- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠75برنامج أطراف الحديث - قناة الشرقية
مقدمة :
المذيع:
له نظرات عميقة ولقطات دقيقة ، بما يحويه جسم الإنسان من دلائل كافية على أن الله عز وجل هو الخالق المتفرد والموجد القادر ، ما قرأ شيئاً إلا حفظه ، وما حفظ شيئاً ونسيه، من أجمل ما صدر له كتاب بجزئين ؛ موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة عن آيات الله في الآفاق ، أتبعة بجزء ثان مترجم إلى الإنكليزية عن آيات الله في الإنسان .
دكتور محمد راتب النابلسي توقفنا في الحلقة الماضية عند العدد ، قال تعالى :
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾
ما العدد؟
نعم الله عز وجل على الإنسان فضائلها لا تنتهي :
الدكتور راتب :
لا يمكن أن تقبل أن يقول لك إنسان : خذ هذا الدينار وعده ، هو واحد كيف أعده؟ لكن يبدو أن في الآية ملمحاً دقيقاً جداً ، الله تعالى حينما قال :
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ ﴾
أي النعمة الواحدة لو أمضيت كل العمر في تعداد فضائلها لا تنتهي ، هذه طبعاً بالإعجاز العلمي وإن تعدوا نعم الله لا تحصوها ، أما قوله تعالى :
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾
مثلاً نعمة الصحة ، نعمة الأمن ، قال تعالى :
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
هذه نعمة لا تعدلها نعمة ، ولا ينتفع بها إلا المؤمن وحده ، قال تعالى :
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
لم يقل : أولئك الأمن لهم ، لهم الأمن ، أنا حينما أقدم الخبر على المبتدأ هذا التقديم يقلب الجملة إلى حصر وقصر ، مثلاً أقول : نعبد إياك وقد نعبد غيرك ، أما إياك نعبد اختلف المعنى ، هذا ملمح في اللغة حينما يقدم الخبر على المبتدأ ينقلب التعبير إلى قصر وحصر .
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾
هذه النعم التي نحن نعيشها في أجسامنا ، في بيوتنا مثلاً ، نعمة الزوجة الصالحة ، أنا أضرب مثالاً بسيطاً لو سافر إنسان إلى بلاد بعيدة ليقضي مهمة علمية أو ما شاكل ذلك بقي شهرين ، في الشهرين بالتمام والكمال لا يخطر في باله خاطرة واحدة أن هناك رجلاً غريباً دخل إلى البيت لثقته بزوجته ، هذه نعمة لكن لا يعرفها إلا من فقدها ، فلذلك هناك نعمة نألفها فلما ألفناها نسيناها فجاء دعاء النبي :
(( اللهم أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها ))
أي بلد فقد نعمة الأمن يعيش حياة لا توصف من المتاعب ، فبطولة الإنسان النعم المألوفة التي لا تخطر في باله إطلاقاً ، عنده أولاد ، محروم الأولاد ، يعاني ما يعاني ، عنده زوجة صالحة ، الذي عنده زوجة غير صالحة يعاني ما يعاني ، الذي ما عنده الكفاية يعاني ما يعاني ، جاءت الآية بملمح دقيق :
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا ﴾
كأن في بعدها عدداً كبيراً قال تعالى :
﴿ نِعْمَةَ اللَّهِ ﴾
نعمة الأمن ، نعمة الرضا ، لذلك قال تعالى :
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
الآية الثانية ، قال تعالى :
﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾
المذيع:
ما الذكر إذاً ؟
ضرورة ذكر الله و رحمته :
الدكتور راتب : الذكر أن تذكر الله ، أن تذكر أسماءه الحسنى ، أن تذكر خلقه ، أن تذكر محبته ، أن تذكر رحمته الآن الإنسان حينما يفقد نعمة من النعم يعرف قيمتها ، نحن نعيش في نعمة الأمن ، وهذه نعمة كبيرة ، لو فقد بلد ما الأمن عندئذ يعرف نعمة الأمن كم هي ، أنا أقول: بطولة المؤمن أن يعرف النعم بدوامها لا بزوالها .
المذيع:
البطولة كررتها .
الدكتور راتب :
التفوق ، هناك دهماء ، وسوقة ، وعامة الناس ، و الخط العريض من المجتمع ، و النخبة ، فالإنسان حينما يعرف الله انتقل إلى النخبة .
المذيع:
(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا ، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا ، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))
إذا استطاع أحد منا أن يحصي أسماء الله الحسنى يدخل الجنة .
التعرف إلى آثار رحمة الله من خلال خلقه :
الدكتور راتب :
بهذه البساطة ؟ أنت دخلت إلى صف غرفة بمدرسة ، كان عدد الطلاب خمسة وثلاثين طالباً ، هذا ليس إحصاءً هذا عد ، فرق كبير بين العد والإحصاء ، العد كم طالب ، الإحصاء كل واحد مستواه العقلي ، تحصيله ، تفوقه ، دوامه ، انضباطه ، هندامه ، أخلاقه ، حديثه ، شيء واسع جداً ، قال تعالى :
﴿ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴾
فأسماء الله الحسنى تحصى إحصاءً بمعنى اسم الرحيم ، رأيت رحمته في خلقه ؟ رحمة الأم بابنها من رحمة الله عز وجل ، رحمة البهائم ، أعتقد أن هناك حيواناً يعيش في القطب يضع البيض على قدميه أربعة أشهر ، ولا يتناول الطعام إطلاقاً رحمة بهذا البيض ، يغطيها بالفرو فإذا فقست عنده بحوصلته كمية غذاء خاص به ، رحمة الله في مخلوقاته شيء لا يصدق ، الله عز وجل هو الرحمن الرحيم ، حينما أعرف رحمته ، من آثار رحمته هذا الكون، أثر من آثار الله عز وجل ، فأنا حينما أتعرف إلى الله من خلال خلقه هذه المعرفة دقيقة جداً ، لذلك التفكر في خلق السموات والأرض أقصر طريق إلى الله ، وأوسع باب ندخل منه على الله .
المذيع:
من أحصاها وعمل بها .
الدكتور راتب :
عمل بها طبعاً أحصاها استوعبها ، فهم أبعادها ، فهم مؤداها ، طبقها ، تخلق بها، تخلق بأخلاق الله .
المذيع:
لماذا تسعة وتسعون ؟
الدكتور راتب :
مئة إلا واحد ، هكذا .
المذيع:
لماذا لم يتم المئة ؟
الدكتور راتب :
هناك ألف سؤال ليس له جواب سيدي .
المذيع:
هذه التي سكت عنها الله ؟
الدكتور راتب :
نعم .
المذيع:
إذاً دعنا في التفكر في خلق الله ، قال الله عز وجل : في أنفسهم ولم يقل في أبدانهم ؟
الإنسان نفس وروح وجسد :
الدكتور راتب :
الإنسان نفس وروح وجسد ، النفس ذات الإنسان هي أنت ، المؤمن نفسه مؤمنة ، الكافر نفسه كافرة ، والنظيف نفسه نظيفة ، ذات الإنسان هي التي كلفت بمعرفة الله ، هو الآمر، هو الناهي ، هو المتقرب إلى الله ، هو البعيد عن الله ، هو القاسي ، هو الرحيم ، كل صفات الإنسان تنصب على النفس ، لذلك قال تعالى :
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴾
لكن قال تعالى :
﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾
أي النفس ، النفس هي ذات الإنسان ، هي أنت ، الروح القوة المحركة ، إنسان مضطجع على ميزان بالغرامات توفي لا ينقص ولا غرام ، ما هي الروح ؟ القوة المحركة ، هذه العين ترى بالروح ، وهذا الكبد خمسة آلاف وظيفة بالروح ، وهذه الأذن تفرق بين الأصوات بالروح ، فإذا مات الإنسان انفصلت نفسه عن جسده وانقطعت الروح ، الروح قوة محركة .
المذيع:
الله قابض الأرواح أو قابض الأنفس ؟
عظمة القرآن أن الآية في سياقها لها معنى فإذا نزعت عنه اختلف المعنى :
الدكتور راتب :
أحياناً تأتي الأرواح بمعنى الأنفس ، القرآن فيه بحث طويل جداً ، تأتي الأرواح بمعنى الأنفس لعلة دقيقة جداً مثلاً قال تعالى على الطلاق :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
هذه الآية جاءت في الطلاق لكن معناها السياقي أن الذي يتقي الله في تطليق امرأته - يطلقها طلقة واحدة - يجعل الله له مخرجاً لإرجاعها ، هذا المعنى السياقي ، انزع الآية من السورة وحدها ، مبدأ كبير عريض ، مبدأ يتحدث عنه ساعات وساعات ، عظمة هذا القرآن أن الآية في سياقها لها معنى فإذا نزعت عن سياقها هناك معنى آخر ، قال تعالى :
﴿ وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾
فالعلاقة الدينية أقوى علاقة ، تؤكدها الحوادث دائماً ، فأنا حينما أقرأ القرآن ينبغي أن أهتدي بهدي النبي الكريم في فهم القرآن ، عندي كتاب وعندي سنة ، فالنبي فسر القرآن من خلال أحاديثه أما هناك كلمات ، قال تعالى :
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾
القوة المحركة ، إنسان على ميزان ، مات ما نقص ولا غرام .
المذيع:
ابن القيم الجوزية وضع كتاباً اسمه الروح إذاً لا جدوى من هذا الكتاب .
نفس الإنسان هي ذاته :
الدكتور راتب :
لا ليس هذا هو المعنى ، يجب أن تقصد المؤلف لتعرف ماذا يعني بالروح ؟ يعني الجانب النفسي في الجسم ، في الإنسان ، المصطلحات علم قائم بذاته ، كل عصر له مصطلحات ، أنا حينما أدرس علماً معيناً أول مرحلة ماذا تعني المصطلحات ؟ ماذا يعني الإنسان ؟ الإنسان يعني نفس وروح وجسم ، ماذا تعني النفس ؟ ذات الإنسان .
المذيع:
إن الله يتوفى الأنفس .
الدكتور راتب :
حين موتها والتي لم تمت في نومها .
المذيع:
ولم يقل الأرواح .
الدكتور راتب :
النفس ذات الإنسان .
المذيع:
إذاً نقول ارتقت الروح إلى بارئها ، ماذا تعني ؟
الدكتور راتب :
نقصد بها النفس هنا ، إذا قلنا الروح نقصد بها النفس .
المذيع:
المعنى واحد ؟
الدكتور راتب :
أحياناً ، هذا موضوع طويل ، أحياناً نستخدم كلمة الروح عن النفس .
المذيع:
والنفس كالطفل ، إن تفطمه ينفطم .
البيئة الإيمانية تجعل الإنسان صالحاً :
الدكتور راتب :
إذا أنت عشت في بيئة إيمانية ، تكون صالحاً قال تعالى :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
من دون بيئة إيمانية تنحرف .
المذيع:
شيخي ما الذي يحيرك إلى الآن ، هل أنت حائر أم وصلت إلى مرحلة اليقين أم أنك تتفكر في شيء ؟ كيف تنام الليل؟
الدكتور راتب :
والله أنا أنام الليل ، أنا حينما أؤمن بخالق عظيم خلق هذا الكون ، وخالق عظيم أعطاني منهجاً للحركة ، افعل ولا تفعل ، أنا حينما أتبع هذا المنهج الإله يطمئنني يقول لي ، الآية الدقيقة :
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾
فأنا حينما أؤمن بوجود الله ، وبوحدانيته ، وبكماله ، وبمنهجه ، أنا بالعقل أؤمن به، وبالشريعة أعبده ، أعطاني شريعة افعل ولا تفعل ، هذه الشريعة تؤخذ من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله ، أنا آمنت بالله خالقاً ورباً ومسيراً ، موجوداً وواحداً وكاملاً ، آمنت به ، ولأنني آمنت به بحثت عن منهجه فإذا هو في القرآن والسنة ، طبقت ما أستطيع من كتاب الله وسنة النبي الكريم ، عندئذ أشعر بحالة من الأمن ، هذه الحالة من خلق الله ، قال تعالى :
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾
ما قال : أولئك الأمن لهم ، إذا قال الأمن لهم ولغيرهم ، قال تعالى :
﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾
قدمنا الخبر على المبتدأ صار هناك قصر وحصر ، أي لا يتمتع بنعمة الأمن إلا المؤمن .
المذيع:
دكتور نابلسي هل أنت سعيد بالله عليك ؟
أحد أسباب سعادة المؤمن أن الله وعده بالجنة :
الدكتور راتب :
والله أنا سعيد جداً ، هذه السعادة تشبه إنساناً يعاني ما يعاني ، لا يوجد إنسان لا يعاني لكنه موعود من قبل خالق الأكوان بجنة عرضها السموات والأرض ، مثل بسيط : إنسان يسكن بغرفة واحدة مع خمسة أولاد ، ودخله لا يكفيه ثمن خبز ، وعليه دعوى إخلاء من هذه الغرفة ، ويعاني ما يعاني ، له عم يملك خمسمئة مليون ما عنده أولاد ومات بحادث ، فخلال ثانية واحدة انتقل هذا المبلغ الفلكي خمسمئة مليون لهذا الفقير ، لكن إجراءات المواريث وحصر الإرث ، لم يتمكن أن يقبض درهماً واحداً قبل عام ، لماذا يعيش طوال هذا العام في سعادة ؟ ما أكل لقمة زائدة ولا اشترى معظفاً ؟ قال تعالى :
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
فالمؤمن أحد أسباب سعادته أن الله وعده بالجنة .
المذيع:
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : "الحزين في ظل الله يوم القيامة" .
الدكتور راتب :
هذا الحزن المقدس ، عظمة هذا الإله العظيم لا تستطيع معها أن تصل إلى الإحاطة به .
المذيع:
إن الله لا يحب المرحين أو الفرحين .
الدكتور راتب :
يوجد آية تقابلها :
﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾
أنت حينما تؤمن تفرح ، حينما تكتشف أن الله يحبك تفرح ، حينما يقدر الله على يدك عملاً صالحاً تفرح ، حينما تبكي في الصلاة تفرح ، حينما تقرأ القرآن وتتأثر به تفرح ، حينما ترى أمامك زوجة صالحة وأولاداً أبراراً وبنات طاهرات عفيفات تفرح ، حينما تخشع في الصلاة تفرح ، قال تعالى :
﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾
وأنا أقول لك : قل لي ما الذي يفرحك أقل لك من أنت ، أهل الدنيا يفرحون بالدنيا.
المذيع:
ما الذي يفرحك أنت دكتور محمد راتب النابلسي ؟
الدكتور راتب :
والله أفرح بالدعوة إلى الله ، أقامني الله داعية إلى الله ، وأرجو الله أن أكون في مستوى هذه الدعوة .
المذيع:
هذا الذي حصل في أمتنا الآن هل أنت سعيد به ؟
الدنيا لا تمد الإنسان إلا بسعادة متناقصة :
الدكتور راتب :
لا أبداً أنا لست سعيداً به ، لكن أنا أؤمن إيماناً قطعياً كإيماني بوجودي أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة .
المذيع:
أما لهذا العذاب من آخر أو لهذا الليل من آخر ؟
الدكتور راتب :
هذه الدنيا ساعة اجعلها طاعة ، ما معنى الأبد سيدي ؟ لا أحد ينتبه له ، إنسان عندي هنا ثلاثة أصفار أمامه ألف ، ثلاثة أخر مليون ، ثلاثة ثالثة ألف مليون ، ثلاثة رابعة مليون مليون ، خامسة ألف مليون مليون ، من عندي إلى عندك ؟ من عندي إلى الحائط ، من الأرض إلى الشمس ، واحد بالأرض ومئة وستة وخمسون مليون كيلو متر أصفاراً كل ميلمتر صفر ، ما هذا الرقم ؟ هذا الرقم إذا نسب إلى اللانهاية صفر ، نحن نعيش الدنيا محدودة والوقت محدود والشهوات محدودة ، مهما كنت غنياً هل بإمكانك أن تأكل فوق حاجتك كل الطعام ؟ تركب سيارة واحدة ، تلبس ثياباً واحدة ، تنام على سرير واحد ، فالدنيا لها سقف منخفض جداً ، وما سمح الله للدنيا أن تمدنا بسعادة مستمرة .
المذيع:
والذين يأكلون التراث أكلاً لما .
الدكتور راتب :
الله عز وجل ما سمح للدنيا أن تمدنا بسعادة مستمرة ، بل بسعادة متناقصة فكلما مضى على ما أنا فيه وقت يفقد هذا البيت بريقه ، وتفقد هذه المركبة بريقها .
المذيع:
ما دمت أنت بهذا الكشف سعيداً دعنا نتفكر في خلق الله ، مثلاً قوله تعالى :
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾
دعنا نتكلم عن البعوض ، بين البعوض والحوت الأزرق .
البعوضة آية من آيات الله الدالة على عظمته :
الدكتور راتب :
أحقر مخلوق على وجه الأرض ، والإنسان قد يقتل بعوضة ولا يشعر بشيء إطلاقاً، بعوضة ، أهون خلق الله على الله وعلى الناس ، لكن بعد أن اكتشف المجهر الإلكتروني ، المجهر العادي يكبر ثمانية أمثال ، أما هذا فيكبر أربعين أربعين ألف مرة تبين أن في رأس البعوضة مئة عين ، وفي فمها ثمانية وأربعون سناً ، وفي قلبها ثلاثة قلوب ، قلب مركزي ، وقلب لكل جناح ، وفي كل قلب أذينان ، وبطينان ، ودسامان ، ترى الأشياء لا بأشكالها ، ولا بأحجامها ، ولا بألوانها ، ولكن ترى الأشياء بحرارتها ، البعوضة تشعر بالشيء الحار ، واحد على ألف من الدرجة المئوية حساسية هذا الشعور، فترى الشيء بحرارته فقط ، غرفة في الشتاء الدرجة صفر أو خمس الطفل حرارته تقدر بسبع وثلاثين درجة لا ترى إلا الطفل ، تملك جهاز استقبال حراري لا تملكه الطائرات ، تملك جهاز استقبال حراري ، حساسيته واحد على ألف من الدرجة المئوية ، هذه واحدة .
و تملك جهاز تحليل للدم ، فما كل دم يناسبها ، ينام أخوان على سرير واحد ، يستيقظ الأول وقد ملئ بلسع البعوض ، ويستيقظ الثاني سليماً معافى لم يصب بشيء ، تأخذ عينة من الدم وتحلل .
إذاً معها جهاز رادار استقبال حراري ، أساسه الحرارة ، ومعها جهاز تحليل دم ، و تملك جهاز تمييع للدم ، لأن دم الإنسان سمج لا يسري بخرطومها .
إذاً معها جهاز تحليل دم ، و تملك جهاز تمييع للدم ، ومعها جهاز تخدير ، تخدر هذا الطفل ، تغرس خرطومها في جسمه تأخذ عينة تحللها فإن طاب لها الدم تتابع سحب الدم وإلا انتقلت إلى أخيه .
المذيع:
الله أوحى إلى النحل كما أوحى إلى أم موسى أليس هذا كله بوحي من الله إلى البعوض مثلاً ؟
أنواع الوحي :
الدكتور راتب :
هناك وحي إلهام ، ووحي غريزة ، ووحي جبريل ، الوحي ثلاثة أنواع ، البعوضة تتحرك بإلهام من الله عز وجل هذا وحي الغريزة ، عندنا وحي الإلهام ، قال تعالى :
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾
وعندنا قوله تعالى :
﴿ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ﴾
وحي جبريل ، وحي إلهام ، وحي غريزة .
المذيع:
لماذا خلق الله عز وجل الحشرة ؟
تسخير الكون للإنسان تسخير تعريف و تكريم :
الدكتور راتب :
أولاً : خلق الإنسان ليسعده في الدنيا والآخرة ، إذا صح لنا أن نتكلم عن عالم الأزل، الله عز وجل خلق المخلوقات كلها في عالم الأزل ، هذه المخلوقات نفوس فقط لا يوجد فيها قوالب أجسام ، قال تعالى :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾
والسموات والأرض والجبال ، والسموات والأرض مصطلح قرآني يعني الكون ، والكون ما سوى الأرض .
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾
لأن الإنسان من بين المخلوقات حينما عرضت الأمانة على السموات والأرض قبلها الإنسان وقال : أنا لها يا رب ، فلما قبل حمل الأمانة كان المخلوق الأول عند الله ، وسخر الله له ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ، تسخير تعريف وتكريم ، لكن للتقريب ؛ أب عنده عشرة أولاد قال : كل واحد منكم - الأب غني - له عندي زوجة أي يزوجه ، وسيارة ، وخمسون ألفاً في الشهر ، لكن من يذهب إلى أمريكا ويأتي بدكتوراه أعطيه نصف معملي ، وإن ذهب إلى هناك وضيع وقته في دور الملاهي ودور السينما لا أمنحه شيئاً ، يكون أفقر من كل أخوته ، فالمخلوقات جميعاً أشفقت من حمل الأمانة ، فهي سعدت إن كانت حيوانات بالشهوة وإن كانت ملائكة بالقرب من الله ، كلها سعدت كل واحد بحسبه .
رُكِّب الملَك من عقلٍ بلا شهوة ، وركب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركب الإنسان من كليهما ـ أعطاه الله عقلاً، وأودع فيه شهوة ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.
رُكِّب الملَك من عقلٍ بلا شهوة ، وركب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان .
فالإنسان هو الكائن الذي قبل حمل الأمانة في عالم الأزل ، فلما قبل حمل الأمانة سخر الله له ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه تسخير تعريف وتكريم ، موقفه من تسخير التعريف أن يؤمن ، وموقفه من تسخير التكريم أن يشكر ، فإذا آمن وشكر حقق الهدف من وجوده ، فإذا غلبته شهوته وآثر الشهوة واتخذ إلهه هواه شقي وهلك في الدنيا والآخرة .
المذيع:
نرجع إلى أمة النمل ، إن الله منح سيدنا سليمان معجرة ، سمع النملة ، قال تعالى :
﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾
ما هي المعجزة ؟
تعريف المعجزة :
الدكتور راتب :
ما هي المعجزة ؟ المعجزة كمال الخلق يدل على كمال التصرف ، ما دام أمامي كون معجز ، شمس وقمر ونجوم ، وهناك أحياء و أسماك و أطيار و حشرات ، و حيوانات عملاقة ، كالفيل والحوت الأزرق ، كون ممتلئ بالمخلوقات ، هذا الكون كله يشف عن وجود الله ووحدانيته وكماله ، أنا حينما أؤمن أتجه إلى الله عز وجل فأسعد ، أسعد بقربه ، أسعد بعلمه، أسعد برحمته ، أسعد بحفظه ، أسعد بتوفيقه ، هذه السعادة حينما تخضع لمنهج الله خضوعاً كاملاً ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾
﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾
فلما قبل حمل الأمانة كان المخلوق الأول ، فلما كان المخلوق الأول سخر الله له ما في السموات والأرض جميعاً منه ، تسخير تعريف وتكريم ، فالتعريف أن يؤمن والتكريم أن يشكر ، فإذا آمن وشكر حقق الهدف من وجوده .
المذيع:
إذاً لا بد من أن تجيب عن سؤالي قال تعالى :
﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾
ما القصد ؟
كلمة الإنسان حينما تُعرّف تعني الإنسان قبل أن يعرف الله :
الدكتور راتب :
هذا صيغة تعجب أي ما أشدّ كفره ! الإنسان حينما تذكر هذه الكلمة في القرآن ، حينما تُعرّف وتذكر في القرآن أي الإنسان قبل أن يعرف الله .
المذيع:الإنسان من النسيان .
الدكتور راتب :
لا واحدة واحدة ، الإنسان قبل أن يعرف الله إذا وردت هذه الكلمة في القرآن معرفة أي قبل أن يعرف الله ، قال تعالى :
﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾
ما أشدّ كفره ! قال تعالى :
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
فحيثما وردت كلمة الإنسان معرفة أي الإنسان قبل أن يعرف الله فإذا عرفه صار إنساناً آخر .
المذيع:
شيخي أجبني الإنسان من النسيان ، هل هذا صحيح ؟ كيف تحفظ كل هذه الأحاديث والمعلومات العلمية التي لا يحفظها عالم متخصص وأنت درست اللغة العربية ؟
من صدق مع ربه نال منه الشيء الذي يحب :
الدكتور راتب :
هذا من فضل الله عز وجل ، الله يعطي من يشاء ، أنا أقول لك كلمة دقيقة قال تعالى :
﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾
لا أحد له فضل على أحد ، كلما صدقت مع الله نالك من الله الشيء الذي تحب .
المذيع:
هل تحفظ القرآن ؟
الدكتور راتب :
معظمه .
المذيع:
ولكنك لا تحفظ الشعر لماذا ؟
الدكتور راتب :
لا أرغب بالشعر .
المذيع:
عودة إلى سيدنا سليمان عُّلم منطق الطير ، قال تعالى :
﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا ﴾
معنى هذا أنه يفهم لغتها ولكنه لا يستطيع الرد عليها .
معجزة الأنبياء هي شهادة الله لأنبيائه أنهم أنبياؤه :
الدكتور راتب :
الله عز وجل علمه منطق الطير بمعنى لما الله بعث نبياً ، نبي لا على التعيين هذا النبي يقول : أنا رسول الله فكيف يصدقه الناس ؟ لا بد من أن يشهد الله له أنه نبيه ، كيف يشهد له ؟ لا بد من أن يجري على يديه خرقاً لنواميس الكون ، سيدنا عيسى أحيا الموتى ، سيدنا موسى أوحى الله إليه أن اضرب لهم طريقاً في البحر يبساً ، كل نبي له معجزة ، هذه معجزة حسية كتألق عود الثقاب ،
تتألق وتنطفئ وتبقى خبراً ، يصدقه من يصدقه ويكذبه من يكذبه إلا أن النبي وحده هو خاتم الأنبياء والمرسلين بعثته خاتمة البعثات ، وكتابه خاتم الكتب، فلا بد منطقاً من أن تكون معجزته مستمرة إلى قيام الساعة ، ولن تكون مستمرة إلا إذا كانت علميّة .
المذيع:
المنطق يقتضي أن يكون هناك حوار بين اثنين بمعنى سيدنا سليمان تبسم من قولها إذاً هو لا يستطيع الرد عليها .
الدكتور راتب :
هل ورد في القرآن أنه ما أجابها أو أجابها ؟ ما ورد ، نحن نسكت حينما يسكت القرآن ، هذه قاعدة ، في علم الغيب لا يمكن أن نضيف على الغيب شيئاً ، أنا أمامي نص أذكر النص كما ورد .
المذيع:
أود أن أسأل عن بيت العنكبوت في القرآن :
﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾
سبب وهن بيت العنكبوت على الرغم من متانة خيطه :
الدكتور راتب :
العلماء قالوا ، أولاً : لو أخذنا خيط العنكبوت لرأيناه أمتن من الفولاذ بخمسة أضعاف ، أي خيط العنكبوت يحمل خمسة أمثال ما يحمله الفولاذ المسحب بقطر العنكبوت ، ولكن وهن هذا البيت نتيجة الخصومات الداخلية ، الأم على خلاف مع زوجها ، والأم تأكل أولادها ، فهنا الوهن وهن اجتماعي ، أكد العلماء أن الوهن اجتماعي .
أحياناً يكون البيت كبيراً كالقصر ، وصالونات ، وغرف ، ولكن الخصومات بين الزوجين لا يعلمها إلا الله ، انعكست هذه الخصومات على الأولاد فبيت من حيث الأناقة والمساحة والفرش والمركبات والمطابخ والولائم شيء رائع جداً لكن هذا البيت ضعيف لأنه لا يوجد حب بين الزوجين ، وهناك بيت صغير متواضع لكن يوجد حب بين الزوجين والأولاد هذا البيت قطعة من الجنة ، وبيت كبير جداً لا يقدم ولا يؤخر ، حينما وصف الله بعض البلاد التي يغتني بها الأغنياء بغير حق ويفتقر بها الفقراء قال تعالى :
﴿ وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ﴾
أي الحاجة الأساسية الأساسية معطلة ، والذي يحكم هذه البلاد في أعلى درجات الرفاه .
المذيع:
أنت تعلم أن الأنثى تأكل ذكرها وحتى ملكة النحل حينما يلحق بها أحد العاملين تأكله . ما الحكمة من هذا ؟
النحل آية من آيات الله الدالة على عظمته :
الدكتور راتب :
الحكمة أن هذه المخلوقات تشبه بشكل أو آخر حياة الناس ، قال تعالى :
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾
نحن نرى حالات اجتماعية في النحل ، عند التكلم عن خصائصها الشيء الذي لا يصدق أن هناك نحلة حارسة ، ونحلة تعود إلى بيتها ، وهناك كلمة سرّ للدخول ، شيء لا يصدق في النحل ، وكأن النحل آية من آيات الله الدالة على عظمته ، فكل ما خلق الله عز وجل يدل عليه بشكل أو بآخر .
المذيع:
أنثى العنكبوت تأكل أبناءها إلا أن يفروا منها ، الشاعر يقول :
إنما الدنيا فنــاء ليس في الدنيا ثبوت
إنما الدنيا كبيت نسجته العنكبــــــــــوت
إنما يكفيك منها أيها الطالــــــــب قوت
***
السؤال الأخير دكتور كيف رأيت الدنيا ؟
معرفة الله عز وجل سرّ سعادة الإنسان :
الدكتور راتب :
الدنيا قد تسعد بها أيما سعادة إذا عرفت الله ، وقد يشقى بها الإنسان أسوأ شقاء إذا غابت عنه معرفة الله عز وجل ، الدنيا جيفة طلابها كلابها ، والدنيا دار المؤمنين ، المؤمن يسعد في الدنيا ، قال تعالى :
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾
العلماء قالوا : جنة الدنيا وجنة الآخرة . وهناك آيات كثيرة تتحدث عن المؤمنين هم في جنة ، يقول بعض العلماء الكبار : ماذا يفعل أعدائي بي ؟ بستاني في صدري ، إن حبسوني فحبسي خلوة ، وإن أبعدوني فإبعادي سياحة ، وإن قتلوني فقتلي شهادة ، فماذا يفعل أعدائي بي ؟ الإنسان حينما يعرف الله عرف كل شيء ، ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحبّ إليك من كل شيء .
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾
العلماء قالوا : جنة الدنيا وجنة الآخرة . الدنيا تسعد إذا عرفت الله ، في قلب المؤمن من الأمن ما إن وزع على أهل بلد لكفاهم ، قال تعالى :
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
أنت سرّ السعادة أن تعرف الله ، اطلبني تجدني .
المذيع:
هل عرفت الله ؟
الدكتور راتب :
أنا ؟ أنا أتمنى أن أكون كذلك ، لا يقدر إنسان بالأرض أن يقول : أنا أعرف الله ، لا يعرف الله إلا الله ، أما أعلى معرفة فلرسول الله ، والمؤمنون يتفاوتون .