وضع داكن
23-12-2024
Logo
ندوات الإعجاز العلمي - الندوة : 20 - القلب.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

التفكر في الخلق والكون :

 قال تعالى :

﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات الآية : 21 ]

 السـماء ، البرزخ ، النحل ، الأرض ، ظلمات الفضـاء ، الكون ، النمل ، الكواكب دقة الإنسـان .
 التفكر في الخلق والكون ، حوارات مع الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي من علماء دمشق يجريها عبد الحليم قباني .
المذيع :
 بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسولنا الكريم .
 إخوة الإيمان والإسلام ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

تمهيد :

 لما كان القرآن الكريم هو كلام الله تعالى في صفائه الرباني ، وإشراقاته النورانية فلابد وأن يكون مغايراً لكلام البشر ، أي متميزاً عنه تميزاً يعجز البشر على تحقيقه ، أو عن تحقيقه في هذا الكمال والشمول والإحاطة ، ونحن نعلم أن كل نبي وكل رسول من رسل الله سبحانه وتعالى قد أوتي من المعجزات الحسية في الأمور التي برع بها قومه ، لتشهد له بصدق نبوته ورسالته ، فموسى عليه السلام بعث في زمن كان السحر قد بلغ مبلغاً عظيما ، فأتاه الله سبحانه وتعالى من المعجزات ما أبطل سحر السحرة ، وعيسى عليه السلام بعث في زمن كان الطب قد بلغ مبلغاً عظيماً ، فأتاه الله تعالى بالمعجزات ما تفوّق به على أطباء عصره ، ولذلك نزل القرآن الكريم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم في زمن العرب الذين وصلوا إلى قمة الفصاحة ، وحسن البيان بالعربية .
 في هذه الحلقة ، ومع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، الأستاذ المحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق ، والخطيب والأستاذ الديني في مساجد دمشق ، أهلاً وسهلاً بكم .
الأستاذ :
 أهلاً وسهلاً بكم يا سيدي .
المذيع :
 نتحدث عن جهاز ذكره الله تعالى في الكتاب ، وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في سننه ، تارةً ذكر بأنه مركز للحب والإخلاص والعلم ، وتارةً يذكر على أنه مركز وجهاز فقط حسي ومضخة للدم ، وذلك طبعاً فيما حدثنا الأطباء ، وعلماء في الطب الحديث ، نسأل فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي عن ذلك .
الأستاذ :

القلب :

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى أله وصحبه أجمعين .
 القلب قلبان ... قلب الجسم ، وقلب النفس .
 ينبغي أن نعلم أن العبادات في مجموعها وعلى اختلاف ألوانها وأشكالها ، تهدف أول ما تهدف إلى تطهير القلب من أمراضه النفسية وتحليته بالكمالات الربانية ، كي يسمو الإنسان إلى خالقه ، ويسعد بقربه ، وينعم بجنته .
 قلب النفس ... له في الإنسان المكان الأول ، وعليه في جميع الأمور المعولة ، ولا عجب فهو القائد ، والجوارح جنود له وخدم ، وهو الآمر الناهي ، والأعضاء أتباع له ، وحشم ، وحسبك فيه قول الله تبارك وتعالى :

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾

[ سورة ق الآية : 37 ]

أستاذ عبد الحليم ، جزاك الله خيراً ، ربنا عز وجل يقول :

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

[ سورة الشعراء الآية : 88-89 ]

 أعظم شيء تصل به يوم نلقى الله عز وجل القلب السليم ، ومن أروع ما قرأت عن هذا القلب السليم أنه القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، كما أنه لا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، ثم إنه لا يحكم غير شرع الله ، ولا يعبد غير الله ، فالإنسان إذا وصل إلى الدار الآخرة بقلب سليم فقد حقق وجوده ، وحقق الهدف من خلقه ، ووصل إلى أعلى سعادة يصلها بشر ، هذا هو قلب النفس .
قلب الجسد ... القلب حقيقة الإنسان ، ومن العجب أن الله سبحانه وتعالى جعل قلب الجسد أساسياً في حياة الجسد ، كيف أن القلب في النفس هو أساسي في سعادتها ، كذلك قلب الجسد أساسي في سلامته ، وانتظام عمل أعضائه وأجهزته .
 بل إن الله سبحانه وتعالى جعل بسلامة قلب النفس سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة ، وجعل بسلامة قلب الجسد سلامته من كل الأمراض الوبيلة .
 بالمناسبة أمراض الجسد مهما تكن وبيلة تنتهي عند الموت ، فالموت ينهي كل مرض ، بل إن الموت ينهي صحة الصحيح ، وسقم السقيم ، ينهي قوة القوي وضعف الضعيف ، ينهي غنى الغني وفقر الفقير ، ينهي وسامة الوسيم ودمامة الدميم ، ينهي غنى الغني ، وفقر الفقير، ينهي كل شيء ، أمراض الجسد المتعلقة بالقلب بضعف قلبه بأزمة في قلبه ، بضعف في عضلة القلب ، باحتشاء في القلب ، بسكتة قلبية ، أمراض القلب كلها تنتهي عند الموت ، ولكن المشكلة الكبيرة أن أمراض قلب النفس تبدأ بعد الموت ، وتشقي صاحبها إلى أبد الآبدين ، فأفضل ألف مرة أن يكون قلب الجسد معطوباً من أن يكون قلب النفس ملوثاً بشهوات الدنيا .

الفرق بين قلب النفس وقلب الجسد :

المذيع :
 فرقت يا فضيلة الدكتور بين قلب النفس وقلب الجسد ، أليست هذه هي المضغة التي في الجسم هي ذاتها قلب النفس ، أم لا ؟
الأستاذ :
 عنِ النُّعْمَان بْنِ بَشِيرٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

(( ... أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً ، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

[ متفق عليه ]

 كأنني أشعر أن هذا الحديث يتوجّه إلى قلب الجسد ، ذلك لأن العناية بالقلب عناية بالحياة ، هناك أعضاء في الإنسان لو أن عطباً أصابها تبقى حياة الإنسان مستمرة ، ولكن القلب إذا أصابه عطب تنتهي حياته ، ذلك لأن القلب هو المضخّة ، فالعناية بها عناية بنشطات الإنسان ، وكما تعلمون أن صحة الإنسان أعظم نعمة بعد نعمة الإيمان .
 الإمام علي كرم الله وجهه جعل نعمة الصحة تأتي بعد نعمة الإيمان ، وتأتي الكفاية بعد نعمة الصحة ، ثلاث نعم ترتَّب على هذا الشكل ، نعمة الإيمان ـ ونعمة الصحة ـ ونعمة الكفاية .
 وقد أشار النبي عليه الصلاة والسلام إلى هذا المعنى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ وَمَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُمَيْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ))

[أخرجه الترمذي وابن ماجه]

في العالم الغربي يعلمون الطلاب أن في حياة الإنسان ثلاثة مرتكزات ، عمله ، صحته ، علاقته بمبدئه ، فأيّ خلل أصاب أحد هذه الثلاثة ينعكس على الفرعين الآخرين ، فلابد من أن يتحرك الإنسان على خطوط ثلاثة ، خط العناية بصحته ، وخط العناية بعمله ، وخط العناية بعلاقته بربه .
 القلب ... قلب النفس ، هو الجانب المدرك من الإنسان ، بدليل :

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾

[ سورة ق الآية : 37 ]

﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ﴾

[ سورة الحج الآية : 46 ]

 هذا قلب النفس ، هو المخاطب ، هو المطالب ، هو المعاتب ، هو محل العلم والتقوى ، والإخلاص والذكرى ، والحب والبغض ، والوسواس والخطرات ، هو موضع الإيمان والكفر ، والإنابة والإصرار ، والطمأنينة والاضطراب .
 القلب ... قلب النفس ، هو العالم بالله ، هو المتقرب إلى الله ، هو المقبول عند الله ، إذا سلم من غير الله ، هو المحجوب عن الله ، إذا استغرق لغير الله ، هو الذي يسعد بالقرب من الله ، ويشقى بالبعد عنه ، وقد روي :

(( عبدي طهرت منظر الخلق سنين ))

[ورد في الأثر]

 الإنسان يعتني ببيته ، تعتني بغرفة الاستقبال ، يعتني بمركبته ، يعتني بثيابه ، بهندامه ، بشكله ، بأناقته ، كي ينتزع إعجاب الآخرين ، فورد في بعض الأوراد القدسية :

(( أن عبدي طهرت منظر الخلق سنين أفلا طهرت منظري ساعة ))

[ورد في الأثر]

 لأن القلب منظر الرب .
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ))

[أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ]

 الإنسان قد يكون أنيقًا جداً ، لكن قلبه ممتلئ غلاًّ وحقدًا وحسدًا ونيات سيئة للبشر ، هذا ساقط من عين الله ، ولأن يسقط الإنسان من السماء إلى الأرض أهون من أن يسقط من عين الله .
 القلب كما قلت قبل قليل : منظر الرب ، ولا يفلح الإنسان ، ولا يطيب له عمر إلا بزكاة قلبه ، ولا يشقى إلا ببعد قلبه عن الله عز وجل .
 أستاذ عبد الحليم ـ جزاك الله خيراً ـ إن فتشت عن أعجب ما خلق الله في السماء والأرض لم تجد أعجب ، ولا أروع ، ولا أدق ، ولا أجمل من قلب الإنسان .

هل القلب يشعر بالبغض كما يشعر بالحب ؟

المذيع :
 فضيلة الدكتور ، تحدثت أن القلب هو الجانب المدرك من الإنسان ، والمخاطب ، والمطالب ، وهو مركز لهذا الشعور ، فهو الذي يشعر بالحب ، هل هو الذي يشعر بالبغض ؟
الأستاذ :
هو القلب الذي يبغض ، هو قلب النفس ، هو مركز النفس ، هو منطلق النفس .
 لكن أنا أقول كلمة بمناسبة الحب : الإنسان الذي لا يشعر بحاجة إلى أن يُحِب ، ولا أن يُحَبّ فليس من بني البشر ، من خصائص البشر أنه يحب ، ويُحِبُ أن يُحَبُّ ، ولكن الذي يتمايز به البشر مضمون هذا الحب ، فقد تحب الله ، وإذا أحببت الله أحبك كل شيء ، وإذا أحببت الله ألقى الله حبك في قلوب الخلق ، إذا أحببت الله لان لك كل شيء ، إذا أحببت الله هابك كل شيء ، هذا حب مقدس ، وقد تحب الحقيقة ، وقد تحب أهلك وأولادك وزوجتك ، هذا كله حب مشروع ، ولكن المشكلة الكبيرة لا في أن تحب في الله ، أن تحب مع الله ، الحب مع الله عين الشرك ، والحب في الله عين التوحيد ، والحب ميل النفس ، وقل لي من تحب أقل لك من أنت ، الحب يحدد هوية الإنسان ، لكن أقول : الذكي والعاقل والموفق والفالح هو الذي يحب ما هو أبدي سرمدي ، والمنحرف والأحمق والغبي هو الذي يحب شيئاً يزول .

رأى أحد الصالحين إنسانًا يبكي على قبر ، فقال له : لو أحببت الذي لا يموت أفضل من أن تحب الذي يموت ، فكل مخلوق يموت ، ولا يبقَى إلا ذو العزة والجبروت .
 إن فتشت عن أعجب ما خلق الله في السماء والأرض لم تجد أعجب ولا أروع ولا أدق ولا أجمل من قلب الإنسان ، تصلح أوتاره فيفيض رحمة وشفقة ، وحباً وحناناً ، ومعاني لطافاً ، وشعوراً رقيقاً ، حتى يتجاوز في سموه الملائكة المقربين .
 وتفسد أوتاره فينضح قسوة ولؤماً ، وسوءًا حتى يهوي إلى أسفل السافلين ، حوى على دقته كره العالم ، فما أدقه ، وما أجلّه ، وما أصغره ، وما أعظمه ، يكبر ولا نرى كبره ، فيتضاءل أمامه كل كبير ، فيصغر ولا نرى صغره ، فيتعاظم عليه كل حقير ، اتحد شكل القلب ، واختلفت معانيه .
 قلب الأنبياء ممتلئ رحمة ، ممتلئ عدلاً ، ممتلئ لطفاً ، ممتلئ حناناً ، وقلب الطغاة ممتلئ قسوة ولؤماً وحقداً ، اتحد شكل القلب واختلفت معانيه ، فقلب كالجوهر صفا لونه ، وراق ماءه ، وقلب كالصخر قوي متين ينفع ، ولا يلمع ، وقلب هواء خف وزنه ، وحال لونه ، يموت القلب ، ثم يحيا ، ويحيا ، ثم يموت ، ويرتفع إلى الأوج ، ويهبط إلى الحضيض ، وبينما هو يسامي النجوم رفعة إذا هو يلامس القاع ضعة ، أليس أعظم بناة العالم قد امتازوا بكبر القلب ، وصدق الشعور ، وقوة الإرادة ، إما إن من وجد كل شيء وفَقَد قلبه لم يجد شيئاً ، إن قلب الجسد أيضاً من أعجب ما خلق الله .

قلب الجسد :

المذيع :

تحدثنا عن قلب النفس ، والآن عن قلب الجسد ، إن قلب الجسد من أعجب ما خلق الله ، إنه مضخة مزدوجة تضخ الدم الذي يحمل الغذاء والوقود إلى كل خلية ونسيج ، وعضو وجهاز عن طريق شبكة من الأوعية يزيد طولها عم 150 كم ، طول الأوعية الدموية في الإنسان طبعاً أوعية دموية مطلقة ، 150 كم .
 ما هو التوقيت الذي يبدأ به العمل وهو قلب الجسد ؟
الأستاذ :
 في اليوم العاشر بعد الشهر الرابع بالضبط ، في اليوم العاشر بعد الشهر الرابع ينبض القلب ، وحتى يحين الحين ، لا يغفل ولا ينسى ، ولا يسهو ، ولا يقعد ، ولا يغفو ، ولا يمل ولا يشكو ، بل يعمل دون راحة ، ولا مراجعة ، ولا صيانة ، ولا توجيه .

الإنسان بجبروته يؤذيه ، وبنار الحقد يكويه ، وبالأحزان يبليه ، هو أساس حياة الإنسان ، وشمس عالمه ، عليه يعتمد في كل أعماله وأحواله ، ومنه تنبع كل قواه ، وحركاته ، وهو آية خارقة لا يعرف التعب إليه سبيلا ، تزداد قدرتها أضعاف كثيرة لتواجه الجهد الطارئ ، إنها عضلة من أعقد العضلات بناء وعملاً وأداءً ، وهي من أمتنها وأقواها ، تنقبض وتنبسط ثماني مرة في الدقيقة ، ويصل النبض في الجهد الطارئ إلى مئة وثمانين ، ويضخ القلب 8000 لتر في اليوم الواحد ، أي ما يعادل ثمانية أمتار مكعبة من الدم ، ويضخ القلب من الدم في طول عمر الإنسان ما يكفي لملء إحدى أكبر ناطحات السحاب في العالم ، وهذه المضخة يمكن أن تملأ في عمر متوسط أكبر ناطحة سحاب في العالم .

ينفرد القلب في استقلاله عن الجهاز العصبي ، فتأتمر ضرابته ، وتنتظم بإشارة كهربائية من مركز توليد ذاتي هي أساس تخطيطه ، وتتغذى عضلة القلب بطريقة فريدة ، ومن أعجب ما فيه دساماته المحكمة الني تسمح للدم بالمرور باتجاه واحد ، وهو مبدأ ثابت في المضخات ، إن القلب إذا سكن في قفص ، واستراح من غصص خلّف وراءه جثة هامدة ، كأنها أعجاز نخل خاوية ، لم ترَ لها من حياة باقية ، وقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق عن القلب فقال :

(( ... أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً ، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

[ متفق عليه ]

 ورحم الله الشاعر إذ يقول :

دقات قلب المرء قائلة لـــه  إن الحياة دقائق وثـوانٍ
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها  فالذكر للإنسان عمر ثانٍ

المذيع :
 آلة خارقة كما ذكرتم فضيلة الدكتور ، وهي جهاز في جسد الإنسان ، لا يسهو ولا ينسى ، لا يعقد ولا يكبو ، يبدأ بتوقيت معين ، وينتهي عمله عندما يموت الإنسان .
 فرق الدكتور محمد راتب النابلسي بين قلب النفس وقلب الجسد ، قلب مطالب بالمحبة والعلم ، إلى ما هنالك ، وقلب الجسد وهو المضغة التي تضخ الدم لبقية الأعضاء الإنسان .
 نشكرك فضيلة الدكتور في نهاية هذه الحلقة ، وإلى لقاء قادم بإذن الله تعالى

 

الصور العلمية مأخوذة من المراجع التالية:
1-         f.Netter
2-         Fox Human Physiology
3-         Anatomy and Physiology in Health and Illness

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور