مقدمة :

الأستاذ حسام :
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، مستمعي الكرام أرحب بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج: "أفلا تبصرون"، وأرحب أيضاً بضيفي الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي.
الدكتور راتب :
 بكم أستاذ حسام جزاك الله خيراً.
الأستاذ حسام :
 يقول الله في كتابه العزيز:

﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾

[ سورة الطور: 35 ]

 ما معنى هذه الآية؟

مهمة الغشاء العاقل :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
 أستاذ حسام، المرأة الحامل عقب الولادة ينزل مع الجنين قرصاً لحمياً، اسمه عند علماء الطب المشيمة، ويسمى عند العوام الخلاص، هذا يلقى في المهملات، لكن قد لا نصدق أن هذا القرص اللحمي يقوم بأعمال يعجز عنها العقلاء، ماذا يفعل؟ تجتمع فيه دورة دم الأم مع دورة دم الجنين، ودم الجنين زمرة، ودم الأم زمرة، ولا يختلطان، فلو اختلطا لماتت الأم والجنين معاً، لأنه لو أعطينا إنساناً دماً من غير زمرته لمات فوراً بمرض انحلال الدم، فيجتمع دم الأم مع دم الجنين وكل دم زمرة ولا يختلطان، كيف لا يختلطان؟ قال: بينهما غشاء، هذا الغشاء يقوم بأعمال يعجز عنها أطباء الأرض مجتمعين، سماه الأطباء الغشاء العاقل، ماذا يفعل؟ يأخذ من دم الأم الأوكسجين يضعه في دم الجنين، ثم يأخذ من دم الأم السكر يضعه في دم الجنين، ثم يأخذ من دم الأم الأنسولين يضعه في دم الجنين، صار في دم الجنين أوكسجين وسكر وأنسولين، الأوكسجين يحرق السكر عن طريق الأنسولين تتولد طاقة في الجنين، حرارة تقدر بسبع وثلاثين، ناتجة من احتراق السكر بالأوكسجين وبوساطة الأنسولين، هذه أول مهمة.

الغشاء العاقل يقوم بعمل يعجز عنه العقلاء :

 الغشاء العاقل يأخذ كل عوامل المناعة من الأم يضعها في دم الجنين، فجميع الأمراض التي أصيبت بها الأم، وشكلت مناعة، هذه المناعة تنتقل إلى دم الجنين، إذاً الجنين محصن أن يصاب بها، هذا السكر الذي احترق في دم الجنين عن طريق الأوكسجين وبوساطة هذا الهرمون ولّد طاقة، هذه الطاقة لها فضلات، ثاني أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكربون يأخذه الغشاء العاقل من دم الجنين ويطرحه في دم الأم، فجزء من نفس الأم هو نفس جنينها، الغشاء العاقل في المشيمة يأخذ المواد الغذائية التي يحتاجها الجنين، هذا شيء أعقد آلياته ليس على وجه الأرض إنسان واحد ولا ألف طبيب يستطيعون أن يحددوا كم يحتاج هذا الجنين من أغذية، لكن الغشاء العاقل يأخذ كل ما يحتاجه الجنين من دم أمه سكريات، نشويات، بروتينات، معادن، أشباه معادن، فيتامينات، آلاف المواد يأخذها، ويضعها في دم الجنين، دم الجنين تتم فيه حالة الاستقلاب أي تحول هذه الأغذية إلى نسج، كيف ينمو الجنين من نطفة وبويضة ملقحة إلى جسم وزنه ثلاثة كيلو؟ تتحول هذه المواد الغذائية التي يأخذها الغشاء العاقل من دم الأم يضعها في دم الجنين وتتكون منها النسج، هذه الحالة تسمى استقلاباً، تحول الغذاء إلى نسج، تحول السكر المحروق بالأوكسجين إلى طاقة، الإنسان بحاجة إلى جسم، نسيج لحمي، عضلات، عظام، نسيج عصبي، ويحتاج إلى طاقة، فاحتراق السكر عن طريق الأوكسجين، بوساطة الأنسولين تؤمن الطاقة، أما النسج كيف ينمو الطفل؟ كل الأغذية التي يأخذها من أمه تتحول إلى نسج في هذا الجسم، الفضلات هي حمض البول فيأتي الغشاء العاقل يأخذ حمض البول من دم الجنين يضعه في دم الأم، فجزء من بول الأم بول جنينها، فهذا الغشاء العاقل فيه خصائص مذهلة، أخذ عوامل المناعة، أخذ المواد الأساسية، أخذ السكر والأوكسجين والأنسولين، أخذ كل الخصائص التي عند الأم، ووضعها في دم الجنين، هذا العشاء العاقل لو أوكلنا مهمته إلى ألف طبيب لمات الجنين في ساعة واحدة، يقوم بعمل يعجز عنه العقلاء، لذلك سمي الغشاء العاقل، لذلك الله عز وجل يقول:

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات الآية : 21 ]

الأستاذ حسام :
 هذا بالنسبة إلى غذاء الجنين، لكن هناك من تحدث عن الحالة النفسية التي يتلقاها الجنين من أمه ماذا عنها؟

علم نفس الجنين يؤكد أن الجنين إذا كان مرغوباً فيه نما نمواً طبيعياً و العكس صحيحي :

الدكتور راتب :
 والله أنا معلوماتي المتواضعة أن أحدث علم نفس جديد اسمه: علم نفس الجنين، هذا العلم لم يكن من قبل، علم حديث جداً، هذا العلم يؤكد أن الجنين إذا كان مرغوباً فيه نما نمواً طبيعياً، وإذا كان مرغوباً فيه كان الحمل يسيراً، والولادة أيسر، وإذا لم يكن مرغوباً فيه صار الحمل بالخطأ، كأن هذا الجنين يعلم أنه غير مرغوب فيه، فيكون الحمل قاسياً، أحياناً تقول المرأة: كان حملي صعباً، وأحياناً حملي سهل، أحياناً تحمل المولود بلا متاعب، بلا مشاكل، وكأنها غير حامل، وأحياناً تعاني ما تعاني من هذا الحمل، علم نفس الجنين يقول: هذا الجنين إذا شعر أنه مرغوب فيه، كان الحمل سهلاً، والولادة أسهل، وإن لم يكن مرغوباً فيه كان الحمل صعباً، والولادة أصعب، وبدأ الآن علم نفس الجنين يؤكد هذه الحقائق، لذلك أنا أقول دائماً: إذا حملت المرأة فهذه هدية من الله عز وجل، والأولى ألا تحمل المرأة لو فرضنا أن هناك خطة معينة، مسموح للزوجين أن يرسما خطة للإنجاب، لكن إذا حملت ينبغي ألا تفعل شيئاً.

خاتمة و توديع :

الأستاذ حسام :
 جزاك الله خيراً الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، الداعية الإسلامي، مستمعينا الكرام نلتقي غداً إن شاء الله لنتابع الحديث في آيات الله في الإنسان، إلى اللقاء.