وضع داكن
20-04-2024
Logo
الخطبة : 0103 - التعريف الدقيق للمؤمن - موازنة بين الشم وبين البصر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

 الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر .
 وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر .
 اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين .
 اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمنا ، وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

علامات المؤمن :

 أيها الإخوة الكرام ؛ تروي بعض الكتب أن الإمام الشافعي رضي الله عنه كان يطوف في البيت الحرام ، فسمع رجلاً يدعو الله ويقول : اللهم ارض عني فقال الإمام الشافعي لهذا الرجل : يا هذا لو رضيت عن الله لرضي عنك ، فقال ذلك الأعرابي : ومن أنت يرحمك الله ، قال : أنا محمد بن إدريس ، قال : كيف أرضى عنه وأنا أتمنى رضاه ؟ فقال الإمام الشافعي : يوم تسرُّ بالنقمة سرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله هذا هو المقياس .
 إذا رأيت يد الله وحدها ، ولا يد معها ، وأن هذه اليد رحيمة وأنها حكيمة ، وأنها عادلة ، وأنها رؤوفة ، إذا رأيت يد الله فوق أيدي الناس وسُررت بالنقمة سرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله ، وإذا رضيت عنه رضي عنك ، هذا هو مقياس الرضى ، لذلك قال الله تعالى :

﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾

[سورة التوبة الآية:100]

 لماذا رضي عنهم ؟ لأنهم رضوا عنه ، فالإنسان في البحبوحة وفي الرخاء لا ينكشف على حقيقته ، إذا ضاقت عليه الأمور ، إذا ضيق الله عليه ، وبقي راضياً مستسلماً شاكراً ، مبصراً نعمة الله عز وجل عنايته ، رحمته ، فهذا مقياس دقيق لرضاء الله عنك .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ وصلنا في آيات سورة الأنفال في الدرس الماضي إلى قوله تعالى :

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾

[سورة الأنفال الآية:1]

 وتحدثت في الخطبة السابقة على أن إصلاح ذات البين يشمل إصلاح النفس ، وإصلاح كل علاقة بينك وبين الآخرين ، وإصلاح كل علاقة بين شخصين لا علاقة لك بهما .
 واليوم يحدد الله سبحانه وتعالى التعريف الدقيق للمؤمن ، لماذا يأتي هذا التعريف ؟ لئلا يغش الإنسان نفسه ، لئلا يتوهم الإنسان أنه مؤمن وهو ليس كذلك ، كي يحجم الإنسان نفسه ، لئلا يظن الإنسان أن حجمه فوق حجمه الطبيعي ، قال تعالى :

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾

[سورة الأنفال الآيات:2-4]

 إنَّما : إنما أداة قصر ، يعني ما بعدها قاصر عليها ، المؤمنون هذه صفاتهم حصراً وقصراً ، وإذا قصر الرجل في هذه الصفات فليس مؤمناً .

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾

[سورة الأنفال الآيات:2-4]

 يضطرب قلبه ، يقشعر جلده ، يركن في المسجد ، يستقر ، يرتاح المؤمن في المسجد كالسمك في الماء ، والمنافق في المسجد كالعصفور في القفص ، يبحث عن مخرج ، يطول عليه الوقت ، يتبرم .

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾

[سورة الأنفال الآيات:2-4]

 قال عليه الصلاة والسلام : برئ من النفاق من أكثر ذكر الله .
 علامة المؤمن الحق أنه يكثر من ذكر الله :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً﴾

[سورة الأحزاب الآية:41-44]

﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾

[سورة الأنفال الآية:2]

 كلما قرأ آية يزداد إيماناً ، كلما تأمل في آية من آيات الله يزداد بها إيماناً ، كلما رأى حادثاً يؤكد آيةً في كتاب الله يزداد إيماناً ، ثلاث مصادر للمعرفة ، الكون أكبر مصدر لمعرفتك عن الله عز وجل ، بث الله في الأرض آيات كثيرة ، آيات لا تُعد ولا تحصى ، يبث الله آياته في السماء ، الشمس آية ، القمر آية ، النجوم آية ، المجرات آية ، المذنبات آية ، الأرض آية ، جبالها آية ، سهولها آية ، صحاريها آية بحارها ، هذه آيات ، إذا تأمل فيها ، أو تُليت عليه دقائقها ازداد إيماناً ، وآيات القرآن إذا تلاها أو تُليت على مسامعه ازداد إيماناً ، وإذا تتبع سير العصاة ، ورأى ماذا حلَّ بهم وازداد إيماناً ، وإذا تتبع سير المستقيمين ، ورأى كيف أن الله أكرمهم ازداد إيماناً ، إذا تتبع المرابي ورأى كيف محق الله ماله ، ازداد إيماناً ، وإذا تتبع من كان دخله حلالاً ، وكيف زاد ماله ، وبارك الله له فيه ، ازداد إيماناً ، هذه علامة المؤمن :

﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾

[سورة الأنفال الآية:2]

 مطمئن إلى رحمة الله ، مطمئن إلى عدالته ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، لا يخشى غير الله ، لا يرجو غير الله ، واثق من عطاء الله موقن بأن قوله تعالى :

﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية:128]

 أن العاقبة له ، موقن بوعد الله ووعيده ، قال تعالى :

﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾

[سورة القصص الآية:61]

﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾

[سورة الأنفال الآية:2]

 وإذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله ، ولكن التوكل أن تأخذ بالأسباب ثم تتوكل على رب الأرباب .
 شيء آخر من صفات المؤمنين :

﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾

[سورة الأنفال الآية:3]

 يقيمون الصلاة ، الصلاة تحتاج إلى أن تُقام ، شيء ثمين ، لا خير في دين لا صلاة فيه ، بين الرجل والكفر ترك الصلاة ، الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ، ومن هدمها فقد هدم الدين ، الصلاة نور ، وعن أبي مالك الأشعري قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ))

[أخرجه مسلم والترمذي]

 الصلاة طهور ، الصلاة حبور ، لو يدري المصلي من يناجي ما التفت ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

(( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قَالُوا لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا قَالَ فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا ))

[أخرجه البخاري ومسلم]

 الصلاة عماد الدين ، وإذا تعمقنا في الصلاة ، ليس من وقف وقرأ ورفع وسجد وقعد كلا هذه صلاة بدأت بالتكبيرة ، وانتهت بالتسليمة ، وسقط الوجوب وإن لم يحصل المطلوب ، ليست هذه هي الصلاة ، ولكن الصلاة إقبال القلب على ربه ، هذه تحتاج إلى استقامة تامة ، هذه تحتاج إلا بذل وعطاء هذه تحتاج إلى عمل صالح ، هذه تحتاج إلى التزام بأوامر الله ، هذه تحتاج إلى علم بالله ، هذه تحتاج إلى تفكر في آيات الله ، هذه تحتاج إلى حضور مجالس العلم ، هذه هي الصلاة ، أن تقف بين يدي الله ع زوجل ، وتناجيه ، ويتجلى على قلبك ، أنت أسعد بني البشر .
 لي ساعة عند ربي لا يسعني فيها نبي مرسل ولا ملك مقرب .
 أبيت عند ربي يطعمني ويسقين .
 أرحنا بها يا بلال .
 هذه هي الصلاة وجُعلت قُرة عيني في الصلاة .
 هذه من علامات الإيمان ، لئلا يقع الإنسان في غش لئلا يتوهم نفسه مؤمناً :

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾

[سورة الأنفال الآيات:2-4]

 ينفق : لا يبخل ، لا يبخل بعلمه ، لا يبخل بخبرته ، لا يبخل بوقته لا يبخل بجاهه ، لا يبخل بماله ، مما آتاه الله ، آتاك الله رتبةً عالية استخدمها في نصرة الضعفاء ، آتاك الله مالاً وفيراً أنفق منه في مساعدة الفقراء .
 سيدنا عمر بن عبد العزيز ، له كلمة مشهورة ، قال : الأكباد الجائعة خير من إعمار المسجد الحرام ، الأكباد الجائعة المؤمنة ، إذا تقصيت ووصلت إلى إنسان مؤمن محتاج فهذا عمل لا يعدله عمل :

﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾

[سورة الأنفال الآيات:3-4]

 درجاتهم بحجم أعمالهم ، بحجم إقبالهم ، بحجم تضحياتهم ، بحجم التزامهم ، بحجم علمهم .

﴿ لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾

[سورة الأنفال الآية:4]

 إذا وصف الله سبحانه وتعالى أن هذا الرزق كريم فهو كريم .
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ))

[أخرجه البخاري ومسلم ]

 لذلك ربنا سبحانه وتعالى من حرصه علينا ، ورأفته بنا ، ورحمته بنا يقول :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

[سورة الأنفال الآية:20]

 يخاطبنا ، فإذا كنا مؤمنين حقاً نشعر أن هذا الخطاب يعنينا ، أنه لنا ، رب العزة يخاطبنا ، يتوجه إلينا :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة الأنفال الآيات:20-23]

الاستماع إلى الحق

 أطيعوه ، تقصوا أمره ، قبل أن تقوم بأي عمل ، تفحص هل يرضي هذا العمل الله عز وجل .
 سيدنا عمر كان وقَّافاً عند كتاب الله ، قبل أن تعقد هذه الصفقة هل فيها شبهة ، قبل أن تحدد طريقة لدفع الثمن هل في هذه الطريقة شبهة ربا ؟ هل رفع عليك البائع الثمن لمدة الأجل ؟ إذاً هذا ربا ، قبل أن تبع هذا الشيء بالتقسيط تثبت هل هذه العلاقة علاقة بيع وشراء صحيحتين أم هي علاقة ربوية ؟ قبل أن تصافح امرأة لا تحل لك ، تثبت هل يحل لك أن تصافحها ؟ قبل أن تقدم على زيارة رجل ، تثبت هل يؤمن هذا الرجل بما تؤمن هل تخرج زوجته لاستقبالك ؟ كان وقافاً عند كتاب الله ، قبل أن تستجيب لهذه النزهة ، هل في هذه النزهة طاعة لله أم معصية ؟ .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾

[سورة الأنفال الآية:20]

 هؤلاء الذين سمعوا الحق ، سمعوه في خطب الجمعة ، سمعوه في مجالس العلم ، سمعوه من مدرسيهم في المدارس ، هؤلاء الذين سمعوا الحق ، هؤلاء الذين سمعوا كتاب الله يتلى في المذياع ، سمعوه يتلى في المناسبات الحزينة ، سمعوا آيات الله ، سمعوها أو أُسمعوها .

﴿وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾

[سورة الأنفال الآية:20]

 ذنب هذا عظيم ، أن تعرف أن هذه العلاقة ربوية ثم تأخذها ، أن تعرف أن هذا المجلس لا يرضي الله ثم تذهب إليه ، أن تعرف أن هذه المصافحة تغضب الله ثم تفعلها .

﴿وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾

[سورة الأنفال الآية:20]

 ذنب كبير أن يكون الحق تحت سمعك وبصرك ، أن يكون الحق في متناول يدك ، بينك وبين المسجد أمتار ، تدخله وأنت تستمع إلى الحق ثم بعد ذلك تحيد ، تستمع إلى الحق وتتابع أجهزة اللهو ، تستمع إلى الحق وتخرج زوجتك بأبهى زينتها ، تستمع إلى الحق ، ويكون دخلك محرماً .

﴿وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾

[سورة الأنفال الآية:20]

﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:21]

 كيف سمعنا وهم لا يسمعون ، ما معنى هذه الآية ، كيف يسمع الإنسان ولا يسمع ، قد يصل الصوت إلى أذنيه ، والصوت إحداث اضطراب في وسط مرن ، أصوات ، قد يستمع إلى الحق على أنه أصوات ، لا على أنه الهدى ، قد يستمع إلى الحق كصوت لا كحقيقة .

﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:21]

 لو قيل لك إن هذه الحشرة سامة إذا لدغتك قد تودي بالحياة ، وأنت شارد ، ولمستها ، فهل سمعت ما قيل ؟ لا ، الصوت وصل إلى أذنك ولكنك لم تسمع .
 إذا قال المهندس إن هذا البناء خطر ، ربما وقع ، فلم تبال وبقيت فيه ، ثم وقع البيت ، هل أنت استمعت إلى كلام المهندس ؟ لا لم تستمع .
 إذاً ربنا سبحانه وتعالى في هذه الآية عرف السمع بأن تعقل المضمون وتكون في مستواه ، وأن تفهمه ، وأن تعرف مداه ، وأن تعرف خطورته ، وما ينتج عنه .

﴿وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:21]

﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:22]

 هؤلاء شر الدواب ، يأكل ويشرب ، وعقله معطل ، كالناقة حبسها أهلها ، لا تدري لا لم حُبست ، ولا لمَ أطلقت ، لا يدري .

﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾

[سورة محمد الآية:12]

 لماذا خلقك الله ؟ لا تعرف ، أي الطريق صحيح ؟ لا تعرف ، ما هو الحق ؟ لا تعرف ، ما هو المصير ؟ لا تعرف ، إلى أين المنتهى ؟ لا تعرف .

﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:22]

 هؤلاء شر الدواب .
 عن أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( لما خلق الله العقل قال أقبل فأقبل ، ثم قال أدبر فأدبر ، قال الله عز وجل وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أحب إلي منك ، بك أعطي وبك آخذ ))

[أخرجه الطبراني]

 تبارك الذي خلق العقل بين عباده أشتاتاً ، إن الرجلين ليستوي عملهما ، وبرهما وصومهما وصلاتهما ويختلفان في العقل كالذرة جنب أحد ، صومهما واحد ، صلاتهما واحدة ، عملهما واحد ، لكن هذا مفكر يفكر في آيات الله ، ويتفحص ، وهذا معطل لفكره ، بينهما كما بين الذرة من هباب الفحم وبين أحد ، ومن رأى أحداً يعرف ما أحد ، أرجحكم عقلاً أشدُّكم لله حباً ، من لا عقل له لا دين له ، من لا دين له لا عقل له ، مهما علت شهاداته العملية ، لو نال جائزة نوبل ، لا دين له لا عقل له ، لا عقل له لا دين له ، علاقة ترابطية .

﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾

[سورة الصافات الآية:138]

﴿ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾

[سورة الزخرف الآية:51]

﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾

[سورة الغاشية الآية:17]

﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:22]

﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ

[سورة الزخرف الآية:22]

 هكذا الناس ، هكذا التيار العام ، من قال لك إن هذا الوجه يجب أن يُستر ؟ .
 الناس كلهم هكذا .
 عن حذيفة وابن مسعود رضي الله عنهما قالا : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :

(( لا يكُنْ أحَدُكُمْ إِمّعَة ))

[أخرجه الترمذي]

 من هو الإمعة ؟ الذي يقول أنا مع الناس إذا أحسن الناس وإذا أساؤوا أسأت ، وهذه نظرة جاهلية ، قال الشاعر :
 وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
 هذه جاهلية جديدة ، أين عقلك ؟ أين تفكيرك ؟ قال تعالى :

﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية: 23]

 يجب أن يشكر الله كل منا على أنه سمع الحق ، إذاً الله سبحانه وتعالى علم فينا خيراً :

﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:24]

دعوة للحياة ، والذي لا يعرف الله ميت :

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾

[سورة النحل الآية:21]

﴿إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

[سورة الأنفال الآية:24]

 الله سبحانه وتعالى يدعوك لحياة أبدية تبدأ منذ توبتك وتستمر إلى أبد الآبدين ، يدعوك للحياة .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:24]

الحقوق:

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ قصة قصيرة أذكرها لكم بمناسبة شكوى جاءتني من أب على ابنه هذه الشكوى تأثرت لها ، عدت إلى السيرة النبوية المطهرة فوجدت أن رجلاً جاء النبي عليه الصلاة والسلام يبكي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك ، فقال هذا الرجل : إن ابني كان فقيراً وأنا غني وكان ضعيفاً وأنا قوي ، فلما صرت فقيراً وهو غني ، وضعيفاً وهو قوي ، منعني من ماله ، فما كان من النبي عليه الصلاة والسلام إلا أن طلب ابنه ليمثل بين يديه ، وفيما هو في طريقه إلى النبي جاءه جبريل عليه السلام ، فقال : يا محمد سل الرجل ماذا قال في نفسه وهو قادم إليك ؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام لهذا الرجل الذي يبكي : ماذا كنت تقول في نفسك وأنت في طريقك إلي ؟ .
 فقال هذا الرجل : يا رسول الله إن الله يزيدنا في كل يوم بك يقيناً والله كنت أقول في نفسي :

غذوتك مولوداً ومنتك يافعاً  تُعِلًّ بما أجني عليك وتنهلُ
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبِتْ  لسقمك إلا ساهراً أتململُ
كأني أنا المطروقُ دونك بالذي  طُرقتَ بهِ دوني فعيني تهمل
فلما بلغتَ السن والغاية التي  إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلتَ جزائي غلظة وفظاظة  كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي  فعلت كما الجار المجاور يفعل

تروي كتب السيرة أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما سمع البيتين الأخيرين :

فلما بلغتَ السن والغاية التي  إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلتَ جزائي غلظة وفظاظة  كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي  فعلت كما الجار المجاور يفعل

 تروي كتب السيرة ، أن النبي عليه الصلاة والسلام بكى ، ونظر إلى الابن وقال له يا بني ، والله ما من حجر ، وما من مدر إلا ويبكي ببكاء أبيك ، أعط أباك ما يشاء من مالك ، فأنت ومالك لأبيك .
 ولكن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث آخر ، همس في أذن الآباء قائلاً لهم : من أخذ من مال ابنه فليأخذ بالمعروف .
 يعني الابن أمامه مسؤوليات ، عليه نفقات زواج ، تأسيس بيت إذا أخذ الأب من مال ابنه فليأخذ بالمعروف ، ليس للابن أن يأخذ من مال أبيه إلا بإذنه ، أما الأب فيأخذ من مال ابنه بالمعروف .
 أيها الإخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

 

والحمد لله رب العالمين
***

 

الخطبة الثانية :

 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم .

حاسة الشم

 أيها الإخوة الكرام ؛ من نعم الله عز وجل التي لا ننتبه لها نعمة الشم .
 العلماء أقاموا موازنة بين الشم وبين البصر ، فالعين لا ترى إلا بوسيط وهو الضوء ، ولكن الشم لا يحتاج إلى وسيط ، تشم أنت ليلاً ونهاراً ، في ضوء شديد ، وفي ظلمة شديدة ، ولا يحتاج الشم إلى اتصال مباشر بينك وبين الشيء ، كما هو في السمع ، لذلك قالوا الشم يعطيك دائرة أمان واسعة جداً ، وأنت نائم قد تشم رائحة الغاز في البيت ، لا صوت ولا ضوء ، ولا اتصال مباشر ، أنت في غرفة النوم وموقد الغاز في المطبخ ، والأبواب مقفلة ، والظلام شديد ، والصوت معدوم ، والاتصال المباشر معدوم ، ومع ذلك تشم فتستيقظ وتُغلق موقد الغاز ، إذاً الشم يعطيك دائرة أمان واسعة جداً .
 من منا يصدق أن مساحة خلايا الشم في الأنف لا تزيد عن اثنين سنتمتر ونصف مربع ، يعني تقريباً مئتي وخمسين ميليمتر مربع لكن هذه المساحة تتضاعف طاقتها عند الاستنشاق القوي ، الإنسان أحياناً يضع شيئاً على أنفه ويأخذ نفساً قوياً ، هذه الطاقة تتضاعف على طاقتها الأساسية .
 شيء آخر : من منا يصدق أن في كل ميليمتر مربع من الأنف مائة ألف خلية عصبية للشم ، وأن مجموع هذه الخلايا في الأنف عشرة ملايين خلية ، أو نهاية عصبية تستقبل الروائح .
 من منا يصدق أن نكهة الطعام التي نأكله تسهم حاسة الشم بجزء كبير منها ، فمن أصيب بزكام شديد لا يجد للطعام مذاقاً طيباً .
 هذا الطعام الذي تأكله يسهم الشَّم في تذوقه ، ونكهة الطعام محصلة عمل خلايا الشَّم مع خلايا الذَّوق .
 عشرة ملايين نهاية عصبية موجودة في اثنين سنتمر ونصف مساحةً من الأنف ، هذه كلها تنطلق إلى المخ ، وتتجمع في مكان في المخ هو مركز للشم ، لكن كل ألف عصب شمي يبقى عصباً واحداً ففي المخ يعني العشر ملايين يقسمون على ألف نهاية عصبية ، هذا عن الإنسان والله سبحانه وتعالى قال :

﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾

[سورة القمر الآية:49]

 فماذا عن الحيوان ؟ .
 بعض الحيوانات في رأسها مائة مليون نهاية عصبية للشم ، طاقة بعض الحيوانات الشمية تزيد مليون مرة عن طاقة الإنسان .
 أنثى الفراش تجلب الذكر من بعد نصف ميل ، عن طريق الشم وعن طريق إصدار بعض الروائح الكيماوية .
 النحل يشم رحيق الأزهار من مسافات طويلة تزيد على عشرات الكيلو مترات ويشم رائحة خليته ، كيف تعود هذه النحلة إلى خليتها ، لو دخلت غير خليتها لقتلت ! كيف تعرف النحلة خليتها ؟ عن طريق الشم وكيف تعرف موقع الأزهار ؟ عن طريق الشم .
هذا كله من خلق الله ، فالإنسان إذا شم وردة يجب أن يقول سبحان الله ، سبحان الذي خلق لي هذه الحاسة التي أتنعم بها .
 إذا أكل طعاماً طيباً ، وكان لهذا الطعام نكهة طيبة فهذا بفضل خلايا الشم ، العشرة ملايين خلية التي رُكزت في الأنف .

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ، لك الحمد على ماقضيت ، نستغفرك ونتوب إليك
 اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك .
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ، ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين .
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين .
 اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك .
 اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين .
 اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً ، وسائر بلاد المسلمين .
 اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء .
 اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب .
 اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ونبتلى بحمد من أعطى وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء .
 اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين .
 اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام والمسلمين ، وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير .

تحميل النص

إخفاء الصور