وضع داكن
28-03-2024
Logo
سنريهم آياتنا - الندوة : 07 - الإعجاز العلمي في قوله تعالى - وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ـ البطريق .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة:

 

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشاهدينا الكرام أهلاً بكم إلى حلقةً جديدة من برنامج:"سنريهم آياتنا"، الذي نتناول فيه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة، يصحبنا فضيلة الشيخ الدكتور الأستاذ محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين، مرحباً بكم من جديد.

الدكتور راتب:

بكم أستاذ معتز.

الأستاذ معتز:

 أستاذ راتب كنا قد تحدثنا في الحلقة السابقة عن الإعجاز العلمي، وسألتك عن بعض الآيات، وختمنا بمادةٍ علمية تناولنا فيها النحل، وكيف يبني خليته ويخزن العسل فيها، أريد أن أبقى في نفس موضوع النحل ولكن مع سورة النحل، هل ترى فيها أي آيةٍ ملفتةً للنظر تتناول الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.

 

الآية التالية تدل على أن هذا القرآن كلام الله ومن عند الله:

 

الدكتور راتب:

 هناك آية لطيفةً جداً، إنسان يركب أحدث طائرة على ارتفاع أربعين ألف قدم، تقدم له المشروبات الساخنة والباردة، والطعام النفيس، والمقعد الوثير، ويرى بعض الفضائيات، ويرى كل شيء، وهناك شيء يفوق حدّ الخيال، لو فتح القرآن الكريم فإذا بسورة النحل آية تقول:

﴿ وَالْخَيْلَ ﴾

 هو يركب طائرة.

﴿ وَالْبِغَالَ ﴾

 يركب طائرة.

﴿ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾

( سورة النحل الآية: 8 )

 لو أن الآية إلى هنا شتان بين ركوب بغلٍ وركوب طائرة، ولكن لأن هذا القرآن كلام الله، ومن عند الله، ولأن الله يعلم ما كان، وما يكون، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، جاءت الآية بهذه الإضافة،

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

( سورة النحل )

 دخلت في هذه الكلمة الطائرة، والقطار، والسفينة، والحوامة، ودخلت كل وسائل النقل الحديثة والسريعة والمريحة في هذه الآية، لأن هذا القرآن من عند الواحد الديان غطى الماضي والمستقبل، والذي عاش في عصر ليس فيه طائرة، ولا سيارة، ولا شيء من هذا القبيل، فإذا كان هذا الكتاب من عند النبي لانتهت الآية عند هذه الكلمة،

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾

الأستاذ معتز:

 دعني أستوضح شيئاً هنا لأن

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ ﴾

 من عند الله عز وجل ولكن الطائرة والحوامة هي من صنع الإنسان.

 

الله تعالى حينما يجد عبداً جاداً في البحث عن شيء يلقي في ذهنه الكشف العلمي:

 

الدكتور راتب:

 هذه لفتة رائعة، أي الاختراع والاكتشاف يعرّفه العلماء بالقذف بالمجهول، إذاً يعزى صنع الطائرة إلى إلهام الله عزّ وجل.
لذلك:

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

  لكن أديسون الذي اخترع الكهرباء يقول: العبقريةُ تسعٌ وتسعون بالمئة منها عرق ـ أي جهد ـ وواحد بالمئة إلهام، والله عز وجل حينما يجد عبداً جاداً في البحث عن شيء فبعد تعبٍ طويل وجهدٍ جهيد يلقي في ذهنه الكشف العلمي، فكأن الآية أشارت أيضاً إلى أن هذه المخترعات لولا أن أصحابها صدقوا في الوصولِ إليها لما وصلوا، إنما وصلوا بمعونةٍ من الله عز و جل، فعزيَ خلقُ صنعُ الطائرة كفكرةٍ إلى الله و عزيَ تأمين وقودها أيضاً إلى فضلِ الله عز و جل

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾

 هذا الذي كان سائداً في عصر النبي، أما لأن القرآن كلامُ الله هذه الآية غطت ما سيكون

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

الأستاذ معتز:

 و ينعكس ذلك على جميع ما في حياة الإنسان من وسائل راحة ونقل.

 

المؤمن الكامل كلما رأى إنجازاً حضارياً كبيراً جداً يذوب خشيةً لله و حباً له:

 

الدكتور راتب:

 عفواً، إن كل شيءٍ صنعه الإنسان، الكمبيوتر، النقل السريع، المحمول ، الفاكس مثلاً، الإنسان صعد إلى أعالي الفضاء، غاص في أعماق البحار، صنع أجهزة مذهلة، نقل الصورة والصوت، أنا أرى أن هذا يؤكد فضل الله على الإنسان، فقد اخترع هذه الأشياء، أودع الله فينا عقلاً، هذا العقل هو الذي أنجز هذه المنجزات، فالمؤمن الكامل كلما رأى إنجازاً حضارياً كبيراً جداً يذوب خشيةً لله، و حباً له، لأنه لولا أن الله أودع فينا هذه العقول لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.

 

الأستاذ معتز:

 نعم وما دور الفطرة في ذلك ؟.

 

 

الدكتور راتب:

 أي فطرة ؟.

 

 

الأستاذ معتز:

 الفطرة عندما تحدثنا في حلقاتٍ سابقة عن كيف ألهم القندس أن يصنع سداً ؟

 

 

الإنسان خبراته كسبية والحيوان خبراته وهبية:

 

الدكتور راتب:

 بالمناسبة الإنسان علمه كسبي، خبراته كسبية، مهاراته كسبية، هو الذي أخرجكم.

﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ﴾

( سورة النحل الآية: 78 )

 كل خبراته مكتسبة، أما الحيوان كما مرّ معنا بالنحل، من الولادة يتقن كل المهارات، لذلك الإنسان خبراته كسبية أما الحيوان خبراته وهبية، فرقٌ بين الكسبية والوهبية، نظام النحل هذا بأمر تكويني لا بأمر تكليفي، أما نحن نظامنا بأمر تكليفي، قد ننتظم وقد لا ننتظم.

 

الأستاذ معتز:

 أستاذ راتب، منذ أوائل الحلقات ونحن نتحدث عن شيء اسمه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة، وجميع الحلقات التي تحدثنا فيها تحدثنا عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، أين الإعجاز العلمي في السنة ؟.

 

 

ما يوجد في السنة الشريفة هو دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم:

 

الدكتور راتب:

 كأنك تريد أن أحدثك شيئاً، أنا لا أسمي ما في السنة إعجازاً، من دلائل نبوة النبي ـ قبل أن نصل إلى بعض هذه الدقائق لابد من تقديم ـ الإنسان حينما يمشي في بستان ويرى ثعباناً لا سمح الله ما الذي يحصل ؟ إن شكل الثعبان ينطبع على شبكية العين إحساساً، العين لا تقرأ الصورة لكن تختزن الصورة، الصورة تشحن إلى الدماغ إلى مركز البصر، في مركز البصر ملفاتٌ كثيرة هي الخبرات، وهناك ملف الثعبان، من أين جاء هذا الملف ؟ من قصصٍ سمعها الإنسان من جدتهِ عن ثعبانٍ ظهر في بيتٍ عربيٍ قديم، أو من بحثٍ قرأهُ في المدرسة، أو من منتدى، أو من متحف رأى فيه بعض الثعابين، أنا مرة كنت في بلد إسلامي دخلت إلى متحف للثعابين بيني وبين ثعبان طوله تقريباً عشرة أمتار أربعة سنتمتر.

 

الأستاذ معتز:

كيف ذلك؟

 

 

الدكتور راتب:

 بيني وبينه بلور سماكته ثمانية ميليمتر، فالإنسان من مشاهداته، ومن قراءاته، ومن خبراته، ومن قصصه، يشكل عنده ملف الثعابين أو مفهوم الثعبان، فالصورة على الشبكية وقعت، العين لا تقرأها العين تنقلها إلى الدماغ إلى مركز الرؤية، في هذا المركز تقرأ الصورة، تقرأ في ضوء ملفات ما يشاهد الإنسان في هذه الصورة، فالدماغ رأس الجهاز العصبي، رأس الجهاز العصبي يدرك أن أمامه حيواناً، لدغته قاتلة، الدماغ ماذا يفعل ؟ الآن اطلع الدماغ بعد قراءة الصورة على الخطر، هو ملك الجهاز العصبي، والجهاز العصبي أوامره كهربائية، عنده ملكة إلى جانبه هي ملكة الجهاز الهرموني، هذه الملكة لا يزيد وزنها عن نصف غرام، تدير كل الغدد الصماء في الجسم، هذه الغدة هي الملكة، ولأنه ملك ولأنها ملكة يلتمس الملك من الملكة أن تواجه الخطر، الآن انتقلت المهمة إلى الغدة النخامية، الغدة النخامية من رعاياها وزير داخليةٍ فوق الكلية اسمه الكظر، الكظر يتلقى أمراً من الغدة النخامية بمواجهة الخطر ماذا يفعل ؟ يرسل أمراً إلى القلب ليرفع النبض إلى مئة وثمانين نبضة، وأمراً آخر إلى الرئتين يرفع وجيبهما، وأما الثالث إلى الأوعية المحيطة بالجلد فتضيق لمعتها، ومع ضيق لمعتها يصفر الإنسان، فالخائف يسرع نبض قلبه، ويزداد وجيب رئتيه، ويصفر لونه، وأما الأمر الرابع إلى الكبد بإطلاق كمية سكر إضافية، لو فحصنا دم الخائف لوجدنا السكر في أعلى مستوى، وأما الخامس إلى الكبد بإطلاق هرمون التجلط، لأن الدم بين حالة التجلط والتميع الوضع مناسب عند الخوف، يزداد تجلط الدم لئلا يسيح بضربةٍ مفاجئة، إذاً خمسة أوامر يصدرها الكظر إلى القلب، وإلى الرئتين، وإلى الكبد، وإلى الأوعية، ما الذي يحصل ؟ يرتفع النبض، هناك خطر، هناك مواجهة، هناك هروب،هناك حركة، هذا الخطر يقتضي جهداً طارئ، الجهد الطارئ يقتضي دماً كثيفاً، الدم الكثيف يأتي من سرعة حركة الدم في الأوعية، حركة الدم سريعة تحتاج إلى نبض سريع، إذاً الأمر بدأ برؤية الثعبان على شبكية العين، و انتقاله إلى مركز الرؤية في الدماغ، و إدراك الدماغ الخطر، و التماسه من الغدةِ الدماغية أن تواجهَ الخطر، و الغدة النخامية أرسلت أمراً إلى الكظر، و الكظر تولى تنفيذ أوامر تفصيلية، بدءاً من رفع نبضِ القلبِ، و رفعِ وجيب الرئتين، و تضييق لمعة الأوعية المحيطة، و دفعِ قسمٍ من السكر إلى الدم، وهرمون التجلط.

 

 

الأستاذ معتز:

 كيف يقودنا ذلك إلى الإعجاز في السنة ؟

 

الإعجاز العلمي في السنة الشريفة:

الدكتور راتب:

 والله سؤال رائع جداً، بارك الله بك، النبي عليه الصلاة والسلام قبل ألفٍ وأربعمئة عام أعطى توجيهاً أنك إذا أردت أن تذبح دابةً ينبغي ألا تقطع رأسها، ينبغي أن تذبحها من أوداجها من عروقها فقط، هذا التوجيه نبوي ثابت، لكن ليس في الأرض كلها ميزةٌ علميةٌ قادرةٌ على فهم هذا التوجيه، لا في حياة النبي، ولا بعد مئة عام، ولا بعد مئتي عام، ولا بعد خمسمئة عام، ولا بعد ألف عام، قبل عقدين ليس أكثر اكتشفت الحقيقة، ما الحقيقة ؟ أن هذه الدابة حينما تذبحها لابد من تزكيتها، وتزكيتها تعني أن يخرج الدم كله منها، وبخروج الدم كله يصبح اللحم زكياً طاهراً أزهر اللون، لو أن الإنسان قطع رأس الدابة لعطل أمر الدماغ للغدة النخامية، للكظر، للقلب، و الرئتين.

 

الأستاذ معتز:

 علنا نستفيد في هذا الموضوع في حلقات مقبلة، ولكن الآن اعتقد أنه حان الوقت لنقدم مادةً علمية.

 

 

الدكتور راتب:

 دقيقة واحدة، حينما يذبح الخروف على الطريقة الإسلامية بعدم قطع رأسه، القلب ينبض مئة وثمانين نبضة، فالدم كله يخرج من جسمه، ويصبح اللحم بالتعبير الشرعي مزكى.

 

البطريق:

 أما الموضوع العلمي فعن حيوانٍ يعيش في القطب يعطي درساً للأمهات والآباء لا ينسى، الحقيقة القطب الجنوبي أبرد منطقةً في العالم، يدوم فصل الشتاء فيه ستة أشهر، وهنا بطريقٌ أليفٌ يمشي على الجليد، هذه البطاريق تسير إلى المكان الذي سيتحقق فيه لقاءٍ كبير، هذا البطريق يمشي على الجليد، تستمر في رحلتها مدة أسابيع، وعليها أن تقطع مسافةً تزيد على مئة كيلو متر، ولهذا السبب تقطع طريقها سيراً على الأقدام أحياناً أو تزحلقاً على صدرها أحياناً أخرى، وتتجه جميعها بشكلٍ معجز إلى جهةٍ واحدة، في نهاية الرحلة تلتقي آلاف البطاريق في مكان معين بشكلٍ مدهش، هل نصدق أنه قد يصل عدد البطاريق في المجموعة الواحدة إلى أربعمئة ألف بطريق، تقطع مئة كيلو متر، هذه الكائنات الأليفة تعرف قدوم الشتاء، فتقرر المكان الذي ستذهب إليه باتفاق، لماذا تقوم البطاريق الكثيرة بهذا العدد معاً لعملٍ كهذا ؟ كي نعرف الجواب ينبغي أن نتابع هذا الفيلم، المنطقة التي سيتحقق فيها اللقاء الكبير هي في الوقت نفسه المكان الذي سيولد فيه الصغار، صغار البطاريق، هذه الرحلة الشاقة هي بداية الصعوبات، والتضحيات التي تقوم بها البطاريق من أجل صغارها فقط، الصعوبة القصوى تبدأ بعد أن تضع البطاريق أو البطاريق الأم بيوضها، فما إن تضعها حتى يهجم الشتاء.

التضحية العظيمة التي يقدمها البطريق من أجل أطفاله:

 الآن هجم الشتاء، تنخفض درجة الحرارة في فصل الشتاء إلى أقل من خمسين تحت الصفر، وتهب رياحٌ عاتية كما نراها تزيد سرعتها عن مئة كيلو متر على أربعين ألف بطريق حاملةً البرد والهلاك، لكن حينما تلد البطاريق الإناث هذه البيضة يأتي البطريق الذكر يضعها على قدميه، ويغلفها بفروته، وتعود البطاريق الأمهات إلى البحر تاركةٍ البيضة عند الذكور، ويتحمل الآباء المضحون مسؤولية رعاية البيض، ويحمل البطريق الأب البيوض على أقدامه كما نرى ليحميها من الجليد، الشعيرات الكثيفة أي الفرو تحمي البيض من البرد، ولكن هذه مهمةٌ صعبةٌ جداً، هل تصدق أن البيضة إذا وقعت على الجليد تتجمد فوراً ؟ لهذا السبب كما ترون يتحرك البطاريق الآباء بحذرٍ شديدٍ دائماً، ذكور البطاريق لا تأكل الطعام طوال أربعة أشهر، لا تذوق شيئاً، لا تذوق الطعام ولا الماء حفاظاً على هذه البيضة، ولكن حينما يأتي فصل الربيع كما نرى يحل الربيع مرةً أخرى، فتفقس البيوض والبطاريق الصغيرة فتحت أعينها للدنيا، ما زالت على أقدام آبائها لعدم تكون الطبقة الدهنية التي ستحميها من البرد.

الأستاذ معتز:

حتى بعد أن تفقس البيضة !

الدكتور راتب:

 البيضة فقست، ولكن بقيت على قدمي آبائها، أول غذاءٍ للصغار هو الحليب الذي خبأه الأب لأجل صغاره، ندقق في الصورة، الحليب الذي خبأه الأب لأجل صغاره في حوصلته، قام البطريق الأب بتضحيةً لا مثيل لها، فمع بقائه أربعة أشهر من دون أكلٍ خبأ الغذاء الذي يحبه كثيراً في حوصلته الصغيرة، ولم يأكله، بالرغم من جوعه الشديد، وفي هذه الفترة تعود الأم من البحر إلى الساحل كما نرى، وكانت هي أيضاً تعمل بدورها طوال أربعة أشهر، فقد خزنت في حوصلتها بالصيد المستمر الطعام للصغار، الذين سيخرجون من البيض، وبمجرد وصول البطاريق الأمهات يهرع البطاريق الذكور التي صبرت على الجوع أربعة أشهر إلى البحر للصيد، وبمجرد إشباع البطريق الأب بطنه يعود إلى صغاره، ويستمر في تربية صغيره بنشاطٍ مع البطريق الأم، بعد مدةٍ قصيرة تنمو صغار البطاريق وتصل إلى الحجم الذي تستطيع التنزه به مع آبائها المضحية.

 

التفكر في خلق السموات والأرض:

 

 يدعي بعض الناس أن الحيوان يفكر في مصلحته فقط، وهذا الإدعاء يعرف بنظرية التطور، لكن المدافعين عن هذه النظرية لم يستطيعوا بشكلٍ من الأشكال توضيح سرّ ما يتحمله البطريق من البرد والجوع مدة أربعة أشهر، هذا خلق الله، وهذه رحمة الله، وهذه عناية الله بهذا المخلوق الأعجم، كيف أن هذه البيضة يضعها على قدميه، ويغلفها بالفرو حفاظاً عليها من أن يمسها الثلج فتموت فوراً، من أودع في قلبه هذه الرحمة وهذا الصبر وهذا الحنان ؟ إن هذه اللقطات من هذا الفيلم تعد درساً بليغاً لبني البشر، تجد أحياناً طفلاً ينام على الطريق يمسه البرد والجوع، والأب غارقٌ في ملذاته، والأم تزوجت من زوج آخر، وألقت أولادها على قارعة الطريق، هذا الفيلم يعطينا درساً بليغاً للإنسان كيف أن هذه البطاريق الحيوانات العجماوات أودع الله في قلبها هذه الرحمة، وهذه العناية، وهذا من خلق الله عز و جل قال:

﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾

( سورة طه )

 ولا يغيب عن أذهاننا أن التفكر في خلق السموات والأرض أقصر طريقٍ إلى معرفة الله، وأوسع بابٍ ندخل منه على الله، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه الحقائق التي أضعها بين أيدي أخوتنا المشاهدين دافعة لهم على معرفة الله، وعلى طاعته، وعلى حسن تربية أولادهم.

 

خاتمة و توديع:

 

الأستاذ معتز:

 جزاكم الله عنا وعن المؤمنين خيراً، أستاذ راتب بهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية حلقة اليوم من برنامجنا "سنريهم آياتنا"، في نهاية هذه الحلقة مشاهدينا نشكر فضيلة الشيخ الأستاذ محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم و السنة في كليات الشريعة وأصول الدين، شكراً جزيلاً لك، على أمل اللقاء بكم في حلقاتٍ مقبلة، دمتم والله يرعاكم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور