وضع داكن
19-04-2025
Logo
بعد النصر - موضوعات لغير الدكتور : 01 – الرئيس السوري يصدر قرارًا بتعيين المفتي العام وتشكيل مجلس الإفتاء الأعلى
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
المُقدِّم:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
السيد رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع، السادة المشايخ الفُضلاء والعُلماء الأجلّاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أُرحِّب بكم في هذا اللقاء المُبارك، والذي نجتمع فيه لبناء مؤسسة الإفتاء في الجمهورية العربية السورية، وهو لقاءٌ أساسه محبة العِلم والعُلماء، ودافعه تجديد العهد بهم، وتفعيل دورهم في حفظ ثقافة الأمة وهويتها، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، حملوا مشاعل الهداية للناس عبر التاريخ، وكانوا ملجأ الضعفاء، وصمام الأمان للمجتمعات، بما حباهم الله من المكانة في قلوب الناس. 

مقدمة:


أيُّها الفضلاء: ليس لمثلي أن يتحدث أمام حضراتكم، لكنها الضرورة أقامتني فيكم مقام المتحدث، مع إدراكي التام، أنه لا جديد يُذكَر أمامكم، وغاية القصد التنويه والتذكير.
أيُّها الأكارم: إنَّ دور العُلماء والمُفتين لا يقتصر على بيان الحلال والحرام فحسب، بل يمتد إلى صناعة مجتمعٍ، يقوم على مبدأ الفصل بين الحلال والحرام قولاً وعملاً، مجتمعٍ يقوم على مبدأ: 

(( يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي وجعلتُهُ بينَكم محرَّمًا فلا تَظالموا يا عبادي إنَّكم تخطئونَ باللَّيلِ والنَّهارِ وأنا أغفرُ الذُّنوبَ جميعًا ولا أبالي فاستغفروني أغفرْ لَكم يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلَّا من هديتُهُ فاستَهدوني أَهدِكم يا عبادي كلُّكم جائعٌ إلَّا من أطعمتُهُ فاستطعموني أطعِمْكم يا عبادي إنَّكم لن تبلُغوا ضرِّي فتضرُّوني ولن تبلغوا نفعي فتنفَعوني يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخِرَكم وإنسَكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحدٍ منْكم ما زادَ ذلِكَ في مُلْكي شيئًا يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجنَّكم كانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ منكُم ما نقصَ ذلِكَ من مُلْكي شيئًا يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجنَّكم اجتمَعوا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ منهم مسألتَهُ ما نقصَ ذلِكَ في مُلكي شيئًا إلَّا كما يَنقصُ البحرُ إن يُغمَسْ فيهِ المِخيَطُ غمسةً واحدَةً يا عبادي إنَّما هيَ أعمالُكم أُحصيها لَكم ثمَّ أوفِّيكم إيَّاها فمن وجدَ خيرًا فليحمدِ اللَّهَ ومن وجدَ غيرَ ذلِكَ فلا يلومنَّ إلَّا نفسَهُ ))

[ أخرجه مسلم ]

وإنَّ من أهم ما يقوم به السادة العلماء، في هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها الأمة، بناء مجتمعٍ آمنٍ يسوده السلم وتعلوه الرحمة، وتعزيز هويةٍ وطنيةٍ تجمع السوريين بعد أن فرَّقتهم الحرب.
ولطالما كان الخطاب الديني بحاجةٍ، إلى إزالة التعارض الموهوم بين الإسلام والانتماء الوطني، فالإسلام دينٌ شموليٌ، مبنيٌ على الرحمة، وقائمٌ على مبدأ التعارف، والوطن وعاء يجمع السوريين تحت رايةٍ واحدة، مهما اختلفت الآراء والأفكار والانتماءات، وإننا نتطلع من خلال هذه المؤسَّسة، التي نجتمع اليوم على شرف إعلانها، إلى إدارة الخلافات بين الاتجاهات الفكرية، والمدارس الإسلامية، بحكمةٍ ورَوية، وتحرير الفتوى التي تخاطب المُجتمع السوري، بما يعكس سعة الاختيار من المذاهب الفقهية، والانفتاح على مختلف الاجتهادات المُعتبرة، التي تتناسب مع احتياجات العصر وتحديَّاته، فالفتوى ليست نصَّاً أُحادياً جامداً، بل هي نصٌّ نابضٌ بالحياة، تحمله نصوصٌ تعيش بين الناس، تتنفس مقاصد الشريعة، وتُحقِّق مصالح الأمة.
 ولعلَّنا في اجتماعنا المُبارك هذا اليوم، نُعلن إنهاء حالة الانفصام التاريخية بين العِلم والحُكم، مُستلهمين نهج أسلافنا، الذين جمعوا بين العِلم والوعي بمسؤوليات الحكم، وأدركوا حقيقة موقعهم ودورهم إلى جانب الحاكم، ليعود العُلماء إلى مهمتهم، في توجيه الأمة وترشيدها وتوحيدها، وهنا يبرُز التفريق بين الإفتاء في الشأن الخاص، والإفتاء في الشأن العام، فالإفتاء في الشأن الخاص، بسيطٌ واضحٌ في النَص والاستدلال، يسهُل استخراجه من بطون الكتُب، وتنزيله في أحوال الناس. 
أمّا الفتاوى في الشأن العام، فذاك حديثٌ آخر، فإنها أشدّ غموضاً وتركيباً وتعقيداً، وهي أشدّ حاجةً إلى المرونة، والقدرة على ملاءمة الظروف والأحوال، في واقعٍ يتَّسم بالتقلُّب وسرعة التغيُّر، الأمر الذي يستلزم الجمع بين الخبرة بمناطات الأحكام، وفهم الواقع بما فيه من الاضطرارات السياسية، والإكراهات الإنسانية، واستصحاب المقاصد الكليَّة للشريعة، إلى جانب العِلم العميق والفهم الدقيق، للنصوص والأحكام.
في الختام أتقدَّم بالشكر الجزيل للسادة العُلماء، داعياً لهم بطول البقاء، ومديد الصحة والعافية.

قرار رئيس الجمهورية رقم سبعة المُتعلِّق بتعيين المفتي العام للجمهورية العربية السورية:


أستأذن السيد الرئيس، بتلاوة القرار المُتعلِّق بتعيين المفتي العام للجمهورية العربية السورية، كي يتكرم بتوقيعه.
قرار رئيس الجمهورية رقم سبعة، لسنة ألفين وخمسٍ وعشرين، بناءً على الصلاحيات الممنوحة، وحرصاً على توحيد مرجعية الفتوى في البلاد، يقرر رئيس الجمهورية العربية السورية ما يلي:
المادة الأولى: يُعيَّن فضيلة الشيخ أسامة الرفاعي، مفتياً عامَّاً للجمهورية العربية السورية. 
المادة الثانية: يتولَّى المفتي العام الإشراف على أعمال مجلس الإفتاء الأعلى، ويكون مسؤولاً عن تنفيذ قراراته وتوصياته.
المادة الثالثة: يُمثِّل المفتي العام أو مَن يندبه، الجمهورية العربية السورية في المحافل الرسمية والدولية، التي تتطلب وجود مُمثلٍ شرعيٍ للإفتاء، وذلك بعد التنسيق مع الجهات المعنية في الدولة.
المادة الرابعة: يُعمَل بهذا القرار اعتباراً من تاريخ صدوره، ويُنشر في الجريدة الرسمية. 
السيد رئيس الجمهورية العربية السورية، السيد أحمد الشرع.
أرجو من سماحة المفتي فضيلة الشيخ أسامة الرفاعي، أن يتفضل بالجلوس إلى جوار السيد رئيس الجمهورية.
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد:
السيد رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع، سماحة المفتي فضيلة الشيخ أسامة الرفاعي، السادة العُلماء الأجلّاء، أُرحِّب بكم مُجدداً في هذا اللقاء المُبارك.

أهمية الفتوى وضرورة أن يتصدر لها من يملِك القدرة والأهلية:


نُدرك جميعاً أهمية الفتوى، وضرورة أن يتصدر لها من يملِك القدرة والأهلية، لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وتنزيلها على الوقائع والأحداث التي تعيشها الأمة، وهذا تكليفٌ وتشريفٌ في آنٍ واحد، فالعُلماء ورثة الأنبياء، وهُم منارة الناس إذا أطبقت عليهم الخطوب، وتنازعتهم الأهواء، وتفرَّقت بهم السُبل، ينفون عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المُبطلين، وتأويل الجاهلين، خلفاً للرسُل، وإقامةً للحُجَّة، وامتثالاً لأمر الله

﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)﴾

[ سورة آل عمران ]

السادة العُلماء: إلى جانب أهمية الفتوى، نُدرك مدى خطورتها، وشديد تأثيرها، وكبير موقعها، لذلك نتطلَّع اليوم بعون الله تعالى وتأييده، إلى أن يعود لمؤسَّسة الإفتاء دَورَها ومكانتها، بعد الإساءة البالغة التي تعرضت لها في زمن النظام البائد، حيث لم يرضَ بتفريغها من مضمونها وحقيقتها، بل جنَّدها وصيَّرها أداةً من أدوات الظلم والاستبداد.

أهمية ضبط الخطاب الديني:


أيُّها الأكارم: إنَّ ضبط الخطاب الديني، من شأنه أن يُعزِّز توجه المُجتمع المُسلم، ويحافظ على هويته وتماسكه، ويخلق توازناً سليماً بين الشريعة النقية والواقع المُختلط، ولا شك أنَّ ضبط الخطاب الديني لا يستلزم توحيد الرأي الديني، فلا يزال الناس في فُسحةٍ من الأخذ بأقوال العُلماء ومذاهب الفُقهاء، لا يُنكِر أحدٌ على أحد، ولأنَّ المسؤولية عظيمة، والمُستجدات كثيرةٌ وخطيرة، ولأنَّ المرء ضعيفٌ بنفسه قويٌ بإخوانه، ولأنَّ رأي الجماعة أبعد عن الخطأ والزلل، اقتضت الحاجة أن يكون للمسلمين مجلس إفتاء، يضم نخبةً من أهل العِلم في بلادنا، يتعاونون ويتآزرون فيما بينهم، لا سيما في شأن الفتوى، حتى لا تتفرَّق كلمة المسلمين، ولا تختلف آراءهم، فيتشتَّت من بعد ذلك شملهم.
السادة العُلماء: إنَّ مسؤوليتنا كبيرةٌ جداً، في تأصيل الفتاوى الدينية، وإبداء المواقف الشرعية انطلاقاً من منهج التيسير والتبشير، الذي جاءت به الشريعة الغرَّاء، بما يُسهِم في بناء وطننا ودولتنا، وتوحيد شعبنا وأُمتنا، واستكمالاً لتنظيم مؤسَّسة الإفتاء وتعزيز دَورها، يصدُر اليوم قرارٌ بتشكيل مجلس الإفتاء الأعلى، أستأذن السيد الرئيس، بتلاوة القرار المتعلِّق بتشكيل مجلس الإفتاء الأعلى، كي يتكرم بتوقيعه.

قرار رئيس الجمهورية رقم ثمانية في تنظيم الفتوى ومؤسسات الإفتاء:


قرار رئيس الجمهورية رقم ثمانية، لسنة ألفين وخمسٍ وعشرين، بناءً على الصلاحيات الممنوحة، ورغبةً في تنظيم الفتوى ومؤسسات الإفتاء، بما يُحقق المصالح العُليا، فإنَّ رئيس الجمهورية يقرر ما يلي:

المادة الأولى: يُشكَّل مجلس الإفتاء الأعلى من السادة  المشايخ التالية أسماءهم:

فضيلة الشيخ أسامة الرفاعي رئيساً
الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي 
الشيخ الدكتور محمد أبو الخير شكري
الشيخ محمد نعيم عرقسوسي
الشيخ الدكتور عبد الفتاح البزم 
الشيخ الدكتور خير الله طالب 
الشيخ عبد الرحيم عطون
الدكتور مظهر الويس
الشيخ الدكتور أنس عيروط 
الشيخ أنس الموسى 
الشيخ الدكتور إبراهيم شاشو
الدكتور إبراهيم الحسون 
الشيخ علاء الدين قصير
الدكتور محمد وهبي سليمان 
الشيخ سهل جنيد

المادة الثانية: يتولى المجلس المهام التالية:

أولاً: إصدار الفتاوى في المستجدات والنوازل و المسائل العامة.
ثانياً: بيان الحكم الشرعي في القضايا التي تُحال إليه.
ثالثاً: تعيين المفتين ولجان الإفتاء في المحافظات، وتحديد اختصاصاتهم.
رابعاً: الإشراف على دور الإفتاء في المحافظات، وتقديم الدعم والمشورة اللازمة.

المادة الثالثة: يتخذ المجلس قراراته بالأكثرية، وفي حال تساوي الأصوات، يقوم الرئيس بالترجيح.

المادة الرابعة: يقوم المجلس بإعداد نظامه الداخلي.

المادة الخامسة: يُعمل بهذا القرار اعتباراً من تاريخ صدوره، ويُنشَر في الجريدة الرسمية.

رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع.   
السادة العُلماء: أشكركم على حضوركم، وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد في أداء مهمتكم، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يوفِّقنا لخدمة ديننا ووطننا وأُمتنا. 
أترك الكلام الآن لسماحة المفتي فضيلة الشيخ أسامة الرفاعي فليتفضل مشكوراً.
فضيلة الشيخ أسامة الرفاعي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الهي وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين، وخاتم النبيين وإمام المرسلين سيدنا محمدٍ المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، ومن اهتدى بهديه ودعا بدعوته إلى يوم الدين، وبعد:
فخامة الرئيس، السادة العُلماء، الإخوة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
 وبعد أيُّها الإخوة: فإنَّ مسؤولية الفتوى، مسؤوليةٌ تتعلق بالدين، والدين هو زمام أمور الحياة كلها من أوَّلها إلى آخرها، فإذا ثبت الدين، وترسَّخ في قلوب الناس، وأُضيء لهم الطريق، طريق شرع الله تبارك وتعالى، كانت الأمة كلها في سعادةٍ وخيرٍ وبركةٍ وتوفيقٍ إن شاء الله تبارك وتعالى، وإن لم يتوفر ذلك، فإنَّ الأمة بعد ذلك تخبط خبط عشواء، ويُخشى على عاقبتها لا سمح الله، من الضياع والهلاك، وقد أكرمنا الله تبارك وتعالى، بعد أن خلَّصنا من النظام البائد الظالم المُعتدي والحمد لله، أكرمنا بسيادة الرئيس حفظه الله تبارك وتعالى، وبهذه الحكومة التي تقوم على بلدنا إن شاء الله، نحن متفائلون جداً، بأنَّ قضية الفتوى ستكون إن شاء الله في محل حُسن النظر، وفي محل حُسن الظن بها، وبمسؤولياتها التي ستقوم بها إن شاء الله تعالى.
أيُّها الإخوة: كما تفضل الأخ جزاه الله خيراً، الفتوى على نوعين:
نوع إنما هو أسئلةٌ خاصةٌ يُجاب بها السائلون والمُستفتون، وقضية النوازل التي تنزل بالأمة كلها، ولا بُدَّ فيها من تدقيقٍ في النظر، وتدقيقٍ في الأدلة والمعلومات.
 أمّا الصنف الأول: وهو الإجابة على الأسئلة، فهذا سيقوم به المُفتون في كل محافظةٍ من المحافظات، ومجالس الفتوى كذلك.
 وأمّا الصنف الثاني: وهو النوازل التي تهم الأمة كلها، وتهم الشأن العام كله، فلا بُدَّ من جهودٍ ونظرٍ وتنقيبٍ، على أحكام الشرع الحقيقية، التي تحتاج إلى نظرٍ وإلى استدلالٍ وإلى الأدلة، وإلى الترجيح بين الأدلة، وهذه مهمة الإخوة الأكارم السادة العُلماء أعضاء هيئة الفتوى، جزاهم الله تبارك وتعالى خيراً.
أمّا قضية الأسئلة الخاصة، الفتاوى الخاصة، فهذا يعتمد على السؤال أولاً، فالسائل إذا كان مُستجيباً لأمر الله تبارك وتعالى، ولا يرغب بالخروج عن شرعه، فإنه لا بُدَّ أن يعلم أن السائل لا ينبغي، كما يقول الفقهاء رضي الله تعالى عنهم، لا ينبغي أن يهجم على أمرٍ من الأمور، إلا أن يعلم حكم الله فيه، وكما يقول العُلماء، إذا هجم على أمرٍ دون أن يعلم حكم الله فيه، ووقع موافقاً للشرع فهو مع ذلك آثم، آثمٌ لأنه هجم على أمرٍ لا يعلم حكم الله فيه.
 ولذلك أنا أُؤكِّد على الإخوة أبناء الشعب السوري الكريم، جزاهم الله تبارك وتعالى خيراً، إذا تشكَّكوا في أمرٍ من الأمور أنه حرامٌ أو حلال، فلا يُقدِم عليه ولا يهجم عليه، إلا أن يتوجهوا بالسؤال إلى دار الإفتاء، ودار الإفتاء تقوم بواجبها إن شاء الله بأسرع وقتٍ ممكن، للإجابة على هذه الأسئلة دون تأخُّرٍ أو تردُّد إن شاء الله تعالى.
 وأمّا هيئة الإفتاء فجزاكم الله خيراً، أنتم خير من يقوم لهذه المهمة الكبيرة، التي هي جمع الكلمة، جمع كلمة العُلماء، وهذا إن شاء الله سنسعى إليه جميعاً بمعيتكم، إلى جمع كلمة العُلماء، فإننا والحمد لله في هذه البلاد مشربٌ واحد، مشرب أهل السُنَّة والجماعة، وينبغي أن نكون كلمةً واحدة، لا تُفرِّقنا  المذاهب، ولا تُفرِّقنا المدارس الفقهية، وإنما تجعلنا نسير في طريق التكامل إن شاء الله تبارك وتعالى، وأن نكون إن شاء الله جسداً واحداً، وقلباً واحداً، لجميع العُلماء، ولجميع طلاب العِلم والمسلمين عموماً، إن شاء الله تبارك وتعالى، يُعينُنا الله تبارك وتعالى على ذلك، ويُسدِّدُنا في الرأي، ويوفِّقنا في العمل، جزاكم الله تبارك وتعالى خيراً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم. 
شكراً لكم سماحة المفتي وجزاكم الله تعالى عنّا خيراً. 
أترك الكلام للسيد رئيس الجمهورية أحمد الشرع فليتفضل مشكوراً.
السيد الرئيس أحمد الشرع:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الرسول الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أمّا بعد:
لطالما كانت الشام منبراً علمياً وحضارياً ودعوياً، يصدر منه الخير لعامة الأمة، حتى وقعت سورية بيد العصابة الفاسدة، فظهر الشر، وعمَّت البلوى، وعُمِل على هدم سورية ساريةً سارية، واليوم نسعى جميعاً لإعادة بناء سورية، بكوادرها وعُلمائها وأبنائها، وإنه لا يخفى على أحدٍ، مسؤولية الفتوى وأمانتها ودورها، في بناء الدولة الجديدة، وخاصةً بعد ما تعرَّض جناب الفتوى للتعدّي من غير أهله، وتصدى له من ليس بكُفء، فكان لزاماً علينا أن نُعيد لسورية ما هدمه النظام الساقط في كل المجالات، ومن أهمها:
إعادة منصب المفتي العام للجمهورية العربية السورية، ويولّى هذا المنصب اليوم، رجلٌ من خيرة علماء الشام، ألا وهو الشيخ الفاضل أسامة بن عبد الكريم الرفاعي حفظه الله.
كما ينبغي أن تتحول الفتوى، إلى مسؤوليةٍ جماعية، من خلال تشكيل مجلسٍ أعلى للإفتاء، تصدُر الفتوى من خلاله، بعد بذل الوسع في البحث والتحرّي، إذ الفتوى أمانةٌ عظيمة وتوقيعٌ عن الله عزَّ وجل.
كما يسعى مجلس الإفتاء إلى ضبط الخطاب الديني المُعتدل، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة مع الحفاظ على الهوية، ويحسم الخلاف المُفضي إلى الفُرقة، ويقطع باب الشر والاختلاف، أسأل الله العظيم في هذا الشهر الكريم، أن يُعيننا على إعادة  بناء سورية الحبيبة، دولةً عادلةً رحيمةً قويةً أمينة، ذات عزةٍ وكرامةٍ لأبنائها، والحمد لله رب العالمين.
المُقدِّم:
في الختام نتقدَّم بالشكر الجزيل للسيد رئيس الجمهورية على هذه البادرة الطيبة، بقرار تعيين سماحة المفتي فضيلة الشيخ أسامة الرفاعي مُفتياً عامَّاً للجمهورية، وتشكيل مجلس الإفتاء الأعلى من السادة العُلماء الأجلّاء، ولعلَّ من بركة هذا الزمان، أن أتت هذه القرارات، في شهر رمضان المُبارك، شهر الطاعة والخير والقُرب من الله تعالى، جزاكم الله تعالى خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الملف مدقق

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور