وضع داكن
29-03-2024
Logo
الندوة : 23 - معجزات قرآنية4 ، اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا – فوائد الذكر
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ:
  أعزائي المستمعين أسعد الله أوقاتكم، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج: "معجزات قرآنية"، ونرحب معاً بفضيلة الدكتور الأستاذ محمد راتب النابلسي.
 فضيلة الدكتور الحديث عن السماوات والأرض، بل الحديث عن هذا الكون بكل مجراته، وكواكبه، وشموسه، ونجومه، حديثٌ يطول، وفيه الكثير من التفصيلات والأبحاث التي لم تستكمل بعد من قبل العلماء والباحثين، لأن علمهم الذي وصلوا إليه وصلوا به إلى نقطة لم يستطيعوا بعدها الانتقال إلى نقطة أخرى، لأن الغيب في هذا الكون هو غائب عن عقل البشر، وغائب عن أدواتهم، وأجهزتهم العلمية المتطورة، الله سبحانه وتعالى ذكر في قرآنه الكريم الآية الكريمة:

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾

[سورة الرعد الآية:2]

 دكتور راتب كلمة:

﴿ تَرَوْنَهَا ﴾

 تفيد فيما اعتقد أن الله جلّ جلاله رفع السماوات بعمد لا نراها، ما هو التفسير العلمي لهذه الآية الكريمة التي تشير إلى أن الله سبحانه وتعالى قد أوجد نظاماً دقيقاً لا يأتيه الخلل أبداً حتى قيام الساعة لكي يمسك هذا الكون بهذا النظام؟

 

التفسير العلمي للآية الكريمة التالية :

الدكتور راتب:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أستاذ مخلص جزاك الله خيراً، في هذه الآية كلمة دقيقة هي كلمة:

﴿ تَرَوْنَهَا ﴾

 فتفيد فيما تفيد أن الله جلّ وعلا رفع السماوات بعمد لا نراها، إنها قوة التجاذب التي تنتظم الكون كله بدءاً من الذرة وانتهاء بالمجرة.
 فالشمس مثلاً تجذب إليها الأرض بقوة هائلة، بحيث تجري الأرض في مسار مغلق حول الشمس، ولو انعدم جذب الشمس للأرض لخرجت الأرض عن مسارها حول الشمس، ولاندفعت في متاهات الفضاء الكوني، حيث الظلمة والتجمد، وبزوالها عن مسارها أي بانحرافها عنه تزول الحياة فيها، إذ تصل درجة حرارتها إلى مئتين و سبعين درجة تحت الصفر، وهي درجة الصفر المطلق التي تنعدم فيها حركة الذرات، قال تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

[سورة فاطر الآية:41]

 ولكي ندرك قوة جذب الشمس للأرض نفترض أن هذه القوة انعدمت لسبب أو لآخر، ومن أجل أن تبقى الأرض مرتبطة بالشمس، تجري في مسار حولها، لا بد من أن نربطها إلى الشمس بأعمدة مرئية، لأن الله عز وجل يقول:

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾

  لو أردنا أن نربطها إلى الشمس بأعمدة مرئية من الفولاذ، والفولاذ من أمتن المعادن على الإطلاق، ومن أعظمها تحملاً لقوى الشد، فالسلك الفولاذي الذي قطره مليمتر واحد يتحمل من قوة الشد ما يعادل مئة كيلو غرام، إننا بحاجة إذا أردنا أن نعيد الأرض إلى الشمس وأن نربطها بالشمس بقوى مرئية، نحتاج إلى مليون مليون حبل فولاذي، طول كل حبل مئة و ستة و خمسون مليون كيلومتر، وقطر الحبل الواحد خمسة أمتار، لقد صدق الله العظيم إذ يقول:

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾

  ويقول أيضاً:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

  هذه آية من آيات الآفاق.

 

آيات الله عز وجل في النفس :

 ماذا عن آيات النفس؟ لأن الله عز وجل يقول:

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾

[سورة فصلت الآية:53]

 لو أن رجلاًً كان يتنزه في بستان، ولمح فجأة ثعباناً مثلاً، فما الذي يحدث في جسمه؟ ينطبع هذا الخيال على شبكية العين إحساساً، وينتقل هذا الإحساس الضوئي إلى المخ فيصبح إدراك للخطر، وعنده يأمر المخ، وهو ملك الجهاز العصبي الغدة النخامية وهي ملكة الجهاز الهرموني بأن تواجه هذا الخطر، هذه الملكة تصدر أمراً لغدة الكظر، لكي تعطي الجسم الجاهزية القصوى، لمواجهة الخطر، والكظر بدوره يعطي أمراً هرمونياً إلى القلب ليسرع في نبضاته، فالخائف تزداد نبضات قلبه، والكظر يعطي أمراً ثانياً هرمونياً للرئتين ليتوافق وجيبها مع ازدياد نبضات القلب، فالخائف يزداد وجيب رئتيه فيلهث، والكظر يعطي أمراً ثالثاً للأوعية الدموية فتضيق لمعتها، ليتحول الدم إلى العضلات، فالخائف يصفر لونه، والكظر يعطي أمراً هرمونياً رابعاً للكبد ليطرح في الدم كمية من السكر إضافية، والسكر مادة الوقود في العضلات، والكظر يعطي أمراً هرمونياً خامساً للكبد ليزيد من هرمون التجلط منعاً من نزيف الدم، هذا كله في ثوان معدودة.

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾

[سورة لقمان الآية:11]

الذكر عبادة القلب والفكر واللسان :

 أيها الأخوة:

(( مَثَلُ الذي يُذكَرُ اللهُ والذي لا يذكرُ الله كمَثَلُ الحيِّ والميِّت ))

[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري]

 وقد قال عليه الصلاة والسلام:

(( ألا أخْبِرُكم بخيرِ أعمالِكم، وأرفَعِها في درجاتكم، وأزكاها عند مليكِكم، وخير لكم من الوَرِق والذهب، وخير لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقَكم؟ قالوا: بلى، قال: ذِكْرُ الله ))

[أخرجه الترمذي ومالك في الموطأ عن أبي الدرداء]

 الذكر له شأن كبير في حياة المؤمن، وقد ورد الذكر في القرآن الكريم في أكثر من ثلاثمئة آية، تؤكد هذه الآيات في مجموعها أن الذكر ينبغي أن يدور مع الإنسان في كل شؤونه، وأحواله، وأطواره، لأنه عبادة القلب، والفكر، واللسان.
 أيها الأخوة، هذا الذكر هو من أعلى نشاطات الإنسان في عبادات الله عز وجل، لأنه يدور مع الإنسان في كل حركاته وسكناته، وليله ونهاره.

 

خاتمة و توديع :

 أيها الأخوة الكرام، أسأل الله سبحانه وتعالى أن ننتفع بهذه الحقائق، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور