وضع داكن
18-04-2024
Logo
الخطبة : 0807 - معرفة الله تعالى من أسمائه الحسنى .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:

 الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبئشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

من خاف الله انعدم خوفه مما سواه :

 أيها الأخوة الكرام، حينما تعالج المشكلات ينبغي أن تحدد أولاً، ثم يوصف الحل ثانياً، ففي الخطبة السابقة تحدثت عن قوله تعالى:

﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة آل عمران:173-174]

 ثم يقول الله عز وجل :

﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة آل عمران: 175 ]

 أن يخوف المؤمنين، فلا، فهم ليسوا منِ أوليائه، إنما أولياؤه هم من الطواغيت، من طواغيت الأرض:

﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾

[ سورة آل عمران: 175 ]

 أيها الأخوة الكرام، كل أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك، وكل نهيٍ في القرآن الكريم يقتضي الانتهاء ما لم تقم قرينة على كراهته، في هذه الآية:

﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ﴾

[ سورة آل عمران: 175 ]

 ينهانا الله عن أن نخاف غيره:

﴿وَخَافُونِ﴾

[ سورة آل عمران: 175 ]

 ويأمرنا الله أن نخافه وحده، فبقدر خوفك من الله ينعدم خوفك مما سواه، وبقدر عدم خوفك منه يشتد خوفك مما سواه، وكأن هذا قانون، إن خفت الله وحده لن يخيفك من الخَلق أحدٌ، وإن لم تخف الله أخافك من كل شيء أخافك من أضعف الأشياء فكيف بأكبر الأشياء؟
 أيها الأخوة الكرام : هذه الآية يجب أن نفهمها فهماً دقيقاً، الشيء الذي يلفت النظر أن الناس إذا كان فيما بينهم دعوى، والخصم كبير جداً، وهناك اجتهادٌ بمحكمة النقض واضح جلي لصالح المدعى عليه، يطمئن، لماذا اطمئن؟ بكلمات في مجلة عدلية، بكلمات على ورق، امتلأ قلب المدَّعى عليه طمأنينة، لأنّه شعَر أن بلداً يحكمه العدل، والقاضي متفهم، والاجتهاد واضح، فلماذا إذًا حينما نقرأ القرآن لا تمتلئ قلوبنا بالطمأنينة وهو كلام خالق الأكوان؟ وهو كلام الله عز وجل؟ وفضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه، ولعل هذا معنى قوله تعالى:

﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾

[ سورة إبراهيم: 27 ]

 أي أنّ وعد الله ووعيده متحقّق لا محالة، ولزوال الكون أهون على الله من ألاّ يحقق وعده، إذا وعد المؤمنين.
 أيها الأخوة الكرام :

﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ﴾

[ سورة آل عمران: 175 ]

 ينبغي ألاّ تخاف غير الله، وينبغي أن تخاف الله، فكلما ازداد خوفك من الله تلاشى خوفك من غير الله :

﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾

[ سورة آل عمران: 175 ]

 الطواغيت :

﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة آل عمران: 175 ]

معرفة الناس بالله معرفة ضعيفة ودليل ضعفها خوفهم مما سواه :

 أيها الأخوة الكرام، معرفة الناس بالله ضعيفة، ودليل ضعفها خوفهم مما سواه، هذا مؤشر لا ينبغي أن يكون مقبولاً، معرفة الناس بالله ضعيفة، ودليل ضعفها أنهم يخافون من غير الله، هم عرفوه خالقاً للكون، بل إن الذين عبدوا الأصنام حينما سئلوا قالوا:

﴿لا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ﴾

[ سورة الزمر: 3 ]

 معنى ذلك قد تؤمن بأن الله خالق الأكوان، ولكنك لا تعرفه المعرفة التي تقطف ثمارها، يقول الله عز وجل :

﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾

[ سورة الإسراء: 110 ]

  هل عرفت أسماء الله الحسنى؟ له الأسماء الحسنى.
 أيها الأخوة الكرام، في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

 أيها الأخوة، مستحيل وألف ألف مستحيل أن تعرفه، ثم لا تحبه، فعليك أن تعرفه من خلال أسمائه الحسنى، إذا أحصيتها- وسأتكلم عن معنى إحصائها- مستحيل أن تعرفه ثم لا تحبه، ومستحيل أن تحبه ثم لا تطيعه.

تعصي الإله وأنت تظهر حبــه  هذا لعمري في المـقال شنيـع
لو كان حبك صادقاً لأطعتـــــه  إن المحب لمن يحب مطــيع
***

 مستحيل أن تحبه ثم لا تطيعه، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه ثم لا تسعد بقربه في الدنيا والآخرة، لا يمكن أن تطيعه وتشقى، ولا يمكن أن تعصيه وتسعد.

﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾

[ سورة طه: 123 ]

﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 38 ]

 أريد في هذه الخطبة أن أتحدث عن الحل، المشكلة هي الخوف الذي يبثه طواغيت الأرض، الخوف الذي يبثه في العالم كله، الخوف الذي يبثُّه في العالم الإسلامي كله، وحيد القرن.

معنى الإحصاء في قوله تعالى : لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً :

 أيها الأخوة الكرام :

((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

 ما معنى أحصاها؟ لأن الله عز وجل يقول:

﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً ﴾

[ سورة مريم: 94 ]

 فالإحصاء شيء، والعد شيء آخر، يقول عليه الصلاة، والسلام:

((.....مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

 ماذا قال العلماء الأجلاء عن معنى أحصاها؟ قالوا: من أحصاها أيْ استوفاها، يريد ألاّ يقتصر على بعضها، هناك من يعجبه إن الله غفور رحيم، ولا ينتبه أنه شديد العقاب، هناك من يعجبه بعض الأسماء ولا يحصي كل الأسماء، فرق كبير بين أن تفهم الأسماء الحسنى كلها، فكما أن الله رحيم فهو كذلك عدل، وكما أنه كريم فهو كذلك منتقم، وكما أن رحمته واسعة فعذابه شديد.

﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾

[ سورة الحجر: 49 ـ 50 ]

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾

[ سورة الزمر: 53 ـ 54 ]

 يجب أن تحصيها كلها، يجب أن تفهمها كلها، أما أن تأخذ من الأسماء ما يروق لك، وأن تدع منها ما يخيفك، فهذا ليس من إحصائها، المعنى الأول لإحصاء الأسماء أن تستوفيها، أي ألا تقتصر على بعضها ولكن أن تدعو الله بها كلها، وتثني عليه بجميعها، فعندئذٍ يستوجب الوعد من الثواب وهو الجنة.
 المعنى الثاني أيها الأخوة من معاني إحصائها: من أحصاها دخل الجنة، أي كان في دنيا الله آمناً من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها، وأن يعقل معانيها ويلزم نفسه بواجباتها، هذا معنى الإحصاء، هذا معنى آخر من معاني الإحصاء: مَنْ أحْصَاها دَخَلَ الجَنَّةَ.
 وقال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: المرجو من كرم الله تعالى أن من حصل له إحصاء هذه الأسماء على إحدى هذه المراتب، مع صحة النية أنْ يُدخله الله الجنة، وهذه المراتب الثلاث: للسابقين والصديقين وأصحاب اليمين، ومعنى أنه " أحْصَاها " أي عرفها، وأصل الدين معرفة الله، وما من مشكلة تنشأ في الأرض إلا بسبب ضعف التوحيد، ما من خوف يتسرّب إلى قلب الإنسان إلا بسبب نقص في التوحيد، ما من نفاق يكون في الأرض إلا بسبب ضعف التوحيد، ما من دجل إلا بسبب ضعف التوحيد، لو أننا وحدنا الله حق التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، لكنا في حال غير هذا الحال مع الله، وقيل "مَنْ أحْصَاها " أي أراد بها وجه الله وإعظامه دَخَلَ الجَنَّةَ، أراد مِن تَعَلُّم الأسماء الحسنى إعظامَ الله، وتوقيره لأن العارف بها لا يكون إلا مؤمناً والمؤمن يدخل الجنة.

علاقة الأسماء الحسنى بحياتنا اليومية :

 سوف أريكم إن شاء الله علاقة الأسماء الحسنى بحياتنا اليومية، من عرف حكمة الله، ما من حدث يقع في الأرض، ولو بدا غريباً، ولو بدا قاسياً، ولو بدا موقّعه أحمقَ، أي شيءٍ وقع في الأرض، لأن الله سمح له أن يقع، فهناك حكمة عرفها مَن عرفها، وغفل عنها من غفل عنها، ينبغي أن توقن إذا أيقنت بأن الله حكيم، وأن كل شيء وقع أراده الله، وأن كل شيء أراده الله وقع، وأن إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وأن حكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق، لا تقل عندئذٍ: لو لم يقع الذي وقع لكان خيراً، لو لم يقع الذي وقع لكان المسلمون في خير، لو لم يقع الذي وقع لكنا أفضل من ذلك، كلمة (لو) لا وجود لها في قاموس المؤمن.
 عن أبي هُريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

((إنْ أصابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَني فَعَلْتُ كَذَا كانَ كَذَا وَكَذَا، وَ لَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَما شاء فَعَلَ، فإنَّ "لَوْ" تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطانِ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 هذا الذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله، وهذا الذي لم يقع لو وقع لكان الله ملوماً، لذلك يجب أن توقن بحكمة الله، فحينما تعرف اسم الحكيم تُفَكِّر بأنّ كل ما يجري في الأرض من خلال هذا الاسم، تقول: هناك حكمة لا أعرفها، لكن لا بد من أن يأتي وقت تكشف للخلق عامة.
 أيها الأخوة الكرام، من عرف أن الله سبحانه وتعالى عدلٌ لا يمكن أن يأكل قرشاً حراماً، ولا أن يعتدي لا بلسانه ولا بيده ولا بقلبه على إنسان، هذا الذي يجري بين المسلمين من عدوان على أموالهم، وعلى أعراضهم، وحينما يسلب من المسلم بعض ماله، وحينما تنتهك حرماته، وحينما يسفك دمه، فالذي فعل هذا لا يعرف اسم العدل.

﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 92 ـ 93 ]

 قَالَتْ عَائِشَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

((لَيَأْتِيَنَّ عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَاعَةٌ يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ قَطُّ))

[أحمد َعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ]

 أيها الأخوة الكرام، حينما يقف الإنسان على معنى الجبار والعظيم، يقر له، ويخضع، ولا يتأله، كما يتأله الغربيون، ولا يتكبر كما يتكبرون، ولا يتغطرس كما يتغطرسون، ولا يستعلي كما يستعلون.

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾

[ سورة القصص: 4 ـ 6 ]

ما من اسمٍ من أسماء الله الحسنى إلا ويعطي الإنسان نوراً في الحياة :

 أيها الأخوة الكرام، لكن من حفظها عداً، وأحصاها سرداً، ولم يعمل بها، يكن كمن حفظ القرآن، ولم يعمل به، ورُبَّ تالٍ للقرآن، والقرآن يلعنه، من حفظها عداً، ومن أحصاها سرداً، ولم يعمل بها يكون كمن حفظ القرآن ولم يعمل به، لكن ما من اسمٍ من أسماء الله الحسنى تعرف حدوده وأبعاده ومعانيه الدقيقة وتطبيقاته العملية وحكمته البالغة إلا ويعطيك نوراً في الحياة، تفهم الأشياء من خلال أسماء الله الحسنى، ومن خلال حكمته، من خلال عدله، من خلال انتقامه، من خلال جبروته، هو الذي يقهر كل الناس، سبحان من قهر عباده بالموت.
 أيها الأخوة الكرام ، وقال بعض العلماء: ليس المراد بالإحصاء عدها فقط، لأنه قد يعدها الفاجر، وإنما المراد العمل بها، قال أبو عباس: " يحتمل الإحصاء معنيين، أحدهما أن المراد تتبعها من الكتاب والسنة حتى يحصل عليها، والثاني أن المراد أن يحفظها وأن يعمل بها بعد أن يجدها محصاة" دققوا في هذا الحديث أيها الأخوة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا))

[أحمد َعَنْ عبد الله ]

 لذلك قال تعالى:

﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾

[الإسراء: 110]

﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

أسماء الله وصفاته لا تعلم إلا من الكتاب أو السنة أو الإجماع ولا يدخل فيها القياس :

 وقال بعض العلماء: أسماء الله وصفاته لا تعلم إلا بالتوقيف من الكتاب أو السنة، أو الإجماع، ولا يدخل فيها القياس.

﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً ﴾

[ سورة الطارق: 15 ـ 16 ]

 لا يقال: الله كائد، لا يقاس في أسماء الله الحسنى، ولا تؤخذ بالقياس، لأن كيد الله غير كيد البشر، تدبير حكيم عدل يلغي به تدبير الكافرين، ويحمي بتدبيره المؤمنين، هذا كيد الله عز وجل .

﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾

[ سورة آل عمران: 54 ]

 لا يقاس: من مكروا، ومكر الله: الله ماكر، ذلك أن مكر الله يعني تدبيراً يلغي مكرهم.

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾

[ سورة آل عمران: 120 ]

 أيها الأخوة الكرام :

﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

 قال أهل التفسير من الإلحاد في أسمائه تسميته بما لم يرد في الكتاب أو السنة الشريفة.

 

من عرف أسماء الله الحسنى لا يُعظّم غير الله :

 أيها الأخوة الكرام، المسلم حينما يعرف أسماء الله الحسنى لا يعظم غير الله، أديب مع الخلق جميعاً، لا يحتقر أحداً، ولكن لا يملأ قلبه إلا تعظيم الله عز وجل.
 العز بن عبد السلام حينما أنكر على السلطان الذي كان في عصره وهو بخيله وخيلائه، وسأله أحد تلاميذه أما خفت السلطان؟ قال: والله تذكرت عظمة الله عز وجل فصار السلطان أمامي لا شيء، لذلك قال الظاهر بيبرس: والله ما استقر ملكي حتى مات العز بن عبد السلام.
 أنت حينما تعرف الله لا تعظِّم غير الله، ولا تخشَى إلا الله، ولا ترجُو غير الله، يا أبا حنيفة لو تغشيتنا، هذا ما قاله أبو جعفر المنصور لأبي حنيفة، فسأله قائلاً: ولِمَ أتغشاكم وليس لي عندكم شيءٌ أخافكم عليه؟ وهل يتغشاكم إلا من خافكم على شيء، إنك إن أكرمتني فَتَنتني، وإن لم تكرمني أزريت بي، حينما يمتلئ قلبك بتعظيم الله، لا ترى إلا الله، ولا تعظم غير الله، ولا ترجُو غير الله، ولا تخاف إلا من الله، كنت أدعو بهذا الدعاء كثيراً: "اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك، ومن الذل إلا لك، ومن الفقر إلا إليك " فمن جلس لغني فتضضع له ذهب ثلثا دينه، هذا من آثار معرفة أسماء الله الحسنى، ومعرفة الأسماء الحسنى فرض عين، إنها أكبر جزء من الإيمان بالله، والإيمان بالله هو كل شيء.
 سيدنا هود عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وقومه هم المتجبرون، المتغطرسون الأقوياء الأشداء المنتقمون، قالوا:

﴿قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة هود: 53 ]

 فعلم هود أنهم قوم لا يعرفون إلا منطق التحدي، وقوم لا يعرفون منطق الحوار، فقال لهم متحدياً:

﴿ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة هود: 54 ـ 56 ]

 لأن هذا النبي الكريم علم أن نواصي العباد بيد الله، علم أن الأقوياء بيد الله، علم أن المتغطرسين بيد الله فقال:

﴿مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة هود: 55- 56 ]

 حينما تدرك أن أمرك بيد الله وحده، وأن الذي أودع فيك هذه الروح لا يأخذها إلا هو، وأن سلطان البشر مقطوع عن أرزاق العباد وعن أعمارهم، وأن كلمة الحق لا تقطع رزقاً ولا تقرب أجلاً، فتكون إذًا شجاعاً، ولا تكون منافقاً، هذا الإيمان الذي يملأ القلب طمأنينة.

 

من عرف أسماء الله الحسنى فهو مع الله :

 أيها الأخوة، حينما تعرف أسماء الله الحسنى ماذا تفعل؟ حينما يأتيك بالخبر الصحيح، بالسنة الصحيحة، أن الله جل جلاله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وحينما تعلم أن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائلٍ فأعطيه سُؤله؟ أي هذا الحديث يتعطل في هذه الأيام، هذا الحديث الذي سأتلوه عليكم لا علاقة له بهذه الأحداث؟! هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل طالب حاجة فأقضيها له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ حتى ينفجر الفجر.
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 إذا عرفت الله فأنت شيءٌ متميز جداً، أنت متواضع ولكنك متميز لست مع الرعاع، ولست مع الغوغاء، ولست مع دهماء الناس، ولست مع الطبقة التي تجمعها كلمة وتفرقها كلمة، أنت مع الله.

 

من خاف من الله نُزع من قلبه خوف البشر :

 أيها الأخوة الكرام، وحينما كان سيدنا موسى مع أصحابه، وقصص الأنبياء كما ذكرها الله في القرآن لا لنتسلى بقراءتها، أو لنستمتع بحوادثها، لكن من أجل أن تكون قوانين لنا، سيدنا موسى مع شرذمة من بني إسرائيل يتبعهم فرعون بجبروته، وقهره، وقسوته، وانتقامه، وجيشه:

﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾

[سورة الشعراء: 61]

 والبحر أمامنا، وفرعون وراءنا، وبالمنطق، وبالفكر، وبالعقل، وبالواقع، وبالمعطيات والحسابات لا أمل، ولا واحد بالمليون.

﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾

[ سورة الشعراء: 61 ـ 62 ]

 ما الذي حصل؟ أن سيدنا موسى أُمر أن يضرب البحر بعصاه فأصبح طريقاً يبسا، دخل مع بني إسرائيل ولما خرج دخل فرعون فأدركه الغرق، وحينما كان يغرق قال:

﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة يونس: 90 ]

 وهل من مصيبة أشد من أن ترى نفسك في بطن الحوت؟ في ظلمة بطن الحوت، وفي ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر، والدعاء سالك، قد تشتري جهازاً خلوياً بأي منطقة خارج التغطية، التغطية في بطن الحوت.

﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء 87: ـ 88 ]

 انتبه إلى التعليق:

﴿وَكَذِلَكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِين﴾

[ سورة الأنبياء 88 ]

 لا تخف إلا من الله، ومن خاف من الله نزع من قلبه خوف البشر، من خاف من الله لم ينافق، ولم يداهن، ولم يقل قولاً ليس قانعاً به، وأكثر من يقولون، يقولون ما يقولون والله الذي لا إله إلا هو هم ليسوا قانعين بما يقولون، من خوف البشر.

 

أعظم درجات الإيمان أن ترى أن الله معك يراقبك في خلوتك وجلوتك :


 أيها الأخوة الكرام :

﴿قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾

[ سورة طه: 46 ]

 السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: سبحان من سمع الأصوات، فلقد كانت المجادلة، المرأة التي جاءت النبي عليه الصلاة والسلام وانتحت به زاوية الغرفة وأسرّت له: إن زوجي تزوجني وأنا شابة، ذات أهل ومال وأولاد، فلما كبرت سني وذهب مالي وتفرق أهلي ونثرتُ بطني، قال: أنتِ علي كظهر أمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا، فبكى النبي عليه الصلاة والسلام ، فإذا بالسيدة عائشة لم تسمع واضح كلامها، فقد كانت تسر إلى النبي، فإذا بالوحي يتنزل:

﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾

[ سورة المجادلة: 1 ]

 وذات يوم كان عمر يركب دابة فلما رأى هذه المرأة نزل عن دابته وأصغى إلى كلامها بأدب جم، قيل له: أمير المؤمنين يفعل هذا؟! قال: ألا أستمع إليها وقد استمع الله إليها من فوق سبع سموات، [ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ]، فأعظم درجات الإيمان أن ترى أن الله معك، وأنه يراقبك في خلوتك وفي جلوتك، يقول الله عز وجل :

﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾

[ سورة المجادلة: 7 ]

 أنت حينما تعرف اسم السميع، وحينما تعرف اسم البصير، وحينما تعرف اسم العليم.

﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴾

[ سورة الرعد: 10 ]

 إن الله يسمع دبيب النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.

إذا خلوت بغيبــــــــــــة في ظلمة  والنفس داعية إلى الطغيــان
فاستح من نظر الإله وقل لها  إن الذي خلق الظلام يرانــي
***

الابتعاد عن الظن بالله ظن السوء :

 أيها الأخوة الكرام، نحن في أمسِّ الحاجة إلى معرفة أسماء الله الحسنى، من أجل أن ننضبط، من أجل أن نضبط أقوالنا، من أجل أن نضبط أفعالنا، من أجل أن نثق به، من أجل أن نتوكل عليه، من أجل أن نعتز بمعرفته، من أجل ألا نذل لأحد، من أجل أن يكون القلب ممتلئاً بالأمن، الذي لو وُزِّع على أهل بلد لكفاهم.
 أيها الأخوة الكرام، يقول أحد العلماء الأجلاء: من ظنّ أن الله سبحانه وتعالى لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفسر بأن ما أصاب الصحابة الكرام لم يكن بقضاء الله وقدره ولا حكمة له فيه، ففسر هذا منكراً حكمته فهو لا يعرف الله، ولا عرف أسماءه الحسنى، ولا صفاته الفضلى، إنه ظنُّ الجاهلية، الجاهل له ظن بالله، والمؤمن له ظن آخر.
 أيها الأخوة الكرام، أيّ ظن لا يليق بأسماء الله الحسنى فهو ظنُّ الجاهلية، وهذا الظن سوف يردي الإنسان، من ظن أنه لا ينصر رسله، ولا يتم أمره، ولا يؤيده، ولا يؤيد جنده ويعليهم، ويظفرهم بأعدائه، ومن ظن أن الله عز وجل لا ينصر دينه ولا كتابه، وأنه ينصر الشرك على التوحيد، والباطل على الحق، وللباطل إزالة مستقرة يضمحل معها التوحيد والحق اضمحلالاً لا يقوم بعده أبداً، فقد ظن بالله ظن السوء، ونسبه إلى خلاف ما لا يليق بكماله وجلاله وصفاته ونُعوته، إن عزة الله عز وجل وحكمته تأبى ذلك، تأبى أن يذل حزبه وجنده، وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم لأعدائه المشركين به، من ظن به ذلك فما عرفه، ولا عرف أسماءه، ولا عرف صفاته، أنقل لكم هذا الكلام لأنني أعني ما أقول، من ظن أن الله يتخلى عن المسلمين في العالم، وأن الإسلام قد انتهى، وأن الإسلام أصبح إرهابياً، وأن القوى الجبارة سوف تسحقه، هذا لا يعرف الله أبداً، ولا يعرف أسماءه ولا صفاته، أنا أتحدث عن المسلمين في العالم.
 أيها الأخوة الكرام، من أنكر أن يكون الذي حدث ليس بقضاء الله وقدره فما عرف الله وما عرف أسماءه ولا صفاته، من أيقن أن هذا بقضاء الله وقدره ولكن لا حكمة فيه فقد أنكر أسماء الله وصفاته.
 أيها الأخوة الكرام، من قنط من رحمته، وأيس من روحه فقد ظن به ظن السوء، ومن جوز عليه أن يعذب أولياءه مع إحسانهم وإخلاصهم فقد ظن به ظن السوء، إذا كنت مستقيماً تخاف الله، تخاف أن تأخذ ليرة من حرام، تخاف أن تملأ عينيك من الحرام، تخاف أن تتكلم كلمة غيبة تخشى الله، من ظن أن الله سبحانه وتعالى يعذب أولياءه مع إحسانهم وإخلاصهم ويسوي بينهم وبين أعدائه فقد ظن به ظن السوء، من ظن أن الله يترك خلقه سدى معطلين من الأمر والنهي فقد ظنّ ظنَّ الجاهلية.

﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ﴾

[ سورة المؤمنين: 115 ]

﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾

[ سورة القيامة: 36 ]

 من دون أمر ونهي وتوجيه، من ظن أن الله يدع خلقه من دون أمر ونهي، ولا يرسل رسله إليهم، ولا ينزل عليهم كتبه، بل يتركهم هملاً كالأنعام، فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن أن الله لن يجمع عبيده بعد موتهم للثواب- بربكم ملايين من المسلمين يرون أنّ الدنيا هي كل شيء، وأنّ الآخرة يصدقونها تصديقاً باهتاً ضبابياً لا يعني شيئًا، الآخرة حق، وفيها تُسَوَّى الحسابات، وكفاك نصراً على عدوك أنه في معصية الله، وكفاك نصراً أنك مستقيم على أمر الله، وأنك تعرفه، لكن إذا شاءت حكمة الله أن تكون في وقت ما مستضعفاً فماذا تفعل؟ تقول: عليّ أن أعرف الله، وأن أقيم أمره ونهيه- - والعقاب في دار يجازى بها المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، ويبين لخلقه حقيقة ما اختلفوا فيه، ويظهر للعالمين كلهم صدقه وصدق رسله، وأن أعداءه كانوا هم الكاذبين، فقد ظن به ظن السوء.

 

القرآن شفاء لقلوب المؤمنين :

 أيها الأخوة الكرام، أجهزة الإعلام الغربية تغسل عقول الناس، تضعهم في خوف شديد، تضعهم في يأس من النصر، اقرأ القرآن فهو شفاء لقلوب المؤمنين، اقرأ كلام الواحد الديان، اقرأ كلام من بيده الأمر كله.

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾

[ سورة هود: 123 ]

 وبالنسبة لقضية الإعلام أيها الأخوة فلها خبراء وعلماء نفس وراء هذه الأخبار التي تنقل إليكم، هذه الأخبار مؤدّاها أن نقعد، أن نخاف، أن نستسلم، أن نعطي كل شيء بلا ثمن.

 

على الإنسان أن يجعل علاقته مع الله وحده :

 أيها الأخوة الكرام، من ظن أن الله سبحانه وتعالى يضيع على المؤمن عمله الصالح، الذي عمله خالصاً لوجه الكريم، وامتثالاً لأمره، ويبطله عليه بلا سبب منه، وأنه يعاقبه بما لا صنيع له فيه، فهذا يتطاول على الله تعالى، وهناك من يقول: البلاء عامٌّ، وهناك من يتوهم أنك لو كنت صالحاً، لو كنت مصلحاً، لو كنت ناطقاً بالحق، لو كنت آمراً بالمعروف، لو كنت ناهياً عن المنكر، وأصابك البلاء، يقول لك: لست صالحاً ولا مصلحاً، وهذا وهمٌ، وسوء ظنٍّ بالله من القائل.

﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾

[ سورة الزمر: 61 ]

﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾

[ سورة فاطر: 18 ]

 اجعل علاقتك مع الله وحده، كن لي كما أريد أكن لك كما تريد، هناك قول آخر كن لي كما أريد، ولا تعلمني بما يصلحك، أنت تريد وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد، أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد، من ظن أنه يجوز عليه أن يؤيد أعداءه الكافرين فقد ظن بالله ظن السوء، ويقول لك: يا أخي لديهم أسلحة فتاكة، حاملات طائرات، صواريخ، طائرات عملاقة، قنابل تركب أشعة ليزر، تأتي القنبلة في مكانها بدقة ما بعدها دقة، مأخوذ بأسلحتهم، مأخوذ بجبروتهم ، مأخوذ بعظمتهم، مأخوذ باستعداداتهم ويظن أن الله لا يتدخل، وأن الله سبحانه وتعالى أعطى القوي قوة وجعل الضعيف ضعيفاً وترك هذا لهذا، فهذا ليس هو الإيمان، يجب أن نقرأ أسماء الله الحسنى، يجب أن نفهمها جلياً، ينبغي أن نستوعبها، لو أنك التقيت بإنسان لا تعرفه مطلقًا، فسألتَه من أنت؟ يقول لك: اسمي كذا، أهذه هي معرفة؟ انتهت المعرفة باسمه؟ ما فعل شيئاً، بل لا بد أنْ تسأله عن ثقافته، عن وضعه الاجتماعي، عن عمله، حتى تقول أعرفه، الله عز وجل خالق الكون فقط؟ أمَا تعرف شيئًا عن اسم الرحيم؟ عن اسم العدل؟ عن اسم الكريم؟ عن اسم المنتقم؟ عن اسم المتكبر؟ عن اسم الجليل؟ ماذا تعرف؟ ألا ينبغي أن تأخذ من وقتك الثمين من زبدة وقتك وقتاً لتعرف الله، من أجل أن يمتلئ قلبك أمناً وطمأنينة، ألاّ تخاف من أحد، وألاّ ترجو غير الله، آثار معرفة أسماء الله الحسنى لا تقدر بثمن، ما معنى هذا الحديث: " إن بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوارها هم عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني، وحق على المزور أن يكرم الزائر" ما معنى ذلك؟ بماذا يكرمك؟ هل أكلت شيئاً في المسجد؟ هل شربت شيئاً؟ يكرمك بنعمة الأمن، يكرمك بنعمة الحكمة، الكافر أحمق يخرب بيته بيده، يرتكب حماقات لا تعد ولا تحصى، الكافر ممنوع أن يكون حكيماً، قوته تدمره، تدميره في تدبيره، الدائرة تدور عليه، لكن الحكمة من خصائص المؤمن.

﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾

[ سورة البقرة: 269 ]

 أيها الأخوة الكرام، أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يلهمنا الخير، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قراءة القرآن تطمئن القلب و تشفي النفس :

 أيها الأخوة الكرام، مرة ثانية أتمنى أن نقرأ القرآن، وأن نتدبر آياته، ففي القرآن آيات تقرؤها مئات المرات، بل آلاف المرات، ولكن تأتي مناسبة دقيقة جداً، وظرف دقيق فنفهم على ضوئها هذه الآيات، فتجد أن هذه الآية شفاء لما في القلوب، كما أن العسل شفاء للأجسام، القرآن شفاء للنفوس، حينما تقرأ قوله تعالى:

﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾

[ سورة آل عمران196 ـ 197 ]

 ماذا تفعل هذه الآية في نفسك حينما تقرأ قوله تعالى:

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 42 ]

 ماذا تفعل هذه الآية في نفسك حينما تقرأ قوله تعالى:

﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 92 ـ 93 ]

 ماذا تفعل هذه الآية في نفسك حينما تقرأ قوله تعالى:

﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾

[ سورة الزخرف: 79 ]

 أهل الكفر اتخذوا قرارًا بإنهاء الإسلام، تحت غطاء الإرهاب مثلاً، [ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا ]، قال تعالى: [ فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ]، ويتخذ الله قراراً آخر، أنا أريد منكَ أن تكون واثقاً أن الله يفعل ما يريد.

﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾

[ سورة يونس: 24 ]

﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾

[ سورة يونس: 25 ]

 اقرأ قوله تعالى:

﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾

[ سورة محمد: 7 ]

 اقرأ قوله تعالى:

﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

[ سورة الحج: 38 ]

 ألا تكفيك هذه الآية؟ اقرأ قوله تعالى:

﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الروم: 47 ]

 ألا تكفيك هذه الآية؟ اقرأ هذه الآية:

﴿فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾

[ سورة النساء: 141 ]

 ألا تكفيك هذه الآية؟

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي﴾

[ سورة النور: 55 ]

 القرآن الكريم أيها الأخوة شفاء للصدور، شفاء للنفوس.

﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً ﴾

[ سورة الإسراء: 82 ]

 اقرؤوا القرآن كل يوم كي تطمئن قلوبكم، كي تشعروا أن الله بيده الأمر كله، وأنه ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك أن الأمر راجع إليه، قال:

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة هود: 123]

الإعلام الغربي إعلام خبيث ماكر :

 أيها الأخوة الكرام، لا تكن ضحية إعلامٍ ذكي ماكر، هذا الإعلام الغربي إعلام خبيث ماكر، هذه حاملات الطائرات زُودت برؤوس نووية، كلام يجوز على غير المؤمنين، هذه تفعل فعلها عند غير المؤمنين، ترتعد مفاصل الناس غير المؤمنين:

كن مع الله تر الله معك  و اترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنعــــــه ثـم  من يعطي إذا ما منعك
ليس يوقيـــــــك أذاه أحــدٌ إنمــــا  يسقيك من قد زرعـك
***

 أيها الأخوة الكرام، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، وحِّدوا، فهذه كلمة لا إله إلا الله كلمة التوحيد ، لا إله إلا الله أي لا مسير، ولا معطيَ، ولا مانع، ولا رافع، ولا خافض، ولا معز، ولا مذل إلا الله، هذا الكلام يملأ القلب طمأنينة على شرط أن نكون مستقيمين على أمر الله، على شرط أن نتوب إلى الله، أن نعود إليه، أن نستسلم لأمره، أن نقيم الإسلام في بيوتنا، في أعمالنا، أن نغض أبصارنا، أن ندع كل وسيلة مضلة ضالة، مفسدة فاسدة في بيوتنا، أن ندعها حتى يكون البيت بيتًا تدخله الملائكة، حتى يكون البيت مباركًا فيه، فهذا الذي يأتي في بيته كل شيء من المعاصي والآثام، مما يُرى ويُسمع، كيف يستجيب الله له؟ كيف يتصل بالله عز وجل؟ كيف يطلب من الله أن يحفظه؟
 أيها الأخوة الكرام، هذا الذي أردت أن أقوله لكم، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن نكون كما يريد الله منا، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان الله عليك فمن معك؟ ويا ربي ماذا فقد من وجدك؟ وماذا وجد من فقدك؟ والآخرة هي الحياة الحقيقية.

 

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمِنّا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين، اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك، ومن الذل إلا لك، ومن الفقر إلا إليك، نعوذ بك من عضال الداء، ومن شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء، مولانا رب العالمين، اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين، اللهم بفضلك ورحمتك أَعْلِ كلمة الحق والدين وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

تحميل النص

إخفاء الصور