وضع داكن
24-04-2024
Logo
الخطبة : 0962 - التقوى - معالجة ابيضاض العين
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

 الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارض عنا ونهم يا رب العالمين، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

موضوعات التقوى :

 أيها الإخوة المؤمنون، التقوى لها شأن كبير في القرآن الكريم، فقد وردت في ثلاثمئة موضع في كتاب الله، وقد درست هذه الآيات، وأدرجت في واحدٍ وعشرين موضوعاً، هذه الموضوعات هي محور هذه الخطبة إن شاء الله تعالى.
 الإنسان في حياته الدنيا إن لم يتبع هدى ربه فهو معرّض لكثير من المخاطر، فالدنيا خضرة نضرة، سمّها في دسمها، فيها منزلقات ومتاهات، مالها يغري ويردي ويشقي، نساؤها حبائل الشيطان، الأهل والولد مشغلة مجبنة مبخلة، الشهوات فيها مستعرة في أبهى حللها، والفتن فيها يقظة في أجمل أثوابها.. السؤال هو:
 كيف يتقي الإنسان الضياع في تلك المتاهات والضلالات؟
 وكيف يتقي الإنسان الانجذاب لهذه الفتن المهلكات؟
 وكيف يتقي الإنسان خطر الانغماس في تلك الشهوات؟
 وكيف يتقي الإنسان حمأة المزاحمة في جمع الدراهم والثروات؟
 وكيف يتقي الإنسان شقاء الدنيا وعذاب الآخرة؟
 للإجابة على هذه الأسئلة نقول:

الموضوع الأول: التقوى هي الالتزام بالشرع الرباني :

 حينما يبني الإنسان تصوراته عن الكون والحياة والإنسان وَفق ما جاء في البيان الإلهي، وحينما ينطلق في حركته اليومية وفق التشريع الرباني، يكون قد أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان وخير، أما إذا ضل عقله، وساء عمله فقد أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم.

﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾

(سورة طه: الآية 123)

 لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه:

﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

(سورة البقرة: الآية 38)

 وحينما ينطلق الإنسان في تصوراته من البيان الإلهي، وحينما ينطلق الإنسان في حركته من المنهج الرباني، يكون قد أسس حياته على تقوى من الله، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

(سورة البقرة: الآية 21)

 والعبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، هذا هو الموضوع الأول.

 

الموضوع الثاني: التقوى لا تصرف إلا لله تعالى :

 هل غير الله، واجبِ الوجود، تصرف له التقوى؟
 هو الذات الكاملة، الحي القيوم، ذو الأسماء والصفات الفضلى، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الأول والآخر، الظاهر والباطن، من بيده ملكوت كل شيء، ومن إليه يرجع الأمر كله، مالك الملك إيجاداً وتصرفاً ومصيراً.
 هل غير الله تعالى يتقى سخطه، ويرجى رضوانه؟
 وهل غير الله تعالى يتقى عذابه، وترجى رحمته؟
 هل غير الله تعالى تتقى ناره، وترجى جنته؟
 إن الله جل جلاله يأمرنا بالتقوى، لأنه بكل شيء عليم، ولأنه سريع الحساب، ولأنه إليه الحشر والمصير، لقد صدق الله العظيم إذ يقول:

 

﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ﴾

(سورة النحل: الآية 52)

 ورد في الأثر، أن الله تبارك وتعالى يقول:

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري للعباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي، وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي، وهم أفقر شيء إلي، مَن أقبلَ علي منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

الموضوع الثالث: نتقي الله لأنه تعالى أهل للتقوى:

 نحن أيها الإخوة لا نتقي الله لأننا في قبضته فحسب، ولا نتقي الله لأن أمرنا كله راجع إليه فحسب، بل نتقي الله لأنه ذو الجلال والإكرام، وذو الطول والإنعام، رحمن رحيم، منعم كريم، قال عن نفسه:

﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾

(سورة المدثر: الآية 56)

 أهل أن يتقى، أهل أن يفنى الشباب من أجله، أهل أن تكون صلاة الإنسان وحركته وأعماله وماله في سبيله.

 

الموضوع الرابع: الإيمان بوجود الله هو سبب التقوى :

 الإنسان لن يتقي سخط جهة، ولن يسعى لمرضاتها إلا إذا أيقن بوجودها أولاً، وأيقن بما يناله منها من مغنم كبير إذا هو أطاعها، وما يصيبه منها من خسارة فادحة إذا هو عصاها، هذا شأن الإنسان، فلن يتقي الإنسان ربه ـ أي: لن يجتـنب ما نهاه عنه، ولن يفعل ما أمره به ـ إلا إذا عرفه، فأصل الدين معرفة الله، قال تعالى:

 

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

(سورة المائدة: الآية 57)

 الإيمان بالله موجوداً وواحداً، وكاملاً خالقاً، ومربياً ومسيّراً، ذا الأسماء الحسنى والصفات الفضلى، هو سبب التقوى.

 

الموضوع الخامس: الإيمان سبب التقوى والرزق :

 الإيمان أساس التقوى، قال تعالى:

 

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾

(سورة الأعراف: الآية 96)

 لو أنهم آمنوا، واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، وأبواب معرفة الله كثيرة، من أهمها التفكر في خلق السماوات والأرض، قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (*)الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

(سورة آل عمران: 190- 191)

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴾

(سورة الطارق: الآية 5)

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾

(سورة عبس: الآية 24)

﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾

(سورة الغاشية: الآية 17)

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾

(سورة الملك: الآية 19)

الموضوع السادس:التفكّر في الكون يوصل للتقوى :

 أيها الإخوة الكرام، إن النظر والتأمل والتفكر في الآيات التي بثها الله في السماوات والأرض يصل بصاحبه إلى اليقين القطعي، بأن لهذا الكون خالقاً عظيماً، ورباً رحيماً، ومسيّراً حكيماً، هو أهل لأن يطاع، وأهل لأن يتقى، الآية الكريمة:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

(سورة آل عمران: الآية 190)

الموضوع السابع:تدبّر القرآن يعين على التقوى :

 من أبواب معرفة الله عز وجل القرآن الكريم، ذلك المنهج القويم، والصراط المستقيم، وحبل الله المتين، فإذا تدبر الإنسان آياته، ونظر فيها رأى تطابق مضامين هذا الكتاب المعجز مع مبادئ العقل وملامح الفطرة، ومع مصالح الإنسان الحقيقية فرداً ومجتمعاً، وإن تدبر القرآن الكريم وصل إلى اليقين القطعي بأنه كلام الله تعالى المنزل على نبيه، وأنه المنهج الوحيد والأمثل لإسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة، قال تعالى:

﴿ قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾

(سورة الزمر: الآية 28)

الموضوع الثامن:التقوى تستوجب التعليم الإلهي :

 الكون باب من أبواب معرفة الله، والقرآن باب آخر من أبواب معرفة الله.
 أيها الإخوة الكرام، وإن تعجب فعجب من هؤلاء الذين لا يتقون، بل إذا قلت لأحدهم: اتق الله أخذته العزة بالإثم.
 لمَ لا يتقي الإنسان ربه؟ لمَ لا يتقي أن يعصيه؟ لمَ لا يهتدي بهديه؟ في أعماله كلها، وأقواله كلها، وأحواله كلها، مع أن الله يعلّم الإنسان من خلال العقل الذي أودعه فيه، ومن خلال الفطرة التي فطره عليها، ومن خلال الكتاب الذي أنزله على رسوله، ومن خلال السنة التي بينت كتابه، ومن خلال الحوادث التي تؤكد حكمته وعدالته، ومن خلال دعوة الدعاة، وإلهام الملائكة، لمَ لا يتقي الإنسان ربه؟ مع أن الله يعلمه دائماً، قال تعالى:

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

(سورة البقرة: الآية 282)

الموضوع التاسع:الصدق يؤدي إلى التقوى :

 من الوسائل الفعالة التي تسرع الخطى إلى التقوى أن تكون صادقاً مع نفسك، صادقاً مع ربك، صادقاً مع من حولك:
 فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسأنه، ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه ))

[ حديث أخرجه أحمد، فيه رجل وثقه جماعة وضعفه آخرون ]

 قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

(سورة الأحزاب: 70- 71)

الموضوع العاشر: البيئة النقية تساعد على التقوى :

 من الوسائل الفعالة التي تسرع الخطى إلى التقوى أن تكون البيئة الاجتماعية التي تحتضن المرءَ بيئة طيبة صالحة مؤمنة، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

(سورة التوبة: الآية 119)

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾

(سورة الكهف: الآية 28)

الموضوع الحادي عشر: طلب العلم وسيلة إلى التقوى :

 من هذه الوسائل المسرعة إلى التقوى أن تبتغي إلى الله الوسيلة، وهي تعلم العلم الموصل إلى الله عز وجل على أيدي علماء عاملين مخلصين، ومن الوسيلة العمل الصالح الخالص، ومن الوسيلة العبادات المخلصة الدؤوبة، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾

(سورة المائدة: الآية 35)

الموضوع الثاني عشر: طريق التقوى صعب لأنه طريق الجنة :

 طريق التقوى ليست مفروشة بالرياحين، بل هي طريق محفوفة بالمكاره، لأن سلعة الله غالية، ويجب أن يكون الثمن غالياً:

(( ألا إن عمل الآخرة حزن بربوة، وإن عمل النار سهل بشهوة ))

[ من حديث ضعيف، أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده ]

 فلا بد من الانضباط الذاتي ولا بد من البذل والتضحية، قال تعالى:

﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

(سورة يوسف: الآية 90)

الموضوع الثالث عشر: تحصيل التقوى يستلزم كل الجهد الممكن :

 التقوى لا تقبل أن يعطيها الإنسان بعضه، بل لابد من أن يعطيها كله، فلا يقبل من المتقي بذل بعض الجهد، بل لا بد له من بذل كل الجهد، لذلك حجم ربح الإنسان بحجم عمله الصالح وإخلاصه وصوابه، قال تعالى:

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

(سورة الأنعام: الآية 132)

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

(سورة فاطر: الآية 10)

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾

(سورة التغابن: الآية 16)

الموضوع الرابع عشر: مغفرة الذنوب من ثمرات التقوى :

 أيها الإخوة الكرام، من عظيم إكرام الله عز وجل، أن الإنسان حينما يخطو الخطوة الأولى في طريق التقوى يكفّر الله عنه سيئاته، وينسي حفظته وبقاعَ الأرض كلَّها خطاياه وذنوبه، ويعظم له أجره، إذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض:
 " أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله "
 كلمة هنيئاً تقال حقيقةً لمن اصطلح مع الله.
 ورد في الأثر:

(( ابنَ آدم، اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء، عبدي لي عليك فريضة، ولك علي رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي إن لم ترض بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك، ولا أبالي، وكنت عندي مذموماً، أنت تريد، وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد ))

 قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً ﴾

(سورة الطلاق: الآية 5)

الموضوع الخامس عشر: التيسير من نتائج التقوى :

 من عظيم إكرام الله عز وجل أن الإنسان حينما يخطو الخطوة الأولى في طريق التقوى يجعل الله له من أمره يسرا.
 لمجرد أن تصطلح مع الله، يرد الخالق العظيم على هذه الخطوة المباركة بأنه ييسرك لليسرى، قال تعالى:

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (*)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (*)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾

(سورة الليل: 5- 7)

 قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ﴾

(سورة الطلاق: الآية 4)

 تنحل العقد، وتفرج الكرب، ويصبح الحزن سهلاً، والعسير متاحاً.

الموضوع السادس عشر: التقوى مَخرَج من كل ضيق :

 من عظيم إكرام الله عز وجل أنه جعل التقوى مخرجاً للإنسان من كل ضيق، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

(سورة الطلاق: الآية 2)

 إعجاز هذه الآية في إيجازها، وبلاغتها في إطلاقها.

 عن أبي ذر رضي الله عنه قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذه الآية:
 { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } قال: فجعل يرددها حتى نعست فقال:

(( يا أبا ذر لو أن الناس أخذوا بها لكفتهم ))

[ حديث صحيح الإسناد، أخرجه الحاكم في مستدركه ]

 حينما تضيق، وتستحكم الحلقات، وتسد المنافذ، وتنتصب العقبات، ويقترب الإنسان من القنوط، تأتي التقوى فيتسع بها الضيق، وتحل بها العقد، وتفتح بها المسالك، وتذلل بها العقبات.
 هذه الآية إذا نزعناها من سياقها ينبغي أن تؤلّف عليها مجلدات.
 من يتق الله عند نزول المصيبة فيوحده، ويصبر لحكمه، ويرضى بقضائه، ويثبت على مبدئه، واستقامته، يجعل الله له مخرجاً منها، ويبدل ضيقه فرجاً، وخوفه أمناً، وعسره يسراً،
 ومن يتق الله فلا يسمح للأفكار الزائفة أن تأخذ طريقها إلى عقله، يجعل الله له مخرجاً من الضياع والحيرة والضلال، وخيبة الأمل، والإحباط والكآبة.
 ومن يتق الله فيبرأ من حوله وقوته وعلمه، يجعل الله له مخرجاً مما كلفه به ويعينه عليه.
 ومن يتق الله فيقف عند حدود الله، فلا يقربها، ولا يتعداها يجعل الله له مخرجاً من الحرام إلى الحلال، ومن الضيق إلى السعة، ومن النار إلى الجنة.
 ومن يتق الله في كسب رزقه، فيتحرى الحلال الذي يرضي الله عز وجل يجعل الله له مخرجاً من تقتير الرزق بالكفاية، ومن إتلاف المال بحفظه ونمائه.
 ومن يتق الله في اتباع السنة، يجعل الله له مخرجاً من ضلال أهل البدع ونتائج ابتداعهم.
 ومن يتق الله في اختيار زوجته، وفي التعامل معها يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي.
 ومن يتق الله في تربية أولاده، يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم ومن شقائه بشقائهم.
 ومن يتق الله في اختيار عمله وحسن أدائه يجعل الله له مخرجاً من إخفاقه.

تقوى الحسن البصري تنجيه من القتل :

 أيها الإخوة الكرام، كتطبيق عملي لهذه القاعدة أسوق لكم هذه القصة:
 لما ولّي الحجاج العراق، وطغى في ولايته، وتجبَّر، كان الحسن البصري أحد الرجال القلائل الذين أدوا أمانة النصح، وصدعوا بكلمة الحق، فعلم الحجاج أن الحسن البصري قد ناله في مجلس عام، فماذا فعل؟
 دخل الحجاج إلى مجلسه وهو يتميز من الغيظ، وقال لجلاده: تباً لكم وسحقاً، يقوم عبد من عبيد أهل البصرة، ويقول فينا ما شاء أن يقول، ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه، والله لأسقينكم من دمه يا معشر الجبناء، ثم أمر بالسيف والنطع تمهيداً لقتله، وأمر بإحضاره لقطع رأسه، ولما وصل الحسن إلى مجلس الحجاج، ورأى السيف والسياف والنطع ممدوداً حرك شفتيه، ولم يدر أحد ماذا قال، ثم أقبل على الحجاج، وعليه جلال المؤمن، وعزة المسلم، ووقار الداعية إلى الله، فلما رآه الحجاج على هذه الحالة هابه أشد الهيبة، وقال له: هاهنا يا أبا سعيد، أي تعال اجلس هنا، فما زال يوسع له، ويقول: هاهنا، والناس لا يصدقون ما يقول، فهو طلبه ليقتله، والنطع جاهز، والسياف جاهز، وكل شيء جاهز لقطع رأسه، فكيف يستقبله الحجاج، ويقول له: تعال إلى هنا يا أبا سعيد، تعال إلى هنا يا أبا سعيد، حتى أجلسه على مجلسه، ووضعه بجانبه، ولما أخذ الحسن مجلسه التفت الحجاج، وجعل يسأله عن بعض أمور الدين، والحسن يجيبه عن كل مسألة بجنان ثابت، وبيان ساحر، وعلم واسع، فقال له الحجاج: أنت يا أبا سعيد سيد العلماء، ثم دعا بغالية، وهي نوع من أنواع الطيب، وطيب له بها لحيته وودعه، ولما خرج الحسن من عنده تبعه الحاجب، وقال له: يا أبا سعيد، لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك، دعاك ليقتلك، والذي حدث أنه أكرمك، وإني رأيتك عندما أقبلت، ورأيت السيف والنطع قد حركت شفتيك فماذا قلت؟ قال الحسن: لقد قلت: يا رب يا وليّ نعمتي، يا ملاذي عند كربتي، يا مؤنسي في وحشتي، اجعل نقمته علي برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم:

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

(سورة الطلاق: الآية 2)

الموضوع السابع عشر: التقوى تورث بصيرةً تميز الحق :

 التقوى مستويات عديدة، لكن الله عز وجل يقول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾

(سورة آل عمران: الآية 102)

 فمن التقوى أن تستقيم على أمر الله الذي وصلك بالنقل الصحيح، فإن صحت استقامة العبد انعقدت صلته بالله، ومن خلال هذه الصلة يقذف الله في قلب المؤمن التقي النور فيرى به الحق حقاً والباطل باطلاً، يرى به الخير خيراً والشر شراً، الصحيح صحيحاً، والزائف زائفاً، يرى المؤمن بنور ربه حقائق الأمور وبواطنها ومؤداها ونتائجها، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾

(سورة الأنفال: الآية 29)

 تفرقون به بين الحق والباطل:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾

(سورة الحديد: الآية 28)

الموضوع الثامن عشر: التقوى تورث الكرامة عند الله :

 ألا يتمنى أحدنا أن يكون أكرم الناس عند الله؟ إذاً فليتق الله، قال تعالى:

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

(سورة الحجرات: الآية 13)

 ورد في بعض الأحاديث:

(( .. ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله عز وجل، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق مما في يده ))

[ من حديث صحيح، أخرجه الحاكم في مستدركه ]

الموضوع التاسع عشر: التقوى تكسب العبد محبةَ الخالق والخلق :

 ألا يتمنى أحدنا أن يحبه خالق السماوات والأرض؟ وإذا أحبك الحق ألقى محبتك في قلوب الخلق، وأنزل السكينة على قلبك، وجعل لك مقعد صدق عنده:

فليتك تحلو والحياة مـــريرة  وليتك ترضى والأنام غضاب
ولـيت الذي بيني وبينك عامر  وبـيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الوصل فالكل هيّن  وكل الذي فوق التراب تراب

***
فـلو شاهدت عيناك من حسننا الذي  رأوه لما وليـــت عنا لغيرنـا
ولو سـمعت أذناك حسن خطابنـا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنا
ولو ذقــــت طعم المحبة ذرة  عـذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنا
ولو نسمت من قربنــا لك نسمة  لمُــتَّ غريباً واشتياقاً لقربنـا
***

 إذاً فلنتق الله، قال تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾

(سورة النحل: الآية 128)

الموضوع العشرون: التقوى سببٌ لكل فوز وفلاح ونجاح :

 الفلاح كل الفلاح، والنجاح كل النجاح، والفوز كل الفوز، والرشاد كل الرشاد، والتفوق كل التفوق، والغنى كل الغنى، والتوفيق كل التوفيق، والسعادة كل السعادة في تقوى الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

(سورة البقرة: الآية 189)

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

(سورة الأحزاب: الآية 71)

الموضوع الواحد والعشرون: التقوى تعين العبد على شكر مولاه :

 إذا شعر الإنسان أنه مغمور بفضل الله، وتاقت نفسه إلى شكره نظر حواليه كيف يشكر الله عز وجل وهو قائم به، غارق في فضله؟

﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾

(سورة النحل: الآية 53)

﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾

(سورة النحل: الآية 18)

 أنتم عاجزون عن إحصاء خيرات نعمة واحدة، فلأن تكونوا عاجزين عن إحصاء كل النعم من باب أولى، وإذا كنا عاجزين عن إحصائها فنحن عن شكرها أشد عجزاً، لكن الله عز وجل لعظيم كرمه يبين لنا أن الإنسان الذي يتقي ربه يضع قدمه في طريق الشكر، قال تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

(سورة آل عمران: الآية 123)

وأخيراً :

 مجمل القول: التقوى أن تتقي الكفر بالإيمان، والشرك بالتوحيد، والرياء بالإخلاص، والكذب بالصدق، والغش بالنصيحة، والمعصية بالطاعة، والابتداع بالاتباع، والشبهة بالورع، والدنيا بالزهد، والغفلة بالذكر، والشيطان بالعداوة.
سيدنا عمر بن عبد العزيز عين له مستشاراً خاصاً اسمه عمر بن مهاجر، وقال له: يا عمر، إذا رأيتني قد ضللت فخذ بمجامع ثيابي، وهزني هزاً عنيفاً، وقل لي: اتق الله يا عمر، فإنك ستموت.

تزود من الــتقوى فإنك لا تـدري  إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر؟
فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحـكا ً وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم من صغار يرتجى طول عمرهم  وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبـر
وكم من عروس زينوهــا لزوجها  وقد قبضـت أرواحهم ليلة القدر
***

 أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.

* * *

الخطبة الثانية :
 الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سينا محمد عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

علاج ابيضاض العين من القرآن :

 أيها الإخوة الكرام، لأول مرة في العالم الإسلامي عالِم مسلم يصنع قطرة لمعالجة مرض شائع في الإنسان، ألا وهو ابيضاض العين، وعند العامة

(المياه الزرقاء)

 موضوع علمي رصين موثق ألقي في مؤتمر الإعجاز العلمي السابع في دبي، هذا الموضوع أستوحي من قصة يوسف عليه السلام، قال تعالى عن سيدنا يعقوب:

﴿ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾

(سورة يوسف: الآية 84)

 في أول ظهور المياه البيضاء يشعر الإنسان، وكأن الدنيا في وضح النهار ملبدة بالغيوم، وهذه الظاهرة تزداد إلى أن يفقد الرؤية كلياً، العدسة الشفافة التي في العين تصبح بيضاء معتمة لا تسمح للصورة أن تخترقها.
 هذا العالم المسلم فكر بأن قميص يوسف عليه السلام حينما ألقي على وجه يعقوب ارتدّ بصيراً، فماذا في القميص؟
 قال هذا العالم: ليس في القميص إلا العرق، والعرق مادة تفرزها غدد العرق في الإنسان التي تزيد على عشرات الملايين، حلل العرق فكان مؤلفاً من أربعة وستين نوعاً من المواد، جيء بهذه المواد مادة مادة، وقطر فوق عدسة مصابة نزعت من مريض، وضعت قطرات من هذه المواد بالتتالي، أحد هذه المواد وهي البولين أعادت العدسة شفافة.
 إلى الآن المطبق في العالم هو عمليات جراحية تستأصل فيها العدسة كلياً، وفي أحدث معالجة جراحية يسحب ماؤها، وتوضع عدسة ملفوفة في هذه العدسة الأصلية.
أما أن يكون في العرق مادة تعيد الابيضاض في العدسة إلى شفافية،فهذا مستنبط من قوله تعالى:

﴿ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً ﴾

(سورة يوسف: الآية 96)

 أيها الإخوة الكرام، الشيء الذي ينبغي أن يكون واضحاً أن سيدنا يعقوب لما ابيضت عيناه من الحزن، قال عنه الله عز وجل:

﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾

(سورة يوسف: الآية 84)

 وجاء على لسان سيدنا يوسف:

﴿ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (*)وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (*)قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (*)فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

(سورة يوسف 93- 96)

 من هنا كانت البداية والاهتداء.

قبول عالمي وبراءة اختراع :

 أيها الإخوة الكرام، هذا الموضوع عرض على مؤسستين لتسجيل براءة الاختراع في أوربة وأمريكة فقُبِل، سجلت هذه البراءة في أوربة عام 1991، وفي أمريكة عام 1993.
 أيها الإخوة الكرام، بعد وضع هذه المادة على العدسة الشفافة كانت هذه العدسة لا يدخل منها إلا اثنان بالمئة من الضوء، بعد وضع هذه المادة دخل ستون بالمئة، ثم تسعون، ثم خمسة وتسعون، وبعد ساعة بكاملها أصبحت هذه العدسة تدخل تسعة وتسعين بالمئة من الضوء، هذه التجربة أجريت على مئتين وخمسين متطوعاً، والنجاح كان تسعين بالمئة.
 إذاً قطرة للعين تعيد للعين شفافيتها بعد أن ابيضت بسبب قطرة مأخوذة من عرق الإنسان، استناداً لقوله تعالى:

﴿ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً ﴾

(سورة يوسف: الآية 96)

 إذاً في القرآن الكريم إشارات علمية حبذا لو أن علماء المسلمين وقفوا عندها وقفة متأنية.
 الله عز وجل ذكر في القرآن الكريم ما يزيد على ألف وثلاثمئة آية فيها سبق علمي، وإشارات علمية، لو وقفنا عندها متأملين لكشفنا حقئق كانت غائبة عن معظم البشر.

دعاء الختام

 اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك.
 اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت.
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين.
 اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.
 وصلِّ اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور