارة الوقت
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

العبرةُ ليست في إنفاقِ الوقتِ، بل في استثماره، فالوقتُ إذا أنفقناهُ ضاعَ، أما إذا استثمرناهُ فسينمو، ويُؤتِي ثمارَه في مستقبلِ حياتنا، وللأجيال القادمة.
إذًا كيف يُنفقُ المسلمُ الزمنَ إنفاقاً استثماريًّا ؟ لئلاّ تُحقَّق به الخسارةُ، إنَّ هذا ما يسمَّى في المصطلح الحديث (إدارة الوقت).
الوقتُ في حياةِ المسلمِ عبادةٌ ممتدَّةٌ، أمّا الوقتُ في الثقافةِ الغربيةِ، والنظرياتِ الماديةِ، فإنه لا يخرج عن نطاقِ المثل الشائع: " الوقت هو المال "، وإذا وَازَنَّا هذه العبارةَ بقولِ الحسنِ البصري رحمه الله تعالى: ( أدركتُ أقواماً كان أحدهم أشحَّ على عمره منه على دراهمه ودنانيره )، نَستنتجُ أنّ الوقتَ عندَ المسلمِ أغلى مِنَ المالِ، ذلك أنّ المسلمَ يُدرك أنّ المالَ يمكنُ تعويضُه، بينما الوقتُ لا يمكن تعويضُه.
أيها الإخوة الكرام، الإنسانُ حينما يَحرقُ مبلغاً كبيراً مِنَ المال يُحكَم عليه بالسَّفَهِ، ويُحْجَر على تصرفاتِه، ولأنه مركَّبٌ في أعماقِ الإنسانِ أنّ الوقتَ أثمنُ مِنَ المالِ، بدليلِ أنه يبيعُ بيتَه الذي يسكنُه ولا يملكُ شيًا سِوَاهُ ليُجريَ بثمنِه عمليةً جراحيةً، متوهِّمًا أنّها تزيدُ في حياتِه سنواتٍ عدةً، فالوقتُ عندَ كلّ إنسانٍ أثمنُ مِنَ المال، وبناءً على هذه المُسَلَّمَةِ فإنّ الذي يُتلفُ وقتَه أشدُّ سَفَهاً مِنَ الذي يُتْلِفُ مالَه.
إدارةُ الوقتِ هِي فعلُ ما ينبغي، على الوجهِ الذي ينبغي، في الوقتِ الذي ينبغي، الوقتُ مِن ذَهَبٍ، بل أغلى من الذهب، بل هو لا يُقدَّر بثمن، إنه أنت، ويُعَدُّ الوقتُ أحدَ أربعةِ مواردَ أساسية في مجال الأعمالِ ؛ المواد، والمعلومات، والأفراد، ثم الوقتُ الذي يُعدّ أكثرَها أهميةً، لأنه كلما تَحَكّمَ الفردُ في وقتِه بمهارةٍ وإيجابيةٍ استطاعَ أن يستثمرَه في تحقيقِ أقصى عائدٍ ممكنٍ مِنَ المواردِ الأخرى ؛ حيث إنّ الفردَ عندما يديرُ وقتَه بشكلٍ فعّالٍ هو في الحقيقة يديرُ نفسَه، وعبادتَه، وعملَه، ودنياهُ إدارةً فعّالةً.
وعلى الرغمِ مِن هذه الأهميةِ الكبيرةِ للوقتِ، فإنّ أكثرَ العناصرِ والمواردِ هدراً، وإنّ أقلَّها استثماراً، سواء من الجماعات، أو من الأفراد، هو الوقتُ، ويعود هذا لأسبابٍ عدّةٍ، أهمّها عدمُ الإدراكِ الكافي للخسارةِ الكبيرةِ المترتبةِ على سُوءِ إدارتِه.
الوقتُ مَوْرِدٌ نادرٌ، لا يمكن تجميعُه، ولأنّه سريعُ الانقضاءِ، وما مضى منه لا يرجع، ولا يعوَّض بشيء، كان الوقتُ أنفسَ وأثمنَ ما يملكُ الإنسانُ، وترجعُ نفاستُه إلى أنه وعاءٌ لكلِّ علمٍ، ولكلِّ عملٍ، ولكلِّ عبادةٍ، فهو في الواقعِ رأسُ المالِ الحقيقيّ للإنسانِ، فرداً ومجتمعاً.
ومِنْ هذا المنطلقِ يعدُّ الوقتُ أساسَ الحياةِ، وعليه تقومُ الحضارةُ، فصحيحٌ أنّ الوقتَ لا يمكن شراؤُه، ولا بيعُه، ولا تأجيرُه، ولا استعارتُه، ولا مضاعفتُه، ولا توفيرُه، ولا تصنيعُه، ولكن يمكن استثمارُه وتوظيفُه، أولئك الذين لديهم الوقتُ لإنجازِ أعمالِهم، ولديهم أيضاً الوقتُ لمعرفةِ ربِّهم، وعبادتِه، والتقرّبِ إليه، عرفوا قيمتَه، هم يستثمرون كلَّ دقيقةٍ مِن وقتهم، ولذا فإدارةُ الوقتِ لا تنطلقُ إلى تغييرِه، أو تعديلِه، أو تطويرِه، بل إلى طريقةِ استثمارِه بشكلٍ فعّالٍ، ومحاولةِ تقليلِ الوقتِ الضائعِ هَدْراً دون فائدةٍ.
يؤكِّد بعضُ العلماءِ منذ زَمَنٍ قديم أنَّ الوقتَ يمرُّ بسرعةٍ محدّدةٍ وثابتةٍ، فكلُّ ثانيةٍ أو دقيقةٍ، وكلُّ ساعةٍ تشبهُ الأخرى، وأنّ الوقتَ يسيرُ إلى الأمامِ بشكلٍ متتابع، وأنه يتحركُ وَفقَ نظامٍ معيَّن مُحكَم، لا يمكن إيقافُه، أو تغييرُه، أو زيادتُه، أو إعادةُ تنظيمه، وبهذا يمضي الوقتُ بانتظامٍ نحو الأمام، دون أيِّ تأخيرٍ أو تقديم، ولا يمكن بأيِّ حالٍ مِنَ الأحوالِ إيقافُه أو تراكمُه أو إلغاؤُه أو تبديلُه أو إحلالُه، إنّه موردٌ محدَّدٌ يملكُه الجميعُ بالتساوي، فعلى الرّغم مِنْ أنّ الناسَ لم يُولَدوا بقدراتٍ أو فُرَصٍ متساويةٍ، فإنهم جميعا يملكون الأربعَ والعشرين ساعةً نفْسَها كلَّ يومٍ، والاثنينِ والخمسينَ أسبوعاً كلَّ عام، وهكذا فإن جميعَ الناس متساوون في ناحيةِ المُدَّة الزمنية، سواء أكانوا من كبار الموظفين أم مِن صغارهم، مِن أغنياء القوم أم مِن فقرائهم، لذلك فالمشكلةُ ليستْ في مقدار الوقتِ المتوفّر لكلٍّ مِن هؤلاء، ولكنْ في كيفيةِ إدارةِ الوقت المتوفّر لديهم واستخدامِه، وهل يستخدمونه بشكلٍ جيِّدٍ ومفيدٍ في إنجاز الأعمالِ المطلوبةِ منهم، أو يهدرونه، ويضيِّعونَه في أمور قليلة الفائدة.
إنّ إدارةَ الوقتِ هي تحديدُ هدفٍ، ثم تحقيقُه، قال تعالى:

﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة الملك: الآية 22]

ولا شكّ أنّ مَنْ يمشي إلى هدفٍ وغايةٍ واضحةٍ أهدى مِمَّن يَخبِطُ خَبْطَ عشواء.
الوقتُ نعمةٌ عظيمةٌ، تؤكِّد السُّنّةُ المطهّرةُ ما جاء في القرآن الكريم مِن أنّ الوقتَ مِنْ نِعَمِ الله على عباده، وأنهم مأمورون بحفظه، مسؤولون عنه، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ))

[رواه البخاري (6049)، والترمذي (2304) وغيرهما]

ومعنى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ))

أيْ الذي يُوَفَّقُ لذلك قليلٌ... فقد يكون الإنسانُ صحيحاً، ولا يكون متفرِّغاً لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيًا، ولا يكون صحيحاً، فإذا اجتمعا - الصحةُ والفراغُ - فغَلَبَ على الإنسان الكسلُ عن الطاعة فهو المغبونُ، والغبنُ أنْ تشتريَ بأضعافِ الثمنِ، وأنْ تبيعَ بأقَلّ مِن ثمنِ المِثْلِ.
الوقتُ مسؤوليةٌ كبرى، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

((لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ،وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ))

[رواه الترمذي عن أبي برزة الأسلمي(2417)]

الوقتُ وعاءُ العبادةِ، فالصلاةُ والزكاةُ والصيامُ والحجُّ ونحوُها عباداتٌ محددَّةٌ بأوقاتٍ معيَّنةٍ، لا يصحّ تأخيرُها عنها، وبعضُها لا يُقْبَل إذا أُدِّيَ في غير وقته، فهي مرتبطةٌ ارتباطاً وثيقاً بالوقتِ، الذي هو عبارة عن الظرفِ أو الوعاء الذي تُؤَدَّى فيه.
ومما ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحثِّ على أداءِ العباداتِ في وقتِها قولُه حين سئل:

(( أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ))

[البخاري(504)، ومسلم(85) عن ابن مسعود]

لقد كان عليه الصلاة والسلام مِن أَشَدِّ الناسِ حِرْصاً على وقته، وكان لا يَمضي له وقتٌ مِن غير عَمَلٍ لله تعالى، أو فيما لا بدّ له لصلاحِ نفسه، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه يصف حالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( كان إذا أَوَى إلى مَنْزله جَزَّأ دُخولَه ثلاثة أجزاء: جُزءا للّه، وجُزءا لأهلْه، وجُزءا لنَفْسه، ثم جَزَّأ جُزْءَهُ بَيْنَهُ وبين الناس، فَيردَ ذلك على العامَّة بالخاصَّة ))

[ابن سعد في الطبقات الكبرى (1/423)، والبيهقي في شعب الإيمان(2/156)]

وفي السنة النبوية الشريفة إشارات إلى أهمية الوقت:
فعن أبن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( اِغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغِكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ ))

[أخرجه الحاكم في المستدرك (4/341)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/77)، والمنذري في الترغيب والترهيب (4/125)]

بل في حديث رائع عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ ))

[أخرجه أحمد (13004)]

ولابن القيم رحمه الله تعالى قول في قيمة الوقت في حياة المسلم، يقول:

(( فالعارفُ ابنُ وقتِه، فإنْ أضاعَه ضاعت عليه مصالحُه كلها، فجميعُ المصالحِ إنما تنشأ مِنَ الوقت، فمتَى أضاعَ الوقتَ لم يستدرِكْه، فوقتُ الإنسانِ هو عمرُه في الحقيقة، وهو مادةُ حياتِه الأبديةِ في النعيم المقيم، ومادةُ المعيشة الضنكِ في العذابِ الأليمِ، وهو يمرّ أسرعَ مِن مَرِّ السحابِ، فما كان مِن وقتِه لله، وبالله فهو حياتُه وعمرُه، وغيرُ ذلك ليس محسوبًا مِن حياته، وإنْ عاشَ فيه عيشَ البهائم، فإذا قَطَعَ وقتَه في الغفلةِ والشهوةِ والأماني الباطلةِ، وكان خيرُ ما قطعه بالنوم والبطالة، فموتُ هذا خيرٌ له مِن حياته، وإذا كان العبدُ وهو في الصلاة ليس له من صلاته إلا ما عَقَلَ منها، فليس له من عمره إلا ما كان فيه بالله وله))

[الجواب الكافي لمَن سأل عن الدواء الشافي (ص201)، بتصرف يسير]

ومن جَهِل قيمةَ الوقتِ فسيأتي عليه موقفان خطيران، يتذكّر فيهما قيمةَ الوقت.
الموقف الأول: ساعةُ الاحتضارِ، حينَ يودِّع الدنيا، ويستقبلُ الآخرة، ويتمنّى لو مُنِحَ مهلةً من الزمن، وأُخِّر إلى أجلٍ قريبٍ، ليُصلِحَ ما أفسدَ، وليتداركَ ما فاتَ.. قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ*وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾

[سورة المنافقون: الآية 9-10]

ويأتي الرد الإلهيّ:

﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾

[سورة المنافقون: الآية 11]

الموقف الثاني: في الآخرة، حيث تُوفَّى كلُّ نفسٍ ما عملتْ، وتُجزَى بما كسبت، ويدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ، وأهلُ النارِ النارَ، هناك يتمنّى أهلُ النارِ لو يعودون إلى دارِ التكليفِ، ليعملوا عملاً صالحاً، ولكنْ هيهاتَ هيهاتَ، فقد انتهى زمنُ العمل، وجاء زمنُ الجزاءِ.
قال تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ*وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾

[سورة فاطر: الآية 36-37]

و القرآنُ يحذِّر مِنَ الغفلة أشدَّ التحذير، قال تعالى:

﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾

[سورة الأعراف: الآية 179]

آفةٌ أخرى تصيبُ الناسَ، إنها التسويفُ، غدًا، وبَعْدَ غدٍ، وسوف أتوبُ، وبعْد انتهاء العام الدراسي، وبعد تأسيسِ المحلِّ، وبعْد الزواجِ، قال الحسن البصري رحمه الله:

(( إيّاكَ والتسويفَ، فإنّك بيومِك، ولستَ بغدك، فإنْ يكن غدٌ لك، فكنْ في غدٍ كما كنتَ في اليوم، وإنْ لم يكن لك غدٌ، فلنْ تندمَ على ما فرَّطتَ في اليومِ ))

وقيل لعالم جليل: أوصنا، فقال:

((احذروا ( سوف ) فإنها جند من جنود إبليس ))

ولله دَرُّ مَنْ قال:

تَزَوَّدْ مِنَ التّقوى فإنّكَ لا تـدرِي إذَا جَنَّ لَيْلٌ هل تعيشُ إلى الفَجْـِر
فَكَمْ مِن سَليمٍ مَات مِن غيرِ عِلّةٍ وَكَمْ مِن سقيمٍ عَاشَ حِيناً مِنَ الدَّهْرِ
وَكَمْ مِن فتًى يُمسي ويُصبحُ آمناً وقد نُسِجَتْ أكفانُه وهو لا يَـدْرِي

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور