وضع داكن
29-03-2024
Logo
الندوة : 30 - في الإنسان – العيد تحقيق لإنجاز كبير جداً من شأنه أن يفرح الإنسان.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ حسام :
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله و أصحابه أجمعين، مستمعي الكرام أرحب بكم في هذه الحلقة الأخيرة من برنامج: "أفلا تبصرون"، وأرحب أيضاً بضيفي الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ راتب أهلاً ومرحباً بكم.
الدكتور راتب :
 بكم أستاذ حسام جزاك الله خيراً.
الأستاذ حسام :
 اليوم الحلقة الأخيرة قمت بجهد مشكور وتابعتنا، وكنا معاً في ثلاثين حلقة علها أتت ثمارها للمستمعين، قدمنا ما يفيد وما يمتع لكل الراغبين في التفكر في آلاء الله، في خلق الله، في آيات الله في الآفاق، وفي الأنفس، اليوم هو الأخير من شهر رمضان المبارك، وغداً العيد، ماذا نقول؟

 

العيد تحقيق إنجاز كبير في العلاقة مع الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أن أعياد المسلمين لها خصيصة، خصيصتها أنها جاءت عقب عبادة كبرى، وكأن العيد تحقيق لإنجاز كبير جداً من شأنه أن يفرح الإنسان به، فبعض المواسم الدينية عند المسلمين في حالات الغفلة عن الله عز وجل تكون أياماً للفرح، والطرب، والأكل، والشرب، و الزيارات، وما إلى ذلك، ليس هذا هو العيد الذي أراده الله، العيد تماماً كما لو أن إنساناً التحق بجامعة، ودرس دراسة مضنية ومتعبة، وانتقل من الصف الأول للثاني للثالث للرابع، ثم نال الليسانس، طموحه الكبير أن يكون مجازاً، أن يحمل ليسانس في فرع معين، فالعيد تحقيق إنجاز كبير في العلاقة مع الله، أحد هذه الإنجازات أنه اصطلح مع الله، تاب إليه، عاد إلى منهجه، التزم بمنهجه، خدم خلقه، ضبط أموره، ترك كل مخالفة لدينه، هذا الإنجاز الكبير في العلاقة مع الله كان عن طريق هذه الدورة المكثفة التي هي عبارة عن ثلاثين يوماً، أقام الليل، وصام النهار، وأقبل على الله، وقرأ القرآن، وأنفق ماله، وأحسن إلى خلق الله، فهذا نوع آخر من أنواع القرب من الله عز وجل، وكما أقول دائماً: الصلاة شحنات يومية، الإنسان بشكل أو بآخر يشبه هذا الهاتف الخلوي، إن لم يشحن ينطفئ، إن لم يشحن يصمت، فلا بد من شحنات، فالله عز وجل جعل الشحنات منوعة، الصلوات الخمس شحنات يومية، وصلاة الجمعة وخطبتها شحنة أسبوعية، ورمضان شحنة سنوية لكنها مديدة لثلاثين يوماً، أنا أسميها دورة مكثفة، كي ينتقل فيها الإنسان من حال إلى حال، ومن مقام إلى مقام، لكن هناك فرقاً كبيراً بين مدافعة التدني ومتابعة الترقي، أنا أتصور أن رمضان ليس بمدافعة التدني بل لمتابعة الترقي، أي كل إنسان له علاقة مع الله، هذه العلاقة المرجو أن تكون في رمضان بأعلى مستوى، المرجو أن تكون في رمضان متطورة، المرجو أن تكون في رمضان واعية، أن يكون هذا الشهر طاعة للواحد الديان.

رمضان مناسبة القرب من الله ومحبته والإقبال عليه :

 كل ما أتمناه في هذا اللقاء الأخير أن هذا المؤمن الذي صام ثلاثين يوماً أيعقل أن يعود بعد رمضان إلى ما كان عليه قبل رمضان من تقصير؟ ما أراد الله أن يكون هذا الشهر وحده قفزة نوعية، أراده أن يكون قفزة مستمرة، الإنجاز الذي حققه في هذا الشهر ينبغي أن يسير معه، فكل إنسان يطمح بعد رمضان أن يعود إلى ما كان عليه قبل رمضان من تقصيرات، وأخطاء، وبعض المخالفات، هو إنسان ما فهم حقيقة الصيام إطلاقاً، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: عجبت لمن أدرك رمضان، فلم يغفر له، إن لم يغفر له فمتى؟ هو الوقت المناسب للمغفرة، الوقت المناسب للعفو من الله، للصلح مع الله، للإقبال على الله، فهذا الإنجاز الذي حصل في رمضان ينبغي أن يستمر بعد رمضان، لكن بعض الناس من ضعف إيمانهم، ومن أن الدين عندهم أصبح عادات وتقاليد، في رمضان ولائم، ولقاءات، وسهرات ممتعة، و غيبة، ونميمة، وأخطاء كثيرة، يعود بعد رمضان إلى ما كان عليه، وكأن شيئاً لم يقع، هذا النوع من الصيام ما أراده الله أبداً، ينبغي أن تعبد الله وفق منهجه، ووفق أهداف هذه العبادة، فلذلك هذا الشهر شهر عظيم للمؤمن، قفزة نوعية مع الله، وإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، أنت في رمضان ازددت علماً بالله، في رمضان ازددت قرباً، لذلك ورد في بعض الأدعية: لا بورك لي في طلوع شمس يومٍ لم أزدد فيه من الله علماً، ولا بورك لي في طلوع شمس يومٍ لم أزدد فيه من الله قرباً.
فرمضان مناسبة القرب، مناسبة القرب من الله، ومحبته، والإقبال عليه، وطاعته، واتباع أمره.
الأستاذ حسام :
 هذا بالنسبة لمن عمل وصام وقام في رمضان، أما للذي قصر أو هناك ظرف معين منعه من أن يستفيد من ميزات هذا الشهر الكريم، هل يمكن أن نقول عن القطار قد فات مثلاً؟

الله موجود في كل وقت وفي كل مكان وزمان وهو ينتظرنا أن نقبل عليه :

الدكتور راتب :
 لا أبداً، بإمكانه أن يجعل ما بعد رمضان رمضان، لأن الله موجود في كل وقت، وفي كل مكان وزمان، وهو ينتظرنا:

(( لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم، لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إليّ، هذه إرادتي بالمعرضين، فكيف بالمقبلين ؟ ))

[ ورد في الأثر ]

 أنا أقول لكل إنسان فاته أن يكون كما ينبغي في رمضان بدأ العيد أنا أفتح مع الله صفحة جديدة، وأحاول أن أستقيم على أمر الله استقامة تامة، وأن أفعل الصالحات، وأن أتقن عملي، وأكون أباً ناجحاً، وموظفاً جيداً، وتاجراً صدوقاً أميناً بعد رمضان، لأن الله عز وجل موجود في كل مكان، وفي كل زمان، ويمكن أن يجعل ما بعد رمضان رمضان، لأن الله ينتظرنا ويحبنا أن نقبل عليه.
الأستاذ حسام :
 في الحديث القدسي: إن أتاني عبدي ليلاً قبلته وإن أتاني نهاراً قبلته.
الدكتور راتب :
 الحديث القدسي:

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، هنا الشاهد، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

[ رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]

خاتمة و توديع :

الأستاذ حسام :
 جزاك الله عنا كل خير الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، الداعية الإسلامي، كنا معاً على مدى ثلاثين حلقة في هذا الشهر الكريم لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لك جزاك الله عنا كل خير، وتقبل الله طاعتك، وبارك لنا بك، وبهذا البلد الطيب، وكل عام وأنت بألف خير.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم أستاذ حسام جزاك الله خيراً على هذا البرنامج.
الأستاذ حسام :
 وأيضاً كل عام وأنتم بألف خير مستمعينا الكرام، وتقبل الله طاعتكم، وبقيت هذه البلاد بألف خير وقيادتنا، وإن شاء الله كل عام نلتقي من جديد على خير، إلى اللقاء.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور