وضع داكن
19-04-2024
Logo
موضوعات إسلامية - متفرقة : 016 - الضرورات تبيح المحظورات 5 - المشقة تجلب التيسير - العسر وعموم البلوى
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

العسر و عموم البلوى :

المشقة تجلب التيسير
أيها الأخوة الكرام: ذكرت لكم من قبل أن موضوع الضرورات تبيح المحظورات هذه قاعدة أصولية، ولكن الناس توسعوا في فهمها وميعوها، وأسالوها إلى درجة أنه يفهم منها عكس ما أريد منها، لذلك جعلت في بعض خطبي موضوعاً حول هذا الموضوع، ووعدت أن أتابع تفاصيل هذا الموضوع في دروس الأحد.
تحدثنا في الدرس الماضي كيف أن بعض أنواع الجهل يعد ضرورة، بعض أنواع الجهل الذي يصعب أن يتلافى يمكن أن يكون ضرورة لرفع الحرج أو رفع الإثم، وفصلت هذا كثيراً في الدرس الماضي، مع أني بينت أن معظم حالات الجهل لا يعذر فيها صاحبها ولا سيما الذي نشأ في بلاد المسلمين، و حكماً وصلت إليه أحكام الشريعة بمدلولاتها الواسعة، و اليوم ننتقل إلى موضوع آخر من موضوعات الضرورات و هو موضوع العسر و عموم البلوى، فالمشقة تجلب التيسير، لأن الله سبحانه و تعالى لا يريد بنا الحرج يريد أن يخفف عنا، فالعسر هو المشقة، و عموم البلوى شيوع البلاء، بحيث يصعب على المرء التخلص منه، أو الابتعاد عنه، و هذا سبب من أسباب التخفيف.

عين النجاسة لا تطهر أما الشيء النجس فيطهر :

أيها الأخوة الكرام: أضع بين أيديكم بعض الأمثلة: تصح الصلاة مع النجاسة المعفو عنها كدم القروح و الدمامل و القيح و الصديد بكميات قليلة جداً، و مع أن هذه نجاسات لكنها نجاسات معفو عنها، وقليل دم الأجنبي أي دم إنسان آخر، قليله معفو عنه، و طين الشوارع إذا الإنسان مشى في الشتاء قد يأتي شيء من طين الشوارع على ثوبه، طين الشوارع معفو عنه إن لم يكن فيه عين النجاسة، عندنا شيء نجس، و عندنا عين النجاسة، و من أروع ما فهم المفسرون من قوله تعالى: طين الشوارع معفو عنه

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

[ سورة التوبة : 28]

لم يقل نجسون، قال: نجس، و النجس أي عين النجاسة، و عين النجاسة لا تطهر أما الشيء النجس فيطهر، لو عندك آنية أصابتها نجاسة تغسلها سبع مرات فتطهر هذه الآنية، أما عين النجاسة فهذه لا يمكن أن تطهر لأنها أصل النجاسة، وقد قال الله عز وجل:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

[ سورة التوبة : 28]

المشرك، الكافر، المنحرف، الفاجر إنسان نجس بأوسع معاني هذه الكلمة، أي نجس في حديثه، نجس في طموحاته، نجس في علاقاته، النجاسة المادية شيء والنجاسة المعنوية شيء آخر، الخيانة نجاسة، الكذب نجاسة، الاحتيال نجاسة، الكبر نجاسة، هذا العمل قذر، وقد يكون صاحبه بأعلى درجة من الأناقة، قد يكون صاحب هذا العمل في أعلى درجة من درجات الأناقة ومع ذلك له عمل قذر.
الأناقة قد تخفي عملا قذرا
مرة إنسان قال لي كلمة، قال: أنا عملي قذر، والحقيقة قد يكون هناك محل بأرقى أسواق دمشق، وفيه زينة بأعلى أذواق، ولكن يرتاده النساء، صاحب المحل لا يتورع عن أن يغازلهن، فهذا المحل قذر وفيه نجاسة مع أنه يتمتع بأعلى درجات الجمال والأناقة، فالنجاسة المعنوية خطيرة جداً يوجد أعمال قذرة، وهناك مواقف قذرة، مواقف النفاق قذرة، مواقف الاحتيال قذرة، أن تظهر ما لا تبطن هذا عمل قذر، فربنا عز وجل حينما قال:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

[ سورة التوبة : 28]

أي لهم أعمال فاحشة لا ترضي الله عز وجل.
شيء آخر: آثار النجاسة التي يعسر زوالها في بعض المساجد، آثار الطيور مهما نظف المسجد بقيت آثار الطير في صحن المسجد، بول ترشش على الثوب بقدر رؤوس الإبر هذه أيضاً نجاسة معفو عنها.

حكم النجاسة عند الأحناف :

الأحناف حددوا النجاسة المعفو عنها بما دون ربع الثوب، فإذا تجاوزت أكثر من الربع ليس معفو عنها، لا بد من تبديل الثوب، طبعاً هذه إذا كانت النجاسة مخففةً، وبقدر الدرهم أو عرض الكف إذا كانت النجاسة مغلظةً، هذا عسر يجلب التيسير.
ليس معفو عما تجاوز ربع الثوب
إنسان يسير في الطريق مرت سيارة في الشتاء ألقت عليه بعض الماء المشوب بالتراب، وتراب الطريق ليس طاهراً، ولا بد من أن تصلي ولا تعود إلى بيتك إلا بعد المغرب ماذا تفعل؟ ترجع إلى البيت تعيد الكرة، هناك سيارة ثانية، يوجد شيء من النجاسات المخففة المعفو عنها هذا من عظمة هذا الدين الحنيف.
شيء آخر: النار عند الأحناف مطهرة، فالروث إذا أشعلناه تعتبر النار مطهرة له، فرماد روث الحيوانات ورماد العذرة التي تشتعل تصبح طاهرةً، ولولا ذلك لحكمنا في نجاسة الخبز الذي يخبز في الأرياف، لأنه يخبز على وقود أصله من روث الحيوانات.
النار تطهر روث الحيوانات المستخدم لخبز الخبز
البعر إذا وقع في الحليب وأخرجناه فوراً يعد الحليب طاهراً، أثناء حلب الشاة قبل أن يتحلل، هذه الكرة القاسية قبل أن تذوب في الحليب هذا يعد من النجاسة المعفو عنها، الماء إذا مكث طويلاً وأصابه بعض التغير، أو كان فيه بعض الطحالب، أو بعض الطين، لأن هذا يعسر أن نتلافاه، ولا سيما في الأرياف، هذا أيضاً يعد طاهراً.
يجوز الاستنجاء بالأحجار مع أن الحجر لا يزيل النجاسة كلياً، أحياناً يوجد ضرورات، مثلاً إنسان يمشي في طريق، و اضطر أن يقضي حاجة، و ليس في الطريق ماء ليتطهر به، ماذا يفعل ؟ هذا درسنا اليوم عموم البلوى، المشقة تجلب التيسير، و لكن لا أريد أن نزيد على هذه الأمثلة شيئاً، هذه الحدود التي سمح بها الفقهاء، أي شيء مخفف، ربع الثوب المغلبة درهم أو عرض الكف، أكثر لا يجوز أن تصلي بهذا الثوب.
صبي أحدث، طالب بالصف، درس قرآن، قال: يسمح للصبي المحدث أن يمس المصحف أثناء تعليم القرآن، كل من يتعلم القرآن، القرآن يتلى تعبداً و يتلى مدارسة و تعلماً، يتلى تعبداً و يتلى تعلماً، فحين يتلى تعلماً يسمح للصبي المتعلم أن يمس المصحف دون أن يكون متوضئاً و كذلك المعلم.

المشقات التي تجلب التيسير :

يصح المسح على الخف للمقيم مدة يوم وليلة
يصح المسح على الخف حال الإقامة لمدة يوم و ليلة لمشقة نزع الخف في كل وضوء، حتى أنه يجوز عند الحنابلة المسح على الجوربين في حالات نادرة جداً أثناء السفر، أي الوقت قليل جداً لا يتسع لأن تبحث عن حذاء آخر، أو عن شيء تلبسه أثناء الوضوء، يجوز عند الحنابلة المسح على الجوربين في الحالات النادرة.
مثلاً يباح أن تستدبر القبلة في صلاة شدة الخوف، قبلة الخائف جهة أمنه، قبلة المسافر جهة دابته، قبلة المريض جهة راحته، يصح أن تصلي بالإيماء إذا عجزت، لأن الصلاة هي الفرض المتكرر التي لا يسقط أبداً، يباح القعود في النوافل، وكذلك الإضجاع فيها عند الشافعية، ولا بأس بالإبراد لصلاة الظهر، أي بعد أن تزول الشمس عن كبد السماء من شدة الحر، بل إنه مستحب في الصيف، سواء كان الحر شديداً أم لا يجوز ترك صلاة الجماعة والجمعة بالأعذار المعروفة كالمطر الشديد، والمرض الشديد، وإشراف القريب على الموت، والخوف على النفس أو العرض أو المال، وشدة الريح في الليل، وشدة الجوع والعطش والبرد والوحل والحر ظهراً، ويجوز عند الشافعية جمع الصلاتين تقديماً وتأخيراً في السفر والمرض هذه المشقات التي تجلب التيسير، وهذه الذي سماها الفقهاء عموم البلوى.
قبلة المريض جهة راحته
لا يجب قضاء صلاة الحائض لتكررها بخلاف الصوم، تسقط الصلاة عن المغمى عليه إذا زاد إغماؤه عن يوم وليلة- إنسان أغمي عليه وفاتته صلاة يوم وليلة يسقط عنه قضاء الصلوات- وعن المريض العاجز عن الإيماء بالرأس على الصحيح عند الحنفية، أي إنسان أصابه سبات هذا المريض الذي يعجز عن الإيماء بالصلاة تسقط عنه الصلاة.
تجوز عند أبي حنيفة صلاة الفرض في السفينة غير المربوطة في الميناء قاعداً من غير عذر مع القدرة خوفاً من دوران الرأس، إذا كان على طرف السفينة والبحر عميق، والإنسان إذا صلى واقفاً لعله يصاب بالدوار يجوز أن تصلي وأنت على السفينة قاعداً مع القدرة على الوقوف، تصح الصلاة من الجنب بالتيمم أثناء السفر، إنسان مسافر وهو جنب ولم يتمكن أن يغتسل يصح أن يتيمم ويصلي، أو خوفاً من البرد الشديد الذي يؤذيه إيذاءً يقينياً لأن النبي عليه الصلاة والسلام أقرّ عمرو بن العاص حينما صلى بأصحابه بالتيمم ولم يغتسل من الجنابة مستدلاً بقوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾

[ سورة النساء : 29]

يباح أكل الميتة ومال الغير مع الضمان عند الضرورة، على وشك الموت يباح أن تأكل الميتة، أو أن تأكل من مال الغير مع الضمان، أن تدفع له لاحقاً ثمن الطعام عند الضرورة أي عند خوف الموت.
عند الضرورة يمكن الأخذ من مال الغير مع الضمان
يجوز لولي اليتيم أن يأخذ من مال اليتيم بقدر حاجته إذا كان يستثمره له، هذا إذا كان فقيراً أما إذا كان غنياً فليستعفف.
في حالات المرض يجوز للرجل أن يلبس الحرير، إذا رجل معه مرض جلدي وأي ثوب يؤذي جلده يحق له استثناءً أن يلبس ثوباً حريرياً ليخفف عنه آلام الجلد.
يوجد حالات فيها مشقة لكن الشرع أباحها دفعاً لهذه المشقة من هذا عقد بيع السلم، بيع السلم على قواعد أخرى محرم، لأنه بيع معدوم، تشتري صوفاً لم ينبت، تشتري قمحاً لم ينبت، بيع السلم معاونة الشاري للبائع يجوز عقد بيع السلم على أنه بيع معدوم، وفيه نوع من الغرر.
وجوز عقود الإقالة، والحوالة، والرهن، والقرض، والتركة، والوكالة، والإجارة، والمزارعة، والمضاربة، والإعارة، والإيداع، هذه كلها تحل مشاكل المسلمين.

﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾

[ سورة الحج : 78]

﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾

[ سورة النساء : 28]

﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾

[ سورة النساء : 28]

الإنسان عليه أن ينتفع بملكه، كيف ينتفع بملك الغير؟ عن طريق الإيجار، إنسان استأجر بيتاً أو سيارة هو انتفع بملك غيره، هذه من التسهيلات التي شرعت في شريعتنا السمحاء من أجل تحقيق مصالح المسلمين، يمكن أن تستعين بالغير وكالةً، وإيداعاً، وشراكةً، ومضاربةً، ومساقاة، ومزارعةً، إنسان كبير في السن معه مال يستعين بشاب متقد حماساً يعطيه ماله يستثمره له، هذه مضاربة، والمزارعة والمساقاة والشركة.
ضمانة الدين تأتي بالرهن والكفالة وما إلى ذلك، هذه من التسهيلات التي جاءت بها الشريعة السمحاء.

أنواع الخيارات في الشرع :

العقد شريعة المتعاقدين ويمكن فسخه إن لم تلب شروطه
حينما شرع الشارع الحكيم في موضوع الخيارات، يوجد خيار العيب، أنت اشتريت حاجة فيها عيب لك أن تفسخ العقد وترد المبيع، وهناك خيار الرؤية من اشترَ ولم ير له الخيار إذا رأى، وهناك خيار الغبن الفاحش، يوجد في الشرع الحنيف أكثر من عشرة خيارات، إذا كان هناك غبن فاحش فأنت في خيار الغبن، البضاعة لم تراها على المساطر رأيتها، أنت في خيار الرؤية، أحياناً أنت في خيار الوقت، اشتريت بيتاً تريد أن تعرف وضعه في السجل العقاري تأخذ خياراً من البائع، فإذا ثبت أن هذا البيت مرهون أو عليه إشكال أنت في حل من هذا العقد، خيار وقت، خيار غبن، خيار رؤية.
يوجد خيار الثمن، إذا اشترى ولم يدفع الشاري الثمن، البائع يشترط إنك إن لم تدفع الثمن خلال هذا الوقت فالعقد باطل، يوجد إنسان يشتري ولا يذكر موضوع دفع الثمن فيبقى هذا الشيء ملك الشاري ولو لم يدفع الثمن.
إنسان جاءه ملك الموت ولم يستعد للموت شرعت الوصية، بإمكانه أن يوصي بكل ماله في الأعمال الطيبة لخدمة الفقراء، والمساكين، وطلبة العلم، وإنشاء المياتم، والمشافي، فالوصية تجلب التيسير، إنسان تأخر في الأعمال الصالحة.

أشياء أخرى توجب التيسير :

الإنسان الأخرس إشارته المعهودة تعد إقراراً بحقوق العباد، وبالقصاص والديات، والأموال والأحوال الشخصية من زواج وطلاق، ونحو ذلك بالضرورة، عندنا شرع دقيق جداً، الأخرس لا ينطق، لا يقول: اشتريت ولا بعت ولا وافقت، ما الحل؟ إشارة الأخرس تعد إقراراً، الإشارة المعهودة، إقرار الأخرس فيما يوجب حداً من حدود الله لا يعد و لا يقبل.
إشارة الأخرس تعد إقرارا
الله عز وجل حقوقه مبنية على المسامحة، يكفي أن يقر الأخرس في حقوق العباد فإشارته إقرار، أما إذا قلت له: أسرقت؟ فخفض رأسه هذا الخفض لا يعد إقراراً يوجب إقامة الحد، يعد هذا الإقرار شبهة، و ادرؤوا الحدود بالشبهات، فيما يتعلق بحقوق العباد إشارته إقرار أما فيما يتعلق بحقوق الله، أو فيما يتعلق بما يوجب الحد فلا تعد إشارة الأخرس إقراراً تعد شبهةً تدرأ بها الحدود.
يباح النظر بالضرورة وعند الحاجة لوجه المرأة عند الخطبة، والإجهاد، والمعالجة، القاضي له أن يرى وجه المرأة، والطبيب له أن يرى بعضاً من جسم المرأة، وكذلك عند الخطبة لك أن ترى وجهها وكفيها وما يدعوك إلى الزواج منها.
الطلاق قد يكون الحل الأمثل لحياة كلها مشاحنات وحقد
إباحة تعدد الزوجات عقب الحروب، وفي حال مرض الزوجة، وفي حالات نادرة عند الزوج، فهذه أيضاً من المشقة التي توجب التيسير، زوجة مريضة أو زوجة لا تنجب أو عقب الحروب يوجد كساد في الزواج، فهذه مشقة تجلب التيسير، أحياناً الحياة الزوجية تصبح مستحيلة، عذاب، بغضاء، حقد، خصومات، يكون الحل الأمثل هو الطلاق، مع أن الطلاق هو أبغض الحلال إلى الله لكنه ضرورة.
المجتهدون، كلفنا العالم أن يجتهد فما أصاب، لو أننا توعدناه بالعقاب الأليم على اجتهاده ما اجتهد أحد، ألغي الاجتهاد، ربنا عز وجل من خلال سنة النبي عليه الصلاة والسلام المجتهد إذا أصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر، أرأيتم حافزاً للاجتهاد كهذا الحافز؟ لو أنك أخطأت في الاجتهاد فلك أجر، إن أصبت فلك أجران، طبعاً هذه الحالات أذكرها إليكم تحت محور واحد هو أن المشقة تجلب التيسير، ليس القصد أن تتحمل المشقات القصد أن تتصل بالله، فأية مشقة تحول بينك وبين الله عز وجل، مثلاً في الحج، الوقت الأكمل لرمي الجمرات هو بعد الزوال، لكن قد تجد مليوني إنسان يحاول رمي الجمار بعد الزوال، أحياناً يسمى محرقة مقتلة، ممكن إنسان أن يرمي في الليل إذا معه أهل، معه نساء، من منا يحتمل أن تسحق امرأته بين الرجال ؟ المشقة الكبيرة تجلب التيسير، فالتيسير أن ترجم الجمرات ليلاً، وبالليل يوجد بحبوحة أمامك متر بمتر فارغ، أما في النهار فقد لا يحصل لك أي اتصال بالله أمام هذا الازدحام الشديد، يجب أن نفقه حقيقة الدين.

المشقة ليست مطلوبة لذاتها :

أخواننا الكرام: المشقة ليست مطلوبة لذاتها، الآن لو أراد إنسان أن يحج ماشياً هل تظنون أن له أجراً يفوق أجر راكب الطائرة ؟ أبداً، يملك ثمن الطائرة بل أراد أن يفتعل مشقة كي يزيد ثوابه، ليس في الإسلام مشقة مطلوبة لذاتها، لكنه في بعض الظروف قد تفرض عليك مشقة هذه نتحملها إذا فرضت علينا، مرة كنت في بلد إسلامي بالأخبار أن أناساً يمشون ألف كيلو متر على أقدامهم ليصلوا إلى مقام أحد العلماء الكبار، هذه المشقة لا مبرر لها، أكثر من شهر ونصف تقريباً وهم يظنون أن هذا فيه أجر كبير.
المشقة ليست مطلوبة لذاتها، المشقة أحياناً تفرض في الحج، الطواف، السعي، الوقوف في عرفات، الحر الشديد، مقبولة إذا فرضت بذاتها، أما أن نفتعلها نحن فهذا ليس مباحاً إطلاقاً.

الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه :

أيها الأخوة الكرام: موضوع المشقة موضوع كبير جداً، القصد أن تشعر أنك قريب من الله عز وجل، وكل شيء يحول بينك وبين هذا القرب يجب أن تبتعد عنه، أوضح مثل في معالجة هذا الموضوع، أيام الحج مثلاً الذي معه أهل، نساء، أطفال صغار، أحياناً الانطلاق من مزدلفة بعد صلاة الفجر قد يستغرق الطريق عشرين ساعة، والازدحام لا يحتمل، عند السادة الشافعية يجوز أن تنطلق من مزدلفة بعد منتصف الليل، معنى ذلك أنك تصل بنصف ساعة إلى منى، وقد ترجم جمرة العقبة، وقد تنتقل إلى مكة المكرمة وتطوف طواف الإفاضة قبل صلاة الفجر، وهذا مسموح به عند السادة الشافعية لمن كان معه أهل وصغار يخشى عليهم العنت، طالما يوجد مشقة كبيرة المشقة تجلب التيسير، هذه قاعدة من قواعد الفقه الأساسية.
إن الله سبحانه وتعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه، الإتيان بالعزيمة فضيلة، وأن تأخذ بالرخصة أيضاً فضيلة، أحياناً الله عز وجل قال:

﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

[ سورة البقرة : 195]

الامتناع عن أخذ الدواء إثم في حال المرض
مرة أخ كريم في نقاش جرى بيني وبينه، أنه أخذ الدواء ليس واجباً، قلت له: لو أن لك زوجةً وكانت على وشك الوضع، وأخبرك الطبيب أن هذه الزوجة لا يمكن أن تلد إلا ولادة قيصرية، بربك إذا لم تعبأ بقول الطبيب وماتت الزوجة في أثناء الوضع ألا تشعر أنك مقصر؟ ألا تشعر أنك ارتكبت إثماً كبيراً حينما عرضت الزوجة إلى الهلاك؟ ثم إن أحكام الفقهاء أنه إذا غلب على ظنك أن هذا المرض يعيق عبادتك، ويعيق كسب رزقك، وله دواء، قال: أخذ الدواء في مثل هذه الحالة يرقى إلى مستوى الفرض، ما الدليل؟ قال تعالى:

﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

[ سورة البقرة : 195]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾

[ سورة النساء : 29]

أحياناً تجد بعض الأحكام لا تقبلها أنت، إما الذي ألقاها عليك ضعيف العلم، أو محدود الاطلاع والثقافة، أما الشيء اليقيني فأنه حينما يغلب على ظنك أن هذا المرض خطير وأن علاجه يسير، وإنك إن لم تأخذ العلاج ألقيت بنفسك إلى التهلكة إذاً وجب عليك التداوي.
تداووا عباد الله، هذا التداوي، الفعل أمر وكل أمر يستوجب الوجوب، هذا الذي يقول: نحن لسنا مكلفين أن نأخذ الدواء، هذا كلام غير شرعي أساساً، يوجد حالات كثيرة مثلاً الذي اشترى عوداً ثم تاب إلى الله عز وجل قال: الأولى أن يحطمه، هذه الأداة له، ويوجد رأي عند بعض السادة الفقهاء أن هذا العود مصنوع من خشب ينتفع من هذا الخشب بإحراقه، لذلك يجوز لك أن تبيعه، إذاً هل من المعقول إنسان يشتري عوداً بخمسة آلاف ليرة أو ستة آلاف ليحرقه ويغتسل عليه؟ هذا العود يباع ليستعمل عوداً.

 

كلّ إنسان عنده مقياس فطري :

الإنسان يوجد عنده مقياس، مقياس فطري، نحن عندنا تفرقة بين الإمام أبي حنيفة والأحناف، بين الإمام الشافعي وبين السادة الشافعية، الفقه كله اجتهادي، والمجتهد يصيب أو يخطئ، ذكرت لكم من قبل أن أحد السادة الأحناف أجاز أن تأكل مال المستأمن برضاه في بلد الأمان، يوجد تقسيمات للفقه، هناك دار الإسلام، ودار الحرب، ودار الأمان، دار الإسلام كبلاد المسلمين، ودار الحرب كاليهود بلاد حرب، ودار الأمان كبلد مثل فرنسا بيننا وبينها تمثيل دبلوماسي، فالفتوى في الفقه الحنفي يجوز أن تأخذ مال المستأمن في بلده برضاه، أما أدق ما في الفتوى فبقصد إضعافه، أنت إذا نقلت إلى بلد كل أموالك واستثمرتها عنده في البنوك أضعفته أم قويته؟ قويته، إذاً شيء محرم، والأصح من ذلك أن الحرام حرام في كل مكان، في بلدك وفي غير بلدك، في دار الإسلام وفي غير دار الإسلام، في بلاد الكفر، الحرام حرام، المكان لا يغير الحكم الشرعي، لكن الإنسان كما قلت لكم: استفت قلبك ولو أفتاك المفتون وأفتاك.

(( عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الأنْصَارِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ: الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ))

[مسلم عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الأنْصَارِيِّ]

الحلال بيّن و الحرام بيّن :

الحلال بين والحرام بين
الحلال بين، إنسان صلى العشاء وشعر بحاجة إلى النوم، أمضى يوم شاقاً، فإذا أوى إلى فراشه وصلى العشاء والسنة والوتر هل يشعر أنه فعل شيئاً؟ الحلال بين والحرام بين، الزنا والخمر والقتل أشياء واضحة، الكذب، الخيانة، حول هذين البندين ليس هناك مشكلة إطلاقاً، أي إنسان بأي ثقافة، بأي مستوى، الحلال حلال والحرام حرام، وذكرت هذا في درس سابق أنه لا جهل في بلاد المسلمين، أمضى سنوات طويلة كل أسبوع يوجد ساعتين تربية إسلامية، حضر مع والده مئة خطبة أو خمسمئة خطبة، ويعيش في مجتمع إسلامي يقول لك: أنا لا أدري أن الخمر حرام؟؟ هذا كلام مرفوض، وكان هذا موضوع الدرس الماضي.
لكن يوجد دقائق في الفقه قد لا يعرفها، هذه الدقائق التي لا يعرفها بحدود ضيقة جداً قد يعذر عند الله بجهلها، أما الجهل أو ادعاء الجهل فهذا لا يعفي صاحبه من قبل الله عز وجل ومن قبل أولي الأمر.
الحلال بين والحرام بين، أحياناً - ذكرت هذا في درس الفجر - بتعليمات وضع الأسئلة بالشهادات العامة، هناك سؤال سهل معظم الطلاب يجيبون عنه، وسؤال وسط الطلاب المتوسطو الدراسة يجيبون عنه، لكن لابد من سؤال عليه علامات محدودة لا يجيب عنه إلا المتفوقين، سؤال محاكمة، سؤال استنباط، سؤال يعتمد على الدقة والإدراك في ثنيات الموضوعات، أنت عندما طالب يجيب عن أول سؤال معنى ذلك أنه مع الضعفاء، يجيب عن السؤال الثاني معنى هذا أنه مع المتوسطين، أما إن أجاب عن السؤال الثالث فهذا مع المتفوقين.
أخواننا الكرام: في الدين يوجد عندنا سؤال أول وثان وثالث، إنسان ترك الحرام البين مثل الشمس واضحة، ترك الحرام البين قضية بديهية وسهلة ولا تكلف جهداً، أخذ الحلال البين ليس له مشكلة، إنسان أخذ طعاماً من كسبه الحلال، تزوج، أنجب أولاداً، ذهب إلى نزهة مع أولاده، لا يوجد مشكلة، ولكن أين المشكلة؟ وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، ماذا نفهم من هذا النص؟ نفهم أن بعض الناس يعلمون المتشابهات، يوجد عندنا حالات كثيرة، أكثر الناس يحسبونها حلالاً وهي حرام، أكثر الناس يستثمرون أموالهم بنسب ثابتة، يقول لك: هذا أفضل لي، أعطاني على الألف عشرين، استثمار المال بنسب ثابتة ربا، إنسان دخل مع إنسان شريكاً في بيت، وأخذ منه أجرة بشرط أن يضمن من الذي اشترى البيت أن يعطيه المبلغ بعد حين بالتمام والكمال، الأجرة ربا صارت.
أحياناً أقرضني هذا المبلغ وخذ هذا البيت استعمله سنة، هذا القرض جرّ نفعاً، أشياء كثيرة جداً، الإنسان عليه أن يحتاط للمتشابهات، ليس هناك مشكلة فيما هو بين لا حلال ولا حرام، وبينهما كثير من الشبهات.

(( النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْحلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

[متفق عليه عن النعمان بن البشير]

لذلك الورع أن تدع ما لا بأس به حذراً مما فيه بأس، الورع دع ما يريبك إلى ما لا يريبك أحياناً ينشأ مناقشات حلال هكذا قال فلان، بما أنها قضية خلافية الأولى الهروب من الخلاف، أوضح مثل المسح على الجوربين، الماء متوفر وكل شيء متيسر فالأولى أن تخرج من هذا الخلاف.

الهروب من الخلاف :

الخروج من الأمور الخلافية
يوجد مصطلح فقهي لطيف: الهروب من الخلاف، إذا كان هناك مذهب فقهي أجاز شيئاً ومذهب لم يجزه، عند الأحناف لا يجوز أن تجمع بين الصلاتين إلا في الجح، القصر عندهم جائز أما الجمع فلا يقبل إلا في أثناء الحج في عرفات، بينما المذاهب الثلاثة لك أن تجمع ولك أن تقصر الصلاة، إنسان يصلي إماماً، وراءه أناس من مذاهب متعددة ما الأولى أن يفعل؟ أن يخرج من الخلاف في صلاة الظهر وحده، والعصر وحده، هكذا، الأولى ملخص الملخص في حال الشدة لك أن تأخذ بالأسهل، وفي حال اليسر لك أن تأخذ بالأحوط، هذا ملخص موضوع المشقة تجلب التيسير وموضوع عموم البلوى، قال تعالى:

﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾

[ سورة الحج : 78]

وكان عليه الصلاة والسلام في أيام الحج كلما سئل عن شيء يقول: افعل ولا حرج، العبرة إنما يريد الله ليطهركم، الله ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.

 

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور