وضع داكن
18-04-2024
Logo
الخطبة : 0117 - خشية الله - التوحيد - السمك وزعانفه ومقياس الضغط عنده .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

 الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، مَن يهده الله فلا مضل له ، ومَن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدَ .
 الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض ، وجعل الظلمات والنور .
 الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .
 بن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتُّك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ، وحقك إني لك محب ، فبحقي عليك كن لي محباً .
 وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائل في كتابه الكريم :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال الآية : 24 ]

 دعوة الله إلى الحياة ، وترك طريق الدين موت .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال الآية : 24 ]

 أما الكفار :

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل الآية : 21 ]

﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾

[ سورة فطر الآية : 22 ]

﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[ سورة المنافقون الآية : 4 ]

﴿ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ﴾

[ سورة المدثر الآية : 50 ]

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾

[ سورة الفرقان الآية : 44 ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال الآية : 24 ]

 دعوةٌ للحياة في الحياة وبعد الممات . مثل المؤمن ومثل الكافر كالسميع والبصير والأعمى والأصم .
 وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله ، خير نبيٍ اجتباه ، وللعالمين أرسله ، أدَّى الأمانة ، وبلَّغ الرسالة ، ونَصَح الأمة ، وكشف الغُمَّة ، وجاهد في الله حق الجهاد .
 يا محمد ـ هكذا قال له سيدنا جبريل ـ أتحب أن تكون نبياً ملكاً أم نبياً عبداً ؟ قال : لا يا أخي بل نبياً عبداً أجوع يوماً فأذكره ، وأشبع يوماً فأشكره .
 اللهم صلٍ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين .
 إذا دخل أهل الجنة الجنة ، ودخل أهل النار النار ، نادى منادٍ من قِبل الله عزَّ وجل : يا أهل الجنة إن لكم موعداً مع الله ، فيقول أهل الجنة : وما الموعد ، ألم يغفر ذنوبنا ؟ ألم يستر عيوبنا ؟ ألم يثقل موازيننا ؟ ألم يبيِّض وجوهنا ؟ ألم ينجِّنا من عذاب النار ؟! .
 وماذا بعد غفران الذنوب ، وستر العيوب ، وثقل الموازين ، وتبييض الوجوه ، والنجاة من عذاب النار ؟ فيكشف الحجاب بينهم وبين الله عزَّ وجل فليس شيءٌ أحب إليهم من النظر إلى ذات الله سبحانه وتعالى .
 يا رب ارفع مقتك وغضبك عنا ، ولا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، فرِّج الكروب ، واستر العيوب ، واغفر الذنوب يا علام الغيوب .

 

معاناة المسلمين :

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ آيتان كريمتان تفسِّران حالاتٍ كثيرة يعاني منها الناس اليوم ، لا تنسوا أن كتاب الله سبحانه وتعالى فيه وصفٌ دقيقٌ دقيق لكل أحوال النفس ، الله سبحانه وتعالى قال :

﴿ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ﴾

[ سورة القصص الآية : 57 ]

 آيةٌ ثانية ..

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ﴾

[ سورة العنكبوت الآية : 10 ]

 آيتان دقيقتان تفسران حالاتٍ كثيرة يعاني منها المسلمون .
 أيها الأخ الكريم ؛ حينما تُحْجِم عن عبادة ، حينما تحجم عن مجلس عِلْم ، حينما تحجم عن سماع خُطبة ، حينما تحجم عن عملٍ صالح، حينما تحجم عن استقامةٍ لله عزَّ وجل خوفاً من إنسانٍ ، فأنت لا تعرف الله أبداً ، لا تعرفه ولا مثقال ذرة ، لأنك لو عرفته لأيقنت أنه يحفظك ، وأنه لن يكافئك على طاعته بالإساءة إليك .

﴿ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة القصص الآية : 57 ]

 هؤلاء الذين يقولون :

﴿ إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ﴾

[ سورة القصص الآية : 57 ]

 لا يعلمون ..

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ ﴾

[ سورة العنكبوت الآية : 10 ]

 مَن يقول ؛ هكذا يدَّعي ، هكذا يزعم ، هكذا يتوهَّم ، هكذا يظن أنه مؤمن .

﴿ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ ﴾

[ سورة العنكبوت الآية : 10 ]

 إذا تجشَّم بعض المتاعب ، إذا تحمَّل بعض المشاق ؛ بسبب إيمانه ، أو بسبب استقامته ، أو بسبب حبه للخير ، أو بسبب توحيده لله عزَّ وجل ، أو بسبب دعوته إلى الله ، إن تحمل بعض المتاعب وقد لا تذكر ، إن تحمل بعض المشاق ، إن تحمل بعض القَلَق ..

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ﴾

[ سورة العنكبوت الآية : 10 ]

 جعل هذه الفتنة ، جعل هذه المتاعب ، جعل هذه المخاوف ، جعل هذه المُقْلِقات تُعادل غضب الله عزَّ وجل ، تعادل عذابه في الدنيا والآخرة ، فأحجم عن الطاعة خوفاً من إنسان .

 

التوحيد :

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ علاج المسلمين التوحيد ..

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الأنبياء الآية : 25 ]

﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ﴾

[ سورة فطر الآية : 2 ]

﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾

[ سورة الزخرف الآية : 84 ]

﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾

[ سورة النحل الآية : 51 ]

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة هود الآية : 123 ]

﴿ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ﴾

[ سورة غافر الآية : 20 ]

﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾

[ سورة الرعد الآية : 41 ]

﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 26 ]

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ﴾

[ سورة العنكبوت الآية : 10 ]

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ كلمة الحق لا تقرِّب أجلاً ، ولا تقطع رزقاً ، هكذا قال عليه الصلاة والسلام .
 إنه من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله ، وأن تحمدهم على رزق الله ، وأن تذمَّهم على ما لم يؤْتك الله .
 إنه من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله ، وأن تحمدهم على رزق الله ، وأن تذمَّهم على ما لم يؤتك الله ، إن رزق الله تعالى لا يجره حرص حريص ، ولا يرده كراهة كاره .

﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾

[ سورة يوسف الآية : 106 ]

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ ما من حالةٍ مرضيةٍ ، ما من حالةٍ سويةٍ صحيةٍ تصيب النفس إلا ذكرها الله في القرآن الكريم ، ذكرها وفصَّلها ، وهاكم الآيات التي تفسِّر ضعف يقين الناس ، عدم توحيدهم ، ضعف يقينهم ، إشراكهم بالله عزَّ وجل .

 

السنة المطهرة :

رحم الله امرأً........... :

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ النبي عليه الصلاة والسلام في بضع أحاديث شريفة يبدؤها بقوله صلى الله عليه وسلم :

(( رحم الله امرأً ............... ))

 ومعنى رحم الله امرأً أي تجلى على قلبه بالرحمة ، تجلى على قلبه بالرحمة فأسعده ، ولا يعرف هذا التجلي إلا من ذاقه ، والله سبحانه وتعالى يقول :

﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

[ سورة الأعراف الآية : 56 ]

 رحمته قريبٌ من المحسنين ، والنبي صلى الله عليه وسلم فَصَّل هذا الإحسان فقال :

(( رحم الله امرأً اكتسب طيباً ، وأنفق قصداً ، وقدَّم فضلاً ليوم حاجته ))

[ من الجامع الصغير عن السيدة عائشة ]

(( اكتسب طيباً ))

 كسبه حلال ، يقول العبد : يا رب يا رب ومأكله حرام ، ومشربه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له ؟ .

(( رحم الله امرأً اكتسب طيباً ، وأنفق قصداً ، وقدَّم فضلاً ليوم حاجته ))

[ من الجامع الصغير عن السيدة عائشة ]

((وأنفق قصداً ))

 أي أنه اعتدل في إنفاقه فلم يسرف ولم يقتِّر .

(( ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر على عياله ))

[ من الجامع الصغير عن جبير بن مطعم ]

﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾

[ سورة الفرقان الآية : 67 ]

(( رحم الله امرأً أصلح من لسانه ))

[ من الجامع الصغير عن أنس ]

 انتقى الكلمة اللطيفة ، انتقى الكلمة الليّنة ، انتقى الكلمة المُنصفة ، انتقى الكلمة الجميلة ، قالت له : إنها قصيرة ـ لم تزد على هذه الكلمة ـ فقال : يا عائشة لقد قلتِ كلمةً لو مزجت بمياه البحر لأفسدته .

(( رحم الله امرأً أصلح من لسانه ))

[ من الجامع الصغير عن أنس ]

(( رحم الله امرأً تكلم فغنِم أو سكت فسلم ))

[ من الجامع الصغير عن أنس وحسن]

 ماذا يفعل الناس اليوم ؟ يتكلمون فيأثمون لأنهم تكلموا بالباطل ، تكلموا بالغيبة ، تكلموا بالنميمة ، تكلموا بالفُحش ، تكلموا بما لا يعتقدون ، ويسكتون فيأثمون ، يسكتون عن الحق ، يسكتون عن النصيحة ، يسكتون عن الأمر بالمعروف ، يسكتون عن النهي بالمنكر ، يتكلمون فيأثمون ويسكتون فيأثمون ، لكن المؤمن ..

(( رحم الله امرأً تكلم فغنم أو سكت فسلم ))

 عن أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( رحِمَ اللهُ رجلاً قامَ من الليلِ فصلَّى ))

[ أخرجه أَبو داود والنسائي ]

 تأتيه الرحمة ، تتنزل على قلبه الرحمة ، يتجلى الله على قلبه .. إذا نامت الأسماك في البحار ، ونامت الأطيار في أعشاشها ، وأغلقت الملوك أبوابها ، وخلا كل حبيبٍ بحبيبه قام فصلَّى .. " رحم الله رجلاً قاتم في الليل فصلَّى " .

(( رحم الله عبداً سمحاً إذا باع ، سمحاً إذا اشترى ، سمحاً إذا قضى ، سمحاً إذا اقتضى ، لين العريكة ، يألف ويؤْلَف ))

[ من كنز العمال عن أبي هريرة ]

 يتساهل في بيعه وفي شرائه ، وفي اقتضاء دينه ، وفي اقتضاء ما عليه .

(( رحم الله من حفظ لسانه ، وعرف زمانه ، واستقامت طريقته ))

[ من الجامع الصغير عن بن عباس]

(( حفظ لسانه ))

 لا يلدغنك أيها الإنسان ..

كم في المقابر من قتيل لسانه  كانت تهاب لقاءه الشجعان
* * *

(( حفظ لسانه ، وعرف زمانه ))

( من الجامع الصغير : عن " بن عباس " )

 لكل زمانٍ طبيعة ، في زمان ..

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾

[ سورة المائدة الآية : 105 ]

في زمان آخر :

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

[ سورة آل عمران الآية : 104 ]

 عرف طبيعة زمانه ..

(( رحم الله من حفظ لسانه ، وعرف زمانه ، واستقامت طريقته ))

[ من الجامع الصغير عن بن عباس]

(( رحم الله والداً أعان ولده على بره ))

[ من الجامع الصغير عن علي]

 إن طالبنا البناء بالبر ، طالبنا الآباء بأن يعينوا أولادهم على برِّهم .

(( رحم الله امرأ سمع منا حديثاً فوعاه ثم بلَّغه مَن هو أوعى منه ))

[ من الجامع الصغير عن زيد بن خالد]

 ادع إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، اُنقل معنىً سمعته حول آية ، انقل معنىً سمعته حول حديث .

(( رحم الله امرأ سمع منا حديثاً فوعاه ثم بلَّغه مَن هو أوعى منه ))

[ من الجامع الصغير عن زيد بن خالد]

(( رحم الله عيناً بكت من خشية الله ، ورحم الله عيناً شهرت في سبيل الله ))

[ من الجامع الصغير عن أبي هريرة]

(( رحم الله عيناً خرج منها مثل رأس الذبابة في سبيل الله ))

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ هكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يحدِّث أصحابه ..

﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

[ سورة الأعراف الآية : 56 ]

 هذا هو الإحسان ، مَن منا يتصوَّر أن الأحاديث الشريفة كلها إنما هي تفسيرٌ لكلام الله سبحانه وتعالى ؟! لذلك جاءت الآية الكريمة لتبيّن للناس ما نزل إليهم ..

﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

[ سورة الأعراف الآية : 56 ]

 جاء النبي عليه الصلاة والسلام وفصل القول بها .
* * * * *

السيرة :

  إلى بعض السيرة :
امرأةٌ سافر زوجها ، والمرأة إذا غاب زوجها لا يحق لها أن تخرج من البيت إلا بإذنٍ مسبق ، لم يأذن لها ، جاءها أخوها وقال لها :
 ـ يا أختي إن أباك مريض فهل لك في عيادته ؟
 قالت : إن زوجي مسافر ، استأذن لي رسول الله ، فإن أذن لبَّيت الدعوة .
 استأذن النبي أخوها فقال له النبي عليه الصلاة والسلام :

(( أبلغ أختك أن طاعتها لزوجها خيرٌ من عيادة أبيها ))

 كره النبي عليه الصلاة والسلام أن يعتدي على حق الزوج .

(( أيما امرأةٍ خرجت من بيت زوجها من غير إذن زوجها ، لعنتها الملائكة حتى تعود ))

 توفي أبوها ، جاءها أخوها قال لها :
 يا أختي إن أباك قد مات فهل لك في تشيعه ؟
 قالت له : استأذن لي رسول الله .
 فلما ذهب إلى النبي الكريم واستأذنه قال عليه الصلاة والسلام :

(( بلِّغ أختك أن طاعتها لزوجها خيرٌ من تشييع أبيها ))

 فلما عاد زوجها وعلم الخبر ، ذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأنبأه بما حدث ، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن قال :

(( قل لزوجتك إن الله قد غفر لأبيها إكراماً لها لحسن تأديبه إياها ))

 أي إذا رزقت بنتاً ، وربيتها تربيةً إسلاميةً ، ربيتها أن تكون زوجةً صالحةً ، تستحق دخول الجنة بها .

(( أبلغ زوجتك إن الله قد غفر لأبيها إكراماً لها لحسن تأديبه إياها ))

 يا أيها الإخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن مَلَكَ الموت قد تخطّانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز مَن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

والحمد لله رب العالمين
***

الخطبة الثانية :

 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخُلُق العظيم ، اللهم صلٍ وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .

السمك :

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ في القرآن الكريم ، إشاراتٍ ، إلى بعض الآيات الكونية ، فالسمك ، ورد ذكره في القرآن الكريم :

﴿ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً ﴾

[ سورة النحل الآية : 14 ]

 يستهلك العالم حسب بعض الإحصاءات القديمة ، ما يزيد عن مئة مليون طن من السمك البحري ، مئة مليون طن ، هذه غذاءٌ لبني البشر ، يقدِّر العلماء أن في البحر ما يزيد عن مليون نوع من السمك ؛ بعضها كبير ، يزيد عن مئةٍ وأربعين طناً ، وزن الحوت ، وبعضها صغير ، بعضها وديع ، بعضها شرس ، بعضها جميل ، بعضها مُكَهْرَب ، يعني هناك أنواعٌ من السمك لا تعدُّ ولا تحصى .

زعانف السمك :

 ولكن العلماء وقفوا عند الزعانف ، هذه الزعانف قالوا عنها : إنها وسائل ؛ للدفع ، والتوازن ، والتوجيه ، والفرملة ـ إن صحَّ التعبير ـ كبح جماح السمكة ، إنها تقف أو تخفف سرعتها عن طريق الزعانف ، وإنها تتحرَّك نحو الأمام عن طريق الزعانف ، وأنها تتوازن عن طريق الزعانف ، وإنها تعدِّل وجهتها ؛ يميناً أو شمالاً ، ارتفاعاً أو انخفاضاً ، عن طريق الزعانف ، هذه الزعانف بها تسير ، وبها تغيِّر مسارها ، أو تصحح مسارها ، بها تتوازن ، بها تقف .
 وأودع الله سبحانه وتعالى فيها جهازاً لقياس الضغط ، إن السمكة تعرف في أيّة لحظةٍ أين هي من عُمق الماء ، لو أمسكتم سمكةً بأيديكم ، لرأيتم في قسمها العلوي ، خطاً متصلاً من غلاصمها إلى ذنبها ، هذا الخط هو أنبوبٌ مفرَّغ من الهواء ، كلما زاد ضغط الماء عليه انضغط ، فبانضغاطه تعرف السمكة أين هي من عمق الماء ، أهي في السطح أم في الأسفل .
 أيها الإخوة المؤمنين ؛ إن السمك آيةٌ من آيات الله سبحانه وتعالى ، تستطيع السمكة أن تحوِّل الطعام إلى هواء ، فتطفوا ، فترتفع ، فإذا أطلقت هذا الهواء الزائد غاصت في الأعماق ، إن الهواء في جوفها تصنعه من الطعام ، فترتفع ، أو تطلقه ، فتنخفض ، وهذه آيةٌ أيضاً ، من آيات الله في خلقه .
تبارك الذي خلق لنا كل شيء ، وسخَّر لنا كل شيء ، ويجب على الإنسان أن يجول ويجول ، أن يحكم فكره في آيات الله ، فلعلّه يعرفه من خلال آياته ، لعله إذا عرفه استقام على أمره ، لعله إذا عرفه خشيه ، وعظَّمه ، ووقَّره ..

﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾

[ سورة الزمر الآية : 67 ]

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ التفكُّر عبادة ، بل لا عبادة كالتفكُّر ، بل إنك لن تعرف الله إلا من خلال آياته :

﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة الجاثية الآية : 6 ]

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة آل عمران الآيات : 190-191 ]

الدعاء :


 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت .
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا .
 واقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جننتك ، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا .
 ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على مَن ظلمنا ، وانصرنا على مَن عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا مَن لا يخافك ولا يرحمنا .
 اللهم اغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، واقبل توبتنا ، وفكَّ أسرنا ، وأحسن خلاصنا ، وبلغنا مما يرضيك آمالنا ، واختم بالصالحات أعمالنا .
 اللهم كما هديتنا للإسلام فثبتنا عليه ، اللهم الزمنا سبيل الاستقامة لا نحيد عنها أبداً ، واهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت .
 اللهم إنا نعوذ بك من الشقاق والنفاق ، وسوء الأخلاق ، مولانا رب العالمين .
 اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخيا ، وسائر بلاد المسلمين .
 اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانتين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانتين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانتين .
 اللهم بفضلك ورحمتك أعز الإسلام والمسلمين ، وأعل كلمة الحق والدين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور