وضع داكن
29-03-2024
Logo
الندوة : 17 - في الإنسان – لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 مقدمة :

الأستاذ حسام :
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله و أصحابه أجمعين، مستمعي الكرام أرحب بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج: "أفلا تبصرون"، وأرحب أيضاً بضيفي الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي.
الدكتور راتب :
 بكم أستاذ حسام جزاك الله خيراً.
الأستاذ حسام :
 أريد أن أشير في بداية الحلقة إلى كل المستمعين أن المعلومات التي ترد في برنامجنا هي معلومات طبية أولاً مدققة وعلمية، وأصحاب الاختصاص قد مروا عليها واعتمدوها، وهي متاحة لكل المستمعين الكرام على الموقع الإلكتروني الخاص بالدكتور راتب على شبكة الانترنيت، www.nabulsi.com.
الأستاذ حسام :
 أستاذي الكريم نتابع الحديث عن خلق الإنسان في أحسن تقويم، قال تعالى:

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

[ سورة التين: 4]

 ووجه الإعجاز في هذا الخلق.

 

العين من آيات الله الدالة على عظمته :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، أستاذ حسام حينما قال الله عز وجل:

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

[ سورة البلد: 8 ]

 هذه العين فيها شبكية، الشبكية مساحتها مليمتر وثلث، فيها مئة وثلاثون مليون مستقبل ضوئي، بينما أحدث آلة تصوير رقمية احترافية ثمنها ملايين، فيها بالميليمترالمربع عشرة آلاف مستقبل ضوئي، بينما في العين بالميليمتر المربع من شبكية العين مئة مليون مستقبل ضوئي، من أجل أن تكون الرؤية بالغة الدقة، فعين الإنسان تفرق بين ثمانية ملايين لون، ولو درجنا اللون ثمانمئة ألف درجة لاستطاعت العين السليمة أن تفرق بين درجتين، بل بأدق من ذلك لو أخذنا اللون الأخضر مثلاً ودرجناه ثمانمئة ألف درجة، العين البشرية السليمة تفرق بين درجتين، رؤية العين شيء مذهل.
 لكن هناك أشياء دقيقة في العين، أنك ترى الشيء بحجمه الحقيقي، تقف أمام جبل تراه بحجمه، تقف أمام إنسان تراه بحجمه، بينما آلات التصوير تعطيك واحد بالمئة من حجم الشيء، أما العين البشرية تريك الشيء بحجمه، هذه الشبكية فيها عشر طبقات وفي الطبقات كلها مئة وثلاثون مليون مستقبل ضوئي.
 شيء آخر: هذه العين فيها عدسة هذه العدسة شفافة شفافية تامة، ما الذي جعلها شفافة مع أن كل جسم بجسم الإنسان يتغذى بالشعريات؟ فلو غذيت الطبقة الأولى بالشعريات لكانت رؤيتنا من وراء شبكة أوعية، لذلك تنفرد العين بأن الخلية الأولى بالطبقة الشفافة تأخذ غذاءها وغذاء جارتها وتعطي جارتها غذاءها عن طريق الغشاء الخلوي الحلول، فمن صمم لهذه العين هذه الشفافية المطلقة؟ إنه الله عز وجل.

 

غض البصر من سمات المؤمن :

 والله أستاذ حسام لو وقفنا في العين سنوات وسنوات لا ننتهي من دقة خلقها، وقد قال الله عز وجل:

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

[ سورة البلد: 8 ]

 فكيف بالإنسان حينما يعصي الله بعينيه، لذلك قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

[ سورة النور: 30 ]

 أي غض البصر من سمات المؤمن أي ألا ينظر إلى عورات الآخرين، أن يرى بهذه العين آيات الله الدالة على عظمته.

 

عملية المطابقة أكبر آية دالة على عظمة الله :

 لكن هناك شيء دقيق أيضاً أن هذه العدسة في العين مرنة، فنحن كما نعلم بالفيزياء لو جئنا بعدسة وجئنا بشمعة وضعناها أمام العدسة الآن نبحث عن المحرق، المحرق نأتي بقطعة ورق مقوى نضعها وراء العدسة في مكان صغير بالمليمترات يظهر خيال الشمعة بشكل واضح جداً على هذا المكان، اسمه محرق العدسة، نحن هنا حركناه بيدنا، محرق عدسة العين ثابت –الشبكية- فكيف يظهر الشيء؟ بشكل دقيق جداً دائماً، أعتقد هذه أكبر عملية معقدة بالإنسان، هناك عضلات هدبية تقف على طرفي العدسة فإذا كان الجسم بعيداً تضغط هذه العضلات على العدسة حتى يزيد احتدابها فيأتي الخيال على الشبكية، وإذا كان قريباً تشدها نحو الأعلى، فيقل احتدابها فيأتي الخيال على الشبكية، من الذي يحسب الأمتار والمسافات؟ من الذي يحدد هذا الضغط؟ عملية المطابقة هذه أنا أراها من أعقد ما في الإنسان، وهي أكبر آية دالة على عظمة الله عز وجل، فإذا قال الله عز وجل:

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

[ سورة البلد: 8 ]

 ينبغي أن يقشعر جسم الإنسان تواضعاً لله وخشية منه لهذه الآية.

 

التفكر طريق الإنسان للوصول إلى الله عز وجل :

 من منا يصدق أن العصب البصري مؤلف من تسعمئة ألف عصب، العصب البصري لو أمسكنا جمجمة نرى في قعر المحجر ثقب، من هذا الثقب يمر العصب البصري، العين وحدها تعد من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله، بالمناسبة لقد ورد في القرآن الكريم ما يزيد عن ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان، فلو قرأنا آية الأمر ينبغي أن نأتمر، آية النهي ينبغي أن ننتهي، آية وصف الجنة ينبغي أن نسعى إليها، آية وصف النار ينبغي أن نفر منها، آية فيها قصة أمم سابقة أهلكها الله ينبغي أن نتعظ، ما من آية في كتاب الله إلا ينبغي أن يكون لك منها موقف، فإذا كنت أمام ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان ما موقف الإنسان منها؟ إنه التفكر، لذلك قال تعالى وهذه الآية أصل في الموضوع:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة آل عمران: 190-191 ]

خاتمة و توديع :

الأستاذ حسام :
 جزاك الله خيراً، اللهم أدم علينا هذه النعم، وعرفنا نعمك بدوامها ولا تعرفنا عليها بزوالها، شكراً للأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، نلتقي غداً في حلقة جديدة مستمعينا الكرام.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور