- ندوات إذاعية
- /
- ٠08برنامج سؤال وجواب - إذاعة دمشق
مقدمة :
أعزائي المستمعين أسعد الله أوقاتكم ، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة من برنامج : "سؤال وجواب" .
أيها الأعزاء ؛ السؤال الأول في حلقة اليوم ورد من المستمع راشد أبو الفضل من محافظة الحسكة ، يقول في سؤاله :
هل يتوجب على الإنسان دفع الزكاة على امتلاك الأرض الزراعية ؟
وما هي كمية أدائها في هذه الحالة ؟
ولماذا سميت الزكاة زكاة ؟
يجيب عن هذا السؤال الأستاذ محمد راتب النابلسي .
الزكاة هي أول مظهر من مظاهر شكر الله سبحانه وتعالى :
قال تعالى :
﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾
أجل إنّ ما تخرجه الأرض من زرع وثمر إنما هو من فضل الله تعالى ، ومن عمل يده سبحانه ، لا من عمل أيدينا القاصرة ، هو جلّ جلاله الزارع المنبت حقيقة ، لا نحن الزارعون، فلا عجب أن يطالبنا سبحانه وتعالى بالشكر على هذه النعمة السابغة التي جاءتنا عفواً صفواً ، وأكلنا منها هنيئاً مريئاً .﴿لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾
وأول مظاهر الشكر أداء الزكاة مما خرج من الأرض وفاءً ببعض حقه سبحانه وتعالى ، ومواساةً للمحتاجين من خلقه ، وإسهاماً في نصرة دينه ، هذه الزكاة عرفت في الفقه الإسلامي بأنها زكاة الزروع والثمار .هذه الزكاة لا يشترط فيها حولان الحول ، بل تجب بمجرد الحصول عليها ، أما الأرض إذا اشتريت وبيعت بقصد تحقيق الربح ، أصبحت عروضاً تجاريةً ، تجب الزكاة في ثمنها لا في إنتاجها ، وبنسبة اثنين ونصف في المئة وعندئذٍ يشترط حولان الحول .
أما إذا زرعت الأرض فالزكاة تجب في كل ما أخرجته من نبات ، وتدفع يوم الحصاد من عين الإنتاج ، أو من ثمنه ، بحسب مصلحة الفقير ، وبنسبة العشر للأراضي البعلية، ونصف العشر للأراضي المروية ، من دون أن تحسم المصاريف لأن الأرض المروية التي تستلزم المصاريف خفضت زكاتها إلى النصف ، قال تعالى :
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾
الزكاة موقف عملي مبني على البذل والعطاء :
وقد سميت الزكاة صدقةً لأنها موقف عملي مبني على البذل والعطاء ، وهو يؤكد صدق إيمان المؤمن ، وسميت زكاة لأنها تطهر نفس المزكي ، وتطهر نفس المزكى ، وتطهر المال نفسه ، وتنمي وتطهر الغني من الشح ، وتطهر الفقير من الحقد ، وتطهر المال من تعلق حق الغير به ، وتنمي نفس الغني ، فيشعر بقيمته الاجتماعية من خلال عمله الطيب ، وتنمي نفس الفقير ، حينما يرى أن مجتمعه مهتم به ، وبأحواله المعاشية ، وتنمي المال من خلال ارتفاع القوة الشرائية لدى الفقير ، وتنميه وتحفظه من خلال العناية الإلهية المباشرة ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :
((حصنوا أموالكم بالزكاة ))
وقال أيضاً :(( ما تلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة ))