- الخطب
- /
- ٠4المناسبات الدينية
أيها الإخوة الكرام ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، وأمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
يا رب
يا رب أنت غنى كل فقير، وعزة كل ذليل ، وقوة كل ضعيف ، ومفزع كل ملهوف فحاشى يا رب أن نفتقر في غناك ، وأن نضل في هداك ، وأن نذل في عزك ، وأن نضام في سلطانك ، فما من مخلوق يعتصم بك من دون خلقك فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا ، وما من مخلوق يعتصم بمخلوق دونك إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه وقطعت أسباب السماء بين يديه.
يا ربي
يا ربي أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات ، إلى جنات القربات .
يا سيدي
وأنت يا سيدي يا رسول الله، يا صاحب الذكرى، يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ، يا من قدست الوجود كله، ورعيت قضية الإنسان، يا من زكيت سيادة العقل، ونهنهت غريزة القطيع، يا من هيأك تفوقك لتكون فوق الجميع، فعشت واحداً بين الجميع، يا من أعطيت القدوة، وضربت المثل، وعبدت الطريق، يا من كانت الرحمة مهجتك، والعدل شريعتك، والحب فطرتك، والسمو حرفتك، ومشكلات الناس عبادتك.
يا سيدي يا رسول الله أشهد أن الذين بهرتهم عظمتك لمعذورون، وأن الذين افتدوك بأرواحهم لهم الرابحون، أي إيمان، وأي عزم، وأي مضاء، وأي صدق، وأي طهر، وأي نقاء أي تواضع، وأي حب، وأي وفاء!.
يوم كنت طفلاً يا سيدي يا رسول الله عزفت عن لهو الأطفال، وعن ملاعبهم، وعن أسمارهم، وكنت تقول لأترابك إذا دعوك إلى اللهو: أنا لم أُخلق لهذا.
ويوم جاءتك رسالة الهدى وحُملت أمانة التبليغ، وقد قلت لزوجتك، وقد دعتك إلى أخذ قسط من الراحة: انقضى عهد النوم يا خديجة.
ويوم فتحت مكة التي آذتك، وأخرجتك، وكادت لك، وائتمرت على قتلك، ولقد ملئت راياتك الأفق ظافرة عزيزة، قلت لخصومك بالأمس: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
ويوم دانت لك الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها و:
﴿ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾
ودخل الناس :
﴿ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ﴾
صعدت المنبر واستقبلت الناس باكياً، وقلت لهم باكياً: من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يخشى الشحناء فأنها ليست من شأني، ولا من طبيعتي.
اللهم
اللهم انصرنا على أنفسنا، حتى ننتصر لك، حتى نستحق أن تنصرنا على أعداءنا.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً، مطمئناً سخياً، رخياً، مستظلاً بظل كتابك، ملتزماً بهدي نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وسائر بلاد المسلمين.
يا ربي إن أعداءك وأعداءنا يقولون كما قالت عاد من قبل:
﴿ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾
يا ربي لقد غاب عنهم بغرورهم أنك أشد منهم قوة.
اللهم إنا نسألك بدموع الأطفال وبكائهم، وبخشوع الشباب وتضحياتهم، وببطولة الشابات واستشهادهن، وبصلاح الأمهات ووعيهن، وبركوع الشيوخ ودعائهم.
اللهم إنا نسألك باستغاثة المستغيثين، والتجاء الملتجئين، وتسبيح المسبحين، وحمد الحامدين، ألا تتخلى عنا، ومنا من يفعل ما نستحق أن تتخلى عنا، يا رب العالمين، لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أقل من ذلك، وأصلح لنا شأننا كله يا كريم.
اللهم إنك أنت القائل:
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
فإن كنا يا رب لا نستحق أن تنصرنا بعدلك فانصرنا برحمتك، وإن كنا لا نستحق أن تنصرنا استحقاقاً فانصرنا تفضلاً.
نسألك اللهم بوعدك الذي وعدته على ذاتك العلية، نسألك اللهم بإيماننا بك أن تنتصر لنا، وأن تنتصر لإخوتنا في العراق وفلسطين، وفي كل بلاد المسلمين، وأن ترد عنهم كيد الكائدين، عاجلاً غير آجل، بما شئت وكيف شئت يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فيما تحب وترضى، اللهم وفق بينهم، ووحد كلمتهم، واجمعهم على الحق والخير والهدى.