وضع داكن
20-04-2024
Logo
مختلفة لسورية الفضائية - الندوة : 02 - رمضان.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 ـ المقدم: في هذا الشهر الفضيل الشهر المبارك شهر رمضان تتحدث مع ضيفين كريمين، مع الأستاذ راتب النابلسي ومن والدكتور محمد الزحيلي، أهلاً ومرحباً بكما، الحديث سيكون حول رمضان كعبادة رمضان كفريضة، رمضان كخلق اجتماعي وخلق سلوكي وخلق إنساني نبدأ بموضوع، وأرمي هذا الموضوع في الهواء وتلتقطوه بالطريقة التي تشاؤون، أهلاً وسهلاً بكم، رمضان يقال أنه توقف عن الطعام والشراب من فترة إلى فترة، معروف أن رمضان والصيام ليس هذا فقط وإنما هناك أبعاد لرمضان صيام عن قضايا كثيرة، الموضوع مفتوح ونأمل منكم تعليق على هذا الموضوع.
ـ الأستاذ راتب:
 الصيام ترك الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الشمس إلى غياب الشمس بنية العبادة، ولكن الله سبحانه وتعالى حينما أمرنا أن ندع المباحات والطعام الشراب مباح، حينما أمرنا أن ندع المباحات أراد من ذلك أن نتوصل إلى ترك المحرمات، " فمن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه " أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الشهر تدريباً على طاعة الله من أجل أن نقطف ثمار هذه الطاعة شعوراً بالقرب وتألقاً بالنفس وكأن الله سبحانه وتعالى أراد أن ينسحب هذا الشهر على كل أشهر العام، فكأنه قفزة نوعية تعين الإنسان على أن يرتقي إلى المستوى الذي أراده الله به فإن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

[سورة الذاريات]

 إنه حينما يصطفي زماناً كرمضان، يريد الله سبحانه وتعالى أن يشيع هذا الصفاء في كل أشهر العام، و حينما يصطفي مكاناً كبيت الله الحرام يريد الله سبحانه وتعالى أن يشيع هذا الصفاء في كل مكان، و حينما يصطفي إنساناً كسيد الأنام أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون نموذجاً يحتذى ويقتفى أثره، وأن يكون مثلاً أعلى لكل إنسان، فالإنسان هو المقصود في كل عبادة، والعبادات في الإسلام معللة فإذا خلت من التعليل أصبحت طقوساً لا معنى لها، قال تعالى:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾

المقدم:
 دكتور الزحيلي، العبادة فريضة، رمضان صيام فريضة، وبنفس الوقت تحدث الأستاذ راتب النابلسي هناك عنصر عبادة في الموضوع لنتحدث عن هذا الأمر ونسلط عليه الأضواء إذا سمحت.
ـ الزحيلي:
 الحقيقة أن شهر رمضان أولاً شهر خطير وهو أفضل الشهور عند الله سبحانه وتعالى ولذلك اختار الله الصيام كعبادة ليكون هذا الشهر الخطير ليلتقي عنصر الزمان والعبادة ولتكون العبادة في أفضل أوقاتها وأفضل الشهور عند الله سبحانه وتعالى، وأن الله عندما فرض رمضان بمعنى أنه أمرض مفروض مقطوع وبالتالي فهو يجب على كل مسلم أن يصوم بعينه كما يقول الفقهاء فهو واجب عيني ن فلا يجوز لمسلم أن يترك هذا الصيام وهذا الشهر إلا إذا كان لعذر التي قررها الشرع وجاء بها الإسلام، والعبادات كما تفضل الأستاذ راتب أنها معللة والعبادات في الإسلام متنوعة من عدة جوانب فعض العبادات جسدية بعضها مالية وبعضها تجمع بين الجسد والمال، ومن هنا فإن العبادة متنوعة أيضاً من جهة أخرى أن بعضها فريضة لا يجوز تركه وبعضها سنة ومندوب لمن شاء أن يتطوع ويأخذ بهذا وقد جمع ذلك الحديث الشريف القدسي، قال الله تعالى " من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، ( ثم قال ) وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته....، وقال وما تقرب إلي عبدي بأفضل مما افترضته عليه "، فهذه هي الفريضة أولاً ثم يأتي النفل ثانياً، وهذه العبادة الحقيقة هي مكملة العبادة الرئيسية في الإسلام اليومية أو التي تتكرر في اليوم خمس مرات وهي الصلاة وهذا ما يحس به اليوم مع كثير من التقصير في الصلاة أحياناً ومع ذلك فإن فضيلة شهر رمضان وهذه العبادة العظيمة للصيام تذكر الناس جميعاً بالعودة إلى ربهم والى دينهم والى عبادتهم، ومن هنا فتكثر الصلاة وتمتلئ المساجد في شهر رمضان المبارك، وتمتاز أيام رمضان بعبادة خاصة نسميها فاكهة رمضان وهي قيام الليل أو ما يسمى صلاة التراويح، كما أن العبادة في رمضان شائعة بين الناس جميعاً والحمد لله المتعلم وغير المتعلم والكبير والصغير وهي تلاوة القرآن المقترن بشهر رمضان وهو شهر القرآن كما قال الله سبحانه وتعالى وأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يكثر من تلاوة القرآن وخاصة في رمضان وكان جبريل عليه الصلاة والسلام ينزل عليه في رمضان لتدارس القرآن الكريم كما أن العبادة المتنوعة في رمضان بكثرة الدعاء، والدعاء مخ العبادة ومن هنا وردت في ضمن آيات الصيام في سورة البقرة:

 

 

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)﴾

 

[سورة البقرة]

 ولذلك يتجه الناس بإخلاص ونية طيبة وتوجه إلى الله سبحانه وتعالى أن يفرج عنهم وأن يعطيهم خيري الدنيا والآخرة وأن يجمع بينهم وأن يحقق النصر لهم ولأمتهم.
ـ واضح أستاذ راتب أن حالة العبادة هذه هي حالة خاصة وتنشر طيفها داخل المتعبد داخل الإنسان الذي يمر بشهر رمضان وبهذه الحالة النفسية المحببة، لنتحدث عن هذه الحالة الخاصة في الإنسان.
ـ الأستاذ راتب:
الحقيقة أن الإنسان هو المخلوق الأول، لقوله تعالى:

 

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72)﴾

 

[سورة الأحزاب]

 والإنسان هو المخلوق المكرم، لقوله تعالى:

 

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)﴾

 

[سورة الإسراء]

 الحقيقة المتعلقة بموضوع هذه الندوة أن الإنسان هو مخلوق مكلف كلف بالعبادة، بل إن العبادة علة وجوده، قال تعالى:

 

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

 

[سورة الذاريات]

 والعبادة في تعريف العلماء، غاية الطاعة وغاية الحب، فم أطاع ولم يحب لم يعبد الله ومن أحب ولم يطع لم يعبد الله.

 

تعصي الإله وأنت تظهر حــبه ذاك لعمري في المقال شنيـع
لو كان حبك صادقاً لأطعتـــه إن المحب لمن يحب يطيــع

 بعضهم يعرف العبادة بأنها طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، وكأن في هذا التعريف تعريفاً لأصول الدين، في الدين جانب اعتقادي وجانب فكري وفي الدين جانب سلوكي وفي الدين جانب جمالي، فأساس العبادة الطاعة لكن تحتاج إلى معرفة الله، وأصل الدين معرفة الله، ومن ثمار الطاعة القرب.

 

 

فلو شاهدت عيناك من حسنـنــا  الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنا
ولو ذقت من طعم المحبـة ذرة  عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـة  لمت غريباً واشتياقاً لقربنــا

 هذا الذي طلبتموه، الإنسان حينما يعكف على طاعة الله يتصل به، يتصل بأصل الجمال بالكون، إن الله يعطي الصحة والذكاء والجمال والمال للكثيرين من خلقه ولكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين، في قلب المؤمن من الطمأنينة والسكينة والسعادة ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم:

 

 

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

 

[سورة الأنعام]

العبادة علة وجودنا.
ـ المقدم:
 أستاذ راتب واضح من كلامك اتخذت نقطتين أساسيتين سلوكية وعلاقة مع الخالق، أيضاً السلوكية ليست فعل محسوس دائماً هناك نية هناك تفكير داخل الإنسان المؤمن ويحاسب أيضاً على ذلك، تتجلى في شهر رمضان هذه الحالة من صفاء الذهن صفاء التفكير وصفاء النية مطلوبة، لنتحدث حول هذا الموضوع لو سمحتم.
ـ د. الزحيلي:
 الحقيقة هذا يعود بنا إلى السر في موضوع العبادات والهدف الأساسي من العبادات ومنها الصيام وأن العبادة حتى الصيام والصلاة والزكاة والحج، ليست مقصودة لذاتها وإنما المقصود منها ما وراء ذلك، وهذا ما تفضل عليه الأستاذ راتب وسماها العبادات معللة، وجاء في القرآن الكريم في أول سورة عن الصيام ( لعلكم تتقون ) وفي آخر آية من آيات الصيام :

﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)﴾

[سورة البقرة]

 ومن هنا فإن التقوى هي جموع الخير والإحسان والتقويم والسلوك وهذا ما يريده الإسلام من العبادة، فالله سبحانه وتعالى غني عن عبادة الناس فلا تضره معصية ولا تنفعه طاعة وإنما هذه العبادات إنما جاءت لتهذيب الإنسان أولاً وإقامة المجتمع السليم ثانياً، وأن الإسلام حريص على تكريم الإنسان وأن يكون في أحسن صوره وأنه هو المخلوق المفضل والمميز في هذا مالكون وقد سخر الله له ما في السماوات وما في الأرض، ومن هنا فالله سبحانه وتعالى يريد من هذا الإنسان أن يكون على أكمل صورة وأحسن حالة، لم يطلب منه الإسلام هذه الغاية دون أن يرسم له الطريق الموصل إلى هذا الهدف وهذه الغاية ومن هنا كانت العبادات عامة والصيام خاصة من أجل تهذيب النفس و من أجل المراقة الذاتية والصلة مع الله سبحانه وتعالى
ـ الصلة مع الله سبحانه وتعالى وهنا نأتي إلى علاقة الخالق بالمخلوق في هذا الشهر بالذات، يبدو أن هناك علاقة خاصة في هذا الشهر لنتحدث عن موضوع النية والتفكير وعلاقة الخالق بالمخلوق في هذا الشهر.
ـ الأستاذ راتب:
 لو أن رجلاً وجد في الطريق قطعة نقود غالية فعكف على أخذها ووضعها في جيبه وفي نيته أن يأخذه دون أن يبحث عن صاحبها إنسان آخر التقط هذه القطعة ووضعها في جيبه وفي نيته أن يبحث عن صاحبها، لو صورنا هذين الرجلين لوجدنا أن الصورتان متطابقتان تماماً، الأول يحاسب على سيئة ارتكبها والثاني يثاب على فضيلة فعلها والفرق بينهما هو النية، إن السلوك الذاتي قد يصل إلى نتائج تلتقي مع نتائج العبادة لكن البواعث مختلفة، باعث السلوك الذكي تحقيق المصالح في الدنيا، لكن باعث العبادة إرضاء الله عز وجل، فالمتعبد يقطف ثمار عبادته في الدنيا والآخرة، لذلك قالوا من آثر دنياه على آخرته خسرهما معاً ومن آثر آخرته على دنياه ربحهما معاً، النية أساس الإخلاص، فالله سبحانه وتعالى لا يقبل من عبد عملاً إلا بشرطين هذا قاله الفضيل، لا يقبل الله من عبد عملاً إلا بشرطين إلا إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله وصواباً ما وافق منهج الله عز وجل، فإذا وافق السلوك منهج الله والنية قنص المصالح واكتساب الأموال وانتزاع إعجاب الآخرين فهذه ليست عبادة أما المتعبد هو الذي يبتغي وجه ربه:

 

﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)﴾

 

[سورة الليل]

 لذلك ورد في الأحاديث الشريفة، " أن رب درهم سبق ألف درهم " كثير العمل وقليله ينفع مع الإخلاص، وكثير العمل وقليله لا ينفع من دون إخلاص، والله سبحانه وتعالى أرادنا أن نخلص له، والإخلاص له هو توحيده هو التوجه إليه وحده هو طاعته وحده هو التعلق بما عنده وحده، هذا هو الإخلاص والإخلاص هو جوهر الدين.
ـ المقدم:
 في هذا الشهر بالذات تتطور حالة خاصة من العبادة من التفكير النقي الواضح من العلاقة الخاصة بين الخالق والمخلوق، دار الحديث حول هذا الموضوع، لماذا لا تسحب هذه الحالة من شهر رمضان المبارك إلى بقية الشهور على الصعيد السلوكي الأسري على الصعيد الاجتماعي على الصعيد العلاقات بين البشر، نريد من الدكتور الزحيلي أن يتحدث عن هذا الموضوع ونعود إلى الأستاذ راتب أيضاً للحديث عن هذا الموضوع بالذات، هذه السلوكية الاجتماعية نحن بأمس الحاجة لأن نكون في حالة تعاضد في حالة ألفة مستمرة لنقل عبادة الله ودفاعاً عن وطننا ودفاعاً عن أنفسنا.
ـ د. الزحيلي:
 قبل أن أبدأ في هذه النقطة الحقيقة أريد أن أكمل نقطة تتعلق بالنية وهي أن هذه العبادة لا تقبل إلا بنية، ولذلك يقول الرسول عليه الصلاة والسلام " لا صيام لمن لم يبيت الصوم من الليل " وبالتالي يجب أن يصوم قبل الفجر حتى يصح صومه وهذا في الفرض والواجب أما في السنن فيمكن أن يكون صومه وله نية خاصة نتحدث عنها فيما بعد كذلك النية أساس عندما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام وحصر أن الأعمال بالنيات.
 وإذا عدنا إلى الأمر الآخر وهو الأثر الاجتماعي، الحقيقة إذا أردنا أن نتأمل العبادات في الإسلام يطلق عليها اسم عبادة ولكن لو حللت تحليلاً دقيقاً لرأينا أنها شرعت أصلاً من أجل العلاقات الاجتماعية ومن أجل المجتمع وإقامة المجتمع الفاضل وتحسين العلاقة بين أفراد المجتمع، من هنا فإن رمضان نفي الحقيقة هو دورة تدريبية وتربوية بين الإنسان وربه أولاً وبين الإنسان وأفراد المجتمع ثانياً، أما إذا اقتصر على الجانب الروحي ومجرد الصلة بينه وبين الله سبحانه وتعالى وأساء وفرط في جوانب الحياة وأساء مع الآخرين فإن هذه الإساءة تلغي جميع عبادته، ولذلك يقول الرسول عليه الصلاة والسلام " كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش "، وهذا ما نريد أن ننبه عنه الحقيقة في حياتنا الحاضرة وأما الإسلام بصورته المشرقة الوضاءة ورمضان هذا الجو العظيم والروحانية التي فيه، للأسف نجد أنها لا تتبلور بشكل كاف في المجتمع ومن هنا فإننا نرى المسلمين في جهة والإسلام في جهة ثانية، ومن هنا نلاحظ أن شهر رمضان يجب أن يكون كتذكير للعودة إلى أحكام الإسلام والالتزام بهذا الدين ومن هنا جاءت أمور العلاقات الاجتماعية في أمور الصيام وتكثر وتتطور حتى نكاد نرى من الجانب الإيجابي في المجتمع أن اهتمام الناس بالصيام وبشهر رمضان المبارك والكلفة التي تظهر بينهم والنظام والوحدة التي تقع فيما بين الأفراد ثم صلة الأرحام والاتصال المباشر بين أفراد الأسرة كأساس للمجتمع ثم العائلة الكبيرة ثانياً تعتبر أمر طيب و ممتاز وتشكل رصيداً طيباً وهذا أثر من آثار شهر رمضان المبارك.
ـ المقدم:
 الأستاذ راتب الإسلام كلمة ملفتة للانتباه، الإسلام في واد والمسلمين في واد آخر، البعض نظراً لبعض السلوكيات التي لا تنسجم مع محيط الدين ومحيط المجتمع وأخلاقياته، لماذا لا يكون رمضان بعدالته وبسلوكيته الخيرة الطيبة المستقيمة التي تشكل وحدة اجتماعية وطنية مقاومة صامدة لا ينسحب على كل زاوية من زوايا حياتنا.
 الأصل أن الدين بناء أخلاقي، فلما قال النبي عليه الصلاة والسلام " بين الإسلام على خمس " فالإسلام شيء والخمس شيء آخر، بني الإسلام على خمس، الإسلام بناء أخلاقي، سيدنا جعفر بن أبي طالب خاطب النجاشي ملك الحبشة وحدثه عن الإسلام، فلنصغ إليه " قال أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونسيء الجوار ونقطع الرحم، حتى بعث الله فينا رجلاً (قصد النبي عليه الصلاة والسلام ) نعرف أمانته وصدقه وعفافه ونسبه، فدعانا إلى الله لنعبده ونوحده ونخلق ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء.
 لذلك في الإسلام عبادات تعاملية وعبادات شعائرية، العبادات التعاملية كالأمر بالصدق والأمانة والإخلاص والاستقامة وإنجاز الوعد والوفاء بالعهد وضبط الدخل وتحري الحلال وضبط الجوارح، " ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط "، " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً "، " ما لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه "، يحج الإنسان ويقول لبيك اللهم لبيك، يحج بمال حرام يقول الله له لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك، ينفق من مال ليس حلالاً:

 

﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ (53)﴾

 

[سروة التوبة]

 الأصل هي العبادات التعاملية فإذا صحت صحت العبادات الشعائرية أضرب لكم مثلاً، العبادات التعاملية شأنها كشأن العام الدراسي والعبادات الشعائرية ومنها الصيام شأنها كشأن ساعات الامتحان المعدودة، فالذي أمضى العام كله في درس وبحث وعكف على الكتاب يلقى ساعات الامتحان وهو من أسعد الناس، أما الذي أمضى العام الدراسي بكسل وتوان، لو أن القاعة منضبطة لو أن القلم جيد، لو أن الجو هادئ، كل هذه الظروف لا تغنيه شيئاً، فالمسلمون تخلفوا وكانوا هم في واد والدين في واد حينما ظنوا الإسلام عبادات شعائرية فقط إنه عبادات تعاملية، " ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام"، والله لئن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا "، المنافق إذا صام رمضان مثله كمثل الناقة عقلها أهلها فلا تدر لا لما عقلت ولا لما أطلقت، ما أراد الله أبداً أن نصوم رمضان وأن ننتهي في أيامه عن المحرمات ثم نعود إلى ما كنا عليه، إنّا إذاً كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، ما أرادنا الله عز وجل أن نعود إلى ما كنا عليه، أراد أن يكون رمضان ورمضان و رمضان كالدرج، قفزة نوعية مستمرة ثم قفزة مستمرة ثم قفزة مستمرة من أجل أن نلقى الواحد الديان وقد حققنا الهدف من وجودنا، فحينما ننظر الى العبادات الجوفاء دون أن يرافقها انضباط سلوكي في كسب المال وانفاقه في ضبط الجوارح في ضبط الأمور كلها فنحن ابتعدنا كثيراً عن جوهر الدين.
ـ المقدم:
 لنتحدث عن أمثله حية في حاضر في واقع، في شهر رمضان هناك حاجات للناس يذهبون إلى السوق هناك أناس في السوق يبيعون ويشترون هناك معاملات وتعامل بين البشر رمضان يكون أحياناً رادع بين البشر يذكر الناس بأنه في هذا الزمان بالذات يجب أن يكون الصلاة بشكل مستقيم وينتهي رمضان ولا يعود من يكون مستقيماً إلى استقامته تحدث الأستاذ راتب عن هذا الموضوع وبشكل جميل نود أن نسمع من د. زحيلي حول هذا الموضوع سلوكيات اجتماعية بين البشر وكيف نستمد درس هام من هذا الامتحان من هذا الشهر المبارك لكي تكون سلوكيات الإنسان في مجتمعنا على خير ما يمكن.
ـ د. الزحيلي:
 قد يأتي الجواب على هذا الأمر في حديث بكلمتين عن الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث قدسي عن الله يقول " الصيام لي وأنا أجزي به "، فالصيام لله سبحانه وتعالى وبالتالي فإنه يقوي العلاقة وهو قاب من الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى ويشعر أن الله مع في كل صغيرة وكبيرة ومن هنا فإن أهداف الصيام تكوين هذه العلاقة والرقابة الذاتية مع الله أولاً وليكون الإنسان صادقاً مع نفسه ثانياً ثم ليكون صادقاً مع الناس ثالثاً، من هنا عندما دعا الرسول عليه الصلاة والسلام إلى حسن التعامل مع الناس فقال " رحم الله امرأ سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا قضى سمحاً إذا اقتضى "، ولم يحدد ذلك في شهر رمضان أو عندما يكون صائماً ويترك ذلك بعد الصيام، ففضل الله سبحانه وتعالى أولا ورقابته على الإنسان ثانياً موجودة في كل زمان وفي كل مكان وفي شهر رمضان وفي غير شهر رمضان ومن هنا نريد أن نتبين المسلك القويم الذي التزمه الرسول عليه الصلاة والسلام في صيام شهر رمضان مع صحابته الكرام، وعندما انحرف بعض المسلمين عن معاني رمضان وعن الأثر الاجتماعي والسلوك الطيب مع الآخرين بين الرسول عليه الصلاة والسلام أن هذا الصيام لا ينفع صاحبه شيئاً، وقال عندما سئل عن امرأة تصوم النهار وتقوم الليل ولكنه تؤذي جاراتها فقال هي في النار، وسأل عن امرأة أخرى تصوم رمضان فقط وتصلي الفرائض فقط وتحسن إلى جاراتها فقال هي في الجنة، ولذلك فإن الصيام إنما هو من أجل الرقابة والصلة مع الله ليبقى الإنسان دائماً متصلاً مع الله سبحانه وتعالى وإلا كان مسؤلاً وكان قد ضيع عمله الذي أداه والصيام الذي اكتسبه في شهر رمضان.
 ـ أستاذ راتب قضية أخرى نلاحظ في هذا الشهر تجمع الأهل وهذا صلة الرحم شيء جميل وسلوكية حسنة ولكن في بعض السلوكيات على سبيل المثال دعوات ضخمة ولائم بذخ أشياء أتصور ويتصور كثيرون أن هذه ليست من العبادة وليست من مواجهة الخالق بشيء نريد أن نسمع منكم تجد المسرفون في رمضان أكثر من المسرفين بأي شهر آخر.
الأستاذ راتب:
 كأن الله سبحانه وتعالى أراد في هذا الشهر الكريم أن يكون دورة وقائية لأكثر الأمراض ودورة علاجية لبعضها، أراد هذا الشهر صيانةً لأجسامنا فإذا أسرفنا في الطعام والشراب أفسدنا حكمة الخالق في هذه العبادة العظيمة وإذا خرجنا من ذواتنا وأكثرنا اللقاءات ضعفت عبادتنا هذا شهر يعكف فيه الإنسان على طاعة ربه وعلى تلاوة قرآنه وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن لمنكر، سيدنا ابن عمر رأى راعياً في الطريق يرعى غنماً، قال له بعني هذه الشاة أراد أن يمتحنه، قال ليست لي قال خذ ثمنها قال ليست لي قال قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب، قال والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني فإني عنده صادق أمين ولكن أين الله، هذا الراعي وضع يده على جوهر الدين، أين الله، من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة قيل وما حقها قال أن تحجره عن محارم الله، فنحن حينما نتخذ من رمضان موسماً للقاءات والاحتفالات والولائم والبذخ والإسراف كأننا أخرجناه عن القصد النبيل والقصد الرفيع الذي أراده الله سبحانه وتعالى.
ـ تحدثنا قبل اللقاء عن هذه التمرات البسيطة التي يتناولها ذكر تلي شيئاً.
 كان عليه الصلاة والسلام يفطر على تمرات ويصلي المغرب ثم يجلس إلى الطعام، وقد ثبت عليماً أن المادة السكرية في التمر من النوع الأحادي سريع الهضم سريع التمثل، وقد أجرى العلماء تجارب دقيقة على أن سكر التمر ينتقل من الفم إلى الدم في أقل من عشر دقائق وإذا وصل السكر إلى الدم وصل إلى مركز تنبيه الشبع في الإنسان في الجملة العصبية في مكان تحت السرير البصري في مركز الشبع، فإذا تناول تمرات ثلاثة وصلى المغرب ثم جلس إلى الطعام يجلس ويأكل باعتدال وكأنه في الإفطار، أما حينما يأكل المواد الدسمة، المواد الدسمة تحتاج إلى أن تهضم إلى أكثر من ثلاث ساعات، لا يدع الطعام حتى يمتلئ جوفه، إذاً يصاب الصائم أحياناً بالتخمة، التمر كما تفضلتم فيه مواد سكرية أحادية وفي ستة فيتامينات أساسية في حياتنا، فيه ثمانية معادن إذا تناولنا مائة غرام من التمر في اليوم الواحد نأخذ نصف حاجتنا من المعادن، وفيه اثنا عشر حمض أميني، وفيه مواد بروتينية مرممة وفيه مواد دهنية قليلة، وقد أحصى بعض العلماء أن في التمر ست وأربعين مادة غذائية وأنه لا يتلوث وأن معظم الأمراض الناتجة عن الإمساك يزيلها التمر لأنه مضاد للإمساك ومهدئ للأعصاب وملين، والنبي سماه الأطيبين، سمى التمر واللبن الأطيبين،" وقال بيت لا تمر فيه جياع أهله ". هذه سنة النبي عليه الصلاة والسلام وأنا أعتقد أن الأطباء يأتون هذه التوجيهات دون أن يعلموا هذه السنة، وهذه من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام تناول السكر البسيط الأحادي قبل الطعام ينبه مراكز الشبع في الإنسان بل إن الإنسان في الإفطار إذا تناول الفاكهة قبل الطعام أصاب وأحسن، استنبطوا هذا من قوله تعالى:

 

﴿ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)﴾

 

[سورة الواقعة]

قدمت الفاكهة على اللحم لأن تمثل السكر أسرع بكثير، هذا من توجيه النبي عليه الصلاة والسلام.
ـ المقدم:
د. الزحيلي، أسأل سؤال وقد يكون سؤال فج صعب، نريد منك تسليط الضوء على علاقة مخاليق الله الإنسان الناس بخالقهم كيف تراها هذه الأيام هل هي بحالة اهتزاز هل هي بحالة معافاة.
 هذا يرجع إلى مبدأ وهو أن كل مولود يولد على الفطرة، وبالتالي فالإنسان بفطرته متجه إلى ربه سبحانه وتعالى ولكن قد يعطل هذا التوجه وهذه الفطرة كثير من أمور الحياة وأمور المادة، وللأسف في وقتنا الحاضرة يشغل الناس كثيراً بالمادة عن الصلة الروحية بالله سباحان وتعالى وعن التطبيق العملي والسلوك القويم في هذا المجال وكأنهم يجعلون المادة هي الأساس ولا شك أن هذا مما يدل على ضعف الإيمان الذي يحتاج إلى تغذية ومن هنا في حديثنا الآن عن شهر رمضان كأنه تغذية للإيمان وتذكير بالعودة إلى الله سبحانه وتعالى حتى شبه بعض العلماء شهر رمضان بأنه كمحطة بانزين يزود الإنسان منها سيارته ليسير بها مئات الكيلو مترات وليست ليقف في المحطة وينقطع عندها فقط، و أن الجانب الذي تفضلتم عنه في موضوع الإسراف في رمضان وتقديم الأطعمة الكثيرة الحقيقة هذا الموضوع له جانبان جانب سلبي تفضل الأستاذ راتب عنه وجانب إيجابي وهو ما أريد التنبيه عليه وذلك أن شهر رمضان دعوة للناس للشعور بإحساس ببعضهم البعض وخاصة بإحساس الغني بالفقير ومن هنا فيقدم الناس الأطعمة لأنفسهم وقد يسرفون لكن يقدمون في كثير من الأحيان لا قاربهم وذويهم وللفقراء وللمساكين وهذا ما رغب به الرسول عليه الصلاة والسلام بتفطير الصائم وتقديم الأطعمة للصائم فقال عليه الصلاة والسلام " من فطر صائماً فله ثوابه دون أن ينقص من أجره شيء وأن الأموال التي تنفق في شهر رمضان المبارك من أجل الفقراء والمساكين المحرومين في كثير من أيام السنة وأكثر أشهر السنة فهو يأتي الإنفاق العظيم الطيب من المحسنين والأغنياء والأثرياء وحتى متوسطي الحال يقدموا في هذا الشهر المبارك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام رغبهم إلى ذلك وبين أن من أدى في رمضان فريضة فكأنما أدى سبعين فريضة فيما سواه ومن أدى فيه نافلة فكأنما أدى فريضة فيما سواه، ومن هنا يكثر توجه الناس في أداء زكاة مالهم في شهر رمضان فما تكثر الحسنات والصدقات في هذا الشهر وجاء آخر الشهر ليذكر المسلمين أنه إذا غفلوا وهو وجوب زكاة الفطر على كل صائم وأن صيامهم يكون معلقاً بين المساء والأرض حتى تدفع زكاة الفطر ليكون العيد مسرى للناس جميعاً في هذا المجال.
ـ الأستاذ راتب:
قال تعال:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)﴾

[سورة النور]

 الآية المكملة لها:

 

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾

 

[سورة مريم]

 تعقيبي على سؤالكم الكريم هو أن علاقة الإنسان بربه تهتز إذا خرج عن منهجه، يروى أن شاباً سمع من أحد أساتذته أن لك سيئة عقاباً زلت قدمه مرةً، فشعر بالخجل من الله عز وجل، في أثناء بعض صلواته ناجى ربه قال يا رب لقد عصيتك فلم تعاقبني، حسب المقولة لم يأتي العقاب، فوقع في قلبه أن يا عبدي قد عاقبتك ولم تدر ألم أحرمك لذة مناجاتي.
 الإنسان تهتز علاقته بالله عز وجل حينما يسيء إلى خلقه الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله، وسيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام جاءت آية على لسانة لخص الدين كله، قال:

 

﴿ كُنْتُ وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً (31)﴾

 

[سورة مريم]

 الصلاة حركة إلى الله والزكاة حركة إلى خدمة الخلق فالإنسان حجمه عند الله بحجم عمله الصالح، عند الله مقاييس يوم القيامة غير مقاييسنا المقياس الذي يحاسب عليه الإنسان مدى خدمته لخلق الله، فالإنسان يتألق إذا استقام على أمر الله، جاء إلى الدنيا فأعطى، قلت لكم قبل هذه الندوة الذي قدم كتاب النبي عليه الصلاة والسلام، قال يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ يا من قدست الوجود كله ورعيت قضية الإنسان يا من زكيت سيادة العقل ونهنهت غريزة القطيع، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع فعشت واحداً بين الجميع، يا من كانت الرحمة مهجتك والعدل شريعتك والحب فطرتك والسمو حرفتك ومشكلات الناس عبادتك.
" اصنع المعروف مع أهله وغير أهله فإن أصبت أهله أصبت أهله وإن لم تصب أهله فأنت أهله ".

 

تحميل النص

إخفاء الصور