وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 0115 - مرحلة الموت - القلب في الإنسان .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :
 الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله .
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر .
 وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم ، رسول الله سيِّد الخلق والبشر ، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر .
 اللهمَّ صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين .
 اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

مرحلة الموت :

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ عندما يوضع الميِّتُ على خشبة الغُسْل ، يخاطبه مَلَك الموت فيقول :
 يا ابن آدم أين سمعك ؟ ما أصمَّك !!
 أين صوتك الشجيّ ؟ ما أخرسك !!
 أين ريحك الطيِّب ؟ ما غيَّرك !!
 أين مالُك ؟ ما أفقرك !!
 فإذا لفَّ الميّت بالكفن ، ووضع على النعش ، قال هذا الميِّت وروحه فوق النعش ، وأولاده وأطفاله اليتامى يبكون مِن حوله ، تقول هذه النفس :
 يا أهلي ، يا ولدي ، يا أبنائي ... لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، يا مَن سكنتم ديارنا ، وأخذتكم أموالنا ، لقد جمعت المال مِن الحلال والحرام ، وتركته لكم تتمتعون به ، وسأُسْأَل عنه وحدي ، فالمال لكم ، والحساب عليّ .
 هذا مشهدٌ مِن مشاهد الموت ، والنبي عليه الصلاة والسلام عرَّفنا به قبل فوات الأوان ، وقبل أن يأتي هذا المَشْهَد ..

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

[ سورة الشعراء الآيات : 88 – 89 ]

 رجلٌ كان مِن الصالحين ، وكان يتمنّى أن يسمع وصفاً دقيقاً للموت ، توفَّاه الله سبحانه وتعالى ، ورآه ابنه في المنام فقال : يا أبتِ لقد كنت تتمنى أن يصف أحد لك الموت ، وقد ذقته ، فصفه لنا . قال : يا بني رأيت مِن سكرات الموت كأن السماء أطبقت على الأرض ، وكأنني أتنصص من ثقب إبرة ، وكأنني عصفورٌ في مقلاة زيت لا أطير فأستريح ، ولا أموت فأستريح .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا ، هذه الساعة لابدَّ مِن أن تأتي ، أأعجبنا ذلك أم لم يعجبنا ، أرضينا أم لم نرض ، أسعدنا أم شقينا ، لابد لهذه الساعة مِن أن تأتي ، فليعد أحدكم لهذه الساعة مِن الاستقامة ، والعمل الصالح ، فلعل الله سبحانه وتعالى يرحمنا حينما يحين أجلنا .

 

من هم الأخسرين ؟

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ في آخر سورة الكهف آياتٍ بيِّناتٍ ، بليغات ، فيها موعظةٌ كبيرة ، يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 103 ]

 لم يقل الله سبحانه وتعالى : الخاسرين ، بل : الأخسرين . أي أشد الناس خسارةً ، أشدُّهم ندماً ، أشدهم إخفاقاً ، أشدهم أملاً ..

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

[ سورة الكهف الآيات : 103 – 104 ]

 أي أنه يسير في طريق وهو يظن نفسه ذكياً ، حكيماً ، مُفْلحاً ، سعيداً ، سابقاً ، والطريق ينتهي به إلى الهلاك .

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 103 ]

 الذي ظنَّ المال هو كل شيء ، تنطبق عليه هذه الآية .
 الذي ظن اللذة كل شيء ، تنطبق عليه هذه الآية .
 الذي ظن العلو في الأرض هو كل شيء ، تنطبق عليه هذه الآية .
 الذي أكل مالاً حراماً ، تنطبق عليه هذه الآية .
 الذي استعلى على عباد الله ، تنطبق عليه هذه الآية .
 الذي بنى وأشاد وفعل ما فعل وكأنّه مخلدٌ في الدنيا ، تنطبق عليه هذه الآية .
 الذي رأى الدنيا كل شيء ولا شيء سواها ، تنطبق عليه هذه الآية :

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

[ سورة الكهف الآيات : 103 – 104 ]

 هذه الطاقات التي أودعها الله هذا الإنسان ، هذا النشاط ، هذا السَعْيّ ، هذا الشباب ، هذه الصحة ، ذلك المال ، هذا الذكاء ، ذلك التفكير ، هذا الذي زودنا الله به ، استخدمه في طريقٍ يودي به إلى الهلاك ، هذه الطاقات التي أودعها الله فيه ، استغلَّها للدنيا ، هذا الذكاء ، سخَّره لجمع المال ، هذه المكانة ، سخَّرها لكسب المال ..

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

[ سورة الكهف الآيات : 103 – 104 ]

 وهذه هي المصيبة ؛ أنه يظن أنه مفلح ، سابق ، متفوِّق ، لم يفكر تفكيره أحد ، لم يلحقه أحد ، لم يرقَ إلى مستواه أحد ، إنه ضالٌ مضل .

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

[ سورة الكهف الآيات : 103 – 104 ]

 يظن أنه على شيء وهو ليس على شيء ، جمع أموالاً كثيرة ، فجاءته المَنِيَّة ، ولا يستطيع أن يأخذ مِن ماله شيئا ، ترك كل شيء .
فالموت مصيبتان :
 المصيبة الأولى أنك تترك مالَك كله ، ولا شيء ، ولا ليرة ، ولا ثوب مما في الخزانة ، ولا قطعة ذهبية ، ولا تحفة ، ولا غطاء .
 الموت مصيبتان :
 الأولى أنك تترك مالَك كله .
 والثانية أنك تحاسب عن مالِك كلِّه .
 تتركه كله وتحاسب عليه كلِّه .

﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 104 ]

 يا أخي الكريم ؛ لا تطمئن إلى ما تتوهَّمه ، أجري موازنةً بين واقعك وبين القرآن الكريم فإن تطابق تطمئن .
 لأنه قد يتوهم الإنسان نفسه على حق وهو على باطل .
 قد يتوهَّم الإنسان نفسه مؤمناً وهو منافق .
 قد يتوهَّم الإنسان نفسه فالحاً وهو مُخْفِق .
 قد يتوهم الإنسان نفسه سعيداً وهو شقي .
 قد يظن نفسه رابحاً وهو خاسر .
 قد يظن نفسه مُخَلَّداً وهو فان .
 هؤلاء ..

﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 104 ]

 ما السبب ؟ ربنا سبحانه وتعالى قال :

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 105 ]

 حينما كفر بلقاء الله ، حينما كفر بالآخرة ، حينما كفر بيوم الدين ، حينما كفر بالحساب ، حينما كفر بهذا اليوم الذي توفّى كل نفسٍ ما كسبت ، حينما كفر بهذا اليوم ظن الدنيا كل شيء ، وأن القوي قوي ، والغني غني ، والفقير فقير ، والضعيف ضعيف ، وليس في الأرض دَيَّان ، وليس في السماء إلهٌ يحاسب الخَلْق ، ظن الحياة هي كل شيء ..

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 105 ]

 حَبِطَت أعمالهم ؛ عملٌ عظيم عند الناس ، لا قيمة له عند الله ، عملٌ عظيمٌ في الدنيا حقيرٌ في الآخرة ، مالٌ كثير وفقرٌ شديد ، مظاهر باذخة وحياةٌ مُقْفِرَة .

﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ﴾

[ سورة الفجر الآيات : 24 - 26 ]

﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾

[ سورة الحاقة الآيات : 25 – 29 ]

 هذه الآية مهمة جداً :

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 105 ]

 لو ترك مشروعاً زراعياً ضخماً ، حبطت أعماله ، لو ترك مشروعاً تجارياً ناجحاً ، حبطت أعمالهم ، لو ترك ممتلكاتٍ واسعةً ، حبطت أعمالهم ، لو ترك شهرةً كبيرةً ، حبطت أعمالهم ..

﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً ﴾

[ سورة الكهف الآيات : 105-106 ]

السنة المطهرة :

إن الله تعالى يحب ........... :

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ إلى السُنَّة المطهَّرة ، في السنة المطهرة طائفةٌ مِن الأحاديث الشريفة تبدأ كلها بقوله عليه الصلاة والسلام :

(( إن الله تعالى يحب ........... ))

 ماذا يحب ؟!!
 امرأةٌ حينما دخل عليها زوجها ، قالت له : إنني امرأةٌ غريبة لا أعرف ما تحب وما تكره ، فقل لي ما تحب حتى آتيَهُ ، وما تكره حتى أجتنبه .
 إذا كان أحدكم يخطب ود ربه .
 إذا كان أحدكم يرجو لقاء ربه .
 إذا كان أحدهم يتمنّى التقرب من الله عزَّ وجل .
 فليفعل ما يحبه الله ، وليدع ما يكرهه .
 في هذه الخطبة سأحدّثكم بما يحب الله سبحانه وتعالى :

(( إن الله يحب من العامل إذا عمل فليحسن ))

[ الجامع الصغير ]

 يا أصحاب المصالح ، يا أصحاب الحِرَف ، يا مَن تعملون بأيديكم ، إذا أردت أن يحبك الله فأتقن عملك ، أتقن فإن الإتقان جزءٌ من الدين .

(( إن الله تعالى يحب إغاثة اللهفان ))

[ الجامع الصغير عن أبي هريرة ]

(( ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني ، قال : كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟! قال : استطعمك عبدي فلاناً فلم تطعمه ، أما علمت لو أنك أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟! استسقيتك فلم تسقيني ............ ))

 إلى آخر الحديث .

[ الدر المنثور في التفسير بالمأثور ]

(( إن الله تعالى يحب إغاثة اللهفان ))

[ الجامع الصغير عن أبي هريرة ]

(( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ))

[ الدر المنثور في التفسير بالمأثور ]

(( الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله ))

[ الجامع الصغير ]

(( إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله ))

[ الجامع الصغير ]

 لا تكن عنيفاً ..

(( علِّموا ولا تعنَّفوا فإن المعلم خيرٌ من المعنِّف ))

[ الجامع الصغير ]

(( لا يكون الرفق في شيءٍ إلا زانه ، ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه ))

[ الجامع الصغير ]

 بعث النبي الكريم بخادمٍ إلى السوق ، فتأخَّر طويلاً ، فلما عاد غضب النبي عليه الصلاة والسلام ، وكان بيده سواك ، فقال عليه الصلاة والسلام :

(( لولا خشية القصاص لأوجعتك بهذا السواك ))

[ الزيادة في الجامع الصغير ]

 ماذا يفعل السواك ؟.

(( إن الله يحب الرفق في الأمر كله ))

[ الجامع الصغير ]

(( إن الله رفيقٌ يحب كل رفيق ))

[ الجامع الصغير ]

(( إن الله يحب السهل الطليق ))

[ الجامع الصغير ]

 معاملته سهلة ، مجاورته سهلة ، السفر معه سهل ، التعامُل معه مادياً سهل ، بيعه سهل ، شراؤه سهل ، إقراضه سهل ، اقتضاء دينه سهل ..

(( إن الله يحب السهل الطليق ))

 طليق الوجه ، بشوش ، يبتسم ، يرحب ، يدعو ، يتفاءل ، هكذا يحب الله عزَّ وجل .

(( إن الله يحب السهل الطليق ))

(( إن الله يحب الشاب التائب ))

[ الجامع الصغير ]

 شابٌ في رَيْعان الشباب ، في فورة الشباب يغض بصره عن محارم الله ، ينفق مِن ماله ابتغاء مرضاة الله .

(( إن الله يحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله ))

[ الجامع الصغير ]

 يقول لك الشاب : مضى عليَّ ثلاثون عاماً وأنا أحضر مجالس العلم ، وأنا في خدمة أهل الحق ، وأنا مستقيمٌ على أمر الله ، ما طرفت عيني على حرام .

(( إن الله يحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله ))

[ الجامع الصغير ]

(( لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن شبابه فيمَ أبلاه ، وعن عمره فيم أفناه ، وعن علمه ماذا عمل به ، وعن ماله ـ سؤالان ـ من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه ؟ ))

[ رياض الصالحين ]

(( إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ))

[ الجامع الصغير ]

 لو لم تكن مشهوراً ، لو لم تكن معروفاً ، لو لم يكن لك سيطٌ زائع ، لو لم تكن نجماً متألِّقاً .

(( إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ))

[ الجامع الصغير ]

(( إن الله يحب العبد المؤمن المحترف ))

[ الجامع الصغير ]

 له صنعة ، يتقن عملاً يعود به بالخير على المسلمين ، يصنع باباً ، يبني بيتاً ، يخيط ثياباً ، له صنعة تعود بالخير على المسلمين ، لا يعيش على شقائهم ، لا يبني غناه على فقرهم ، لا يستغلُّهم ، لا يحتكر أغذيتهم ، لا يبني ثروته على ضيقهم ، لا ..

(( إن الله يحب العبد المؤمن المحترف ))

[ الجامع الصغير ]

(( إن الله تعالى يحب الملحين في الدعاء ))

[ الجامع الصغيرعن عائشة ]

 الذي يدعو ، ويدعو ، ويدعو ..

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته  ومدمن القرع للأبواب أن يلجَ
* * *

 إن الله يحب أن يراه تعباً في طلب الحلال ، لحكمةٍ بالغة جعل الله الحلال متعباً وجعل الحرام سهلاً ، قد تأخذ أموالاً طائلة بكلمة ، أو بتوقيع ، أما الحلال سيحتاج إلى كدٍ وجد ..

(( إن الله تعالى يحب أن يرى عبده تعباً في طلب الحلال ))

[ الجامع الصغير عن علي ]

(( إن الله تعالى يحب من عباده الغيور ))

[ الجامع الصغير عن علي ]

(( الديّوث لا يدخل الجنة ، قالوا : يا رسول الله مَن الديوث ؟ قال : الذي لا يغار على عرضه ))

 زوجته تسير في الطريق تلفت الأنظار ، ولا يغار .

(( أو يرضى الفاحشة في أهله ))

[ الدر المنثور في التفسير الماثور ]

 إن كان الذين تنطبق عليهم الفقرة الثانية في الحديث قلَّة ، لكن الذين تنطبق عليهم الفقرة الأولى كثيرون ؛ لا يغار على عرضه .

(( إن الله يحب سمح البيع ، سمح الشراء ، سمح القضاء ))

[ الجامع الصغير عن أبي سعيد ]

(( إن الله يحب المؤمن الفقير المتعفِّف ))

[ الجامع الصغير ]

(( إن الله تعالى يحب كل قلبٍ حزين ))

[ الجامع الصغير ]

(( إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها ))

[ تخريج أحاديث الإحياء ]

(( إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم ))

[ الجامع الصغير ]

(( إن الله تعالى يحب أهل البيت الخصيب ))

[ كنز العمال ]

 الكرماء يحبهم ، إذا أردت أن يحبك الله فافعل بعض هذه الصفات.
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ من السيرة المُطَهَّرة أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان له صاحبٌ مِن أهل الشام ذو بأسٍ ومكان ، فتفقَّده عمره فلم يجده .
 فقال سيدنا عمر رضي الله عنه : ما فعل فلان بن فلان .
 فقالوا : يا أمير المؤمنين تتابع في الشراب .
 غرق في الشراب والمعاصي .
 فدعا عمر كاتبه فقال اكتب :
 مِن عمر بن الخطاب إلى فلان ابن فلان سلامٌ عليك ، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب ، ذي الطول ، لا إله إلا هو إليه المصير .
 ثم قال لأصحابه : ادعوا الله لأخيكم أن يقبل بقلبه ، ويتوب الله عليه .
 فلما بلغ الرجل كتاب عمر جعل يقرأه ، ويردده ، ويقول : غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب ، قد حذَّرني عقوبته ، ووعدني أن يغفر لي . فلم يزل يرددها على نفسه حتى بكى ، ثم نزع عن المعصية .
 فلما بلغ عمر خبره ، قال :
 هكذا تصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم قد زلَّ زلَّةً ، فسددوه ، ووفقوه ، وادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعواناً للشيطان على أخيكم .
 أي إذا أخوك زلِّت قدمه ؛ بالغ في المودة ، بالغ في الإحسان إليه ، تفقده ، زره ، لا تقل : فلان عصى لن أكلمه . هذا كلام الجهلة ، بالغ في المودة ، فلعل ربنا سبحانه وتعالى يجعل توبته على يديك .
 أيها الإخوة الأكارم ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن مَلَك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز مـن أتبع نفسه هواها ، وتمنَّى على الله الأماني .

والحمد لله رب العالمين
***

الخطبة الثانية :

 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخُلُق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين .

القلب :

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ القلب الذي بين جوانحنا ، مِن عجائب خلق الله سبحانه وتعالى ، قال عنه العلماء : إنه أقوى عضلةٍ ، وأمتن عضلةٍ في النَوْع البشري .
 أقوى ، وأمتن ، فهذا القلب سمّاه العلماء مضخةٌ ماصّةٌ كابسة ، تؤمِّن دوران الدم في الأعضاء ، منذ أن ينبض وأنت في الرحم وحتى الموت ، لا يكلُّ ، ولا يملُّ ، ولا يستريح ، ولا يتوقَّف ، منذ أن ينبض أول نبضة وأنت في الرحم ، وحتى نهاية الحياة .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ من آيات الله الباهرة ، أن الله جعل لهذا القلب كيساً ، يسميه العلماء :

التامور .

 يفرز هذا الكيس مادةً تليِّن حركته ، لئلا يحتك القلب بالكيس ، فالكيس نفسه يفرز مادة شحميةً تليِّن حركته ، هي في الآلات كالزيت تماماً ، وفضلاً عن ذلك ، إن القلب مغلّفٌ بغلافٍ رقيقٍ رقيقٍ ، أملسٍ أملسٍ ، يسمى :

الشغاف .

 هذا الغشاء الرقيق ، الأملس الأملس ، مع التامور الذي يفرز المادة المليّنة مِن أجل أن ينعدم الاحتكاك في حركة القلب .
 ومن الآيات العجيبة أن في الدم خاصةً ، لولا هذه الخاصة لما بقي أحدنا حياً ، هي :

خاصة التجلُّط .

 وهي أن الدم إذا لامس الهواء الخارجي ، يتشكَّل منه ألياف ، تسدُّ منافذ الشرايين إلى الخارج ، لولا هذه الخاصة ؛ خاصة التجلُّط ، لسال دم الإنسان كلّه مِن جرحٍ طَفِيف ، ولكن الدم ، ما إن يلامس الهواء الخارجي حتى يتجلَّط ، ويصبح أليافاً تسدُّ المنفذ الذي فتح ، إن كان جرحاً ، أو شيئاً مِن هذا القبيل .

﴿ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 96 ]

 قلبٌ يعمل ، ولا يرتاح ، يمتصُّ الدم الذي أدى دوره في الأعضاء ، ويدفعه إلى الرئة ، ليتصفَّى ، يطرح غاز الفحم ، ويأخذ الأكسجين ، ثم يمصّه للأذين الأيمن إلى القلب ، ثم يدفعه إلى البطين الأيسر ، الذي يدفعه بدوره إلى أعضاء الجسم كلِّه ، في القلب أذينان ، وبطينان ، يمصّان الدم ، ويدفعانه ، بلا كللٍ ، ولا مللٍ .
 قدر بعض العلماء أنه يندفع مِن القلب في كلِّ نبضةٍ ، مجموعة سنتيمترات مكعّبة ، تزيد على العشرة ، في الدقيقة الواحدة ثمانين دفعة، يعني في الدقيقة الواحدة اثنين جالون ونصف من الدم يضخه القلب ، قدر بعضهم ما يضخه القلب في عمر سبعين عاماً ، بأربع ملايين جالون ، يعني شيء لا يصدَّق ، هذه العضلة .
 لذلك من آيات الله سبحانه وتعالى ، في خلقه هذا القلب ، الذي قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام :

(( أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

[ من صحيح البخاري عن النعمان بن بشير ]

الدعاء :

 اللهمَّ اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَّنا فيمن توليت ، وبارِك اللهمَّ لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرَّ ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك .
 اللهمَّ أعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وأرضنا وارض عنا .
 اللهمَّ اغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، واقبل توبتنا ، وفكَّ أسرنا ، واحسن خلاصنا ، وبلغنا مما يرضيك آمالنا ، واختم بالصالحات أعمالنا.
 اللهمَّ استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخيا وسائر بلاد المسلمين .
 اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين .
 اللهم إنا نعوذ بمن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، ومن الخوف إلا منك ، نعوذ بك من عُضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء ، مولانا رب العالمين .
 اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عناً ما نحب ، فاجعله عوناً لنا فيما تحب .
 اللهمَّ بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعزَّ المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنه على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

تحميل النص

إخفاء الصور