وضع داكن
27-04-2024
Logo
رحلة استراليا 1 - المحاضرة : 17 - الاستنساخ، هموم المسلمين.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

أول رأي إسلامي في مسألة استنساخ إنسان

 د: النابلسي: التصميم الإلهي هو الكمال المطلق وأي تعديل له هو نقص محقق، استنساخ إنسان لا يخدم الحقيقة العلمية بقدر ما يخدم غرور الإنسان ! كل انحراف في الحضارة الغربية يقابله عودة إلى منهج الله.
 أجرى الحديث محمد عبد المولى الزعبي
 فضيلة الدكتور راتب النابلسي غني عن التعريف. فقد تعرفت عليه الجالية قبل أن تراه في زيارته الحالية إلى استراليا، من خلال تسجيلاته التي كانت تبثها إذاعة ( الصوت الإسلامي ) وهكذا عندما وصل الدكتور النابلسي إلى سيدني زائراً، غمرت الفرحة نفوس الجميع.
 وكانت ( الديار ) من ضمن المرحبين بفضيلته بهذا اللقاء العامر بالمواقف الإيمانية التي اشتهر بها.
 س: أهلاً و سهلاً بكم في أستراليا، لقد أدت محاضراتكم و أحاديثكم إلى صدى إيجابي كبير في نفوس المسلمين الذين استحسنوها لسهولة فهمها و طريقة طرحها، عرفنا رأي المسلمين الإيجابي بفضيلتكم فهل كونتم فكرة بالمقابل عن المسلمين في أستراليا ؟
 ج: هؤلاء مسلمون، و هؤلاء من أبناء أمتنا العربية، الشيء الذي يلفت النظر أن هناك سلبيات نجدها في بلاد المسلمين، و نجدها في مهاجر المسلمين، أرجو الله سبحانه و تعالى أن يزداد الوعي و أن يزداد التفهم و أن يزداد الشعور بالخطر لأن قضية أمتنا هي قضية تكون أو لا تكون، تكون بتعاوننا و تكاتفنا و تناصرنا و محبتنا، و لا تكون بتفرقنا و اختلافنا.
 س: هناك سلبيات في صفوف الجالية و على رأس هذه السلبيات التفرقة بين القيادات فكيف نحلها ؟
 ج: هناك منطق ديني، أنه كلما اشتد التزامنا بأوامر ديننا، ازداد تعاوننا و تكاتفنا، فالإنسان في الأصل له طبع و معه تكليف، طبعه يقتضي أن يأخذ المال و التكليف يقتضي أن ينفقه، طبعه يقتضي أن ينام و التكليف يقتضي أن يستيقظ و يصلي، طبعه يقتضي أن يحدث الناس بقصص مثيرة و التكليف يقتضي أن يصمت، الآن طبعه يقتضي أن يكون متعاوناً، فالتعاون أيسر في الدين فالإنسان يتفلت من نهج الله فيكون فردياً، و يطبق منهج الله فيكون اجتماعياً والآية الكريمة:

﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾

[ سورة المائدة: الآية 2 ]

 هو أمر إلهي كثير الدلالة، يأمر كل مؤمن بالله أن يتعاون مع أخيه، هذه كمقدمة.
 س: في معرض هذه المقدمة ذكرتم يجب أن تشعر الجالية أن الأمة الإسلامية في خطر فمن هو هذا الخطر ؟
 ج: الطرف الآخر، الأمة الإسلامية طرف، و الطرف الآخر أعداؤها من دون تحديد، و هذا شأن الحياة، المعركة بين الحق و الباطل معركة أزلية أبدية، و كان الله عز وجل من خلال القرآن الكريم يبين أن تقسيمات الناس ليست صحيحة، نحن نقسم بعضنا إلى دول شمال و دول جنوب و إلى دول متقدمة و دول متخلفة، و إلى أعراق و إلى أجناس و إلى ألوان و إلى طوائف و إلى مذاهب و إلى اتجاهات، هذه تفصيلات نحن اخترعناها لكن الله عز وجل في القرآن الكريم قسم البشر إلى نموذجين..

 

﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى(10)﴾

 

[ سورة الليل ]

 النموذج الأول هو الذي عرف الله و عرف سر وجوده، و عرف أن الإنسان مخلوق للجنة. لذلك هذا النموذج اتقى أن يعصي الله..فالرد الإلهي.....لليسرى و التوفيق و التأييد...
 النموذج الآخر آمن بالدنيا و كفر بالآخرة، آمن بالمادة و كفر بالقيم، آمن بمصالحه و كفر بما ينتظره من عذاب أو هلاك و رأى الدنيا هي كل شيء نهاية علمه و محط رحاله. ثم إنه عندما آمن بالدنيا استغنى عن طاعة الله و بنى حياته على الأخذ لا على العطاء، هناك نموذجان: نموذج بنى حياته على العطاء و الأنبياء في القمة و نموذج بنى حياته على الأخذ.
 فالنموذج الثاني الرد الإلهي فسنيسره للعسرى، للإخفاق والإحباط و عدم التيسر والتعسر و الكآبة و الضياع و التشتت و الألم، هذا القرآن الكريم، فأما من أعطى و اتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى و أما من بخل و استغنى و كذب بالحسنى فسنيسره للعسرى.
 س: هناك مسألة..التبرير الشرعي لوجودنا في هذا البلد نعرف أن الهجرة لغير الدعوة مشروطة و محدودة في الإسلام. فهل وجودنا شرعي في أستراليا ؟
 ج: إن الحقيقة المرة أهون ألف مرة من الوهم المريح، الحقيقة، بمجرد أن تؤمن بالله و أنك مخلوق للآخرة، لسعادة أبدية تنعكس كل الموازين، من هذه النتائج الحتمية للإيمان بالله، الحفاظ على الدين و الحفاظ على طاعة الله، و الحفاظ على أداء شعائر الله، و الحفاظ على الأولاد، والحفاظ على الأهل، و الحفاظ على مستقبل الأولاد، و الحفاظ على ذرية الأولاد، و الحفاظ على ذرية ذرية الأولاد، هذا من لوازم الإيمان بالله و اليوم الآخر، أنا لا أحدد و لا أعين أي مكان في العالم، لا أستطيع أن أقيم فيه شعائر الله و لا أستطيع أن أضمن سلامة أولادي، وسلامة دينهم، و معتقداتهم، و سلامة انتمائهم لأمتهم، و سلامة كون ذريتهم على شاكلتهم، فإن وجودي في هذا البلد، و لو كان بلداً في المشرق، أنا لا أحدد حيث ما أمكنك أن تطيع الله وأن تربي أولادك التربية الصحيحة، و أن تضمن انتمائهم لأمتهم و دينهم و لتضمن مستقبلهم الإيماني و الأخلاقي ينبغي أن تقيم، و إن ما وجدت خطراً في بلد ما، في المشرق أو في المغرب، يحول بينك و بين طاعة الله و يجعلك تخسر أهلك و أولادك توجيهات الحياة في بعض البلاد أكبر من توجيهات الآباء، المشكلة أن الدين يحتاج إلى دعاة صادقين و يحتاج إلى علم متين و يحتاج إلى مثل عليا و يحتاج إلى قدوة، فإذا حال بلد بينك و بين أن تطيع الله، و بينك وبين أن تقيم شعائره، و بينك و بين أن تتملك أولادك، و الحقيقة هناك بلاد فيها إغراءات وهناك بلاد فيها ضغوط، و النتيجة واحدة. إذا تلقيت ضغطاً فأخرجك عن طاعة الله، النتيجة واحدة، فحينما تكون إغراءات الحياة أقوى من توجيه الآباء و الأمهات، أو حينما يكون الأب مشغولاً أو الأم مشغولة أو حينما يطغى العمل على كل شيء، كما هي الحال في أميركا و أوربا، يقول أنا خرجت من البيت و أولادي نائمون، و عدت إلى البيت و أولادي نائمون، الإنسان الذي لا يجد وقتاً ليعيش مع أهله و أولاده و يربيهم هذا ليس إنساناً، العمل الذي يلغي وقت فراغك، هذا عمل فيه خسارة كبيرة، الإنسان يسمى إنساناً لوجود وقت فراغ عنده، يعيشه كما يحب و يتمنى، حينما يلغى دور الأب و دور الأم و دور الجامع و دور المدرسة ستبقى الحياة استمتاعاً رخيصاً و خضوعاً لمغريات إمتاع الإنسان، هذا وجدته في أميركا و أوربا، وقد يكون هنا، لا أدري و الله، أنا مدة بقائي في هذا البلد لا تسمح لي أن أحكم.
 الإنسان قد يسافر ليطلب العلم أو ليؤمن البعض من حاجاته طمعاً في فضل الله أما أن يكون فضله لغير المسلمين و جهده لغيرهم، أي انتماؤه لأمته أين انتماؤه لدينه ؟ القصة قصة إيمان إن آمنت بالدنيا افعل ما بدا لك أما إن آمنت بالآخرة أي مكان يؤمن لك طاعة الله و صون أولادك و حفظهم أقم به.
 س: الآن في هذا العصر وضعوا خارطة للجينات و بدؤوا عملية الاستنساخ على الحيوان وهناك تجارب لاستنساخ الإنسان..ما هي نظرة الإسلام في هذا الموضوع ؟
 ج: تطور العلم شيء، و تغيير خلق الله شيء آخر، يمكن أن نكتشف علاجاً لمرض و هذا مسموح به بل مطالبون به، يقول النبي عليه الصلاة و السلام:

 

(( عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّه ))

 

[ أحمد ]

 فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله، لو قرأ المريض هذا الحديث يمتلئ قلبه أملاً، ما أنزل داء إلا و أنزل له دواء، و لو قرأ طبيب هذا الحديث يزداد نشاطاً للبحث عن الدواء.
 إن رسول الله بكلام قطعي لا ينطق عن الهوى، حينما قال عليه الصلاة و السلام لكل داء دواء أي أن كل داء أوجده الله خلق له الدواء عدا الموت فهو بوابة الخروج.
 أما إن تغير خلق الله فهذا كفر بالله، المؤمن يؤمن بأن كمال الله الكمال المطلق، فالذي صممه هو أكمل حال و أي تغيير عن تصميم الخالق يكون نحو الأسوأ قال تعالى:

 

﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً (2)﴾

 

[ سورة الإنسان ]

 الأمشاج أن يخلق الإنسان من بويضة أمه و من حوين أبيه، و البويضة و الحوين فيها جينات و لحكمة إلهية بالغة جعل تزاوج هذه الجينات في مصلحة الوليد، فأي جينة ضعيفة تغلبها جينة قوية مماثلة، فلو في حوين الأب ضعف في الكبد جاءت قوة في الكبد في بيضة الأم فغلبت ضعف الأب فجاء المولود مصفى جمع أقوى الجينات.
 هذا تصميم خالق الأرض و السماوات أما حين نستنسخ من إنسان واحد فالخطأ يزداد، تعلمون أنتم أن نقل شريط إلى شريط آخر يفقده عشرة في المائة و نقل صورة إلى نسخة احتياطية تفقد عشرة في المائة أو أكثر.
 فحينما نكتفي بطرف واحد و نرفض الأمشاج نكون قد غيرنا خلق الله نحو الأسوأ ولو كان هذا أفضل لخلق الله، هذا هو الإيمان، أما حينما نعيش حياة بعيدة عن الإيمان نقع في أخطاء لا تنتهي، فعز وجل خلق الدجاجة و جعل لها نظاماً كي تنمو، فإذا وضعنا الدجاج في مكان مضاء إضاءة شديدة بما يزيد وزنها في أقل وقت و نضع في علفها الهرمونات سوف تزداد نسب السرطان لأننا غيرنا خلق الله و حينما نبيد الآفات الزراعية بمبيدات كيميائية...الله عز وجل صمم حشرة تعيش على حشرة..الآن قد ضحينا و دفعنا أثماناً باهظة، الآن عندنا في الشام يعودون إلى المكافحة الحيوية، أي نكافح الحشرة بحشرة مضادة لها، أنا قناعتي أن كل تغيير دفع الإنسان له ثمناً باهظاً دفع ثمنه مرضاً عضالاً، أو دفع ثمنه شقاء أسرياً أو شقاء اجتماعياً، أنا حينما أؤمن أن خالق السماوات و الأرض كماله مطلق و أن أي تغيير لخلق الإنسان و لخلق الحيوان هو تغيير مدمر، مثل أوضح أن البقر مصمم ليأكل النبات و لما أطعمناه طحين اللحم جن و ما جنون البقر إلا من جنون البشر، أي تغيير في الخلق الإلهي خلاف التصميم الإلهي نحو الأسوأ، الآن إن الدول التي استنسخت فيما قرأت و على ذمة من كتب قبلها أجرت 285 محاولة إلى أن نجحت هذه المحاولة، كما أن النعجة المستنسخة أصيبت بأعراض الشيخوخة المبكرة بعد أشهر و القضية أراها من زاوية أخرى، هي أن هناك تحدياً لإرادة الله، مثل هذه الأبحاث لا تخدم الحقيقة العلمية بقدر أن تخدم غرور الإنسان و تأله الإنسان في نظره، الغرب أخذ بالأسباب و استغنى بها عن الله فوقع في الشرك، و الشرق لم يأخذ بالأسباب فوقع في المعصية، فكلاهما مخطئ، فالذي أخذ الأسباب وقع في الشرك و الذي لم يأخذ بها وقع في المعصية.
 و الموقف الكامل هو أن تأخذ بالأسباب و كأنها كل شيء، و أن تتوكل على الله و أن تحرص أن تكون ملتزماً بمنهج الله، أنا رجل دين، تسأل رجل دين، أنا أفهم الدين هكذا، أنا أعتقد أن كل تطور علمي حقيقي لا بد من أنه يلتقي مع منهج الله عن إيمان أو غير إيمان.
 حينما حظر الله الخمر...الاتحاد السوفيتي اضطر أن يحرم الخمر مقهوراً قبل أن يتلاشى فمنع تقديم الخمور في الاحتفالات و السفارات، منهج الله منهج كامل، فالإنسان إما أن يأخذه عبادة أو أن يأخذه اضطراراً و سوف نرى إن امتد بنا العمر أن كل انحراف في الحضارة الحديثة يقابله عودة إلى منهج الله دون أن نشعر و في أكثر نواحي حياتنا.
 فأنا أرى أن التصميم الإلهي هو الكمال المطلق وأي تعديل له هو نقص محقق، إلا أنني إذا بحثت أن إنسان احترق جلده فاستخدمت الاستنساخ لتكوين جلد جديد ليس هناك أي مانع، هنا الموضوع معالجة لقوله تعالى:

 

﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاء﴾

 

[سورة البقرة: الآية 255]

 حينما يكتشف الإنسان دواء يكتشف حلاً لمشكلة، يكتشف علاجاً لمرض عضال، هذا بتوفيق الله أراده الله وسمح به وبفضله.
 وأنا أقول دائماً تقدم الطب دليل كرامة الإنسان عند الله، القلب يفتح الآن والشرايين تزرع بتقنية عادية جداً، فالاستنساخ كعلاج لأمراض أنا معه إن الله أمرنا به، أما الاستنساخ كتحدي لله وكتغيير لخلق الله فأنا لست معه.
 س: هناك أمر هام في أمر الاستنساخ ؟ لما طلعوا بفكرة الاستنساخ كانوا يريدون أن يعملوا سوبر مان، والاستنساخ يقلل في النسخة الأصلية 10 %فكيف يكون سوبر مان بعد أن ينقص من خلقه كإنسان ؟
 ج: العباقرة يستنسخ منهم نماذج كثيرة، فما أدراك أن الاستنساخ سوف لا يصيب غير العباقرة، الفكرة مضحكة. هناك تصميم إلهي، تفاوت الإمكانات عند الإنسان هو في حكمة الخالق، أما لو أن الإنسان طلب النموذج الأكمل بشكل مستمر، الحياة لا تستقيم إلا بهذا التفاوت، و سخر بعضكم لبعض، إن أصاب مركبتك آفة تذهب إلى الإنسان المختص لإصلاح مركبتك تقف أمامه متأدباً لترى هل أن المحرك ينزل أم يبدل بأمر و في مكان أنت أعلى من هذا الإنسان و في مكان آخر أنت أدنى منه، فتفاوت الاختصاصات و الإمكانات من أجل أن تستقيم الحياة، و أنا أقول لك حتى في النواحي الاجتماعية هناك حكمة إلهية في التفاوت بالإمكانات بين الناس و لا نعرفها إلا إذا فقدناها، حينما كان هناك معسكران في العالم كانت هناك نعم لا نعرفها، نعم توازن القوى، الضعفاء مرحومون، نعم لا نعرفها، نعم توازن القوى و العالم أصبح قطباً واحداً.

 

﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) ﴾

 خمسمائة ألف طفل في العراق يموتون كل عام من الجوع و المرض هذا من تحكم القطب الواحد، نحن في نعمة كبيرة لو أن الاستنساخ حصل اكتشفنا ملايين النعم التي لم نكن نعرفها.
 فمثلاً لو كشفت الخارطة الجينية للإنسان لن يكون هناك معمل أو مؤسسة دون أن يطلب الخارطة الجينية له، معنى ذلك ستختار من المائة خمسة.
 و تقف الحياة لو طلب الخاطب جينات مخطوبته، لو علم أن هذه الفتاة ستصاب بمرض معين فلن يتزوجها، الله له حكمة يغير ما يشاء و يشفي من أمراض، أنا مؤمن لمجرد أن نتدخل فيما صمم الله فنحن حمقى و سوف ندفع الثمن باهظاً.
 مثلاً في الصين أجريت تجربة، هناك ازدياد سكاني عجيب، فأصدروا أمراً أن تكتفي الأسرة بولد واحد، ما الذي حصل ؟ تأتي البنت فتخنق و يأتي الذكر فيسجل، بعد حين وجدوا أن هناك خمسين مليون شاب ليس لهم زوجات، الآن هناك عصابات تخطف الفتيات في سن الزواج. غيروا التوازن...الآن في الصين عندهم مشكلة خطيرة جداً أية فتاة في سن الزواج يمكن أن تخطف و لا يعرف الأب مكانها.
 و مثلاً عندما قررنا أن تأخذ الزوجة نصف ثروة زوجها إذا طلقت خلاف القرآن و السنة، ما الذي حصل في البلاد العربية ؟ بارت سوق الزواج.
 توقف الزواج و حل السفاح محل النكاح، فلو عندي كومبيوتر أصابه عطل، أين أصلحه ؟ عند بائع الخضراوات. قال تعالى:

 

 

﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾

 

[ سورة فاطر: الآية 14]

 أنت مع تعليمات الخبير الصانع، و هي التعليمات الوحيدة التي يجب أن تأخذ بها انطلاقاً من حرصك على الآلة الغالية العظيمة النفع، انطلاقاً في حرصك على سلامتها ترجع إلى مصممها و تأخذ بتعليماته بحرص شديد حباً بسلامة الآلة و مردودها الحسن.
 فحينما نبحث بعقولنا المحدودة عن طريق لسعادتنا في غير الطريق الذي رسمه الله عز وجل نقف في شر أعمالنا...

 س: قضية الاستنساخ و السوبر مان، هذه الفكرة تساوي شعب الله المختار، فكرة شوفينية ؟
 ج: و الله فيما أعتقد أن بعض الشعوب في لحظات انتصارها و غطرستها و عنجهيتها تظن أنها شعب الله المختار مع أن الله يقول:

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

 

[ سورة الحجرات: الآية 13]

 هذا المنطلق العنصري، محدود جداً، الألمان قالوا هم شعب الله المختار حينما انتصروا على أوربا، الإنسان يقول أن الأبيض هو شعب الله المختار، هذا كله كلام غير علمي.
 هناك قوانين و قواعد وصفها الله من أخذ بها قطف ثمارها و لو كان كافراً..منهج الله منهج موضوعي بمعنى أن الكافر بالله الذي ألحد أن أخذه قطف ثماره، أميركا كل أسباب تفوقها إسلامي، هم أخذوا الإسلام لا حباً به، بل حباً بالدولار و هم يعبدون الدولار من دون الله لكن وجدوا أن إعطاء الإنسان حريته و توفير وقته و ضبطه بأجهزة حديثة يعود عليهم بالنفع الكبير، فأنا أرى أن منهج الله منهج موضوعي من يأخذ به يقطف ثماره في الدنيا فقط، فالدنيا إذا قيست بالآخرة ليست بشيء؟ ما أخذت الدنيا من الآخرة إلا كما يأخذ المخيط إذا غمس في مياه البحر، لكن المصيبة عندنا أننا قد نخسر الدنيا و الآخرة معاً.
 ٍ س: هل تنطبق القواعد الشرعية على اختيار نوع الجنين و لون العينين و بشرته ؟
 ج: إذا مكن الله الإنسان من ذلك معنى ذلك أن الله سمح بهذا الشيء الآن يمكن أن تختار فرضاً نوع و شكل الأبناء، و هذه الفرصة لم تكن متاحة لك من قبل. أما قناعتي الشخصية أن هناك مبالغات كبيرة جداً و أن هناك تطاول على الله عز وجل فهناك سبق صحفي و هناك سبق علمي، أنا من أنصار أن ما يذاع و ما يقال نوع من السبق الصحفي لا العلمي، أنا أريد بحث علمي أصيل تديره جامعة محترمة، و ما تقرأ كثيراً عن أشياء فهي في الحقيقة غير صحيحة فأنا في باب الطموح أو التوقع غير متوقع أن تختار لون العينين، الله أعلم ليس عندي معلومات عن مدى صحة هذه الادعاءات.
 س: قلت في معرض هذه الإجابة إذا مكنه الله في شيء فمعنى ذلك أن الله يسمح بذلك ؟
 ج: إذا مكن الله الإنسان من شيء و كان في أصل الشريعة مباحاً، فقد سمح الله به، أما إذا مكنه في شيء و كان في أصل الشريعة محرماً، إذا واحد قوي بإمكانه أن يقتل إنساناً، أو يحاول سلب حريته هل يسمح له الشرع بذلك ؟ فقد يمتحن القوي لتلقينه في الأمر و القوة لا تعني أن تتطاول على الآخرين، عظمة هذا الدين أنه مهما كنت قوياً فأنت مقيد بالشرع.
 س: حين أعطانا الله أمر النفاذ من أقطار السماوات و الأرض اشترط سبحانه و تعالى ذلك السلطان فما معنى السلطان؟
 ج: السلطان هو القوة، والقوة العلمية قوة التطبيق، اليوم العلم قوي ولكن لا يطبق، أنا أقول لك لو أنني استطعت أن أركب مركبة أسرع من الضوء لرأيت معركة بدر، الآن نظرية أنشتاين مع توقف الزمن إن سبقته تراجع الزمن، نظرياً يمكن أن نركب مركبة لنرى معركة القادسية ومعركة اليرموك هذه نظرياً، ولكن ليس لدينا وسائل فالفكر والقدرة على التنفيذ شيء آخر.
 س: تقصد نراها بالعين ؟
 ج: الآن، كما وقعت وقتها، نرى موجات ضوئية في الفضاء الخارجي نحن إذا سبقنا الضوء وصلنا إليها ولرأيناها كما هي...
 س: كما تعود الأصوات في الفضاء ؟
 ج: لو أننا وصلنا إليها لاسترجعناها في الكون، الموت لا يعني الفناء إنه يعني الانتقال من حال إلى حال، قال تعالى:

 

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾

 

[ سورة العنكبوت: الآية 57]

 إن تذوق الموت شيء وأن تموت شيء آخر.
 س: دكتور تحدثتم على السبق الصحفي والسبق العلمي والذي فهمته منكم أن السبق العلمي يكون إعلامياً أكثر منه ما يكون فعلياً ؟
 ج: هل قالوا إن نجاح الاستنساخ جاء بعد مئات المحاولات ؟ هل قالوا بعد حين، إن أعراض الشيخوخة ظهرت عليها بعد وقت قليل ؟ لم يقولوا ذلك، والله أتوقع أن هناك مشكلات لا تعد ولا تحصى تفوق الحصر سوف تنشأ من نجاح الاستنساخ على البشر، لكن حكمة الله أن سمح لهذا الإنسان المتطاول الكافر كي يريه عظمته وحكمته. والله قد يأتي يوم كما كنا عليه قبل الاستنساخ.
 س: هل ما شرحتموه عن الاستنساخ يقنع من لا إيمان عنده ؟
 ج: القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالذي سمح الله به ينبغي أن يبقى مسموحاً به، والذي أمرنا الله به ينبغي أن نفعل. الخط الأحمر هو منهج الله، هو طاعة الله، فإذا تفوق الإنسان بها مثلاً تمكن الإنسان من نقل الرسالة عبر الفاكس، غير محرم، هذا إنجاز كبير، أنا أفرق بين الإنجازات الحضارية، وأنا أعتقد أن هذه الإنجازات ليس ملكنا، ثقافة أية أمه بمثابة عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مر الأجيال، وهل يعقل إذا لدغتنا جماعة من النحل أن نقاطع عسلها ؟ هناك إنجازات كثيرة جداً.
 أنا والله أؤمن يوم كان الاستعمار في بلاد متخلفة والله كان أهون ألف مرة من هذا الغزو الثقافي الحضاري الذي فقد الأب قيمته، الأسرة انحلت، القيم ضاعت والآن معركة مصيرية...
 يا سيدي نحن كنا في حديقة حيوان تقليدية الوحوش في أقفاصها والزوار طلقاء، نحن الآن في حديقة حيوان إفريقية الوحوش طلقاء والزوار ما لم يكونوا في حصن يؤكلون، فنحن الآن بحاجة مليون مرة إلى تحصين أنفسنا وأولادنا من خطر هذه الحضارة ومن سلبيات هذه الحضارة، فالقضية الآن قضية خطيرة جداً ولا يمكن أن تعالج بأن تقول ماذا نفعل ؟ الآن القضية قضية حياة أو موت، قضية وجود حضاري أو فناء حضاري، الآن جهة واحدة في العالم تريد أن تفرض على الشعوب الأخرى نماذج حياتها، عقد مؤتمر سكاني في القاهرة أصدر قرارات جاء فيها يجب أن تنظم تشريعات تجعل الزواج عقداً بين شخصين، بين ذكر وذكر، أو أنثى وأنثى، أو أنثى وذكر، ويجب أن نفرق بين الإنجاب وبين الزواج وبين ممارسة الجنس.
 يجب أن نؤخر الزواج إلى الأربعين وأن نسمح للأولاد بممارسة الجنس في بيوت آبائهم وعلى مرأى منهم.
 وبدعم من القوانين هذه يفرض على الشعوب فرضاً أن الشيء الذي لا يصدق أن يفرض على مجتمع مسلم معه منهج الله حدود وله قواعد أخلاقية، القضية خطيرة جداً، قضية حياة أو موت، قضية بقاء حضارة إسلامية أو زوال حضارة إسلامية.

إخفاء الصور