وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات إسلامية - متفرقة : 038 - ما يجري من أحداث في هذا العالم من منظور إسلامي .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

في القرآن الكريم نماذج للأمم تتكرر و أوضح هذه النماذج قبيلة عاد :

القرآن كتاب هداية وليس كتاب تاريخ
أيها الأخوة المؤمنون: أحياناً ينشأ حدث خطير يُشد الناس إليه فإذا جاؤوا إلى المسجد ينتظرون أن يستمعوا إلى الحكم الشرعي، أو إلى وجهة نظر الدين إلى هذا الشيء، لذلك هذا الدرس سأخصصه للأحداث الكبيرة التي عمت الأرض في هذه الأيام.
أول شيء أتمنى أن يكون واضحاً لديكم أن الله جل جلاله لا يمكن أن يكون قرآنه كتاب تاريخ هو كتاب هداية، كتاب التاريخ ينبئك عن أقوام عاشوا وهلكوا وانتهى أمرهم لكن القرآن الكريم إذا أخبرك عن أقوام عاشوا وهلكوا هؤلاء الأقوام نموذج متكرر، الله قدم نموذجاً لذلك حينما تجد التفاصيل ضعيفة في القرآن الكريمة و قليلة، قال تعالى:

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾

[ سورة الكهف: 83 ]

من هو؟ ما اسمه؟ في أي قرن عاش؟ في أي قارة عاش؟ هل هو الإسكندر المقدوني؟ حينما يغفل القرآن هذه التفصيلات ليشعرنا أن صاحب هذه القصة ليس معنياً، من المعني؟ النموذج التي تمثله هذه الشخصية. هذه قاعدة أساسية لا يمكن للقرآن الكريم أن يكون كتاب تاريخ لكن في القرآن الكريم نماذج بشرية، وفي القرآن الكريم نماذج للأمم تتكرر لعل من أوضح هذه النماذج قبيلة عاد، وحينما قال الله عز وجل: في كل عصر يتكرر نموذج عاد الأولى

﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى ﴾

[ سورة النجم: 50 ]

فكأن في هذه الآية إشارة أن هناك عاداً الثانية، عاد الأولى ما خصائصها الثابتة؟ دائماً في كل قرن، في كل عصر، في كل حقبة، نموذج كعاد الأولى يتكرر.
فعاد الأولى وصفها الله عز وجل بأنه لم يخلق مثلها في البلاد إطلاقاً، وقد يأتي آت من هذه البلاد ممتلئاً إعجاباً، الاقتصاد، الجامعات، المواصلات، الأبنية، النظام المحكم، العمل الناجح، التي لم يخلق مثلها في البلاد، أي هي متفوقة في شتى الميادين، هذه الصفة الأولى، تفوق في العلوم، تفوق في القوى العسكرية وفي الأبنية.
صفة ثانية أصحابها متكبرون متعجرفون، يقولون: من أشد منا قوةً؟ في تبجح، وغطرسة، وكبر، واستعلاء، وإحساس أنهم فوق الجميع، وأن مصالحهم فوق الجميع، وأن مصالحهم فوق مصالح الشعوب جميعاً، من أشد منا قوةً؟ ثم إنهم تفوقوا في العمران تفوقاً يفوق حدّ الخيال، قال تعالى:

﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾

[ سورة الشعراء: 128-129 ]

تفوق عمراني، وعندهم قوة عسكرية جبارة، قال تعالى:

﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾

[ سورة الشعراء: 130]

لم يخلق مثلها في البلاد، من أشد منا قوةً؟

﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ* وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾

مستوى الذكاء عندهم مرتفع جداً لأنهم أخذوا أدمغة الشعوب، وقال تعالى:

﴿وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾

[ سورة العنكبوت: 38 ]

إظهار الله آياته للناس :

ثم يقول الله عز وجل:

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾

[ سورة الفجر : 6-8]

﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾

[ سورة الفجر :9-12]

الله سلط عليهم الأعاصير
أحياناً لا تجد مكاناً في العالم إلا ويعرض أفلاماً مثيرة إلى درجة غير معقولة، إلى درجة أن الإنسان يفقد إنسانيته، في كل مكان في العالم من إنتاج مؤسسات للسينما هي القمة في العالم.

﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾

[ سورة الفجر :11-14]

عاد الأولى أي أن هناك عاداً الثانية، قال تعالى:

﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾

[ سورة الحاقة : 5-7]

وقد سلط الله عليهم الأعاصير، إعصار واحد كلف ثلاثين ملياراً، أرأيت إلى هذه الصفات؟ لكن أيها الأخوة مثل هؤلاء الأقوام لابد من أن يرتفعوا إلى درجة كبيرة جداً، ولابد من أن يظهر الله آياته، الذي هو جار في الحياة أن الله يقوي هذا الكافر، يقويه ويقويه ويتبجح ويستعلي ويتغطرس ويقول: أنا، يعيش وحده والناس جياع، يأكل وحده والناس جياع، يسكن وحده في أرقى البيوت والناس بلا مأوى، شيء غير معقول ثم يظهر الله آياته، حينما يقوى هذا الكافر يكاد ضعيف الإيمان يقول: أين الله؟ أين أنت يا الله؟ وحينما يظهر الله آياته يقول الكافر: لا إله إلا الله. الشيء الذي حصل بالخيال لا يقع، قال تعالى:

﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾

[ سورة الأنفال: 17]

اختلاف الناس في تفسير الأحداث :

لكن النقطة الدقيقة جداً أن الشيء إذا وقع لا أحد يشك في هذا الوقوع، الوقوع رآه رأي العين، لكن متى نختلف أو في أي موطن نختلف؟ نحن لا نختلف في وقوع هذا الحدث، الحدث سمع الناس به جميعاً، ومعظم الناس رأوه رأي العين، رأوه أثناء وقوعه، فالناس لا يختلفون في تصديق وقوعه أو عدم التصديق ولكنهم يختلفون في تحليله، وتفسيره.
كنت قد ضربت مثلاً أنه حينما تنشأ فرضاً حرب أهلية في بلد مجاور، هذه لها تفسيرات كثيرة ولنضرب على ذلك مثل ما جرى عند جيراننا، حرب أهلية دامت خمسة عشر عاماً أكلت الأخضر واليابس، ولم ينتصر في النهاية أحد، عادوا إلى ما كانوا عليه متعاونين متعايشين، هذا الحدث الذي دام خمسة عشر عاماً كيف يفسر؟ هناك تفسير دولي أن هذا البلد نما فيه المركز المالي نمواً كبيراً لدرجة أنه نافس مراكز أوربا فحطمه الأجانب، هذا تفسير دولي، يوجد تفسير عربي أن هذا البلد كان ساحة صراع عربية، وهناك تفسير طائفي أن هناك حرباً طائفية من عام ألف وثمانمئة وستين، ويوجد تفسير - كما يقال تفسير نسواني- حكمتها عين، أي تفسير ينبغي أن تأخذ ؟ التفسير القرآني، أنت كمؤمن لا تفسر إلا التفسير القرآني، قال تعالى:

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾

[ سورة النحل: 112]

أنا كمؤمن معي كتاب، معي وحي من الله، التفسير القرآني هو أصوب تفسير.
يوجد آية ثانية:

﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾

[ سورة الأنعام:64- 65]

من فوقكم الصواعق والصواريخ، ومن تحت أرجلكم الزلازل والألغام، قديم وحديث، أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض، أرأيتم إلى هذا؟ هذا هو التفسير القرآني لما يجري.

 

توظيف الله عز وجل الشّر للخير المطلق :


نحن كما تكلمنا في درس الجمعة حينما تظن أن الذي وقع ليس بقضاء الله وقدره فهذا سوء ظن بالله، قال تعالى:

﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾

[ سورة آل عمران: 154]

الله لايأمر بالسوء لكن الإنسان مخير أن يكون سيئا
وإذا أيقنت أن هذا الذي وقع وقع بقضاء الله وقدره ولكن لا حكمة فيه أيضاً أنت وقعت بسوء ظن بالله، ينبغي أن تعلم علم اليقين أن هذا الذي وقع وقع بأمر الله وقد سمح الله به، لكن بعضهم يقول: أيسمح الله بالشر؟ أيسمح الله بالقتل؟ الجواب: لا، لكن يوجد عندنا قاعدة أصولية أن الله أراد ولم يأمر، أراد ولم يرضَ، أليس هناك من يسرق؟ هل يستطيع إنسان أن يسرق إن لم يسمح الله له أن يسرق، يقول له: زل فيزول، يشله فجأةً، يموت فجأة، ما سرق السارق إلا وقد سمح الله له أن يسرق، لماذا سمح الله له أن يسرق؟ لأن الإنسان مخير في الأساس، بنيته بنية اختيار، هويته مخير.
أنت حينما تريد أن تعين موظفاً في صيدلية تمتحنه، تأتيه بأدوية تقول له: هذه أدوية منوعة ضع كلاً منها في مكانه الصحيح، هنا فيتامينات، هنا مضادات حيوية، هنا أدوية مسكنة، فإذا أمسك دواءً مسكناً ليضعه مع الفيتامينات لو منعته ما امتحنته، تسمح له أن يأخذ هذا الدواء ويضعه بمكان غير صحيح هذا معنى سمح، سمح ولم يأمر، سمح ولم يرضَ، فالشر المطلق لا وجود له في الكون بل إن الشر المطلق يتناقض مع وجود الله، إما أن تؤمن بالله موجوداً واحداً كاملاً، وإما أن تؤمن أن في الكون شراً مطلقاً، أي الشر للشر، لكن الله جل جلاله يوظف الشر للخير المطلق.
قريبة لي أرادت أن تكون مدرّسةً، قدمت طلب طولبت بفحص صدر لها، ذهبت إلى مستشفى عام وفحصت صدرها، وفي اليوم التالي أخذت النتيجة أنها مصابة بمرض السل، بكت وبكت وبكت وانعزلت وأوت إلى غرفتها ولم تقابل أحداً وخاف أهلها أن تكون عدوى فامتنعوا عن معاملتها مباشرةً، صنعوا لها أدوات خاصة، وبعد أسبوعين أو ثلاثة أرادت أن ترجع إلى الله، وأن تتوب من ذنوبها، وأن تصلي، وأن تتحجب، وبعد أن تابت إلى الله واصطلحت معه ذهب أخوها إلى المستشفى ليستطلع ما الذي حدث، فإذا بالقائمين على المستشفى يخبرونه أن هذه النتيجة ليست لأختك لكنها بلغت خطأً، هي لإنسانة أخرى، هذا خطأ كبير بالمستشفى لكن ماذا فعل الله به؟ وظفه للخير المطلق، كانت توبتها عن طريق هذا الشيء.
سمعت عن مدرّسة ذهبت إلى السعودية هي تحمل ليسانس بالرياضيات، عينت في منطقة نائية، المديرة كلفتها أن تدرس التربية الإسلامية للقسم الثانوي، هذا ليس اختصاصها إطلاقاً، تفسير وحديث وشرح وعقيدة، قالت لها: هذا ليس اختصاصي أنا اختصاصي رياضيات، قالت لها: إن لم يعجبك هذا التدريس نستغني عن عقدك، فانصاعت، تقول هذه الأخت الكريمة: دخلت إلى الصف العاشر، والمادة تربية دينية والآيات من صورة النور متعلقة بالحجاب، قرأت فبكيت، القرآن له وهج، له نور. تخاطب نفسها كم كنت غافلة عن هذا القرآن في الدرس الأول قالت لطالباتها: اعذروني افعلوا ما شئتم وأمضت الساعة كلها تبكي على نفسها حينما قرأت هذه الآيات من صورة النور. فحمق المديرة كان سبب هدايتها.

 

تعلق إرادة الله بالحكمة المطلقة :

لكل واقع حكمة
أول نقطة دقيقة: ليس في الكون شر مطلق، الشر المطلق لا وجود له في الكون بل إن الشر المطلق يتناقض مع وجود الله هذا تمهيد، كل شيء وقع سمح الله به، وقد يكون الموقع غير حكيم، وقد يكون مخطئاً، وقد يكون مجرماً، لكن مادام الله سمح له أن يقع فهو خير، القاعدة لكل واقع حكمة، لذلك ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وانتهى الأمر، فالمؤمن مستسلم، ليتهم لم يفعلوا ذلك، أربكونا وأخافونا وعطلوا مصالح المسلمين، وأصبح كل مسلم مهدداً، وهناك حرب مدمرة ستأتي، لا تقل ذلك، قل: كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق، لكن الشرح الدقيق لأن كل شيء متعلق بالخير المطلق وبالحكمة المطلقة الإنسان متى يكون غير حكيم؟ يكون غير حكيم إذا كان جاهلاً.
لي صديق اشترى سيارة حديثة يوجد مصباح أمامه تألق باللون الأحمر، وهو مصباح الزيت، هذا اللون خطير جداً يعني أن المحرك لا يوجد فيه زيت، فلو تابع السير احترق المحرك، ولو أضاف الزيت بثلاثمئة ليرة لنجا، احترق المحرك كلفه ثلاثين ألفاً، هو ظنه ضوءاً تزيينياً فتابع السير، ألم يرتكب حماقة كبيرة لماذا ارتكبها؟ لأنه يجهل حقيقة هذا المصباح.
مزارع عنده بيوت محمية اشترى سماداً ذواباً من أرقى مستوى، تعليمات المهندس الزراعي ضع لتراً في كل برميل، هو طموح يريد غلة مضاعفة فوضع ليترين في كل برميل فاسود المحصول كله، كل بيت بمئتي ألف، عنده ستة بيوت خسر مليون ومئتي ألف لأنه ضاعف الكمية أليست هذه حماقة؟ لماذا وقعت؟ لجهل المزارع.
أحياناً يأتي ضغط شديد تقول كلاماً لست قانعاً به كما يجري الآن في العالم كله، الكل ينافق، قد يأتي ضغط لا تستطيع أن ترده تقول كلاماً لست قانعاً به، من أين جاءت عدم الحكمة؟ من الضغط، وقد يكون إغراء شديد فتزل قدم الإنسان لأن الإغراء سيطر عليه، هل تصدق هذه الحالات الثلاث على الله عز وجل ممكن؟ مستحيل، إذاً أفعال الله متعلقة بالحكمة المطلقة، ذلك أن الله عز وجل هذا الذي وقع لو لم يقع لكان الله عز وجل ملوماً، لو أنه وقع على خلاف ما وقع لكان الله ملوماً، لو أن هذا الذي وقع لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله، لذلك المؤمن برد وسلام، لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فالمؤمن مستسلم لكن كل أنواع الشر التي تبدو شراً لابد من أن تنتهي إلى الخير.

الله عز وجل ما أمرنا أن نعبده إلا بعد أن طمأننا :

كنت في مؤتمر وفي نهاية المؤتمر في حفل الختام جرت العادة أن ضيوف المؤتمر الذين يلقون المحاضرات يجلسون على منصة الخطابة مجتمعين، وكل واحد منهم يلقي كلمة لا تزيد عن دقيقة، محاضراته ساعات أما الآن فدقيقة، مندوب دولة مقهورة قال: والله لقد أصاب شعبي- يقصد الدولة التي هو منها- من الألم والذل والقهر والفقر والبؤس ما لم يصب به المسلمون في شتى أقطارهم في مئة عام وبكى، ثم قال: لكنهم ارتقوا في سلم الإيمان ما لم يرتقوا به في ثلاثمئة عام.
أمرك الله أن تعبده بعد أن طمأنك
فما كان مني أن قلت: إن خطة الله استوعبت خطة هذه الدولة الماكرة. لا يوجد إلا الله، الإنسان يهدد، يتوعد، يقول: سأفعل، سأسحق، سأستأصل، سيكون انتقامي فعالاً ومستمراً وكاسحاً، قل ما شئت أنت عبد، هؤلاء العباد لهم رب، ولو أن الله أسلمهم لك لا يستحق أن نعبده، لو أن هؤلاء أسلمهم إلى إنسان حاقد قوي يفعل ما يريد لا يستحق الله أن نعبده، قال تعالى:

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ﴾

[ سورة هود: 123]

متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك، نحن في زمن صعب، في زمن هناك من يدعي الألوهية، هؤلاء الغربيون متألهون أي آتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب.
هناك طرفة وهي في الحقيقة طريفة جداً، لي أصدقاء دعاهم صديق لهم إلى مزرعة، فالمزرعة في مكان في جنوب دمشق، لها باب كبير وعليه قفل كبير، ولها حائطان، جاء المدعوون ومعهم طعامهم وفاكهتهم والبطيخ، لم يأتِ صاحب الدعوة فاضطروا أن يصعدوا على هذا السور العالي، وتمزقت ثيابهم وقعت البطيخة منهم فانكسرت، فلما نزلوا وجدوا أنه لا يوجد جدران مفاجأة كبيرة جداً كل هذا الباب والقفل لا يوجد جدران، طبعاً مفارقة حادة، هذا الدرع الصاروخي أين أصبح؟ أين الذي يتكلم عنه سنة؟ قال تعالى:

﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾

[ سورة الحشر: 2]

الحقيقة هناك من شاهد مشاهدات أعضاء الكونغرس، وجدوا علبة على الدرج تفرقوا وكأنهم أطفال من خوفهم، خوف في فرنسا وبريطانيا وبالشمال والجنوب من علبة، من ورقة، من تهديد، من اتصال هاتفي، خوف ملأ قلوب البشر في خمس قارات.
أيها الأخوة الكرام: يعنينا أن نعرف الله، يعنينا أن نفهم الأحداث فهماً قرآنياً صحيحاً، لأن هذه القوى الجبارة لو أنها استمرت جبارة هذا يتناقض مع وجود الله، يكون الله قد ألّهها، الناس قبل هذا الحدث لا يرون إلا هذه البلاد، هناك تفعل ما تريد، هم يؤلهونها، الله موجود، الله عز وجل موجود لا يتخلى عن المؤمنين وهذا محور درس البارحة، لا يمكن أن يتخلى عن المؤمنين، يقول لك: انتهى المسلمون في العالم، لا لم ينتهوا لكن رب ضارة نافعة.

 

المؤمن كريم رحيم :

الألم جزء من الشفاء
أخواننا الكرام: لا تنسوا أن الآلام الشديدة التي ترافق الأمراض هي جزء من الشفاء، الآلام الشديدة التي ترافق الأمراض هي جزء من الشفاء، وأن الأمراض الخطيرة ليس لها آلام أبداً كالسرطان، ليس له آلام يتسلل تسللاً، فحينما يقسو الطرف الآخر و لا يكون منصفاً يكون جاحداً، لا يكون موضوعياً يكون متبلياً، لا يكون عادلاً يكون ظالماً، لا يستمع إلى نصيحة هذا ليس بإمكانه أن يفعل شيئاً:

﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾

[ سورة الزمر: 62]

﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾

[ سورة طه : 45-46]

إياك أن تتوهم أن الله يغفل، قال تعالى:

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 42]

أي ذاقوا ما يذوق العالم الثالث، وتألموا أشد مما يتألم العالم الثالث، والله لا نرضى أن يموت البريء، نحن إنسانيون، سيدنا صلاح الدين عندما فتح القدس لم يسفك دم إنسان واحد، امرأة جاءته ولقد فقدت ابنها وقف ولم يجلس حتى أعادوا لها ابنها، بينما الفرنجة عندما فتحوا القدس ذبحوا سبعين ألف إنسان مسلم في يوم واحد، المؤمن كريم، رحيم.

 

امتحان الله المسلمين في العالم كلّه :

الشيء التالي لا يمكن أن تؤمن بالله إلا إذا كفرت بالكفر، تقول: بلاد راقية، حقوق إنسان، مستوى راق، هذا كله كلام فارغ، هذا الإنسان البعيد عن الله قلبه كالحجر قاس، ألم تعلموا أن خمسمئة ألف طفل في العراق يموتون كل عام بسبب هذا الحصار؟ ما جرى بين العراق وإيران ذهب مليون إنسان، ما جرى في الشيشان قتل ثلاثمئة ألف أو أربعمئة، ما جرى في البوسنة والهرسك، ما جرى في ألبانيا، ما جرى في كوسوفو، ما جرى في الصومال، ما جرى في السودان، قال تعالى: الله يمتحن المسلمين في العالم كله

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 46]

﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾

[ سورة إبراهيم: 47]

ولكن.... أيها الأخوة: سأقول كلاماً خطيراً أبدأه بمثل والمثل معبر جداً، إنسان أنشأ بناء، وبنى شرفة، وجد في أسفل هذه الشرفة تشققات ماذا يفعل؟ أيهدمها؟ لعلها جيدة، أيبقيها؟ لعلها فاسدة، أخواننا المهندسون عندهم حلّ اسمه التحميل، يضعون في هذه الشرفة عشرة براميل، يملؤونها ماءً، فإذا وقعت فلا ردها الله معنى هذا أنها سيئة، وإذا صمدت معنى هذا أنها جيدة. كأن الله جل جلاله في هذه الأيام العصيبة يمتحن المسلمين في العالم كله ، يمتحنهم بهذا الأسلوب التحميل فإن صمدوا هم إذاً جيدون، وإن انهاروا وأشركوا وخافوا ونافقوا وتآمروا على بعضهم عندئذ هؤلاء لا خير فيهم، معنى هذا أنهم سقطوا.
لذلك نحن في دار ابتلاء لا في دار تكريم، أكبر خطأ وقع به المسلمون أنهم عكسوا الأمر هم في دار ابتلاء فجعلوها دار جزاء، هم في دار عمل فجعلوها دار أمل، هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي.

 

النصر لا يأتي إلا بالعودة إلى الله و مراجعة حساباتنا :

ماذا بقي علينا ؟ بقي علينا أن نتعاون، أن نعود إلى الله، لأن يوجد خطر حقيقي لا خطر موهوم، والمؤمن إن لم يتعاطف مع بقية المؤمنين والله يشك في إيمانه، ماذا ينجينا من هذا الخطر؟ أن نصطلح مع الله، أن نراجع حساباتنا، أن نراجع أوراقنا، أن ننظر في بيوتنا هل هناك معصية؟ هل هناك بنت تخرج بشكل لا يرضي الله؟ هل هناك زوجة لا تؤدي واجباتها تجاه الله؟ هل هناك في الدخل حرام؟ هل هناك علاقات آثمة في العلاقات العامة؟ فكل مؤمن عليه أن يضبط نفسه.
يروى أن الخديوي دخل في حرب مع السودان - قصة قديمة ذكرتها على المنبر- فسأل شيخ الأزهر ماذا أفعل؟ فقال له: نحن في العادة في مثل هذه الأزمات نكلف نخبة من العلماء الصالحين بقراءة كتاب البخاري، قال: افعلوا ذلك، فجاء العلماء وقرؤوا البخاري والهزائم تتلاحق، فجاء مرةً غاضباً قال لهم: إما أن هذا الكتاب ليس كتاب البخاري أو إنكم لستم علماء. كلهم خافوا، عالم شاب في المؤخرة قال له: أنت السبب، قال له: لماذا؟ قال: إن لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر يدعو صلحاؤكم فلا يستجاب لهم، فارتعب وخرج من الأزهر والعلماء عنفوا هذا الذي قال هذه الكلمة ولاموه لقد خربت بيوتنا، لعلنا نعاقب جميعاً من أجلك، بعد حين جاء طلب من القصر يطلب هذا الذي قال هذا الكلام، دخل على الخديوي فقال له: أعد على مسامعي هذا الذي قلت لي، قال: أنت السبب قال له: ولم؟ قال: أليس في القاهرة دور دعارة، ودكاكين للخمر، هذه المعاصي والآثام هي سبب تأخر النصر، قال له: ماذا أفعل؟ هكذا يريد الغرب مني، هذه حضارة، قال له: إذاً أنت تسمح للمنكر، ما ذنب شيوخ الأزهر والبخاري؟ ليس لهم ذنب والخطأ منك. وقد تابعت هذا الموضوع في كتب التاريخ إذا بهذا الخديوي يزيل هذه المنكرات بعدها انتصر، معنى هذا كلمة الحق مهمة جداً.
أيها الأخوة: لماذا المنافق في الدرك الأسفل من النار؟ لأنه أخذ ميزات المؤمنين، هو عند الله مسلم وتمتع بانحرافات المنحرفين، جمع بين ميزات الإيمان فهو عند الناس مؤمن وتمتع بما يتمتع به الكافر المتفلت فاستحق أن يكون في الدرك الأسفل من النار.
المنافق في الدرك الأسفل من النار
المشكلة كل هؤلاء المسلمين في العالم محسوبون على الله، ليسوا نماذج كاملة، يوجد كذب، يوجد بهتان، غيبة، نميمة، تفلت، كسب حرام، علاقات آثمة، نفاق، هؤلاء محسوبون على الله وهم ليسوا على ما يرضي الله، فكأن الله عز وجل أراد منهم أن يحددوا موقفهم إما أن تصطلحوا معي، إما أن تتوبوا إلى الله، عندئذ يتولى الله أن يدافع عنكم، وإلا أنتم وشأنكم، أنتم كهذه الأمم الشاردة يصيبكم ما يصيبها هكذا، الأمم الشاردة يأتيها زلازل، براكين، قهر، فقر، هكذا لأن الآية الدقيقة:

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾

[ سورة المائدة: 18]

لو أن الله قبل دعواهم لما عذبهم، لو أنه قبل دعواهم لما عذبهم، قال تعالى:

﴿بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

[ سورة المائدة: 18]

حينما لا نستقيم على أمر الله لا شأن لنا عند الله أبداً، نحن كهذه الأمم الشاردة يصيبنا ما يصيبها من فقر، وقهر، وإهانة، أما إذا كنا مع الله فيتولى الله أن يدافع عنا، ويتولى أن يوفقنا، وأن ينصرنا على أعدائنا، فالآن عملية فرز، قال تعالى:

﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾

[ سورة آل عمران: 179]

أنت خذ موقفاً واضحاً هل أنت ولي لله؟

 

الولي مؤمن مستقيم :

مرة أحد الأغنياء بالعصر العباسي غارق في الشرب والنساء والغناء والجواري فطرق بابه صالح - ولي - خرج غلام له فقال له: قل لسيدك إن كان حراً فليفعل ما يشاء، وإن كان عبداً فما هكذا تصنع العبيد، فلما أبلغه الرسالة قال له: من هو ؟ قال: ذهب، تبعه حافياً وهذا بشر الحافي وصار من كبار العلماء.
ما الذي زلزله؟ هذه الكلمة، إن كنت حراً فافعل ما تشاء، وإن كنت عبداً فما هكذا تصنع العبيد.
الله لا يريدنا أن نرتدي ثياباً إسلامية، نتعطر بعطر مشايخ، مسواك في الجيب، وخاتم فضة، ومصحف في جيبنا، ومسبحة، وتمر امرأة فتقول: سبحان الله، ما هذه التلبسة و والزعبرة؟ الله لا يريدنا أن نفعل أعمالاً ظاهرة وبيوتنا ليست مسلمة لا يوجد فيها انضباط، لا يوجد فيها تربية، يوجد كذب، دجل، خداع، كسب مال حرام، غش، والله الغش الذي يفعله المسلمون يستحقوا عليه عذاب الله، لا يهمه النفاق والغش حتى يروج بضاعته، يجب أن يضع امرأة شبه عارية في التلفاز، مسلم من رواد المساجد، هذا النوع مرفوض، الآن الله عز وجل عمل أسلوب التحميل يحملنا، وإن شاء الله أن يكون التحميل ضمن طاقتنا، الدعاء: " ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به".
يوجد عدو شرس، قوي جداً، حاقد، نحن نحمل الآن، يجب أن تحدد هويتك أنت ولي بالمعنى القرآني وليس بالمعنى غير القرآني، إنسان رث الهيئة كلام خرافي هذا ولي، لا، هذا كلام فارغ، قال تعالى:

﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾

[ سورة يونس : 62-63]

هذا هو الولي مؤمن مستقيم. فأنت حدد هويتك:

(( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا قَلِيلٍ ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

موت كعقاص الغنم لا يدري القاتل لم يقتل؟ ولا المقتول فيم قتل؟ يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى ولا يستطيع أن يغير، إن سكت استباحوه وإن تكلم قتلوه.

 

ما يجب على الإنسان عمله في زمن الفتن ؟

نحن في زمن الفتن
يا أيها الأخوة: نحن في زمن صعب، في زمن الفتن:

(( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ))

[ مسلم عن معقل بن يسار]

لابد من أن نحدد موقفنا مع الله، الدعاء: " اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض فيّ قضاؤك، نافذ في حكمك، أعوذ بنور وجهك التي أشرقت له السموات والأرض، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك، أو أن تحل بي سخطك، ولك العتبى حتى ترضى، لكن عافيتك أوسع لي، اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك و أنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". نحن في زمن صعب، وفي زمن فرز، قال تعالى:

﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾

[ سورة آل عمران: 179]

أرجو الله أن يتمم بخير، وأن نعتصم بالله عز وجل، وأن نصلح بيوتنا، الله ما كلفك أن تقنع العالم الغربي أن يغير سياسته، هل تستطيع؟ هل تستطيع أن تقنع العالم الغربي المتغطرس أن يغير سياسته مع المسلمين؟ لا والله، لكن ماذا تستطيع أن تفعل؟ أن تقيم الإسلام في بيتك، هذا مملكتك، وفي عملك، كل إنسان يعاهد الله أن يكون مسلماً في بيته، وفي عمله، أديت الذي عليك انتظر أن تأخذ من الله الذي لك، أديت الذي عليك بقي لك أن تأخذ من الله الذي لك، أما نحن ففي زمن صعب، الأحاديث التي وردت عن آخر الزمان مخيفة:

(( كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: ما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف))

[ زيادات رزين عن علي بن أبي طالب ]

ويوجد أشد من ذلك.

 

من لم يكن على الحق فهو على الباطل :

فيا أيها الأخوة الكرام: هذا الذي حدث وقع بقضاء الله وقدره، وقد أراده الله بمعنى سمح به لأنه فرز للمؤمنين، لن يوجد بعد حين إلا أناس يؤمنون بالدنيا فقط وأناس يؤمنون بالآخرة، حضارة أناس سيطرة على الطبيعة، وحضارة المسلمين سيطرة على الذات، محسن ومسيء، منصف وجاحد، أخروي ودنيوي، شيطاني ورباني، لا يوجد غير هذا لأن الله تعالى قال:

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة القصص: 50]

لن يعصمنا من أعدائنا إلا أن نكون مع الله
إن لم تكن على الحق فأنت على الباطل قطعاً، أثنينية، خطان لا ثالث لهما إن لم تكن على الحق فأنت على الباطل، هذا كلام خطير، فالآن لا يعصمنا من أعدائنا إلا أن نكون مع الله، فإذا كان الله معك فمن عليك؟؟
أختم درسي هذا بهذا النص ورد في الأثر: " ما من عبد يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده أهل السموات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً، وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه، وقطعت أسباب السماء بين يديه".
فلنعتصم بالله، ولنحكم علاقتنا بالله، ولندع كل شهوة لا ترضي الله، ولنأمر بالمعروف ولننه عن المنكر، ولا نجامل ثم لنتق الله ولنصبر حتى يلغي الله شبحهم و وكسهم، الأواكس تلتغى إذا اعتصمنا بالله، لأن الله عز وجل قال:

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئا﴾

[ سورة آل عمران: 120]

لا صواريخ، ولا مروحيات، ولا مكر، ولا أقمار صناعية، ولا تهديدات، إذا كان الله معك فمن عليك؟؟ أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد اقتربت من هذا الذي حدث، والذي اهتز له العالم ولكن من منظور إيماني، يوجد عدة زوايا أنا أعنى بزاوية القرآن، طبعاً أي منبر آخر له أن يقول ما يشاء، له أن يحلل ما يشاء، لكن في بيت الله لا يمكن أن يطرح إلا المنظور الإسلامي.

 

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور