وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات مختلفة في العقيدة - الدرس : 18 - أسئلة وأجوبة في العقيدة -من هو ولي الله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

من هو ولي الله؟

أخ كريم وجه إليّ بعض الأسئلة، فرأيت من المناسب أن يكون هذا الدرس إجابة لها .
السؤال الأول: من هو ولي الله؟
القرآن أجاب عن هذا السؤال، قال:

﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ*لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾

[ سورة يونس : 62-64 ]

أولياء الله بشر يوفقهم الله في نقل الحق للآخرين
ولا أستطيع أن أزيد عن هذا التعريف ولا كلمة . الذين آمنوا وكانوا يتقون ..
أما أن الولي هو الذي يمشي على وجه الماء فليس هذا هو الولي، أما أن الولي هو الذي يطير في الهواء فليس هذا هو الولي، أما أن الولي الذي يروج في الناس خوارق العادات فليس هذا هو الولي، أما أن الولي هو يسوح في الطرقات فليس هذا هو الولي، أما أن الولي هو الذي يضرب جسمه بشيش ويقول: أنا ولي الله فليس هذا هو الولي ..

﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾

[ سورة يونس : 62-64 ]

كرامته بالعلم، والعلم ليس فيه خرق للعادات، أعظم كرامة يكرم الله بها وليه أن يعلمه، وأن ينطقه بالكلام المناسب، وأن يجعل قلوب الناس تهفو إليه بإخلاصه .
النبي بشر، وتجري عليه كل خصائص البشر، من باب أولى أن يكون الولي بشراً وتجري عليه كل خصائص البشر، ليس فوق البشر، ليس له خصوصيات، ولكن الله يوفقه في نقل الحق إلى الآخرين .
يقول: يريد كتاباً عن سيرة الشيخ ابن عربي سلطان العارفين، وعن الشيخ أرسلان، وعن الشيخ عبد القادر الجيلاني، وعن الشيخ حسن الشاذلي، وهل يجد أولياء آخرون في دمشق أو خارجها؟

 

من جاء بعد النبي إن كان محسناً فله إحسانه وإن كان مسيئاً فعليه إساءته:

أيها الأخوة، النبي عليه الصلاة والسلام هو المشرع، والقرآن هو المنهج، من جاء بعد النبي إن كان محسناً فله إحسانه، وإن كان مسيئاً فعليه إساءته، إن كان على حق فله، وإن كان على باطل فعليه . ماذا نستفيد من تقييم الأشخاص؟ تقييم الأشخاص بيد الله عز وجل، هو الذي يعلم السر وأخفى .
لا يمكن لإنسان أن يقيم آخر فالله وحده الذي يعلم السر وأخفى
أقول لكم أيها الأخوة، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق وحبيب الحق، لا يملك لنا نفعاً ولا ضراً، أفيملك لنا ولي نفعاً أو ضراً؟
الآن أبلغ من ذلك، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، أفيملك ولي لنا نفعاً أو ضراً؟ مستحيل ..

﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة الأعراف: 188 ]

لنفسه لا يستطيع، لغيره من باب أولى ..
لا يمكن لإنسان أن يقيم آخر فالله وحده الذي يعلم السر وأخفى
إنسان بمعية ولي .. جيد .. في حدود السنة ينبغي أن تحبه، وينبغي أن توقره، وينبغي أن تحترمه، وينبغي أن توقره، ولكن هناك خطاً أحمر من دون أن تؤلهه . والدليل:

﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾

[ سورة التوبة: 31 ]

ينبغي أن تحبه، وينبغي أن تعاونه، وينبغي أن تحترمه، وأن توقره من دون أن تؤلهه، فإذا كان مقام النبي مقام الرفيق في الطريق إلى الله قال تعالى:

﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴾

[ سورة الفرقان: 27 ]

الرسول يرافقك في الطريق إلى الله، ولكن ليس هو القبلة، هو رسول، رفيق الدرب، ولكن رفيق مشرع، رفيق دليل، رفيق نصوح، رفيق مستنير، رفيق عقيدته صحيحة، رفيق أكرمه الله بالحقيقة، مستنير، نصوح، أخلاقي، هذا مقام الولي أكثر لا يوجد.

 

الولي بشر تجري عليه كل خصائص البشر لكن الله كرمه بمعرفة عالية:

النبي عليه الصلاة والسلام أمر صحابي على نفر من أصحابه وكان ذا دعابة، فلما خرجوا قال: أضرموا ناراً عظيمة، فأضرموها، قال: اقتحموها، فقال بعض

العقل لا يعطل مع أحد كائناً من كان
أصحاب النبي: كيف نقتحمها وقد آمنا بالله فراراً منها؟ وقال بعضهم الآخر: طاعة الأمير طاعة النبي.. اختلفوا عرضوا الأمر على النبي الكريم فقال: "والله لو اقتحمتموها لا زلتم فيها إلى يوم القيامة، إنما الطاعة في معروف " .
العقل لا يُعطل مع أحد كائناً من كان، والدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( إنما الطاعة في معروف ))

[ مسلم عن علي]

والدليل الآخر:

﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾

[سورة الممتحنة : 12]

فأول شيء الولي بشر، تجري عليه كل خصائص البشر، لكن الله كرمه بمعرفة عالية، وبحال من خلال اتصاله بالله عز وجل، فقد تنتفع بعلمه، وينهض بك حاله إلى الله ولا شيء أكثر من ذلك .

 

تقييم الأشخاص من شأن الله تعالى وحده :

أما هؤلاء الأشخاص انتقلوا إلى رحمة ربهم، فإن كانوا على حق فلهم، وإن كانوا على باطل فعليهم، ولا يعنينا أن نقيّمهم، لأن تقييم الأشخاص من شأن الله تعالى، ولكن أضع بين أيديكم هذه الحقائق .
احد العلماء مثلاً، لو قال قولاً مخالفاً للكتاب والسنة لا نقبله أبداً، ولكن نقول: لعله لم يقله، وقد أضيف إلى كتبه إضافةً خبيثة، ولعله قاله ولم يقصد المعنى الذي فهمناه منه، ولعله قاله وقصد المعنى ثم غيّر رأيه بعد حين، ولعله قاله وقصد المعنى ولم يغير رأيه إذاً هو مخطئ. لانه هذا العالم ليس مشرعاً .
 عود نفسك أن تقييم الأشخاص من شأن الله عز وجل
النبي عليه الصلاة والسلام قال: "أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟ قالوا: لا، قال: خاطبوا الناس بما يفهمون" .
فإذا خاطبت الناس بما لا يفهمون فقد خرجت عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
عود نفسك أن تقييم الأشخاص من شأن الله، والطاعة في معروف .
لو أن أحد هؤلاء العلماء الكبار، أو العارفين بالله الكبار، أفتى لك فتوى، أقول لك: إن لم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله، طالبني بالدليل .
سيد الخلق قال:

(( .....وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا ))

[ البخاري ومسلم عن أم سلمة]

لو معك فتوى من الرسول لا تستفيد شيئاً .. إياك والشرك .
سيدنا الصديق .. ما على الأرض رجل يحب رسول الله عليه الصلاة والسلام كسيدنا الصديق، فلما مات النبي قال: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ..
بهذا فتح المسلمون العالم، بهذا رفرفت راياتهم في الآفاق، فلما ألهوا أولياءهم، فلما أدخلوا على دينهم ما ليس منه، فلما حذفوا من دينهم ما ليس منه، ضلوا ضلالاً بعيداً.
تركت فيكم شيئين، ما إن تمسكتم بهما فلم تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنة رسوله، نحن مع المبادئ لا مع الأشخاص، مع المضامين لا مع العناوين، مع التربية لا مع التعرية، مع الأصول قبل الفروع، والإحسان قبل البيان، والقدوة قبل الدعوة .

 

علينا أن نحب العلماء والأولياء دون أن نؤلههم :

السؤال الثالث:
إننا نشاهد مخالفات اعتقادية تُمارس أمام مقام الأولياء أو العارفين بالله أرجو أن توضحوا وبصراحة وبقصد التوعية لهؤلاء الناس بكيفية التصرف أمام المقام خوفاً من الوقوع بأمر لا يرضي الله عز وجل؟
السيدة عائشة أنزل الله براءتها، فقالت أمها لها: قومي يا بنيتي فاشكري رسول الله، قالت: والله لا أقوم إلا لله، فتبسم عليه الصلاة والسلام وقال: عرفت الحق لأهله .
علينا بمحبة أولياء الله ولكن دون أن نؤلههم
رجل قال للنبي: ما شاء الله وشئت، قال: بئس الخطيب أنت جعلتني نداً لله، قل ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن ..
توحيد، نحن بحاجة إلى التوحيد، نحن بحاجة إلى أن نحب العلماء والأولياء دون أن نؤلههم، دون أن نعبدهم من دون الله، دون أن نعطل عقولنا مع كلامهم .. الدليل؛ طالبني بالدليل .
سيد الأولياء سيدنا الصديق قال: أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم، راقبوني وبيننا كتاب الله .
لا يوجد إنسان فوق النقد أبداً، ما من أحد أكبر من أن يُنقد، وما من أحد أصغر من أن يَنقد، أبداً .. لا يوجد إنسان فوق النقد إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ما جاءنا عن صاحب هذه القبة الخضراء فعلى العين والرأس، وما جاءنا عن غيره فنحن رجال وهم رجال، كل إنسان يؤخذ منه ويُرد عليه إلا صاحب هذه القبة الخضراء، أنت مع القرآن عليك أن تفهمه فقط، ومع سنة النبي عليك أن تتأكد من صحتها وأن تفهمها، ومع أي نص آخر لأي إنسان كائناً من كان عليك أن تعرض النص على الكتاب والسنة، فإن وافقهما فاقبله، وإلا فاركله بقدمك .

الابتعاد عن البدع التي لا ترضي الله عز وجل :

ورد عن الإمام علي قولاً - وأنا لا أصدق أن الإمام علي قاله - قال: "المرأة شر كلها وشر ما فيها أنه لابد منها " .
كلام غير صحيح، أنا أجزم أن هذا الإمام العظيم ما قاله، لأنه خلاف الكتاب والسنة، قال تعالى:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

[ سورة الروم: 21 ]

ما قال المرأة شر كلها .. نحن عندنا قرآن واحد وسنة واحدة، ما سوى ذلك نعرضه على الكتاب والسنة وافقه فعلى العين والرأس، و إن لم يوافقه فدعك منه، لا تعبأ به أبداً .. فهذه المخالفات الاعتقادية .. يا شيخ أريد ولداً .. ما علاقة الشيخ ؟ هذا شرك ..
الله والباز .. من هذا ؟ هذا شرك، كلام فارغ، الله هو الفعال، هو النافع، هو الضار، هو المعطي، هو المانع، هو المعز، هو المذل، هو وحده كل شيء، نحن عبيد ..

مدد يا رسول الله، المدد من الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ*لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ *ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ*فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾

[ سورة الحاقة: 44-47 ]

يا رسول الله مثّل بهم كما مثّلوا بعمك؟ قال: لا أمثل بهم فيمثل الله بي ولو كنت نبياً ..
لا يوجد عندنا إنسان فوق القوانين، فوق الشرع، أبداً لا نقدر..
الوحي انقطع أسبوعين، قال: يا عائشة لعلها تمرة أكلتها من تمر الصدقة دون أن أعلم ..
وجد تمرة على السرير فأكلها، قال: لعلها من تمر الصدقة، حُجب عنه الوحي أسبوعين .. لا أحد فوق الشرع إطلاقاً .
فلذلك هذا الذي تشاهدونه ؛ النياحة، والرقص، والبكاء، واللطم، والضرب، هذا كله من البدع التي لا ترضي الله عز وجل .
إنسان جاء إلى دمشق، ركب سيارة و هو لا يتكلم العربية، فسأله السائق: إلى أين؟ قال: إلى المكان الذي يلطمون فيه، فأخذه إلى المالية ..
يا أيها الأخوة الكرام، الحق أحق أن يُتبع، لا نستطيع أن نستعيد مجدنا الغابر إلا بمتابعة الكتاب والسنة، وأن نعيد للإسلام رونقه، وصفاءه، ونقاءه .
ما هو التجديد؟ أن تزيل عن الإسلام ما علق به مما ليس منه. أما الدين فتوقيفي.

 

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور