وضع داكن
29-03-2024
Logo
الخطبة : 0099 - طاعة الله عز وجل - الخشية من الله.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

 الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله .
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر .
 وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم ، رسول الله سيِّد الخلق والبشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر .
 اللهمَّ صلِ وسلم وبارك على سيّدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريَّته ومَن والاه ومَن تبعه إلى يوم الدين .
 اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، والطف بنا فيما جرت به المقادير ، إنك على كل شيءٍ قدير .
 اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

اتباع سبيل الاستقامة للحصول على خيراتها

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ في أواخر سورة الأعراف ، وفي الآية الثالثة والأربعين بعد المئة ، يقول الله عزَّ وجل :

﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية:144]

 إلى هنا تنتهي مهمة العَبد في الدنيا ، أن يطيع الله عزَّ وجل ، ويشكر النِعَم الكُبرى التي سوف تلي طاعته لربه .
 في آيةٍ أخرى :

﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[سورة الزمر الآية:66]

 عن مالك بن أنس رحمه الله بلغَهُ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :

(( استقيموا ولن تحصوا ))

[أخرجه مالك]

 بعض شارحي الحديث قال : لن تحصوا الخيرات التي تأتيكم من الاستقامة .
 فكأن العبد في الدنيا عليه مهمةٌ واحدة ، أن يطيع الله فيما أمره ، فإذا أطاعه فيما أمره جاءته الخيرات من كل مكان ، ووفقه الله في كل مَيْدان ، وأصحَّ له جسمه ، ورزقه زوجةً صالحة ، وأولاداً أبراراً ، ورزقاً موسَّعاً ، وهدىً ، وتُقى ، ونُقاً ، إذا أطاع الله عزَّ وجل جاءته الخيرات ، ماذا بقي عليه ؟ أن يشكره على هذه النِعَم .

﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[سورة الزمر الآية:66]

 رحم الله عبداً عرف حدَّه ، فوقف عنده ، ولم يتعدَّ طوره .
 عن عليّ بن الحسين ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

(( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ))

[أخرجه الترمذي]

 عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

(( طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ))

[أخرجه البزار]

(( فيك يا فلان خصلتان يحبهما الله رسوله : ألا وهي الصمت وحسن الخلق ))

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ إن الذي يطيع الله عزَّ وجل يعرف معنى هذا الكلام ، تأتيه الخيرات مِن كل جانب ، يرزقه الله رزقاً حلالاً طِّيباً مباركاً ، يسعده في بيته ، يسعده في عمله ، يسعده في صحَّته ، يُطَمْئنه ، يتجلَّى على قلبه بالرحمة ، يتجلَّى على قلبه بالسكينة ، يشعر أنه ليس في الأرض مَن هو أسعد منه إلا أن يكون أتقى منه .

﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[سورة الزمر الآية:66]

﴿فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية:144]

 إلى هنا تنتهي حدود العبد ، إذا وُفِّق العبد إلى طاعة الله فقد وُفِّق إلى كل شيء ، وإذا تاه عن طاعته فقد ضاع عليه كل شيء .

(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ من مختصر تفسير ابن كثير ]

﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ﴾

[سورة الأعراف الآية:145]

 أي على المؤمن أن يأخذ أوامر الله عزَّ وجل بقوة ، عليه أن يأخذها بحَزم ، عليه أن يأخذها بإخلاص ، لأنه يعرف ما عند الله عزَّ وجل مِن عطاءٍ كبير ، ومن ثوابٍ عظيم ، ومن جنةٍ عرضها السماوات والأرض .
 عن أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ' قال الله عز وجل :

(( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ))

[أخرجه البخاري ومسلم]

﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ﴾

[سورة الأعراف الآية:145]

 هل في كُتُب الله عزَّ وجل ؛ هل في التوراة ، وهل في الإنجيل ، وهل في القرآن شيءٌ حَسَن وشيءٌ غير حسن ، حتى أن الله سبحانه وتعالى أمر كليمه موسى أن يأخذوا بأحسنها ؟
 قال المفسرون : إذا أمرنا الله عزَّ وجل بطاعته ، ونهانا عن معصيته ، معنى الأخذ بأحسنها أن نطيعه ، إذا أمرنا بأكل الطيِّبات ، ونهانا عن لحم الخنزير ، وعن شرب المسكرات ، الأخذ بأحسنها أن نأكل الطيبات ، وأن ندع الخبائث .

﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ﴾

[سورة الأعراف الآية:145]

 وهذه آيةٌ متكررة ، هذه آيةٌ مستمرة إلى آخر الدَوران ، تتبَّع دار الفاسقين ، تتبع دار العُصاة ، تتبع دار المنحرفين ، تتبع مصيرهم ، تتبع نهايتهم ، تتبع خاتمتهم تراهم قد خسروا الدنيا والآخرة ، تراهم قد حبط عملهم ، تراهم قد سقطوا ، تراهم قد فزِعوا ، تراهم قد أصابهم الله بعذاب الخزي والعار في الدنيا والآخرة .

﴿ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ﴾

[سورة الأعراف الآية:145]

﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية:128]

 قابل بين هاتين الآيتين :

﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية:128]

﴿ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ﴾

[سورة الأعراف الآية:145]

﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾

[سورة النمل الآية:69]

﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾

[سورة الأنعام الآية:11]

﴿ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ﴾

[سورة الأعراف الآية:145]

 وبعدها يقول الله عزَّ وجل :

﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 هؤلاء الذين يستعلون مِن دون حق ، على أي شيء يتكبرون ؟! على أنهم ضعاف ، لو منع الماء عنهم لماتوا ، ولو منع إخراجه لشروه بملكهم ؟!! على أي شيءٍ يتكبَّرون ؟ على أن الله سبحانه وتعالى خلق لهم أجهزةً دقيقة ، فلو تعطَّل إحداها لما كان للحياة كلها قيمةٌ في نظرهم ؟!
 قبل أيام قرأت مقالةً عن الكلية ، قال : إذا توقَّفت الكلية توقفاً مفاجئاً ، وهذا المرض كثير الانتشار في هذه الأيام ، هبوط مفاجئ في وظائف الكليتين ، ماذا يحدث ؟ يتراكم حمض البول في الدم إلى درجة أن يفقد الإنسان إمكاناته ، تضعف ذاكرته ، يتوتَّر توتراً شديداً ، يغضب لأتفه الأسباب ، يحطِّم الأثاث في البيت ، تتغير أطواره ، تتورم جفونه ، يزداد السائل في جسمه ، إلى أن يصفَّى دمه في كليةٍ اصطناعيةٍ ، يقبع تحت الجهاز أربع ساعات ، ولابدَّ مِن تصفية الدم في الأسبوع ثلاث مرّات ، ويخسر مِن وزنه خمس كيلوات ، عندئذٍ يستعيد نشاطه وتوازنه ، ماذا يملك الدنيا ، لو أن هذه الدنيا تعطَّلت ؟ هذا الذي يتكبَّر على ماذا ؟ لو أن الكلية تعطلت لانقلبت الحياة إلى جحيم ، ولتمنى صاحبها الموت الزؤام .

﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 يرى الشمس والقمر ، يرى خَلْقَ السماوات والأرض ، يرى الليل والنهار ، يرى خلق النباتات كل عامٍ مرَّة ، يرى فصل الربيع وكيف أن الحياة تَدِبُّ في الأشجار والنباتات ، يرى فصل الخريف وكيف تتساقط الأوراق ، يرى خلقه من خلال ابنه ، يرى كأس الحليب ، يرى الطعام والشراب ، وهو يعلم علم اليقين أن الله سبحانه وتعالى خلق كل هذا له .

﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ ﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 سبيل الاستقامة ، سبيل الطُهْر ، سبيل العفاف ، سبيل الصدق ، سبيل العِفَّة .

﴿لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 الأساليب الملتوية ، الغش في البيع والشراء ، الأيمان الكاذبة ، المَكْرُ والخَديعة ، هذا كله يتخذوه سبيلا .

 

﴿ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 يا أيها الإخوة المؤمنون ؛ أطيعوا ربَّكم ، واتبعوا سبيل الرُشد قبل أن تأتي ساعةٌ لا ينفع فيها الندم .

﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ﴾

[سورة الفرقان الآية:27]

 يوم يقول الإنسان :

 

﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ * أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآيات:104-110]

ثمن الحياة السعيدة

 شيءٌ آخر : آياتٌ أخرى في أواخر الأعراف ، يقول الله سبحانه وتعالى فيها :

﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 استنبط العلماء من هذه الآية أنه على الرجل المسلم أو المؤمن أن يدعو الله عزَّ وجل ؛ أن يطلب مِن الله دنيا فيها راحةٌ ، وفيها بحبوحةٌ ، وفيها صحةٌ ، وفيها سمعةٌ طيِّبة ، وفيها زوجةٌ صالحة ، وفيها أولادٌ أبرار .

﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾

[سورة البقرة الآية:201]

 قالت : يا أبت أعرف حسنة الآخرة ، فما حسنة الدنيا ؟ قال : " يا بنيتي الزوجة الصالحة " .
 عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :

(( الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ، التي إذا نظرت إليه سرَّتك ، وإذا غِبت عنها حفظتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ))

[أخرجه مسلم والنسائي]

﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 أي إنَّا رجعنا إليك .

﴿قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 العذاب الأليم ، العذاب المُهين ، العذاب الشديد ، العذاب العظيم ، هذه كُلها صفاتٌ وردت للعذاب في القرآن الكريم . عذابٌ مهين ، وعذابٌ أليم ، وعذابٌ شديد ، وعذابٌ عظيم .

﴿قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 بمعنى : أن عدالتي ، وحكمتي تجتمعان في مشيئتي .

﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 أي خلقت الخلق كلهم لأسعدهم ، رحمتي شَمَلَت الخلق جميعاً ، ليس هناك أناسٌ خلقتهم لأشقيهم ، وليس هناك أناسٌ خلقتهم لأُعَذِّبهم ، كل العباد خُلقوا من أجل رحمتي .

﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾

[سورة هود الآية:119]

﴿قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 ولكن هذه الرحمة التي وَسِعَت كل شيء لها ثمن ، مبذولةٌ لكل الناس ، ولكن لمَن يدفع الثمن ، لم تحجب الرحمة عن أناسٍ دون أناس ، لكنها متاحةٌ لكل مخلوق ، بشرط أن يدفع الثمن ، ما ثمنها ؟ .

﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 أي إذا اتقى العبد أن يعصي الله عزَّ وجل ، بمعنى استقام على أمره ، وكان عمله طيِّباً زكياً طاهراً ، وكان قد آمن بآيات الله عزَّ وجل الدالة على عظمته ، يعني آمن بالله ، واستقام على أمره ، وعمل الصالحات ؛ ستناله رحمتي ، سيناله عطائي في الدنيا والآخرة .

﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾

[سورة الرحمن الآية:46]

﴿ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 فأدقُّ ما في هذه الآية : أن رحمة الله سبحانه وتعالى مبذولةٌ لكل الخلق ، من دون استثناء ، ولكن سلعة الله غالية ، ثمنها ؛ الإيمان بالله ، والاستقامة على أمره ، والعمل الصالح ، ادفع الثمن حتى تُصيبك رحمة الله .
 وهؤلاء الذين يدفعون الثمن ما صفاتهم ؟ .

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 يتبعونه ، يسيرون على سُنَّته ، يهتدون بهديه ، لا يعصونه ، يحبّونه أكثر من أموالهم ، وأولادهم ، وأزواجهم ، هؤلاء .

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 بماذا يأمر الدين ؟ بالمعروف ، يأمر بالإحسان ، يأمر بالعِفَّة ، يأمر بالصدق ، يأمر بالأمانة ، يأمر بالطهارة .

﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 عن الكَذِب ، عن الفُحْش ، عن القطيعة ، عن الغَصْبِ ، عن البغيّ، عن العدوان ، عن الكبر ، عن الغيبة ، عن النميمة .

﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 هذا الشيء الذي تطيب النفس به حلالٌ لهم .

﴿ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 وهذا الشيء الخبيث الذي يؤذيهم ؛ في صحتهم ، في عقولهم ، في مستقبل أيَّامهم ، في صحَّتهم النفسية ، هذا الشيء الخبيث الذي يؤذيهم محرمٌ عليهم .

﴿ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 الشهوات أيها الإخوة أغلالٌ في أعناق الإنسان ، حب الشيء غلٌ تتقيَّد به ، شهوة المال ، شهوة النساء ، شهوة العلو في الأرض ، هذه الشهوات كأنها أغلالٌ يُجَرّ بها الإنسان إلى الهاوية .

﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ﴾

[سورة غافر الآية:71]

(( تعس عبد الدرهم والدينار ، تعس عبد البطن ، تعس عبد الخميصة ))

[ الجامع لأحكام القرآن ]

 الشهوات أغلال ، ولكن المؤمن متحررٌ من هذه الأغلال ، رجلٌ عرف الله عزَّ وجل فَسُئِل : بعد أن عرفت الله صف لنا حالك ؟ قال : "كنت عبداً فأصبحت حراً ، وكنت حراً فأصبحت عبداً ".
 قلنا : هذا الكلام يحتاج إلى شرح ، قال : كنت عبداً لشهوتي فأصبحت حراً ، كانت الشهوات غلاً في عنقي .
 وكيف كنت حراً فأصبحت عبداً ؟ أي كنت غير متقيدٍ بنظام ، غير متقيدٍ بقيَم ، غير متقيدٍ بشرع ، أي أنه فلتان باللغة الدارجة ، فأصبحت عبداً لشريعة الله عزَّ وجل ، لمنهج الله ، لدستوره .

 

﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 فأجمل ما في هذه الآية كلمة ( الأغلال ) تحس المؤمن خفيف الوزن ؛ خفة طهارة ، ينام قرير العين ، ينام مرتاح البال ، لم يأكل مال فلان ، لم يضرب فلان ، لم يسُب فلان ، لم يبن مجده على أنقاض الناس ، لم يبنِ غناه على فقرهم ، لم يبنِ حياته على موتهم ، لم يبن أمنه على قلقهم ، مصدر إحسانٍ للخلق ، مصدر طمأنينة ، مصدر عطاء ، يحبُّه الناس جميعاً وهذا رأسماله الكبير .

 

﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 أي وقَّروه . سيدنا زيد الخيل ـ كما سماه النبي الكريم زيد الخير ـ حينما أسلم ، وأعطاه النبي عليه الصلاة والسلام مُتَّكَئاً ليتِّكئ عليه قال : "لا والله يا رسول الله لا أتكئ في حضرتك " .

﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 " امضِ يا رسول الله لما أمرت ، فنحن معك ، لو خضت بنا هذا البحر ما تخلَّف منا رجلٌ واحد ، إنا لصُبرٌ في الحرب ، صدقٌ عند اللقاء ، فخذ من أموالنا ما شئت ، ودع منها ما شئت ، وحارب مَن شئت ، وسالم مَن شئت فنحن معك " .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى﴾

[سورة الحجرات الآيات:2-3]

﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 بذلوا له أموالهم ، يا أبا بكر ماذا أبقيت لنفسك ؟ . أعطاه كل ماله ، قال : الله ورسوله .

﴿ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 القرآن الكريم ، طبَّقوه ، أخذوه به .
 عن صهيب رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :

(( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ))

[أخرجه الترمذي]

﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[سورة الأعراف الآية:157]

 أيها الإخوة المؤمنون ...

﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

[سورة الأعراف الآيات:156-157]

 هذه الآيات اقرؤوها في البيت ، تأمَّلوها ، تذكَّروا ما قلت فيها ، طبّقوها ، اجعلوها في قلوبكم ، اجعلوا هادياً لكم في يومكم .
 هذه الخطبة يجب أن تطبَّق طوال الجمعة ، إلى أن تأتي الجمعة القادمة فيسمع الإنسان توجيهاً جديداً ، وهل بعد كلام الله كلام ؟ وهل بعد توجيهات الله توجيهات ؟ .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن مَلَكَ الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا ، وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز مـَن أتبع نفسه هواها ، وتمنَّى على الله الأماني .

والحمد لله رب العالمين
***

الخطبة الثانية :
 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وليّ الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله صاحب الخُلق العظيم ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ النبيّ الأمِّي وعلى آله وصحبه أجمعين .

خشية من الله تعالى وكأننا نراه

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ من الأدعية النبوية الشريفة التي تنطوي على حقيقةٍ بليغة ، النبي عليه الصلاة والسلام كانت أدعيته دروساً لنا ، عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء :

(( اللهم اجعلني أخشاك حتى كأني أراك ))

[أخرجه الطبراني]

 لو أنك أمام شرطي ، لا تخالف قوانين السير ، إذا كنت تراه ، أيُّ إنسان إذا كان يرى الشرطي لا يخالف قوانين السير ، فكيف لو رأيت بعقلك أن الله سبحانه وتعالى مطَّلعٌ عليك ؟

﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾

[سورة النساء الآية:1]

 النبي عليه الصلاة والسلام يقول في أدعيته الشريفة :
 عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء :

(( اللهم اجعلني أخشاك حتى كأني أراك ))

[أخرجه الطبراني]

 أي اجعلني أخشاك خشيةً تامة ؛ في سري ، وفي علانيتي ، في بيتي ، وفي عملي ، في الطريق ، في خلوتي ، وفي جلوتي ، أنا وحدي ، وأنا مع الناس ، ليلاً ونهاراً ، سراً وإعلاناً ، صباحاً ومساءً حتى كأني أراك ، وهذا الحال ذَكَره الصوفيون باسم " حال المراقبة " ، أي يبلغ المؤمن درجةً يرى نفسه أنه تحت مراقبة الله عزَّ وجل ، طبعاً إدراك هذه الفكرة سهل ، ولكنك أن تشعر أن الله معك !!

(( أتحب أن أجلس معك يا موسى ؟ فقال : كيف ذلك يا رب ؟ قال : أما علمت أنني جليس مَن ذكرني وحيثما التمسني عبدي وجدني ؟ ))

[ ورد بالأثر]

﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾

[سورة الحديد الآية:4]

 فإذا كنت تخشى الله في سرك ، في خلوتك ، في بيتك ، وحدك ، في سفرك ، لا أحد يعرفك في الطريق ، في حانوتك ، في وظيفتك ، فأنت مؤمنٌ ورب الكعبة .
 عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء :

(( اللهم اجعلني أخشاك حتى كأني أراك ، أبداً حتى ألقاك ، وأسعدني بتقواك ولا تشقني بمعصيتك ))

[أخرجه الطبراني]

 معنى ذلك أن الطاعة تسعد والمعصية تشقي .

 

الرضا بما اختار الله لنا

 عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء :

((وخر لي في قضائك وبارك لي في قدرك ))

[أخرجه الطبراني]

 أنت اختر لي أحسن الأشياء ، اختر لي أنت بعلمك ، وحكمتك ، ورحمتك ، وقدرتك ، خر لي واختر لي .
 عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء :

((وخر لي في قضائك وبارك لي في قدرك ))

[أخرجه الطبراني]

 قدَّرت لي هذا الدخل بارك لي فيه ، قدرت لي هذه الزوجة أسعدني بها ، قدرت لي هذا العمل أسعدني فيه .
 عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء :

((وخر لي في قضائك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت))

[أخرجه الطبراني]

 هذا حال الاستسلام لله عزَّ وجل ، المؤمن يعرف أن كل شيءٍ عنده بمقدار ، كل شيءٍ عند الله له أجل لا يتقدم ولا يتأخر ، لذلك يستسلم ، لا يقل : (لو) أبداً ، لو أني فعلت كذا وكذا هذه تفتح عمل الشيطان .
 عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء :

((حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت ، واجعل غنائي في نفسي وأمتعني بسمعي وبصري ، واجعلهما الوراث مني ، وانصرني على من ظلمني وأرني فيه ثأري وأقر بذلك عيني))

[أخرجه الطبراني]

 فأردت من هذا الدعاء أن يتلى من قِبَلكم كل يوم :
 عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء :

((اللهم اجعلني أخشاك حتى كأني أراك أبداً حتى ألقاك ، وأسعدني بتقواك ولا تشقني بمعصيتك وخر لي في قضائك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت ، واجعل غنائي في نفسي وأمتعني بسمعي وبصري ، واجعلهما الوراث مني ، وانصرني على من ظلمني وأرني فيه ثأري وأقر بذلك عيني))

[أخرجه الطبراني]

الدعاء :

 اللهمَّ اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَّنا فيمن توليت، وبارِك اللهمَّ لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرَّ ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك .
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وأرضنا وارض عنا ، واقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلِّغنا به جنَّتك ، ومن اليقين ما تهِّون به علينا مصائب الدنيا .
 ومتِّعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على مَن ظلمنا ، وانصرنا على مَن عادنا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همِّنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلِّط علينا مَن لا يخافك ولا يرحمنا .
 اللهم اغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، واقبل توبتنا ، وبلِّغنا مما يرضيك آمالنا ، واختم بالصالحات أعمالنا .
 اللهم كما هديتنا للإسلام فثبِّتنا عليه ، اللهم ألهمنا سبيل الاستقامة لا نحيد عنها أبداً ، واهدنا لصالح الأعمال لا يَهدي لصالحها إلا أنت .
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين .
 اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلا إليك ، ومن الخوف إلا منك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عُضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء ، مولانا رب العالمين .
 اللهمَّ بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعزَّ المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم في مشارق الأرض ومغاربها إلى ما تحب وترضى ، إنه على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

تحميل النص

إخفاء الصور