وضع داكن
23-04-2024
Logo
موضوعات إسلامية - متفرقة : 043 - إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

كيف يغير الله حالنا إلى حال يرضينا ويسعدنا ؟

كل المسلمين يتمنون أن يتغير واقعنا المؤلم
أيها الأخوة الكرام ، ما من مسلم على وجه الأرض الآن إلا ويتمنى أن يتغير حال المسلمين من التمزق إلى التوحد، من الضعف إلى القوة، من القهر إلى الاعتزاز، هذا الشعور في ضمير كل مسلم على وجه الأرض، لا يشك واحد في هذا، ولكن الأمر وصل إلى درجة أن الطريق إلى التغيير ليس واضحاً، كلنا نعتز بتاريخ الصحابة كيف كانوا أعزة؟ كيف كانوا أقوياء؟ كيف انتصروا؟ كيف رفرفت راياتهم في المشرقين و المغربين؟ ما الذي حصل؟ الله هو هو، والأمر بيد الله دائماً، وعوامل القوة بيد الله، وعوامل العزة بيد الله، لازلنا في موضوعات تمس شغاف قلب كل مسلم على وجه الأرض.
أيها الأخوة، لعل محور هذا الدرس كيف يغير الله حالنا إلى حال يرضينا ويسعدنا ويعزنا.
أيها الأخوة ، الآية الدقيقة في سورة الأنفال يقول الله عز وجل:

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 53]

هذه الآية أصل كبير في موضوع هذا الدرس:

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 53]

طبعاً ينبغي أن نفهم هذه الآية بشمولية كبيرة، وبتنوع كبير، وباتجاهين اثنين على مستوى أمة وعلى مستوى فرد.
الله عز وجل أنعم على المسلمين بنعمة النصر سابقاً هذه النعمة لماذا تغيرت؟ قال: فقدنا حضارتنا بالأندلس لما شاع بين المسلمين من انحراف

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 53]

لابد من أنهم غيروا، حينما كانوا المسلمون في الأندلس وقد فتحوا هذه البلاد البعيدة والجميلة والغنية وكانوا قلة العالم، كيف نحن الآن إذا أراد أحدنا أن يفتخر بعلمه يقول لك: درست في أمريكا، هذا الطبيب يحمل بورداً من أمريكا، هذا يحمل دكتوراه بالتسويق من أمريكا، كان الأوربيون يفتخرون إذا درسوا في إسبانيا، فهذه البلاد كانت منبع حضارة للعالم القديم والحديث. نعمة فتح هذه البلاد ونعمة إنشاء هذه الحضارة لماذا تغيرت؟ أليس هناك قانون؟ طبعاً شاعت الجواري، وشاع الغناء، وشاع شرب الخمر، وشاع الانحراف، فلما غيّروا غيّر الله ما بهم، حينما كانوا المسلمين في المشرق يحكمون أطراف الدنيا لماذا جاء عصر الدول المتتابعة وحكمهم المماليك والتتر والمغول وذاقوا ألوان العذاب؟

التغيير يجب أن يبدأ من الداخل أولاً :

حين أرى مصيبة قد حلت لابد أن أسأل: من ساقها إلي؟)
أيها الأخوة ، في قراءة التاريخ موعظة كبيرة ذلك أن التاريخ ينطوي على قوانين، والله أيها الأخوة من أعماق أعماقي أنا أخاطب أي واحد منكم، أخاطب مجموعة، أخاطب واحداً على مستوى مؤمن، في هذه الأيام يوجد مشكلات، عقبات، طرق مسدودة، أبواب مغلقة، إحباطات، ارجع إلى نفسك أريد أن أضرب مثلاً لعله يوضح الحقيقة، إنسان تلقى ضربة قاسية جداً بعصا هو إنسان عاقل هل يمكن أن يحقد على العصا؟ خشبة إذا حقد على هذه الخشبة فهو مجنون ينبغي أن يحقد على من ضربه بها أليس كذلك؟ أنا حينما أرى مشكلة جفاف أحياناً، حر لا يحتمل، قهر، فقر، شدة، ذلّ، أنا حينما أرى مشكلة أسأل من ساقها إلي؟ يقيناً هو الله، الله كامل، الله عز وجل كماله مطلق، الله عز وجل صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى، أنا لا أمكن أن أحكم على العصا لأنها أداة ودققوا في هذه الكلمة: الأقوياء في الأرض عصي بيد الله، أنا لا أحقد على العصا بل أتألم ممن ضربني، فإذا كان الضارب المسبب المقدر هو خالق الأكوان الرحمن الرحيم الحكيم العليم العدل معنى ذلك يجب أن أرجع إلى نفسي.
أيها الأخوة ، والله أي واحد منا في شؤون حياته اليومية، في علاقاته، في عمله، علاقاته بأهله، علاقاته بأولاده، علاقاته بجيرانه، علاقاته بمن حوله، إذا حكم هذا القانون: جاءتني إساءة من زيد، زيد بيد الله من سمح له؟ من أعانه؟ من قدر له أن يؤذيني؟ من سلطه علي؟ الله، الله صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى، إذاً هناك مشكلة عندي، لو تتبعت المسلمين في تاريخهم الطويل بعد القرون الثلاثة الأولى النبي عليه الصلاة والسلام شهد لهذه الأمة بثلاثة قرون خيرة، لكن بعد هذه الثلاثة بدأ الخط البياني ينزل وينزل، قد يصعد قليلاً ثم ينزل وهكذا. كل ما تعانيه الأمة الإسلامية بعد القرون الثلاثة هناك محاولات للإصلاح، محاولات قديمة، ومحاولات متوسطة في العصور المتتابعة، ومحاولات حديثة، كل هذه المحاولات تنتظر التغيير من الخارج، ولأن كل هذه المحاولات تنتظر التغيير من الخارج لن تنجح، التغيير من أين يبدأ؟ من الداخل، كلام واضح كالشمس، كلام منجح ومسعد.

التغيير يكون من الأسوأ إلى الأحسن :

image
يوجد عندك مشكلات، قهر، ضعف، الأمور معسرة، الأمور غير ميسرة، يوجد مشكلة، حينما تفكر أن هذا الإصلاح ينبغي أن يبدأ من الداخل وتعكف على داخلك تصحح عقيدتك، توقع حركاتك و سكناتك وفق منهج الله، ثم تنتظر من الله أن يغير، أنت غيّرت بقي أن يغير الله، و زوال الكون والله أهون على الله من أنك إذا غيرت لا يغير أبداً، وكل شيء بيد الله كن فيكون، والله حول هذه الفكرة هناك قصص لا تعد ولا تحصى، منتزعة من واقعنا، لكن الذي يحصل دائماً أن التغيير يكون من الأحسن إلى الأسوأ:

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 53]

لاتنتظر أن تحل مشكلاتك وأنت مقيم على مخالفاتك
إذا التغيير حول الأسوأ لابد له من أسباب جوهرية، التغيير حول الأسوأ لابد له من أسباب جوهرية، من باب أولى أن التغيير من الأسوأ إلى الأصلح، لابد له من أسباب جوهرية لا تنتظر أن يأتي التغيير من الخارج، لا تنتظر أن تحل مشكلاتك وأنت مقيم على مخالفاتك، لا تنتظر أن يبدل الواقع بشكل سحري أبداً، الواقع صعب جداً، أنا والله ليس من باب التشاؤم أنا متفائل، وقبل درسين ذكرت لكم ماذا حصل في هذه البلاد البعيدة التي ظن الدعاة فيها أن ما حدث سوف يؤخر الدعوة إلى الله خمسين عاماً فكانت النتيجة العكس، كل يوم مضى رفع الدعوة سنةً، لأنه شيء في طي الكتمان، شيء معتم عليه، شيء بعيد عن اهتمام الناس، قفز فجأةً إلى الساحة، حينما أستمع إلى بعض هذه الأخبار إنك لم تجد في أوربا وأمريكا كتاباً إسلامياً واحداً، نفذ كل ما في المكتبات من كتب عن الإسلام، نفذت كل ترجمات القرآن، نفذت لن تجد كتاباً واحداً.

 

ما نزل بلاء إلا بمعصية ولا رفع إلا بتوبة :

مانزل بلاء إلا بمعصية
أيها الأخوة ، الفكرة الأولى أننا في أمس الحاجة إلى التغيير، نريد أن يتغير حال المسلمين، أن يستحقوا نصر الله حقيقةً، وكل واحد منكم قلبه معلق بما سيكون، لا يوجد أحد وأنا معكم إلا و يتمنى نصر المسلمين فهذه قضية المسلمين العامة، أنا لا أستطيع حتى الدرس الخامس أن أبتعد عن موضوع الساعة، لأنه غطى على كل الموضوعات، ولا يوجد موضوع آخر يستحق الاهتمام قبل هذا الموضوع ولكن ما الخلاص؟ الخلاص كلام الله عز وجل، نحن أمام كلام خالق الكون:

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 53]

غيّر حتى يغير، إذا المسلم ليس مستعداً أن يغير شيئاً من واقعه، ولا من بيته، ولا من كسب ماله، ولا من إنفاق ماله، ولا من تمضية أوقات فراغه، ولا من تحسين عباداته، إن لم تغير لا يغير، لذلك قال ابن عباس:"ما نزل بلاء إلا بمعصية ولا رفع إلا بتوبة".

الربا والزنا والفجور والنفاق والتفلت أسباب هلاك الأمم :

والفكرة الأخطر الإنسان أحياناً يتوهم الخطر من جهة الله عز وجل، عنده آلاف الجهات التي ينبغي أن نخاف منها، ذكرت هذا في خطبة قبل أربعة أسابيع فيما أذكر عن أسباب هلاك الأمم، حينما يوجد في أمة، أو في مجتمع، أو في أسرة، أو في فرد، سبب هلاكه لابد من أن يصاب بسوء، وقلت وقتها: أمة عصت ربها، أمة ظلمت، أمة فجرت، أمة شاع فيها الزنا، أمة شاع فيها الفجور، أمة شاع فيها الربا.
إذا فسدت أمة وفجرت استحقت الهلاك
الربا والزنا والفجور والنفاق والتفلت هذه أسباب الهلاك، الله عز وجل يوجد عنده ألوان عديدة من العقاب، الشيء الأساسي أن هذه الأمة وجد فيها سبب هلاكها، قد يأتي زلزال، وقد يأتي إعصار، وقد يأتي بركان، وقد يأتي جفاف، وقد يأتي قهر، وقد تأتي حرب أهلية، وقد يأتي عدوان خارجي، أشكال أما السبب فأنه وجد في أمة سبب هلاكها، لذلك بالمقابل أي محاولة إصلاحية خارجية عقيمة - ولا أدخل في التفاصيل - كل مسلم بعيد عن التوحيد يتوهم لو كان كذا لكان كذا، يضع أهدافاً مستحيلة التطبيق، لو أن الله مكننا في الأرض لكنا بحال آخر، يجب أن تكون وأنت مستضعف مطبقاً لأمر الله، هناك من يتوهم أن قوله تعالى:

﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ ﴾

[ سورة الحج : 41]

الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة، لسنا ممكنين، يوجد سلوك غبي جداً أن الإنسان يقذف بالكرة إلى موقع آخر ويرتاح، أنا لست ممكناً، عندما يكون الوضع كله الإسلامي أنا أتحرك، هذا كلام غير صحيح، كل إنسان قادر على أن يفعل شيئاً ولو كان في بيته.

إتاحة الجهاد الدعوي لكلّ مسلم :

ليبدأ كل منا بأولاده كي ننجو كمسلمين
والله يا أخوان ، أريد أن أكون واقعياً معكم، كن واقعياً، ربِّ أولادك، أدِّ الذي عليك، ربِّ أولادك فقط، تربية أولادك تربيةً صحيحة سبب لنجاتك، ليكن بيتك إسلامياً، ليكن عملك إسلامياً، لا تغش المسلمين، لا تكذب عليهم، لا تحتال عليهم، بيدك أن تفعل كل شيء وأنت مستضعف، بربكم الجهاد الدعوي أليس متاحاً لكل مسلم أينما كان؟ الجهاد الدعوي لم يتوقف أبداً، لعل الجهاد القتالي ليس متاحاً في بعض الظروف، لكن الجهاد الدعوي الذي وصفه الله عز وجل بأنه جهاد كبير، قال تعالى:

﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾

[ سورة الفرقان: 52]

أليس متاحاً لكل مسلم؟ ألا تستطيع أن ترعى من حولك؟ ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام:

((عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْآيَةِ ؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:.....عَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ ))

[ الترمذي عن أبي أميمة الشعباني]

عندما تستطيع أن تمارس الدعوة فأنت في نعمة
أنا أدعوكم إلى شيء بين أيديكم والله، والله لا أحب أن أكون خيالياً إطلاقاً، بهذا الوضع نحن والله في نعم لا تعد ولا تحصى، والله في هذه البلدة الطيبة يوجد نعم لا تعد ولا تحصى، والله في بلاد إسلامية أخرى إن دخلت المسجد مرةً واحدة تحاسب حساباً عسيراً، المساجد ملآنة، الدعوة إلى الله على قدم وساق، لك أن تمارس كل عباداتك وأنت في أتمّ الراحة، هذه نعمة لا تعرفونها إلا إذا فقدت، نحن في نعمة كبرى، هذه البلدة النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديثه الصحيحة ندب أن نسكن فيها قال:

(( رأيت عمود الإسلام قد سلّ من تحت وسادتي، فأتبعته بصري فإذا هو بالشام))

[ الطبراني والحاكم عن ابن عمرو ]

في بعض الأحاديث:

(( الداخل إليها برضائي والخارج منها بسخطي ))

[ ورد في الأثر]

كان هناك ظروف قبل هذه الظروف الذي معه إقامة، أو إقامة خضراء في بلاد بعيدة، هذا الذي رضي الله عنه ثم بدا العكس، بدا أن الذي يقيم في بلاد المسلمين هو الذي رضي الله عنه، من يعلم الغيب؟ ترى الأخ الذي يقيم في بلاد بعيدة عنده اعتزاز بجواز السفر لا حدود له، الآن هذا الجواز لا قيمة له إطلاقاً، إذا كانت ملامحه شرق أوسطية الجواز ليس له قيمة أليس هذا واقعاً؟ فالنبي تنبأ أنه في آخر الزمان عليكم بالشام، عليكم عليكم بالشام في آخر الزمان
أي يوجد ندب أن تقيم في هذا البلد الطيب، ولا يوجد بلد إسلامي وليس من قبيل الاعتزاز الشخصي لا والله، لا يوجد بلد إسلامي فيه دروس علم ولا إقبال على الله كهذه البلدة الطيبة، مع أن فيها فساداً، النبي عليه الصلاة والسلام قال:

(( إذَا فَسَدَ أهلُّ الشَّامِ فَلا خَيرَ فيكُمْ))

[ أحمد عن معاوية بن قرة عن أبيه]

أي آخر البلاد فساداً بلاد الشام، والله كأنها فسدت، أنا أريد بهذا اللقاء الطيب أن أضع يدي على الجرح على مستوى فردي، شأنك مع الله عملك، دخلك، إنفاقك، زواجك، غيّر ليغير، غيّر تماماً، أنا حينما ألتقي بأجانب مسلمين أعجب به من زاوية لا يوجد عنده حلّ وسط مسلم مسلم، يطبق الدين تطبيقاً العقل لا يصدقه.
حدثني أخ كان في بريطانيا قال لي: دخلت إلى مسجد لأصلي بالسدة يوجد امرأة بأيام الصيف الحارة ثيابها غير معقولة من شدة رغبتها بالحجاب، هذه نصف تطبيق، سددوا وقاربوا بمعنى آخر سبحان الله العوام يفهمون بعض الأحاديث فهماً ما أراده النبي، سددوا أي اضربوا الهدف قدر ما تستطيعون، لا تتشددوا، لا تكن متزمتاً، هذا الدين منهج كامل، إذا حذفت بعض فقراته لم تقطف ثماره.

 

من كان مع الله كان الله معه :

كل واحد منا يفتح مع الله صفحة جديدة، الله عز وجل جلت حكمته لا يأخذ الطائع بالعاصي مبدئياً ولا تزر وازرة وزر أخرى، لا يأخذ الطائع بالعاصي، قال تعالى:

﴿فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ﴾

[ سورة العنكبوت: 40]

﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾

[ سورة سبأ: 17]

﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ﴾

[ سورة الذاريات : 31-34]

﴿فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة الذاريات : 36]

كن مع الله ترى الله معك
الله عز وجل بكل عصر، وبكل مصر، وبكل ظرف، هناك استثناء، يوجد نجاة لكل مؤمن، قال تعالى:

﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ﴾

[ سورة الزمر: 61]

لا تخف كن مع الله تر الله معك، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ من باب العقل من باب الاحتياط من باب أخذ الحذر بأن الله عز وجل يقول:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾

[ سورة النساء: 71]

لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( المؤمن كيس فطن حذر ))

[ ورد في الأثر]

التغيير إن بدأ من الخارج فالعلة قائمة :

في هذه الظروف الصعبة وقد تشتد الظروف نسأل الله جل جلاله أن ينجي هذه البلاد من كل سوء من أعماقنا والله، وأنا يغلب على ظني أن الله سينجيها لأنه وعد نبيه: " الشام كنانتي أي جعبة سهامي، من أرادها بسوء أصبته بسهم منها" هذه بشارة:

((إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ....))

[ أبو داود و أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ]

يوجد في كتاب الترغيب والترهيب باب كبير فضل السكنى في الشام، نحن نصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، ونؤكد أن الله عز وجل لا تزر عنده وازرة وزر أخرى، وأن الله ينجي المؤمنين، ولكن لابد من أن نأخذ بأسباب النجاة، أسباب النجاة تبدأ من الداخل، أنا لا أدخل بتفصيلات، نحن عاصرنا مناهج تغييرية توهمناها في هذا الشيء فلم تفلح، توهمناها في هذا الشيء فلم تفلح، كلكم عاصر مناهج تغييرية شمولية، توهمناها في أن نوزع ممتلكاتنا فيما بيننا فما أفلحنا، توهمناها في أن نطلق الحرية للناس في بيعهم وشرائهم فما أفلحنا، توهمناها في أن نكون متحدين فما أفلحنا. يوجد مناهج مررنا بها خلال خمسين سنة كلها مناهج شمولية للتغيير لم تفلح، لا يمكن أن يحصل التغيير إلا إذا بدأ من الداخل، أما إذا بدأ التغيير من الخارج فالعلة قائمة. فيا أيها الأخوة:

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 53]

هذه آية والثانية التي توافقت معها:

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 53]

كأن الآيتين تواطأتا على التغيير من الأحسن إلى الأسوأ، ولكن من باب أولى وبحسب المفهوم المقابل والمخالف أيضاً التغيير من السيئ إلى الحسن يحتاج إلى أسباب وتبدأ من الداخل، الإنسان أحياناً يعمل صلحاً مع الله، يراجع نفسه، والإنسان لا شك أنه يعلم علم اليقين أين نقاط ضعفه؟ قال تعالى:

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾

[ سورة القيامة: 14-15 ]

كل إنسان يعرف بالضبط موقعه من هذا الدين، يعرف نقاط ضعفه، نقاط التفلت، نقاط التقصير، يوجد واجبات لم يؤدها، يوجد حقوق لم يؤدها، يوجد عبادات مقصر فيها، يوجد مخالفات وقع فيها، فكل واحد منا يعلم مكمن التقصير، لكن الشيء الواضح أن هناك تفلتاً عاماً على مستوى المسلمين، هذا التفلت العام استوجب ما يعانيه المسلمون على مستوى عام.

المشاريع التغييرية الشمولية إن لم تبدأ من الداخل فلن تنجح :

أحياناً نفكر في إصلاح علمي شمولي، أحياناً نفكر في إصلاح اجتماعي، أحياناً في إصلاح تربوي، أحياناً في إصلاح اقتصادي، أحياناً في إصلاح سياسي، ما لم نغير ما بأنفسنا لا يغير الله ما بنا.
أحد قادة الأعداء احتل قلعة في جنوب لبنان، قلعة مهمة جداً بعد أن احتلها ذكروه بأن المسلمين بحسب النصوص الواردة سوف ينتصرون على اليهود، فقال: نعم ولكن ليس هؤلاء الذين حولنا، وقال كلمة قاتله الله، قال: حينما تكون صلاة الفجر كصلاة الجمعة ينتصرون علينا.
عندما تصبح صلاة الفجر كصلاة الجمعة ينتصر المسلمون
ترى جامعاً ضخماً يسع عشرة آلاف مصلي، زره عند الفجر تجد سبعة أشخاص فقط، حدثني أخ جاء من أمريكا الذي حدثكم منذ أيام قال لي: أردت أن أصلي الفجر في جامع فوجدت ثلاثة أشخاص. بينما يمتلئ في الخطبة ولا يتسع بالمصلين، أنا كنت في واشنطن وألقيت درس فجر حضره ثلاثمئة، والأمر عادي، ما عندهم علم أنني سآتي، دعيت إلى إلقاء درس، عندما يكون رواد المسجد في الفجر كرواده يوم الجمعة معنى هذا أن الصلاة شيء أساسي.
حدثني أخ شهد زلزال تركيا قال: والله عقب الزلزال الصلوات الخمس لا يوجد مكان في الجوامع، الحرم ممتلئ كله، الصحن ممتلئ كله، بأطراف المسجد، على الرصيف الصلوات الخمس، طبعاً بعد الشدة يوجد رجعة إلى الله، ولكن بطولتك أن ترجع من دون شدة، شيء واضح جداً المشاريع التغييرية الشمولية إن لم تبدأ من الداخل فلم تنجح ولن تنجح.
أسمع أحياناً كلمات تعجبني لا يوجد معجزات نحن نجلس مرتاحين ونقيم على مخالفات كثيرة، على تقصيرات كثيرة، على كسب مشبوه، على علاقات ربوية، على علاقات اجتماعية ليست منضبطة بمنهج الله عز وجل، لا تتوقع أن يأتي طبق من السماء على طبق من ذهب، هذه لم يحلم بها أصحاب رسول الله، أي قالوا كلمة: لن نغلب من قلة فتخلى الله عنهم في حنين:

﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ﴾

[ سورة التوبة: 25]

أي كثيراً ما نقول: عملنا المشروع الفلاني و استغنينا عن رحمة السماء، كلام يقوله كثير من الناس، كل شخص فكره علماني أي الفكر بعيد عن الطروحات الدينية، أي إذا أنشأنا فرضاً إنجازاً نستغني عن رحمة الله عز وجل، من يقدر أن ينزل الأمطار الآن؟ الجفاف تأديب إلهي، أي ماذا نعمل؟ انظر إلى الطريق تعرف ماذا تعمل، انطباع سريع، هؤلاء الفتيات في الطريق أليس لهن آباء مسلمون و أمهات مسلمات؟ هكذا، نحن واقعون تحت غزو ثقافي، النمط الإباحي الغربي عن طريق هذه الصحون عُمِمَ على العالم كله، لكن نحن مسلمون، معنا منهج الله، معقول امرأة تكشف كل مفاتنها في الطريق لأن صرعة الأزياء في هذا العام هكذا؟؟ تطيح بدينها، و بسنة نبيها، و بتوجيهات خالقها، أمام أن تلهث وراء صرعة من صرعات الأزياء هذا واقع المسلمين.

من أسباب النصر العودة إلى الله و الاستقامة على أمره :

حين انحرفت الأمة قيض الله لها قوة قهرت المسلمين
أتمنى أنا أن أضع بين أيديكم هذه الحقيقة، و الله أعتقدها من سنوات تزيد عن الثلاثين، أمة انحرفت قيض الله لها قوة قاهرة، هذه القوة ليس في الأرض كلها قوة يمكن أن تزيحها إلا بحالة واحدة أن تعود هذه الأمة مستقيمةً هكذا فتنزاح عنها، إن أردت أن ألخص لك واقع المسلمين من ألف عام هذا واقعهم، انحراف قيض الله لهم قوةً قاهرة ليس في الأرض كلها قوة يمكن أن تزيحها عن صدورهم إلا إذا استقمنا على أمر الله، نحن نعاني سبعين عاماً من وجود اليهود، طبعاً يؤخرون تقدمنا ونمونا، لأن كل طاقاتنا تتجه إلى الدفاع، هذه قوة أما لو أننا عدنا إلى الله عودةً صحيحةً، واصطلحنا معه اصطلاحاً تاماً لنصرنا، أنا لا أتحدث عن الشكليات أخواننا، الشكليات والله عندنا مظاهر إسلامية صارخة، ألقاب، ومؤتمرات، وثياب إسلامية، وعطر إسلامي، ومسبحة إسلامية، ونزعة إسلامية، وفكر إسلامي، واتجاه إسلامي، وخلفية إسلامية، وأرضية إسلامية، يوجد عندنا كثير كشكليات عندنا منها الشيء الذي لا يعد ولا يحصى، أما الله عز وجل يريد قلوبنا فهل هي منيبة إليه؟ يريد علاقاتنا اذهب إلى قصر العدل هذه الدعاوى بعشرات الألوف كلها بين مسلمين، عدوان.
هل من المعقول سيدنا عمر يتسلم منصب- إن صح التعبير- وزير عدل، سنتان في عهد سيدنا أبي بكر ولا يأتيه متخاصمان.
والله أنا أحياناً من أجل وكالة في قصر العدل الناس الساعة التاسعة يدخلون بكثافة غير معقولة أبداً كلها دعاوى، كلها عدوان، البنية التحتية سيئة.

من اصطلح مع نفسه أصلح الله له حاله :

أحد أخواننا اختلف مع أخيه من بلدة حول دمشق، جلست معهم عدة جلسات، وكتبنا اتفاقية وقعتها بتوقيعي ووقع الطرفان، أحد الطرفين توفي فدخلوا في المحاكم عشر سنوات، ثم أبرزوا للقاضي ورقتي فطلبني للشهادة وهذا واجب ذهبت لأدلي بشهادتي أن هذا الخط خطي، وهذا التوقيع توقيعي، وهذه الاتفاقية جرت بمعرفتي، الرجل استقبلني استقبالاً فيه اهتمام بالغ، وكان بأعلى درجة من اللطف والود، طبعاً الوقت كان غير وقت محاكمات بمكتبه، قلت له: هذه الورقة أنا كتبتها، وهذا التوقيع توقيعي، وهذا الاتفاق جرى بمعرفتي، لكن أحببت أن أقول له كلمة، قلت له: سيدنا عمر حينما كان وزير عدل في عهد سيدنا أبو بكر بقي سنتين لم يترافع إليه اثنان ماذا قال الله عز وجل؟

﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾

[ سورة ص: 24]

من هم الخلطاء؟ الشركاء، الورثة، الأخوة، الزوجان، كلمة عامة:

﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾

[ سورة ص: 24]

قال:

﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾

[ سورة ص: 24]

الإمام الشافعي استنبط رضي الله عنه - و الآن دققوا في هذا الاستنباط- الذي يبغي على خليطه ليس مؤمناً، تغتصب بيتاً أنت لست مؤمناً، تغتصب شركة لست مؤمناً، تغتصب مالاً لست مؤمناً، أنت وريث لك خمس أخوات بنات تغتصب مال والدك وحدك و لا تعطي أخواتك شيئاً لست مؤمناً، قلت له الإمام الشافعي استنبط من قوله تعالى:

﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾

[ سورة ص: 24]

قال:

﴿وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ﴾

[ سورة ص: 24]

قلت له: إذاً مشكلتنا ليست مع الأجانب البعيدين، و لا مع حكامهم المتغطرسين، و لا مع وكالات مخابراتهم المخيفة، و لا مع أعدائنا القريبين اليهود، و لا مع موسادهم، و لا مع باراكهم- هكذا قلت له عندئذ - و لا مع من هم فوقنا، مشكلتنا مع بنيتنا التحتية، القاعدة فاسدة، هناك غش بين المسلمين، هل يوجد بالأرض كيلو لحم بعشر ليرات؟ ما هذا اللحم؟ أكثر اللحم يباع في أماكن السندويش الكيلو بعشر ليرات، ما هذا اللحم؟ لحم ماذا؟ و أنا أقول: و الله لولا السلطان بشدته لأكل الناس بعضهم بعضاً، ممكن دابة ميتة يعملونها صفيحة، و يبيعونها للفقراء، ممكن تباع لحوم كلاب، لحوم حمير، ممكن أن تباع، الإنسان فسد، فلذلك قلت له: مشكلتنا ليست مع أحد، مع أنفسنا، فنحن حينما نصلح أنفسنا يصلح الله لنا أحوالنا، أي قصة أرويها كثيراً لأنها مناسبة، سائق تاكسي على خط بيروت دمشق، ركبت معه إنسانة و إنسان يبدو أنهما زوجان، قالا له: انتظر قليلاً سوف تأتينا محفظة، فانتظر بعد حين جاء رجل عمره سبعون عاماً يحمل محفظة على رأسه، و قدمها للشاب، الشاب ضربه لماذا تأخرت؟ أخذ المحفظة وضعها و مشى، بعد أن قطعوا مسافة ربع ساعة الزوجة تحادث زوجها لماذا ضربت أباك؟ وقف و سأله، هذا أبوك؟ انزل، أنزله و هذه نقودك لا أريدك كي لا نعمل حادثاً، أي هذا الموقف البسيط، قد يكون هذا السائق ليس معه شهادة عليا، و لا دارس فقهاً، لكن لم يتحمل أن يركب معه شخص يضرب أباه، لو كان المسلمون هكذا و الله مرة و أنا ماش رأيت سائقاً عاماً ينتظر شخصاً، شتم الإله شتائم لأنه ظّل واقفاً للزبون فترة من الزمن، امشِ و اتركه، عندما يكون ديننا غالياً علينا نحافظ عليه بشتى الطرق، أي أنا إذا أردت أن أقول لكم كلمة - أي خلاصة الخلاصة - حينما هان أمر الله علينا هنّا على الله.

من هان أمر الله عليه هان على الله :

نمونا سياحي استهلاكي وليس إنتاجي
أنا أقول: هان أمر الله على المسلمين فهانوا على الله، أي معقول هارون الرشيد رحمه الله كان يأخذ الجزية من إمبراطورة الرومان فلما تولى نيقفور بعدها الحكم أرسل له رسالة أي ينبغي أن تعيد كل ما أخذته منها و إلا نحاربك، فكتب هارون الرشيد من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى كلب الروم نيقفور ما ترى لا ما تسمعه هكذا قال له، و حاربه و انتصر عليه و دفعه الجزية مضاعفة، المسلمون كانوا أعزاء إلى درجة غير معقولة، عز طاعة الله عز وجل، معقول امرأة تقول: وا معتصماه بعمورية المعتصم ينطلق لنجدتها، و يأخذ حقها، و يعيد لها كرامتها، كان هناك قوة و كل عصر له قوة أي الله عز وجل أمرنا أن نعد لهم قال:

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾

[ سورة الأنفال: 60]

الشيء الذي يلفت النظر أن كل نمونا نمو خدمات وسياحة، سيارات أجرة، فنادق، مطاعم، لا يوجد شيء إلا و وراءه سياحي و استهلاكي و خدمي هكذا يسمونه لكن أرجو الله سبحانه و تعالى أن نرى يوماً يعز الله فيه المسلمين.

الاهتمام بكل جوانب الحياة :

الإسلام منهج متكامل
النقطة الأخيرة إن شاء الله أنه لا ينبغي أن نهتم بجانب واحد بل بكل الجوانب، نعتني فقط بالدراسات الإسلامية لا يكفي، نعتني مثلاً بإنشاء المساجد لا يكفي، هذا منهج كامل، منهج شمولي، فإن لم ينفذ شمولياً لا نقطف ثماره، مرة قلت كلمة كنت بأمريكا قلت لهم: إن دينكم - أي كلمة مقتبسة من أسواق البلد - سكراب و السكراب هناك محلات يبيعون قطع سيارات مستعملة، تكون سيارة منتهية تقص و تباع كرفراف، كمقعد، كمقود، قالوا: لم نفهم، قلت لهم الدين منهج كامل، الذي عنده رفراف عنده سيارة؟ هل يسميها سيارة؟ تأخذه على الزبداني؟ لا، لكن يباع معه، ليس بلا ثمن، له قيمته، الذي عنده دولاب –عجلة- هل هذه سيارة ؟ الذي عنده محرك فقط، عنده مقعد، هذا حال المسلمين تجد لا يوجد انضباط بكسب المال لكن يوجد انضباط بالصلاة جيد، الصلاة جيدة لكن ليس هذا هو الدين، أو يحج، أو يعتمر، طبعاً العمرة ركب بطائرة، نزل بفندق، أكل أكلاً طيباً، عمل سبعة أشواط، و قصّ شعره، رجع الحاج أو المعتمر و سبعة أيام مباركة، و قهوة، و ملبس، و تمر، و الله عمل جميل ليس فيها شيء، العمرة لا تساوي ديناً، و لا الحج يساوي ديناً، و لا الصلاة فقط، قصة قديمة جداً كنت في جامع من جوامع المصايف أصلي الجمعة و كان أمامي شخص بعدما خرجنا يوجد سيارة واقفة يبدو أن أهله راكبون بها بوضع غير معقول إطلاقاً، فمثل هؤلاء لا يمكن أن يكون رب الأسرة ديناً، يصلي الجمعة، كل إنسان يصلي الجمعة أحياناً، فأنا أتمنى أن يكون التغيير شمولياً، تختار فقط دراسات إسلامية، مكتبة إسلامية، تتابع كتاب فقه فقط، يكون لك مجلس علم تأتي دائماً وتقول: الله الدرس ممتع، يقول: عندي زبائن شتوية، ليل الشتاء طويل، و ليس عنده شيء، ضائق خلقه يأتي إلى الجامع أما بالصيف فلا تجده، فأحياناً تأخذ جانباً واحداً، هذا الجانب الواحد لا يكفي، و لا يحل مشكلة، هذا معنى دين سكراب، أي عنده رفراف هذا لا يسمى سيارة و لا يمشي و لا ينقله مع أهله إلى مكان جميل.

التحرك وفق منهج الله عز وجل :

يوجد نقطة ثانية و هي آخر نقطة كيف أن النبي عليه الصلاة و السلام علمنا سنته القوية و العملية و الإقرارية و الوصفية، كذلك علمنا كيف ندعو إلى الإسلام، أنا لا أقبل إنساناً يدعو إلى هذا الدين بمنهج مزاجي، اجتهاد شخصي، علمك كيف تدعو إلى هذا الدين، فينبغي أن نطبق سنة النبي في أقواله و أفعاله و إقراره و صفاته، و أن نطبقها أيضاً في طريقة دعوته إلى أصحابه، و الله عز وجل من كمالاته العالية أنك إذا خطوت نحوه خطوة خطا نحوك خطوات، الحديث الشريف:

((مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا.......))

[ البخاري عن أبي هريرة]

إعجابك بالفخامة المبنية على حرام دليل نقص إيمانك
أي لا يسمع فكرة إلا وفق ما في الوحيين الكتاب و السنة، لا ينظر لشيء إلا بمنظار إسلامي، إذا شخص دخل إلى بيت تاجر مخدرات لا سمح الله فوجده بيتاً فخماً جداً يعجب به؟ إعجابك بهذا البيت دليل نقص إيمانك، هذا مال حرام جمع من مآسي أسر، فلا ينبغي أن تعظم أرباب الأموال، فالمؤمن ينظر بنور الله، لا يسمع إلا ما يطابق الوحيين، و لا ينظر إلا بمنظور إسلامي، إذا وجدت مطعمين مطعم بسيط جداً مردوده يكفي طعام صاحبه فقط، و وجدت مطعماً فخماً جداً مردوده فلكي، و لكن يوجد فيه خمر تقول بنفسك: و الله الثاني أذكى من الأول يعرف كيف يعمل، لا يوجد بك إيمان إطلاقاً، يجب أن تنظر بمنظور إسلامي، أنا لا أوازن أبداً بين شخصين أو بين شركتين إلا أن أضيفت الآخرة إلى الأولى، العبرة بعد الموت فالحديث:

((مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا.......))

[ البخاري عن أبي هريرة]

لا يتحرك إلا وفق منهج الله، و رجله التي يمشي بها لا تتجه إلا إلى مكان يرضي الله، ثم هناك فكرة:

(( إِنْ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا اقْتَرَبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا وَإِنْ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً...))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

الصحوة الإسلامية يجب أن تكون مرشدة وفق منهج معتدل هو منهج الله :

ملخص اللقاء الطيب إن شاء الله: أنت حينما تغير من الداخل تجد أن الله فاجأك بتغيير خارجي، و الذي يشدك إلى الدين ليس مطمئنات في القرآن بل الذي يشدك إلى الدين معاملة الله لك الجديدة، تجد أنك أصبحت غالياً على الله، لك معاملة خاصة، ففي هذه الظروف الصعبة أرجو الله سبحانه و تعالى أن نغير حتى يحفظنا الله عز وجل، و أنا و الله متفائل أنه سيحفظنا إن شاء الله، هذا البلد طيب طاهر، لا تنظروا إلى العصاة فيه انظروا إلى هؤلاء المؤمنين: " لولا شيوخ ركع و أطفال رضع و بهائم رتع و شباب خشع".
من الظواهر الطيبة المفرحة امتلاء المساجد بالشباب
هناك ظاهرة تملأ القلب فرحاً، بالخمسينات عندما يدخل الإنسان إلى الجامع لا يجد إلا الأشخاص الكبار في السن، كله كبير، الآن كل الجامع شباب في مقتبل حياتهم، و على علم مهندس طبيب، اختصاص نادر، يريد أن يعرف الله، أن يكون على منهج الله، هذا شيء يملأ القلب فرحاً، هذه صحوة، لكن أرجو أن تكون هذه الصحوة مرشدة وفق منهج معتدل متوازن هو منهج الله عز وجل، فأنا متفائل و الله، و سوف ترون إن شاء الله أن هذه الأحداث الصعبة التي تمر بها الأمة الإسلامية ربما وجدتم من حكمها ما لا يعد و لا يحصى، كأنها تتجه نحو قوله تعالى:

﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾

[ سورة التوبة: 33]

الآن الإسلام شغل العالم الشاغل، في العالم اليوم قضية واحدة هي الإسلام، العالم كله في كفة و الإسلام في كفة واحدة، حتى لا يخذلنا الله يجب أن نتمسك بدينه، و أن نصطلح معه، و أن نتوب إليه، و أن نعاهد الله على نقيم الإسلام في بيوتنا، و في أعمالنا، و الله الموفق.

 

تحميل النص

إخفاء الصور