وضع داكن
28-03-2024
Logo
الندوة : 16 - في النفس – اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ...
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ حسام :
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله و أصحابه أجمعين، مستمعي الكرام أرحب بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج: "أفلا تبصرون"، وأرحب أيضاً بضيفي داخل الأستوديو الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي
الدكتور راتب :
 بكم أستاذ حسام جزاك الله خيراً.
الأستاذ حسام :
 مستمعينا الكرام كنا قد تحدثنا في الحلقات السابقة عن آيات الله في الآفاق، وقد شئنا أن نأخذ الحلقات الأولى و القسم الأول من هذا البرنامج لنسير وفق الآية الكريمة:

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾

[ سورة فصلت الآية : 53 ]

 وصلنا إلى القسم الثاني من هذا البرنامج آيات الله في الإنسان، أستاذ راتب هناك في حياة كل منا آيات معجزة، ومنها الجسم البشري الذي نحيا به، نبدأ في إعجاز الخالق في هذا الجسم.

 

جسم الإنسان أكبر آية دالة على عظمة الله :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، أستاذ حسام جزاك الله خيراً.
 بادئ ذي بدء: جسم الإنسان أكبر آية دالة على عظمة الله، وأقرب شيء إلى الإنسان، فحينما قال الله عز وجل في أول آية في أول سورة من كتاب الله:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾

[ سورة العلق: 1-2 ]

 فبدأ بآية هي أقرب آية إليك، جسمك الذي بين جنبيك، فهذا الجسم عالم قائم بذاته:

أتحسب أنك جرم صغير  وفيك انطوى العالم الأكبر؟
***

 لكن المشكلة أن الإنسان في زحمة الحياة، وفي انشغاله بالضروريات، وفي سعيه وراء كسب الرزق، يغفل عن حقيقة جسمه، فجسمه يعد أكبر آية دالة على عظمة الله، وعلى وجوده، وعلى وحدانيته، وعلى كماله.
 مثلاً، في رأس الإنسان ثلاثمئة ألف شعرة، لكل شعرة وريد، وشريان، وعضلة، وعصب، وغدة دهنية، وغدة صبغية، هذا الشعر حكمة بالغة ليس فيه أعصاب حس، ولو كان في الشعر أعصاب حس، كأي مكان في جسم الإنسان، لاحتاج إلى عملية في المستشفى اسمها عملية الحلاقة، لكن هذا الشعر الذي ينبغي أن يهذب ليس فيه أعصاب حس إطلاقاً، فيه أعصاب تحريك، إذاً لو دققنا في الحكم الرائعة الذي خلق الله أجسامنا عليها يتبدى بشكل صارخ ورائع عظمة الله عز وجل، هذه العظمة تتبدى في خلقنا، لذلك قالوا: كمال الخلق يدل على كمال التصرف، أنت حينما تعلم أن هناك علماً لا متناهياً وحكمة لا متناهية في خلق الإنسان تخشع لله.

 

أصل الدين معرفة الله عز وجل :

 أنا الذي أتمنى أن يكون واضحاً في هذا اللقاء الطيب، لماذا اخترنا هذه الموضوعات؟ لأنك حينما ترى هذه الموضوعات الدقيقة جداً في خلق الإنسان، تقف وجهاً لوجه أمام عظمة الله، وحينما تقف وجهاً لوجه أمام عظمة الله هذا أكبر عامل يحملك على طاعته، لأنك إذا عرفت الخالق أقبلت عليه، المشكلة الكبرى في الدين أن أصل الدين معرفة الله، والله عز وجل لا تدركه الأبصار كيف نعرفه؟

﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً ﴾

[ سورة الأعراف الآية : 143 ]

 مستحيل أن يرى الإنسان ربه في الدنيا، لكن الآثار الصحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام تؤكد أن المؤمن يرى ربه في الجنة، يراه تماماً لكن في الدنيا مستحيل، لكن نراه من خلال آثاره، فالأثر يدل على المؤثر، والخلق يدل على الخالق، والتسيير يدل على المسير، والتربية تدل على المربي، فكل هذا الكون هو في الحقيقة مظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، فإذا تفكرنا في خلق السماوات والأرض معنى ذلك وقفنا وجهاً لوجه أمام عظمة الله عز وجل، بل إن التفكر في خلق السماوات والأرض يعد أقصر طريق إلى الله و أوسع باب ندخل منه على الله، لكن الإنسان حينما يغفل عن الله بجسمه آيات لو تأمل بها لخر ساجداً لله، لكنه في غفلة، لذلك أكبر مرض يصيب الإنسان مرض الغفلة عن الله:

أتحسب أنك جرم صغير  وفيك انطوى العالم الأكبر؟
***

التفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق إلى الله :

 شعر الإنسان، ثلاثمئة ألف شعرة، لكل شعرة وريد، وشريان، وعضلة، وعصب، وغدة دهنية، وغدة صبغية، وليس فيها أعصاب حس، كما أن في الأظافر لا يوجد أعصاب حس، من أجل أن نكون متجملين نأخذ من شعرنا ومن أظافرنا، أنت تشعر أن وراء هذا الخلق حكمة، رحمة، علم، شيء يلفت النظر، لذلك الذي لا يفكر في خلق السماوات والأرض أنى له أن يعرف الله، بل إن الله عز وجل يقول:

﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾

[سورة الجاثية: 6]

الأستاذ حسام :
 سيدي الكريم هناك جانب صغير في الآية الكريمة التي تقول:

﴿ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾

[ سورة فاطر: 28 ]

 عموم الناس ممكن أن يحسب أن العالم فقط هو عالم الدين، لكن هنا نقطة ألا أسمى أنا عالماً بجسم الإنسان إذا تعلمت عن هذا الجسم شيئاً؟

 

المطلق في القرآن على إطلاقه :

الدكتور راتب :
 أولاً: هناك قاعدة أصولية في القرآن الكريم وهي أن المطلق على إطلاقه، إذا قال الله عز وجل:

﴿ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾

[ سورة فاطر: 28 ]

 كلمة علماء مطلقة ليست محددة بعلم معين، فإذا جاءت الكلمة بالقرآن مطلقة أنا لا أستطيع أن أقيدها، المطلق في القرآن على إطلاقه، وإذا قال الله عز وجل:

﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة الزمر الآية: 9 ]

 مطلق العلم، المطلق في القرآن الكريم على إطلاقه، فأي نوع من العلم يمكن أن يكون طريقاً إلى الله، لذلك: إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم.

 

خاتمة و توديع :

الأستاذ حسام :
 جزاك الله خيراً الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، مستمعينا الكرام نلتقي غداً إن شاء الله في حلقة جديدة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور