- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠44ندوة أهمية الإعجاز العلمي والأمر بالمعروف - قناة كيف الأردنية
مقدمة :
المذيع :
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن تبعه ومن والاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشاهدينا الكرام؛ وأهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من لقاء الثلاثاء، قال تعالى:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
رسمت هذه الآية الكريمة طريق خيرية الأمة الإسلامية، حيث جعلته مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالدعوة إلى الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ذلك الذي عدّه بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام، فعاشت الأمة الإسلامية تتفيأ ظلاله عزة ومنعة ورضا من الله عز وجل، وسادت الأمم، وانطلقت إلى الآفاق ترجو تجارة لن تبور، حتى إذا ما تركت نصيبها من الدعوة والتفتت إلى الدنيا وزينتها عاشت في ذلّ وهوان، وأصبحت تنافس الأمم في لعبة هي فيها خاسرة قبل أن تبدأ، فأين الأمة الإسلامية من الدعوة إلى الله؟ وهل يطبق دعاة اليوم المنهج الرباني في الدعوة؟ كيف يكون الداعية إلى الله علمياً وروحياً؟ أسئلة كثيرة أطرحها على ضيفنا فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، الداعية إلى الله عز وجل، والعامل في مجال الدعوة والتربية فيما يزيد عن أربعين عاماً، حياكم الله دكتورنا.
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ونفع بكم.
المذيع :
مشاهدينا الكرام؛ نود أن نذكركم أنه بإمكانكم طرح الأسئلة على الدكتور، من خلال صفحتنا على الفيس بوك معالم على طريق الدعوة مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، ابقوا معنا بعد الفاصل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم مشاهدينا، وموضوعنا اليوم: معالم على طريق الدعوة، مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي.
الدكتور راتب :
بارك الله بكم، وجعل هذا اللقاء في ميزان حسناتكم.
المذيع :
دكتور العزة التي كان يعيشها المسلمون آباؤنا الأولون والصحابة الكرام هل كانت هذه العزة بسبب الدعوة إلى الله عز وجل أم كانت بسبب السيف؟
ارتباط نجاح الدعوة إلى الله بتلبية حاجات الإنسان الأساسيّة :
الدكتور راتب :
والله لا أصدق ولا أتصور أن تكون بسبب السيف، إلا أن الإنسان في أصل خلقه في ضعف، وهذا الضعف لصالحه، فالإنسان بفطرته يحتاج إلى جهة قوية يعتمد عليها، فحينما تلبي الدعوة إلى الله حاجات الإنسان الأساسية تنجح الدعوة، أنت حينما تقنع الآخر أنك إذا آمنت بالله واستقمت على أمره تنعمت بنعمة الأمن، وهذه النعمة ليست لكل الناس، هي للمؤمنين حصراً، قال تعالى:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
البطولة في الدعوة أن تتناغم حاجات الإنسان الأساسية في الكفاية والأمن والتفوق مع طبيعة الهوى، فلذلك الداعية هو الذي وفقه الله عز وجل إلى تحقيق الهدف الذي أراده الله من الدعوة، والذي يتناغم مع حاجات الناس، مرة كنت في المدينة المنورة، سمعت درساً في المكبرات في المآذن عن عتق العبيد، وهذا الموضوع لا يهم واحداً من المسلمين إطلاقاً، حينما تضع يدك على جرح الإنسان، وعلى حاجاته، أو على تطلعاته، أو على ما يعانيه، فأنت حينما تضع اليد على الجرح تصف له الدواء، يقبل الناس عليك، فالعبرة في الدعوة لا أن تعالج موضوعاً عادياً قد لا يهتم الناس له، أنت حينما تعالج موضوعاً ساخناً، موضوعاً حيوياً، موضوعاً أساسياً، موضوعاً مصيرياً، وحينما تقدم الدين - والكلام دقيق جداً، الإنسان منطقي - على شكل حقائق لا على شكل مقولات، فرق كبير بين الحقائق والمقولات، الحقيقة العلمية مقطوع بها، لا يختلف عليها اثنان في الأرض، فإذا قدمت الحقيقة الدينية مدعومة بالأدلة العقليّة والواقعيّة والعلميّة والنصيّة قدمت الدين بهذه الطريقة، وقدمت الدين لأكبر شريحة من الناس، الدين كالهواء تماماً يحتاجه كل إنسان، ولا يمكن لجهة ما أن تحتكره، لأنه كالهواء فإذا قدمت الدين بشكل حضاري، وبشكل علمي، وبشكل نفسي واجتماعي، وبشكل محبب ومقبول، نجحت الدعوة، فلذلك نجاح الدعوة لا يكون بالإصغاء للداعية، بل بالتبذيل الحيوي في حياته اليومية، حينما يبرمج المدعو حياته على منهج الله، أي حينما يقيم الإسلام في نفسه أولاً، وفي بيته ثانياً، وفي علمه ثالثاً، نجحت الدعوة.
القدوة قبل الدعوة :
لهذا أنا أرى مقياس الدعوة هو مدى البذل الحقيقي الذي يفعله المستمعون، مرة التقيت مع الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى، كان من الدعاة الكبار سألته أن يقدم نصيحة للدعاة، كنت أظن أنني سأستمع إلى ساعة من ساعاته، ففوجئت بجملة واحدة قال لي: ليحذر الداعية أن يراه المدعو على خلاف ما يدعوه، هذه نصيحة واحدة، فحينما يرى المدعو أن الداعية مطبق لما يقول، وبيت الداعية جزء من الدعوة، وعمله جزء آخر، ألم يقل: الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، و النبي قرآن يمشي، أنا أتمنى وأطمح أن يرى الناس الداعية إسلاماً يمشي، منهجاً يمشي، تراه بعينك لأن الناس لا يتعلمون بآذانهم، يتعلمون بعيونهم، فالقدوة قبل الدعوة، بمعنى لو أن أماً خرجت من البيت في غياب زوجها، فلما جاء وسألها أمام ابنتها: أين كنت؟ قالت: في البيت، أنا ما خرجت من البيت، سقطت مقولة الصدق عند طفلتها، هذه المشكلة فلا بد من التطبيق، وأنا أرى أنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم تعقيباً على مقدمتك الطيبة.
((كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر؟ ))
كأن الصحابة صعقوا!
(( قالوا: يا رسول الله، وإنَّ ذلك لكائن؟ نعم، وأشدُ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ونهيُتم عن المعروف؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن؟ قال : نعم، وأَشدُّ منه سيكون ))
صعقوا ثانية، الشيء الثالث صعب جداً:
(( قالوا: وما أشد منه؟ قال: كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً ))
بيت قاله شاعر في عهد سيدنا عمر قال:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
***
نقاد الأدب العربي قالوا: هذا أهجى بيت قالته العرب، هذا شعار كل مسلم، ما دام بيته واسعاً، دخله عال، يستمتع بالحياة، أولاده أمامه، نزهاته جاهزة، مركبته فارهة، على الدنيا السلام، هذا البيت الذي عدّ أهجى بيت قالته العرب، شعار كل إنسان، هذه المشكلة، تبدل جذري في حياتنا، نحن نشأنا على حضارة غربية دهشنا بها، أخذنا بها، ثم فوجئنا أن هذه الحضارة ركزت على الحاجات المادية للإنسان فقط، وحينما يفتقد الإنسان حياته الروحية، حياة الاتصال بالله عز وجل، حياة المبادئ والقيم، تنتهي الحياة، أو ينتهي طعم الحياة.
المذيع :
شيخنا نرجع إلى الموضوع سريعاً؛ قلتم في كلامكم قبل قليل: أن الداعية لا بد أن يكون مطبقاً لعمله، وأن أثر الداعية ينبع من تطبيقه، تعريجاً على هذا الكلام هل أنت دكتور محمد راتب النابلسي مؤيد للعمل الدعوي الفردي أم أنت مؤيد للعمل الدعوي الجماعي، أيهما أكثر؟
الدعوة إلى الله دعوتان :
الدكتور راتب :
أنا حينما أقرأ قوله تعالى:
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾
أنا أدهش من هذا السؤال، حينما يقول خالق الأكوان:
﴿ وَتَعَاوَنُوا ﴾
أنا أقول لك الآن أن الدعوة إلى الله دعوتان؛ دعوة إلى الله خالصة، ودعوة إلى الذات مغلفة بدعوة إلى الله، الدعوة إلى الله الخالصة من خصائصها الاتباع، اتبع لا تبتدع، اتضع لا ترتفع، الورع لا يتسع، الدعوة الخالصة أساسها الاتباع، وأما الدعوة إلى الذات فأساسها الابتداع، تبتدع لتقول للناس: ليس هناك غيري، تبتدع كي تنفرد، أما المؤمن لو جاء بالأحاديث الصحيحة المألوفة فالآخر يبحث عن أحاديث ضعيفة لكنها نادرة حتى يجذب الناس.
الدعوة الخالصة أساسها الاتباع، وأما الدعوة إلى الذات فأساسها الابتداع، الدعوة الخالصة أساسها التعاون، بينما الدعوة إلى الذات أساسها التنافس، لماذا؟ هذا المدعو في نظر الدعاة الصادقين طالب علم، أما هذا المدعو في نظر الدعاة المنتفعين من دعوتهم فزبون، ينشأ حالة اسمها بالعامي: عداوة كار، فالدعوة إلى الله الخالصة من خصائصها التعاون، أما تلك فأساسها التنافس، الدعوة الخالصة أساسها الاعتراف بالآخر، الله وفقني بالدعوة ووفق الآخرين أنا واحد من مجموع، أما الدعوة إلى الذات فأساسها إلغاء الآخر، لذلك قال تعالى:
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾
أنا أقول تعليقاً على هذه الآية: ما من عمل يتذبذب بين أن يكون أرقى عمل على الإطلاق يرقى إلى صنعة الأنبياء وبين أن يكون عملاً لا يستأهل إلا ابتسامة ساخرة، كالدعوة إلى الله. يرقى ليكون أعظم عمل لأنه من جنس صنعة الأنبياء، وحينما يرتزق الإنسان بالدعوة، ماذا قال الشافعي؟ " لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أرتزق بالدين ".
المذيع :
بالرقص؟
الدكتور راتب :
لأن أرتزق بالرقص أفضل من أرتزق بالدين، الداعية إلى الله يبذل لدعوته الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، أما الذي ينتفع بهذه الدعوة فهناك مشكلة كبيرة جداً.
المذيع :
شيخنا سواء بالعمل الفردي أو العمل الجماعي الذي يطمح أن يكون داعية إلى الله، أو من يعتبر أنه داعية إلى الله ويريد أن يطور نفسه ما هي القواعد التي لا بد لكل مسلم أن يتبعها حتى يكون داعياً ربانياً إلى الله عز وجل؟
القواعد التي لا بد لكل مسلم أن يتبعها حتى يكون داعياً ربانياً إلى الله :
الدكتور راتب :
يا سيدي من بديهيات الدعوة أن يكون لك علم قيّم، الدعوة علم، المسجد في الخطبة قد يأتي أستاذ جامعي، قد يأتي إنسان مثقف ثقافة عالية جداً، فإذا استمع إلى أشياء تناقض العلم تسقط الدعوة، مرة شيخ من الشيوخ وجد معظم المشايخ يتحدثون في الإعجاز العلمي قال: سأدلو بدلوي قال: يا بني صعدوا إلى الشمس، فأحد الطلاب قال: يا سيدي الشمس لسان اللهب طوله مليون كيلو متر، انحرج أمام أربعين أو خمسين شخصاً، قال له: صعدوا في الليل، فالدعوة إلى الله تحتاج إلى علم، والحقيقة الآن صعب جداً أن تقنع الناس بغير الحقيقة، صعب بل مستحيل لأن الثقافة معلومات بين أيدي الناس تحتاج إلى ضغظة إصبع فقط تصل إلى المعلومات الدقيقة جداً، فلا بد للداعية من أن يكون عالماً.
الشيء الثاني؛ هذا الداعية قد يكون عالم حقيقة، ومعه معلومات دقيقة جداً، معه أدلة قوية، ومعه أدلة عقلية ونقلية، وعلمية ونصية إلى آخره، لكن لو أن مواقفه العملية لم تكن في مستوى دعوته، سقطت دعوته، الآن الداعية أجزاء ثلاثة؛ جزء منه معلومات، فكر، عقائد ، إيديولوجيا، تحليلات دقيقة، أدلة قوية، نصوص، إلى آخره هذا جزء، الجزء الثاني مواقف يجب أن يقف مع الحق لا مع الباطل، يجب أن يقف مع المقتول لا مع القاتل، المواقف مهمة جداً وحينما يقف الداعية موقفاً لا يتماشى مع دعوته يسقط وتنتهي دعوته.
أول جزء في الداعية العلم، والثاني المواقف، الآن يوجد جزء ثالث: صحة تقييمه لما حوله، معلومات، مواقف، تقييم صحيح، فإذا قيّم الشيء الجيد تقييماً سيئاً والسيئ جيداً تنتهي دعوته أيضاً، ترفع بالإعزاز من كان جاهلاً وتخفض بالإذلال من كان يعقل، فما لم يكن التقييم صحيحاً، والمواقف بطولية، والمعلومات دقيقة، لن يكون داعية كما أراد الله للدعاة أن يكونوا.
المذيع :
لا شك ونحن في هذا العصر مع ضغوط الوقت والعمل سواء التجارة هل من الممكن فعلاً أن يكون الداعية منضبطاً أشدّ الانضباط بهذه الثلاثة؟ أن يحصّل مئة بالمئة من العلم ومئة بالمئة من المواقف البطولية ومئة بالمئة من التقييم الصحيح للواقع؟
الدعوة إلى الله تحتاج إلى مستويات عالية جداً :
الدكتور راتب :
والله الداعية يتكلم إذا كان في كلامه غلط فهناك مشكلة كبيرة، قد يكون هو أقل من مستوى كلامه، هذا يغفر الله له، أنا حينما أسأل عن شيء أعطي الجواب الكامل، ولو كنت لا سمح الله مقصراً في تطبيقه، عن قيام الليل مثلاً، في أيام الصيف مثلاً الفرق بين العشاء والفجر فرق بسيط جداً، الداعية لو أنه لم يصلّ قيام الليل وسئل عن قيام الليل يجب أن يقول أحقية قيام الليل، فالداعية يحتاج إلى أن يسدد ويقارب بين الواقع وبين ما ينبغي أن يكون.
أنا أقول دائماً: ما الفرق بين العلم و الفلسفة و الفن عندما قالوا: إن الإنتاج العقلي والشعوري للبشرية لا يزيد عن علم وفلسفة وفن؟ العلم البحث فيما هو كائن، هناك ظاهرة فلكية، ظاهرة جيولوجية، ظاهرة فيزيائية، ظاهرة كيميائية، والفلسفة ما ينبغي أن يكون ، ما هو كائن – علم- ما ينبغي أن يكون – فلسفة- ما هو ممتع – فن- فالداعية عندما يأخذ من العلم شيئاً ثميناً، ومن الفلسفة شيئاً ثميناً، ومن الفن فن الإلقاء- الإلقاء فن، المعالجة للأمور فن- ينجح في دعوته، أنا أذكر مرة كنت في أمريكا، وأمامي ثلاثمئة طبيب يحملون بورداً، وزوجاتهم بآخر المكان، جاء سؤال من إحدى الأخوات: أنا مسلمة وأنا طبيبة فحينما يمد إنسان أمريكي يده ليصافحني أمتنع عن مصافحته تطبيقاً لديني لكن هذا الامتناع يسبب لي حرجاً كبيراً، وكأن هذا الطبيب الأمريكي يفهما فهماً آخر، يفهمها جفوة وغلظة، فما الحل؟ طبعاً هناك جواب شرعي المصافحة لا تجوز وانتهى الموضوع، قلت لها: الملكة إليزابيث لا يصافحها إلا سبعة رجال من علية قومها لعلو مقامها في مجتمعها، والمرأة المسلمة ملكة أيضاً لا يصافحها إلا سبعة رجال من علية قومها لمكانتها في مجتمعها، فصفق الحاضرون جميعاً، أنت ممكن أن تعطي الجواب الشرعي، قد يكون جواباً دعوياً، نحن درسنا في الجامعة أصول التدريس، كان من بعض المراجع كتاب عن الفكاهة في التعليم، الفكاهة أحياناً تجدد نشاط المستمع، فالحقيقة الوسائل الحديثة في التدريس هذه يمكن أن تطبق في المساجد، أحياناً صاحب معمل يطلب منك موظفاً، فهو ناجح بعمله نجاحاً كبيراً، والدليل صار صاحب معمل، يريد أن يعطي هذا الموظف معاشاً قليلاً، ويتمتع بذكاء منقطع النظير، وفهم، وخبرة، أنا أضرب على ذلك مثلاً أن ملكاً دخل إلى بستان وجد صاحب البستان وضع حصاناً يدور حول الرحى، وقد عصب عينيه، ووضع الجلجل في رقبته، فالملك سأله أسئلة كثيرة قال: لم عصبت عيني الحصان؟ فأجاب صاحب البستان: لئلا يصاب بالدوار، هو في دوران مستمر، الجواب مقنع، قال: ولم وضعت في عنقه الجلجل – الجرس-؟ قال: إذا وقف أعلم أنه وقف، فالملك ذكي جداً قال له فإذا وقف وهز رأسه؟ قال له: وهل له عقل كعقلك؟ أحياناً يحتاج الداعية إلى ما يسمى بفن الكاريكاتير، الكاريكاتير صورة تستهلك في ثانية واحدة لو أردت أن تشرحها تحتاج إلى مئتي كلمة، أحياناً يوجد مواقف ذكية جداً في الدعوة، أي الداعية ينظر إلى الحاضرين أحياناً طرفة مهذبة جداً تجدد نشاطهم، أحياناً جواب فيه ذكاء بالغ جداً، أنت تلبي الحاجة للإجابة بطريقة غير مسؤول عنها، الحقيقة الدعوة تحتاج إلى مستويات عالية جداً.
المذيع :
شيخنا حتى نستغل الوقت وأنتم لك باع طويل في موضوع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ما هو دور الإعجاز العلمي في جلب الآخر إلى الدعوة الإسلامية؟
دور الإعجاز العلمي في جلب الآخر إلى الدعوة الإسلاميّة :
الدكتور راتب :
أنا أتصور أن أي نبي في الأرض إذا أتى إلى قومه وقال: أنا نبي من عند الله عز وجل، هناك من يكذبه، السبب معه منهج افعل ولا تفعل، فالذي ألف أن يفعل كل شيء بلا قيد ولا شرط يرفض دعوته، بل ويكذبه، فكيف يشهد الله لهذا النبي أنه نبيه؟ عن طريق المعجزات الحسية سابقاً، سيدنا إبراهيم وضع في النار فلم يحترق، وسيدنا موسى ضرب البحر فأصبح طريقاً يبساً، والنبي الذي أخرج الناقة من الجبل، هذه القصص معروفة كلها، هذه المعجزات الحسية التي جاء بها الأنبياء هي شهادة الله لأنبيائه بأنهم أنبياؤه، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لكل الأمم والشعوب، وبعثته آخر البعثات، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، وكتابه خاتم الكتب، فلا بد من معجزة تعد شهادة الله له أنه نبيه ورسوله، وهذه المعجزة يجب أن تكون مستمرة إلى نهاية الدوارن، ولن تكون مستمرة إلا إذا كانت علميّة من هنا كان الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، مثلاً رواد الفضاء صعدوا إلى القمر بعد حين صاح أحدهم: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً، ما الذي حصل؟ هذا الرائد وهو في المركبة كان هناك طبقة هواء، وهذه الطبقة تبلغ ستة وخمسين ألف كيلو متر، فلما تجاوز رواد الفضاء طبقة الهواء انعدم تناثر الضوء، ما التناثر؟ أشعة الشمس إذا سلطت على ذرات الهواء هذه الذرات تعكسها إلى ذرات أخرى، هذا اسمه انتثار الضوء، أنت قد تدخل إلى بيت في النهار ليس في البيت أشعة شمس لكن فيه ضوء الشمس، فلما تجاوز رواد الفضاء ستة وخمسين ألف كيلو متر، وانعدم الهواء انعدم تناثر الضوء فدخلوا في ظلام دامس، فصاح الرائد: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً. هذه قصة وقعت قبل خمس وعشرين سنة، أما أن تفتح القرآن الكريم الذي أنزل قبل ألف وأربعمئة سنة وتقرأ قوله تعالى:
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾
هذه آيات الإعجاز هذه تؤكد تأكيداً قطعياً لا مجال للشك فيه أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن.
بعد اكتشاف أشعة الليزر، أشعة الليزر أرسلت إلى القمر وعادت الإشارة، يمكن أن نحسب بعد من يمسك بهذا الجهاز عن القمر بالميلمتر، هذا إنجاز حضاري، هذا مع المهندسين، جهاز يكبس زراً يقول لك: ثمانية أمتار وعشرون سنتمتراً، يكون هذا الجهاز أطلق أشعة ليزر فلما اصطدمت بالطرف الآخر عادت يعطيك على الشاشة الدرجة، بعد اكتشاف هذه الأشعة قيس غور فلسطين بهذا الجهاز فكان أعمق نقطة على وجه الأرض قطعاً، والمعركة التي تمت بين الفرس والروم في غور فلسطين قال الله عز وجل:
﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ ﴾
سيدي الأرض كرة طبعاً لأنها كرة الخط على هذه الكرة إذا امتد كثيراً ينحني، قال تعالى:
﴿ وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾
ما قال بعيد، لأن الشكل كرة.
المذيع :
هذه الأمثلة وغيرها تبعث الشخص إلى التفكير حتى لو لم يكن يفكر بالإسلام، وكم كان الإعجاز العلمي سبباً في هداية الناس..
الدكتور راتب :
المكعب لو أنه يدور، وفي طرف من الأطراف منبع ضوئي، لأنه مكعب الضوء يأتي فجأة من حرفه، للمكعب أربعة حروف، لكن الله عز وجل قال على الأرض:
﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾
لا يتداخل النور مع الظلام على مجسم بطرفه منبع ضوئي إلا إذا كان كرة.
المذيع :
دليل على كروية الأرض.
الدكتور راتب :
﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾
يتداخل الضوء مع الظلام، وهذه فكرة المغرب مع العشاء، وأذان الفجر مع شروق الشمس، هاتان الفترتان من تداخل الليل مع النهار معنى هذا أن الأرض كرة، والأدلة كثيرة جداً.
ضوابط الإعجاز العلمي :
أنا أرى الآن أن الإعجاز العلمي بضوابطه، ما الضوابط؟ الضابط الأول أن تكون المقولة العلمية حقيقة مقطوع بها، لا يختلف عليها اثنان في الأرض، كأن تقول: المعادن تتمدد بالحرارة، هذا قانون هو حقيقة أو مقولة أو مقولتان، العلاقة بينهما علاقة قطعية، عندنا وهم يقدر بثلاثين بالمئة، وشك يقدر بخمسين بالمئة، وظن يقدر بتسعين بالمئة، وقطع مئة بالمئة، علاقة بين متغيرين، مقطوع بها، تطابق الواقع، عليها دليل، لو ألغيت الدليل أصبح تقليداً، ومع الأسف الشديد الله عز وجل لعظم هذا الدين لا يقبل عقيدة المسلم تقليداً، قال تعالى:
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
ما قال: فقل، لا يقبل الله عز وجل عقيدة ولو أنها صحيحة تقليداً، قال تعالى:
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
علاقة بين متغيرين مقطوع بها تطابق الواقع عليها دليل، لو ألغيت الدليل أصبح تقليداً، لو ألغينا التطابق مع الواقع لكان جهلاً، لو ألغينا القطع لكان وهماً أو شكاً أو ظناً، العلم علاقة بين متغيرين، مقطوع بها، تطابق الواقع، عليها دليل.
الحكمة من عدم شرح النبي الكريم لآيات الإعجاز العلمي :
الآن عندنا ألف وثلاثمئة آية بالضبط، تتحدث عن الكون وعن الإنسان، الحقيقة الدقيقة الدقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم في أي موضوع تعبدي، في أي موضوع فقهي، له مئات الأحاديث، والذي لا يصدق، الذي يدهشنا أنه لا يوجد حديث واحد في شرح هذه الآيات الكونية.
المذيع :
السبب؟
الدكتور راتب :
أنا أتصور اجتهاداً مني أنه توجيه من الله أو اجتهاد منه، ألا يتحدث عن هذه الآيات إطلاقاً، لأنه لو شرحها شرحاً مبسطاً في مستوى التطور العلمي في عصره لأنكرنا عليه الآن، ولو شرحها شرحاً عميقاً كما هي عليه الآن، لأنكر عليه أصحابه، كأن النبي صلى الله عليه وسلم إما وجه من قبل الله عز وجل، أو باجتهاد منه لم يشرح هذه الآيات، مرة قال لي أخ: هذا الكلام عليه إشكال، قلت له: تفضل، قال لي: العلم يتبدل فإذا ربطت آية بالعلم معنى ذلك عندما يتبدل العلم عندنا مشكلة، قلت له: لا ، قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاء ذَاتِ الرجع ﴾
في مرحلة من المراحل فهم الناس الرجع، أن بخار الماء يصعد من البحار إلى طبقات الجو، ويرجع مطراً، واضحة الآية؟ هذه آية علمية، قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاء ذَاتِ الرجع ﴾
ثم تطورت العلوم فصار عندنا موجة كهرطيسية، هذه إذا بثت إلى الفضاء الخارجي، اصطدمت بالأثير، فأعادها إلى الأرض، ولولا هذه الطبقة - طبقة الأثير - لما كان هناك بث تلفزيوني، وما كان هذا الدرس أساساً، ترسل هذه الموجة إلى الفضاء تصطدم بطبقة الأثير تعيدها إلى الأرض، ثم اكتشف أن في هذا الكون آلاف ملايين المجرات، وهذه المجرات نظامها أن كل كوكب أو كل نجم يدور حول كوكب آخر ويرجع إلى مكان انطلاقه النسبي، قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاء ذَاتِ الرجع ﴾
في الحقيقة لأن النبي خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعثته خاتمة البعثات، الآيات التي تزيد عن ألف وثلاثمئة آية فيها إشارات علمية، إشارات فقط، هذه الآيات ما كان أحد يعرفها قديماً، الآن هذه الآيات أكبر دليل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، مثلاً بعدما وضعت موازين للأمطار في العالم كله، فلو جمعنا التهطال المطري في سنة بأكملها جمعاً دقيقاً لفوجئنا:
(( ما عام بأمطر من عام ))
التوزيع مختلف، هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم، هذه حقيقة اكتشفت بعد وضع موازين للأمطار في أنحاء الأرض، فلو جمعت كل هذه الكميات نفاجأ أن هذا الرقم ثابت في كل عام.
المذيع :
فاصل قصير ونعود ..
(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشاهدينا الكرام في لقاء الثلاثاء، كنا نتحدث مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي عن معالم على طريق الدعوة، ووصلنا إلى فقرة الأسئلة على الفيس بوك، لدينا سؤال من الأخ عمر يقول: ما هي أكبر العقبات التي واجهتك كداعية على مدى الأربعين سنة كداعية إلى الله عز وجل؟
العقبات التي تواجه الداعية أثناء دعوته إلى الله :
الدكتور راتب :
و الله دائماً الداعية عليه ضغوط من أطراف متعددة، لكن المشكلة من أطراف متعاكسة، فإذا جاء ضغطان قويان من طرفين متعاكسين رق الداعية، المجتمع يطالبك بشي والأقوياء لهم طلبات معينة، فالتوفيق بين طليات الجماهير وطلبات الأقوياء يحتاج إلى حكمة بالغة، وإلى حنكة بالغة، وإلى قدرة على التوفيق بين متطلبات متعاكسة، طبعاً هذه مشكلة تواجه الدعاة كلهم، دائماً القوي له رغبة أن يكون الداعية بوقاً له، بينما الداعية الذي يرضى لنفسه هذه المهمة انتهت دعوته كلياً، فكيف يحاول أن يستمر في دعوته، وينطق بالحق الصرف دون أن يصل لدرجة أن تلغى دعوته؟ هذا عمل صعب جداً، فلا بد من مناورات ذكية جداً، ومن إقناعات أيضاً ذكية، ومن تطمين الطرفين معاً، طبعاً هذه مشكلة، كان من الممكن - وكلامي دقيق جداً- أن يضع الله الكفار في كوكب آخر، فتنعدم المشاكل عندنا، أو في قارة أخرى، قارة معينة للكفار، أو في حقبة أخرى، إما بكوكب، أو بقارة، أو بحقبة، لكن القرار الإلهي أراد الله أن يعيش المؤمنون مع الطرف الآخر، في وقت واحد وفي مكان واحد لماذا؟ لأن الحق لا يقوى إلا بالتحدي، ولأن أصحاب الحق لا يستحقون الجنة إلا بالبذل والتضحية، قال تعالى:
﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾
ثم يقول الله عز وجل:
﴿ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ﴾
هناك ضغوط متعاكسة، هذه الضغوط تحتاج إلى حنكة بالغة، وإلى توفيق إلهي في أن ترضي الطرفين معاً دون أن تخسر دعوتك، هذه واحدة.
المذيع :
شيخنا الأخ أحمد يتكلم أن بعض الدعاة يحب كما تكلمت أن يخرج إلى التلفزيون ويخرج إلى المكان الذي فيه مصلحة ويستغل موضوع الدعوة إلى الله بهذه الطريقة.
انتشار الدعوة عبر الرائي إن كان سالكاً وفق منهج الله لا شيء عليه :
الدكتور راتب :
إذا كان طريق الانتشار، انتشار الدعوة طبعاً عن طريق الرائي تنتشر انتشاراً سريعاً، أنا سافرت إلى كندا كأني في الشام، إلى البرازيل كأني في الشام، إلى السويد كأني في الشام، فهذا الفضاء الخارجي، وهذه القنوات الفضائية، وهذا الانترنيت، يجعل الدعوة تنتشر على مستوى العالم.
أنا أقول دائماً: إذا كان طريق النجاح في الدعوة - إذا اعتبرنا أحد أسباب نجاح انتشار الدعوة أن تنتشر عبر الرائي والأجهزة الحديثة- المنتشرة بهذه الأجهزة سالكاً وفق منهج الله، لم يطلب منك شيء، ولم يطلب له ثمن إطلاقاً، أنا أرحب بها أما إذا كان انتشار الدعوة على حساب مبادئك وقيمك، فأن تبقى محدود الشهرة وسام شرف لك.
المذيع :
دكتور أنا أختم هذا السؤال ويحتاج الوقت الكثير ولكن بقي معنا دقيقة، أخت تقول: في هذه الحياة الظالم يستبد بظلمه ويزدد الفقير فقراً وجوعاً وظلماً في ظلّ هذه المعادلة، والإنسان ليس له حول ولا قوة كيف نزيد ثقتنا بالله؟
الحكمة من أن دورة الحق والباطل أطول من دورة عمر الإنسان :
الدكتور راتب :
شاءت حكمة الله أن تكون دورة الحق والباطل أطول من دورة عمر الإنسان، والجواب الشافي القرآني، قال تعالى:
﴿ وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾
إذا كان لا يتاح للنبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق وحبيب الحق أن يرى نتائج الظالمين، نحن من باب أولى ألا نراها، دورة الحق والباطل أطول من عمر الإنسان، إذا إنسان فرضاً رمضان يأتي في الصيف الحار كل ست وثلاثين سنة مرة، إذا كان عمره عشرين سنة قد لا يتاح له أن يراه مرتين، الحق له دورة والباطل كذلك، أنا باعتقادي هذه الدورة أطول من عمر الإنسان، قد لا يتاح لنا أن نرى مصير الظالمين، لكن نحن أخبرنا الله بذلك، بالمناسبة لا تستطيع إثبات عدل الله بعقلك إلا بحالة مستحيلة أن يكون لك علم كعلمه، ولكن عدل الله أخبرك الله به، عندنا يقين حسي، ويقين عقلي، ويقين إخباري، إذاً هناك قضايا كثيرة - عالم الأزل، الماضي السحيق، المستقبل البعيد، الذات الإلهية- أخبرنا الله بها، أنأ أصدق ما أخبرنا الله به، هذه القضايا لا تخضع للنقاش مع غير المسلمين إطلاقاً، هل عندك الدليل على وجود الجن مثلاً؟ هذه قضية إخبارية، والقضايا الإخبارية قيمتها بقيمة المخبر هو الله عز وجل، لهذا قال الله عز وجل:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾
والله نحن ما شاهدنا شيئاً، ولا النبي صلى الله عليه وسلم شاهد، قال: يجب أن تأخذ إخبار الله وكأنك تراه، المخبر هو الله، فهذه القضية جوابها: قد تكون الدورة أطول من عمر الإنسان.
خاتمة و توديع :
المذيع :
مشاهدينا الكرام؛ نتأسف أننا وصلنا إلى نهاية لقاء الثلاثاء، في هذا الأسبوع كان معنا فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، الداعية إلى الله عز وجل، والعامل في مجال التربية والدعوة منذ أكثر من أربعين عاماً.
مشاهدينا الكرام وصلنا إلى نهاية حلقتنا، نستودع الله دينكم وخواتيم أعمالكم، كان محدثكم يوسف جميل القرشي لكم منه أفضل التحية، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .