الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدهِ الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلن تجد له ولياً مُرشداً، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمَن جَحَدَ به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمِعَت أُذنٌ بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأهل بيته الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُر الميامين، أُمناء دعوته وقادة أَلويته وارضَ عنّا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعِلم، ومن وحول الشهوات إلى جنَّات القُربات.
أيُّها الإخوة الكرام: مع خُطبةٍ من خُطب المناسبات، مناسبة الهجرة، هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكَّة إلى المدينة، ومألوفٌ جداً أن نُعدِّد وقائع الهجرة، وهذا الموضوع يتكرر من ألفٍ وأربعمئة عام، ولكن المغزى من الهجرة أنها أولاً: الهجرة انتقالٌ من مكانٍ إلى مكان أي حركة، الهجرة حركة، والإسلام حركة، ليس هناك إسلامٌ سكوني، أي قابعٌ في البيت لا يفعل شيئاً، مُعجَبٌ بهذا الدين العظيم، بهذا الشرع الحكيم، بهذا الخالق جلَّ جلاله، لا يُقدِّم ولا يؤخِّر، ولا يقطع ولا يصِل، ولا يُعطي ولا يمنع، هذا النموذج، نموذج المسلم السكوني القابع في بيته الذي لا يفعل شيئاً، وينتظر من الله معجزةً كي تُنقِذ المسلمين مما هُم فيه، هذا النموذج مرفوضٌ في ذكرى الهجرة، الهجرة انتقال، حركة، الإسلام حركة، ما إن تستقر حقيقة الإيمان في قلب المؤمن، إلا وتُعبِّر عن ذاتها بحركةٍ، قد تنتقل من مكانٍ إلى مكان، من موقفٍ إلى موقف، من نوعٍ من الأصدقاء إلى نوعٍ من الأصدقاء، لابُدَّ من أن تتحرك لأنَّ الله عزَّ وجل يقول:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72)﴾
الواقع الإسلامي مؤلمٌ جداً:
ما لم تأخذ موقفاً، ما لم تصِل لله، ما لم تقطع لله، ما لم ترضَ لله، ما لم تغضب لله، ما لم تُعطِ لله، ما لم تمنع لله، ما لم تقل لا بملء فمك لشيءٍ خالف منهج الله، ما لم تقل نعم لشيءٍ تكرهه إذا وافق منهج الله، ما لم تتحرك، ما لم تأخذ موقفاً، فنحن كمسلمين بعيدون بُعد الأرض عن السماء عن معنى الهجرة، كفانا احتفالاً، وتذكيراً، وإلقاء كلماتٍ وخُطَب، هناك حقائقٌ ما لم ننتبه إليها واقعنا لا يتغير، واقع المسلمين لا يُحسدون عليه.
حذاءٌ ضُربَ به زعيم دولةٍ عُظمى، العالم الإسلامي من شدّة الضغوط التي ألمَّت به، من شدّة القهر، يعني الإجماع على تأكيد هذا العمل يفوق حدّ الخيال، من كل أطياف المسلمين، من كل ألوانهم، السبب هو القهر، بلادٌ محتلة، ثرواتٌ منهوبة، شبابٌ يقتلون في خمس دولٍ إسلامية.
فيا أيُّها الإخوة: الواقع مؤلمٌ جداً، والحقيقة المُرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، لكن ما لم نفهم الهجرة على أنها حركة، على أنها موقف، على أنها تجديد لحياتك، لك مجموعة أصدقاء حديثهم لا يُرضي الله، من معاني الهجرة أن تدَعَهم إلى أصدقاءٍ مؤمنين، من معاني الهجرة أن تدَعَ سهرةً لا تُرضي الله إلى مجلس عِلمٍ يُرضي الله، من علامات الهجرة أن تدَع حرفةً فيها أذى للمسلمين ولها دخلٌ فلكي، إلى حرفةٍ تُرضي الله ورسوله، الهجرة حركة، ما لم تُعطِ لله، ما لم تمنع لله، ما لم ترضَ لله، ما لم تغضب لله، ما لم تصِل لله، ما لم تقطع لله، فنحن بعيدون بعد الأرض عن السماء عن معنى الهجرة.
2 ـ الإعجاب السلبي بهذا الدين لا قيمة له إطلاقاً:
أيُّها الإخوة: شيءٌ آخر، هل من مسلمٍ على وجه الأرض في القارات الخمس، إلا وهو معجبٌ بهذا الدين، والإعجاب السلبي لا قيمة له إطلاقاً، جميعنا مُعجبون نُثني على هذا الدين العظيم، على نبينا صلى الله عليه وسلم، على هذا القرآن الكريم، أين هو من حياتنا؟
أيُّها الإخوة: ما الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام؟ بعد أن عرَّف أصحابه بالله عزَّ وجل جاء بمنهجٍ، فلمّا طبَّقوه فتحوا الأرض، إذاً ما الذي يُعيقُنا عن أن نستعيد ماضينا؟ هو العمل، أصحاب رسول الله عملوا ولم يتكلموا، نحن نتكلم ولا نعمل، كما ترون.
أيُّها الإخوة الكرام: مثلاً، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( مَن ماتَ ولم يغزُ ولم يحدِّث نَفسَهُ بالغَزوِ ماتَ علَى شُعبةٍ من نفاقٍ ))
[ أخرجه مسلم وأبو داوود ]
لو حدَّثت نفسك بالغزو، لو جهزت غازياً، لو خلفت غازياً في أهل بيته، لو دعوت للغازين في سبيل الله، لو بكيت، هذا موقف، أمّا لا يعنيك ما يجري حولك، حولك أُناسٌ يموتون من الجوع لأنهم مسلمون، حولك أُناسٌ تسيل دماؤهم لفتنٍ افتُعِلت في بلادهم.
الإيمان من دون عمل ليس له قيمة إطلاقاً:
أيُّها الإخوة الكرام: الإيمان عمل، والآية الكريمة التي تكررت مئتي مرة:
﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(25)﴾
أي الإيمان من دون عملٍ ليس له قيمة إطلاقاً، تماماً كما لو قلت وأنت فرِح أنَّ الشمس ساطعة، هي ساطعة والذي يقول خلاف ذلك يُتَّهم بعقله، وأنت إذا قلت ساطعة ما فعلت شيئاً، ما قدَّمت جديداً، لكن لو أن إنساناً مُصاباً بمرضٍ جلدي، علاجه الوحيد أن يتعرض لأشعة الشمس، لو قال هي ساطعة، هي نافعة، هي مفيدة، هي رائعة، كلامٌ لا يُقدِّم ولا يؤخِّر، ما لم تتعرض لأشعة الشمس، فإيمانك بأنَّ الشمس ساطعة لا قيمة له، والدليل قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)﴾
التوحيد أخطر شيء في الدين:
كأنَّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يُلخِّص القرآن كله (يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ) هذا التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد (يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ) .
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)﴾
الله عزَّ وجل أراد أن يُلخِّص القرآن الكريم كله بكلمتين: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) لا يكفي: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً) وأقول لكم دائماً أيُّها الإخوة، أنت كإنسان مجبولٌ على حُبّ وجودك، وعلى حُبّ سلامة وجودك، وعلى حُبّ كمال وجودك، وعلى حُبّ استمرار وجودك، سلامة وجودك بطاعة الله، وكمال وجودك بالعمل الصالح، واستمرار وجودك بتربية أولادك.
أيُّها الإخوة: الجهاد كلمةٌ رنَّانة يترنم بها المسلمون، وحينما نلفظ كلمة الجهاد، يقفز إلى الذهن فجأةً الجهاد القتالي، أيُّها الإخوة، صدِّقوا قبل الجهاد القتالي هناك أنواعٌ من الجهاد، جهاد النفس والهوى كما قال بعض الصحابة: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، جهاد النفس والهوى" هذا جهادٌ بينك وبين الله.
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)﴾
حينما تضبط دخلك أنت مُجاهد، حينما تعفُّ عن مالٍ حرام أنت مُجاهد، حينما تغض البصر عن امرأةٍ لا تحلُّ لكَ أنت مُجاهد، حينما ترضى بدخلٍ قليلٍ حلال وتركُل بقدمك دخلاً كبيراً حراماً أنت مُجاهد، هذا جهاد النفس والهوى، هذا هو التعليم الأساسي، لا يُعقَل أن تُقدِّم طلباً لأداء امتحان الشهادة الثانوية ولا تحمل إعدادية ولا ابتدائية مستحيل، التعليم الأساسي جهاد النفس والهوى.
بعد جهاد النفس والهوى الجهاد الدعوي، قال تعالى:
﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)﴾
أن تعرف الله، أو أن تُعرِّف بالله، أن تفهم القرآن أو أن تُعلِّم القرآن، هذا جهاد وسمّاه الله جهاداً كبيراً، الجهاد النفسي قبل الجهاد القتالي، والجهاد الدعوي قبل الجهاد القتالي.
والجهاد البنائي:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)﴾
أنا اطلعتُ على إحصاءٍ دقيقٍ جداً، أنَّ المواطن في بعض الدوَل النامية يعمل سبعاً وعشرين دقيقةً في اليوم عملاً مُركّزاً، وفي دولٍ عملاقة متقدمة جداً يعمل المواطن ثماني ساعات، أنا لا أُصدِّق بالمعايير الاقتصادية، أنَّ أمةً يعمل أفرادها سبعٍ وعشرين دقيقة ينتصرون على أُمةٍ يعمل أفرادها ثماني ساعات، هذا جهاد بنائي، تطوير العمل، تحسين الدخل، إتقان الصناعة، حلّ مشكلاتنا البيئية، مشكلات السكن، تزويج الشباب.
هناك مشكلة كبيرة أيُّها الإخوة، نحن أُمة الوحيَين، رائع، معنا وحي السماء، رائع، ولكن عندنا نِسَب بطالةٍ عاليةٍ جداً، نِسَب فَقرٍ عاليةٍ جداً، نِسَب أُميةٍ عاليةٍ جداً، نِسَب عنوسةٍ عاليةٍ جداً، نحن على رأس قائمة المستوردين وفي أسفل قائمة المُصدِّرين، بأسُنا بيننا، سلمُنا لأعدائنا، هذه تمنع الناس عن فهم ديننا، لذلك قال بعضهم كلمةً رائعة: الإسلامُ محجوبٌ عن العالَم بالمسلمين، تماماً كما لو رأيت إنساناً من دينٍ أرضي، بوذي مثلاً، جالس على طرف الطريق شبه عارٍ، قميء، قذِر، أظافره طويلة، يتسوَّل، هل تُفكِّر في لحظةٍ في حياتك أن تقرأ كتاباً عن البوذية؟ هذا الإنسان حجبكَ عن دينه، والمسلم المُقصِّر حجَبَ عن دينه، الذي لا يؤدّي عمله صحيحاً حجَبَ عن دينه، حجَبَ عن إسلامه، الإسلامُ محجوبٌ بالمسلمين، هذا الجهاد الثالث جهاد بنائي، أتقِن عملك، حُل مشكلة مَن حولَك، هيئ فرصاً صحيحة.
لذلك المجتمعات التي توصَف بالمتفوقة فيها تكافؤ فُرص، فيها عدالة، فيها نظام، فيها حرية، هذه كلها من عوامل القوة، فإذا نجحنا في الجهاد النفسي، وفي الجهاد الدعوي، وفي الجهاد البنائي، الآن اسمعوا هذه الكلمة: يُنتظَر أن ننجح في الجهاد القتالي، هذا متى يأتي؟ بعد جهادٍ نفسي، جهادٍ دعوي، جهادٍ بنائي، بعدئذٍ يأتي الجهاد القتالي.
المعاصي و الآثام تُبعِد الإنسان عن النصر:
فالهجرة حركة، ما لم تضع برنامج عملٍ جديد، ما لم تضع برنامج لحياتك مبني على منهج الله، ما لم تصِل لله، ما لم تقطع لله، ما لم ترضَ لله، ما لم تمنع لله، ما لم تختر زوجةً صالحةً مؤمنةً، لا تؤخَذ بجمال المرأة المُتفلِّتة، ما لم تختر حرفةً شريفةً ترقى بها عند الله، ما لم تختر صديقاً مؤمناً صالحاً ينصحك وتنصحه، الإسلام حركة، أمّا المسلم يفعل ما يشاء، يُعطي نفسه كل ما يشتهي، ويتمنَّى على الله أن ينصرنا، شيءٌ مضحك! صحابة رسول الله في أُحُد، عَصوا أمر النبي الكريم فلم ينتصروا وفيهم رسول الله، وقال بعض كُتَّاب السيرة: لو أنهم انتصروا لسقطت طاعة رسول الله، وفي حُنَين وقعوا في شركٍ خفي.
(( أنَّ رجلًا قال يومَ حنينٍ : لن نُغلبَ اليومَ من قِلَّةٍ، فشقَّ ذلك على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ))
[ أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ]
وفيهم رسول الله لم ينتصروا، ولو انتصروا لسقط التوحيد، فإذا كان هناك معاصٍ لا تُعدّ ولا تُحصى، وشركٍ لا يُعدّ ولا يُحصى، أنّى لنا أن ننتصر.
مادامت سُنَّة النبي الكريم مطبقة في حياتنا فنحن في مأمن من عذاب الله تعالى:
أيُّها الإخوة: إذا كان من معنىً دقيقٍ للهجرة هو أن نُطبِّق منهج رسول الله:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾
ما دامت سُنَّته مُطبَّقةً في حياتهم هُم في مأمنٍ من عذاب الله، هذا الكلام أقوله لكم على مستوى الأمة، وعلى مستوى الفرد، يعني لو أنَّ شخصاً قال: أنا ما بيَدي شيء، أنصح الناس ولا ينصاعون لي ماذا أفعل؟ لك معاملةً خاصة:
﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)﴾
(( كنتُ رَدِيفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على حمارٍ، فقال لي: يا مُعاذُ، أتدري ما حَقُّ اللهِ على العِبادِ، وما حَقُّ العِبادِ على اللهِ؟ قُلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، قال: حَقُّ اللهِ على العِبادِ أن يَعبُدوه ولا يُشرِكوا به شَيئًا، وحَقُّ العِبادِ على اللهِ ألَّا يُعَذِّبَ مَن لا يُشرِكُ به شيئًا ))
اسمعوا أيُّها الشباب، فلمّا سأله النبي الكريم: (ما حَقُّ العِبادِ على اللهِ؟) هذا كلام رسول الله:
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3)﴾
قال له النبي الكريم: (حَقُّ العِبادِ على اللهِ ألَّا يُعَذِّبَ مَن لا يُشرِكُ به شيئًا) أنشأ الله لنا حقَّاً عليه:
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)﴾
استقم ولا تُحصِ الخيرات.
الاستقامة سبيل الإنسان للنصر:
جاء في بعض الأحاديث الشريفة:
(( استَقيموا ولَن تُحصوا واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ ))
[ صحيح ابن ماجه عن ثوبان ]
﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2)﴾
أنا أُخاطب كل إنسانٍ أمامه مشكلة، عنده عقبة، عقبة زواج، عقبة بيت، عقبة عمل، هناك شخصٌ يناصبه العِداء: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) ، (استقيموا ولن تحصوا) ، (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ)
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)﴾
4 ـ من معاني الهجرة أيضاً أن تدَع المعصية:
أيُّها الإخوة الكرام: لذلك من معاني الهجرة أن نُجاهد جهاداً نفسياً، وجهاداً دعوياً، وجهاداً بنائياً، وجهاداً قتالياً، هذا من معاني الهجرة.
أول معنى: حركة.
المعنى الثاني: الإعجاب السلبي لا قيمة له في الإسلام إطلاقاً.
المعنى الثالث: الجهاد بمعانيه المُتعددة، هل تُصدِّق أنَّ هناك معنى سلبي بسيط جداً:
(( المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه ))
من معاني الهجرة أن تدَع المعصية، أن تدَع صديق سوء، أن تدَع مالاً حراماً، أن تدَع حرفةً مشبوهةً، أن تدَع علاقةً لا ترضي الله: (والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه) فأنت مهاجر.
العبادة في الفِتن كهجرةٍ إلى النبي عليه الصلاة والسلام:
أيُّها الإخوة الكرام: ولا تنسوا:
(( العِبادةُ في الهرَجِ كالهِجرةِ إليَّ ))
العبادة في الفِتن:
(( صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا ))
[ صحيح مسلم ]
يملأنَ الشوارع والطُرقات، كاسية ترتدي ثياباً لكنها ثيابٌ فاضحة كأنها عارية، إمّا ضيّقة أو شفافة (نِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ) ، (العِبادةُ في الهرَجِ كالهِجرةِ إليَّ) .
(( إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟! قَالَ : بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ، وفي روايةٍ: تجدون على الخير أعواناً، ولايجدون على الخير أعواناً ))
[ رواه أبو داوود والترمذي وابن حبان وابن ماجه ]
أيُّها الشاب: لا تنسَ أنك إذا استقمت على أمر الله في الزمن الصعب، في زمن الفِتن، أينما تحركت تجد المعصية على قارعة الطريق، في المجلة، في الجريدة، في الإنترنت، في الفضائية، في الطريق، في الأسواق (العِبادةُ في الهرَجِ كالهِجرةِ إليَّ) .
باب الهجرة مفتوحٌ على مصراعيه:
الهجرة من مكَّة إلى المدينة أُغلق بعد الفتح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(( سُئِلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الهِجْرَةِ، فَقالَ: لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا ))
ولكن الهجرة مفتوحةٌ أبوابها على مصارعها إلى يوم القيامة، بين كل مدينتين تُشبهان مكَّة والمدينة، يعني بلدةٌ لا تستطيع أن تُقيم شرع الله فيها لكن الدخل فلكي، والفِتن على قارعة الطريق، مصير أولادك مجهول، في الأعمّ الأغلب معظمهم سينحرفون، يجب أن تهاجر من هذه البلاد الغنية ذات الدخل الكبير، إلى بلادٍ يعاني منها شعبها ما يعاني، ولكن تضمن فيه دين أولادك.
من ضعفت نفسه أمام الفِتن أو مُنع من عبادة الله فعليه الهجرة فوراً:
أيُّها الإخوة الكرام: دقّقوا في هذه الآيات، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)﴾
قال بعض العلماء: معنى مُستضعف، أنه ضعُفت نفسه أمام الفِتن عن أن يستقيم على أمر الله، ومعنىً آخر قُهِر مُنِع من أن يعبد الله، إمّا معنى قمعي أو معنى إغرائي (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) .
كنت مرة في لوس أنجلوس أُلقي محاضرةً في مؤتمر إسلامي، وبعد انتهاء المحاضرة اقترَبَت منّي امرأةٌ مُحجبة، قالت لي: أنا أخت فلان - فلان صديقي- فإذا هي تنفجر بالبكاء، قلت: لِمَ؟ قالت: ماذا أقول لك؟ ابنتي راقصة و ابني مُلحد، يوجد ثمنٌ باهظ.
من أراد إنفاذ أمر فعليه تدبر عاقبته:
والله أيُّها الإخوة: أعرف أُناساً لا يقبل أولادهم أن يعودوا إلى بلدهم الأم أبداً، ولا زيارة، أُمم متخلِّفة، عندما ينسلخ الشاب من دينه، من أمته، من قرآنه، من نبيِّه، لا خير فيه، لذلك إذا أردت إنفاذ أمرٍ تدبَّر عاقبته، والله عندما ألتقي مع إخوةٍ أقاموا إقامةً دائمة في بلاد الغرب، وأسألهم عن أولادهم، كأنك طعنتهم بخنجر، مرةً كنت في مؤتمرٍ، قام أحد العُلماء وقال: إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك مسلماً فلا يجوز أن تبقى في هذه البلاد.
عُقِد مؤتمرٌ طبّي والمؤتمرون جميعاً من أمريكا، أحدهم زوَّج ابنته في دمشق ودعاني إلى عقد قِرانها، ألقيت كلمةً وذكرت فيها هذا القول، بعد أن انتهت المحاضرة، تقدَّم منّي طبيبٌ ودمعةٌ على خدّه، قلت له خيراً إن شاء الله؟ قال لي: أنت تقول: ابن ابن ابني! أنا ابني غير مسلم، فهناك مشكلة.
على الإنسان أن يبحث عن مكانٍ يعبُد الله فيه و يقيم شعائره و يربّي أولاده:
أيُّها الإخوة الكرام: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) المعاصي على قارعة الطريق، يمكن أن يقع الإنسان في الفاحشة بأقل ثمن، بأهوَن سبب، قالوا: (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) هذه الهجرة، من بلدٍ فيه دخلٌ كبيرٌ فلكي، بلادٌ جميلةٌ آمنة، إلى بلدٍ نامٍ فيه متاعب، أزمة سكن على أزمة عمل، هكذا البلاد النامية جميعاً (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) .
هل نقوى على تحمُّل هذه الآية؟ (فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) ينبغي أن تبحث عن مكانٍ تعبُد الله فيه، ينبغي أن تبحث عن مكانٍ تُقيم شعائر الله فيه، ينبغي أن تبحث عن مكانٍ تستطيع أن تُربّي أولادك فيه.
على الإنسان أن يأخذ بالأسباب و كأنها كل شيء ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء:
أيُّها الإخوة: شيءٌ آخر، النبي حينما هاجر، سؤال كيف انتقل من مكَّة المُكرَّمة إلى الأقصى؟ بلمح البصر، وبعدها إلى السماء، أليس الله قادراً أن ينقله نقلةً سريعةً كما نقله إلى المسجد الأقصى بلمح البصر؟ لماذا ذهب مساحلاً وأقام في غار ثور أياماً ثلاثة؟ وهيأ مَن يأتيه بالأخبار، مَن يأتيه بالزاد، مَن يمحو الآثار، استأجر خبيراً في الطريق رجَّح فيه الخبرة على الولاء، لِمَ كل هذه الأسباب؟ يُعلِّمنا أن نأخذ بالأسباب كأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، هذا درس، هو سيد الخلق وحبيب الحق.
أول إنسانٍ في الأرض يستحق النصر ومع ذلك أخذ بالأسباب، لو سألت المسلمين اليوم ماذا فعلت من أجل أن تنتصر؟ لا شيء، لا يوجد حركة إطلاقاً، فقط انتظار معجزة، شيءٌ مضحك! لابُدَّ من أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء.
أيُّها الإخوة الكرام: هذه بعض معاني الهجرة، الهجرة لا تحتاج لا إلى إلقاء كلمات، ولا إلى احتفالات، ولا إلى زينة، لا يوجد مانع لو أنك زيَّنت، لو احتفلت لا يوجد مانع، لكن لا تحتاج إلى كل هذا، تحتاج إلى تطبيق منهج رسول الله (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) .
أيُّها الإخوة الكرام: حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن تُوزن عليكم، واعلموا أنَّ مَلَك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيِّس من دان نفسه وعمل لِمَا بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني، والحمد لله ربّ العالمين.
الحمد لله ربّ العالمين، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
على الإنسان ألا ينقل أي خبر يصله دون تدقيقٍ و تمحيص:
إخوانا الكرام: وصل إلى علمي أنه من حينٍ لآخر، نُفاجأ برسالةٍ في البريد الإلكتروني، أنهم اكتشفوا جهازاً ينقل ذبذبات النبات، فلما استطاعوا تحويل هذه الذبذبات إلى كلمات، الكلمة على الشاشة كانت الله أكبر، هذه فريةٌ وضعها مُلحِد ليضحك على المسلمين، والله من حينٍ لآخر تقريباً بالأسبوعين، بالشهر، يظهر على قلب إنسان كلمة الله، أو على خلية نحل كلمة الله، أو غابة لا إله إلا الله، والله كل هذا ليس له أثر، بيل غيتس أسلم، وأنت كمسلمٍ عندك نيةٌ طيبة من فرحك لهذا الخبر تنقله، لما ينتشر انتشاراً كبيراً يأتي نقض الخبر فتقع بإحباطٍ شديد، أرجوكم لا تستعجلوا بنقل أي شيء يصلكم من دون تدقيق، من دون تمحيص، أنا أعرف دعاة والله كبار تورطوا فقالوا بيل غيتس أسلم، لم يُسلم إطلاقاً، إحباط، يُعطيك خبراً ساراً، هناك إنجاز، ثم يظهر أنَّ هذا الخبر غير صحيح، إحباطٌ مع إحباط يؤدّي إلى إحباطٍ مُستمر، فإسلامنا لا يحتاج إلى هذه الإنجازات إطلاقاً.
أذكُر عالِماً من علماء دمشق سافر إلى أمريكا، والتقى مع عالِمٍ أمريكي أسلم هناك، فجاء موضوع لحم الخنزير، فهذا العالِم الدمشقي تكلَّم ساعة عن أضرار لحم الخنزير، وعن الدودة الشريطية، وعن وعن... فقال له الأمريكي: كان يكفيك أن تقول لي: إنَّ الله حرَّمه فقط.
علة أي أمرٍ أنه أمرٌ إلهي:
علة أي أمرٍ أنه أمرٌ إلهي، فأنا لا أُريد أن أنكر شيئاً علمياً، العلم ضروري، لكن لا تعتقد بكل شيءٍ تسمعه، بالذبذبات، بالتصوير الإلكتروني، ظهرت قضية توافق آية، هذا الشخص الذي أرسل لي البريد، الذي سطَّر هذا التقرير مُلحِد، يضعه في موقعٍ إسلامي، ينتشر وبعد شهرين أو ثلاثة يكون قد نُقل إلى خمسمئة ألف إنسان، يظهر بموقع بأن هذا كذب، وهو الذي عمله.
قبل فترةٍ إنسانة داست على القرآن فمُسِخت إلى قرد، عرضوها صورة مؤثِّرة جداً، تبيَّن أنَّ الذي روَّج القصة على الكومبيوتر، أحضر رأس امرأة وشكل قرد، قصة مفتعلة، يضحكون علينا، نحن معنا القرآن الكريم، معنا السُنَّة المُطهَّرة، لا نحتاج إلى هذه الصرعات أُسمّيها الآن، أنا لست ضد العِلم، ولكن أخاف أن تكون القضية مفتعلة، إن لم يكن لديك القُدرة لتناقشها لا تُروِّج، اسأل قبل أن تُروِّج، هذه نصيحةٌ أُسديها لكم، لأنَّ الموضوع الذي اطلعتُ عليه اليوم، فيه عشرة أمثلة كلها دقيقة جداً، كلها من هذا القبيل، الذين روَّجوها ليسوا مسلمين أصلاً بل مُلحدين، لكن من أجل أن يستهزؤوا بنا.
اللهم اهدِنا فيمن هديت، وعافِنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن تولَّيت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقِنا واصرف عنّا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم هبّ لنا عملاً صالحاً يُقرِّبُنا إليك.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهنا، آثرنا ولا تؤثِر علينا، ارضنا وارضَ عنّا، اقسِم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تُبلِّغنا بها جنَّتك، ومن اليقين ما تُهوِّن به علينا مصائب الدنيا، ومتِّعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوُّتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منّا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصُرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همِّنا، ولا مبلغ علمنا، وصلى الله على سيدنا محمدٍ النبي الأُمي وعلى آله وصحبه وسلَّم.
اللهم وفِّق ولاة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، إلى ما تُحبه وترضى، واجمع بينهم على خير، ألهمهم الرشاد والسداد يا ربّ العالمين، إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير.
الملف مدقق