- موضوعات متنوعة
- /
- ٠4موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من ميزات القرآن الكريم:
1 – نزوله في رمضان:
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس من دروس رمضان، وكلكم يعلم أن رمضان شهر القرآن.
2 – القرآن خاتم الكتب:
والقرآن خاتم الكتب، أنزل على خاتم الأنبياء.
3 – المتبع للقرآن لا يضل ولا يشقى:
أيها الإخوة الكرام، يقول الله عز وجل:
﴿فَمَنِ﴾
﴿اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)﴾
لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه.
﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا﴾
﴿خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)﴾
4 – المتبع للقرآن لا يخاف ولا يحزن:
أي لا يخافون مما سيأتي، ولا يحزنون على ما مضى، والهدي الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام هو القرآن، فالذي يتبع أحكام القرآن لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه، ولا يندم على ما فات، ولا يخشى مما هو آت.
5 – القرآن غنى لا فقر بعده:
لذلك:
(( القرآن غنى لا فقر بعده، ولا غنى دونه ))
6 – القرآن لا يأتيه الباطل من كل الوجوه:
القرآن:
﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾
7 – القرآن حبل الله المتين:
القرآن: حبل الله المتين.
8 – القرآن دستور الحياة:
القرآن: دستور الله القويم، لذلك:
(( تركت فيكم شيئين ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ))
مِن أوصاف المؤمنين في القرآن الكريم:
1 – يتلون القرآن حق تلاوته:
أيها الإخوة الكرام، المؤمنون وصفهم الله عز وجل في القرآن بأنهم:
﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾
وحق التلاوة يشبه كما قال الله عز وجل:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾
ويشبه قوله تعالى:
﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾
ينبغي أن تتقي الله حق تقاته، وأن تجاهد حق جهاده، وأن تتلو القرآن حق تلاوته.
2 – معنى حق التلاوة:
1 ـ قراءته وفق قواعد اللغة العربية:
أما حق التلاوة فينبغي أن تقرأه وفق قواعد اللغة العربية، لأن حركة في اللغة تأخذ الإنسان من الجنة إلى النار، حركة واحدة.
هذا ما يفعله الجهلُ باللغة العربية:
أحد الصحابة الكرام قتله كفار قريش، وقبل أن يقتلونه صلى ركعتين،ثم قال: بيتاً من الشعر، قال:
ولست أبالي حين أَقتُل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
***
فهو في أعلى عليين، فجاء واحد، وذكر قوله، وقال:
ولست أبالي حين أَقتُل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
***
مَن قَتل مؤمناً متعمداً فله جهنم خالداً فيها أبدا.
إن حركة واحدة في اللغة تأخذ الإنسان من الجنة إلى النار، فلذلك يقول سيدنا عمر رضي الله عنه:
<< تعلموا العربي فإنها من الدين >>.
تعلم العربي، جزء من تعلم الدين، لأن هذا القرآن الكريم نزل:
﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) ﴾
إذاً: تلاوة القرآن من شروطها أن تتلوه وفق قواعد اللغة العربية.
2 ـ قراءته وفق قواعد التجويد:
لكن من قرأ القرآن، وتتعتع به له عند الله أجر، يعني اقرأ القرآن ماهراً كنت فيه، أو متعتعاً، لك في الحالين أجر كبير، لكن الأكمل أن تقرأه قراءة صحيحة، وينبغي أن تقرأ القرآن قراءة وفق قواعد التجويد، أن تعطي المدود حقها، والإدغام، والإقلاب، إلى آخر قواعد التجويد.
3 ـ قراءته بالفهم:
لكن الشيء الذي يركز عليه أن تفهمه، فهم القرآن مهم جداً في تلاوة القرآن، أناس كثيرون لا يفقهون ما يقرؤون، وربما لا يفقهون ما يسمعون.,
يقرأ القارئ قوله تعالى:
﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً﴾
يقول المستمع: الله يجعلنا منهم، لم يعرف ماذا سمع، يجب أن تفهمه.
4 ـ قراءته بالتدبر:
وفضلاً عن فهمه ينبغي أن تتدبره، التدبر أخطر ما في التلاوة.
ما هو التدبُّرُ ؟
ما التدبر ؟ أنت حينما تقرأ قوله تعالى:
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ ﴾
﴿بَيْنَكُمْ﴾
أنت أيها القارئ هل أصلحت ذات بينك ؟ هل أصلحت علاقتك مع الله ؟ هل أصلحت علاقتك مع الخلق ؟ هل أصلحت علاقة سيئة بين جهتين ؟ أين أنت من هذه الآية ؟
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾
هل يضطرب قلبك حينما تذكر الله عز وجل ؟
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾
هل أنت منفذ لهذا التوجيه ؟ إذا قرأت القرآن في رمضان حاول أن تسأل نفسك سؤالاً صعباً: أين أنت من هذه الآية ؟ هل أنت مطبق لها ؟ هل أنت في مستواها ؟ هل أنت بعيد عنها ؟ ينبغي أن تقلق على نفسك، ينبغي أن تسأل هذا السؤال المستمر: أين أنا من هذه الآية ؟ هل في المقدمة ؟ هل في المؤخرة، هل في الموقع المتوسط.
لذلك أيها الإخوة، ينبغي أن تقرأه وفق قواعد اللغة، وأن تقرأه وفق قواعد التجويد، وأن تقرأه، وأن تفهمه، وأن تقرأه، وأن تتدبره.
5 ـ العمل بمضمونه:
لكن مركز الثقل الكبير جداً أن تقرأه، وأن تطبقه.
(( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ))
ما آمن بالقرآن من استحل محارمه:
أنت حينما تستحل محارم القرآن لست عند رسول الله مؤمناً بالقرآن أصلاً.
استحلال محارم القرآن بالمخالفة العملية وأمثلة لك من واقع الناس:
لمَن تزوج ابنتك ؟
مرة كنت أمشي في أحد أسواق دمشق، خرج أحد الإخوة من محله التجاري، ودعاني إلى زيارة محله، دخلت إلى محله، بادرني بسؤال، قال لي: خطب ابنتي شاب وسيم ثري، عنده كل وسائل الدنيا، عنده معمل، مركبة، بيت، وسيم، ذكي، غني، لكن دينه رقيق، أي لا يصلي، فما تقول يا سيدي ؟ كانت إجابتي له: هل تقرأ القرآن ؟ قال: نعم قلت له: حين تنتهي من قراءة القرآن، ماذا تفعل، أو ماذا تقول ؟ قال لي: أقول: صدق الله العظيم، بارك الله، تمام، الآن سأتلو على مسامعك هذه الآية:
﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ ﴾
﴿مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾
فإذا زوجت ابنتك لهذا الشاب الوسيم الغني الذي يملك معمل، وبيت، ومركبة ولا يصلي أنت لا تصدق هذه الآية، أنت حينما تقول: صدق الله العظيم تكذب، لذلك:
(( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ))
استثمار الأموال في الربا:
والذي يثمّر أمواله استثماراً ربوياً حينما يتلو قوله تعالى:
﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
وحينما يقول الله عز وجل:
﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾
الذي يضع ماله في الاستثمار الربوي لم يصدق هذه الآية، لذلك قالوا: رب تالٍ للقرآن، والقرآن يلعنه.
سفور المرأة وفتنتها الناسَ:
وحينما تسفر المرأة، وتكشف مفاتنها، وتثير الشباب، وتثير الفتن، وهي في رمضان تصلي وتقرا القرآن، فإذا قرأت قوله تعالى:
﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ﴾
﴿زِينَتَهُنَّ﴾
حينما قراءة القرآن هي لا تصدق الله عز وجل، بل تفعل بخلاف ما في القرآن الكريم، لذلك حينما تهون أحكام القرآن الكريم على المسلمين يهونون هم على الله، أين أنت من قوله تعالى ؟
﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ﴾
معاملة الزوجة معاملة سيئة:
الذي يعامل زوجته معاملة سيئة أين هو من قوله تعالى ؟
﴿ بِالْمَعْرُوفِ﴾
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ﴾
غش المسلمين:
الذي يغش المسلمين أين هو من قول سيد المرسلين:
(( من غش فليس منا ))
حينما تقرأ القرآن ينبغي أن تدقق وأن تسأل نفسك هل أنا مطبق لهذه الآية ؟ هل هذا التدبر.
لذلك أتمنى على من يقرأ القرآن أن يقرأه مرتين، قراءة تعبد، وقراءة تدبر قراءة التعبد يستحسن أن تتم في رمضان، لكن قراءة التدبر لو تدبرت صفحة في الشهر، وعملت بها لكان أولى، صفحة واحدة.
كلما مررت على آية فيها أمر:
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾
هل تفعل هذا أنت ؟.
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾
أينما قرأت كلمة فانظر، هل أنت مع هذا الأمر ؟ هذا تدبر، لذلك عشر صفحات أو خمس صفحات، أو صفحة في اليوم مع التدبر خير من تلاوة القرآن كله من دون تدبر.
أحياناً يأخذ الدين الطابع الشكلي، يقرأ ختمة في رمضان، مئات الأوامر يفعل عكسها.
﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾
﴿شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا ﴾
الإساءة في العلاقات العامة:
هل أنت عدلٌ في علاقاتك مع الناس ؟ إن جاءت ابنتك تشكو على زوجها هل يخطر في بالك أن تطلب من الزوج رأيه في كلام زوجته ؟ أبداً، يأخذ كلام ابنته كأنه قرآن، ويحقد على صهره ويشتمه، ويمنع عنه ابنته، ولم يكلف نفسه أن يسأل هذا الإنسان: لعله مظلوم، لعل ابنته تكذب.
﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾
الغيبة:
أيها الإخوة الكرام، حينما يقول الله عز وجل:
﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ﴾
أنت حينما تجلس في مجلس هل تراعي أنه ينبغي ألا تغتاب مسلماً ؟ حينما تقرأ قوله تعالى:
﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)﴾
الهمز والطعن:
أنت حينما تجلس مع من تحب هل تطعن في زيد، وتعري عبيدا، وتطعن في فلان وتنتقد علانا، بلا دليل، وبلا برهان، أنت لا تقرأ القرآن، حينما تقرأ قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ﴾
السخرية بالناس:
كيف تقلد فلان ؟ تقلده في مشيته، وفي كلامه، وتطعن بنزاهته ؟ أخشى ما أخشاه أن يكون القرآن في واد ونحن في وادٍ آخر، أن ينفصل القرآن عن حياة المسلمين، القرآن فيه توجيهات، وتعليمات، وأوامر، ونواهٍ، ومحرمات، ربُّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه، وما آمن بالقرآن من انتهك محارمه.
العبرة بالاستهداء بالقرآن:
أيها الإخوة، آية واحدة تقرأها، وتفهمها، وتتدبرها، وتعقلها، وتطبقها خير من مئة ختمة جوفاء، العبرة بالتطبيق، العبرة أن يكون القرآن منهجاً لك، العبرة أن يكون القرآن هادياً لك، لأن الله عز وجل يصف القرآن الكريم بأنه:
﴿يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾
والقرآن الكريم يهديهم:
﴿سُبُلَ السَّلَامِ ﴾
تسلم مع نفسك، ومع أهلك ومع أولادك، ومع جيرانك، ومع أصدقائك، ومع زملائك، ومع من يلوذ بك.
أيها الإخوة، تلاوة القرآن تبدأ بأن تقرأه قراءة صحيح، ومجودة، وأن تفهمه، وأن تتدبره، وأن تطبقه، هذه خصائص قراءة القرآن في رمضان، واحرص أن تقرأ القرآن قراءة تعبدية، أن تنهيه في رمضان، واحرص أن تقرأ القرآن قراءة تدبر، ولا يعنيك كم تقرأ، بل يعنيك كم تطبق، هذه واحدة.
لا يحزن قارئ القرآن:
ورد في بعض الآثار:
(( لا يحزن قارئ القرآن ))
هل يعقل أن تحزن، وأنت تقرأ قوله تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة﴾
كيف تحزن والله يطمئنك، لا تخاف مما سيأتي، ولا تندم على ما مضى، لا تخشى مما هو آت، ولا تندم على فات.
(( لا يحزن قارئ القرآن ))
كيف تحزن والله سبحانه وتعالى يقول:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾
وعدك الله بالحياة الطيبة، كيف تحزن وأنت تقرأ القرآن، وتقرأ قوله تعالى:
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)﴾
كيف تحزن والله عز وجل وعدك بمعاملة خاصة، كيف تخاف يا قارئ القرآن وأنت تتلو قوله تعالى ؟:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾
كيف تخشى الناس وأنت تقرأ القرآن ؟!
كيف تخشى ظلم الأقوياء وتهديدهم، وأنت تتلو قوله تعالى:
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) ﴾
كيف تخشى من خصمك وهو على باطل، وأنت على حق، واقرأ قوله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
هذا القرآن شفاء للقلوب، الذي يقرا القرآن لا يعقل أن يخاف.
﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)﴾
احتمال النجاة صفر، فرعون بكل قوته، وجبروته، وبطشه، وحقده وراء شرذمة قليلة معهم سيدنا موسى، والبحر أماهم، ولا أمل أبداً، بل الأمل صفر.
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) ﴾
قانون إلهي: وَكَذَلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ
كيف تقلق من مصيبة ألمّت، وأنت تقرأ قوله تعالى عن سيدنا يونس:
﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾
القصة انتهت، الله عز وجل قلبها إلى قانون، قال:
﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾
هل من مصيبة في الأرض تفوق أن تجد نفسك فجأة في بطن حوت، الحوت وزنه 150طنا، وجبته المعتدلة أربعة أطنان، أنت لقمة واحدة.
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)﴾
كيف تقلق إذا كنت فقيراً، لأنك مؤمن، و حُرمتَ من فرص كثيرة، لأنك متمسك بدينك، كيف تقلق وأنت تقرأ قصة أصحاب الكهف.
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (16)﴾
القرآن شفاء للناس فاقرأه مستشفيا عند كل آية:
أيها الإخوة، القرآن شفاء النفوس، كيف أن العسل شفاء الأبدان، القرآن شفاء النفوس.
أيها الإخوة، كيف تشعر بالإحباط إن لم تكن هناك عريضة، مع أنك تقرأ قوله تعالى:
﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)﴾
كيف تقرأ حينما تقرأ قوله تعالى:
﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)﴾
كيف ؟ كيف تقرأ قوله تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾
كيف تقرأ قوله تعالى:
﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)﴾
إذا ذهبت إلى بلد غربي ودُهشت بالتقدم، والحضارة، والأبنية، والجمال، والأناقة والغنى، والمال، كيف تعجب بهم، وتذوب بجمال بلادهم، مع أنك تقرا قول الله تعالى:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) ﴾
كيف تتطامن أمام إنسان قوي غني له مظاهر مدهشة، وتقرأ أنت قوله تعالى:
﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)﴾
القرآن شفاء، القرآن قدم لك تصوراً صحيحاً لكل قضية، قدم لك حلاً لكل مشكلة قدم لك تطميناً.
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) ﴾
القرآن يرفع المعنويات:
أنت حينما تقرأ القرآن قراءة تدبر تكون بطلاً متماسكاً، معنوياتك عالية جداً همتك عالية، طموحاتك، أهدافك نبيلة.
أيها الإخوة الكرام، كيف تشعر بالهوان وأنت تقرأ كلام الواحد الديان:
﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾
كيف ؟ كيف تيأس من النصر مع أنك تقرأ قوله تعالى:
﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ﴾
﴿عِنْدِ اللَّهِ﴾
﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾
﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)﴾
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾
كيف ؟ إذا قرأت القرآن قراءة تدبر لك معنويات عالية، ولك نفس رضية، ولك أمل كبير، ولك همة عالية، كيف تقصر في تربية أولادك مع أنك تقرأ قوله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾
أي ألحقنا بهم أعمال ذريتهم.
﴿وَمَا ﴾
﴿أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾
كيف ؟ كيف تسيء معاملة زوجتك، وقد قال الله عز وجل:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾
لئلا يكون القرآن مهجوراً:
أنت بخلاف منهج الله، ليس بينك وبينها مودة ورحمة، لئلا يكون القرآن قراطيس كلام لا معنى له، لئلا يكون القرآن مهجوراً، لئلا يتخذ القرآن وراء ظهور الناس، لئلا يغدو شيئاً من تراث الأمة، لا منهجاً لها، ينبغي أن تقرأ القرآن قراءة تدبر، وعقل، ووعي، وتطبيق حتى يكون القرآن شفيعاً لك يوم القيامة.
أيها الإخوة الكرام، أرجو الله سبحانه وتعالى أن ننتفع بالقرآن، وأن يكون القرآن نوراً لنا، وهدى، وبشرا، ويقين، وإيمان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.